الصفحة 465
النسمة، لتخضبنّ هذه من هذه، قال: قال الناس: فأعلِمنا من هو؟ والله لنبيرنّ عترته، قال: أنشدكم بالله أن يُقتل غير قاتلي(1).

8668/27 ـ كان عبد الرحمن بن ملجم التجوبي عداده من مراد، قال ابن عباس:

كان من وُلد قدّار عاقر ناقة صالح وقصّتهما واحدة; لأنّ قدّار عشق امرأة يُقال لها رباب، كما عشق ابن ملجم قطاماً، سُمع ابن ملجم وهو يقول: لأضربنّ عليّاً بسيفي هذا، فذهبوا به إليه، فقال (عليه السلام): ما اسمك؟ قال: عبد الرحمن بن ملجم، قال: نشدتك بالله عن شيء تخبرني؟ قال: نعم، قال: هل مرّ عليك شيخ يتوكّأ على عصاه وأنت في الباب فشقّك بعصاه ثمّ قال: بؤساً لك لشقيّ من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم، قال: هل كان الصبيان يسمّونك ابن راعية الكلاب وأنت تلعب معهم؟ قال: نعم، قال: هل أخبَرتْك اُمّك أنّها حملت بك وهي طامث؟ قال: نعم، قال: فبايع، فبايع، ثمّ قال: خلّوا سبيله.

وروي أنّه جاءه ليبايعه فردّه مرّتين أو ثلاثاً، فبايعه وتوثّق منه ألاّ يغدر ولا ينكث، فقال: والله ما رأيتك تفعل هذا بغيري، فقال: يا غزوان احمله على الأشقر، فأركبه، فتمثّل أمير المؤمنين (عليه السلام):


اُريد حياته ويريد قتليعذيرك من خليلك من مراد

امضِ يا ابن ملجم فوالله ما أرى تفي بما قلت، وفي رواية: والذي نفسي بيده لتخضّبنّ هذه من هذا(2).

8669/28 ـ الحسن البصري، إنّ علي (عليه السلام) سهر في تلك الليلة ولم يخرج لصلاة الليل

____________

1- مسند أحمد 1: 156; طبقات ابن سعد 3: 34; ذخائر العقبى: 112.

2- مناقب ابن شهر آشوب، في باب مقتله (عليه السلام) 3: 309.


الصفحة 466
على عادته، فقالت اُمّ كلثوم: ما هذا السهر؟ قال: إنّي مقتول لو قد أصبحت، فقالت: مُر جُعدة فليصلّ بالناس، قال: نعم، مُروا جُعدة ليصلّ، ثمّ مر وقال: لا مفرّ من الأجل وخرج قائلا:


خلّوا سبيل الجاهد المجاهدفي الله ذي الكتب وذي المشاهد
في الله لا يعبد غير الواحدويوقظ الناس إلى المساجد(1)

8670/29 ـ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد، قال: ولما خرج علي (عليه السلام) لطلب الزبير، خرج حاسراً، وخرج إليه الزبير دارعاً مدجّجاً، إلى أن قال: فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين تخرج إلى الزبير حاسراً، وهو شاك في السلاح وأنت تعرف شجاعته؟ قال: إنّه ليس بقاتلي; إنّما يقتلني رجل خامل الذكر ضئيل النسب، غيلة في غير مأقط حرب ولا معركة رجال، ويل أمه أشقى البشر ليود أنّ اُمّه هبلت به، أما إنّه وأحمر ثمود لمقرونان في قرن(2).

8671/30 ـ الصدوق، أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مسكين، عن صالح بن عقبة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جاء رجل من اليهود إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن أشياء، إلى أن قال: كم يعيش وصيّ نبيّكم بعده؟ قال (عليه السلام): ثلاثين سنة، قال: ثمّ ماذا يموت أو يقتل؟ قال: يقتل ويضرب على قرنه فتخضب لحيته، قال: صدقت والله إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسى (عليه السلام)، الخبر(3).

8672/31 ـ الشيخ الطوسي، بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: خطب الناس أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، فقال: معاشر الناس إنّ الحق قد غلبه

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب، في باب مقتله (عليه السلام) 3: 310; اثبات الهداة 4: 582.

2- شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 78; اثبات الهداة 5: 39.

3- البحار 42: 191; اثبات الهداة 4: 442; عيون أخبار الرضا، في بيان علامات الإمام 1: 53.


الصفحة 467
الباطل، وليغلبنّ الباطل عمّا قيل، أين أشقاكم ـ أو قال: شقيّكم ـ فو الله ليضربنّ هذه فليخضبنّها من هذه ـ وأشار بيده إلى هامته ولحيته ـ(1).

8673/32 ـ وعنه، عن أبي عمر، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم، قال: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول ـ ومسح لحيته ـ: ما يحبس أشقاها أن يخضبها عن أعلاها بدم(2).

