حسان بن ثابت
* (ما يتبع الشعر) *
هذا أول ما عرف من الشعر القصصي في رواية هذا النبأ العظيم، وقد ألقاء في ذاك المحتشد الرهيب، الحافل بمائة ألف أو يزيدون، وفيهم البلغاء، ومداره الخطابة، و صاغة القريض، ومشيخة قريش العارفون بلحن القول، ومعارض الكلام، بمسمع من أفصح من نطق بالضاد (النبي الأعظم) وقد أقره النبي صلى الله عليه وآله على ما فهمه من مغزى كلامه، وقرظه بقوله: لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك (1) وأقدم كتاب سيق إلى رواية هذا الشعر هو كتاب سليم بن قيس الهلالي التابعي الصدوق الثبت المعول عليه عند علماء الفريقين (كما مر في ج 1 ص 195) فرواه بلفظ يقرب مما يأتي عن كتاب " علم اليقين " للمحقق الفيض الكاشاني، وتبعه على روايته لفيف من علماء الاسلام لا يستهان بعدتهم فرواه من الحفاظ:
1 - الحافظ أبو عبد الله المرزباني محمد بن عمران الخراساني المتوفى 378 (2) أخرج في (مرقاة الشعر) عن محمد بن الحسين عن حفص عن محمد بن هارون عن قاسم بن الحسن
____________
(1) هذا من أعلام النبوة ومن مغيبات رسول الله، فقد علم أنه سوف ينحرف عن إمام الهدى صلوات الله عليه في أخريات أيامه، فعلق دعائه على ظرف استمراره في نصرتهم.
(2) لنا في مذهب الرجل نظر.
يناديهم يوم الغدير نبيهم الأبيات 2 - الحافظ الخركوشي أبو سعد المتوفى 406 (المترجم 1 ص 108) أخرجه في كتابه (شرف المصطفى).
3 - الحافظ ابن مردويه الاصبهاني المتوفى 410 (المترجم 1 ص 108) أخرجه بإسناده عن أبي سعيد الخدري حديث الغدير كما مر ج 1 ص 231 وفيه: فقال حسان ابن ثابت: يا رسول الله؟ أتأذن لي أن أقول أبياتا؟ فقال: قل على بركة الله فقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم الأبيات ورواه عن ابن عباس بلفظ مر ج 1 ص 217.
4 - الحافظ أبو نعيم الاصبهاني المتوفى 430 (المترجم 1 ص 109) أخرجه في كتابه - ما نزل من القرآن في علي - بالسند والمتن الذين أسلفناهما ج 1 ص 232 وفيه: فقال حسان: إئذن لي يا رسول الله؟ أن أقول في علي أبياتا تسمعهن. فقال:
قل على بركة الله. فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش؟ أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية. إلخ...
5 - الحافظ أبو سعيد السجستاني المتوفى 477 (المترجم 1 ص 112) أخرجه في - كتاب الولاية - بسند ولفظ مر 1 ج 1 ص 233.
6 - أخطب الخطباء الخوارزمي المالكي المتوفى 568، تأتي ترجمته في شعراء القرن السادس، رواه في - مقتل الإمام السبط الشهيد - و " المناقب " ص 80 بسند ولفظ ذكر في ج 1 ص 234.
7 - الحافظ أبو الفتح النطنزي (المترجم 1 ص 115) رواه في - الخصايص العلوية على ساير البرية - عن الحسن بن أحمد المهري، عن أحمد بن عبد الله بن أحمد،
8 - أبو المظفر سبط الحافظ ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 (المترجم 1 ص 120) رواه في - تذكرة خواص الأمة - ص 20.
9 - صدر الحفاظ الكنجي الشافعي المتوفى 658 (المذكور ج 1 ص 120) ذكره في " كفاية الطالب " ص 17 بلفظ أبي نعيم المذكور.
10 - شيخ الاسلام صدر الدين الحموي المتوفى 722 (المترجم ج 1 ص 123) رواه في - فرايد السمطين - في الباب الثاني عشر عن الشيخ تاج الدين أبي طالب علي ابن الحب بن عثمان الخازن، عن برهان الدين ناصر ابن أبي المكارم المطرزي، عن أخطب خوارزم بسنده ولفظه المذكورين.
