الصفحة 16
سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا: أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كل مؤمن ومؤمنة (ثم ذكر حديث نزول آية سأل سائل حول القضية وترجم ابن عقدة وأثنى عليه فقال): وهو متواتر رواه ستة عشر صحابيا (1) وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته، فلا التفات إلى من قدح في صحته ولا لمن رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج معه صلى الله عليه وسلم.

36 - شهاب الدين الحفظي الشافعي، أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر * قال في - ذخيرة الأعمال في شرح عقد جواهر اللآل -: هذا حديث صحيح لا مرية فيه أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة. قال الإمام أحمد رحمه الله: وشهد به لعلي ثلاثون صحابيا لما نوزع في أيام خلافته.

37 - ميرزا محمد البدخشي * قال في " نزل الأبرار " ص 21: هذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلم في صحته إلا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله، فإن الحديث كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نص الذهبي على كثير من طرقه بالصحة، ورواه من الصحابة عدد كثير.

وقال في [مفتاح النجا في مناقب آل العبا]: أخرج الحكيم في " نوادر الأصول " و الطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم تحت شجرة فقال: يا أيها الناس؟ قد نبأني اللطيف الخبير - إلى آخر ما مر ص 27 - فقال: وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما - باللفظ الذي أسلفناه ص 30 - ثم قال: وأخرج أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري. وعمرو بن مرة. وأبو يعلى عن أبي هريرة. وابن أبي شيبة عنه وعن اثنى عشر من الصحابة. والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. والحاكم عن علي وطلحة.

وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن سعد. والخطيب عن أنس رضي الله عنهم - ثم ذكر الحديث فقال: وفي رواية أخرى للطبراني عن عمرو بن مرة وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة رضي الله عنهم

____________

(1) هذا ما وصلت إليه حيطته وهو يرى تواتر الحديث به. وقد أسلفنا أن رواته من الصحابة تربو على المائة.

الصفحة 17
مرفوعا بلفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم؟ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واعن من أعانه. وعند ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا:

أللهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم؟ وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه. وفي أخرى لأبي نعيم في " فضايل الصحابة " عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معا مرفوعا: ألا؟ إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه. ولأحمد في رواية أخرى.

ولابن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر إسماعيل بن عبد الله العبدي الاصبهاني المشهور بسمويه عن ابن عباس عن بريدة (وذكر لفظه) وللطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) أقول: هذا حديث صحيح مشهور نص الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي التركماني الفارقي ثم الدمشقي على كثير من طرقه بالصحة. وهو كثير الطرق جدا. وقد استوعبها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد. وأخرج أحمد عن أبي الطفيل قال جمع علي كرم الله وجهه الناس في الرحبة (ثم ذكر حديث الرحبة).

38 - مفتي الشام العمادي الحنفي الدمشقي المتوفى 1171 * عده في - الصلاة الفاخرة - ص 49 من الأحاديث المتواترة، يرويه كما قال في أول كتابه من عشرة مشايخ فأكثر نقلا عن الترمذي والبزار وأحمد والطبري وأبي نعيم وابن عساكر وابن عقدة وأبي يعلى.

39 - أبو العرفان الصبان الشافعي المتوفى 1206 * قال في (إسعاف الراغبين) في هامش نور الأبصار ص 153 بعد رواية الحديث: رواه عن النبي ثلاثون صحابيا، وكثير من طرقه صحيح أو حسن.

40 - السيد محمود الآلوسي البغدادي المتوفى 1270 * قال في " روح المعاني " 2 ص 249: نعم ثبت عندنا أنه صلى الله عليه وسلم قال في حق الأمير هناك (يعني غدير خم): من كنت مولاه فعلي مولاه. وزاد على ذلك كما في بعض الروايات، لكن: لا دلالة (1) في

____________

(1) ستقف على دلالته في بيان مفاد الحديث. وإنما الغرض من كلامه هو البخوع لصحة السند.

الصفحة 18
الجميع على ما يدعونه من الإمامة الكبرى والزعامة العظمى. وقال في ج 2 ص 350:

قال الذهبي: إنه صحيح. ونقل عن الذهبي أيضا أنه قال: إن من كنت مولاه. متواتر يتيقن أن رسول الله قاله، وأما أللهم؟ وال من والاه: فزيادة قوية الاسناد.

41 - الشيخ محمد الحوت البيروتي الشافعي المتوفى 1276 * قال في " أسنى المطالب " ص 227: حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصححوه. وروي بلفظ: من كنت وليه فعلي وليه. ورواه أحمد والنسائي والحاكم وصححه.

42 - المولوي ولي الله اللكهنوي * قال في - مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين - بعد ذكر الحديث بغير واحد من طرقه ما تعريبه: وليعلم أن هذا الحديث صحيح وله طرق عديدة، وقد أخطأ من تكلم في صحته إذ أخرجه جمع من علماء الحديث مثل الترمذي والنسائي، ورواه جمع من الصحابة وشهدوا به لعلي في أيام خلافته، ثم ذكر حديث المناشدة وإصابة الدعوة.

43 - الحافظ المعاصر شهاب الدين أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الحضرمي * قال في كتابه: " تشنيف الآذان " ص 77: وأما حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. فتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية نحو ستين شخصا لو أوردنا أسانيد الجميع لطال بنا ذلك جدا، ولكن: نشير إلى مخرجيها تتميما للفائدة، ومن أراد الوقوف على طرقها وأسانيدها فليرجع إلى كتابنا في المتواتر فنقول:

رواه أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في السنة عن علي وثلاثة عشر رجلا من الصحابة، ورواه النسائي في الخصايص عن علي وبضعة عشر رجلا، ورواه عنه وعن جماعة معه أيضا الطحاوي في مشكل الآثار والبزار في المسند وابن عساكر وآخرون، ورواه ابن راهويه في المسند وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم في السنة و الطحاوي في مشكل الآثار والمحاملي في الأمالي وابن عقدة والخطيب من حديث ابن عباس، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والخصايص وابن ماجة والحسن بن سفيان و الدولابي في الكنى وابن عساكر في التاريخ من حديث البراء بن عازب، ورواه أحمد والترمذي والنسائي في الكبرى وابن حبان في الصحيح والبزار والدولابي في الكنى و

الصفحة 19
الطبراني والحاكم وآخرون عن زيد بن أرقم، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى و الخصائص وسمويه في فوائده وعثمان بن أبي شيبة وابن جرير في التهذيب وابن حبان والحاكم والطبراني في الصغير وأبو نعيم في الحلية وتاريخ إصبهان والفضايل وابن عقدة وابن عساكر من طرق تبلغ حد التواتر عن بريدة، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والطبراني من حديث أبي أيوب، ورواه الترمذي وابن عقدة والطبراني والدارقطني و من طريقه ابن عساكر من حديث حذيفة بن أسيد إلا أنه عند الترمذي على الشك، و رواه النسائي وابن ماجة وسعيد بن منصور وابن جرير في التهذيب والبزار وابن عقدة وابن عساكر من حديث سعد بن أبي وقاص، ورواه ابن أبي شيبة والبزار في مسنديهما و أبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عقدة، ورواه الطبراني في الصغير وابن عقدة وأبو نعيم في الحلية والتاريخ والخطيب وابن عساكر من حديث أنس بن مالك، ورواه الحاكم والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في التاريخ وابن عساكر من حديث أبي سعيد، ورواه عثمان بن أبي شيبة والنسائي في سننهما وابن عقدة وأبو يعلى والطبراني والبانياسي في جزئه وأبو نعيم في تاريخ إصبهان وابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث جابر بن عبد الله، ورواه الطبراني من حديث عمرو بن ذي مر، ورواه عثمان بن أبي شيبة في سننه وابن عقدة والطبراني وابن عدي ومن طريقه ابن عساكر من حديث ابن عمر، ورواه ابن عقدة والطبراني وابن عساكر من حديث مالك بن الحويرث، ورواه أبو نعيم في الحلية والطبراني و أبو طاهر المخلص وابن قانع وابن عساكر عن حبشي بن جنادة، ورواه الطبراني وابن عقدة من حديث جرير بن عبد الله البجلي، ورواه البزار من حديث عمارة، والطبراني وابن عقدة وابن عساكر من حديث عمار بن ياسر، وابن عساكر من حديث رباح بن الحارث، ومن حديث عمر ابن الخطاب، ومن حديث نبيط بن شريط، ورواه ابن عقدة وابن عساكر من حديث سمرة بن جندب، ورواه الطوسي في أماليه من حديث أبي ليلي، ورواه أبو نعيم في الصحابة من حديث جندب الأنصاري، ورواه ابن عقدة في كتاب الموالاة من حديث جماعة بأسانيد متعددة منهم: حبيب بن بديل، وقيس بن ثابت، وزيد بن شرحبيل، والعباس بن عبد المطلب، والحسن بن علي وأخوه، وعبد الله بن جعفر، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن أبي ثابت، وأبو ذر، وسلمان الفارسي، ويعلى بن مرة، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن حنيف، وأبو

