شعراء الغدير
في القرن العاشر
- 77 -
الشيخ الكفعمي
المتوفى 905
* (ما يتبع الشعر) *
اقتطفنا هذه الأبيات من قصيدة (الكفعمي) المذكورة في كتابه (المصباح) المطبوع السائر الدائر ص 701 تناهز 190 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام ويصف يوم الغدير ويذكر أسمائه، نظمها في الحاير المقدس كربلاء المشرفة، وكان يوم ذلك شيخا قد بلغ من الكبر عتيا، وأشار إلى ذلك كله فيها بقوله:
وله أرجوزة تنوف على 120 بيتا يذكر فيها ما يستحب صومه من الأيام، توجد في مصباحه أولها:
ومنها:
ومنها:
____________
(1) القتير: الشيب.
* (الشاعر) *
الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الشيخ زين الدين علي بن الشيخ بدر الدين حسن بن الشيخ محمد بن الشيخ صالح بن الشيخ إسماعيل الحارثي الهمداني الخارفي العاملي الكفعمي اللويزي الجبعي.
أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والأدب، الناشرين لألوية الحديث والمستخرجين كنوز الفوايد والنوادر، وقد استفاد الناس بمؤلفاته الجمة، وأحاديثه المخرجة، وفضله الكثير، كل ذلك مشفوع منه بورع موصوف، وتقوى في ذات الله، إلى ملكات فاضلة، ونفسيات كريمة، حلى جيد زمنه بقلائدها الذهبية، وزين معصمه بأسورتها، وجلل هيكله بأبرادها القشيبة، وقبل ذلك كله نسبه الزاهي بأنوار الولاية المنتهي (1) إلى التابعي العظيم: الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، ذلك العلوي المذهب، العلي شأنه، الجلي برهانه، الذي هو من فقهاء الشيعة، سيوافيك ذكره في ترجمة أحد أحفاد أخي المترجم له الشيخ حسين والد شيخنا البهائي قدس أسرارهم.
وقد توافقت المعاجم على سرد ألفاظ الثناء البالغ على المترجم له (الكفعمي) تجد ترجمته في أمل الآمل. رياض العلماء. نفح الطيب 4: 395 وأكثر من ذكر بدايعه وطرفه وخطبه وأشعاره. رياض الجنة في الروضة الرابعة. روضات الجنات ص 6.
تكملة أمل الآمل لسيدنا أبي محمد الحسن الصدر الكاظمي أعيان الشيعة ج 5: 336 - 358 الكنى والألقاب 3: 95. سفينة البحار 1: 77 الفوائد الرضوية 1: 7. المشيخة لشيخنا الرازي ص 42.
* (تآليفه القيمة) *
1 - المصباح المؤلف 895 2 - البلد الأمين. 3 - شرح الصحيفة. 4 - المقصد
____________
(1) نص صاحب (الرياض) بانتهاء نسب المترجم له إلى الحارث الهمداني في ترجمة والده الشيخ زين الدين على. وفي (تكملة الأمل) لسيدنا الحجة صدر الدين: إنه ذكر في آخر كتاب (الدروس) الذي عندي بخطه: إنه الكفعمي مولدا، اللوذي محتدا، الجبعي أبا، الحارثي نسبا، التقي لقبا.
يروي شيخنا الكفعمي عن والده المقدس الشيخ زين الدين علي.
والسيد حسين بن مساعد الحسيني الحايري صاحب (تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار).
والسيد علي بن عبد الحسين الموسوي صاحب (رفع الملامة عن علي عليه السلام في ترك الإمامة).
والشيخ علي بن يونس زين الدين النباطي البياضي صاحب (الصراط المستقيم).
ووالد المترجم له الشيخ زين الدين علي جد جد شيخنا البهائي، أحد أعلام الطائفة وفقهائها البارعين، يروي عنه ولده المترجم له، ويعبر عنه بالفقيه الأعظم الورع، وأثنى عليه الشيخ علي بن محمد بن علي بن محلى شيخ أخي المترجم له شمس الدين محمد في إجازته: بالشيخ العلامة، زين الدنيا والدين، وشرف الاسلام
____________
(1) في تكملة السيد الصدر: نهاية الأدب.
(2) تلخيص من مجمع البيان للطبرسي.
(3) في التكملة: النخبة.
