مبحث
القضاء
الباب الأول:
في أحكام عامة بالقضاء
(1) القضاء للامام (عليه السلام)
7695/1 ـ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب ابن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة، عن أبي جميلة، عن اسحاق ابن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لشريح: ياشريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلاّ نبي أو وصي نبي أو شقي(1).
بيـان:
يحتمل أن يكون الغرض بيان صعوبة القضاء وانه لغير المعصوم غالباً يستلزم الشقاء، أو بيان انه في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) إلى هذا الزمان ما جلس فيه إلاّ هذه الثلاثة الأصناف، ويؤيده ما في الفقيه (ما جلسه).
|
7696/2 ـ (الجعفريات)، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، أنّ علياً (عليه السلام) قال:
____________
1- الكافي 7:406، وسائل الشيعة 18:7، تهذيب الأحكام 6:217، من لا يحضره الفقيه 3:5 ح3223، احياء الاحياء 6:194.
7697/3 ـ عن علي (عليه السلام) أنه خطب الناس بالكوفة فقال: ياأيها الناس إن الله تبارك وتعالى جعل لي عليكم حقاً بولايتي أمركم ومنزلي التي أنزلني بها عزّوجلّ من بينكم، ولكم عليّ النصيحة والعدل، وإن الحق لا يجري لأحد إلاّ إذا جرى عليه، ولا يجري عليه إلاّ جرى له(2).
(2) القضاء بكتاب الله عزّ وجلّ وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)
7698/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى مالك الأشتر، قال: واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيْعُواْ اللهَ وَأَطِيْعُواْ الرَّسُوْلَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَاِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيء فَرُدُّوْهُ إِلى اللهِ وَإِلرَّسُوْلِ}(3) فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة(4).
7699/2 ـ زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: أوّل القضاء ما في كتاب الله عزّوجلّ، ثم ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم ما أجمع عليه الصالحون، فان لم يوجد ذلك في كتاب الله تعالى ولا في السنة ولا فيما أجمع عليه الصالحون، اجتهد الامام في ذلك لا يألو احتياطاً، واعتبر وقاس الأُمور بعضها ببعض، فاذا تبيّن له الحق أمضاه، ولقاضي المسلمين من ذلك ما لإمامهم(5).
____________
1- الجعفريات: 43، مستدرك الوسائل 17:402 ح21669، دعائم الاسلام 1:182.
2- دعائم الاسلام 2:541.
3- النساء: 59.
4- نهج البلاغة كتاب: 53، وسائل الشيعة 18:86، البحار 2:244.
5- مسند زيد بن علي: 293.
(3) آداب القضاء
7700/1 ـ عبدالله بن جعفر، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: لا يقضى على غائب(1).
بيـان:
قال في الوسائل: هذا محمول على أنه لا يجزم بالقضاء عليه، بل يكون على حجته، ولابدّ من الكفيل، ويمكن الحمل على الغائب عن المجلس وهو حاضر في البلد.
|
7701/2 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] أنه قال لشريح: لسانك عبدك ما لم تتكلّم، فاذا تكلّمت فأنت عبده، فانظر ما تقضي وفيم تقضي(2).
7702/3 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لمّا ولّى أمير المؤمنين (عليه السلام) شريحاً القضاء اشترط عليه أن لاينفذ القضاء حتى يعرضه عليه(3).
7703/4 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يد الله فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف وكّله الله إلى نفسه(4).
7704/5 ـ عن رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أبي طالب [ (عليه السلام) ]على عكبرا فقال لي وأهلُ الأرض عندي: إن أهل السواد قوم خدع فلا يخدعنّك، فاستوف ما عليهم، ثم قال لي: رُح إليّ، فلما رجعت إليه، قال لي: إنما قلت لك الذي قلت لأسمعهم، لا تضرّبن رجلا منهم سوطاً في طلب درهم ولا تقمه قائماً
____________
1- قرب الاسناد: 141 ح508، وسائل الشيعة 18:217، البحار 104:292.
2- كنز العمال 5:803 ح14433.
3- الكافي 7:407، وسائل الشيعة 18:6، تهذيب الأحكام 6:217.
4- الكافي 7: 410، وسائل الشيعة 18: 164، تهذيب الأحكام 6: 223، من لا يحضره الفقيه 3: 6 ح3228.
7705/6 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال لرفاعة: لا تقض وأنت غضبان، ولا من النوم سكران(2).
