الصفحة 26
ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حبيب الله، والحسن الحسين صفوة الله، فاطمة خيرة الله، على مبغضيهم لعنة الله. ورواه الخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 240.

* (قوله) *:

كان الإله وليها * وأمينه جبريل خاطب

إشارة إلى أن الله تعالى هو زوج فاطمة عليا وكان ولي أمرها وخطب فيه الأمين جبرئيل عليه السلام كما ورد عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

أيها الناس؟ هذا علي بن أبي طالب أنتم تزعمون أنني أنا زوجته ابنتي فاطمة ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أجب، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان فقال: يا محمد: العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، وقد جمع الروحانيين والكروبيين في واد يقال له: الأفيح. تحت شجرة طوبى و زوج فاطمة عليا وأمرني، فكنت الخاطب: والله تعالى الولي. الحديث. [كفاية الطالب ص 164].

وأخرج محب الدين الطبري في الذخاير " ص 31 عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني ملك فقال: يا محمد؟ إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني قد زوجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى فزوجها منه في الأرض.

وأخرج النسائي والخطيب في تأريخه 4 ص 129 بالإسناد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله صبيح العرس رعدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فاطمة؟ إني زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين يا فاطمة؟ إني لما أردت أن أملكك لعلي أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم جبريل فزوجك من علي ثم أمر شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم أمرها فنثرته على الملائكة، فمن أخذ منهم يومئذ أكثر مما أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة. قالت أم سلمة: فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حيث أول من خطب عليها جبريل. وذكره الكنجي في " الكفاية " ص

الصفحة 27
165 ثم قال: حديث حسن عال رزقناه عاليا. ومحب الدين في " الذخاير " ص 32.

وروى الصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225 عن جبرئيل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أمر رضوان أن ينصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور وأمر ملكا يقال له: " راحيل " أن يصعده، فعلا المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله فارتجت السموات فرحا وسرورا، وأوحى الله إلي أن أعقد عقدة النكاح، فإني زوجت عليا بفاطمة أمتي بنت محمد رسولي، فعقدت وأشهدت الملائكة وكتبت شهادتهم في هذه الحريرة، وإني أمرت أن أعرضها عليك وأختمها بخاتم مسك أبيض وأدفعها إلى رضوان خازن الجنان. وهناك في هذا المعنى أخبار كثيرة.

* (قوله) *:

والمهر خمس الأرض موهبة * تعالت في المواهب

أشار به إلى ما أخرجه شيخ الاسلام الحموي في (فرايد السمطين) في الباب الثامن عشر عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي: يا علي؟ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وإنه أوحى إلي أن أزوجك فاطمة على خمس الأرض، فهي صداقها فمن مشى على الأرض وهو لكم مبغض فالأرض حرام عليه أن يمشي عليها.

* (قوله) *:

وتهابها من حمل طوبى * طيبت تلك المواهب

أشار إلى حديث النثار المروي عن بلال بن حمامة قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم متبسما ضاحكا ووجهه مسرور كدارة القمر فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله ما هذا النور؟ قال: بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي بأن الله زوج عليا من فاطمة، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاعا - يعني صكاكا - بعدد محبي أهل البيت، وأنشأ تحتها ملائكة من نور ودفع إلى كل ملك صكاكا، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلايق فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت له صكا فيه فكاكه من النار، فصار أخي وابن عمي وبنتي فكاك رقاب رجال ونساء أمتي من النار.

أخرجه الخطيب في تاريخه 4 ص 210. وابن الأثير في أسد الغابة 1 ص 206

الصفحة 28
وابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة ". وأبو بكر الخوارزمي في " المناقب ". و ابن حجر في " الصواعق " ص 103. والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225. والحضرمي في " رشفة الصادي " ص 28.

وأخرج أبو عبد الله الملا في سيرته عن أنس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال لعلي: هذا جبريل يخبرني أن الله زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري عليهم الدر والياقوت. فنثرت عليهم الدر والياقوت فابتدرت إليه الحور العين يتلقطن في أطباق الدر والياقوت فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة. ورواه محب الدين في " الذخاير " ص 32. وفي " الرياض " 2 ص 184.

والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 223.

* (ومن شعر العبدي) *

يا سادتي يا بني علي * يا آل طه وآل صاد
من ذا يوازيكم وأنتم * خلايف الله في البلاد
أنتم نجوم الهدى اللواتي * يهدي بها الله كل هاد
لولا هداكم إذا ضللنا * والتبس الغي بالرشاد
لا زلت في حبكم أوالي * عمري وفي بغضكم أعادي
وما تزودت غير حبي * إياكم وهو خير زاد
وذاك ذخري الذي عليه * في عرصة الحشر اعتمادي
ولاكم والبراء ممن * يشنأكم إعتقادي

وللعبدي قوله:

وزوج في السماء بأمر ربي * بفاطمة المهذبة الطهور
وصير مهرها خمسا بأرض * لما تحويه من كرم وحور
فذا خير الرجال وتلك خير ال * نساء ومهرها خير المهور

وله:

إذ أتته البتول فاطم تبكي * وتوالي شهيقها والزفيرا
اجتمعن النساء عندي وأقبلن * يطلن التقريع والتعبيرا


الصفحة 29

قلن إن النبي زوجك اليوم * عليا بعلا معيلا فقيرا
قال يا فاطم اصبري واشكري الله * فقد نلت منه فضلا كبيرا
أمر الله جبرئيل فنادى * معلنا في السماء صوتا جهيرا
اجتمعن الأملاك حتى إذا ما * وردوا بيت ربنا المعمورا
قام جبريل خاطبا يكثر ال - تحميد لله جل والتكبيرا
خمس أرضي لها حلال فصير * ه على الخلق دونها مبرورا
نثرت عند ذاك طوبى الحور * من المسلك والعبير نثيرا

* (بيان) *

إذا أتته البتول فاطم تبكي * وتوالي شهيقا والزفيرا

إشارة إلى ما أخرجه م - الحافظ عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس و] الخطيب بإسناده في تاريخه 4 ص 195 عن ابن عباس قال:

لما زوج النبي صلى الله عليه وآله فاطمة من علي قالت فاطمة: يا رسول الله؟ زوجتني من رجل فقير ليس له شيئ. فقال النبي صلى الله عليه وآله أما ترضين؟! إن الله اختار من أهل الأرض رجلين:

أحدهما أبوك والآخر زوجك. وذكره الحاكم في المستدرك 3 ص 129 وصححه.

والهيثمي في " المجمع " 9 ص 112. والسيوطي في " المجمع " كما في ترتيبه 6 ص 391.

والصفوري في " النزهة " 2 ص 226.

وفي نزهة المجالس 2 ص 226 عن العقائق: أن فاطمة رضي الله عنها بكت ليلة عرسها فسألها النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقالت له: تعلم إني لا أحب الدنيا ولكن نظرت إلى فقري في هذه الليلة أن يقول لي علي: بأي شيئ جئت؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله: لك الأمان فإن عليا لم يزل راضيا مرضيا. ثم بعد ذلك تزوجت امرأة من اليهود وكانت كثيرة المال فدعت النساء إلى عرسها فلبسن أفخر ثيابهن ثم قلن: نريد أن ننظر إلى بنت محمد وفقرها.

فدعونها، فنزل جبريل بحلة من الجنة فلما لبستها واتزرت وجلست بينهن رفعت الإزار فلمعت الأنوار فقالت النساء: من أين لك هذا يا فاطمة؟! فقالت: من أبي. فقلن: من أين لأبيك؟! قالت: من جبريل. قلن من أين لجبريل؟! قالت: من الجنة. فقلن: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمن أسلم زوجها استمرت معه وإلا تزوجت

الصفحة 30
غيره. مر بيان ما في بقية الأبيات من الحديث المأثور.

