مبحث
شؤون الخلق
الباب الأول:
في خلق الإنسان والحيوان وأحواله
9429/1 ـ قال علي (عليه السلام): إنكم مخلوقون إقتداراً، ومربوبون اقتساراً، ومضمنون أجداثاً، وكائنون رفاقاً، ومبعوثون أفراداً، ومدينون حساباً، فرحم الله عبداً اقترب فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر، وعمّر فاعتبر، وحذّر فازدجر، وأجاب فأناب، وراجع فتاب، واقتدى فاحتذى، فباحث طلباً، ونجا هرباً، وأفاد ذخيرة وأطاب سريرة، وتأهّب للمعاد، واستظهر بالزاد ليوم رحيله ووجه سبيله، وحال حاجته، وموطن فاقته، فقدم أمامه لدار مقامه، فمهدّوا لأنفسكم، فهل ينتظر أهل غضارة الشباب إلاّ حواني الهرم؟ وأهل بضاضة الصحة إلاّ نوازل السقم، وأهل مدّة البقاء إلاّ مفاجأة الفناء، واقتراب الفوت ودنوا الموت(1).
9430/2 ـ الشيخ المفيد: قال [(عليه السلام)]: أعجب ما في الانسان قلبه وله مواد من الحكمة وأضدادها، فان سنح له الرجاء أذله الطمع، وان هاج به الطمع أهلكه
____________
1- تحف العقول: 146، البحار 78:48.
9431/3 ـ قال علي (عليه السلام): إن للقلوب شهوة واقبالا وإدباراً، فأتوها من قبل شهوتها واقبالا، فإن القلب إذا أكره عمي(2).
9432/4 ـ قال علي (عليه السلام): إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طوائف الحكمة(3).
9433/5 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا بعض أصحابنا، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن مسلم وإبراهيم; عن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي بصير، عن جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، فلما ركّب الأرواح في أبدانها كتب بين أعينهم مؤمن أو كافر، وما هم به مبتلون وما هم عليه من سيّىء أعمالهم وحسنه في قدر إذن الفارة، ثم أنزل بذلك قرآناً على نبيّه فقال: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِلْمُتَوَسِّمِيْنَ }(4)وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو المتوسم وأنا بعده والأئمة من ذريتي هم المتوسمون(5).
____________
1- الارشاد في حكمه ومواعظه (عليه السلام): 159، البحار 70:52، علل الشرائع: 159، نهج البلاغة قصار الحكم: 108.
2- نهج البلاغة قصار الحكم: 193، البحار 70:61.
3- نهج البلاغة قصار الحكم: 197، البحار 70:61.
4- الحجر: 75.
5- بصائر الدرجات باب إن الأئمة هم المتوسمون: 376، البحار 61:132، الاختصاص: 302، تفسير فرات: 228 ح307.
تبيين:
يحتمل أن تكون الغاشية كناية عمايعرض القلب من الخيالات الفاسدة والتعلقات الباطلة; لأنهاشاغلة للنفس عن إدراك العلوم والمعارف كما ينبغي، وعن حفظها، والمرادبالنفس هناأماالروح البخارية الحيوانيةوبالروح النفس الناطقة، والمراد بقوله: سلطانهاالسلطان المنسوب من قبلها على البدن وأنها مسلطة على الروح، من جهة أن تعلقها بالبدن مشروط بها تابعة لها، فاذا زالت الحيوانية انقطع تعلق الناطقة أو خرجت عن البدن، ويحتمل العكس، والمراد بخروج الروح خروجها من الأعضاء الظاهرة وميلها إلى الباطن، وتسلط الناطقة على الحيوانية ظاهر لكونها المدبرة للبدن وجميع أجزائه، والتفريع في قوله (عليه السلام): (فيمر به) على الوجهين ظاهر، فانه لبقاء السلطان في البدن لم تذهب الحياة بالكلية، وبقيت الحواس الباطنة مدركة، فإلهام الملائكة ووساوس الشياطين أيضاً باقية.
|
____________
1- مناقب ابن شهر آشوب باب قضاياه في عهد الأول 2:357، البحار 40:222.
