الصفحة 324
كان في آخر كلامه قال: ألا وإني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوماً منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقام اليه أشعث بن قيس، فقال: ياأمير المؤمنين لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلاّ وقلت: والله إني لأولى الناس بالناس، فما زلت مظلوماً منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما ولي تيم وعدي، ألا ضربت بسيفك دون ظلامتك؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يابن الخمّارة، قد قلت قولا فاسمع مني.

والله ما منعني الجبن ولا كراهية الموت ولا منعني من ذلك إلاّ عهد أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني وقال لي: ياأبا الحسن إن الاُمة ستغدر بك وتنقض عهدي، وانك مني بمنزلة هارون من موسى فقلت: يارسول الله فما تعهد إلي إذا كان كذلك؟ فقال: إن وجدت أعواناً فبادر اليهم وجاهدهم، وان لم تجد أعواناً فكف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوماً.

فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشتغلت بدفنه والفراغ من شأنه، ثم آليت يميناً إني لا أرتدي إلاّ للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلت، ثم أخذته وجئت به فأعرضته عليهم، قالوا: لا حاجة لنا به.

ثم أخذت بيد فاطمة، وابني الحسن والحسين، ثم درت على أهل بدر، وأهل السابقة، فأنشدتهم حقي، ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلاّ أربعة رهط: سلمان وعمار والمقداد وأبو ذر، وذهب من كنت اعتضد بهم على دين الله من أهل بيتي، وبقيت بين خفيرين قريبي العهد بجاهلية: عقيل والعباس.

فقال له الأشعث: كذلك كان عثمان لما لم يجد أعواناً، كف يده حتى قتل مظلوماً.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يابن الخمارة، ليس كما قست إن عثمان جلس في غير مجلسه، وارتدى بغير ردائه، صارع الحق فصرعه الحق، والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) بالحق، لو وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهطاً لجاهدتم في الله إلى أن اُبلي

الصفحة 325
عذري، ثم قال: أيها الناس إن الأشعث لا يزن عند الله جناح بعوضة، وإنه أقل في دين الله من عفطة عنز(1).

8478/16 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أن أهل صفين قد لعنهم الله على لسان نبيه، وقد خاب من افترى(2).

8479/17 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني أبو الوليد الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: دخل الحارث بن حوط الليثي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ياأمير المؤمنين، ما أرى طلحة والزبير وعائشة احتجوا وأضحوا إلاّ على حق؟ فقال (عليه السلام): ياحارث إنك إن نظرت تحتك ولم تنظر فوقك جزت عن الحق، إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق باتباع من اتبعه، والباطل باجتناب من اجتنبه، قال: فهلا أكون كعبدالله بن عمر وسعد بن مالك؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن عبدالله ابن عمر وسعداً خذلا الحق ولم ينصرا الباطل حتى كانا إمامين في الخير فيتبعان(3).

8480/18 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر، قال: حدثني أبي، عن أخيه، عن بكر بن عيسى، قال: لما اصطف الناس للحرب بالبصرة، خرج طلحة والزبير في صف أصحابهما، فنادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزبير بن

____________

1- الاحتجاج 1:449 ح104، تفسير البرهان 3:42، البحار 29:419.

2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 33:162.

3- أمالي الطوسي المجلس الخامس: 134 ح216، البحار 22:105.


الصفحة 326
العوام فقال له: ياأبا عبدالله أدن مني لأفضي اليك بسر عندي، فدنا منه، حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) أنشدتك الله إن ذكرتك شيئاً فذكرته، أما تعزف به؟ فقال: نعم، فقال: أما تذكر يوماً كنت مقبلا عليّ بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآك معي وأنت تبسم إلي، فقال لك: يازبير أتحب علياً؟ فقلت: وكيف لا أحبه بيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره، فقال: إنك ستقاتله وأنت له ظالم، فقلت: أعوذ بالله من ذلك، فنكس الزبير رأسه ثم قال: اني أنسيت هذا المقام.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): دع هذا، أفلست بايعتني طائعاً؟ قال: بلى قال: فوجدت مني حدثاً يوجب مفارقتي؟ فسكت ثم قال: لا جرم والله لا قاتلتك، ورجع متوجهاً نحو البصرة، فقال له طلحة: ما لك يازبير تنصرف عنا، سحرك ابن أبي طالب؟! فقال: لا ولكن ذكرني ما كان أنسانيه الدهر، واحتج عليّ ببيعتي له، فقال طلحة: لا، ولكن جبنت، وانتفح سحرك، فقال له الزبير: لم أجبن لكن اُذكرت فذكرت.