وللعبدي قوله من قصيدة يمدح بها عليا عليه السلام:

وكان يقول: يا دنياي غري * سواي فلست من أهل الغرور

ومن أخرى.

لم تشتمل قلبه الدنيا بزخرفها * بل قال: غري سواي كل محتقر

أشار بهما إلى ما في حديث ضرار بن ضمرة الكناني لما وصف أمير المؤمنين لمعاوية بن أبي سفيان قال: لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه قابضا على لحيته يتملل السليم ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا؟ يا دنيا؟ غري غيري، إلي تعرضت؟! أم إلي تشوقت؟! هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك يسير. الحديث.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 ص 84. وابن عبد البر في " الاستيعاب ". وابن عساكر في تاريخه 7 ص 35 وكثيرون آخرون من الحفاظ والمؤرخين.

وله قوله:

لما أتاه في حجراته * والطهر يخصف نعله ويرقع
قالوا له: إن كان أمر من لنا * خلف إليه في الحوادث نرجع؟!
قال النبي: خليفتي هو خاصف * النعل الزكي العالم المتورع

أشار بهذه الأبيات إلى حديث أم سلمة قالت لعايشة أم المؤمنين في بدء واقعة الجمل: أذكرك كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله صلى الله عليه وآله فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحدثانه فيما أرادا ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا. فقال لهما: أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران. فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قلت له وكنت أجرأ عليه منا: من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟! فقال: خاصف النعل. فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت: يا

الصفحة 31
رسول الله؟ ما أرى إلا عليا. فقال: هو ذاك. فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك. فقالت:

فأي خروج تخرجين بعد هذا؟! فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الناس وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت: أنت ورأيك. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 ص 78.

ولشاعرنا العبدي قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه السلام:

يا من شكت شوقه الأملاك إذ شغفت * بحبه وهواه غاية الشغف
فصاغ شبهك رب العالمين فما * ينفك من زاير منها ومعتكف

وله في مدحه صلوات الله عليه:

صور الله لأملاك العلى * مثله أعظمه في الشرف
وهي ما بين مطيف زاير * ومقيم حوله معتكف
هكذا شاهده المبعوث في * ليلة المعراج فوق الرفرف

في هذه الأبيات إشارة إلى حديث الحافظ المتقن الكبير الثقة يزيد بن هارون عن حميد الطويل الثقة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مررت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به فقلت:

يا جبرئيل من هذا الملك؟ قال: ادن منه وسلم عليه. فدنوت منه وسلمت عليه، فإذا أنا بأخي وابن عمي علي بن أبي طالب. فقلت: يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة؟!

فقال لي: يا محمد؟ لا، ولكن الملائكة شكت حبها لعلي فخلق الله تعالى هذا الملك من نور على صورة علي، فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة يسبحون الله ويقدسونه ويهدون ثوابه لمحب علي. أخرجه الحافظ الكنجي في " الكفاية " ص 51 وقال: هذا حديث حسن عال لم نكتبه إلا من هذا الوجه.

ومن شعر العبدي قوله:

وزوجه بفاطم ذو المعالي * على الارغام من أهل النفاق
وخمس الأرض كان لها صداقا * ألا لله ذلك من صداق

وقوله يمدح به أمير المؤمنين:

وكم غمرة للموت في الله خاضها * ولجة بحر في الحكوم أقامها
وكم ليلة ليلاء لله قامها * وكم صبحة مشجورة الحر صامها


الصفحة 32
وقوله في مدحه عليه السلام:

أنت عين الإله والجنب من فـــــرط فيه يصلى لظى مذموما
أنت فلك النجاة فينا وما زلـــــت صراطا إلى الهدى مستقيما
وعليك الورود تسقي من الحو - ض ومن شئت ينثني محروما
وإليك الجواز تدخل من شئت * جنانا ومن تشاء جحيما

مر بيان ما في بعض هذه الأبيات. (قوله):

وعليك الورود تسقي من الحو - ض ومن شئت ينثني محروما

فيه إيعاز إلى أن سقاية الحوض (الكوثر) يوم القيامة بيد علي أمير المؤمنين يسقي منه محبيه ومواليه ويذود عنه المنافقين والكفار، وورد في ذلك أحاديث في الصحاح والمسانيد ونحن نذكر بعضها:

1 - أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها المنافقين عن الحوض.

