وقد ناقش المعترض أدلتنا حول كون زينب ورقية، أم كلثوم
ربيبات لرسول الله «صلى الله عليه وآله».. ونحن نورد استدلالاتنا
واعتراضاته، ثم نجيب عنها بإيجاز، وذلك على النحو التالي:
قال أحمد
بن أبي الغيث الشهير بمغلطاي، المتوفى سنة 1134 هـ عن خديجة «عليها
السلام»: «ثم خلف عليها أبو هالة، النباش بن زرارة، فولدت له هنداً،
والحرث وزينب»([1]).
وكذلك قال النويري([2]).
فقال المعترض:
«هذه العبارة لا تعني أن أبا العاص تزوج زينب ابنة خديجة من أبي هالة،
النباش بن زرارة».
وعلى فرض
صحة هذا القول، فالذي زوَّج أبا العاص هو رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، والذي ردّ إليه ابنته زينب بعد إسلامه هو رسول الله «صلى الله
عليه وآله» أيضاً([3]).
ونجيب:
أولاً:
إن هذا النص يجعل المعترض أمام احتمالين:
أحدهما:
أن يكون لخديجة بنت واحدة اسمها زينب. فهذا النص يفيد: أن زينب هذه هي
من النباش بن زرارة، وتكون ربيبة لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو
المطلوب..
الثاني:
أن يكون لخديجة ابنتان، اسم كل واحدة منهما زينب، إحداهما من النباش،
والأخرى من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلا شيء يثبت أن زوجة أبي
العاص بن الربيع هي بنت النبي «صلى الله عليه وآله».. فلعلها بنت
النباش.. ولعل زينب بنت النبي «صلى الله عليه وآله» قد ماتت وهي
صغيرة.. ولعل.. ولعل..
ثانياً:
إن تزويج النبي «صلى الله عليه وآله» لزينب من أبي العاص صحيح على كل
حال.. حتى لو لم تكن زينب ابنة النبي «صلى الله عليه وآله» على
الحقيقة، لأنها ان كانت ربيبته، بمعنى أنها بنت زوجته من النباش بن
زرارة، فيصح له أن يزوج ربيبته. لا سيما بعد موت أبيها كما هو
المفروض..
وإن كانت ربيبته بمعنى أنها قد نشأت في بيته، وهي بنت
زوج أخت خديجة، من امراة أخرى، وقد مات أبواها، كما يقوله أبو القاسم
الكوفي، فلا مانع من أن يزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» في هذه
الحالة أيضاً..
ثالثاً:
إنه حتى لو لم تكن زينب بنت رسول الله ولا ربيبته، فللنبي «صلى الله
عليه وآله» أن يزوجها، من حيث إنه ولي من لا ولي له.. بل قد صرح القرآن
بأنه «صلى الله عليه وآله» أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فله أن يزوج من
شاء بمن يشاء.
رابعاً:
بالنسبة لردّ زينب على أبي العاص بعد اسلامه، نقول: إنه لا يرتبط بما
نحن فيه، حيث إنه مجرد تنفيذ لحكم ثابت، وتطبيق له على مورده، ورسول
الله «صلى الله عليه وآله» هو المسؤول عن ذلك..
وقد ذكرنا رواية عن عمرو بن دينار تقول:
إن أبا العاص ابن الربيع بن عبد العزَّى بن عبد شمس، بن عبد مناف، كان
زوجاً لبنت خديجة([4]).
فقال المعترض:
«ليس فيها ما يثبت ان ابا العاص تزوج بنت خديجة من غير رسول الله «صلى
الله عليه وآله». وكثيراً ما ينسب الابناء إلى الامهات لغاية وعلة تتصل
بالتمييز وبالشرف، كأن يقال: محمد بن الحنفية مثلاً، وغير ذلك كثيراً.
فهذا لا يعني ان محمداً ليس ابن علي أبي طالب رضى الله عنه»([5]).
ونجيب:
أولاً:
إن نسبة البنات إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» أولى من نسبتهن إلى
خديجة، لأنه «صلى الله عليه وآله» هو الأشرف والأفضل، مع انسجام ذلك مع
قاعدة نسبة الناس إلى آبائهم..
فإن كان ثمة من سبب لنسبة هذه البنت إلى خديجة، فلا
نراه إلا إرادة التعيين والتمييز لها عن زينب بنت رسول الله «صلى الله
عليه وآله».
وهذا يؤيد كلام مغلطاي الآنف الذكر، الدال على وجود
بنتين اسمهما زينب: إحداهما بنت النباش، والأخرى بنت رسول الله «صلى
الله عليه وآله»..
ثانياً:
بالنسبة لمحمد بن الحنفية نقول: ان نسبة محمد إلى امه الحنفية انما هو
لحفظ مقام الحسنين عليهما السلام، وبيان فضلهما، وشرفهما، وامتيازهما
عليه.
فإذا أجرينا هذه القاعدة هنا كانت النتيجة هي: أن نسبة
زينب إلى خديجة، وهي بنت النباش، إنما هي لبيان شرف ومقام وفضل زينب
بنت رسول اله «صلى الله عليه وآله» على البنت الأخرى التي يقولون: إنها
بنت خديجة، ونحن نقول: بل هي بنت امرأة أخرى..
([2])
نهاية الأرب للنويري ج18 ص171.
([3])
زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص 26.
([4])
المصنف للصنعاني ج5 ص224.
([5])
زينب ورقية وأم كلثوم، بنات رسول الله لا ربائبه ص 26.
|