فقال له عبدالله: ياأبة جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب قلت: أتركهما وأنصرف، فما تقول قريش غداً بالمدينة، الله الله ياأبة لا تشمت الأعداء، ولا تشين نفسك بالهزيمة قبل القتال.

قال: يابني ما أصنع وقد حلفت له بالله ألا اُقاتله، قال له: كفّر عن يمينك ولا تفسد أمرنا، فقال الزبير: عبدي مكحول حرّ لوجه الله كفارة يميني، ثم عاد معهم للقتال.

فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي (عليه السلام):


أيعتق مكحولا ويعصي نبيهلقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق


الصفحة 327

أينوي بهذا الصدق والبر والتقىسيعلم يوماً من يبر ويصدق
لشتان ما بين الضلالة والهدىوشتان من يعصي النبي ويعتق
ومن هو في ذات الاله مشمريكبر برّاً ربّه ويصدق
أفي الحق أن يعصي النبي سفاهةويعتق عن عصيانه ويطلق
كدافق ماء للسراب يؤمّهألا في ضلال ما يصب ويدفق(1)

8481/19 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر ابن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن القاسم بن محمد بن عبيدالله، قال: حدثنا جعفر بن عبيدالله، عن جعفر المحمدي، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات التميمي، قال: حدثنا المسعودي، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي محمد العنزي، قال: حدثني ابن عمي أبو عبدالله العنزي، قال: إنا لجلوس مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به: ياأمير المؤمنين لقد نالنا النبل والنشاب، فسكت ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك، فقالوا: قد جرحنا، فقال علي (عليه السلام): ياقوم من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعدُ الملائكة.

فقال: إنا لجلوس ما نرى ريحاً ولا نمسّها إذ هبّت ريح طيبة من خلفنا، والله لوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب، قال: فلما هبت صبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) درعه ثم قام إلى القوم، فما رأيت فتحاً كان أسرع منه(2).

8482/20 ـ قطب الدين الراوندي، باسناده إلى الصدوق، باسناده إلى ابن عباس قال: لقد كنا في محفل فيه أبو سفيان وقد كُف بصره، وفينا علي (عليه السلام) فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال أبو سفيان: ههنا من يُحتشم؟ قال واحد من

____________

1- أمالي الطوسي المجلس الخامس: 137 ح223، البحار 32:204، بشارة المصطفى: 247.

2- أمالي الطوسي المجلس الثامن: 209 ح360، البحار 32:205، الخرائج والجرائح 1:214، مناقب ابن شهر آشوب في محبة الملائكة إياه 2:240، كشف الغمة 2:21.


الصفحة 328
القوم: لا، فقال: لله درّ أخي بني هاشم انظروا أين وضع اسمه! فقال علي (عليه السلام): أسخن الله عينيك ياأبا سفيان، الله فعل ذلك بقوله عزّ من قائل: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}(1)فقال أبو سفيان: أسخن الله عين من قال ليس ههنا من يحتشم(2).

8483/21 ـ روى الحسن بن حميد، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا أبو إسماعيل عمير بن بكار، عن جابر، عن الباقر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لقد تعجبت يوم بدر من جرأة القوم وقد قتلت الوليد بن عتبة وقتل حمزة عتبة وشركته في قتله شيبة، إذ أقبل إلي حنظلة بن أبي سفيان، فلما دنا مني ضربته ضربة بالسيف فسالت عيناه ولزم الأرض قتيلا(3).