" الذخاير " ص 91، " الرياض " 2 ص 211، " مجمع الزوائد " 9 ص 135، " الصواعق " 104.

2 - أخرج أحمد في " المناقب " بإسناده عن عبد الله بن إجارة قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول: أنا أذود عن حوض رسول الله صلى بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الإبل عن حياضهم.

ورواه الطبراني في الأوسط. وذكر في مجمع الزوايد 9 ص 139، والرياض النضرة 2 ص 211، وكنز العمال 6 ص 403.

3 - أخرج ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي: أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه إليك وأنت تذود الناس عن حوضي. وذكره السيوطي في " الجمع " كما في ترتيبه 6 ص 400 وفي ص 393 عن ابن عباس عن عمر في حديث طويل عنه صلى الله عليه وآله: وأنت تتقدمني بلواء الحمد وتذود عن حوضي.

2 - أخرج أحمد في " المناقب " بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله

الصفحة 33
صلى الله عليه وآله: أعطيت في علي خمسا هو أحب إلي من الدنيا وما فيها، أما واحدة: فهو تكأتي بين يدي الله عز وجل حتى يفرغ من الحساب. وأما الثانية: فلواء الحمد بيده آدم و من ولده تحته. وأما الثالثة: فواقف على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي. الحديث.

وذكر في الرياض النضرة 2 ص 203، وكنز العمال 6 ص 403.

5 - أخرج شاذان الفضيلي بإسناده عن أمير المؤمنين قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

يا علي؟ سألت ربي عز وجل فيك خمس خصال فأعطاني أما الأولى: فإني سألت ربي:

أن تنشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني. وأما الثانية: فسألته:

أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني. وأما الثالثة: فسألته: أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر عليه المفلحون والفائزون بالجنة، فأعطاني. وأما الرابعة: فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي. فأعطاني. وأما الخامسة: فسألت ربي: أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنة فأعطاني. فالحمد لله الذي من به علي.

وتجده في " المناقب " للخطيب الخوارزمي ص 203، و [فرايد السمطين] في الباب الثامن عشر، و [كنز العمال] 6 ص 402.

6 - أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة في حديث قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كأني بك (يا علي) وأنت على حوضي تذود عنه الناس وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرير متقابلين أنت معي وشيعتك في الجنة. [مجمع الزوايد 9 ص 173].

7 - عن جابر بن عبد الله في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي؟

والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه رجالا كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصا لك من عوسج وكأني أنظر إلى مقامك من حوضي. [مناقب الخطيب ص 65].

8 - أخرج الحاكم في " المستدرك " 3 ص 138 بإسناده وصححه عن علي بن أبي طلحة قال: حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج - بالتصغير - فقيل للحسن: إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي. فقال: علي به فأتي به، فقال: أنت الساب لعلي؟! فقال: ما فعلت. فقال: والله إن لقيته وما أحسبك

الصفحة 34
تلقاه يوم القيامة لتجده قائما على حوض رسول الله صلى الله عليه وآله يذود عنه رايات المنافقين بيده عصا من عوسج، حدثنيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وقد خاب من افترى.

وأخرجه الطبراني وفي لفظه: لتجدنه مشمرا حاسرا عن ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وآله قول الصادق المصدوق محمد.

* (قوله) *:

وإليك الجواز تدخل من شئت * جنابا ومن تشاء جحيما

أشار به إلى معنى ورد في أخبار كثيرة نقتصر بذكر بعضها.

1 - أخرج الحافظ ابن السمان في الموافقة عن قيس بن حازم قال: التقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم أبو بكر في وجه علي فقال له: مالك تبسمت ؟! قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله: يقول: لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز.