الصفحة 20
رافع، وزيد بن حارثة، وجابر بن سمرة، وضمرة الأسلمي، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن بسر المازني، وعبد الرحمن بن يعمر الديلمي، وأبو الطفيل، وسعد بن جنادة، وعامر بن عميرة، وحبة بن جوين، وأبو أمامة، وعامر بن ليلى، ووحشي بن حرب، وعايشة، وأم سلمة، ورواه الحاكم من حديث طلحة بن عبيد الله..



وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته
وهو السميع العليم * وإن تطع أكثر من في
الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون
إلا الظن وإن هم إلا يخرصون

(سورة الأنعام 115، 116)


الصفحة 21

محاكمة
حول سند الحديث

وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم
(سورة المائدة)

لقد أوقفك البحث والتنقيب البالغان على زرافات من علماء الأمة وحفاظ الحديث ورؤساء المذهب (ألسنة والجماعة) رووا حديث الغدير وأخبتوا وسكنوا إليه.

وعلى آخرين رووا عنه كل ريبة وشك، وحكموا بصحة أسانيد جمة من طرقه، وحسن طرق أخرى، وقوة طايفة منها، وهناك أمة من فطاحل العلماء حكموا بتواتر الحديث، وشنعوا على من أنكر ذلك، ولقد علمت أن من رواه من الصحابة في ما وقفنا على روايته مائة وعشرة صحابي، ومر ص 155: أن الحافظ السجستاني رواه عن مائة و عشرين صحابيا. وأسلفنا ص 158 عن الحافظ أبي العلاء الهمداني: إنه رواه بمائتي و وخمسين طريقا. وعليه فقس رواية التابعين ومن بعدهم في الأجيال المتأخرة. فلن تجد فيما يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا يبلغ هذا المبلغ من الثبوت و اليقين والتواتر. وقد أفرد شمس الدين الجزري (المترجم ص 129) رسالة في إثبات تواتره ونسب منكره إلى الجهل، فهو كما مر ص 307 عن الفقيه ضياء الدين المقبلي:

إن لم يكن معلوما فما في الدين معلوم. وص 295 عن العاصمي: حديث تلقته الأمة بالقبول، وهو موافق بالأصول. وص 296 عن الغزالي: إنه أجمع الجمهور على متنه.

وص 295: إتفق عليه جمهور أهل السنة. وص 309 عن البدخشي: حديث صحيح مشهور ولم يتكلم في صحته إلا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله. وص 297: إنه حديث متفق على صحته، وإن صدره متواتر يتيقن أن رسول الله قاله، وذيله زيادة قوية الاسناد. وص 311: إنه حديث صحيح قد أخطأ من تكلم في صحته. وص 310:


الصفحة 22
إنه حديث مشهور كثير الطرق جدا. وص 310 من قول الآلوسي: نعم ثبت عندنا إنه صلى الله عليه وسلم قاله في حق علي. وص 302، حديث صحيح لا مرية فيه. وص 299، 301:

إنه متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ومتواتر عن أمير المؤمنين أيضا، رواه الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا إطلاع له في هذا العلم (يعني علم الحديث). وص 304:

إنه حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك ينافيه، ولا يلتفت إلى قول من تكلم في صحته، و لا إلى قول من نفى الزيادة. وص 299: إنه متواتر لا يلتفت إلى من قدح في صحته و صح عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم. وص 295 عن الاصبهاني: حديث صحيح ثابت لا أعرف له علة، قد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشرة. إلى كلمات أخرى ذكرت مفصلة.