7706/7 ـ عن علي (عليه السلام) أنه بلغه أن شريحاً يقضي في بيته، فقال: ياشريح اجلس في المسجد، فانه أعدل بين الناس، وانه وهن بالقاضي أن يجلس في بيته(3).
7707/8 ـ زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) أنه كان يأمر شريحاً بالجلوس في المسجد الأعظم، وكان يعطي شريحاً على القضاء رزقاً من بيت مال المسلمين(4).
7708/9 ـ عن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: ينبغي للحاكم أن يدع التلفت إلى خصم دون خصم، وأن يقسم النظر فيما بينهما بالعدل، ولا يدع خصماً يظهر بغياً على صاحبه(5).
7709/10 ـ محمد بن علي بن الحسين، روي عن علي (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر، فانك إذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء، قال علي (عليه السلام): فما زلت بعدها قاضياً، وقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم فهّمه القضاء(6).
7710/11 ـ العياشي، عن حبيش (الحسن)، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
____________
1- كنز العمال 5:773 ح14346.
2- دعائم الاسلام 2:537، مستدرك الوسائل 17:349، 21545.
3- دعائم الاسلام 2:534، مستدرك الوسائل 17:358 ح78 215.
4- مسند زيد بن علي: 296.
5- دعائم الاسلام 2:533، مستدرك الوسائل 17:350 ح21550.
6- من لا يحضره الفقيه 3:13 ح3238، مسند أحمد 1:90، كنز العمال 5:804 ح14435.
7711/12 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: إذا ترافع إلى القاضي أهل الكتاب، قضى بينهم بما أنزل الله جلّ وعزّ كما قال تبارك اسمه {وَأنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ}(2)(3).
7712/13 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول لشريح: أنظر إلى أهل ألمعك والمطل ودفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار ممن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكّام، فخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع فيها العقار الديار فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: مطَل المسلم المؤسر ظلم للمسلم، ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه، واعلم أنّه لا يحمل الناس على الحقّ إلاّ من ورّعهم عن الباطل، ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك ولا ييأس عدوك من عدلك، وردّ اليمين على المدعي مع بينة، فان ذلك أجلى للسعي وأثبت في القضاء، واعلم أنّ المسلمين عدول بعضهم على بعض إلاّ مجلوداً في حدٍّ لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين، وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب الله فيه الأجر ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق.
واعلم أنّ الصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً حرّم حلالا أو أحلّ حراماً، واجعل لمن ادّعى شهوداً غيباً أمداً بينهما فإن أحضرهم أخذت له بحقّه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية، فإياك أن تنفذ فيه قضية في قصاص أو حدّ من
____________
1- تفسير العياشي 2:75، البحار 104:277، تفسير البرهان 2:101، وسائل الشيعة 18:159.
2- المائدة: 49.
3- دعائم الاسلام 2:540، مستدرك الوسائل 17:400 ح21660.
7713/14 ـ وعنه، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الاشارة، وفي النظر، وفي المجلس(2).
7714/15 ـ وبهذا الاسناد: أنّ رجلا نزل بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فمكث عنده أياماً ثم تقدم إليه في خصومة لم يذكرها لأمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: أخصم أنت؟ قال: نعم، قال: تحوّل عنّا إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى أن يضاف الخصم إلاّ ومعه خصمه(3).
7715/16 ـ عن أبي الأسود، عن علي [ (عليه السلام) ] قال: نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نضيف أحد الخصمين دون الآخر(4).
7716/17 ـ محمد بن يعقوب، عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لشريح: لا تسارّ أحداً في مجلسك، وإن غضبت فقم، فلا تقضينّ وأنت (فأنت) غضبان(5).
7717/18 ـ ابراهيم بن محمد الثقفي، عن اسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمر بن شمر، عن سالم الجعفي، عن الشعبي، قال: وجد علي (عليه السلام) درعاً له عند نصراني، فجاء
____________
1- الكافي 7:412، وسائل الشيعة 18:155، تهذيب الأحكام 6:225، من لا يحضره الفقيه 3:15 ح3243.
2- الكافي 7:413، وسائل الشيعة 18:157، تهذيب الأحكام 6:226، من لا يحضره الفقيه 3:14 ح3242.
3- الكافي 7:413، وسائل الشيعة 18:157، تهذيب الأحكام 6:226، كنز العمال 5:802 ح14429، من لا يحضره الفقيه3:12 ح3236، سنن البيهقي10:137.