9436/8 ـ الصدوق، حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن عيسى بن عبدالله العلوي، عن أبيه عبدالله بن محمد بن عمر بن علي أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربما كانت حقاً، وربما كانت باطلا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياعلي ما من عبد ينام إلاّ عرج بروحه إلى رب العالمين، فما
____________
1- الجعفريات: 246، دار السلام 4:234.
9437/9 ـ علي بن إبراهيم القمي، حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو ابن مقدام، عن ثابت الحذاء، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق خلقاً بيده، وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة، وكان من شأنه خلق آدم، كشط عن أطباق السماوات قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس، فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق، عظم ذلك عليهم وغضبوا وتأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم، قالوا ربنا إنك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن، وهذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك، وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام، لا تأسف عليهم ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى، وقد عظم ذلك علينا واكبرناه فيك، قال: فلما سمع من الملائكة، قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً}(2) يكون حجة لي في الأرض على خلقي، فقالت الملائكة سبحانك {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}(3) كما أفسد بنو الجان ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجان ويتحاسدون ويتباغضون، فاجعل ذلك الخليفة منا فانا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء، ونسبح بحمدك ونقدس لك.
قال عزّوجلّ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(4) إني اُريد أن أخلق خلقاً بيدي وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين
____________
1- أمالي الصدوق المجلس 29:125، دار السلام 4:232، البحار 61:158.
2 و 2 و 3 ـ البقرة: 30.
____________
1- البقرة: 32.
2- الحجر: 28-30.
9438/10 ـ قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف(2).
9439/11 ـ محمد بن الحسين الرضي: روى ذعلب اليمامي، عن أحمد بن قتيبة، عن عبدالله بن يزيد، عن مالك بن دحية، قال: كنا عند أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقد ذُكر عنده اختلاف الناس فقال: إنما فرق بينهم مبادي طينتهم، وذلك أنهم كانوا فلقة من
____________
1- تفسير القمي 1:36، تفسير البرهان 1:76، البحار 11:103، علل الشرائع باب 96:104.
2- البحار 2:265.
9440/12 ـ عن علي (رضي الله عنه): ما من القلوب قلب إلاّ وله سحابة كسحابة القمر، بينما القمر يضيئ إذ علته سحابة، فأظلم إذ تجلت(2).
9441/13 ـ أخرج ابن جرير، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: إن لله ملائكة يتولون في كل يوم بشيء، يكتبون فيه أعمال بني آدم(3).
9442/14 ـ قال علي (عليه السلام): ليس من أحد إلاّ وفيه حمقة فيها يعيش(4).
9443/15 ـ قال علي (عليه السلام): ما أعجب هذا الانسان مسرور بدرك ما لم يكن ليفوته، محزون على فوت ما لم يكن ليدركه، ولو أنه فكّر لأبصر، وعلم أنّه مدّبر، وان الرزق عليه مقدّر، ولاقتصر على ما تيسّر، ولم يتعرف لما تعسّر(5).
____________
1- نهج البلاغة خطبة: 234، البحار 5:254.
2- الجامع الصغير للسيوطي 2:506 ح7983.
3- تفسير السيوطي 6:36.
4- ربيع الأبرار 2:61.
5- تحف العقول: 150، البحار 78:54.
الباب الثاني:
في طينة النبي (عليه السلام) ونوره
9444/1 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثني علي بن حسان، عن علي بن عطية الزيات يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن لله نهراً دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور من نوره، وان على حافتي النهر روحين مخلوقين، روح من أمره. وروح القدس، وإن لله عشر طينات: خمسة من نفح الجنة، وخمسة من الأرض، وفسّر الجنان وفسّر الأرض، ثم قال: ما من نبي ولا من ملك من بعد جبله إلاّ نفخ فيه من الروحين، وجعل النبي (صلى الله عليه وآله) من إحدى الطينتين(1).
9445/2 ـ ذكر صاحب كتاب (الواحدة) قال: روي عن أبي محمد الحسن بن عبدالله الاطروش الكوفي، قال: حدثنا أبو عبدالله جعفر بن محمد البجلي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
____________
1- بصائر الدرجات باب خلق أبدان الأئمة: 39، البحار 25:49، الكافي 1:389.
