«اللَّهُمَّ اشْغَلِ المُشْرِكِينَ
بِالمُشْرِكِينَ عَنْ تَنَاوُلِ أَطْرَافِ
الْمُسْلِمِينَ، وَخُذْهُمْ بِالنَّقْصِ عَنْ
تَنَقُّصِهِمْ، وَثَبِّطْهُمْ بِالْفُرْقَةِ عَنِ
الِاحْتِشَادِ عَلَيْهِمْ.
|
|
اللَّهُمَّ اشْغَلِ
الْمُشْرِكِينَ بِالْمُشْرِكِينَ عَنْ تَنَاوُلِ أَطْرَافِ
الْمُسْلِمِينَ:
وقد جاء الحديث هنا عن
المشركين، لأنهم هم العدو الظاهر في زمن صدور النص.. ويمكن أن نستفيد
من هذه الفقرة: ضرورة العمل على إثارة الخلافات بين الأعداء، وإشغالهم
ببعضهم البعض.
ولم يحدد «عليه السلام» المواضيع الخلافية التي يمكن
إثارتها بينهم.
ربما ليفيد:
أن بالإمكان الدخول عليهم من أي باب كان. غير أنه قيد ذلك بما يكون من
شأنه منعهم من تناول أطراف المسلمين..
والإيقاع بين أهل الكفر ميسور عادة، لتفرق أهواءهم
الدينية وغيرها، واختلاف مصالحهم، وقد قال تعالى:
﴿تَحْسَبُهُمْ
جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾([1])..
وإذا عجز الأعداء عن تناول
أطراف المسلمين، فسيكونون عن الوصول إلى عمق بلاد المسلمين أعجز. وهذا
يمثل نوعاً آخر من الحصانة والمنعة لأهل الإسلام..
وهو أيسر، وأقل كلفة من
مباشرة القتال معهم.. لا سيما وأن مباشرة القتال تجعلهم يسعون للتخلص
من خلافاتهم مع نظرائهم، ليتفرغوا لقتال المسلمين.
وَخُذْهُمْ بِالنَّقْصِ عَنْ
تَنَقُّصِهِمْ:
ولا بد أيضاً من العمل الموجب
لظهور النقص في أعداد العدو، وفي عتاده، ومؤنه، وفي جميع شؤونه، وذلك
باستخدام الوسائل والأسلحة الفاعلة، والمناسبة لكل نوع من هذه
الأنواع..
ثم لا بد أن يكون هذا النقص
الوارد عليهم في حجمه وفي تأثيره، بحيث يردعهم عن المبادرة إلى تنقص
المسلمين في أطرافهم، وفي عديدهم، وعتادهم، ومؤنهم، وغير ذلك..
أي أن المطلوب هو الإستحواذ
على قدرة العدو، والهيمنة على قراره وحركته كلها، بحيث يمنعه ذلك عن أي
فعل مؤثر في إيراد النقص على أهل الإيمان في أي جهة من الجهات..
ولا بد أن يستمر سلبه هذه
القدرة، فلا يستطيع فعل شيء من هذا التنقص الذي قد تتهيأ له الفرصة له،
مرة بعد أخرى..
وَثَبِّطْهُمْ بِالْفُرْقَةِ
عَنِ الاحْتِشَادِ عَلَيْهِمْ:
يقال:
ثبطه عن
الأمر: أي قعد
به عنه، وشغله. فلا بد من العمل المؤدي إلى تفرق الأعداء إلى الحد الذي
يوجب بطء حركتهم، وينتهي بمنعهم من التحشد والتجمع في مواجهة أهل
الإسلام.. وتكون نتيجة ذلك: تجزئة المواجهة مع العدو. ويمكن أن يتم ذلك
بتركيز الجهد في اتجاه بعينه، ثم نقله إلى موقع آخر، قبل أن تكتمل
استعدادات العدو في ذلك الموقع.. وبذلك يمنع العدو ومن حشد قواته
وقدراته في هذا الموقع أو ذاك، ليمكن الإخلال بإرادته من خلال إجهاده
بالضربات القوية في المواضع المختلفة دون أن يجد الفرصة للحشد المؤثر
في تسجيل أي نصر له في أي موقع..
وقد يكون ذلك ببث الشائعات
بينهم حول نوايا بعضهم تجاه بعض.. أو بإثارة خلافات لهم قديمة. أو بغير
ذلك..
([1])
الآية 14 من سورة الحشر.
|