8484/22 ـ الواقدي: قال علي (عليه السلام): لما كان يوم اُحد وجال الناس تلك الجولة، أقبل اُمية بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارع مقنع في الحديد، ما يرى منه إلاّ عيناه، وهو يقول: يوم بيوم بدر، فيعترض له رجل من المسلمين فيقتله اُمية، قال علي (عليه السلام): وأصمد له فاضربه بالسيف على هامته ـ وعليه بيضة وتحت البيضة مِغفر ـ فنبا سيفي، وكنت رجلا قصيراً، ويضربني بسيفه فاتقي بالدّرقة، فلحج سيفه فأضربه، وكانت درعه مشمرة، فأقطع رجليه، ووقع فجعل يعالج سيفه حتى خلّصه من الدّرقة، وجعل يناشدني وهو بارك على ركبتيه، حتى نظرت إلى فتق إبطه فأخشُ بالسيف فيه، فحال ومات وانصرفت عنه(4).

8485/23 ـ محمد بن أبي القاسم الطبري: حدثنا علي بن عابس، عن أبيه، عن أبي جعفر، عن علي (عليه السلام) أنه لما فتح خيبر حمل الباب على ظهره فجعله جسراً يعبر

____________

1- الشرح: 4.

2- قصص الأنبياء: 294 ح365، البحار 18:107.

3- الارشاد: 41، البحار 19:280، أعلام الورى: 89.

4- المغازي للواقدي 1:279، شرح النهج لابن أبي الحديد 3:388، البحار 20:135.


الصفحة 329
الناس عليه، وانه خرب بعد ذلك فلم يحمله إلاّ أربعين رجلا(1).

8486/24 ـ المفيد: روى أصحاب الآثار، عن الحسن بن صالح، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبدالله الجدلي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لما عالجت باب خيبر جعلته مجناً لي فقاتلتهم به، فلما أخزاهم الله وضعت الباب على حصنهم طريقاً، ثم رميت به في خندقهم، فقال له رجل: لقد حملت منه ثقلا، فقال: ما كان إلاّ مثل جنتي التي في يدي في غير ذلك المقام قال: وذكر أصحاب السير أن المسلمين لما انصرفوا من خيبر راموا حمل الباب فلم يقله منهم إلاّ سبعون رجلا(2).

8487/25 ـ الصدوق، باسناده عن أبي جعفر (عليه السلام)، فيما أجاب أمير المؤمنين (عليه السلام) اليهودي الذي سأل عن علامات الأوصياء، أن قال (عليه السلام): وأما السادسة ياأخا اليهود فإنا وردنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح، وهم في أمنع دار وأكثر عدد، كلٌّ ينادي ويدعو ويبادر إلى القتال، فلم يبرز اليهم من أصحابي أحد إلاّ قتلوه حتى احمرت الحدق، ودُعيت إلى النزال وأهمّت كل امرئ نفسه، والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول: ياأبا الحسن انهض، فأنهضني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى دارهم، فلم يبرز إليّ منهم أحد إلاّ قتلته، ولا يثبت لي فارس إلاّ طحنته، ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته، حتى أدخلتهم جوف مدينتهم، مسدّداً عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها حتى افتتحها (افتتحتها) وحدي ولم يكن لي فيها معاون إلاّ الله وحده(3).

____________

1- بشارة المصطفى: 269.

2- الارشاد: 67، مدينة المعاجز 1:71 ح101، البحار 21:14.

3- الخصال باب السبعة: 369، البحار 21:27.