وخلف الشيخ زين الدين علي خمس بنين وهم: 1 - تقي الدين إبراهيم شيخنا الكفعمي المترجم له.
2 - رضي الدين 3 - شرف الدين.
4 - جمال الدين أحمد صاحب [زبدة البيان] في عمل شهر رمضان ينقل عنه أخوه شاعرنا في تآليفه.
5 - شمس الدين محمد جد والد شيخنا البهائي، كان في الرعيل الأول من أعلام الأمة يعبر عنه شيخنا الشهيد الثاني بالشيخ الإمام. في إجازته لحفيده الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي (2) ويصفه المحقق الكركي بقدوة الأجلاء في العالمين. في إجازته لحفيده الشيخ علي بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد المذكورة في (رياض العلماء). وذكره بالإمامة السيد حيدر البيروي في إجازته للسيد حسين الكركي. وأثنى عليه العلامة المجلسي في إجازاته بقوله: صاحب الكرامات.
قرأ شمس الدين كثيرا على الشيخ عز الدين الحسن بن أحمد بن يوسف بن العشرة العاملي المتوفى بكرك نوح سنة 862، وله إجازة من الشيخ علي بن محمد بن علي بن المحلى المتوفى سنة 855، تذكر في إجازات البحار ص 44، ولد رحمه الله سنة 822 وتوفي سنة 886.
توفي شيخنا الكفعمي شاعرنا العظيم في كربلاء المشرفة سنة 905 كما في كشف الظنون (3) وكان يوصي أهله بدفنه في الحائر المقدس بأرض تسمى (عقيرا) ومن ذلك قوله:
____________
(1) راجع إجازات البحار ص 45.
(2) راجع إجازات البحار ص 85.
(3) راجع ج 2: 617 وفي طبع ص 1982.
(4) لعل العقر اسم لبعض نواحي كربلاء المشرفة كالغاضرية وشاطي الفرات ولذا لما سئل سيدنا الحسين السبط سلام الله عليه عن اسم المحل كان من جواب القوم له إنه يسمى (العقر) فقال عليه السلام: أعوذ بالله من العقر أو إن التسمية مأخوذة مما جاء في اللغة من إن (العقير): الشريف القتيل.
لفت نظر:
ذكر السيد الأمين صاحب (الأعيان) في ص 336 ج 5: إن المترجم له ولد سنة 840 مستفيدا من أرجوزة له في علم البديع وهذا التاريخ بعيد عن الصواب جدا، وذهول عما ذكره السيد نفسه من أمور تفنده وتضاده، قال في ص 340:
وجد بخطه كتاب (دروس) الشهيد فرغ من كتابته سنة 850 وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله.
وعد من تآليفه ص 343 [حياة الأرواح] فقال: فرغ من تأليفه سنة 843.
وذكر له مجموعة كبيرة فقال: قال صاحب الرياض: رأيته بخطه في بلدة إيروان من بلاد آذربيجان، وكان تاريخ إتمام كتابة بعضها سنة 848، وبعضها سنة 849، وبعضها 852.
وقال في ص 336: تاريخ وفاته مجهول، وفي بعض المواضع: إنه توفي سنة 900 ولم يذكر مأخذه، فهو إلى الحدس أقرب منه إلى الحس لكنه كان حيا سنة 895 فإنه فرغ من تأليف (المصباح) في ذلك التاريخ، وليس في تواريخ مؤلفاته ما هو أزيد من هذا. فعلى ما استفاده سيد الأعيان من تاريخ ولادته 840 يكون عند تأليفه (المصباح) ابن خمس وخمسين سنة، وله في رائيته في (المصباح) قوله:
فمجموع ما ذكرناه يعطينا خبرا بأن شاعرنا المترجم له ولد في أوليات القرن التاسع، وإنه كان في سنة 843 مؤلفا صاحب رأي ونظر، يثني على تآليفه الأساتذة الفطاحل، وكان حينما ألف (المصباح) سنة 894 شيخا هرما كبيرا.
- 78 -
عز الدين العاملي
المولود 918
المتوفى 984
(القصيدة 45 بيتا)
* (ما يتبع الشعر) *
هذه الأبيات مستهل قصيدة للشيخ الحسين بن عبد الصمد العاملي والد شيخنا (البهائي) وشرحها بعد مدة من نظمها بشرح كبير، وأثبت كلما ذكر فيها من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بطريق الجمهور وقال فيه: قولي (ومولى الأنام بنص الغدير) إشارة إلى خبر غدير خم.
وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلى الله عليه وآله نحو من مائة نفس، وذكر محمد بن جرير الطبري المؤرخ لحديث الغدير خمسا وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه كتاب الولاية وذكر الحافظ أبو العباس أحمد بن عقدة له خمسا ومائة طريقا، وأفرد له كتابا، فهذا قد تجاوز حد التواتر، ومن العجب تأويل هذا الحديث وهو نص في الإمامة ووجوب الطاعة، ويشهد العقل السليم بفساد ذلك التأويل كما يأباه الحال والمقام، وقوله صلى الله عليه وآله:
ألست أولى منكم بأنفسكم. بعد نزول قوله تعالى: يا أيها الرسول. وأمثال ذلك فغفل أصحاب التأويل من معنى قول أبي الطيب:
* (الشاعر) *
عز الدين الشيخ حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد بن زين الدين علي بن بدر الدين حسن بن صالح بن إسماعيل الحارثي الهمداني العاملي الجبعي.
هو من بيت عرق فيه المجد والشرف بولاء العترة الطاهرة منذ العهد العلوي، فمن هنا بشر أمير المؤمنين عليه السلام جده الأعلى الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الخارفي (1) عند وفاته بنتيجة عقيدته الصحيحة به، وولائه الخالص له، والمترجم له صرح بانتسابه إلى هذا لموالي العلوي (الهمداني) في كتاب كتبه إلى السلطان شاه طهماسب في سنة 968 رأيته بخطه، وذكره في إجازته لتلميذه الشيخ رشيد الدين ابن الشيخ إبراهيم الاصبهاني تاريخها تاسع عشر جمادى الأولى سنة 971، وفي إجازته لملك علي كما في مستدرك الإجازات (2) لشخينا الحجة ميرزا محمد الرازي نزيل سامراء المشرفة.
____________
(1) الخارفي بكسر الراء نسبة إلى (خارف) بطن من همدان نزل الكوفة. ويقال: الحوتي بضم الحاء نسبة إلى (الحوت) بطن من همدان أيضا.
(2) أحد أجزاء (مستدرك البحار) لشيخنا الأجل الرازي: كتاب كريم قيم ضخم فخم استدرك به
=>
وصرح بها لفيف من أساطين الطائفة ومشايخ الأمة ممن عاصر المترجم له أو من قارب عصره، وإليك أسماء جمع منهم غير المعاجم التي ذكرت فيها ترجمة المترجم له أو ولده البهائي.
1 - شيخنا الشهيد الثاني في إجازته للمترجم له سنة 941.
2 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) في استجازته من المترجم له سنة 983 كما في المستدرك.
3 - الشيخ أبو محمد ابن عناية الله الشهير ببا يزيد البسطامي الثاني في إجازته للسيد حسين الكركي سنة 1004.
4 - السيد ماجد بن هاشم البحراني في إجازته للسيد أمير فضل الله دست غيب سنة 1023.
5 - المولى حسن علي بن المولى عبد الله التستري في إجازته للمولى محمد تقي المجلسي سنة 1534.
6 - الأمير شرف الدين علي الشولستاني النجفي في إجازته للمولى محمد تقي المجلسي سنة 1036.
7 - السيد نور الدين العاملي أخ السيد محمد صاحب (المدارك) في إجازته سنة 1051 للمولى محمد محسن بن محمد مؤمن.
____________
<=
ما فات مولانا العلامة المجلسي قدس سره، أتى في عدة مجلدات، تربو صحائف مستدرك إجازاته فحسب
على ألفي صحيفة، وقس عليها غيرها من أجزاء البحار، ومن سرح النظر في هذا السفر الحافل يجد
العلم طافحا من جوانبه، وتترائى له الفضيلة المتدفقة في طياته، ويشاهد همة قعساء يقصر دونها
البيان، وتفشل عن إدراكها الهمم، ولا تبلغ مداها جمل الاطراء والثناء أبقى له ذكرا خالدا مع
الأبد يذكر ويشكر، قدس الله روحه وطيب رمسه:
9 - المولى محمد تقي المجلسي في طرق روايته [الصحيفة السجادية] في مواضع ثلاثة توجد في إجازات البحار ص 145، 146، 149، وفي إجازته للميرزا إبراهيم ابن المولى كاشف الدين محمد اليزدي سنة 1063، وفي إجازته للمولى محمد صادق الكرباسي الاصفهاني الهمداني سنة 1068، وفي إجازته لبعض تلاميذه، وفي إجازته لولده العلامة المجلسي.