م 11 - الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي شمس الدين الحنفي المتوفى بضع و 750 " المترجم ا: 125 " أخرجه في كتابه: نظم درر السمطين].
12 - الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 911 (المترجم 1 ص 133) ذكره في رسالته - الازدهار فيما عقده الشعراء من الأشعار - نقلا عن تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم الحنفي المتوفى 749.
* (ورواه من أعلام الإمامية) *
1 - أبو عبد الله محمد بن أحمد المفجع المتوفى 227، (1) رواه في شرح قصيدته المعروفة بالأشباه عن عبد الله بن محمد بن عايشة القرشي عن المبارك عن عبد الله ابن أبي سلمان عن عطا عن جابر بن عبد الله: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بغدير خم، ونصب بدوحات، وكان يوم حار وإن أحدنا ليستظل بثوبه، ويبل خرقة فيضعها على رأسه من شدة الحر فقام عليه السلام فقال: أيها الناس؟ ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجي أمهاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله؟ فأخذ بيد علي
____________
(1) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته.
2 - أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن يزيد الطبري رواه في (المسترشد) بإسناده عن يحيى الحماني عن قيس عن العبدي عن أبي سعيد بلفظ الحافظ أبي نعيم الاصبهاني المذكور إلا أن البيت الثالث فيه:
3 - شيخنا أبو جعفر الصدوق محمد بن بابويه القمي المتوفى 381، رواه في " الأمالي " ص 343 بالسند والمتن المذكورين عن الحافظ المرزباني.
4 - الشريف الرضي المتوفى 406 صاحب نهج البلاغة (1) في خصايص الأئمة 5 - معلم الأمة شيخنا المفيد المتوفى 413، رواه في " الفصول المختارة " 1 ص 87 وقال: ومما يشهد بقول الشيعة في معنى المولى وأن النبي أراد به يوم الغدير الإمامة قول حسان بن ثابت على ما جاء به الأثر: أن رسول الله لما نصب عليا يوم الغدير للناس علما وقال فيه ما قال، استأذنه حسان بن ثابت في أن يقول شعرا فأنشأ يقول:
فلما فرغ من هذا القول قال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك، فلولا أن النبي صلى الله عليه وآله أراد بالمولى الإمامة لما أثنى على حسان بإخباره بذلك، ولأنكره عليه، ورده عنه.
ورواه في رسالته في معنى المولى وقال بعد ذكره: شعر حسان مشهور في ذلك، وهو شاعر رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قال له: لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وهذا صريح في الاقرار بإمامته من جهة القول الكائن في
____________
(1) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته.
ورواه في تأليفه - النصرة لسيد العترة في حرب البصرة - وفي كتابه " الارشاد " ص 31، 64 بلفظ يقرب من رواية الحافظ أبي نعيم الاصبهاني المذكور.
6 - الشريف المرتضى علم الهدى المتوفى 436، في شرح بائية السيد الحميري.
7 - أبو الفتح الكراجكي المتوفى 449 في " كنز الفوائد " ص 123 وقال ما ملخصه: إن شعر حسان هذا قد صارت به الركبان وقد تضمن الاقرار لأمير - المؤمنين عليه السلام بالإمامة، والرياسة على الأنام لما مدحه بذلك يوم الغدير بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله على رؤس الاشهاد فصوبه النبي في مقاله، وقال له: لا تزال يا حسان؟ مؤيدا ما نصرتنا بلسانك.
8 - الشيخ عبيد الله بن عبد الله السدابادي رواه في " المقنع " في الإمامة.
9 - شيخ الطايفة أبو جعفر الطوسي المتوفى 460 في تلخيص الشافي.
10 - المفسر الكبير الشيخ أبو الفتوح الخزاعي الرازي من مشايخ ابن شهر آشوب المتوفى 588، رواه في تفسيره 2 ص 192 بلفظ يقرب من لفظ الحافظ أبي نعيم وزاد فيه: (1)
11 - شيخنا الفتال أبو علي الشهيد المترجم في كتابنا " شهداء الفضيلة " ص 37، رواه في " روضة الواعظين " ص 90.