4- كنز العمال 5:803 ح14432.
5- الكافي 7:413، وسائل الشيعة 18:156، تهذيب الأحكام 6:226، من لا يحضره الفقيه 3:14 ح3239.
7718/19 ـ روي ان أمير المؤمنين (عليه السلام) ولّى أبا الأسود الدئلي القضاء، ثم عزله، فقال له: لِمَ عزلتني وما جنيت وما خنت؟ فقال (عليه السلام): اني رأيت كلامك يعلو كلام الخصم(2).
7719/20 ـ عن علي (عليه السلام) قال: لا يعدي الحاكم على الخصم إلاّ أن يعلم بينهما معاملة(3).
(4) النهي عن الفتيا بغير علم
7720/1 ـ العياشي: عن عبدالرحمن السلمي أن علياً (عليه السلام) مرّ على قاض فقال هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا، فقال: هلكت وأهلكت، تأويل كل حرف من القرآن على وجوه(4).
7721/2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقاضي: هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: فهل أشرفت على مراد الله عزّوجلّ في أمثال القرآن؟ قال: لا، قال (عليه السلام): إذاً هلكت وأهلكت، والمفتي يحتاج إلى معرفة معاني القرآن وحقائق السنن ومواطن
____________
1- الغارات 1:124، مستدرك الوسائل 17:359 ح21580، البحار 100:67.
2- عوالي اللئالي 2:342، مستدرك الوسائل 17:359 ح21581.
3- عوالي اللئالي 1:454، مستدرك الوسائل 17:359 ح21582.
4- تفسير العياشي 1:12، تفسير البرهان 1:20، البحار 104:265، سنن البيهقي 10:117، وسائل الشيعة 18:149.
7722/3 ـ محمد بن الحسن، باسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن حماد، عن عاصم، قال: حدثني مولى لسلمان، عن عبيدة السلماني، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: ياأيها الناس اتّقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قال قولا آل منه إلى غيره، وقد قال قولا من وضعه غير موضعه كذب عليه، فقام عبيدة وعلقمة والأسود وأناس منهم، فقالوا: ياأمير المؤمنين فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ قال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد(عليهم السلام)(2).
7723/4 ـ العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر(3).
(5) إن القضاء بالبينات والأيمان
7724/1 ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى بالقسامة واليمين مع الشاهد (الواحد) في الأموال خاصة الخبر(4).
7725/2 ـ عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
1- مصباح الشريعة: 17، مستدرك الوسائل 17:343 ح21530.
2- تهذيب الأحكام 6:295، وسائل الشيعة 18:13.
3- تفسير العياشي 1:323، تفسير البرهان 1:476، تفسير نور الثقلين 1:527، البحار 104:266.
4- دعائم الاسلام 2:427، مستدرك الوسائل 17:379 ح21634.
7726/3 ـ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: في كتاب علي (عليه السلام) أنّ نبياً من الأنبياء شكا إلى ربّه القضاء، فقال: كيف أقضي بما لم تر عيني ولم تسمع أذني؟ فقال: اقض بينهم بالبيّنات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به، وقال: إن داود (عليه السلام) قال: يارب أرني الحقّ كما هو عندك حتى أقضي به، فقال: إنّك لا تطيق ذلك، فألحّ على ربّه حتى فعل، فجاء رجل يستعدي على رجل، فقال: إنّ هذا أخذ مالي، فأوحى الله عزّوجلّ إلى داود (عليه السلام) إن هذا المستعدي قتل أبا هذا وأخذ ماله، فأمر داود (عليه السلام) بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه، قال: فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داود (عليه السلام) ودخل عليه من ذاك ما كره، فدعا ربّه أن يرفع ذلك ففعل، ثم أوحى الله عزّوجلّ إليه أن احكم بينهم بالبيّنات وأضفهم إلى إسمي يحلفون به(2).
7727/4 ـ وعنه، عن محمد بن يحيى، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: في كتاب علي (عليه السلام) إنّ نبياً من الأنبياء شكا إلى ربّه، فقال: يارب كيف أقضي فيما لم أشهد ولم أر؟ قال: فأوحى الله عزّوجلّ إليه أن احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة(3).