لكن بين ثنايا العصبية ومن وراء ربوات الأحقاد حثالة حدى بهم الانحياز عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى تعكير هذا الصفو وإقلاق تلك الطمأنينة بكل جلبة ولغط، فمن منكر صحة صدور الحديث (1) معللا بأن عليا كان باليمن وما كان مع رسول الله في حجته تلك. إلى آخر ينكر صحة صدر الحديث (2) ويقول:

لم يروه أكثر من رواه. إلى ثالث يضعف ذيله (3) ويقول: لا ريب أنه كذب. ورابع يطعن في أصله، ويعتبر الدعاء الملحق به (4) ويقول: لم يخرج غير أحمد إلا الجزء الأخير من قوله صلى الله عليه وسلم أللهم؟ وال من والاه. إلخ.

وقد عرفت تواتر الجميع والاتفاق على صحته ونصوص العلماء على اعتبار هذه كلها، غير آبهين بكل ما هناك من الصخب واللغب، فالإجماع قد سبق المهملجين و لحقهم حتى لم يبق لهم في مستوى الاعتبار مقيلا.

وهناك من يقول تارة: إنه لم يروه علمائنا (5) وأخرى: إنه لا يصح من طريق

____________

(1) حكاه الطحاوي وغيره عن بعض وأجابوا عنه كما سبق ص 294 و 300.

(2) التفتازاني في المقاصد ص 290 وقلده بعض من تأخر عنه.

(3) ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 85.

(4) محمد محسن الكشميري في نجاة المؤمنين.

(5) قاله ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة.

الصفحة 23
الثقات (1) وقلده بعض مقلدي المتأخرين وقال: لم يذكره الثقات من المحدثين (2) وهو بنفسه يقول بتواتره في موضع آخر من كتابه. ونحن لا نقابل البادي والتابع إلا بالسلام كما أمرنا الله سبحانه بذلك (3).

وأنا لا أدري أن قصر الباع لم يدع الباري يعرف علماء أصحابه؟ أو أن يقف على الصحاح والمسانيد؟ أو أنه لا يقول بثقة كل أولئك الأعلام؟.

فإن كان لا يدري فتلك مصيبة * وإن كان يدري فالمصيبة أعظم

وفي القوم من يلوك بين أشداقه أنه ما أخرجه إلا أحمد في مسنده (4) وهو مشتمل على الصحيح والضعيف. فكأنه لم يقف على تأليف غير مسند أحمد، أو أنه لم يوقفه السير على الأسانيد الجمة الصحيحة والقوية في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها، وكأنه لم يطلع على ما أفرده الأعلام بالتأليف حول أحمد ومسنده، أو لم يطرق سمعه ما يقوله السبكي في طبقاته ج 1 ص 201 من أنه ألف (أحمد) مسنده وهو أصل من أصول هذه الأمة، قال الإمام الحافظ أبو موسى المديني " المترجم ص 116 ": مسند الإمام أحمد أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، إنتقى من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة، فجعل إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ و ومستندا على ما أخبرنا والدي وغيره بأن المبارك بن عبد الجبار كتب إليهما من بغداد قال: أخبرنا. ثم ذكر السند من طريق الحافظ ابن بطة إلى أحمد إنه قال:

إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة. و قال عبد الله: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماما إذا اختلف الناس في سنة عن رسول الله رجع إليه. وقال: قال أبو موسى المديني: ولم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته. وقال

____________

(1) حكاه عن ابن حزم ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 86.

(2) الهروي سبط ميرزا مخدوم بن عبد الباقي في السهام الثاقبة.

(3) في محكم كتابه بقوله: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.