وذكر في الرياض النضرة 2 ص 177 و 244. والصواعق 75. وإسعاف الراغبين 161.

2 - عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة أقام الله عز وجل جبريل ومحمدا على الصراط فلا يجوز أحد إلا من كان معه براة من علي بن أبي طالب. أخرجه الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 253.

والفقيه ابن المغازلي في " المناقب " بلفظ: علي يوم القيامة على الحوض لا يدخل إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب. وذكره القرشي في شمس الأخبار ص 36.

3 - أخرج الحاكمي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنم ما جازها أحد حتى كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب. وذكر في [فرايد السمطين] في الباب الرابع والخمسين.

و [الرياض النضرة] 2 ص 172.

4 - عن الحسن البصري عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب على الفردوس وهو جبل قد على على الجنة وفوقه عرش رب العالمين، ومن سفحه يتفجر أنهار الجنة وتتفرق في الجنان، وهو جالس على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه براة بولايته وولاية أهل بيته يشرف على الجنة فيدخل محبيه الجنة ومبغضيه النار. أخرجه الخوارزمي في

الصفحة 35
" المناقب " ص 42، والحموي في [فرايد السمطين] في الباب الرابع والخمسين.

5 - أخرج القاضي عياض في " الشفاء " عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: معرفة آل محمد براءة من النار. وحب آل محمد جواز على الصراط. والولاية لآل محمد أمان من العذاب. ويوجد في " الصواعق " ص 139 و " الإتحاف " ص 15. و " رشفة الصادي " ص 459.

6 - أخرج الخطيب في تاريخه 3 ص 161 عن ابن عباس قال: قلت للنبي صلى الله عليه وآله:

يا رسول الله للنار جواز؟! قال: نعم. قلت: وما هو؟! قال: حب علي بن أبي طالب. و يأتي حديث: علي قسيم الجنة والنار. في محله إنشاء الله تعالى.

* (ومن شعر العبدي يمدح أمير المؤمنين) *

وعلمك الذي علم البرايا * وألهمك الذي لا يعلمونا
فزادك في الورى شرفا وعزا * ومجدا فوق وصف الواصفينا
لقد أعطيت ما لم يعط خلقا * هنيئا يا أمير المؤمنينا
إليك اشتاقت الأملاك حتى * تحنت من تشوقها حنينا
هناك برا لها الرحمن شخصا * كشبهك لا يغادره يقينا

أشار بالبيت الأول إلى حديث مر ص 41 ومر بيان بقية الأبيات ص 288 ومن شعره:

لأنتم على الأعراف عرف عارف * بسيما الذي يهواكم والذي يشنا
أئمتنا أنتم سندعى بكم غدا * إذا ما إلى رب العباد معا قمنا
بجدكم خير الورى وأبيكم * هدينا إلى سبل النجاة وأنقذنا
ولولاكم لم يخلق الله خلقه * ولا لقب الدنيا الغرور ولا كنا
ومن أجلكم أنشا الإله لخلقه * سماء وأرضا وابتلى الإنس والجنا
تجلون عن شبه من الناس كلهم * فشأنكم أعلى وقدركم أسنا
إذا مسنا ضر دعونا إلهنا * بموضعكم منه فيكشفه عنا
وإن دهمتنا غمة أو ملمة * جعلناكم منها ومن غيرنا حصنا
وإن ضامنا دهر فعذنا بعزكم * فيبعد عنا الضيم لما بكم عذنا


الصفحة 36

وإن عارضتنا خفية من ذنوبنا * براة لنا منها شفاعتكم أمنا

البيت الأول إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأعراف: وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم. وما ورد فيه. أخرج الحاكم ابن الحداد الحسكاني (المترجم 1 ص 112) بإسناده عن أصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند علي فأتاه ابن الكوا فسأله عن قوله تعالى: وعلى الأعراف رجال. الآية. فقال: ويحك يا بن الكوا نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار.