8674/33 ـ الصدوق، في خبراليهودي الذي سأل أميرالمؤمنين عمّافيه من خصال الأوصياء، قال (عليه السلام): قد وفيت سبعاً وسبعاً يا أخا اليهود، وبقيت الاُخرى وأوشك بها، فكأن قد، فبكى أصحاب علي (عليه السلام) وبكى رأس اليهود، وقالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا بالاُخرى، فقال: الاُخرى أن تخضّب هذه ـ وأومأ بيده إلى لحيته ـ من هذه وأومأ بيده إلى هامته، قال: وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجة والبكاء حتّى لم يبق بالكوفة دار إلاّ خرج أهلها فزعاً، وأسلم رأس اليهود على يدي علي (عليه السلام) من ساعته، ولم يزل مقيماً حتّى قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) واُخذ ابن ملجم لعنه الله فأقبل رأس اليهود حتّى وقف على الحسن (عليه السلام) والناس حوله وابن ملجم لعنه الله بين يديه، فقال له: يا أبا محمّد أقتله قتله الله، فإنّي رأيت في الكتب التي اُنزلت على موسى (عليه السلام) أنّ هذا أعظم عند الله جرماً من ابن آدم قاتل أخيه، ومن القدّار عاقر ناقة ثمود(3).

8675/34 ـ المفيد، عن علي بن المنذر الطريقي، عن أبي الفضل العبدي، عن فطر، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، قال: جمع أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فردّه مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ بايعه، فقال عند بيعته له: ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه من هذه ووضع يده على لحيته

____________

1- أمالي الطوسي، مجلس 13: 364 ح764; البحار 42: 191; اثبات الهداة 4: 496.

2- أمالي الطوسي، مجلس 10: 267 ح493; البحار 42: 191.

3- الخصال، باب السبعة 2: 382; البحار 42: 191.


الصفحة 468
ورأسه، فلما أدبر ابن ملجم منصرفاً عنه قال (عليه السلام) متمثلا:


اُشدد حيازيمك للموتفإنّ الموت لاقيك
ولا تجزع من الموتإذا حلّ بناديك
كما أضحكك الدهركذاك الدهر يبكيك(1)

8676/35 ـ وعنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتى ابن ملجم أمير المؤمنين (عليه السلام) فبايعه فيمن بايع، ثمّ أدبر عنه، فدعاه أمير المؤمنين (عليه السلام) فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث، ففعل، ثمّ أدبر عنه، فدعاه الثانية فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث، ففعل، ثمّ أدبر عنه، فدعاه أمير المؤمنين الثالثة فتوثّق منه وتوكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث، فقال ابن ملجم لعنه الله: والله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):


اُريد حياته ويريد قتليعذيرك من خليلك من مراد(ي)

امض يا ابن ملجم فوالله ما أرى أن تفي بما قلت(2).

8677/36 ـ الخوارزمي باسناده، أن أبا سنان الدؤلي عاد علياً (عليه السلام) في شكوى اشتكاها، قال: فقلت له: تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكنّي والله ما تخوّفت على نفسي لأنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصادق المصدّق يقول: إنّك ستُضرب ضربةً هاهنا ـ وأشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتّى يخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود(3).

8678/37 ـ قال الزهري: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يستبطئ القاتل فيقول: متى يبعث

____________

1- الارشاد للمفيد، أخباره بشهادته: 13; البحار 42: 192.

2- الارشاد للمفيد، أخباره بشهادته: 13; البحار 42: 192.

3- مناقب الخوارزمي: 381 ح400; كشف الغمة، في شهادته 2: 55; البحار 42: 193.


الصفحة 469
أشقاها، وقال: قدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) وفد من الخوارج من أهل البصرة، فيهم رجل يقال له الجَعد بن نعجة، فقال له: يا علي اتّق الله فإنّك ميّت، فقال له: بل أنا مقتول بضربة على هذا، فتخضب هذه ـ يعني لحيته ورأيه ـ عهد معهود، وقضاء مقضيّ وقد خاب من افترى(1).

8679/38 ـ عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري ـ وكان أبو فضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ قال فضالة: خرجت مع أبي عائداً أمير المؤمنين (عليه السلام) من مرض أصابه بالكوفة وقد أبل منه.

فقال له أبي: ما يقيمك هاهنا بين أعراب جهينة؟ تحمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلّوا عليك.

فقال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد إليّ أن لا أموت حتّى تخضب هذه من هذه ـ أي لحيته من هامته ـ(2).

8680/39 ـ عن محمّد بن عبيدة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني، اللّهمّ إنّي سئمتهم وسئموني، فأرحهم منّي وأرحني منهم، قالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا بالذي يخضب هذه من هذه نبيد عشيرته، فقال (عليه السلام) إذاً والله تقتلون بي غير قاتلي(3).