7728/5 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: إنما أقضي بينكم بالبينات، وإن داود (عليه السلام) قال: يارب إني أقضي بين خلقك بما لعلي لا أقضي فيه بحقيقة علمك، فأوحى الله
____________
1- دعائم الاسلام 2:518، مستدرك الوسائل 16:39 ح19057.
2- الكافي 7:414، وسائل الشيعة 18:167، تهذيب الأحكام 6:228، البحار 14:10.
3- الكافي 7:415، وسائل الشيعة 18:167، تهذيب الأحكام 6:228.
فجاء إلى داود رجل يستعدي على رجل في بقرة يدّعيها عليه، فأنكره وجاء ببينة، فشهدت أنها له وفي يديه، فأوحى الله إلى داود خذ البقرة من الذي هو في يديه فادفعها إلى المدّعى عليه، واعطِهِ سيفاً ومره أن يضرب عنق الذي وجد البقرة عنده، ففعل داود ما أمره الله عزّوجلّ به ولم يدر السبب فيه، وعظم ذلك عليه، وأنكر بنو اسرائيل ما حكم به، ثم جاء شيخ قد تعلّق بشاب ومع الشاب عنقود من عنب، فقال الشيخ: يانبي الله إن هذا الشاب دخل بستاني وخرّب كرمي وأكل منه بغير إذني، وأخذ منه هذا العنقود بغير أمري، فقال داود (عليه السلام): للشاب ما تقول؟ فأقر الشاب أنه قد فعل ذلك، فأوحى الله إلى داود أن: مُرِ الغلام بأن يضرب عنق الشيخ وادفع اليه بستانه، ومره بأن يحفر في موضع كذا وكذا منه، فانه يجد فيه أربعين ألف درهم كان الشيخ قد دفنها فيه، فليأخذها الشاب، ففعل داود ذلك وازداد غمّاً، وتكلم بنو اسرائيل في ذلك، فاكثروا الانكار عليه فيه، واجتمعوا اليه ليكلموه في ذلك، فهم عنده كذلك، وقد تهيئوا أن يكلموه، إذ أقبل ثور قد ندّ وهو يجري وهم ينظرون اليه إلى أن نظروا إلى رجل قد خرج من داره فأخذ الثور فربطه، ثم دخل البيت فاستخرج سكيناً فذبحه وسلخه، وأقبل يقطع اللحم ويُدخل إلى داره وهم ينظرون، فهم على ذلك إذ أقبل رجل يشتد فقال: لبعضهم لعلك رأيت ثوراً قربك؟
فقال للرجل الذي ذبحه: ما تقول؟ قال: يانبي الله، ما أدري ما يقولون، ولكنني خرجت يوماً وما تركت في بيتي شيئاً لأهلي فأصبت ثوراً ناداً، فذبحته وأدخلت لحمه في بيتي كما قال، فما وجب عليّ في ذلك فامضه، فأوحى الله إلى داود أن مر هذا الرجل الذي جاء يطلب الثور أن يُضجعَ وأمر الذي ذبح الثور أن يذبحه، كما ذبح الثور، وملكه جميع ما يملكه، وما هو في يديه، ففعل وتضاعف غمّه، وقام عليه بنو اسرائيل، فقالوا: يانبي الله، ما هذه الأحكام بلغنا عنك شيء فجئنا فيه إليك حتى رأينا ما هو أعظم منه، فقال: والله ما أنا فعلت ذلك ولكن الله. فعل وأمرني به، وقصّ عليهم ما سأل الله إياه، ثم دخل المحراب فسأل الله أن يطلعه على معاني ما حكم به ليخرج من ذلك إلى بني اسرائيل، فأوحى الله اليه: ياداود، أما صاحب البقرة التي كانت في يديه فانه لَقِي أبا الآخر فقتله، وأخذ البقرة منه، فعرف ابن المقتول البقرة، ولم يجد ممن يشهد له ولم يعلم أن الذي هي في يديه قتل أباه، وقد علمتُ ذلك فقضيت له بعلمي، وأما صابح العنقود فكان الشيخ صاحب البستان قتل أباه وأخذ منه مالا كثيراً فاشترى منه ذلك البستان، وبقي ما بقي منه في يديه فدفنه فيه ولم يعلم الشاب بشيء من ذلك وعلمتهُ فقضيت له بعلمي، وأما صاحب الثور، فانه قتل أبا الرجل الذي ذبح الثور وأخذ منه مالا كثيراً فكان أصل كسبه، ولم يعلم الرجل وعلمتهُ فقضيت له بعلمي، وهذا ياداود من قضايا الآخرة، وقد أخّرتها إلى يوم الحساب،فلا تسألني تعجيل ما أخرتُ واحكم بين خلقي بما
7729/6 ـ عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: البينة في الأموال على المدعي، واليمين على المدّعى عليه(2).
