الصفحة 94
إلا أنّهم لم يقدروا على ذلك.

روى سليم بن قيس والجوهري في كتابه السقيفة عن البَرَاء بن عازب ضمن رواية:.. فلمّا كان الليل خرجت إلى المسجد فلمّا صرت فيه تذكّرت أنّي كنت أسمع همهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرآن، فانبعثت من مكاني، فخرجت نحو الفضاء، فوجدت نفراً يتناجون، فلمّا دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم، فدعوني فأتيتهم وإذا المقداد وأبوذر وسلمان وعمّار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان والزبير بن العوام، وحذيفة يقول: والله ليفعلن ما أخبرتكم به.. فوالله ما كذبت ولا كذّبت، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار، فقال حذيفة: انطلقوا بنا إلى أُبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت.. فانطلقوا إلى أُبي بن كعب وضربنا عليه بابه فأتى حتّى صار خلف الباب، ثمّ قال: من أنتم؟ فكلّمه المقداد، فقال: ما جاء بك؟ فقال: افتح فإنّ الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب، فقال: ما أنا بفاتح بابي، وقد علمت ما جئتم له، وما أنا بفاتح بابي، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد؟ فقلنا: نعم، فقال: أفيكم حذيفة؟! فقلنا: نعم، فقال: القول ما قال حذيفة، فأمّا أنا فلا أفتح بابي حتى يجري علي ما هو جار عليه، وما يكون بعدها شرّ منها، وإلى الله جلّ ثناؤه المشتكى. قال: فرجعوا ثمّ دخل أُبي بن كعب بيته(1).

وجاء جماعة من المهاجرين والأنصار، وفي رواية: أربعون رجلاً، إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يدعونه إلى البيعة، فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحقّ الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هلمّ يدك نبايعك: فوالله لنموتن قدّامك، لا والله لا نعطي أحداً طاعة بعدك. قال (عليه السلام): " ولم؟ " قالوا: إنّا سمعنا من

____________

1. كتاب سُلَيم: 75 ـ 76 عنه بحار الأنوار: 28/287 ـ 291 ; شرح نهج البلاغة: 1/219 ـ 220 و 2/51 ـ 52.


الصفحة 95
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فيك يوم غدير. قال (عليه السلام): " وتفعلون؟ " قالوا: نعم. قال (عليه السلام): " إن كنتم صادقين فاغدوا عليّ غداً محلّقين.. ". فما أتاه إلاّ سلمان وأبوذر والمقداد، وفي بعض الروايات: الزبير، وفي بعضها: جاء عمّار بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثم قال له: " ما آن لك أن تستيقظ من نومة الغفلة؟! ارجعوا، فلا حاجة لي فيكم، أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس، فكيف تطيعوني في قتال جبال الحديد!؟(1).

محاولة الهيئة الحاكمة خدعة العباس وتطميعه

كان موقف الخليفة والحزب الظافر في قبال هؤلاء المتخلّفين وغيرهم، ـ ولا سيّما الذين يرون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحده هو الذي يستحقّ الخلافة دون غيره ـ أن يفرّقوا بينهم، فالعبّاس مثلاً يُخدع بتطميعه، ثمّ الآخرون يُكرهون على البيعة بالتهديد والإرهاب أو القتل ولو بواسطة الجن!..

قال اليعقوبي: وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة ابن الجراح، والمغيرة بن شعبة، فقال: ما الرأي؟ قالوا: الرأي أن تلقى العباس بن عبد المطلب، فتجعل له في هذا الأمر نصيباً يكون له ولعقبه من بعده، فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب حجّة لكم على عليٍّ، إذا مال معكم. فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة حتّى دخلوا على العباس ليلاً، فحمد أبو بكر

____________

1. راجع تاريخ اليعقوبي: 2/126 ; كتاب سليم: 130 ـ 131 ; الاختصاص: 6 ; المناقب: 3/194، 256 ; روضة الواعظين: 282 ; ارشاد القلوب: 397 ; رجال الكشي: 1/38 ; بحار الأنوار: 22/341 ـ 342 و 28/236، 259 و 29/471.


الصفحة 96
الله وأثنى عليه، ثم قال: إنّ الله بعث محمداً نبياً وللمؤمنين وليّاً، فمنّ عليهم بكونه بين أظهرهم، حتى اختار له ما عنده، فخلى على النّاس أُموراً ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين، فاختاروني عليهم والياً ولأُمورهم راعياً، فوليت ذلك، وما أخاف بعون الله وتشديده وهناً، ولا حيرة، ولا جبناً ( وَما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )(1) وما أنفكّ(2) يبلغني عن طاعن يقول الخلاف على عامة المسلين، يتخذكم لجأ، فتكون حصنه المنيع، وخطبه البديع. فإمّا دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه، وإمّا صرفتموهم عمّا مالوا إليه، ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك، ويكون لمن بعدك من عقبك إذ كنت عمّ رسول الله ـ وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا الأمر عنكم ـ وعلى رسلكم بني هاشم، فإنّ رسول الله منّا ومنكم.

فقال عمر بن الخطاب: إي والله وأُخرى، إنّا لم نأتكم لحاجة إليكم ولكن كرهاً أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم. فحمد العباس الله وأثنى عليه وقال: إنّ الله بعث محمّداً كما وصفت نبياً وللمؤمنين وليّاً، فمنَّ على أُمّته به، حتّى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده، فخلى على المسلمين أُمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحقّ، لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقّنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم، فما تقدّمنا في أمرك فرضا(3)، ولا حللنا وسطاً، ولا برحنا سخطاً(4)، وإن كان هذا الأمر إنّما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنّا كارهين. ما أبعد قولك من أنّهم طعنوا عليك من قولك أنّهم اختاروك ومالوا إليك، وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله من قولك خلى على الناس أُمورهم

____________

1. هود (11): 88.

2. خ. ل: ما أزال.

3. خ. ل: فرطا.

4. خ. ل: ولا نزحنا شحطاً.


الصفحة 97
ليختاروا فاختاروك، فأما ما قلت إنك تجعله لي(1)، فإن كان حقا للمؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رسلك، فإنّ رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها(2)، فخرجوا من عنده(3).

أقول: الظاهر أنّ لسياسة التطميع كانت مدخلية في تمامية الأمر بالنسبة إلى سائر الناس أيضاً فقد روى السيوطي عن مجاهد: أنّ أبا بكر قال في خطبته: إنّي لأرجو أن تشبعوا من الجبن والزيت(4).

و خاطب الأنصار ـ بعد خطبة الزهراء(عليها السلام) ـ فقال:.. فاغدوا على أعطياتكم..(5).

و قد نقل غير واحد من العامة عن القاسم بن محمّد قال:.. فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم بين الناس قسماً، فبعث إلى عجوز من بني عدي بن النجار [قسمها]مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال: قسم قسّمه أبو بكر للنساء؟

فقالت: أتراشونني عن ديني؟ فقالوا: لا، فقالت: أتخافون أن أدع ما أنا عليه؟ فقالوا: لا، فقالت: والله لا آخذ منه شيئاً أبداً(6)...

____________

1. خ. ل: فإن كان هذا الأمر لك خاصّة فأمسك عليك، فلسنا محتاجين إليك.

2. خ. ل: وأمّا قولك: إنّا نخاف تفاقم الخطب بكم، فهذا الذي فعلتموه أوائل ذلك، والله المستعان.

3. تاريخ اليعقوبي: 2/124 ; كتاب سليم: 77 عنه بحار الأنوار: 28/291 ـ 293 ; شرح نهج البلاغة: 1/220 ـ 221 ; الإمامة والسياسة: 1/21 ; مثالب النواصب: 258 ـ 260.

4. جامع الأحاديث: 13/106.

5. دلائل الامامة: 39.

6. جامع الأحاديث: 13/88. وراجع شرح نهج البلاغة: 2/53.


الصفحة 98

الصفحة 99

تفصيل قضيّة الهجوم


الصفحة 100

الصفحة 101

ملحوظة:

سبق وأن أشرنا إلى أنا في غالب هذه النصوص المنقولة هنا ـ أي في الفصل الثالث ـ قمنا بعملية تجميع مقاطع من مصادر متعددة ثم ضمّ بعضها إلى الآخر، مشيرين إلى ذلك في الهامش، فكل مقطوعة يراجع بها مصدرها، فتدبر.

الهجوم الأوّل

لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام في منزله بما عهد إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(1)، واجتمع إليه جماعة من بني هاشم والأصحاب من المهاجرين والأنصار(2) ـ كالعبّاس(3)، والزبير(4)، والمقداد(5)، وطلحة(6)، وسعد بن أبي وقّاص(7) ـ فإنّهم غضبوا من بيعة أبي بكر(8)، وأرادوا التحيّز عنه

____________

1. اثبات الوصيّة: 145 ـ 146.

2. راجع الطبري: 3/202 ; اليعقوبي: 2/126 ; نهج الحق: 271.

3. العقد الفريد: 4/259.

4. الطبري: 3/202، وذكره كثير من أرباب السيرة.

5. شرح نهج البلاغة: 2/56.

6. الطبري: 3/202 ; الكامل لابن الأثير: 2/325 ; وذكر هؤلاء الأربعة فى السيرة الحلبية: 3/360.

7. شرح نهج البلاغة: 2/56.

8. الرياض النضرة: 1/241 ; تاريخ الخميس: 2/169.


الصفحة 102
وإظهار الخلاف عليه(1)، وأن يبايعوا أمير المؤمنين (عليه السلام)(2). وقد أشار إلى ذلك معاوية في كتابه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: وما يوم المسلمين منك بواحد، لقد حسدت أبا بكر..! والتويت عليه، ورمت إفساد أمره، وقعدت في بيتك عنه، واستغويت عصابة من الناس حتّى تأخروا عن بيعته(3)..

فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين، فقالوا لهم: بايعوا أبا بكر! فقد بايعه النّاس! فوثب الزبير إلى سيفه، فقال عمر: عليكم بالكلب فاكفونا شرّه.. فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره(4)، وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر، فلمّا حضروا قالوا: بايعوا أبا بكر! فقد بايعه الناس، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنّكم بالسيف.. فلمّا رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع(5)، حتّى لم يبق ممن حضر إلاّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له: بايع أبا بكر، فقال علي (عليه السلام): " أنا أحقّ بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم

____________

1. الجمل: 117.

2. شرح نهج البلاغة: 2/56.

3. شرح نهج البلاغة: 15/186.

4. أقول: إخراج الزبير وكسر سيفه إنّما كان في الهجوم الثاني الذي وقع قبل الهجوم الثالث بلحظات يسيرة، راجع الطبري: 3/203 ; الكامل لابن الأثير: 2/325 ; شرح نهج البلاغة: 2/45، 50، 56 و 6/47 ـ 48 ; المسترشد: 378، وأمّا في الهجوم الأوّل فقد صرّحوا بعدم مبايعة أمير المؤمنين (عليه السلام)بل قال (عليه السلام) في جواب عمر: " إذن والله لا أقبل قولك ولا أُبايعه "، وورد في غير هذه الرواية أيضاً سكوتهم عنه (عليه السلام) حينذاك. راجع مصادر الرواية في الهجوم الأوّل، والإيضاح: 367 ; المسترشد: 381. والمتحصّل من ذلك كلّه: أنّ ذكر إخراج الزبير وكسر سيفه هنا وهم صدر من الرواة بسبب الخلط بين الهجوم الأول والثاني.

5. لم يذكر ابن أبي الحديد مبايعة بني هاشم لأبي بكر هنا ويعضده ما ذكروه من عدم مبايعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبني هاشم بأجمعهم في حياة فاطمة (عليها السلام) وقد مرّ قريباً.


الصفحة 103
بالقرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً؟! ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعطوكم المقادة، وسلّموا لكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً وميّتاً. (وأنا وصيّه ووزيره، ومستودع سرّه وعلمه، وأنا الصدِّيق الأكبر، أوّل من آمن به وصدّقه، وأحسنكم بلاءً في جهاد المشركين، وأعرفكم بالكتاب والسنّة، وأفقهكم في الدِّين، وأعلمكم بعواقب الأُمور، وأذربكم لساناً، وأثبتكم جناناً، فعلامَ تنازعونا هذا الأمر..؟!)(1) أنصفونا ـ إن كنتم تخافون الله - من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلاّ فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون..

(فقال عمر: أما لك بأهل بيتك أُسوة..؟! فقال علي (عليه السلام): " سلوهم عن ذلك.. "، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم، فقالوا: ما بيعتنا بحجّة على علي (عليه السلام).. ومعاذ الله أن نقول أنّا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد، والمحل من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم))(2) فقال عمر: إنّك لست متروكاً حتّى تبايع طوعاً أو كرهاً. فقال علي (عليه السلام): " احلب حلباً لك شطره، اشدد له اليوم ليردّ عليك غداً، إذاً والله لا أقبل قولك، ولا أحفل بمقامك.. ولا أُبايع "، فقال أبو بكر: مهلاً يا أبا الحسن! ما نشدّد عليك ولا نكرهك. فقام أبو عبيدة إلى علي فقال: يا ابن عم! لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ولكنّك حدث السنّ ـ وكان لعليٍّ (عليه السلام)يومئذ ثلاث وثلاثون سنة ـ وأبو بكر شيخ من مشايخ قومك(3)، وهو أحمل لثقل هذا الأمر، وقد مضى الأمر بما فيه، فسلِّم له، فإن عمّرك الله لسلّموا هذا الأمر

____________

1 و 2. ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة و الامامة والسياسة.

3. ذكره ابن قتيبة وابن أبي الحديد هكذا: هؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور..!). وفي هذا الكلام إشارة إلى حكومة " الحزب " دون شخص أبي بكر، فتدبّره.


الصفحة 104
إليك، ولا يختلف عليك اثنان بعد هذا إلاّ وأنت به خليق وله حقيق... (ولا تبعث الفتنة قبل أوان الفتنة، قد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك)(1).

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا معاشر المهاجرين والأنصار! الله الله (لا تنسوا عهد نبيّكم إليكم في أمري و)(2) لا تخرجوا سلطان محمّد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم وتدفعوا أهله عن حقّه ومقامه في الناس، يا معاشر الجمع! (إنّ الله قضى وحكم ونبيّه أعلم وأنتم تعلمون)(3) إنّا أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم، أما كان منّا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، المضطلع بأمر الرعية؟ والله إنّه لفينا لا فيكم، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحقّ بعداً، وتفسدوا قديمكم بشرّ من حديثكم. فقال بشير بن سعد الأنصاري ـ (الذي وطّأ الأمر لأبي بكر ـ وقالت جماعة الأنصار)(4) : يا أبا الحسن! لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك قبل الانضمام لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان (.. فقال علي (عليه السلام): " يا هؤلاء أكنتُ أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجّى لا أُواريه وأخرج أُنازع في سلطانه؟!! ")(5).

وفي رواية: " لَبيعتي كانت قبل بيعة أبي بكر، شهدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر الله بها، أو ليس قد بايعني؟!... فما بالهما يدّعيان ما ليس لهما وليسا بأهله "(6).

(" والله ما خفت أحداً يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحلّ ما استحللتموه، ولا علمت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك يوم غدير خم لأحد حجّة، ولا لقائل مقالاً، فأُنشد الله رجلاً سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره،

____________

1 ـ 4. ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة والامامة والسياسة.

5. ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة.

6. مثالب النواصب: 139.


الصفحة 105
واخذل من خذله ".. أن يشهد بما سمع ".

قال زيد بن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلاً بدرياً بذلك، وكنت ممن سمع القول من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكتمت الشهادة يومئذ فذهب بصري.

قال: وكثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشى عمر أن يصغى ألى قول علي (عليه السلام) ففسخ المجلس وقال: إنّ الله تعالى يقلّب القلوب والأبصار، ولا يزال ـ يا أبا الحسن ـ ترغب عن قول الجماعة، فانصرفوا يومهم ذلك)(1).

اشتغال أمير المؤمنين (عليه السلام) بجمع القرآن

فجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيته، واشتغل بجمع القرآن ـ كما أوصاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من يومه ذلك ـ وهو اليوم الثالث من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي يوم الأربعاء(2) ـ فأكثر الناس في تخلّفه عن بيعة أبي بكر، واشتدّ أبو بكر وعمر

____________

1. الاحتجاج: 73 ـ 75، عنه بحار الأنوار: 28/183 ـ 188 ; الإمامة والسياسة: 1/18 ـ 19 ; مثالب النواصب: 138 ـ 139 ; شرح نهج البلاغة: 6/11 ـ 12. وجعلنا علامة () رمزاً للمواضع المحذوفة في الإمامة والسياسة وشرح نهج البلاغة: وبعد التأمل تجد ما حذف نصّاً على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)ووصايته، ولا يجديهم ما دلّسوه مع قولهم عنه (عليه السلام): وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً. وقوله: فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون؟

ثمّ ذكر بعض ما وقع في هذا المجلس في كتاب الردّة للواقدي: 46 ـ 47 ; الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي: 1/13 ـ 14 ; روضة الصفا: 2/595 ـ 597 ; حبيب السير: 1/447 ; المسترشد: 374 ـ 376 (عن مولانا أبي جعفر الباقر (عليه السلام)) ; أنوار اليقين، للحسيني الزيدي: 380، شفاء صدور الناس: 478 ـ 479 ; التاريخ السياسي والحضاري، للسيّد عبد العزيز سالم: 177 ; تاريخ الدولة العربية: 161 ; دائرة المعارف، محمّد فريد وجدي: 3/758 ـ 759.

2. أقول: بناءً على أنّ الدفن كان في ليلة الأربعاء ـ كما ورد في غير واحد من روايات الفريقين ـ فلا شكّ في كون يوم الأربعاء الأول من أيام جمع القرآن، هذا من حيث المبدأ. اما تاريخ الفراغ ; فالذي يظهر من رواية الفرات الكوفي في تفسيره بسنده عن مولانا أبي جعفر (عليه السلام)ومما ذكره ابن النديم في الفهرست أنه فرغ بعد ثلاثة أيام، راجع تفسير الفرات: 398 ـ 399 ; عنه بحار الأنوار: 23/249 ; الفهرست: 30 ولكن ورد في الروايات عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)عن آبائه (عليهم السلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)خطب خطبة (الوسيلة) بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بسبعة أيام، وفي بعض النسخ بتسعة أيام، وذلك حين فرغ من جمع القرآن. الكافي: 8/17 ; التوحيد: 73 ; أمالي الصدوق: 320 ; أمالي الطوسي: 1/263، عنه بحار الأنوار: 4/221 و 77/382.


الصفحة 106
عليه في ذلك فخرجت أُمّ مسطح بن أثاثة فوقفت عند القبر وقالت:

كانت أُمور وأنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب(1)
قالوا: وكان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي (عليه السلام)فيتشاورون ويتراجعون أُمورهم، فجاء عمر وكلّم فاطمة الزهراء (عليها السلام) وحلف لها وقال: إن اجتمع هؤلاء النفر عندكم آمر بإحراق البيت عليهم(2).. وفي رواية: أن يهدم البيت عليهم..(3).

فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها فقالت: " لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّاً "(4)(5).

وفي رواية: ".. وقطعتم أمركم فيما بينكم فلم تؤمرونا ولم تروا لنا حقّنا، كأنّكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة "(6).

____________

1. شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/46.

2. المصنف لابن أبي شيبة: 14/267.

3. الجواب الحاسم، طبع مع المغني، للقاضي الأسد آبادي: 20/ ق 2/269.

4. خ. ل: لم تشاورونا ولم تروا لنا حقّاً.

5. الإمامة والسياسة: 1/19.

6. الاحتجاج: 80 عنه بحار الأنوار: 28/204.


الصفحة 107

المراجعات مع أمير المؤمنين (عليه السلام)

ثم إن عمر أتى أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة(1)؟ فإنّ الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر(2)..!

وفي رواية سلمان: أرسل إلى علي فليبايع، فإنّا لسنا في شيء حتّى يبايع.. ولو قد بايع أمنّاه(3).

وفي رواية: يا هذا! ليس في يديك شيء منه مالم يبايعك علي، فابعث إليه حتّى يأتيك فيبايعك، فإنّما هؤلاء رعاع.. فبعث إليه قنفذاً فقال له: اذهب فقل لعليٍّ: أجب خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: " ما خلّف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحداً غيري(4)، لسريع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "(5).

وفي رواية ابن عباس: قال علي (عليه السلام): " ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وارتددتم، والله ما استخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري، فارجع ـ يا قنفذ ـ فإنّما أنت رسول، فقل له: قال لك علي (عليه السلام): " والله ما استخلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنّك لتعلم مَنْ خليفة رسول الله "، فأقبل قنفذ إلى أبي بكر فبلّغه الرسالة فقال أبو بكر: صدق علي..! ما استخلفني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(6).

وفي رواية اُخرى: لمّا جاء قنفذ قال لفاطمة (عليها السلام): أنا قنفذ رسول أبي بكر ابن أبي قحافة خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قولي لعليّ: يدعوك خليفة رسول الله..!

____________

1. الإمامة والسياسة: 1/19.

2. كتاب سليم: 249.

3. كتاب سليم: 82.

4. تفسير العياشي: 2/66 ـ 67 ; الاختصاص: 185 ـ 186.

5. الإمامة والسياسة: 1/19.

6. كتاب سليم: 249 عنه بحار الأنوار: 28/297.


الصفحة 108
قال علي (عليه السلام): " قولي: ما أسرع ما ادّعيت ما لم تكن بالأمس، حين خاطبت الأنصار في ظلّة بني ساعدة ودعوت صاحبيك عمر وأبا عبيدة ". فقالت فاطمة ذلك. فرجع قنفذ، فقال عمر: ارجع إليه فقل: خليفة المسلمين يدعوك.

فردّ قنفذ إلى عليّ فأدّى الرسالة، فقال علي (عليه السلام): " من استخلف متسخلَفاً فهو دون من استخلفه، وليس للمستخلَف أن يتأمّر على المستخلِف.. " فلم يسمع له ولم يطع(1).

فبكي أبو بكر طويلاً(2). فغضب عمر ووثب وقام، وقال: ألا تضمّ هذا المتخلّف عنك بالبيعة..؟! فقال أبو بكر: اجلس، ثم قال لقنفذ: اذهب إليه فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر.. فأقبل قنفذ حتّى دخل على علي (عليه السلام) فأبلغه الرسالة، فقال: " كذب والله! انطلق إليه فقل له: لقد تسمّيت باسم ليس لك، فقد علمت أنّ أمير المؤمنين غيرك.. " فرجع قفنذ فأخبرهما(3).

وفي رواية سلمان عنه (عليه السلام): " سبحان الله! ما والله طال العهد فينسى، والله إنّه ليعلم إنّ هذا الاسم لا يصلح إلاّ لي، ولقد أمّره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو سابع سبعة ـ فسلّموا عليّ بإمره المؤمنين، فاستفهم هو وصاحبه من بين السبعة، فقالا: أمر من الله ورسوله، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " نعم حقّاً من الله ورسوله إنّه أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وصاحب لواء الغرّ المحجّلين، يقعده الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءَه الجنّة وأعداءه النار "(4).

____________

1. الكشكول، للسيد حيدر الآملي: 83 ـ 84.

2. الإمامة والسياسة: 1/19.

3. كتاب سليم:ص 249 عنه بحار الأنوار: 28/297.

4. كتاب سليم: 82.


الصفحة 109
فوثب عمر غضبان فقال: والله إنّي لعارف بسخفه..! وضعف رأيه..! وإنّه لا يستقيم لنا أمر حتّى نقتله.. فخلّني آتيك برأسه، فقال أبو بكر: اجلس! فأبى، فأقسم عليه فجلس، ثمّ قال: يا قنفذ! انطلق فقل له: أجب أبا بكر.. فأقبل قنفذ فقال: يا علي! أجب أبا بكر، فقال علي (عليه السلام): " إنّي لفي شغل عنه، وما كنت ُ بالذي أترك وصيّة خليلي وأخي وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور "(1).

وفي رواية: قال أبو بكر: ارجع إليه فقل: أجب! فإنّ الناس قد أجمعوا على بيعتهم إيّاه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش، وإنّما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم، وذهب إليه قنفذ فما لبث أن رجع، فقال: قال لك: " إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته: أن لا أخرج من بيتي حتّى أُؤلف كتاب الله فإنّه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل "(2).

أقول: يستفاد من ظاهر بعض الروايات وقوع الهجوم الأخير في هذا اليوم، لذكره عقيب هذه المراسلات، كما يظهر من كلام المسعودي، ولكن روى سليم عن سلمان أنّ إرسالهم كان بعد عرض القرآن عليهم قال سلمان:

لما بعث إليه علي (عليه السلام): " إني مشغول وقد آليت على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداء إلاّ للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه.. " سكتوا عنه أياماً، فجمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنادى علي (عليه السلام) بأعلى صوته: " أيّها الناس! إنّي لم أزل منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشغولاً بغسله، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب

____________

1. كتاب سليم: 249، عنه بحار الأنوار: 28/297.

2. تفسير العياشي: 2/66 ـ 67 ; الاختصاص: 186.


الصفحة 110
الواحد، فلم ينزل الله على رسول آية منه إلاّ وقد جمعتها، وليست منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلّمني تأويلها.. ".

ثم قال علي (عليه السلام): " لئلا تقولوا غداً إنّا كنا عن هذا غافلين، لا تقولوا يوم القيامة إنّي لم أدعُكم إلى نصرتي.. ولم أُذكّركم حقّي.. ولم أدعُكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته ".

فقال له عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا إليه!

ثم دخل علي (عليه السلام) بيته(1). ثم ذكر مراودات القوم معه كما مرّ.. وقال: فسكتوا عنه يومهم ذلك.

الاستنصار

قال سلمان: فلمّا كان الليل حمل علي (عليه السلام)، فاطمة (عليها السلام) على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فلم يدع أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أتاه في منزله، فناشدهم الله حقّه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا أربعة، فإنّا حلقنا رؤوسنا، وبذلنا له نصرتنا، فلما أن رأى علي (عليه السلام) خذلان الناس إيّاه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته(2).

وفي رواية ابن قتيبة: خرج علي (عليه السلام) يحمل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)على دابّة ليلاً يدور [بها] في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا

____________

1. كتاب سليم: 81 ـ 82 وراجع أيضاً بحار الأنوار: 28/307 عن المسعودي في إثبات الوصية و 92/52 عن المناقب.

2. كتاب سليم: 81 ـ 83 عنه بحار الأنوار: 28/264 ـ 268.


الصفحة 111
قبل أبي بكر ما عدلنا به..!

فيقول علي (عليه السلام): " أفكنت أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيته لم أدفنه وأخرج أُنازع الناس سلطانه..؟! " فقالت فاطمة (عليها السلام): " ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له وقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم "(1).

الهجوم الثاني

فاُخبر أبو بكر باجتماع بعض المتخلّفين عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فبعث إليهم عمر بن الخطاب في جمع كثير(2)، فجاء فناداهم فأبوا أن يخرجوا، فدعا عمر بالحطب، فقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنها على من فيها.. فقيل له: يا أبا حفص، إنّ فيها فاطمة! فقال: وإن؟!!(3).

ثمّ استأذن عمر أن يدخل عليهم فلم يُؤذن له، فشغب وأجلب(4).

خروج الزبير

فخرج إليه الزبير مصلتاً سيفه(5)، وقال: لا أغمده حتّى يُبايَع علي (عليه السلام)(6).. وشدّ على عمر ليضربه بالسيف، فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده(7).

____________

1. الإمامة والسياسة: 1/19 وذكرنا للاستنصار مصادر اُخرى عن الفريقين في الفصل السادس.

2. الاحتجاج: 80.

3. الإمامة والسياسة: 1/19.

4. مثالب النواصب: 136 ـ 137 ; الرسائل الاعتقادية: 1/447.

5. الطبري: 3/202.

6. الطبري: 3/202 ; الكامل لابن الاثير: 2/325.

7. الاختصاص: 186.


الصفحة 112
وفي رواية: ففرّ عمر من بين يديه ـ حسب عادته ـ وتبعه الزبير فعثر بصخرة في طريقه فسقط لوجهه(1).

وفي رواية أُخرى: زلّت قدمه وسقط إلى الأرض، فقال أبو بكر: عليكم بالكلب(2).

وفي رواية: فنادى عمر: دونكم الكلب(3).. فوثبوا عليه(4)وأحاطوا به وكانوا أربعين رجلاً(5)، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر(6)، فندر السيف من يده(7)، فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر(8)..

وفي رواية: صاح به أبو بكر ـ وهو على المنبر ـ: اضربوا به الحجر(9)، فأخذ سلمة بن أسلم سيفه فضربه على صخرة أو جدار(10)، فكسره.

وفي رواية أُخرى: إنّ محمّد بن سلمة هو الّذي كسره(11)..

وفي رواية ثالثة: إنّ عمر ضرب بسيفه صخرة فكسره(12). فخرج من كان في الدار فبايعوا(13) إلاّ عليّ (عليه السلام).

____________

1. مثالب النواصب: 136 ـ 137 ; الرسائل الاعتقادية: 1/447 ـ 448.

2. أمالي المفيد: 49 ـ 50.

3. مثالب النواصب: 136 ـ 137 ; الرسائل الاعتقادية: 1/447 ـ 448.

4. الطبري: 3/202.

5. بحار الأنوار: 30/291.

6. ولعلّه عبد الله بن ابي ربيعة راجع تثبيت الامامة: ص 17.

7. شرح نهج البلاغة: 2/56.

8. الطبري: 3/203 ; الكامل: 2/325.

9. شرح نهج البلاغة: 2/56 و 6/48.

10. المسترشد: 378.

11. شرح نهج البلاغة: 6/48.

12. شرح نهج البلاغة: 6/48.

13. في الهجوم الثاني على البيت خرج من كان في الدار غير أهل البيت (عليهم السلام) ولكنّهم لم يبايعوا حتّى بايع أمير المؤمنين (عليه السلام) مكرهاً. راجع الكافي: 8/245 ; رجال الكشي: 1/26 ; تفسير العياشي: 1/199، عنهما بحار الأنوار: 22/333، 351.


الصفحة 113

التوطئة للهجوم الأخير

فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع..(1)؟! وإن لم تفعل لأفعلن. ثم خرج مغضباً وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان..! فاجتمعوا عند مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فدخل على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال(2).. فقال له أبو بكر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذاً فهو رجل فظّ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعواناً(3)، وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلاّ فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم إنّهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم ناراً(4).

فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر ـ وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ـ فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلاّ فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة (عليها السلام): " أحرّج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن.. " فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إنّ فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.

الهجوم الأخير

فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء..؟! ثم أمر أُناساً حوله بتحصيل

____________

1. كتاب سليم: 83.

2. الكوكب الدرّي: 1/194 ـ 195.

3. كتاب سليم: 82.

4. الجمل: 117.


الصفحة 114
الحطب(1).

وفي رواية: فوثب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً(2) فقال أبو بكر لعمر: إئتني به بأعنف العنف..(3)! وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم(4)، فخرج في جماعة(5) كثيرة(6) من الصحابة(7) من المهاجرين والأنصار(8) والطلقاء(9)والمنافقين(10) وسفلة ا لأعراب وبقايا الأحزاب(11).

وفي رواية: إنّهم كانوا ثلاثمائة(12).

وقيل: غير ذلك، منهم:

1 ـ عمر بن الخطاب(13) 2 ـ خالد بن الوليد(14) 3 ـ قنفذ(15)

____________

1. كتاب سليم: 83.

2. كتاب سليم: 250.

3. أنساب الأشراف: 1/587 ـ 588.

4. العقد الفريد: 4/259، (ط المصر).

5. اليعقوبي: 2/126 ; المسترشد: 377 ـ 378.

6. شرح نهج البلاغة: 6/49 ; الأحتجاج: 80.

7. الكشكول: 83 ـ 84.

8. تاريخ الخميس: 2/169.

9. علم اليقين: 2/686.

10. المصدر السابق ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; كامل بهائي: 1/305 ; حديقة الشيعة: 30.

11. مصباح الزائر: 463 ـ 464.

12. جنات الخلود: 19.

13. اتفق الجميع على كون عمر بن الخطاب منهم.

14. تفسير العياشي: 2/66 ; شرح نهج البلاغة: 2/57 و 6/48 ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; الاختصاص: 186 ; كتاب سليم: 251 ; كامل بهائي: 1/305 ; الكشكول: 83 ـ 84 ; الهداية الكبرى: 178 ـ 179 ; بحار الأنوار: 30/290، 348 و 53/13.

15. تفسير العياشي: 2/307 ـ 308 ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; الجمل: 117 ; كتاب سليم: 84 ; الهداية الكبرى: 178 ـ 179 و 400 ; حديقة الشيعة: 30 ; بحار الأنوار: 30/290 ـ 348 و 53/18.