____________
1- تأويل الآيات الظاهرة: 121، البحار 15:9.
الباب الثالث:
في النساء
9446/1 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: في كتاب علي (عليه السلام) الذي أملى رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان الشؤم في شيء ففي النساء(1).
9447/2 ـ الشيخ الطوسي، حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبدالله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا موسى بن عبدالله بن موسى الحسني، عن جده موسى بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن الحسن، وعميه إبراهيم والحسن ابني الحسن، عن اُمهم فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن جدها علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: النساء عيّ وعورات فاستروا عيهنّ بالسكوت، وعوراتهن بالبيوت(2).
____________
1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة صارت اليهم كتب رسول الله: 185، البحار 103:227.
2- أمالي الطوسي المجلس 24:584 ح1209، البحار 103:251.
الباب الرابع:
في الحوادث الكونية
9448/1 ـ الصدوق، باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن المدّ والجزر ما هما؟ فقال (عليه السلام): ملك من ملائكة الله عزّوجلّ موكل بالبحار يقال له: رومان، فاذا وضع قدمه في البحر فاض، وإذا أخرجهما غاض(1).
9449/2 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة، إذ رُمِيَ نجم فاستضاء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للقوم: ما كنتم تقولون في وقت الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا: كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، فقال (صلى الله عليه وآله): فانه لا يُرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمراً سبح حملة العرش فقالوا: قضى ربنا بكذا، فيسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك حتى يبلغ ذلك أهل سماء الدنيا، فتسترق الشياطين السمع، فربما اعتلقوا شيئاً فأتوا به الكهنة، فيزيدون
____________
1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:242، مناقب ابن شهر آشوب باب قضاياه (عليه السلام) في خلافته 2:383، البحار 60:29، علل الشرائع: 554.
9450/3 ـ عن علي (رضي الله عنه) أنه قال: لما زلزلت الأرض: ما أسرع ما أخزيتم(4).
9451/4 ـ أخرج ابن جرير، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: لم تزل قطرة من ماء إلاّ بمكيال على يدي ملك إلاّ يوم نوح، فانه أذن للماء دون الخزان، فطفى الماء على الخزان فخرج، فذلك قوله: (إنا لما طغى الماء)، ولم ينزل شيء من الريح إلاّ بكيل على يدي ملك إلاّ يوم عاد، فانه اُذن لها دون الخزان فخرجت، فذلك قوله: {بِرِيح صَرْصَر عَاتِيَة}(5) عتت على الخزان(6).
____________
1- الحجر: 18.
2- الجنّ: 9.
3- دعائم الاسلام2: 142، البحار63: 280.
4- ربيع الأبرار 1:211.
5- الحاقّة: 6.
6- تفسير السيوطي 6:259.
الباب الخامس:
في خلق السماوات والأرض
9452/1 ـ الصدوق، حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصري بايلاق، قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين بن علي (عليه السلام). قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع، إذ قام اليه رجل من أهل الشام فقال: ياأمير المؤمنين اني أسألك عن أشياء، فقال (عليه السلام): سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً، فأحدق الناس بأبصارهم.
فقال: أخبرني عن أول ما خلق الله تعالى؟ فقال (عليه السلام): خلق النور، قال: فمم خلقت السماوات؟ قال (عليه السلام): من بخار الماء، قال: فمم خلقت الأرض؟ قال (عليه السلام): من زبد الماء، قال: فمم خلقت الجبال؟ قال (عليه السلام): من الأمواج، قال: فلِمَ سميت مكة اُم
وسأله عن الثور ما باله غاض طرفه لا يرفع رأسه إلى السماء؟ قال (عليه السلام): حياء من الله عزّوجلّ، لما عبد قوم موسى العجل نكس رأسه، وسأله عن جمع بين الاُختين؟ فقال (عليه السلام): يعقوب بن اسحاق (عليه السلام) جمع بين حبار وراحيل فحرّم (وحرم الله) بعد ذلك، ففيه أنزل {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الاُْخْتَيْنِ}(1)؟ وسأله عن المدّ والجزر ما هما؟ فقال: ملك من ملائكة الله موكل بالبحار يقال له رومان، فاذا وضع قدميه في البحر فاض، فاذا أخرجهما غاض؟ وسأله عن اسم أبي الجن؟ فقال: شومان وهو الذي خلق من مارج من نار، وسأله هل بعث الله عزّ وجلّ نبياً إلى الجن؟ فقال (عليه السلام): نعم بعث اليهم نبياً يقال له يوسف، فدعاهم إلى الله عزّ وجلّ فقتلوه، وسأله عن اسم إبليس ما كان في السماء؟ قال: كان اسمه في السماء الحارث، وسأله لِمَ سمي آدم آدم؟ قال (عليه السلام): لأنه خلق من أديم الأرض، وسأله لِمَ صار الميراث للذكر مثل حظ الاُنثيين؟ فقال (عليه السلام): من قبل السنبلة كان عليها ثلاث حبات فبادرت اليها حواء
____________
1- النساء: 23.
وسأله كم كان عمر آدم (عليه السلام)؟ فقال: تسعمائة وثلاثون سنة. وسأله عن أول من قال الشعر؟ فقال: آدم (عليه السلام) قال: وما كان شعره؟ قال (عليه السلام): لما أُنزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل أخاه قال آدم (عليه السلام):
تغيرت البلاد ومن عليها | فوجه الأرض مغبر قبيح |
تغير كل ذي طعم ولون | وقل بشاشة الوجه المليح |
أرى طول الحياة عليّ غماً | وهل أنا من حياتي مستريح |
وما لي لا أجود بسكب دمع | وهابيل تضمنه الضريح |
قتل قابيل هابيل أخاه | فواحزني لقد فقد المليح |
فأجابه إبليس (لعنه الله):
تنح عن البلاد وساكنيها | ففي الفردوس ضاق بك الفسيح |
وكنت بها وزوجك في قرار | وقلبك من أذى الدنيا مريح |
فلم تنفك من كيدي ومكري | إلى أن فاتك الثمن الربيح |
وبدل أهلها أثلا وخمطاً | بجنات وأبواب منيح |
فلولا رحمة الجبار أضحى | بكفك من جنان الخلد ريح |
وسأله عن بكاء آدم على الجنة وكم كان دموعه التي جرت من عينه؟ فقال (عليه السلام): بكى مائة سنة وخرج من عينه اليمنى مثل الدجلة والعين الاُخرى مثل
ونزل آدم ومعه تسع آيات من كتاب الله عزّ وجلّ مما كان آدم يقرأها في الجنة وهي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان الذي أسرى وهي {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ}(1) وثلاث آيات من يس وهي {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً}(2) وسأله عن أول من كفر وأنشأ الكفر؟ فقال (عليه السلام): إبليس (لعنه الله)، وسأله عن اسم نوح ما كان؟ فقال: كان اسمه السكن، وانما سمي نوحاً لأنه ناح على قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، وسأله عن سفينة نوح ما كان عرضها وطولها؟ فقال: كان طولها ثمان مائة ذراع وعرضها خمسمائة ذراع وارتفاعها في السماء ثمانون ذراعاً، ثم جلس الرجل.
فقام اليه آخر، فقال: ياأمير المؤمنين أخبرنا عن أول شجرة غرست في الأرض؟ فقال (عليه السلام): العوسجة ومنها عصى موسى (عليه السلام)، وسأله عن أول شجرة نبتت في الأرض؟ فقال: هي الدبا وهو القرع وسأله عن أول من حج من أهل السماء؟ فقال (عليه السلام): جبرئيل (عليه السلام)، وسأله عن أول بقعة بسطت من الأرض أيام الطوفان؟ فقال له: موضع الكعبة، وكانت زبرجدة خضراء، وسأله عن أكرم واد على وجه الأرض؟ فقال: واد يقال له: سرانديب سقط آدم (عليه السلام) فيه من السماء، وسأله عن شر
____________
1- الإسراء: 45.
2- يس: 9.
وسأله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعة من نهار ولا تطلع عليه أبداً؟ قال: ذلك البحر حين فلقه الله تعالى لموسى (عليه السلام)، فأصابت أرضه الشمس وأطبق عليه الماء فلم تصيبه بعد ذلك أبداً. وسأله عن شيء شرب وهو حي وأكل وهو ميت؟ فقال: تلك عصى موسى (عليه السلام) شربت وهي في شجرتها غضة وأكلت لما لقفت حبال السحرة وعصيهم، وسأله عن نذير أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: هي النملة وسأله عن أول من أمر بالختان؟ فقال: إبراهيم (عليه السلام). وسأله عن أول من خفض من النساء؟ فقال: هاجر اُم اسماعيل خفضتها سارة لتخرج عن يمينها، وسأله عن أول امرءة جرت ذيلها، فقال: هاجر لما هربت من سارة، وسأله عن أول من جر ذيله من الرجال، قال: قارون، وسأله عن أول من لبس الثقلين؟ فقال: إبراهيم (عليه السلام). وسأله عن أكرم الناس نسباً؟ فقال: صديق الله يوسف بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح بن إبراهيم خليل الله (عليه السلام)، وسأله عن ستة من الأنبياء لهم إسمان؟ فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل، ويعقوب وهو إسرائيل الله، والخضر وهو حلقيا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح، ومحمد وهو
وقام رجل آخر سأله (فسأله) وتعنيه، فقال: ياأمير المؤمنين أخبرني عن قول الله عزّوجلّ: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}(1) من هم؟ فقال (عليه السلام): قابيل يفر من هابيل، والذي يفر من اُمه موسى، والذي يفر من أبيه إبراهيم يعني الأب المربي لا الوالد، والذي يفر من صاحبته لوط، والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان. وسأله عن أول من مات فجأة؟ فقال (عليه السلام): داود مات على منبره يوم الأربعاء، وسأله عن أربعة لا يشبعن من أربعة؟ فقال: أرض من مطر، وأثنى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم. وسأله عن أول من وضع سكك الدنانير والدراهم؟ فقال: نمرود بن كنعان بعد نوح (عليه السلام). وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط، فقال (عليه السلام): إبليس، لأنه أمكن من نفسه. وسأله عن معنى هدير الحمام الراعبية؟ فقال: تدعوا على أهل المعازف والقيان والمزامير والعيدان، وسأله عن كنية البراق، فقال (عليه السلام): يكنى أبا هلال (هزال). وسأله لِمَ سمي تبع الملك تبعاً؟ فقال (عليه السلام): لأنه كان غلاماً كاتباً يكتب للملك الذي كان قبله، وكان إذا كتب كتب بسم الله الذي خلق صبحاً وريحاً، فقال الملك: اكتب وابدأ باسم ملك الرعد، فقال: لا أبدأ إلاّ باسم إلهي، ثم أعطف على حاجتك، فشكر الله عزّ وجلّ، فأعطاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك، فسمي تبعاً. وسأله ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء والعورة، فقال (عليه السلام): لأن الماعز عصت نوحاً (عليه السلام) لما أدخلها السفينة، فدفعها فانكسر ذنبها، والنعجة مستورة الحياء والعورة، لأن النعجة بادرت
____________
1- عبس: 34.
9453/2 ـ العياشي: عن جابر بن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله جل ذكره وتقدست أسماؤه خلق الأرض قبل السماء، ثم استوى على العرش لتدبير الاُمور(2).
9454/3 ـ أخرج ابن جرير، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: أي رب تجعل عليّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا، ويجعلون عليّ الخبث، فأرسل الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فكان إقرارها كاللحم ترجرج(3).
9455/4 ـ أخرج أبو بكر الواسطي في كتاب (فضائل بيت المقدس) عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كانت الأرض ماء فبعث الله تعالى ريحاً فمسحت الماء مسحاً، فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع: خلق من قطعة مكة، والثانيه المدينة،
____________
1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:240، علل الشرائع: 593، البحار 10:75، الأنوار النعمانية نبذة منه 1:151.
2- تفسير العياشي 2:120، تفسير البرهان 2:177، البحار 57:89.
3- تفسير السيوطي 4:43.
9456/5 ـ عن أبي الطفيل عن علي [(عليه السلام)]: لعن الله سهيلا فانه كان يعشر الناس في الأرض فمسخه الله شهاباً(2).
____________
1- تفسير السيوطي 4:158.
2- كنز العمال 6:83 ح14944.