وقد تمسك الشراح المحبون لبني أمية بهذا الإبتكار وفرحوا به، لأنه يبقي لهم إمكانية التلاعب بالحديث، وتفسيره بأئمتهم الربانيين من بني أمية !!
ـ قال ابن كثير في البداية والنهاية: 3|198
فإن قيل: فما وجه الجمع بين حديث سفينة هذا، وبين حديث جابر بن سمرة، المتقدم في صحيح مسلم؟...
فالجواب: أن من الناس من قال: إن الدين لم يزل قائماً حتى ولي اثنا عشر خليفة ثم وقع تخبيطٌ بعدهم في زمان بني أمية.
وقال آخرون: بل هذا الحديث فيه بشارةٌ بوجود اثني عشر خليفة عادلاً من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء (التتابع) وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم كانت بعد ذلك خلفاء راشدون فيهم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي رضي الله عنه وقد نص على خلافته وعدله وكونه من الخلفاء الراشدين غير واحد من الأئمة، حتى قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: ليس قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز!
ومنهم من ذكر من هؤلاء المهدي بأمر الله العباسي.
والمهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم أيضاً بالنص على كونه من أهل البيت، واسمه محمد بن عبد الله، وليس بالمنتظر في سرداب سامرا، فإن ذاك ليس بموجود بالكلية، وإنما ينتظره الجهلة من الروافض. انتهى.
فترى أن ابن كثير لا جواب عنده على إشكال حديث سفينة، ولذلك قال: من الناس من قال.. وقال آخرون.. ومنهم من ذكر! وليته أكمل الرواية عن سفينة كما
أما مدحه لعمر بن عبد العزيز أو المهدي العباسي، فلا يصير دليلاً على أنه أحد الأئمة الربانيين المبشر بهم مهما كثر! وإلا لاستحق كل ممدوح مثلهما أن يكون منهم! فإن دخول أحدٍ في عداد أشخاصٍ بشر بهم أنبياء الله تعالى يحتاج الى دليل على أنه مقصودٌ بهذا النص، وأنه واحدٌ من هؤلاء الربانيين الذين أختارهم الله تعالى وأعطاهم مقاماً فوق مدح المادحين من البشر!
وأما تكراره اتهام الشيعة بانتظار ظهور المهدي من سرداب سامرا، من المكذوبات علينا، فنحن ننتظر ظهور المهدي عليه السلام من مكة كما ينتظره هو، وسرداب سامرا بيته وبيت أبيه وجده عليهم السلام، وهو مكانٌ مباركٌ، نصلي فيه ونتبرك به.
ـ وقال في هامش عون المعبود: 11|361
ذكر الشيخ ابن القيم رحمه الله... حديث: الخلافة بعد وثلاثون سنة، وحديث اثنا عشر خليفة، ثم قال: فإن قيل: فكيف الجمع؟
قيل: لا تعارض بين الحديثين، فإن الخلافة المقدرة بثلاثين سنة هي خلافة النبوة كما في حديث أبي بكرة. انتهى.
ولم يقل ابن قيم ولا غيره إذا لم تكن خلافة بني أمية خلافة نبوة فهي خلافة ماذا ياترى؟ ؟ وهل تبقى لها صفة إسلاميةٌ وربانية، بعد أن وصفها النبي صلى الله عليه وآله بأنها ملكٌ عضوضٌ، كما اعترف صاحب قرة العينين وغيره!
وهل يعني إقرارهم بأنها ملك عضوض، ونفيهم عنها صفة الخلافة الإسلامية، إلا أنها خلافةٌ جاهليةٌ عضوضة؟ فهل يتصور عاقلٌ أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله يبشران الأمة بأئمة جاهليين، يعضونها بظلمهم؟ !
ولو أن ابن حبان وابن حجر وابن قيم وصاحب قرة العينين وأمثالهم.. اكتفوا بتعصبهم لبني أمية، لكان خطبهم أسهل، ولكنهم مع الأسف أصروا على تسخير الأحاديث النبوية لنصرتهم، وتطبيق بشائر الأنبياء عليهم السلام على ملوكهم !!
وحديث برقم 2864 (إنه سيلي أموركم من بعدي رجالٌ يطفئون السنة ويحدثون بدعة).
وحديث برقم 2865 (إني ممسكٌ بحجزتكم عن النار، وتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب، ويوشك أن أرسل حجزتكم...) الخ.
وحديث برقم 1749 أول من يغير سنتي رجلٌ من بني أمية. وجعل هذا الحديث الأخير تحت عنوان من أعلام نبوته الغيبية، وقال بعده: ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثة. والله أعلم.
وحديث برقم 744 (إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دخلاً عباد الله خولاً ومال الله دولاً).
كما صحح حديث سفينة برقم 459، ولكنه جعله تحت عنوان: خلافة النبوة!
ومع كل هذه الأحاديث التي صححها، قال مدافعاً عن الأمويين: فلا ينافي مجىء خلفاء آخرين من بعدهم لأنهم ليسوا خلفاء النبوة. فهؤلاء هم المعنيون في الحديث لا غيرهم! كما هو واضح !! ويزيده وضوحاً قول شيخ الإسلام في رسالته المذكورة: ويجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء، وإن كانوا ملوكاً ولم يكونوا خلفاء الأنبياء..الخ. انتهى.
فقد أفتى تبعاً لإمامه ابن تيمية، بأن الأئمة الإثني عشر المبشر بهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله القيمين على الأمة بتعيين رب العالمين هم.. معاوية ويزيد وبنو الحكم بن أبي العاص، الذين صحت فيهم أحاديث ذمٍّ قاصعة !!
وكأنه لا يعرف أنه بسبب غلوه في بني أمية يعطي الحجة على ربه سبحانه، وعلى نبيه صلى الله عليه وآله !!
فماذا يقول إذا قال له مستشرقٌ مثلاً: إنكم أيها المسلمين تقولون إن ربكم مزاجي ونبيكم مزاجي أيضاً، لأنهما يلعنان أشخاصاً ويذمانهم ويتبرآن منهم.. ثم يتغير مزاجهما فيرضيان عنهم، ويعلنان للمسلمين: إنا نبشركم بهم وبأولادهم، إنهم صفوة البشر، أئمةٌ، ربانيون، معصومون، قيمون على الأمة !!
وهل دخل المستشرقون الخبثاء، وهل دخل سلمان رشدي وأمثاله، وطعنوا في الإسلام، إلا من أبواب أحاديث التعصب لقريش وبني أمية، وكعب الأحبار؟ !
الثانية عشرة: نماذج من أحاديثنا في الأئمة الإثني عشر عليهم السلام
ـ روى الصدوق في الخصال|466 ـ 467، حديث ابن مسعود المتقدم بعدة أسانيد فيها مجالد بن سعيد، وأسانيد أخرى ليس فيهما مجالد، قال:
حدثنا أبو علي أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال البغدادي قال: حدثنا محمد بن عبدوس الحراني قال: حدثنا عبدالغفار بن الحكم قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مطرف، عن الشعبي، عن عمه قيس بن عبد قال: كنا جلوساً في حلقة فيها عبد الله بن مسعود فجاء أعرابي فقال: أيكم عبد الله بن مسعود؟
فقال عبد الله: أنا عبد الله بن مسعود.
قال: هل حدثكم نبيكم صلى الله عليه وآله كم يكون بعده من الخلفاء؟
قال: نعم، اثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل.
حدثنا أبو القاسم عتاب بن محمد الوراميني الحافظ قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، ومحمد بن عبيد الله بن سوار قالا: حدثنا عبد الغفار بن الحكم قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مطرف عن الشعبي.
قال: عتاب بن محمد: وحدثنا إسحاق بن محمد الأنماطي قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير، عن أشعث بن سوار عن الشعبي. قال عتاب بن محمد:
قال أبو القاسم عتاب: وهذا حديث مطرف قال: كنا جلوساً في المسجد، ومعنا عبد الله بن مسعود، فجاء أعرابي فقال: فيكم عبد الله؟
قال: نعم أنا عبد الله، فما حاجتك؟
قال: يا عبد الله أخبركم نبيكم صلى الله عليه وآله كم يكون فيكم من خليفة؟
قال: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد منذ قدمت العراق، نعم، اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل.
قال: أبو عروبة في حديثه: نعم عدة نقباء بني إسرائيل. وقال جرير عن الأشعث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر، كعدد نقباء بني إسرائيل. انتهى. (ورواهما في كمال الدين وتمام النعمة|271، بنفس السند)
وأكبر عملٍ حديثي قام به قدماء علمائنا في هذا الموضوع، بل هو أجلُّ ما وجدته في الموضوع من الأعمال العلمية المقارنة، تأليف المحدث الخبير علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي، من علماء أوائل القرن الرابع وكتابه القيم (كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر) وقد ذكر منهجه في مقدمته فقال في ص 7:
أما بعد: فإن الذي دعاني الى جمع هذه الأخبار، عن الصحابة والعترة الأخيار، في النصوص على الأئمة الأبرار، أني وجدت قوماً من ضعفاء الشيعة ومتوسطيهم في العلم، متحيرين في ذلك ومتعجزين، يشكون فرط اعتراض المشبهة عليهم، وزمرات المعتزلة، تلبيساً وتمويهاً عاضدتهم عليه، حتى آل الأمر بهم الى أن جحدوا أمر النصوص عليهم، من جهةٍ لا يقطع بمثلها العذر، حتى أفرط بعضهم وزعم أن ليس لها من الصحابة أثر.... فلما رأيت ذلك كذلك، ألزمت نفسي الإستقصاء في هذا الباب موضحاً ما عندي من البينات، ومبطلاً ما أورده المخالفون من الشبهات، تحرياً لمرضاة الله، وتقرباً الى رسوله والأئمة من بعده.
ومن النساء: أم سلمة، وعائشة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم أعقبه بذكر الأخبار التي وردت عن الأئمة صلوات الله عليهم، مما يوافق حديث الصحابة، في النصوص على الأئمة، ونص كل واحد منهم على الذي من بعده، ليعلموا إن أنصفوا ويدينوا به، ولا يكونوا كما قال الله سبحانة (فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم) إذ مثل هذه الأخبار تزيل الشك والريب، ويقطع بها العذر، وإن الأمر أوكد مما ذهبوا اليه. انتهى.
ثم عقد قدس الله نفسه باباً لما روي عن كل واحد من الصحابة الذين ذكرهم، وأورد فيه حديثه أو أحاديثه، بسند متصل منه اليه، الى رسول الله صلى الله عليه وآله، فحفظ بذلك عدداً من النصوص التي ضاعت في مصادر إخواننا السنيين، أو تشتتت في مصنفاتهم، أو بقي منها أجزاء مجزأة، وأحياناً بقي الحديث بكامله!
ونورد فيما يلي نماذج منها:
ـ قال في ص 23 في باب ما جاء عن عبد الله بن مسعود:
أخبرنا محمد بن عبد الله رحمه الله قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمارة الثقفي قال: حدثني أحمد بن عبدالجبار العطاردي قال: حدثنا محمد بن الحسان الضرير التومني قال: حدثنا علي بن محمد الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الكريم، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن حبش بن المعتمر، عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر كلهم من قريش.
أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني رحمه الله قال حدثنا أبو علي محمد بن زهير بن الفضل الأبلي قال: حدثنا أبو الحسين عمر بن الحسين بن علي بن رستم قال: حدثني ابراهيم بن يسار الرمادي قال: حدثني سفيان بن عتبة، عن عطا بن السائب، عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديهم.
وقال في ص 73 في باب ما جاء عن أنس بن مالك:
حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري قال: حدثنا محمد بن أحمد الصفواني قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحمصي قال: حدثنا بن حماد، عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: معاشر أصحابي من أحب أهل بيتي حشر معنا، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى. فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟
قال: عدد نقباء بني اسرائيل.
فقال: كلهم من أهل بيتك؟
قال: كلهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين، والمهدي منهم.
وقال في ص 113 في باب ما جاء عن أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد:
أخبرنا أبو المفضل الشيباني قال: حدثني حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي قال: حدثنا محمد بن مسعود، عن يوسف بن السخت، عن سفيان الثوري، عن موسى بن عبيدة أياس بن مسلمة بن الأكوع، عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء، وسبطاي خير الأسباط ومنا الأئمة المعصومون من صلب الحسين، ومنا مهدي هذه الأمة.
فقام اليه أعرابي فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟
وقال في ص 120 في باب ما جاء عن عمار بن ياسر:
أخبرنا محمد بن عبدالله بن المطلب الشيباني قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الحثعمي الكوفي قال: حدثنا عباد ابن يعقوب قال: حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبدالله، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده عمار قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض غزواته، وقتل علي عليه السلام أصحاب الألوية وفرق جمعهم، وقتل عمراً بن عبد الله الجمحمي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت له: يا رسول الله صلى الله عليك إن علياً قد جاهد في الله حق جهاده. فقال: لأنه مني وأنا منه، وارث علمي وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض، حربه حربي وحربي حرب الله، وسلمه سلمي وسلمي سلم الله، ألا إنه أبو سبطيَّ، والائمه من صلبه، يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين، ومنهم مهدي هذه الأمة.
فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا المهدي؟
قال: يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد اليَّ أنه يخرج من صلب الحسين تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قوله عز وجل: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم، ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي، وأشبه الناس بي.
يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنه مع الحق والحق معه. يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين ثم تقتلك الفئة الباغية.
قلت: يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟
قال: نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.
قال مهلاً رحمك الله، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله، فأعاد عليه ثالثاً فبكى أمير المؤمنين وقال: إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فنزل أمير المؤمنين عليه السلام عن بغلته وعانق عماراً وودعه، ثم قال:
يا أبا اليقظان جزاك الله عن الله وعن نبيك خيراً، فنعم الأخ كنت، ونعم الصاحب كنت. ثم بكى عليه السلام وبكى عمار.
ثم قال: والله يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم خيبر: يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنه مع الحق والحق معه، وستقاتل الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء، فلقد أديت وأبلغت ونصحت.
ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليه السلام ثم برز الى القتال، ثم دعا بشربةٍ من ماء فقيل له ما معنا ماء، فقام اليه رجل من الأنصار فأسقاه شربةً من لبن، فشربه ثم قال: هكذا عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربةٌ من لبن.
ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفساً، فخرج اليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه الله.
فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلي، فوجد عماراً ملقىً بين القتلى، فجعل رأسه على فخذه، ثم بكى عليه السلام وأنشأ يقول:
ألاأيـهـا الموت الـذي لست تاركي | أرحنـي فـقـد أفنـيت كل خـليلِ |
أراك بصيراً بـالـذيـن أحـبـهـم | كـأنك تـمـضي نـحوهم بـدليلِ |
ـ وقال في ص 180 في باب ما جاء عن أم سلمة:
حدثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال: حدثنا أبو الحسين زيد بن جعفر بن محمد بن الحسين الخزاز بالكوفة في سنة سبع وسبعين وثلثمائة قال: حدثنا العباس بن العباس الجوهري ببغداد في دار عميرة قال: حدثني عفان بن مسلم قال:
قلت: من البصرة.
قالت: مع أي الفريقين كنت؟
قلت: يا أم المؤمنين إني توقفت عن القتال الى انتصاف النهار، وألقى الله عز و جل أن أقاتل مع علي.
قالت: نعم ما عملت، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من حارب علياً فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله.
قلت: فترين أن الحق مع علي؟
قالت: إي والله، عليٌّ مع الحق والحق معه، والله ما أنصف أمة محمد نبيهم، إذ قدموا من أخره الله عز وجل ورسوله، وأخروا من قدمه الله تعالى ورسوله! وأنهم صانوا حلائلهم في بيوتهم، وأبرزوا حليلة رسول الله صلى الله عليه وآله الى الفناء! والله سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لأمتي فرقة وجعلة، فجامعوها إذا اجتمعت، وإذا افترقت فكونوا من النمط الأوسط، ثم ارقبوا أهل بيتي فإن حاربوا فحاربوا، وإن سالموا فسالموا، وإن زالوا فزالو معهم، فإن الحق معهم حيث كانوا.
قلت: فمن أهل بيته؟
قالت: أهل بيته الذين أمرنا بالتمسك بهم؟
قالت: هم الأئمة بعده كما قال: عدد نقباء بني إسرائيل: علي وسبطاه، وتسعة من صلب الحسين، هم أهل بيته هم المطهرون، والأئمة المعصومون.
قلت: إنا لله هلك الناس إذاً؟ !.
قالت: كل حزب بما لديهم فرحون. انتهى.
البحث الثالث
الأسس الإسلامية في خطب الوداع
اتضح مما تقدم أن خطبة عرفات في حجة الوداع تضمنت بشارة النبي صلى الله عليه وآله بالأئمة الإثني عشر من بعده، ووصيته بهم..
فماذا قال صلى الله عليه وآله في الخطب الخمس الباقية؟ في مكة يوم التروية، وفي منى يوم العيد، ووسط أيام التشريق، وفي مسجد الخيف يوم النفر. وفي غدير خم؟.
مع أن المصادر نقلت القليل من هذه الخطب وخلطت بين مضامينها.. لكنك تجد في رواياتها المتعددة أنه صلى الله عليه وآله طرح كل الأمور المهمة التي تحتاج اليها الأمة من بعده.. فقد تضمنت الخطب فقرات نبوية في المحاور أو الأسس الخمس التالية:
1ـ أساس المساواة الإنسانية
ـ مبدأ الوحدة الإنسانية بين البشر، وإلغاء التمايز القومي.
ـ مبدأ حسن معاملة النساء، وعدم ظلمهن.
2ـ أساس وحدة الأمة الإسلامية
ـ مبدأ إلغاء آثار الجاهلية ومآثرها وتشريعاتها المخالفة للاسلام.
ـ مبدأ الأخوة والتكافؤ بين المسلمين.
ـ مبدأ احترام الملكية الشخصية ـ تحريم أموال المسلمين على بعضهم.
ـ مبدأ احترام عرض المسلم وكرامته ـ تحريم أعراضهم على بعضهم.
ـ مبدأ: من قال لا إلَه إلا الله، فقد عصم ماله ودمه.
ـ مبدأ ختام النبوة به صلى الله عليه وآله وختام الأمم بأمته.
ـ مبدأ شهادة النبي على الأمة في الآخرة، وموافاتها له على الحوض.
ـ مبدأ ضرورة الدقة والحذر من محقرات الأعمال، التي تجر الى الإنحراف.
ـ مبدأ التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وآله، والتحقيق فيما ينقل عنه.
3ـ أساس وحدة الشريعة ووحدة ثقافة المسلمين
ـ مبدأ أداء الأمانة
ـ قوانين الإرث
ـ قوانين الديات والقصاص
ـ تشريعات مناسك الحج (خذوا عني مناسككم)
4ـ مبادئ مسيرة الدولة والحكم بعد النبي صلى الله عليه وآله
ـ مبدأ البشارة بالأئمة الإثني عشر من عترته.
ـ مبدأ التأكيد على الثقلين القرآن والعترة.
ـ مبدأ إعلان أن علياً ولي الأمة من بعده، والإمام الأول من الإثني عشر.
ـ مبدأ أداء الفرائض، وإطاعة ولاة الأمر.
ـ مبدأ تخليد تعاهد قريش وكنانة على حصار بني هاشم.
ـ مبدأ تحذير قريش أن تطغى من بعده صلى الله عليه وآله
ـ مبدأ تحذيره الصحابة من الإرتداد بعده والصراع على السلطة
5ـ أساس عقوبة المخالفين للخط النبوي
ـ مبدأ لعن من ادعى الى غير أبيه، أو تولى غير مواليه.
ولا بد أن نشير أولاً الى أن للنبي صلى الله عليه وآله له في كل واحدة من هذه المبادىء بياناتٌ متعددةٌ في غير حجة الوداع، وأنها تشكل مع ما جاء منها في خطب الوداع الستة كلاماً موحداً، لا يمكن فصل بعضه عن بعض.. فكلامه صلى الله عليه وآله إن هو إلا وحيٌ يوحى يكمل بعضه بعضاً، ويفسر بعضه بعضاً، ويشكل في كل موضوع وحدةً عقيدية وتشريعية متكاملة البناء، في صرح الإسلام الرباني الشامل.
ـ تحف العقول ص 30 لابن شعبة الحراني المتوفى حدود سنة 350
خطبته صلى الله عليه وآله في حجة الوداع:
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلَه إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على العمل بطاعته، وأستفتح الله بالذي هو خير.
أما بعد: أيها الناس! إسمعوا مني ما أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام، الى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
فمن كانت عنده أمانة فليؤدها الى من ائتمنه عليها.
وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب.
وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة والسقاية.
والعمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن ازداد فهو من الجاهلية.
أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي بأن يطاع فيما سوى ذلك، فيما تحتقرون من أعمالكم.
أيها الناس: إنما النسىء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً، ليواطؤوا عدة ماحرم الله.
وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب بين جمادى وشعبان. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أيها الناس: إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حقاً، حقكم عليهن أن لا يوطئن أحداً فرشكم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم، إلا بإذنكم، وألا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكتاب الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً.
أيها الناس: إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
فلا ترجعن كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.
ألا هل بلغت؟
قالوا: نعم.
قال: فليبلغ الشاهد الغائب.
أيها الناس: إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا تجوز لوارثٍ وصية في أكثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر.
من ادعى الى غير أبيه، ومن تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ وقال الكليني في الكافي: 1|403
عن الحكم بن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكة قال: قال سفيان الثوري: إذهب بنا الى جعفر بن محمد، قال فذهبت معه إليه، فوجدناه قد ركب دابته، فقال له سفيان: ياأبا عبد الله حدثنا بحديثِ خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف.
قال: دعني حتى أذهب في حاجتى فإني قد ركبت، فإذا جئت حدثتك.
فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني.
قال: فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتى أثبته، فدعا به ثم قال:
أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف:
نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم تبلغه.
ياأيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب، فرب حامل فقهٍ ليس بفقيه، ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه.
ثلاثٌ لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطةٌ من ورائهم.
فكتبه سفيان ثم عرضه عليه، وركب أبو عبد الله عليه السلام وجئت أنا وسفيان، فلما كنا في بعض الطريق قال لي: كما أنت، حتى أنظر في هذا الحديث.
قلت له: قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئاً لا يذهب من رقبتك أبداً!
فقال: وأي شيء ذلك؟
فقلت له: ثلاثٌ لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم: إخلاص العمل لله، قد عرفناه. والنصيحة لأئمة المسلمين، من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، وكل من لا تجوز الصلاة خلفهم؟
وقوله: واللزوم لجماعتهم، فأي الجماعة؟ مرجىء يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل؟ !
أو قدري يقول: لا يكون ما شاء الله عز وجل، ويكون ما شاء إبليس؟ !
أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب، ويشهد عليه بالكفر؟ !
أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده، ليس الإيمان شيء غيرها؟ !
قال: ويحك، وأي شيء يقولون؟ !
فقلت: يقولون: إن علي بن أبي طالب عليه السلام والله الإمام الذي وجب علينا نصيحته. ولزوم جماعتهم: أهل بيته.
قال: فأخذ الكتاب فخرقه، ثم قال: لا تخبر بها أحداً. انتهى.
ـ وفي تفسير علي بن ابراهيم: 1|171
وحج رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة، فكان من قوله بمنى أن حمد الله واثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس: إسمعوا قولي واعقلوه عني، فإني لا أدري لا ألقاكم بعد عامي هذا.
ثم قال: هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة؟
قال: فأي شهر؟
قال الناس: هذا.
قال: وأي بلد أعظم حرمة؟
قالوا: بلدنا هذا.
قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، الى يوم تلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم.
ألا هل بلغت أيها الناس؟
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: ألا وكل مأثرةٍ أو بدعةٍ كانت في الجاهلية، أو دمٍ أو مالٍ، فهو تحت قدميَّ هاتين، ليس أحدٌ أكرم من أحدٍ إلا بالتقوى.
ألا هل بلغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: ألا وكل رباً كان في الجاهلية فهو موضوع، وأول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب.
ألا وكل دمٍ كان في الجاهلية فهو موضوع، وأول موضوعٍ دم ربيعة.
ألا هل بلغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد!
ألا هل بلغت أيها الناس؟
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: أيها الناس: إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدي، وافهموه تنعشوا. ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا، فإن فعلتم ذلك ـ ولتفعلن ـ لتجدوني في كتيبة بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة ثم قال ـ إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ـ
ثم قال: ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا، ومن خالفهما فقد هلك.
ألا هل بلغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: ألا وإنه سيرد عليَّ الحوض منكم رجالٌ فيدفعون عني، فأقول: رب أصحابي؟ فيقول: يامحمد إنهم أحدثوا بعدك وغيروا سنتك، فأقول: سحقاً سحقا.
فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله: إذا جاء نصر الله والفتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نُعِيءتْ اليَّ نفسي، ثم نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف، فاجتمع الناس فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه.
المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم. أيها الناس: إني تارك فيكم الثقلين.
قالوا: يارسول الله وما الثقلان؟
قال: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترفا حتى يردا عليَّ الحوض، كإصبعي هاتين ـ وجمع بين سبابتيه ـ ولا أقول كهاتين وجمع سبابته والوسطى، فتفضل هذه على هذه.
فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته، فخرج أربعة نفر منهم الى مكة ودخلوا الكعبة، وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً: إن مات محمد أو قتل أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً!
فأنزل الله على نبيه في ذلك: أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون. أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، بلى ورسلنا لديهم يكتبون... انتهى.
عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان.
أي شهر هذا.
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال:
قلنا: بلى.
قال: فأي بلد هذا؟
قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال:
أليس البلدة؟
قلنا: بلى.
قال: فأي يوم هذا؟
قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال:
أليس يوم النحر؟
قلنا: بلى.
قال: فإن دماءكم وأموالكم ـ قال محمد وأحسبه قال وأعراضكم ـ عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فسيسألكم عن أعمالكم.
ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض.
ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه. انتهى. ويلاحظ أن فيه كلمة ضلالاً بدل كفاراً في غيره.
ـ وفي صحيح البخاري: 1|24
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه ذكر النبى صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه، ثم قال:
أي يوم هذا؟
فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه.
قال: أليس يوم النحر؟
قلنا: بلى.