10 - آقا حسين بن اقا جمال الخونساري في إجازته للأمير ذي الفقار سنة 1064.
11 - المحقق السبزواري المولى محمد باقر في إجازته للمولى محمد الكيلاني سنة 1081 وفي إجازته للمولى محمد شفيع سنة 85 1.
12 - الشيخ قاسم بن محمد الكاظمي في إجازته للشيخ نور الدين محمد بن شاه مرتضى الكاشاني سنة 1095 كما في مستدرك الإجازات.
13 - العلامة المجلسي في موضعين من فائدة أوردها في إجازات البحار ص 134 وفي غير واحد من إجازاته لتلامذته.
14 - الشيخ حسام الدين بن جمال الدين الطريحي في إجازته للشيخ محمد جواد الكاظمي سنة نيف وتسعين وألف.
15 - السيد الأمير حيدر بن السيد علاء الدين الحسيني البيروني في موضعين من إجازته للسيد حسين المجتهد ابن السيد حيدر الكركي.
16 - بعض تلمذة البهائي في بيان روايته عنه، قال العلامة المجلسي: لعله السيد حسين بن حيدر الكركي.
17 - الشيخ محمد حسين الميسي العاملي في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف العاملي سنة 1100.
18 - الشيخ عبد الواحد بن محمد البوراني في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف الفتوني العاملي سنة 1103.
19 - الأمير محمد صالح بن عبد الواسع في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف
20 - الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف الفتوني سنة 1111 وفي غير واحد من إجازاته.
وأشار إلى هذا النسب الذهبي الشيخ جعفر الخطي البحراني (1) المتوفى سنة 1028 في قصيدته التي جارا بها رائية شيخنا البهائي ومدحه فيها، وكتب الشيخ تقريضا عليها، يقول فيها:
أشار إلى ما كان عليه قبيلة همدان يوم صفين وكان فيهم البطل المجاهد جد المترجم له (الحارث) فأثنى عليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا معشر همدان! أنتم درعي و رمحي ما نصرتم إلا الله وما أجبتم غيره.
____________
(1) توجد ترجمته في (سلافة العصر) و (أنوار البدرين).
ومؤسس شرف هذا البيت الرفيع (الحارث الهمداني) كان صاحب أمير المؤمنين عليه السلام والمتفاني في ولائه، والفقيه الأكبر في شيعته، وأحد أعلام العالم، أثنى عليه جمع من رجال العامة (2) ذكره السمعاني في (الخارفي) من (الأنساب) وقال: كان غاليا في التشيع. وعده ابن قتيبة في المعارف ص 306 من الشيعة في عداد صعصعة بن صوحان وأصبغ بن نباتة وأمثالهما، وترجم له الذهبي في (ميزان الاعتدال) ج 1 ص 202 وقال:
من كبار علماء التابعين. ونقل هو ابن حجر في تهذيب التهذيب ص 145 عن أبي بكر ابن أبي داود أنه قال: كان الحارث أفقه الناس، وأحسب الناس، وأفرض الناس، تعلم الفرائض من علي عليه السلام. وفي (خلاصة تهذيب الكمال) ص 58: إنه أحد كبار الشيعة.
وروى الكشي في رجاله ص 59 بإسناده عن أبي عمير البزاز عن الشعبي قال:
سمعت الحرث الأعور وهو يقول: أتيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ذات ليلة فقال: يا أعور!
ما جاء بك؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين! جاء بي والله حبك. قال: فقال: أما إني سأحدثك لتشكرها، أما إنه لا يموت عبد يحبني فيخرج نفسه حتى يراني حيث يحب، ولا يموت عبد يبغضني فخرج نفسه حتى يراني حيث يكره. قال: ثم قال لي الشعبي بعد: أما إن حبه لا ينفعك وبغضه لا يضرك (3).
وحدث الشيخ أبو علي ابن شيخ الطايفة أبو جعفر الطوسي في أماليه ص 42 بإسناده عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكاملي (4) عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت
____________
(1) كتاب صفين لابن مزاحم ص 310، 496 ط مصر، شرح ابن أبي الحديد 1: 492، ج 2: 294.