الصفحة 330
8488/26 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال: أخبرني الحسن بن الحسين، قال: حدثنا الحسين بن عبدالكريم، عن جعفر بن زياد الأحمر، عن عبدالرحمن بن جندب، عن أبيه جندب بن عبدالله، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد بويع لعثمان بن عفان، فوجدته مطرقاً كئيباً، فقلت له: ما أصابك جعلت فداك من قومك؟ فقال صبر جميل، فقلت: سبحان الله إنك لصبور، قال: فأصنع ماذا؟ قلت: تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالفضل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك فان أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة، فان دانوا لك كان ذلك ما أحببت، وإن أبوا قاتلتهم، فان ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيه (صلى الله عليه وآله) وكنت أولى به منهم، وإن قتلت في طلبه قتلت إن شاء الله شهيداً، وكنت أولى بالعذر عند الله; لأنك أحق بميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتراه ياجندب كائناً يبايعني عشرة من مائة؟ فقلت: أرجو ذلك.

فقال: لكني لا أرجو ولا من كل مائة إثنان، وسأخبرك من أين ذلك، إنما ينظر الناس إلى قريش، وإن قريشاً تقول: إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر قريش، وانهم أولياء هذا الأمر دون غيرهم من قريش، وانهم إن ولوهم لم يخرج منهم هذا السلطان، إلى أحدً أبداً، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم، ولا والله لا تدفع الينا هذا السلطان قريش أبداً طائعين.

قال: فقلت: أفلا أرجع وأخبر الناس مقالتك هذه، وأدعوهم إلى نصرك؟ فقال: ياجندب ليس ذا زمان ذلك.

فقال جندب: فرجعت بعد ذلك إلى العراق فكنت كلما ذكرت من فضل أمير

الصفحة 331
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) شيئاً زبروني ونهروني حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة، فبعث إلي فحبسني حتى كُلّم فيّ فخلّى سبيلي(1).

8489/27 ـ العياشي، عن حبيش، عن علي (عليه السلام) إن النبي (صلى الله عليه وآله) حين بعثه ببراءة وقال: يانبي الله إني لست بلسن ولا بخطيب، قال: ما بدّ أن أذهب بها أو تذهب بها أنت، قال: فإن كان لابدّ فسأذهب أنا، قال: فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك، ثم وضع يده على فمه وقال: انطلق فاقرأها على الناس، وقال: الناس يتقاضون اليك، فاذا أتاك الخصمان فلا تقضيّن لواحد حتى تسمع من الآخر، فإنه أجدر أن تعلم الحق(2).

8490/28 ـ العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: دخل عليّ أُناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير، فقلت لهم: كانا إمامين من أئمة الكفر، إن علياً (عليه السلام) يوم البصرة لما صفّ الخيول، قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني وبين الله وبينهم، فقام اليهم فقال: ياأهل البصرة هل تجدون عليّ جوراً في الحكم؟ قالوا: لا، قال: فحيفاً في قسم؟ قالوا: لا، قال: فرغبة في دنياً أصبتها لي ولأهل بيتي دونكم فنقمتم عليّ فنكثتم عليّ بيعتي؟ قالوا: لا، قال: فأقمت فيكم الحدود وعطلتها عن غيركم؟ قالوا: لا، قال: فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث؟ إني ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف، ثم ثنى إلى أصحابه، فقال: إن الله يقول في كتابه: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَهُمْ يَنْتَهُونَ}(3) فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة واصطفى

____________

1- أمالي الطوسي المجلس التاسع: 233 ح415.

2- تفسير العياشي 2:75، تفسير البرهان 2:101، وسائل الشيعة 18:159، البحار 35:296.

3- التوبة: 12.


الصفحة 332
محمداً (صلى الله عليه وآله) بالنبوة انكم لأصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت(1).

8491/29 ـ وعنه، عن أبي الطفيل، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يوم الجمل وهو يحرّض الناس على قتالهم ويقول، والله ما رمي أهل هذه الآية بكنانة قبل هذا اليوم، قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون، فقلت لأبي الطفيل ما الكنانة؟ قال: السهم يكون موضع الحديد، فيه عظم تسميه بعض العرب الكنانة(2).