وأخرج أبو إسحاق الثعلبي في - الكشف والبيان - في الآية الشريفة عن ابن عباس إنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه. ورواه ابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 17، وابن حجر في " الصواعق " ص 101، والشوكاني في " فتح القدير " 2 ص 198.

والبيت الثاني إشارة إلى قوله تعالى: يوم ندعو كل أناس بإمامهم. وأئمة الشيعة هم العترة الطاهرة يدعون بهم ويحشرون معهم إذ المرء كما قال النبي الأقدس مع من أحب. (1) ومن أحب قوما حشر معهم (1) ومن أحب قوما حشره الله في زمرتهم (3).

وبقية الأبيات بعضها واضحة وبعضها مر بيانه.

____________

(1) أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن أنس وابن مسعود.

(2) أخرجه الحاكم في المستدرك وابن الدبيع في تمييز الطيب من الخبيث ص 153.

(3) أخرجه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 488.

الصفحة 37

العبدي معاصر العبدي
* * *

عاصر المترجم من شعراء الشيعة مشاركه في كنيته ولقبه وبيئة نشأته ومذهبه ألا وهو أبو محمد يحيى بن بلال العبدي الكوفي، فنذكره لكثرة وقوع الاشتباه بينهما وقلة ذكره، قال المرزباني في معجمه ص 499: إنه كوفي نزل همدان وهو شاعر محسن يتشيع وله في الرشيد مدائح حسنة وهو القائل:

وللموت خير من حياة زهيدة * وللمنع خير من عطاء مكدر
فعش مثريا أو مكديا من عطية * تمنى وإلا فاسأل الله واصبر

وله:

لعمري لإن حارت أمية واعتدت * لأول من سن الضلالة أجور

وأنشد (العبدي هذا) عبد الله (1) بن علي بن العباس بنهر أبي فطرس وله فيه خبر:

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أمية من دعاة النار
  أأمي مالك من قرار فألحقي * بالجن صاغرة بأرض وبار
        فلئن رحلت لترحلن ذميمة * وإذا أقمت بذلة وصغار  ا هـ

وخبر العبدي هذا وإنشاده الشعر المذكور عبد الله العباسي ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار 1 ص 207، واليعقوبي في تأريخه 3 ص 91، وابن رشيق في العمدة 1 ص 48، وأحسب أن من علق على هذه الكتب لم يقف على ترجمة الشاعر فضرب عن ترجمته صفحا وسكت عن تعريفه.

فقال ابن قتيبة: ولما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال (2) لأبي عون و

____________

(1) أحد أعمام أبي العباس السفاح، كان من رجال الدهر حزما ورأيا ودهاءا وشجاعة انهدم عليه الحبس سنة 147 وكان قد حبسه المنصور سرا. وقيل: إنه قتل سرا وهدم عليه الحبس قصدا. قال الوطواط: إنه جلس يوم الجمعة في جامع دمشق وقتل من بني أمية خمسين ألفا.

(2) الظاهر أن في العبارة سقطا إذ القصة وقت مع عبد الله بن علي وكان أميرا على الشام من قبل المنصور كما في ذيل العبارة ومعجم المرزباني وتاريخي اليعقوبي وابن الأثير و عمدة ابن رشيق.

الصفحة 38
من معه من أهل خراسان: إن لي في بقية آل مروان تدبيرا فتأهبوا يوم كذا وكذا في أكمل عدة، ثم بعث إلى آل مروان في ذلك اليوم فجمعوا وأعلمهم أنه يفرض لهم في العطاء فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا إلى بابه ومعهم رجل من كلب قد ولدهم ثم أذن لهم فدخلوا، فقال الآذن للكلبي: ممن أنت؟! قال: من كلب وقد ولدتهم قال: فانصرف ودع القوم فأبى أن يفعل. وقال: إني خالهم ومنهم فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلى صوته: أين حمزة بن عبد المطلب؟! ليدخل فأيقن القوم بالهلكة، ثم خرج الثانية فنادى: أين الحسن بن علي؟! ليدخل. ثم خرج الثالثة فنادى: أين زيد بن علي بن الحسين؟! ثم خرج الرابعة فقال: أين يحيى بن زيد؟!