(4) قاله محمد محسن الكشميري في " نجاة المؤمنين ".

الصفحة 24
أبو موسى: ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد قد احتاط فيه إسنادا ومتنا لم يورد فيه إلا ما صح سنده. ثم ذكر دليل مدعاه. إنتهى ملخصا.

وكأنه لم يقف على ما يقول الحافظ الجزري " المترجم ص 129 " من قصيدة له يمدح بها الإمام أحمد ومسنده وذكرها في [المصعد الأحمد في ختم مسند أحمد] ص 45:

وإن كتاب المسند البحر للرضى * فتى حنبل للدين أية مسند
حوى من الحديث المصطفى كل جوهر * وجمع فيه كل در منضد
فما من صحيح كالبخاري جامعا * ولا مسند يلفى كمسند أحمد

وهذا الحافظ السيوطي يقول في ديباجة " جمع الجوامع " كما في كنز العمال ج 1 ص 3: وكل ما في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. فهب أنا سالمنا الرجل على ما يقول ولكن ما ذنب أحمد؟ وما التبعة على المسند؟

إن كان هذا الحديث من قسم الصحاح من رواياته. على أنه ليس من الممكن مسالمته على تخصيص الرواية بأحمد وأولئك رواته أمم من الأئمة أدرجوه في الصحاح والمسانيد وأخرجوه ثقة عن ثقة ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين.

وجاء آخر يقول (1): نقل [حديث الغدير] في غير الكتب الصحاح. ذاهلا عن أن الحديث أخرجه الترمذي في صحيحه، وابن ماجة في سننه، والدارقطني بعدة طرق، وضياء الدين المقدسي في المختارة و و و.. م - وسمعت في ص 311 قول الشيخ محمد الحوت: رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصححوه. وأصحابه يقولون: إنها كتب صحاح فالعز وإليها معلم بالصحة.

وبهذا تعرف قيمة قول من قدح (2) في صحته بعدم رواية الشيخين في صحيحيهما وجاء آخر يصححه ويثبت حسنه وينقل اتفاق جمهور أهل السنة عليه ويقول: و كم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان كما مر ص 304: ونحن نقول: حتى أن الحاكم النيسابوري استدرك عليهما كتابا ضخما لا يقل عن الصحيحين في الهجم، وصافقه على

____________

(1) حسام الدين السهارنپوري في " مرافض الروافض ".

(2) القاضي عضد الإيجي في " المواقف " والتفتازاني في " شرح المقاصد ".

الصفحة 25
كثير مما أخرجه الذهبي في الملخص، وتجد في تراجم العلماء مستدركات أخرى على الصحيحين.

وهذا الحاكم النيسابوري يقول في المستدرك 1 ص 3: لم يحكما [يعني البخاري ومسلم] ولا واحد منهما بأنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه. وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على ألف جزء أو أقل أو أكثر منه كلها سقيمة غير صحيحة.

وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل [البخاري] ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها و هي معلولة وقد جهدت في الذب عنها في المدخل إلى الصحيح بما رضيه أهل الصنعة، و أنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الاسلام، إن الزيادة في الأسانيد و المتون من الثقات مقبولة. ا ه.

وقال الحافظ الكبير العراقي في " فتح المغيث " ص 17 في شرح قوله في ألفية الحديث:

ولم يعماه ولكن قل ما * عند ابن الأخرم منه قد فاتهما

: أي لم يعم البخاري ومسلم كل الصحيح، يريد لم يستوعباه في كتابيهما ولم يلتزما ذلك، وإلزام الدارقطني وغيره إياهما بأحاديث ليس بلازم، قال الحاكم في خطبة المستدرك: ولم يحكما ولا واحد منها إنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه. ا ه.

قال البخاري: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول.