8492/30 ـ وعنه: عن الحسين البصري، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) على هذا المنبر، وذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: أيها الناس والله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلاّ بآية تركتها في كتاب الله، إن الله يقول {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَهُمْ يَنْتَهُونَ}(3) أما والله لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال لي: ياعلي لتقاتلن الفئة الباغية، والفئة الناكثة، والفئة المارقة(4).

8493/31 ـ العياشي: عن عبدالرحمن بن حرب، قال: لما أقبل الناس مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقاً غير طريقنا الذي أقبلنا فيه، حتى إذا جزنا النخيلة ورأينا أبيات الكوفة، إذا شيخ جالس في ظل بيت وعلى وجهه أثر المرض، فأقبل اليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن معه حتى سلّم عليه وسلمنا معه، فردّ ردّاً حسناً، وظننا أنه قد عرفه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما لي أرى وجهك منكسراً مصفاراً فمم ذاك أمن مرض؟ فقال: نعم، فقال: لعلك كرهته؟ فقال: ما أحب أنه يعتريني، قال: إحتسب بالخير فيما أصابك به، قال: فابشر برحمة الله

____________

1- تفسير العياشي 2:77، تفسير البرهان 2:107، البحار 32:185، تفسير الصافي 2:324.

2- تفسير العياشي 2:78، تفسير البرهان 2:107، البحار 32:186، تفسير الصافي 2:324.

3- التوبة: 12.

4- تفسير العياشي 2:78، تفسير البرهان 2:107، البحار 32:232.


الصفحة 333
وغفران ذنبك، فمن أنت ياعبد الله؟ فقال: أنا صالح بن سليم، فقال: ممن؟ قال: أما الأصل فمن سلامان بن طي، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أحسن اسمك واسم أبيك واسم أجدادك واسم من اعتزيت اليه.

فهل شهدت معنا غزاتنا هذه؟ فقال: لا ولقد أردتها ولكن ما ترى من لجب الحمى خذلتني عنها، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءَ وَلاَ عَلَى الْمَرْضى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ} إلى آخر الآية، ما قول الناس فيما بيننا وبين أهل الشام؟ قال: منهم المسرور والمحسود فيما كان بينك وبينهم، واولئك أغشّ الناس لك، فقال له: صدقت، قال: و منهم الكاشف العاسف لما كان من ذلك، واُولئك نطحاء الناس لك، فقال له: صدقت جعل الله ما كان من شكواك حطاً لسيئاتك، فان المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع على العبد ذنباً إلاّ حطه، وإنما الأجر في القول باللسان والعمل باليد والرجل، فان الله ليدخل بصدق النيةوالسريرة الصالحة جماً من عباده الجنة(1).

8494/32 ـ شاذان بن جبرئيل القمي: عن أبي الاحوص، عن أبيه، عن عمار الساباطي، قال: قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) المدائن فنزل إيوان كسرى وكان معه دلف ابن بحير، فلما صلى قام وقال لدلف: قم معي وكان معه جماعة من أهل ساباط، فما زال يطوف منازل كسرى ويقول لدلف: كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا، ويقول دلف: هو والله كذلك، فما زال كذلك حتى طاف المواضع وأخبر بجميع ما كان فيها، ودلف يقول: ياسيدي مولاي كأنك وضعت هذه الأشياء في هذه الأمكنة، ثم نظر (عليه السلام) إلى جمجمة نخرة، فقال لبعض أصحابه: خذ هذه الجمجمة، وكانت مطروحة، ثم جاء (عليه السلام) إلى الايوان وجلس فيه ودعا بطشت فيه ماء فقال للرجل:

____________

1- تفسير العياشي 2:103، تفسير البرهان 2:150، البحار 33:43، وقعة صفين: 528.