12 - أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، رواه في " إعلام الورى " ص 81.
13 - ابن شهر آشوب السروي المتوفى 588، في " المناقب " 3 ص 35.
14 - أبو زكريا يحيى بن الحسن الحلي الشهير بابن بطريق، رواه في " الخصايص " ص 37 من طريق الحافظ أبي نعيم الاصبهاني.
15 - السيد هبة الدين رواه في كتابه (المجموع الرائق) المخطوط.
16 - رضي الدين سيدنا علي بن طاووس المتوفى 664 في " الطريف " ص 35.
17 - بهاء الدين أبو الحسن الأربلي المتوفى 692 / 3 في " كشف الغمة " ص 94.
____________
(1) ستقف على أن هذه الزيادة في محلها من شعر حسان.
19 - الشيخ يوسف بن أبي حاتم الشامي في موضعين من كتابه (الدر النظيم) 20 - الشيخ علي البياضي العاملي في كتابه " الصراط المستقيم " 21 - القاضي نور الله المرعشي الشهيد سنة 1019، المترجم في كتابنا " شهداء الفضيلة " ص 171 ذكره في " مجالس المؤمنين " ص 21.
22 - مولانا المحقق المحسن الكاشاني المتوفى 1019 في " علم اليقين " ص 142 نقلا عن - التهاب نيران الأحزان - بلفظ يقرب من لفظ سليم بن قيس الهلالي التابعي في كتابه وهو:
23 - الشيخ إبراهيم القطيفي، في " الفرقة الناجية " بلفظ الكاشاني.
24 - السيد هاشم البحراني المتوفى 1107، في " غاية المرام " ص 87.
25 - العلامة المجلسي المتوفى 1111 في " بحار الأنوار " 9 ص 234، 259.
26 - شيخنا البحراني صاحب " الحدايق " المتوفى 1186، في " كشكوله " 2 ص 18.
وهناك جمع آخرون رووا هذا الحديث وفي المذكورين كفاية.
* (لفت نظر) *
والذي يظهر للباحث أن حسانا أكمل هذا الأبيات قصيدة ضمنها نبذا من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام فكل أخذ منها شطرا يناسب موضوعه، وذكر الحافظ ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن فضل، قال: حدثنا سالم بن أبي حفصة، عن جميع بن عمير، عن عبد الله بن عمر، وصدر الحفاظ الكنجي الشافعي في كفايته (ط نجف) ص 38، و (ط مصر) ص 16، و (ط ايران) 21، وابن الصباغ المالكي في فصوله المهمة ص 22 وغيرهم منها قوله:
هذه الأبيات إشارة إلى حديث صحيح متواتر أخرجه أئمة الحديث بأسانيد رجال جلها كلهم ثقات أنهوها إلى:
بريدة بن الخصيب عبد الله بن عمر عبد الله بن العباس عمران بن حصين
أبي سعيد الخدري أبي ليلى الأنصاري سهل الساعدي أبي هريرة الدوسي
سعد بن أبي وقاص البراء بن عازب سلمة بن الأكوع.
فأخرجه البخاري في صحيحه 4 ص 323 عن سهل، وج 5 ص 269 عنه، و 270 عن سلمة، و ج 6 ص 191 عن سلمه وسهل، وأخرجه مسلم في صحيحه 2 ص 324، والترمذي في صحيحه 2 ص 300 وصححه، وأحمد بن حنبل في مسنده 1 ص 99، و ج 5 ص 353، 358 وغيرها، وابن سعد في طبقاته 3 ص 158، وابن هشام في سيرته 3 ص 386، والطبري في تاريخه 2 ص 93، والنسائي في خصايصه 4 - 8، 16، 33، والحاكم في المستدرك 3 ص 190، 116 وقال: هذا حديث دخل في حد
____________
(1) ورواه شيخنا الطبري في " المسترشد " رواية عن الحافظ ابن أبي شيبة المذكور، و أبو علي الفتال في " روضة الواعظين " وغيرهما.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال فبات الناس يدوكون (2) ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله؟ يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتى لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله؟ أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لإن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم وفي لفظه الآخر: ففتح الله عليه.