وقال مسلم: ليس كل صحيح وضعته هنا إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه. يريد ما وجد عنده فيها شرايط المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم. وقال العراقي أيضا ص 19 في شرح قوله:


الصفحة 26

وخذ زيادة الصحيح إذ تنص * صحته أو من مصنف ينص
بجمعه نحو ابن حبان الزكي * وابن خزيمة وكالمستدرك

لما تقدم أن البخاري ومسلما لم يستوعبا إخراج الصحيح فكأنه قيل: فمن أين يعرف الصحيح الزايد على ما فيهما؟ فقال: خذه إذ تنص صحته. أي حيث ينص على صحته إمام معتمد كأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والخطابي والبيهقي في مصنفاتهم المعتمدة كذا قيده ابن الصلاح بمصنفاتهم ولم أقيده بها بل إذا صح الطريق إليهم أنهم صححوه ولو في غير مصنفاتهم، أو صححه من لم يشتهر له تصنيف من الأئمة كيحيى بن سعيد القطان وابن معين ونحوهما فالحكم كذلك على الصواب، وإنما قيده ابن الصلاح بالمصنفات لأنه ذهب إلى أنه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحح الأحاديث فلهذا لم يعتمد على صحة السند إلى من صححه في غير تصنيف مشهور. ويؤخذ الصحيح أيضا من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبان، وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمة لمحذوف فهو محكوم بصحته. إنتهى.

ولا يخفى على الباحث أن القرون الأولى لم يكن يوجد فيها شئ من كل هذا اللغط أمام ما أصحر به نبي الاسلام يوم الغدير. نعم كان هناك شرذمة من أهل الحنق والأحقاد على آل الله، وكانوا ينحتون له قضية شخصية واقعة بين أمير المؤمنين وزيد بن حارثة، كل ذلك تصغيرا لموقعه العظيم في النفوس، إلى أن جاء المأمون الخليفة العباسي وأحضر أربعين من فقهاء عصره وناظرهم في ذلك، وأثبت عليهم حق القول في الحديث كما مر ص 210، ثم في القرن الرابع تلقته الأمة بالقبول، وأخبت به الحفاظ الاثبات من دون غمز فيه رادين عنه قول من يقدح فيه ممن لا يعرف باسمه ورسمه: بأن عليا ما كان مع رسول الله في حجته تلك كما مر ص 295.

وقد أسلفنا لك صريح كلمات الأعلام باتفاق جمهور أهل السنة على صحة الحديث وأقوالهم في تواتره. وهناك أعاظم مشايخ الشيخين (البخاري ومسلم) قد رووه بأسانيد صحاح وحسان، مخبتين إليه وفيهم جمع من الذين يروي عنهم الشيخان بأسانيدهم في

الصفحة 27
الصحيحين من مشيخة القرن الثالث. ألا؟ وهم:

يحيى بن آدم المتوفى 203شبابة بن سوار المتوفى 206أسود بن عامر المتوفى 208
عبد الرزاق بن همام المتوفى 211عبد الله بن يزيد المتوفى 212عبيد الله بن موسى المتوفى 213
حجاج بن منهال المتوفى 217فضل بن دكين المتوفى 218عفان بن مسلم المتوفى 219
علي بن عياش المتوفى 219محمد بن كثير المتوفى 223موسى بن إسماعيل المتوفى 223
قيس بن حفص المتوفى 227هدبة بن خالد المتوفى 235عبد الله بن أبي شيبة المتوفى 235
عبيد الله بن عمر المتوفى 235إبراهيم بن المنذر المتوفى 236ابن راهويه إسحاق المتوفى 237
عثمان بن أبي شيبة المتوفى 239قتيبة بن سعيد المتوفى 240حسين بن حريث المتوفى 244
أبو الجوزاء أحمد المتوفى 246أبو كريب محمد المتوفى 248يوسف بن عيسى المتوفى 249
نصر بن علي المتوفى 251محمد بن بشار المتوفى 252محمد بن المثنى المتوفى 252
يوسف بن موسى المتوفى 253محمد صاعقة المتوفى 255وغيرهم.(1)
فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتفق على صحته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحا في الحديث إن لم يكن نقصا في الكتابين ومؤلفيهما. وكأن الشيخ محمود القادري فطن بهذا وحاول بقوله المذكور ص 304: وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. تقديس ساحة الكتابين ومؤلفيهما عن هذا النقص. لا أنه أراد إثبات صحة الحديث بذلك، كيف؟ وهو يقول؟ إتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنة.