(2) خلا أناس منهم حناق على العترة الطاهرة، يتحرون الوقيعة في شيعتهم، فخلقوا له إفكا، و نبزوه بالسفاسف مما لا يقام له عند المنقب وزن.
(3) قول الشعبي هذا مناقض لما جاء به النبي الأعظم في حب أمير المؤمنين عليه السلام وبغضه من الكثير الطيب، راجع ما مر في أجزاء كتابنا هذا وما يأتي.
(4) كذا والصحيح: الكابلي.
ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث وقال: يا حارث! أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي واشتكيت إليه حسدة قريش والمنافقين لي: إنه إذا كان يوم القيمة أخذت بحبل أو بحجزة يعني عصمة من ذي العرش تعالى وأخذت يا علي! بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه؟ وما يصنع نبيه بوصيه؟ خذها إليك يا حارث! قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت، أو قال: ما اكتسبت. قالها ثلثا فقال الحارث وقام يجر ردائه جذلا: ما أبالي ربي
توفي الحارث الهمداني سنة 65 كما ذكره الذهبي في [ميزان الاعتدال]، وابن حجر نقلا عن ابن حبان في [تهذيب التهذيب] ج 2 ص 147، والمؤرخ عبد الحي في [شذرات الذهب] ج 1 ص 73، فما في [خلاصة تذهيب الكمال] ص 58 من أنها سنة 165 ليس بصحيح.
والمترجم له شيخنا (الحسين) أحد أعلام الطايفة، وفقهائها البارعين في الفقه و أصوله والكلام والفنون الرياضية والأدب، وكان إحدى حسنات هذا القرن، والألق المتبلج في جبهته، والعبق المتأرج بين أعطافه، أذعن بتقدمه في العلوم علماء عصره ومن بعدهم، قال شيخه الشهيد الثاني في إجازته له المؤرخة ب 941 المذكورة في كشكول شيخنا البحراني صاحب (الحدائق): ثم إن الأخ في الله المصطفى في الأخوة المختار في الدين، المرتقى عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين، الشيخ الإمام العالم الأوحد، ذا النفس الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والأخلاق الزاهرة الإنسية، عضد الاسلام والمسلمين، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل المتقن المتفنن خلاصة الأخيار الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي أسعد الله جده، وجدد سعده، وكبت عدوه وضده، ممن انقطع بكليته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي، حتى أحرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل بفضله السبق على سائر أترابه وأقرانه، وصرف برهة من
وأثنى عليه معاصره السيد الأمير حيدر بن السيد علاء الدين الحسيني البيروي في إجازته للسيد حسين المجتهد الكركي بقوله: الشيخ الإمام الزاهد العابد العامل العالم، زبدة فضلاء الأنام، وخلاصة الفقهاء العظام، فقيه أهل البيت عليهم السلام، عضد الاسلام، والمسلمين، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ العالم. إلخ.
وفي [رياض العلماء]: كان فاضلا عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز وله ألغاز مشهورة خاطب بها ولده البهائي فأجابه هو بأحسن منها وهما مشهوران وفي المجاميع مسطوران.
وقال المولى مظفر علي أحد تلاميذ ولده البهائي في رسالة له في أحوال شيخه:
وكان والد هذا الشيخ في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني، بل لم يكن له قدس الله سره في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره وله فيها مصنفات. 1 هـ.
وقال المولى نظام الدين محمد تلميذ ولده البهائي في (نظام الأقوال في أحوال الرجال): الحسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي الحارثي الهمداني الشيخ العالم الأوحد، صاحب النفس الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والد شيخنا واستاذنا ومن إليه في العلوم استنادنا أدام الله ظله البهي من أجلة مشايخنا قدس الله روحه الشريفة، كان عالما فاضلا مطلعا على التواريخ ماهرا في اللغات، مستحضرا للنوادر والأمثال، وكان ممن جدد قراءة كتب الأحاديث، ببلاد العجم، له مؤلفات جليلة، ورسالات جميلة. 1 هـ.
وفي (أمل الآمل): كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا منشئا شاعرا عظيم الشأن، جليل القدر، ثقة من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني. الخ.