8681/40 ـ روي عن حنان بن سدير، عن رجل من مزينة، قال: كنت جالساً عند علي (عليه السلام) فأقبل إليه القوم من مراد ومعهم ابن ملجم، فقالوا: يا أمير المؤمنين طرأ علينا، ولا والله ما جاءنا زائراً ولا منتجعاً، وإنّا لنخافه عليك، فاشدد يدك به، فقال له علي (عليه السلام): اجلس فنظر في وجهه طويلا، أرأيتك إن سألتك عن شيء وعندك منه

____________

1- العدد القوية (اليوم 21): 237; البحار 42: 195; مسند أحمد 2: 88.

2- العدد القوية (اليوم 21): 237; البحار 42: 195.

3- العدد القوية (اليوم 21): 238; البحار 42: 196; طبقات ابن سعد 3: 34.


الصفحة 470
علم هل أنت مخبري عنه؟ قال: نعم، وحلّفه عليه، فقال: أكنت تراضع الغلمان وتقوم عليهم، فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا: قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟ قال: اللّهمّ نعم، فقال له: مررت برجل وقد أيفعت، فنظر إليك فأحدّ النظر، فقال لك: يا أشقى من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم، قال: فأخبرتك اُمّك أنّها حملت بك في بعض حيضها؟ فتَعتعَ هنيئة ثمّ قال: نعم قد حدّثتني بذلك، ولو كنت كاتماً شيئاً لكتمتك هذه المنزلة، فقال له علي (عليه السلام): قم، فقام: ثمّ قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي(1).

____________

1- الخرائج والجرائح 1: 181; البحار 42: 197.


الصفحة 471

الباب التاسع:

في عدم جواز البراءة منه (عليه السلام)

8682/1 ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن يوسف بن كليب، عن يحيى بن سليمان، عن أبي مريم الأنصاري، عن محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: خطب علي (عليه السلام) على منبر الكوفة فقال: سيعرض عليكم سبّي وستذبحون عليه، فإن عرض عليكم سبّي فسبّوني، وإن عرض عليكم البراءة منّي فإنّي على دين محمّد (صلى الله عليه وآله) ولم يقل فلا تبرؤا منّي(1).

8683/2 ـ عن محمّد بن المفضّل، عن الحسن بن صالح، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: قال علي (عليه السلام): لتذبحنّ على سبّي وأشار بيده إلى حلقه، ثمّ قال: فإن أمروكم بسبّي فسبّوني وإن أمروكم أن تبرؤا منّي فإنّي على دين محمّد (صلى الله عليه وآله) ولم ينههم عن إظهار البراءة(2).

____________

1- مستدرك الوسائل 12: 271 ح14074; قرب الاسناد: 12 ح38; البحار 75: 420; شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 355.

2- مستدرك الوسائل 12: 271 ح14075; البحار 75: 420; شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 355.


الصفحة 472
8684/3 ـ الحسن بن محمّد الطوسي، عن أبيه، عن محمّد بن محمّد، عن محمّد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن يحيى بن زكريّا بن شيبان، عن أبي بكر بن مسلم، عن محمّد بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ستدعون إلى سبّي فسبّوني، وتدعون إلى البراءة منّي فمدّوا الرقاب فإنّي على الفطرة(1).

8685/4 ـ الطوسي، عن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفّار، عن إسماعيل بن عليّ الدعبلي، عن عليّ بن عليّ أخي دعبل بن عليّ الخزاعي، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: ألا إنّكم ستعرضون على سبّي، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني، ألا وإنّكم ستعرضون على البراءة منّي فلا تفعلوا فإنّي على الفطرة(2).

8686/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي، فأمّا السبّ فسبّوني، فإنّه لي زكاة، ولكم نجاة، وأمّا البراءة فلا تبرّؤا (تتبرّوا) منّي، فإنّي ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الايمان والهجرة(3).

8687/6 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمّد بن أحمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان ابن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، قال: قال علي (رضي الله عنه): إنّكم ستعرضون على سبّي

____________

1- وسائل الشيعة 11: 477; اثبات الهداة 4: 493; أمالي الطوسي، المجلس 8: 210 ح362.

2- وسائل الشيعة 11: 478; البحار 39: 316; أمالي الطوسي، المجلس 13: 364 ح765.

3- نهج البلاغة: خطبة 57; وسائل الشيعة 11: 478; البحار 75: 421.


الصفحة 473
فسبّوني، فإن عُرِضت عليكم البراءة منّي فلا تبرؤا منّي فإنّي على الإسلام، فليمدد أحدكم عنقه، ثكلته اُمّه فإنّه لا دنيا له ولا آخرة بعد الإسلام، ثمّ تلا: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ}(1)(2).

