ثم إن المعترض ذكر اسم تسعة عشر رجلاً، وصفهم بأنهم من
علماء الشيعة، القائلين بأن زينب، ورقية، وأم كلثوم بنات رسول الله
«صلى الله عليه وآله» على الحقيقة..
وقد تأملنا كلامه وكلامهم، فلم نجد الأمر كما وصف. بلى
وجدنا أنهم طوائف مختلفة، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
إن بعض من ذكرهم لا يصح عده من العلماء، بل ولا من
المثقفين، وإنما هو تابع لذلك الرجل البيروتي، الذي حكم مراجع الأمة
وعلماؤها عليه بالضلال، مع وجود ريب وشك في انتمائه الديني إلى مذهب
التشيع، بعد أن صرح في بعض كتاباته بما يخرجه من هذا المذهب، ولا نريد
أن نقول أكثر من ذلك، لكي لا نتهم بأننا ننساق وراء اغراضنا الشخصية.
2 ـ
إن بعض من ذكرهم ليس من علماء الشيعة الإمامية، بل هو
إما من الزيدية، كأبي الفرج الأصفهاني على ما يظهر لنا، أو متهم
بالغلو، كالحسين بن حمدان الخصيبي، أو من محدثي اهل السنة، كأبي محنف
لوط بن يحيى.
3 ـ
إن بعض من ذكرهم لم يصرح في كلامه الذي نقله عنه باي
شيء يرتبط بأمر البنات، فراجع ما نقله عن أبي الفرج الاصفهاني مثلاً.
4 ـ
إن بعض من ذكرهم كالسيد الجزائري قد صرح: بأنه يرى أن
البنات ربيبات، وأن هذا هو الأصح عنده، وقد تقدم تصريحه بذلك في كتابه:
زهر الربيع.. مما يعني: أنه حين نسبهن إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله» إنما جرى على ما هو معروف، ولم يكن بصدد تحقيق الحق في كونهن
ربائب أو بنات لرسول الله «صلى الله عليه وآله» على الحقيقة. أو أنه
حين نسبهن لم يكن قد حقق في المسألة واكتشف الحق فيها. وقد تقدم ذلك
بشيء من التفصيل.
5 ـ
إن بعضهم ذكر القولين، ولم يرجح أحدهما على الآخر،
فراجع كلام ابن شهرآشوب، والمجلسي، والمقرم، والتستري.
6 ـ
ان كلام أكثر الذين ذكرهم ليس صريحاً في مطلوبه، ولا
مانع من ان يكون قصده الاشارة إلى بنات لرسول الله «صلى الله عليه
وآله» بهذه الاسماء، بغض النظر عن كونهن متن صغاراً، أو أنهن كبرن،
وتزوجن من عثمان، وأبناء أبي لهب، أو من أبي العاص بن الربيع، فراجع
الكلام الذي نسبه للكليني، والشيخ عباس القمي، وبهاء الدين العاملي،
والحميري، والطوسي، وأبي مخنف، وغيرهم.
7 ـ
وبعضهم مجرد محدث وناقل، فلا يمكن نسبة مضمون ما ينقله
عن غيره إليه، إلا إذا صرح بانه يتبناه ويرتضيه، مثل ابن بابويه،
والطوسي، والحميري، وأبي مخنف وغيرهم.
فلم بيق من جميع الذين ذكرهم سوى المفيد، والطبرسي، وقد
رددنا على المفيد في كتابنا بنات النبي «صلى الله عليه وآله» أم
ربائبه.
وأما الطبرسي والحكيمي والحسني فإنما نقلوا ما وجدوه عن
غيرهم، ولعلهم لم يحققوا في هذه المسألة..
وبعد ما قام الدليل على خلاف قولهم، فالعبرة بما دل
عليه الدليل، لا بأقوال الناس، الذين لم يتصدوا للبحث عن الموضوع
وتمحيصه.
والتقليد في مثل هذه الموضوعات ليس بواجب.
والحمد لله، وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى، محمد
وآله الطاهرين..
جعفر مرتضى العاملي |