بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد
وآله الطاهرين. واللعنة على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدين..
وبعد..
فقد تحدثنا في كتابنا «الصحيح
من سيرة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله» عما يذكر من زواج خديجة ببعض الناس في الجاهلية،
قبل أن يتزوجها النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»..
وقد جرَّنا البحث إلى الحديث عن زينب، زوجة أبي
العاص بن الربيع رضوان الله تعالى عليها، وعن رقية وأم كلثوم رحمهما
الله، اللتين تزوجهما عثمان بن عفان بعد أن كانتا تحت عتبة وعتيبة ابني
أبي لهب، الذين طلقاهما بعد بعثة النبي «صلى الله عليه وآله»..
وقد ساقتنا الأدلة إلى نتيجة مفادها:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تزوج من خديجة وهي عذراء، وأنها لم
تتزوج بأحد قبله «صلى الله عليه وآله».. وأن ثمة علامة استفهام كبيرة
حول كون البنات الثلاث المذكورات بنات لرسول الله «صلى الله عليه وآله»
على الحقيقة.
وقلنا:
إن ثمة أدلة تفيد: أن نسبتهن إليه «صلى الله عليه وآله» لاجل أنهن
تربين عنده وفي بيته، فهن بناته بالتربية وحسب..
وقد أثارت هذه النتيجة حفيظة بعض الإخوة من الشيعة،
كما أثارت حفيظة غيره من أهل السنة أيضاً.. وصدرت كتابان يردان علينا
من كلا الفريقين.
وأما الكتابان اللذان تكفّلا بهذه المهمة:
أحدهما:
لكاتب شيعي، اسمه السيد محمد شعاع فاخر. وكتابه باسم «بنات
النبي صلى الله عليه وآله لا ربائبه»، وقد طبع سنة 1426 هـ..
وهذا هو الرد الثاني لهذا الكاتب، فقد سبق ان ردّ
علينا في بحث أورده في كتاب له باسم: «فاطمة
الزهراء: دراسة في محاضرات».
فصدر لي كتاب أسميته:
«القول
الصائب في اثبات الربائب»..
بيّنت فيه عدم صحة ما استند اليه، واعتمد عليه..
فجاء كتابه الثاني المشار إليه آنفاً، ليؤكد فيه
على أقواله السابقة، ويفند وفق ما بدا له ما ورد في كتابنا «القول
الصائب في اثبات الربائب».
الثاني:
لكاتب من طائفة أهل السنة، سمّى نفسه بالسيد بن أحمد بن إبراهيم. وهو
رجل مصري حسب قوله.. وكتابه باسم: «زينب
ورقية وأم كلثوم بنات الرسول صلى الله عليه وآله لا ربائبه».
وقد فرغ من تنقيح كتابه في شهر يناير سنة 2001م.
ولسنا بحاجة للحديث عن أن أياً منهما قد أخذ من
الآخر، فضلاً عن أن نصرَّ على أن اللاحق، وهو الشيعي قد أخذ من
السابق.. فإن ذلك سوف يفسح المجال لأن يطالبنا هذا أو ذاك بالشاهد
والدليل، فنضطر إلى جمع ما تيسر من ذلك..
ثم نقدم مقارنة تكاد تظهر التوافق بينهما في بعض
الأحيان حتى في الجمل والكلمات.. فضلاً عن المطالب، والإعتراضات.
نعم، إننا لسنا بحاجة إلى الدخول في هذا الأمر،
لأنه:
أولاً:
لا يدخل في دائرة اهتمامنا..
ثانياً:
قد يحلو للبعض أن يعتبر ذلك يتضمن إساءة أو تجريحاً، أو انتقاصاً من
مقام أحد الرجلين، وهذا ما لا نحبه ولا نرضاه، ولا نرغب في الوقوع
فيه.. أو فيما يؤدي إلى توهمه.
وبما أن ما أورده هذان الرجلان في كتابيهما قد يوهم
الكثيرين بما لا نحب لهم أن يقعوا في الوهم فيه، رأينا ان نسجل بعض
ملاحظاتنا على أقوالهما في كتابين مستقلين، على أن نتتبع كلماتهما
بصورة منتظمة، ولا نهمل شيئاً من المطالب التي تعرضا لها، مما له مساس
بالموضوع الذي هو محل البحث..
وسوف نحاول أن نجعلهما ـ بعد طباعتهما ـ منضمين إلى
بعضهما البعض في مجلد واحد.
وقد أخذنا على أنفسنا مراعاة الإختصار في الرد
والمناقشة، والإكتفاء بما قلّ ودلّ، سائلين المولى جلّ وعلا ان يمن
علينا بالسداد، وأن يأخذ بيدنا إلى سبيل الرشاد.
إنه ولي قدير، وبالإجابة حري وجدير.
17 شهر رمضان المبارك سنة 1427 هـ.
جعفر مرتضى العاملي |