* (ديوان حسان) *
إن لحسان في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مدايح جمة غير ما سبقت الإشارة إليه، وسنوقفك على ما التقطناه من ذلك، فمن هذه الناحية نعرف أن يد الأمانة لم تقبض عليها يوم مدت إلى ديوانه، فحرفت الكلم عن مواضعها، ولعبت بديوان حسان كما لعبت بغيره من الدواوين والكتب والمعاجم التي أسقطت منها مدايح أهل
____________
(1) بفتح المهملة ثم الميم المضمومة المشددة نسبة إلى جده حمويه، ونحن تبعا على المؤلفين ذكرناه في المجلد الأول (الحمويني) وقد أوقفنا السير على كلام ابن الأثير من أن رجال هذه الأسرة يكتبون لأنفسهم (الحموي) وضبطه على ما ذكر فعدلنا عما كنا عليه.
(2) أي يخوضون. يقال: الناس في دوكة. أي: في اختلاط وخوض. وأصله من الدوك.
وهو: الحق. وفي كثير من الكتب: يذكرون. وهو: تصحيف.
في تاريخ اليعقوبي 2 ص 107، وشرح ابن أبي الحديد 3 ص 14 وغيرهما: صعد أبو بكر المنبر عند ولايته الأمر فجلس دون مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله بمرقاة ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن استقمت فاتبعوني، وإن زغت فقوموني، لا أقول إني أفضلكم فضلا، ولكني أفضلكم حملا، وأثنى على الأنصار خيرا وقال:
أنا وإياكم معشر الأنصار كما قال القائل:
فاعتزلت الأنصار عن أبي بكر فغضبت قريش وأحفظها ذلك فتكلم خطباؤها وقدم عمرو بن العاص فقالت له قريش: قم فتكلم بكلام تنال فيه من الأنصار، ففعل ذلك، فقام الفضل بن العباس فرد عليهم، ثم صار إلى علي فأخبره وأنشده شعرا قاله، فخرج علي مغضبا حتى دخل المسجد فذكر الأنصار بخير ورد على عمرو بن العاص قوله، فلما علمت الأنصار ذلك سرها وقالت: ما نبالي بقول من قال مع حسن قول علي، واجتمعت إلى حسان بن ثابت فقالوا: أجب الفضل، فقال: إن عارضته بغير قوافيه فضحني فقالوا (1):
____________
(1) في شرح ابن أبي الحديد: فقال له خزيمة بن ثابت: أذكر عليا وآله يكفيك عن كل شيئ.
* (قوله) *:
فصدرك مشروح. إشارة إلى ما ورد في قوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للاسلام، فإنها نزلت في علي وحمزة. رواه الحافظ محب الدين الطبري في رياضه 2 ص 207 عن الحافظين الواحد وأبي الفرج، وفي ذخاير العقبى ص 88.
* (قوله) *:
وقلبك ممتحن. أشار به إلى النبوي الوارد في أمير المؤمنين: إنه امتحن الله قلبه بالإيمان (2) أخرجه من الحفاظ والعلماء منهم: النسائي في خصايصه ص 11، والترمذي في الصحيح 2 ص 298، والخطيب البغدادي في تاريخه 1 ص 133، م - والبيهقي في المحاسن والمساوي 1 ص 29] ومحب الدين الطبري في الرياض 2 ص 191، وذخاير العقبي ص 76 وقال: أخرجه الترمذي وصححه، والكنجي في الكفاية ص 34، وقال: هذا حديث عال حسن صحيح، والحموي في فرايده في الباب ال 33، والسيوطي في جمع الجوامع بعدة طرق كما في كنز العمال 6 ص 393 و 396، والبدخشي في نزل الأبرار ص 11 وغيرهم.
* (قوله) *:
ألست أخاه في الهدى ووصيه. أوعز به إلى حديثي الاخاء والوصية وهما من الشهرة والتواتر بمكان عظيم يجدهما الباحث في جل مسانيد الحفاظ والأعلام.