7730/7 ـ قال علي (عليه السلام): والبينة في الدماء على من أنكر براءة له مما اُدعي عليه، واليمين على من ادعى(3).
7731/8 ـ الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحكم بين الناس بالبينات والأيمان في الدعاوي، فكثرت المطالبات والمظالم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس إنما أنا بشر، وأنتم تختصمون، ولعل بعضكم ألحنّ بحجته من بعض، وإنما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذنّه، فإنما أقطع له قطعة من النار(4).
(6) في صفات القاضي
7732/1 ـ الشيخ المفيد، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي قال: حدّثنا الحسن بن ظريف، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد، قال: كان علي (عليه السلام) يقول: لو اختصم الي رجلان فقضيت بينهما، ثم مكثا أحوالا كثيرة ثم أتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاءاً واحداً؟ لأن القضاء لا يحول ولا يزول أبداً(5).
7733/2 ـ البيهقي: أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، أنبأ عبدالله بن
____________
1- دعائم الاسلام 2:518، مستدرك الوسائل 17:361 ح21584.
2 و 3- دعائم الاسلام 2:520، مستدرك الوسائل 17:367 ح21598.
4- تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 673 ح376، وسائل الشيعة 18:169.
5- أمالي المفيد: 286، مستدرك الوسائل 17:408 ح1685، البحار 2:171، أمالي الطوسي المجلس الثالث: 64 ح94.
7734/3 ـ وعنه: وأخبرنا أبو الحسن بن بشران، أنبأ أبو عمرو بن السماك، ثنا حنبل بن اسحاق، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، أن رجلا أتى علياً (رضي الله عنه) بابن له بديلا، فقال علي (رضي الله عنه): رأي الشيخ أحبّ إليّ من مشهد الشاب(2).
7735/4 ـ عن علي (عليه السلام) في عهده إلى مالك الأشتر حين ولاه مصر، قال: انظر في القضاء بين الناس نظر عارف بمنزلة الحكم عند الله، فإن الحكم ميزان قسط الله الذي وضع في الأرض لانصاف المظلوم من الظالم، والأخذ للضعيف من القوي، وإقامة حدود الله على سننها ومنهاجها التي لا يصلح العباد والبلاد إلاّ عليها، فاختر للقضاء بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، أجمعهم للعلم والحلم والورع، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يضجره عيّ العيّ، ولا يفرطه جور الظلوم، ولا تشرف نفسه على الطمع، ولا يدخله إعجاب، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، أو قفهم عند الشبهة، وآخذهم لنفسه بالحجة، وأقلهم تبرماً من تردد الحجج، وأصبرهم على كشف الأمور وإيضاع الخصمين، لا يزدهيه الاطراء، ولا يشليه الاغراء، ولا يأخذ فيه التبليغ بأن يقال قال فلان قال فلان، فول القضاء من كان كذلك الخبر(3).
7736/5 ـ الشيخ الطوسي: فيما كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن أبي بكر: لا تقض
____________
1- سنن البيهقي 10:113.
2- سنن البيهقي 10:113، كنز العمال 5:764 ح14314.
3- دعائم الاسلام 1:368، مستدرك الوسائل 17:348 ح21543.
7737/6 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى مالك الأشتر: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، إلى أن قال: أوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرّماً بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشّف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم(2).
7738/7 ـ عن علي (عليه السلام): أنه كتب إلى رفاعة لما استقضاه على الأهواز كتاباً كان فيه: ذَرِ المطامع وخالف الهوى، وزين العلم بسمت صالح، نعم عون الدين الصبر، لو كان الصبر رجلا لكان رجلا صالحاً، وإياك والملالة فانها من السخف والنذالة، لا تحضر مجلسك من يشبهك، وتخيّر لوردك، واقضِ بالظاهر، وفوض إلى العالم الباطن، دَع عنك "أظن وأحسب وأرى" ليس في الدين إشكال، لا تمار سفيهاً ولا فقيهاً، أما الفقيه فيحرمك خيره، وأما السفيه فيحزنك شره، لا تجادل أهل الكتاب إلاّ بالتي هي أحسن بالكتاب والسنّة، لا تعوّد نفسك الضحك فانه يذهب بالبهاء، ويجرئ الخصوم على الاعتداء، إياك وقبول التحف من الخصوم، وحاذِر الدخلة، من ائتمن امرأة حمق، ومن شاورها فقبل منها ندم، احذر من دمعة المؤمن، فانها تقصف من دمّعها، وتطفىء بحور النيران عن صاحبها، لا تنبز الخصوم، ولا تنهر السائل، ولا تجالس في مجلس القضاء غير فقيه، ولا تشاور في الفتيا، فانما المشورة
____________
1- أمالي الطوسي المجلس الأول: 30 ح31، البحار 104:276.