وغير خاف على النابه البصير أن البادي بخلاف الإجماع في رد الحديث هو ابن حزم الأندلسي (2) وهو يقول: إن الأمة لا تجتمع على خطأ. ثم تبعه في ذلك ابن تيمية وجعل قوله مدرك قدحه في الحديث ولم يجد غميزة فيه غيره بيد أنه زاد عليه قوله: نقل عن البخاري وإبراهيم الحراني وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه. ذاهلا عن قوله في منهاج السنة 4 ص 13: إن قصة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع وقد أجمع الناس على هذا. ثم قلدهما من راقة الانحياز عن الحق الثابت من نظراء التفتازاني والقاضي الايجي والقوشجي و

____________

(1) سبقت تراجم هؤلاء جميعا من ص 82 - 93.

(2) ستقف على الرأي العام فيه بعد تمام المحاكمة.

الصفحة 28
السيد الجرجاني وزادوا ضغثا على إبالة فلم يكتفوا في رد الحديث بعدم إخراج الصحيحين، ولم يقفوا على فرية ابن تيمية في عزوه الطعن إلى البخاري والحراني، أو ما راقتهم النسبة إلى البخاري والحراني لمكان ضعف الناقل (ابن تيمية) عندهم، فقالوا بإرسال مسلم: قد طعن فيه ابن أبي داود وأبو حاتم السجستاني. ثم جاء ابن حجر فزاد على أبي داود والسجستاني قوله: وغيرهم. إلى أن جاد الدهر بالهروي فزحزح السجستاني ووضع في محله الواقدي وابن خزيمة فقال في السهام الثاقبة: قدح في صحة الحديث كثير من أئمة الحديث كأبي داود والواقدي وابن خزيمة وغيرهم من الثقات.

لا أدري ما أجرأهم على الرحمن [وقد خاب من افترى] وما عساني أن أقول في بحاثة يذكر هذه النسب المفتعلة على أئمة الحديث وحفاظ السنة في كتابه؟ ألا مسائل هؤلاء عن مصدر هذه النقول والاضافات؟ أفي مؤلف وجدوها؟ فما هو؟ وأين هو؟

ولم لم يسموه. أم عن المشايخ رووها؟ فلم لم يسندوها؟ ألا مسائل هؤلاء كيف خفي طعن مثل البخاري وقرنائه في الحديث على ذلك الجم الغفير من الحفاظ والأعلام و مهرة الفن في القرون الأولى إلى القرن السابع والثامن قرن ابن تيمية ومقلديه؟

فلم يفه به أحد، ولا يوجد منه أثر في أي تأليف ومسند، أو أنهم أوقفهم السير عليه ولكنهم لم يروا في سوق الحق له قيمة فضربوا عنه صفحا؟.

وبعد هذا كله فأين تجد مقيل القول بإنكار تواتره من مستوى الحقيقة؟ والقول:

بأن الشيعة إتفقوا على اعتبار التواتر فيما يستدل به على الإمامة فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بحديث الغدير وهو من الآحاد؟ (1) يقول الرجل ذلك وهو يرى الحديث متواترا لرواية ثمانية صحابي (2) وأن في القوم من يرى الحديث متواترا لرواية أربعة من الصحابة له ويقول: لا تحل مخالفته (3) ويجزم بتواتر حديث:

____________

(1) التفتازاني في المقاصد ص 290، وابن حجر في الصواعق ص 25 ومقلديهما.

(2) راجع الصواعق ص 13.

(3) قال ابن حزم في المحلى في مسألة عدم جواز بيع الماء: فهؤلاء أربعة من الصحابة رضي الله عنهم فهو نقل تواتر لا تحل مخالفته.