____________
(1) هذان البيتان ذكرهما لحسان شيخ الطايفة المفيد كما في (الفصول) 2 ص 61 و 67.
(2) كذا في لفظ الخطيب، وفي بعض المصادر: على الإيمان. وفي بعضها: للإيمان.
* (قوله) *:
وأعلم فهر بالكتاب وبالسنن. أراد به ما ورد في علم علي أمير المؤمنين بالكتاب والسنة. أخرج الحفاظ عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث فاطمة سلام الله عليها: زوجتك خير أهلي أعلمهم علما، وأفضلهم حلما، وأولهم إسلاما.
وفي حديث آخر: أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب. وفي ثالث: أعلم الناس بالله وبالناس.
وفي حديث: يا علي لك سبع خصال وعد منها: وأعلمهم بالقضية (1) وأخرج محب الدين الطبري في رياضه 2 ص 193، والذخاير ص 78، وابن عبد البر في الاستيعاب (هامش الإصابة) 3 ص 40 عن عايشة: إنه أعلم الناس بالسنة. وفي كفاية الكنجي ص 190 عن أبي أمامة عنه صلى الله عليه وآله: أعلم أمتي بالسنة والقضاء بعدي علي ابن أبي طالب. وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 49، وشيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب الثامن عشر بإسناده عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله: أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب.
وأخرج الحفاظ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا (2) و عن النبي صلى الله عليه وآله قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا أحدا (3) وقال السيد أحمد زيني دحلان في " الفتوحات الإسلامية " 2 ص 337: كان علي رضي الله عنه أعطاه الله علما كثيرا وكشفا غزيرا قال أبو الطفيل: شهدت عليا يخطب و هو يقول: سلوني (4) من كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل، ولو شئت أوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب، وقال
____________
(1) حلية الأولياء 1 ص 66، كنز العمال 6 ص 153، 156، 398.
(2) حلية الأولياء 1 ص 28، كفاية الكنجي ص 90، كنز العمال 6 ص 396، إسعاف الراغبين ص 162.
(3) حلية الأولياء 1 ص 65.
(4) في الإصابة 2 ص 509: سلوني سلوني سلوني عن كتاب الله. الحديث
وهناك نظير هذه الأحاديث والكلمات حول علم أمير المؤمنين بالكتاب والسنة كثير جدا لو جمعته يد التأليف لجاء كتابا ضخما.
* (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) *
ذكر له أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 115، والكنجي الشافعي في كفايته ص 55، وابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 10 وقال:
فشت هذه الأبيات من قول حسان وتناقلها سمع عن سمع ولسان عن لسان:
____________
(1) أخرجه كثير من الحفاظ وأئمة الحديث.
(2) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1 ص 65.
وذكرها له نقلا عن شرح النهج الأستاذ أحمد زكي صفوت في " جمهرة الخطب " 2 ص 23.
أشار بهذه الأبيات إلى قوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون. ونزوله في علي عليه السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط فيما شجر بينهما، أخرج الطبري في تفسيره 21 ص 62 بإسناده عن عطاء بن يسار قال: كان بين الوليد وعلي كلام فقال الوليد: أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأرد منك للكتيبة فقال علي: اسكت فإنك فاسق. فأنزل الله فيهما: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا. الآية.
وفي الأغاني 4 ص 185، وتفسير الخازن 3 ص 470: كان بين علي والوليد تنازع وكلام في شيئ فقال الوليد لعلي: اسكت فإنك صبي وأنا شيخ، والله إني أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال له علي:
اسكت فإنك فاسق. فأنزل الله هذه الآية.
وأخرجه م - الواحدي بإسناده من طريق ابن عباس في " أسباب النزول " ص 263، و] محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 206 عن ابن عباس وقتادة من طريق الحافظين السلفي والواحدي، وفي ذخاير العقبى ص 88، والخوارزمي في المناقب ص 188، والكنجي في الكفاية ص 55، والنيسابوري في تفسيره، وابن كثير في تفسيره 3 ص 462 قال: ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما: إنها نزلت في علي بن أبي طالب
____________
(1) في التذكرة: هناك. بدل " بذاك " في الموضعين.