إلى كلمات أخرى مبثوثة في الإجازات ومعاجم التراجم. وعرف فضله عاهل ايران بوقته السلطان شاه طهماسب الصفوي، فسامه تقديرا وتبجيلا، وقلده شيخوخة
* (مشايخه والرواة عنه) *
يروي شيخنا المترجم له عن لفيف من أعلام الطايفة وأساتذة العلم. منهم:
1 - شيخنا الأكبر زين الدين الشهيد الثاني وأخذ منه العلم.
2 - السيد بدر الدين الحسن بن السيد جعفر الأعرجي الكركي العاملي.
3 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) ابن الشهيد الثاني.
4 - السيد حسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني.
ويروي عنه.
1 - السيد الأمير محمد باقر الاسترابادي الشهير (داماد).
2 - الشيخ رشيد الدين بن إبراهيم الاصفهاني بالاجازة المؤرخة بسنة 971.
3 - السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني الشهير بابن أبي الحسن، كما في إجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة الله الجزائري المؤرخة بسنة 1075.
4 - السيد حيدر بن علاء الدين البيروي كما في إجازته للسيد حسين الكركي.
5 - الشيخ أبو محمد بن عناية الله البسطامي كما في إجازته للسيد حسين الكركي.
6 - المولى معاني التبريزي كما في إجازات البحار ص 134، 135.
7 - الميرزا تاج الدين حسين الصاعدي كما في الإجازات ص 135.
8 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) كما في إجازة الأمير شرف الدين الشولستاني للمولي محمد تقي المجلسي.
10، 11 - ولداه العلمان: شيخنا البهائي وأبو تراب الشيخ عبد الصمد.
وقرأ عليه السيد علاء الدين محمد بن هداية الله الحسني الخيروي سنة 967.
* (آثاره أو مآثره) *
ومن آثاره أو مآثره تآليف قيمة منها:
شرح على القواعد | شرحان على ألفية الشهيد | الرسالة الطهماسية في الفقه |
الرسالة الوسواسية | رسالة في وجوب الجمعة | وصول الأخيار إلى أصول الأخبار |
الرسالة الرضاعية | حاشية على الارشاد | رسالة مناظرة مع علماء حلب (1) |
رسالة في الرحلة (2) | رسالة في العقايد | رسالة الطهارة الظاهرية والقلبية |
رسالة في المواريث | كتاب الغرر والدرر | رسالة في تقديم الشياع على اليد |
رسالة في الواجبات | تعليقات على الصحيفة | رسالة في القبلة ديوان شعره |
دراية الحديث | كتاب الأربعين | تعليقة على خلاصة العلامة |
رسالة في جواز استرقاق الحربي البالغ حال الغيبة | ||
رسالة تحفة أهل الإيمان في قبلة عراق العجم وخراسان | ||
رسالة في وجوب صرف مال الإمام عليه السلام في أيام الغيبة | ||
جواب عما أورد على حديث نبوي (3) | ||
رسالة في عدم طهر البواري بالشمس |
* (ولادته ووفاته) *
ولد شيخنا المترجم له أول محرم الحرام سنة 918، وتوفي سنة 984 في ثامن ربيع الأول في قرية المصلى من أرباض (هجر) من بلاد البحرين وكان عمره ستا وستين سنة وشهرين وسبعة أيام ورثاه ولده الأكبر شيخنا البهائي بقوله:
____________
(1) للمترجم له رحلات فيها خطوات محمودة ومواقف تذكر وتشكر وراء صالح الأمة والسعي دون مناهج الدين والمذهب، ورسالته هذه تجمع شتات تلكم المساعي، راجع أعيان الشيعة لسيدنا الأمين.
(2) رسالة قيمة في الإمامة تجد جملة ضافية في أعيان الشيعة 26: 248.
(3) من قوله صلى الله عليه وآله: إني أحب من دنياكم ثلاثا: النساء. والطيب. وقرة عيني الصلاة.
____________
(1) أخمص القدم: ما لا يصيب الأرض من باطنها، ويراد به القدم كلها. السهى: كوكب خفى من بنات نعش الصغرى. ومنه المثل: أريها السهى وتريني القمر. يضرب للذي يسأل عن شئ فيجيب جوابا بعيدا.
قال صاحب (رياض العلماء): ورثاه جماعة من الشعراء.
وللمترجم له قصيدة جارى بها البردة للبوصيري يمدح بها الرسول الأعظم و خليفته الصديق الأكبر أولها:
والقصيدة طويلة تناهز 129 بيتا وقد وقف سيد الأعيان منها على 69 بيتا فحسب أنها تمام القصيدة فقال: تبلغ 69 بيتا ثم ذكر جملة منها، ومن شعر المترجم له قوله:
وله قوله وهو المخترع لهذا الروي:
وذكر شيخنا البهائي في كشكوله ص 65 لوالده على هذا الروي ثمانية عشر بيتا أولها:
وعارضها ولده الشيخ بهاء الدين بقصيدة كافية مطلعها:
وخلف المترجم على علمه الجم وفضله المتدفق ولداه العلمان: شيخ الطايفة بهاء الملة والدين الآتي ذكره وهو أكبر ولديه ولد سنة 953، والشيخ أبو تراب عبد الصمد بن الحسين المولود بقزوين ليلة الأحد وقد بقي من الليل نحو ساعة ثالث شهر صفر سنة 966 كما في (الرياض) نقلا عن خط والده المترجم له (الشيخ حسين) وصرح والدهما المترجم له في إجازته لهما إن البهائي أكبر ولديه، وللشيخ عبد الصمد حاشية على أربعين أخيه شيخنا البهائي وفوائده على الفرائض النصيرية، وكتب الشيخ البهائي باسمه فوائده الصمدية، يروي بالاجازة عن والده المقدس الشيخ حسين، ويروي عنه العلامة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي توفي سنة 1020، ترجمه صاحبا (الأمل) و (الرياض) وغيرهما، وورثه على علمه الغزير ولداه العالمان: الشيخ أحمد بن عبد الصمد نزيل هرات، يروي عنه بالاجازة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي الراوي عن والده أيضا.
وأخوه الشيخ حسين بن عبد الصمد كان قاضي هرات، قال صاحب [رياض العلماء]: كان شاعرا ماهرا في العلوم الرياضية له منظومة بالفارسية في الجبر والمقابلة. ا هـ.
يروي عن عمه شيخنا البهائي بالاجازة توجد بعض تعاليقه على بعض الكتب مؤرخا بسنة 1060.
وأما سائر رجالات هذه الأسرة الكريمة فوالد المترجم له الشيخ عبد الصمد من نوابع الطايفة، وعلمائها البارعين، وصفه شيخ الطايفة الشهيد الثاني في إجازته لولد المترجم له بالشيخ الصالح العامل العالم المتقن، وأثنى عليه السيد حيدر البيروي في
____________
(1) إلى آخر الأبيات المذكورة في [خلاصة الأثر] 3: 449، وريحانة الألباء للخفاجي، و كشكول ناظمها ص 65.
وأخو المترجم الأكبر الشيخ نور الدين أبو القاسم علي بن عبد الصمد الحارثي المولود سنة 898 من تلمذة الشهيد الثاني قال صاحب (رياض العلماء): فاضل عالم جليل فقيه شاعر له منظومة في ألفية الشهيد تسمى بالدرة الصفية في نظم الألفية، يروي عن المحقق الكركي بالاجازة سنة 935 وقرء عليه جملة من كتب الفقه.
وأخوه: الشيخ محمد بن عبد الصمد ولد سنة 903 وتوفي سنة 952.
وأخوه الثالث: الحاج زين العابدين المولود سنة 909 والمتوفى سنة 965.
وأوعزنا في ترجمة عم والد المترجم له الشيخ إبراهيم الكفعمي ص 215 إلى ترجمة جد المترجم الشيخ شمس الدين محمد، وجد والده الشيخ زين الدين علي.
توجد ترجمة شيخنا عز الدين الحسين، وسرد جمل الثناء عليه في كشكول الشيخ يوسف البحراني، لؤلؤة البحرين ص 18، رياض العلماء، أمل الآمل ص 13، نظام الأقوال في أحوال الرجال (1) تاريخ عالم آراي عباسي، روضات الجنات ص 193، مستدرك الوسائل 3: 421، تنقيح المقال 1: 332، الأعلام للزركلي 1: 250، أعيان الشيعة 26: 226 - 270 وفيها فوائد جمة، سفينة البحار 1: 174، الكنى والألقاب 2: 91، الفوائد الرضوية 1: 138، منن الرحمان 1 ص 8.
____________
(1) تأليف المولى نظام الدين محمد القرشي تلميذ شيخنا البهائي ولد المترجم له.