ثم قيل: إئذنوا لهم فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد وكان له صديقا فأومأ إليه: أن ارتفع فأجلسه معه على طنفسته وقال للباقين: اجلسوا. وأهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال: أين العبدي؟! فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيها:

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أمية من دعاة النار

فلما أنشد أبياتا منها قال الغمر: يا بن الزانية؟ فانقطع العبدي وأطرق عبد الله ساعة ثم قال: امضي في نشيدك. فلما فرغ رمى إليه بصرة فيها ثلاثمائة دينار ثم تمثل بقول القائل:

ولقد ساءني وساء سواي * قربهم من منابر وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلها اللــــــه بدار الهوان والإتعاس
لا تقيلن عبد شمس عثارا * واقطعوا كل نخلة وغراس
واذكروا مصرع الحسين وزيد * وقتيلا بجانب المهراس

ثم قال لأهل خراسان: دهيد (1) فشدخوا بالعمد حتى سالت أدمغتهم وقام الكلبي فقام: أيها الأمير؟ أنا رجل من كلب لست منهم. فقال:

ومدخل رأسه لم يدنه أحد * بين الفريقين حتى لزه القرن

ثم قال: دهيد. فشدخ الكلبي معهم ثم التفت إلى الغمر فقال: لا خير لك في

____________

(1) كلمة فارسية.

الصفحة 39
الحياة بعدهم. قال: أجل فقتل ثم دعا ببراذع (1) فألقاها عليهم وبسط عليها الانطاح ودعا بغدائه فأكل فوقهم وإن أنين بعضهم لم يهدأ حتى فرغ ثم قال: ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلا يومي هذا. وقام فأمر بهم فجروا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه، وكان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق إلى البستان فإذا رائحة الجيف تملأ الأنوف، فقيل له: لو أمرت أيها الأمير برد هذا الباب. فقال: والله لرائحتها أحب إلي وأطيب من رائحة المسك. ثم قال:

حسبت أمية أن سترضى هاشم * عنها ويذهب زيدها وحسينها
      كلا ورب محمد وإلهه * حتى تباح سهولها وحزونها
          وتذل ذل حليلة لحليلها * بالمشرفي وتسترد ديونها  ا هـ

وقال اليعقوبي: وانصرف عبد الله بن علي إلى فلسطين فلما صار بنهر أبي فطرس بين فلسطين والأردن جمع إليه بني أمية ثم أمرهم أن يغدوا عليه لأخذ الجوائز والعطايا ثم جلس من غد وأذن لهم فدخل عليه ثمانون رجلا من بني أمية وقد أقام على رأس كل رجل منهم رجلين بالعمد وأطرق مليا ثم قام العبدي فأنشد قصيدته التي يقول فيها:

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أمية من دعاة النار

وكان النعمان بن يزيد بن عبد الملك جالسا إلى جنب عبد الله بن علي فقال له:

كذبت يا بن اللخناء. فقال له عبد الله بن علي: بل صدقت يا أبا محمد؟ فامض لقولك ثم أقبل عليهم عبد الله بن علي فذكر لهم قتل الحسين عليه السلام وأهل بيته ثم صفق بيده فضرب اليوم رؤوسهم بالعمد حتى أتوا عليهم فناداه رجل من أقصى القوم:

عبد شمس أبوك وهو أبونا * لا نناديك من مكان بعيد
فالقرابات بيننا واشجات * محكمات القوى بعقد شديد

فقال: هيهات قطع ذلك قتل الحسين. ثم أمر بهم فسحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ودعا بالطعام فأكل فقال: يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء. وكان قد دخل معهم رجل من كلب قال: رجوت أن ينالوا خيرا فأنال معهم. فقال عبد الله بن علي: اضربوا عنقه.

ومدخل رأسه لم يدنه أحد * بين الفريقين حتى لزه القدر

____________

(1) البرذعة: كساء يلقى ظهر الدابة.