(2) أبان: هو أبو معيط جد الوليد. والتبان: سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة فقط كان يخص بالملاحين.
وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 ص 394، ج 2 ص 103 وحكى عن شيخه:
إنه من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به وإطباق الناس عليه. وأخرجه السيوطي في الدر المنثور 4 ص 178 وقال: أخرج أبو الفرج في الأغاني، والواحدي، وابن عدي، وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر، من طرق عن ابن عباس، وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطا بن يسار، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله، وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه، وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس. م - وذكره الحلبي في السيرة 2 ص 85].
* (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) *
ذكر له أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 10:
في البيت الأول إيعاز إلى مأثرة تصدقه صلوات الله عليه خاتمه للسائل راكعا وفيها نزل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا. الآية. وسنوقفك على بيانها في شرح البيت الثالث إنشاء الله تعالى.
وبثاني الأبيات أشار إلى حديث أصفقت الأمة عليه من أن عليا عليه السلام لبس برد النبي صلى الله عليه وآله الحضرمي الأخضر ونام على فراشه ليلة هرب النبي من المشركين إلى الغار وفداه بنفسه ونزلت فيه: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله (سورة البقرة 207).
قال أبو جعفر الاسكافي كما في شرح البلاغة لابن أبي الحديد 3 ص 270:
حديث الفراش قد ثبت بالتواتر فلا يجحده إلا مجنون أو غير مخالط لأهل الملة، وقد
____________
(1) وذكرها الكنجي في الكفاية ص 123 ونسبها إلى بعضهم وفيه: في تسع آيات جعلن كبارا.
آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي:
بخ بخ من مثلك يا علي؟ يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة. فأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله. وقال ابن عباس: نزلت الآية في علي حين هرب - رسول الله - من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام على فراش النبي.
وحديث الثعلبي هذا رواه بطوله الغزالي في " إحياء العلوم " 3 ص 238، و الكنجي في " كفاية الطالب " ص 114، والصفوري في " نزهة المجالس " 2 ص 209 نقلا عن الحافظ النسفي. ورواه ابن الصباغ المالكي في فصوله ص 33، وسبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 21، والشبلنجي في نور الأبصار ص 86، و في المصادر الثلاثة الأخيرة: قال ابن عباس: أنشدني أمير المؤمنين شعرا قاله في تلك الليلة:
ويوجد حديث ليلة المبيت في مسند أحمد 1 ص 348، تاريخ الطبري 2 - ص 99 - 101، الطبقات لابن سعد 1 ص 212، تاريخ اليعقوبي 2 ص 529 سيرة ابن هشام 2
____________
(1) وتوجد هذه الأبيات في مناقب الخوارزمي مع زيادة بيت.
ويوجد الايعاز إلى هذه المأثرة في حديث صحيح عن ابن عباس أخرجه جمع من الحفاظ الاثبات راجع ما مر ج 1 ص 50 و 51، وهي مروية في حديث عن الإمام السبط الحسن وقال: بات أمير المؤمنين يحرس رسول الله صلى الله عليه وآله المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة حتى أنزل الله فيه: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله (1)
* (البيت الثالث) *
أشار به إلى الآيات التسع النازلة في أمير المؤمنين التي سمي فيها مؤمنا، ونحن وقفنا من تلك على عشر (2) آيات ولم نعرف خصوص التسع المراد لحسان في قوله، م - وقال معاوية بن صعصعة في قصيدة له ذكرها نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 31:
والآيات:
1 - أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون
(سورة السجدة 18)
مر الايعاز إلى حديث نزولها في علي عليه السلام ص 46 من هذا الجزء.
2 - هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
(سورة الأنفال 62)
أخرج الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في تاريخه قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن مسلم الشافعي، أخبرنا أبو القاسم بن العلا، وأبو بكر محمد بن عمر بن سليمان العريني
____________
(تذكرة السبط ص 115، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 103، جمهرة الخطب 2 ص 12.
2 - وكذا قال الإمام الحسن السبط الزكي في حديث: سمي أبي مؤمنا في عشر آيات.