الصفحة 334
دع هذه الجمجمة في الطشت ثم قال: أقسمت عليك ياجمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟ فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شيروان، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): كيف حالك؟ قال: ياأمير المؤمنين إني كنت ملكاً عادلا شفيقاً على الرعايا رحيماً لا أرضى بظلم، ولكن كنت على دين المجوس، وقد ولد محمد (صلى الله عليه وآله) في زمان ملكي فسقط من شرفات قصري ثلاثة وعشرون شرفة ليلة ولد، فهممت أن أؤمن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والأرض، ومن شرف أهل بيته، ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك، فيالها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أؤمن به، فأنا محروم من الجنة لعدم إيماني به، ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وانصافي بين الرعية.

وأنا في النار والنار محرمة عليّ، فواحسرتاه لو آمنت به لكنت معك ياسيد أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) وياأمير المؤمنين، قال: فبكى الناس وانصرف القوم الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهلهم وأخبروهم بما كان وبما جرى من الجمجمة فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال المخلصون منهم: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله ووليه ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال بعضهم: بل هو النبي (صلى الله عليه وآله) وقال بعضهم: بل هو الرب، وهم مثل عبدالله بن سبأ وأصحابه، وقالوا: لولا أنه الرب كيف يحيي الموتى؟ قال: فسمع بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فضاق صدره وأحضرهم وقال: ياقوم غلب عليكم الشيطان إن أنا إلاّ عبد الله أنعم عليّ بإمامته وولايته ووصية رسوله (صلى الله عليه وآله) فارجعوا عن الكفر فأنا عبد الله وابن عبده، ومحمد (صلى الله عليه وآله) خير مني وهو أيضاً عبد الله، وإن نحن إلاّ بشر مثلكم، فخرج بعضهم من الكفر

الصفحة 335
وبقي قوم على الكفر ما رجعوا، فألحّ عليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرجوع فما رجعوا فأحرقهم بالنار، وتفرق منهم قوم في البلاد وقالوا: لولا أنّ فيه من الربوبية وإلاّ فما كان أحرقنا في النار(1).

8495/33 ـ علي بن الحسين المسعودي، عن المنذر بن الجارود، قال: لما قدم علي (عليه السلام) البصرة دخل مما يلي الطف، إلى أن قال: فسار حتى نزل الموضع المعروف بالزاوية وصلى أربع ركعات وعفر خديه على التراب، وقد خالط ذلك دموعه، ثم رفع يديه وقال: اللهم رب السماوات وما أظلت، والأرضين وما أقلت، ورب العرش العظيم، هذه البصرة أسألك من خيرها، وأعوذ بك من شرها، اللهم أنزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين، اللهم إن هؤلاء قد خلعوا طاعتي، وبغوا عليّ، ونكثوا بيعتي، اللهم احقن دماء المسلمين(2).

8496/34 ـ عن عبدالواحد الدمشقي، قال: نادى حوشب الحميري علياً يوم صفين، فقال: انصرف عنا ياابن أبي طالب، فإنا ننشدك الله في دمائنا. فقال علي (عليه السلام): هيهات ياابن اُم ظليم، والله لو علمت أن المداهنة تسعني في دين الله لفعلت، ولكان أهون عليّ في المؤونة، ولكن الله لم يرض من أهل القرآن بالادهان والسكوت، والله يقضي(3).

8497/35 ـ عن ابن أبي ذئب، عمن حدثه، عن علي [(عليه السلام)] أنه قال: لما قاتل معاوية سبقه إلى الماء، فقال: دعوهم فإن الماء لا يمنع(4).

8498/36 ـ عن أبي جعفر قال: كان علي [(عليه السلام)] إذا اُتي بأسير يوم صفين أخذ دابته

____________

1- الفضائل (لابن شاذان): 71، البحار 41:213، مستدرك الوسائل 3:448 ح3964.

2- مروج الذهب 2:361، مستدرك الوسائل 3:449 ح3965.

3- كنز العمال 11:345 ح31699.

4- كنز العمال 11:345 ح31701.


الصفحة 336
وسلاحه وأخذ عليه أن لا يعود وخلى سبيله(1).