2- نهج البلاغة كتاب: 53، وسائل الشيعة 18:116، البحار 77:253.
7739/8 ـ عن علي (عليه السلام) أنه كتب إلى رفاعة: لا تستعمل من لا يُصدّقك ولا يُصدّق قولك فينا، وإلاّ فالله خصمك وطالبك، لا تولّ أمر السوق ذا بدعة وإلاّ فأنت أعلم(2).
7740/9 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: كل حاكم يحكم بغير قولنا أهل البيت فهو طاغوت، وقرأ قول الله تعالى: {يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوْتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَنْ يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيْدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلا بَعِيْدَاً}(3) ثم قال: قد والله فعلوا، تحاكموا إلى الطاغوت وأضلّهم الشيطان ضلالا بعيداً، فلم ينج من هذه الآية إلاّ نحن وشيعتنا، وقد هلك غيرهم، فمن لم يعرف فعليه لعنة الله(4).
7741/10 ـ عن علي (عليه السلام) أنه خطب الناس بالكوفة فقال في خطبته: إن مثل معاوية لا يجوز أن يكون أميناً على الدماء والأحكام والفروج والمغانم والصّدقة، المتهم في نفسه ودينه، المجرّب بالخيانة للأمانة، الناقض للسنة، المستأصل للذّمة، التارك للكتاب، اللعين بن اللعين، لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عشرة مواطن، ولعن أباه وأخاه، ولا ينبغي أن يكون على المسلمين الحريص، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيهلكهم بجهله، ولا البخيل فيمنعهم حقوقهم، ولا الجاني فيحملهم
____________
1- دعائم الاسلام 2:534، مستدرك الوسائل 17:347 ح21542.
2- دعائم الاسلام 2:530.
3- النساء: 60.
4- دعائم الاسلام 2:530، مستدرك الوسائل 17:244 ح21240.
7742/11 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: إذا فشى الزنا ظهر موت الفجأة، وإذا جار الحاكم قحط المطر(2).
7743/12 ـ عن علي (عليه السلام) أنه كتب إلى رفاعة ـ قاضيه على الاهواز ـ اعلم يارفاعة إن هذه الامارة أمانة فمن جعلها خيانة فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة، ومن استعمل خائناً فإن محمداً (صلى الله عليه وآله) برئ منه في الدنيا والآخرة(3).
7744/13 ـ قال علي (عليه السلام) إلى قثم بن العباس: واجلس لهم العصرين، فأفت للمستفتي، وعلّم الجاهل، وذاكر العالم، ولا يكن لك إلى الناس سفير إلاّ لسانك، ولا حاجب إلاّ وجهك، ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها، فانها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها(4).
7745/14 ـ عن علي (عليه السلام) وصيته لعبدالله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة: سَعِ الناس بوجهك ومجلسك وحكمك، وإيّاك والغضب فإنه طيرة من الشيطان(5).
7746/15 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أعدل الخلق أقضاهم بالحق، وقال: أفظع شيء ظلم القضاة(6).
7747/16 ـ قال علي (عليه السلام): لا يقيم أمر الله سبحانه إلاّ من لا يصانع، ولا يضارع،
____________
1- دعائم الاسلام 2:531، مستدرك الوسائل 17:251 ح21261.
2- دعائم الاسلام 2:531، مستدرك الوسائل 17:357 ح21572.
3- دعائم الاسلام 2:531، مستدرك الوسائل 17:355 ح21566.
4- نهج البلاغة كتاب: 67، البحار 104:268، مستدرك الوسائل 17:315 ح21453.
5- نهج البلاغة كتاب: 76، البحار 104:268.
6- غرر الحكم: 335، مستدرك الوسائل 17:346 ح21541.