الصفحة 29
الأئمة من قريش (1) ويقول: رواه أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، ومعاوية، وروى معناه جابر بن عبد الله، وجابر بن سمرة، وعبادة بن الصامت. وآخر يقول ذلك في حديث آخر رواه علي بن النبي صلى الله عليه وآله ويرويه عن علي اثني عشر رجل فيقول (2):

هذه اثنتا عشرة طريقا إليه ومثل هذا يبلغ حد التواتر وآخر يرى حديث: تقتلك الفئة الباغية. متواترا ويقول (3): تواترت الروايات به روي ذلك عن عمار وعثمان وابن مسعود وحذيفة وابن عباس في آخرين، وجود السيوطي قول من حدد التواتر بعشرة وقال في ألفيته ص 16.

وما رواه عدد جم يجب * إحالة اجتماعهم على الكذب
فمتواتر وقوم حددوا * بعشرة وهو لدي أجود

هذه نظريتهم المشهورة في تحديد التواتر، لكنهم إذا وقفوا على حديث الغدير اتخذوا له حدا أعلى لم تبلغه رواية مائة وعشر صحابي أو أكثر بالغا ما بلغ.

ومن غرائب اليوم ما جاء به أحمد أمين في كتابه ظهور الاسلام تعليق ص 194 من: أنه يرويه الشيعة عن البراء بن عازب. وأنت تعلم أن نصيب رواية البراء من إخراج علماء أهل السنة أوفر من كثير من روايات الصحابة، فقد عرفت ص 18، 19، 20 و ص 272 - 283: إنه أخرجها ما يربو على الأربعين رجلا من فطاحل علمائهم وفيهم مثل أحمد وابن ماجة والترمذي والنسائي وابن أبي شيبة ونظرائهم، وجملة من أسانيدها صحيحة رجالها كلهم ثقات، لكن: أحمد أمين راقه أن تكون الرواية معزوة إلى الشيعة فحسب، إسقاطا للاحتجاج بها، وليس هذا ببدع من تقولاته في صحايف إسلامه صبحا وضحا وظهرا.

كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا

(سورة الكهف)

____________

(1) راجع الفصل 4 ص 89.

(2) راجع تاريخ ابن كثير 7 ص 289.

(3) تهذيب التهذيب 7 ص 409، والإصابة 2 ص 512.

الصفحة 30

الرأي العام في ابن حزم

الأندلسي المتوفى 456

ما عساني أن أكتب عن شخصية أجمع فقهاء عصره على تضليله والتشنيع عليه ونهي العوام عن الاقتراب منه، وحكموا بإحراق تآليفه ومدوناته مهما وجدوا الضلال في طياتها كما في لسان الميزان 4 ص 200، ويعرفه الآلوسي عند ذكره بقوله: الضال المضل كما في تفسيره 21 ص 76.

ما عساني أن أقول في مؤلف لا يتحاشا عن الكذب على الله ورسوله، ولا يبالي بالجرأة على مقدسات الشرع النبوي، وقذف المسلمين بكل فاحشة، والأخذ بمخاريق القول وسقطات الرأي.

ما عساني أن أذكر عن بحاثة لا يعرف مبدئه في أقواله، ولا يستند على مصدر من الكتاب والسنة في آرائه، غير أنه إذا أفتى تحكم، وإذا حكم مان، يعزو إلى الأمة الإسلامية ما هي بريئة منه، ويضيف إلى الأئمة وحفاظ المذهب ما هم بعداء منه، تعرب تآليفه عن حق القول من الرأي العام في ضلاله وإليك نماذج من آرائه.

قال في فقهه (المحلى ج 10 ص 482: مسألة: مقتول كان في أوليائه غائب أو صغير أو مجنون، إختلف الناس في هذا. ثم نقل عن أبي حنيفة أنه يقول: إن للكبير أن يقتل ولا ينتظر الصغار. وعن الشافعي: إن الكبير لا يستقيد حتى يبلغ الصغير ثم أورد على الشافعية بأن الحسن بن علي قد قتل عبد الرحمن بن ملجم ولعلي بنون صغار، ثم قال: هذه القصة (يعني قتل ابن ملجم) عائدة على الحنفيين بمثل ما شنعوا على الشافعيين سواء سواء، لأنهم والمالكيين لا يختلفون في أن من قتل آخر على تأويل فلا قود في ذلك. ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليا رضي الله عنه إلا متأولا مجتهدا مقدرا على أنه صواب، وفي ذلك يقول