8688/7 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي بمرو من أصل كتابه، ثنا أبو محمّد عبيد بن قنفذ البزّار، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، قال: كان حجر بن قيس المدري من المختصّين بخدمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقال له علي يوماً: يا حجر إنّك تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعنّي ولا تبرأ منّي، قال طاووس: فرأيت حجر المدري وقد أقامه أحمد بن إبراهيم خليفة بني اُميّة في الجامع ووكّل به ليلعن علياً أو يقتل، فقال حجر: أما إنّ الأمير أحمد بن إبراهيم أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه لعنه الله، فقال طاووس: فلقد أعمى الله قلوبهم حتّى لم يقف أحد منهم على ما قال(3).

8689/8 ـ محمّد بن محمّد المفيد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إنّكم ستعرضون من بعدي على سبّي فسبّوني، فإن عرض عليكم البرائة منّي فلا تبرؤا منّي فإنّي ولدت على الإسلام، فمن عرض عليه البرائة منّي فليمدد عنقه، فإن تبرّأ منّي فلا دنيا له ولا آخرة(4).


بيـان:

قال الحرّ العاملي (رحمه الله) في المقام: أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود، وما تقدّم في حديث مسعدة من تكذيب رواية النهي عن البراءة رواية عامي، ويحتمل الحمل على إنكار النهي التحريمي خاصة وعلى التقيّة في الرواية،


____________

1- النحل: 106.

2 و 3- مستدرك الحاكم 2: 358.

4- ارشاد المفيد: 169; وسائل الشيعة 11: 481.


الصفحة 474

ولا يخفى على اللبيب ما فيه من الحكمة.

ونذكر نحن هنا رواية مسعدة زيادة في الايضاح:

عن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ الناس يروون أنّ علياً (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: أيّها الناس إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني ثمّ تدعون إلى البراءة منّي، وإنّي على دين محمّد (صلى الله عليه وآله) ولم يقل: وتبرّؤوا منّي، فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وما له إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر، حيث أكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئنّ بالايمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ}(1) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) عندها: يا عمّار إن عادوا فعُد، فقد أنزل الله عذرك في الكتاب وأمرك أن تعود إن عادوا(2).


8690/9 ـ الصدوق، باسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّكم ستعرضون على البراءة منّي فلا تتبرّؤا منّي فإنّي على دين محمّد(3).

____________

1- النحل: 106.

2- قرب الاسناد: 12 ح38; وسائل الشيعة 11: 476; تفسير العياشي 2: 271; تفسير البرهان 2: 385; البحار 39: 316; الكافي 2: 219.

3- عيون أخبار الرضا 2: 64; البحار 75: 395.


الصفحة 475

الباب العاشر:

ماجاء عنه (عليه السلام) من الشعر

8691/1 ـ أبو الفتح الكراجكي، حدثني الشريف أبو عبدالله محمد بن عبيدالله الحسين بن طاهر الحسيني، قال: حدثني أبي، عن أبي الحسن أحمد بن محبوب، قال: سمعت أبا جعفر الطبري يقول: حدثنا هناد بن السري، قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الحمام، فقال لي: ياهناد، قلت: لبيك ياأمير المؤمنين، قال: أنشدني قول الكميت:


ويوم الدوح دوح غدير خمأبا لنا الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوهافلم أر مثلها أمراً شنيعا

قال: فأنشدته، فقال: خذ اليك ياهناد، فقلت: هات ياسيدي فقال (عليه السلام):


ولم أر مثل ذاك اليوم يوماًولم أر مثله حقاً أضيعا(1)

____________

1- كنز الكراجكي: 154، البحار 26:230، مستدرك الوسائل 10:389 ح389.


الصفحة 476
8692/2 ـ الشيخ الطوسي: روى منيف، عن جعفر بن محمد مولاه، عن أبيه، عن جده قال: قال علي (عليه السلام):


صبرت على مرّ الاُمور كراهةوأبقيت في ذلك الصواب من الأمر
إذا كنت لا تدري ولم تك سائلاعن العلم من يدري جهلت ولا تدري(1)

8693/3 ـ الصدوق، حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) ، قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن علي العدوي، قال: حدثنا الهيثم بن عبدالله الرمّاني، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:


خلقت الخلائق في قدرةفمنهم سخي ومنهم بخيل
فأما السخي ففي راحةوأما البخيل فشؤم طويل(2)

8694/4 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص محمد ابن عثمان الصيرفي، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عبدالله العلاف المعروف بالمستغني قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الدينوري، قال: حدثنا عبدالله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني بكر بن حارثة الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبدالله، قال: سمعت علياً (عليه السلام) ينشد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع:

____________

1- أمالي الطوسي المجلس 40:703 ح1508، البحار 1:198.

2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:177، البحار 49:111.