8499/37 ـ عن يزيد بن بلال قال: شهدت مع علي [(عليه السلام)] صفين، فكان إذا اُتي بالأسير قال: لن أقتلك صبراً، إني أخاف الله رب العالمين، وكان يأخذ سلاحه ويحلّفه لا يقاتله ويعطيه أربعة دراهم(2).

8500/38 ـ عن ابن عباس، قال: عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] والله ما رأيت ولا سمعت رئيساً يوزن به، لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء قد أرخى طرفها، كأن عينيه سراجاً سليط، وهو يقف على شرذمة يحضهم، حتى انتهى إليّ وأنا في كثف من الناس، فقال: معاشر المسلمين، استشعروا الخشية، وغضوا الأصواب وتجلبوا السكينة واعملوا الأسنة واقلعوا السيوف من الأغماد قبل السّلة، وابلغوا الوخز ونافحوا الظّبا وصلوا السيوف بالخُطا والنبال بالرماح، فانكم بعين الله ومع ابن عم نبيه (صلى الله عليه وسلم)، عاودوا الكرَّ واستحيوا من الفر، فانه عار باق في الأعقاب ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفساً وامشوا إلى الموت سُجُحاً، وعليكم بهذا السواد الأعظم، والرواق المطنب فا ضربوا ثبجه فان الشيطان راكداً في كسره(3).

8501/39 ـ عن طارق بن شهاب قال: رأيت علياً [(عليه السلام)] على رحل رث بالربذة وهو يقول للحسن والحسين: مالكما تحنان حنين الجارية، والله لقد ضربت هذا الأمر ظهراً لبطن فما وجدت بداً من قتال القوم أو الكفر بما أنزل الله على محمد(صلى الله عليه وسلم)(4).

____________

1- كنز العمال 11:345 ح31702.

2- كنز العمال 11:345 ح31703.

3- كنز العمال 11:346 ح13705.

4- كنز العمال 11:349 ح31710.


الصفحة 337
8502/40 ـ عن الحارث، قال: كنت مع علي [(عليه السلام)] بصفين، فرأيت بعيراً من أهل الشام جاء وعليه راكبه وثقله، فألقى ما عليه وجعل يتخلل الصفوف إلى علي (رضي الله عنه)فجعل مشفره فيما بين رأس علي ومنكبه وجعل يحركها بجرانه، فقال علي [(عليه السلام)] والله إنها للعلامة بيني وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(1).

8503/41 ـ عن عبدالرحن بن عبدالله، قال: قال علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] : يؤتى بي وبمعاوية يوم القيامة فنختصم عند ذي العرش، فأينا فلج فلج أصحابه(2).

8504/42 ـ عن الليث بن سعد، قال: بلغني أن علياً [(عليه السلام)] قال لأهل العراق: وددت أن أبيع عشرة منكم برجل واحد من أهل الشام، بصرف الدراهم عشرة بدينار، فقيل له: نحن وأنت كما قال الأعشى:


علقتها عرضاً وعلقت رجلاغيري وعلق اُخرى غيرها الرجل

وأنت أيها الرجل علقنا بحبك وعلقت بأهل الشام وعلق أهل الشام بمعاوية(3).

8505/43 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: سبقتهم إلى الاسلام قدماً غلاماً ما بلغت أوان حلمي(4).

8506/44 ـ عن عبد خير عن علي [(عليه السلام)] قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقسمت أن لا أضع ردائي على ظهري، حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي عن ظهري حتى جمعت القرآن(5).

____________

1- كنز العمال 11:350 ح31713.

2- كنز العمال 11:350 ح31714.

3- كنز العمال 11:356 ح31727.

4- كنز العمال 13:111 ح36363.

5- كنز العمال 13:151 ح36473، حلية الأولياء 1:67.


الصفحة 338
8507/45 ـ عن ابن عباس، قال: إن علياً [(عليه السلام)] خطب الناس فقال: ياأيها الناس ما هذه المقالة السيئة التي تبلغني عنكم؟ والله لتقتلن طلحة والزبير، ولتفتحن البصرة، ولتأتينكم مادة من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة وستين، أو خمسة آلاف وستمائة وخمسين، قال ابن عباس: فقلت: الحرب خدعة، قال: فخرجت فأقبلت أسأل الناس: كم أنتم؟ فقالوا: كما قال: فقلت: هذا مما أسره اليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انه علمه ألف ألف كلمة كل كلمة تفتح ألف كلمة(1).

8508/46 ـ عن أبي صالح الحنفي، قال: رأيت علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] أخذ المصحف فوضعه على رأسه ثم قال: اللهم انهم منعوني ما فيه فاعطني ما فيه، ثم قال: اللهم اني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي، فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شراً مني، اللهم أمت (أمث) قلوبهم ميت (ميث) الملح في الماء ـ يعني أهل الكوفة ـ(2).

8509/47 ـ عن أبي الجلاس: قال: سمعت علياً [(عليه السلام)] يقول لعبدالله الشيباني: ويلك ما أفضى لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بشيء كتمته عن الناس، ولقد سمعته يقول: إن ما بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً، وإنك لأحدهم(3).

8510/48 ـ علي بن محمد الخزاز، أخبرنا محمد بن عبدالله; والمعافا بن زكريا، والحسن بن علي بن الحسن الرازي، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن أحمد بن عيسى بن ورطا، قال: حدثنا أحمد بن منيع، عن يزيد بن هارون، قال: حدثنا مشيختنا وعلماؤنا، عن عبدالقيس، قالوا: لما كان يوم الجمل خرج علي بن أبي طالب حتى وقف بين الصفين، وقد أحاطت بالهودج بنو ضبة،

____________

1- كنز العمال 13:164 ح36500.

2- كنز العمال 13:194 ح36581، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:322.

3- كنز العمال 14:551 ح39580.


الصفحة 339
فنادى: أين طلحة وأين الزبير، فبرز له الزبير، فخرجا حتى التقيا بين الصفين، فقال: يازبير ما الذي حملك على هذا؟ قال: الطلب بدم عثمان، فقال (عليه السلام): قاتل الله أولانا بدم عثمان، أما تذكر يوماً كنا في بني بياضة فاستقبلنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسلمت عليه (متكئ عليه) فضحكت اليك وضحكت إلي، فقلت: يارسول الله إن علياً لا يبركه زهو (لا يتركه زهوه)، فقال (عليه السلام): ما به زهو ولكنك لتقاتله يوماً وأنت له ظالم؟ قال: نعم، ولكن كيف أرجع الآن إنه لهو العار، قال: ارجع بالعار قبل أن يجتمع عليك العار والنار، قال: كيف أدخل النار وقد شهد لي رسول الله بالجنة؟ قال: متى؟ قال: سمعت سعيد بن يزيد يحدث عثمان بن عفان في خلافته أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عشرة في الجنة، قال: ومن العشرة؟ قال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وأنا: وطلحة، حتى عدّ تسعة، قال: فمن العاشر؟ قال: أنت، قال: أما أنت شهدت لي بالجنة، وأما أنا فلك ولأصحابك من الجاحدين، ولقد حدثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن سبعة ممن ذكرتهم في تابوت من نار في أسفل درك من الجحيم على ذلك التابوت صخرة إذا أراد الله عزّوجلّ عذاب أهل الجحيم رفعت تلك الصخرة، قال: فرجع الزبير وهو يقول:


نادى علي بأمر لست أجهلهقد كان عمر أبيك الحق من حين
فقلت حسبك من لومي أبا حسنفإن بعض الذي قد قلت يكفيني
فاخترت عاراً على نار مؤججةأنى يقوم بها خلق من الطين
فاليوم أرجع عن عمي إلى رشدومن مغالطة البغضا إلى اللين

ثم حمل علي (عليه السلام) على بني ضبة، فما رأيتهم إلاّ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ثم أخذت المرأة فحملت إلى قصر بني حلف (خلف)، فدخل علي والحسن والحسين وعمار وزيد وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري، ونزل أبو