وقال المعترض: «كل من كتب في المسألة من المعاصرين أو القدماء يحيل القارىء إلى أربعة مراجع هي: كتاب الأنوار، وكتاب اللمع، وكتاب البدع، وكتاب البلاذري.

كتاب الأنوار لم نعرف على وجه التحديد، هل هو كتاب الأنوار العلوية للشيخ جعفر محمد النقدي؟! أم هو كتاب الأنوار المضيئة لبهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني؟!

وأظن الثاني، ولم أعثر على الكتاب..

وأما كتاب اللمع فلم أعثر عليه أيضاً..

وأما كتاب البدع فهو كتاب الإستغاثة في بدع الثلاثة الخ..»([1]).

ثم ذكر أن المعلق على كتاب الإستغاثة كفاه مؤونة الرد.. ثم ذكر شطراً من كلامه، وفيه:

أنه قد خالف صاحب الكتاب في هذا الرأي جماعة من اساطين العلماء، من الفقهاء والنسابين ممن لا يستهان بهم، منهم العلامة الشيخ المفيد..

ثم قال: «وأما كتاب البلاذري، فاسمه: (أنساب الأشراف)».

ثم ذكر أنه اطلع على جميع طبعات هذا الكتاب، فلم يجد ذكراً للمسألة.

ثم ذكر نص كلام البلاذري في أنساب الأشراف ج1 ص402 وفيه قوله: «وولدت خديجة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» أم كلثوم أيضاً.. فلما توفيت زوَّج رسول الله «صلى الله عليه وآله» رقية من عثمان أيضاً، فلم تزل عنده حتى توفيت في سنة تسع»..

ثم قال: «فهذا كما ترى البلاذري في أنساب الأشراف لم يشر أو يصرح بأن زينب، ورقية، وفاطمة، وأم كلثوم ربائب»..

إلى أن قال: «والبلاذري من أقرب علماء الأنساب عصراً وزماناً»([2]).

ونقول:

إننا نلاحظ هنا ما يلي:

إنه لا يمكن أن يكون المقصود بكتاب الأنوار، الذي ذكره ابن شهرآشوب كتاب الأنوار العلوية للشيخ جعفر محمد النقدي، ولا كتاب الأنوار المضيئة لبهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني..

لأن النقدي ليس من القدماء، بل هو من المعاصرين، وقد ولد في شهر رجب سنة 1303 هـ. ق.

أما بهاء الدين الحسيني فهو أستاذ الشيخ أحمد بن فهد المتوفى سنة 841 هجرية.

وابن شهرآشوب قد توفي سنة 588 هـ. كما ذكره المؤلف نفسه في نفس كتابه هذا الذي ألَّفه في الرد علينا([3]). أي أن ابن شهرآشوب قد توفي قبل ولادة هذا وذاك بعشرات، ومئات السنين. فكيف يشير إلى كتابيهما؟!

لماذا لم يحتمل أن كتاب الأنوار كتاب ثالث، مستفيداً من إطلاق كلمة «الأنوار»، لبطلان احتمال أن يكون هو كتاب الأنوار العلوية، أو الأنوار المضيئة؟!

وقد ذكر في الذريعة ج2 ص411 فما بعدها كتباً عديدة باسم «الأنوار»، وعدد وافر منها أُلِّفَ قبل ابن شهرآشوب، فلعل ابن شهرآشوب قد أشار إلى واحد منها، أو إلى غيرها مما لم يصلنا، وقد عَدَت عليه عوادي الزمان؟

ولماذا لا يراجع الكتابين اللذين احتمل أن يكون أحدهما هو المقصود، لكي يطلع بنفسه إن كان أي منهما قد تعرض لمسألة الربائب، أو أشار إليها، من قريب أو من بعيد.

إن هذا الشخص قد اعتبر عدم عثوره على كتاب «الأنوار المضيئة»، وعدم عثوره على كتاب اللمع كافياً لرد ما نسب اليهما..

ومن الواضح:

أولاً: أن قسماً من كتاب الأنوار قد طبع.

ثانياً: إن عدم عثوره على الكتاب لا يعني عدم وجود ذلك الكتاب..

كما أن ذلك لا يعني عدم عثور غيره عليه..

ثالثاً: إن العثور على الكتاب وعدمه لا يعني كذب المضمون المنسوب اليه ولا صحته، ما دام أن الذي نسب المضمون إليه هو من العلماء الاجلاء الثقات، ولا يلقي الكلام جزافاً..


([1]) زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص13.

([2]) المصدر السابق 13 ـ 16.

([3])المصدر السابق ص 38.

     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان