منافسون لعلي عليه السلام

 

     

زعم المعترض: أننا استدللنا على نفي البنوة الحقيقية لزينب بأن «علماء السنة والمؤرخين جعلوا من عثمان بن عفان، ومن العاص بن الربيع صهرين لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، لتكون هناك منافسة مع مكانة علي بن أبي طالب».

ثم قال المعترض: «فجواب ذلك: أن المسألة ليست مباراة رياضية، ومكانة علي معروفة بين الصحابة، وكذا مكانة غيره.

وماذا سوف يقول علماء الشيعة في مصاهرة رسول الله «صلى الله عليه وآله» لأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبي سفيان بن حرب لما تزوج من عائشة بنت الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان؟!

هل في هذا منافسة أيضاً؟!([1]).

ونجيب:

أولاً: إننا لم نستدل على نفي بنوتهن الحقيقية للنبي «صلى الله عليه وآله» بما ذكره هذا المعترض، بل فسرنا حرص أهل السنة على إثبات بنوتهن لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بأنهم يريدون رفع شأن عثمان في مقابل علي «عليه السلام».

ثانياً: بالنسبة لزواج النبي «صلى الله عليه وآله» بعائشة، وحفصة، وأم حبيبة.. نقول:

إن أهل السنة لم يقصروا في الاستفادة من هذه المصاهرة لصالح أبي بكر، وعمر، وسواهما.. رغم أن هذه المصاهرة كانت لها ظروفها، وهي لا تفيد آباء الزوجات في شيء، لا سيما وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صاهر أبا سفيان وهو مشرك، وتزوج بعدد من النساء اللواتي كان آباؤهن على غير دين الإسلام، وماتوا على شركهم أو كفرهم، أو لم يكونوا على قيد الحياة حين زواج النبي «صلى الله عليه وآله» ببناتهم.

فالمعيار هو ما يقدمه أولئك الآباء من عمل صالح، ومن التزام لخط التقوى. ولكن محبِّي عثمان أرادوا أن يعتبروا هذا الزواج وساماً وفضيلة له.

ثالثاً: تقدم: أن عثمان ـ كما في بعض النصوص ـ اشترط لإسلامه أن يزوجه النبي «صلى الله عليه وآله» من رقية([2]).

رابعاً: إن تزويج شخص ابنته من شخص آخر قد يكون في أحيان كثيرة تعبيراً عن أن ذلك الشخص له محبة في قلبه، أو يحتل مكانة مميزة لديه.

وأما إقدام الشخص على الزواج ببعض النساء، فلا يحمل الدلالة على ذلك، بل غاية ما يدل عليه هو أن ثمة رغبة لدى هذا الشخص بتلك المرأة لسبب أو لآخر، وقد يكون السبب هو جمالها، أو أدبها وأخلاقها، أو غير ذلك..

أما أبوها أو أمها فلا دخل لهما في شيء من ذلك.. إلا إذا كان لذلك الأب مثلاً ـ جاه، أو مال يرغب صهره بالإستفادة منه، من خلال التقرب إليه بهذا الزواج.

وهذا ما لا يُظنُّ برسول الله «صلى الله عليه وآله» بالنسبة لأحد من الناس، ولم يكن لدى أبي بكر أو سواه ميزة يريد «صلى الله عليه وآله» الحصول عليها بزواجه من ابنته..

ولو فرضنا: أن ذلك مقصود لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ مع أنه فرض غير واقعي ـ فهو لا يفيد في إثبات أن له محبة في قلب النبي «صلى الله عليه وآله»، أو كرامة لديه.

خامساً: لا يقاس بالنبي «صلى الله عليه وآله» أحد، والبشرية كلها تفتخر برسول الله «صلى الله عليه وآله».. وعثمان، هو الذي يفتخر بالزواج حتى ممن تتربى في بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وتنسب إليه، لأي سبب كان، ولو بالتربية، بسبب يتمها.

وقد يتوسل للحصول على هذا الأمر بالأسباب المختلفة. ولعله حين يحصل على ما يريد يخفي ذلك السبب، ويتظاهر بما ربما لا يتطابق مع الواقع، رغبة في نيل الأوسمة، والحصول على مراتب الفضل والشرف!!

سادساً: قول المعترض: ومكانة علي معروفة بين الصحابة، وكذلك مكانة غيره. لا يمنع من محاولة أتباع مناوئي علي «عليه السلام» التعتيم على الحقيقة، وخداع السذج والبسطاء، بالتوسل بأمور قاصرة عن إعطاء الإنطباع الصحيح..


 

([1]) زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 27 و 28.

([2]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» (الطبعة الخامسة) ج3 ص68 و (الطبعة الرابعة) ج2 ص337 عن: مناقب آل أبي طالب ج1 ص22.

     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان