قال ابن تيمية: «وما ينكر هذا إلا من يقول: الحسين ليس بابن فاطمة، كما قال بعض النصيرية: ما كان الحسن والحسين أولاد علي، بل أولاد سلمان الفارسي.

ومنهم من قال: ليس أبو بكر وعمر مدفونين عند النبي، وان رقية وأم كلثوم ليستا ابنتي النبي، بل ابنتا خديجة من غيره»([1]).

ونقول:

أولاً: إن النصيرية، وإن كانت من فرق الضلال، ولكن ذلك لا يعني أن يكون جميع ما عندها باطلاً، فإن الباطل لا يروج وحده ولا ينتشر، ولذلك ترى ان الفرق الضالة تخلط الباطل بالحق، ليكون الحق وسيلتها لترويج باطلها.. فما المانع من أن تكون هذه المفردة المرتبطة ببنات النبي «صلى الله عليه وآله» التي قال بها النصيرية هي من الحق الذي ينبغي الأخذ به أينما وجد؟!

وقد روي عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنه قال: إن كلمة الحكمة لتكون في قلب المنافق، فتجلجل، حتى يخرجها فيوعيها المؤمن([2]).

وعن علي «عليه السلام»: الحكمة ضالة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحق بها وأهلها([3]).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها([4]).

وعنهم «عليهم السلام» في حق أبناء فضال: خذوا ما رووا وذروا ما رأوا([5]).

ثانياً: إن ابن تيمية ليس بمأمون فيما ينسبه إلى الشيعة، أو فيما ينقله عنهم، فادعاؤه أن القول بأن أم كلثوم ورقية ليستا بنتي النبي «صلى الله عليه وآله» مأخوذ من أقوال النصيرية، يحتاج إلى تثبت وإثبات.. بل الثابت خلافه.

فقد روي أن ابن عمر قد أقر بأن علياً «عليه السلام» دون سواه هو صهر رسول الله «صلى الله عليه وآله».

كما أن عروة بن الزبير قد أقر ـ كما في مستدرك الحاكم ـ بأن وصفه زينب وسواها بأنهن بنات النبي «صلى الله عليه وآله» إنما هو بلحاظ ما قبل نزول آية ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ.

بالإضافة إلى خطبة الزهراء «عليها السلام» في نساء المهاجرين والأنصار، التي بينت فيها أنها وحدها بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

وهناك أيضاً ما روي عن النبي «صلى الله عليه وآله» من أن علياً «عليه السلام» دون سواه أوتي ثلاثاً لم يؤتهن أحد، حتى النبي «صلى الله عليه وآله».. وعد منها أنه أوتي صهراً مثل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولم يؤت ذلك أحد حتى النبي «صلى الله عليه وآله».

بالإضافة إلى ما تضمنته سورة الكوثر..

وقد ذكرنا هذه الروايات وسواها، وشواهد أخرى مع مصادرها في كتبنا الأخرى، فراجع كتابنا: «بنات النبي أم ربائبه»، وكتاب «القول الصائب في إثبات الربائب»، وكتاب «قل: هاتوا برهانكم».

ثالثاً: قد ذكرنا أن هذا الأمر ليس من خصوصيات الفرق والمذاهب، بل هو أمر تاريخي متصل بعلم الأنساب، فما معنى أن يعطي طابعاً دينياً ومذهبياً؟!.


([1]) المنتقى من منهاج الإعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال للذهبي ص 257 تحقيق محب الدين الخطيب ط دار عالم الكتب. الرياض سنة 1417 هـ. وهو مختصر منهاج السنة لابن تيمية.

([2]) مستدرك سفينة البحار ج2 ص355 والبحار ج2 ص94 و97.

([3]) البحار ج75 ص34 وج2 ص97 والأمالي للطوسي ج2 ص237 و 238.

([4]) الجامع الصحيح ج5 ص71 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص355.

([5]) الغيبة للشيخ الطوسي ص239 والوسائل ج27 ص142 وج30 ص237 ومقباس الهداية ج3 ص171 و 172 وج2 ص266.

 
     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان