الصفحة 128

قال أبو جعفر (عليه السلام): " والله لو نشرت شعرها لماتوا طرّاً "(1).

وفي رواية: عدلت بعد ذلك إلى قبر أبيها، فأشارت إليه بحزنة ونحيب وهي تقول:

" نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وإنما أبكي مخافة أن تطول حياتي "
ثم قالت: " وا أسفاه عليك يا أبتاه، واثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن، وأبو سبطيك الحسن والحسين، ومن ربيّته صغيراً وواخيته كبيراً، وأجلّ أحبّائك لديك، وأحبّ أصحابك عليك، أولهم سبقاً إلى الاسلام، ومهاجرةً إليك يا خير الأنام.. فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير ".

ثم إنها أنّت أنّةً وقالت: " وامحمداه..! واحبيباه..!، وا أباه..! وا أبا القاسماه..! وا أحمداه..! وا قلّة ناصراه..! وا غوثاه وا طول كربتاه..! وا حزناه..! وا مصيبتاه..! وا سوء صباحاه..! " وخرّت مغشيةً عليها، فضجّ الناس بالبكاء والنحيب، وصار المسجد مأتماً(2).

وفي رواية: وأصبحت فاطمة (عليها السلام) تنادي: " وا سوء صباحاه..! "، فسمعها أبو بكر فقال لها: إنّ صباحك لصباح سوء(3)(4).

الإجبار على البيعة

____________

1. الكافي: 8/237.

2. علم اليقين: 2/686 ـ 688.

3. قال الجوهرى: يوم الصباح: يوم الغارة انظر الصحاح: 1/380. وقال الطريحي: يا صباحاه! هذه كلمة يقولها المستغيث عند وقوع أمر عظيم، وأصلها إذا صاحوا للغارة، لأنّهم أكثر ما كانوا يغيرون وقت الصباح، فكأنّ القائل: واصباحاه! يقول: قد غشينا العدوّ. راجع مجمع البحرين: 2/283.

4. مصباح الأنوار: 290 ; الارشاد: 1/189.


الصفحة 129
ثم انتهى بعليّ (عليه السلام) إلى أبي بكر فأجلسوه بين يديه(1) ـ وعمر قائم بالسيف على رأسه ـ وخالد بن الوليد وأبو عبيد ة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأُسيد بن حضير و بشير بن سعد وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح، فقال علي (عليه السلام): " ما أسرع ما توثّبتم على أهل بيت نبيّكم، يا أبا بكر! بأيّ حقّ.. وبأيّ ميراث.. وبأيّ سابقة..! تحثّ الناس إلى بيعتك؟ ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ "(2) فجلس عمر على ركبتيه وحسر عن ذراعيه(3)، وانتهر علياً (عليه السلام) وقال له: بايع ودع عنك هذه الأباطيل، فقال له (عليه السلام): " فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ " قالوا: نقتلك ذلاً وصغاراً.

وفي بعض الروايات: قال أبو بكر ـ وفي بعضها قال عمر ـ: إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك.

فقال: " إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله ".

قال أبو بكر أو عمر ـ على اختلاف النصوص ـ: أمّا عبد الله فنعم، أمّا أخا رسول الله فلا(4).

فقال علي (عليه السلام): " أما والله لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إليّ خليلي لست أجوزه لعلمت أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً ".

ثم أقبل علي (عليه السلام) عليهم فقال: " يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار! أُنشدكم الله أسمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم.. كذا وكذا، وفي غزوة تبوك.. كذا وكذا.. " فلم يدع علي (عليه السلام) شيئاً قاله فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)علانية للعامّة

____________

1. المسترشد: 377 ـ 378.

2. كتاب سليم: 84 ـ 85، 251.

3. الكوكب الدريّ: 1/194 ـ 195.

4. راجع كتاب سليم: 86 ; الايضاح: 367 ; الامامة والسياسة: 1/19 ـ 20 ; تفسير العياشي: 2/67 ; الاختصاص: 187 ; الشافي: 3/244 ; المسترشد: 377 ـ 381 ـ الاحتجاج: 83.


الصفحة 130
إلاّ ذكّرهم إيّاه. فقالوا: اللّهم نعم، فلما تخوّف أبو بكر أن ينصره الناس وأن يمنعوه.. بادرهم فقال: كلّما قلت حقّ، قد سمعناه بآذاننا ووعته قلوبنا، ولكن قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول بعد هذا: إنّا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوّة والخلافة.

فقال علي (عليه السلام): " هل أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شهد هذا معك؟ " فقال عمر: صدق خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سمعنا هذا منه كما قال، وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل: قد سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال علي (عليه السلام): " لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي قد تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمداً أو مات لتزونّ هذا الأمر عنّا أهل البيت، فقال أبو بكر: فما علمك بذلك؟! ما اطلعناك عليها؟!

فقال علي (عليه السلام): " أنت يا زبير.. وأنت يا سلمان.. وأنت يا أباذر.. وأنت يا مقداد.. أسألكم بالله وبالإسلام أما سمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك وأنتم تسمعون: " إن فلاناً وفلاناً.. حتى عدّ هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتاباً وتعاهدوا فيه وتعاقدوا على ما صنعوا؟ " فقالوا: اللّهم نعم، قد سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " إنّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا بينهم كتاباً إن قتلت أو متُّ أن يزووا عنك هذا يا علي "، فقلتَ: " بأبي أنت يا رسول الله! فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل؟ " فقال لك: " إن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم ونابذهم، وإن لم تجد أعواناً فبايعهم واحقن دمك ".

فقال علي (عليه السلام): " أما والله لو أنّ اؤلئك الأربعين رجلاً الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله، ولكن ـ أما والله ـ لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة. وفيما يكذّب قولكم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قول الله: ( أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً

الصفحة 131
عَظِيماً )(1) فالكتاب: النبوّة، والحكمة: السنّة، والملك: الخلافة، ونحن آل ابراهيم.. " فقام بريدة فقال: يا عمر! ألستما اللذين قال لكما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " انطلقا إلى علي (عليه السلام) فسلّما عليه بإمرة المؤمنين "، فقلتما: أعن أمر الله وأمر رسوله؟ فقال: " نعم ".

فقال أبو بكر: قد كان ذلك يا بريدة ولكنّك غبت وشهدنا والأمر يحدث بعده الأمر.

وفي رواية قال أبو بكر: قد كان ذلك ; ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ـ بعد ذلك ـ: لا يجتمع لأهل بيتي الخلافة والنبوة. فقال: والله ما قال هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال عمر: ما أنت وهذا يا بريده! وما يدخلك في هذا؟ قال بريدة: والله لاسكنت في بلدة أنتم فيها أُمراء.. فأمر به عمر فضُرب وأُخرج.

ثم قام سلمان فقال: يا أبا بكر! اتق الله وقم عن هذا المجلس ودعه لأهله، يأكلوا به رغداً إلى يوم القيامة، لا يختلف على هذه الاُمة سيفان.. فلم يجبه أبو بكر، فأعاد سلمان فقال مثلها، فانتهره عمر وقال: ما لك ولهذا الأمر وما يدخلك فيما هاهنا؟ فقال: مهلاً يا عمر! قم يا أبا بكر عن هذا المجلس ودعه لأهله يأكلوا به والله خضراً إلى يوم القيامة، وإن أبيتم لتحلبن به دماً، وليطمعن فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون، والله لو أعلم أني أدفع ضيماً أو أعز لله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدماً قدماً، أتثبون على وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!! فابشروا بالبلاء.. واقنطوا من الرخاء.

ثم قام أبو ذر فقال: أيّتها الأُمّة المتحيرة بعد نبيّها (صلى الله عليه وآله وسلم) المخذولة بعصيانها..! إنّ الله يقول: ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ

____________

1. النساء (4): 54.


الصفحة 132
عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(1) وآل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الأخلاف من نوح وآل إبراهيم من إبراهيم، والصفوة والسلالة من إسماعيل وعترة النبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وهم كالسماء المرفوعة، والجبال المنصوبة، والكعبة المستورة، والعين الصافية، والنجوم الهادية، والشجرة المباركة، أضاء نورها، وبورك زيتها.. محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء، وسيد ولد آدم، وعلي وصيّ الأوصياء، وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين، وهو الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، ووصيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)ووارث علمه، وأولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم، كما قال الله تعالى: ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْض فِي كِتابِ اللّهِ )(2) فقدّموا من قدّم الله، وأخّروا من أخرّ الله، واجعلوا الولاية والوزارة لمن جعل الله..

ثم قام أبو ذر والمقداد وعمار فقالوا لعليّ (عليه السلام): ما تأمر؟ والله إن أمرتنا لنضربن بالسيف حتى نُقتل. فقال علي (عليه السلام): " كفّوا رحمكم الله! واذكروا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أوصاكم به.. " فكفّوا.

وأقبلت أُمّ أيمن النوبية ـ حاضنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وأُمّ سلمة فقالتا: يا عتيق! ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمّد.. فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد، وقال: ما لنا وللنساء(3)؟!

ثم قام عمر فقال لأبي بكر ـ وهو جالس فوق المنبر ـ: ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك أو تأمر به فتضرب عنقه..؟ والحسن والحسين (عليهما السلام) قائمان، فلما سمعا مقالة عمر بكيا، فضمّهما (عليه السلام) إلى صدره فقال:

____________

1. آل عمران (3): 33.

2. الأحزاب (33): 6.

3. كتاب سليم: 86 ـ 87، 251 ـ 252.


الصفحة 133
" لا تبكيا فوالله ما يقدران على قتل أبيكما "، ثم قال عمر: قم يابن أبي طالب فبايع.

فقال (عليه السلام): " فإن لم أفعل؟ " قال: اذاً والله نضرب عنقك(1).. فاحتج عليهم ثلاث مرّات(2)فالتفت علي (عليه السلام) إلى القبر، وقال: " يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(3) " ـ وفي بعض الروايات قالها قبل ذلك(4)، وفي بعضها بعده(5) ـ ورفع رأسه إلى السماء وقال: " اللّهم اشهد "(6).

فمدّوا يده كرهاً فقبض على أنامله وعسر عليهم فتحها فراموا بأجمعهم فتحها فلم يقدروا، فمسح أبو بكر عليها وهي مضمومة(7).

وفي رواية: لما بلغ ذلك العباس بن عبد المطلب أقبل مسرعاً يهرول ويقول: ارفقوا بابن أخي ولكم عليّ أن يبايعكم.. فأخذ هو بيد علي (عليه السلام) فمسحها على يد أبي بكر ثمّ خلّوه مغضباً(8).

ثم قال علي (عليه السلام): " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ليجئن قوم من أصحابي من أهل العلية والمكانة منّي ليمرّوا على الصراط فإذا رأيتهم ورأوني.. وعرفتهم

____________

1. وفي رواية: قال عمر لعلي (عليه السلام) والزبير: لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان. انظر الطبري: 3/203.

2. راجع كتاب سليم: 88 ـ 89.

3. كتاب سليم: ص 89 ; الاحتجاج: ص 84 ; المسترشد: ص 377 ـ 378. والآية في سورة الأعراف (7): 150.

4. بصائر الدرجات: 275 ; تفسير العياشي: 2/67 ; الاختصاص: 186، 275 ; المناقب: 2/248.

5. الإمامة والسياسة: 1/19 ـ 20 ; علم اليقين: 2/386 ـ 388.

6. الشافي: 3/244.

7. إثبات الوصيّة: 145 ـ 146 ; الشافي: 3/244 ; علم اليقين: 2/386 ـ 388.

8. تفسير العياشي: 2/68 ; الاختصاص: 187.


الصفحة 134
وعرفوني.. اختلجوا دوني فأقول: أي ربّ أصحابي.. أصحابي! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم حيث فارقتهم، فأقول: بعداً وسحقاً "(1).

وأما فاطمة (عليها السلام)

وأما فاطمة (عليها السلام) ; فبقيت آثار العصرة القاسية في جسمها، وأصبحت مريضة عليلة حزينة(2)، ولزمت الفراش، ونحل جسمها، وذاب لحمها، وصارت كالخيال(3)، ومرضت مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً ممن آذاها يدخل عليها(4)، وما رئيت ضاحكة إلى أن قبضت(5).

عيادة الشيخين

فلما ثقلت واشتدّ مرضها(6) قال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة (عليها السلام)فإنّا قد أغضبناها.. فاستأذنا عليها فلم تأذن لهما(7)، فطالت عليهما المدافعة(8)، فأتيا علياً (عليه السلام) وقالا: قد كان بيننا وبينها ما قد علمت، فإن رأيت

____________

1. راجع كتاب سليم: 93.

2. مؤتمر علماء بغداد: 63.

3. دعائم الاسلام: 1/232.

4. دلائل الإمامة: 45، عنه بحار الأنوار: 43/170.

5. حلية الأولياء: 2/43 ; المعجم الكبير للطبراني: 22/399 ; الطبقات: 2/ ق 2/84 ; المستدرك: 3/162 ; تهذيب الكمال: 35/251 ; مجمع الزوائد: 9/211 ـ 212 ; البداية والنهاية: 6/367.

6. كتاب سليم: 253، عنه بحار الأنوار: 28/303.

7. الامامة والسياسة: 19.

8. الشافي: 4/214، عنه شرح نهج البلاغة: 16/218.


الصفحة 135
أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا(1).

وفي رواية: فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهداً، لا يظلّه سقف بيت حتى يدخل على فاطمة (عليه السلام) ويترضاها، فبات ليلة في الصقيع(2) ما أظلّه شيء، ثم إن عمر أتى علياً (عليه السلام) فقال له: إنّ أبا بكر شيخ رقيق القلب وقد كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار فله صحبة، وقد أتيناها غير هذه المرّة مراراً نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل، قال: " نعم ". فدخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) فقال: " يا بنت رسول الله! قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت.. وقد تردّدا مراراً كثيرة... ورددتِهما ولم تأذني لهما، وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك "، فقالت: " والله لا آذن لهما ولا أكلّمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني.. " فألحّ عليها علي (عليه السلام)(3) وقال: " فإنّي ضمنت لهما ذلك "، قالت: " إن كنت قد ضمنت لهما شيئاً.. فالبيت بيتك، والنساء تتبع الرجال لا أُخالف عليك شيء، فائذن لمن أحببت " فخرج علي (عليه السلام) فأذن لهما، فلما وقع بصرهما على فاطمة (عليها السلام) سلّما عليها.. فلم تردّ عليهما وحوّلت وجهها الكريم عنهما!!، فتحولا واستقبلا وجهها، حتى فعلت مراراً، وقالت: " يا علي! جاف الثوب.. " وقالت لنسوة حولها: " حوّلن وجهي.. " فلما حولن وجهها حَوَّلا إليها، فقال أبو بكر: يا بنت رسول الله! إنّما أتيناك ابتغاء مرضاتك، واجتناب سخطك، نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عمّا كان منّا إليك، قالت: " لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي.. وأشكوكما إليه.. وأشكو صنعكما وفعالكما وما ارتكبتما منّي ". قالا: إنا جئنا

____________

1. كتاب سليم: 253، عنه بحار الأنوار: 28/303.

2. خ. ل: البقيع.

3. الشافي: 4/214.


الصفحة 136
معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنّا ولا تؤاخذينا بما كان منا.

وفي رواية: اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا وتخرجي سخيمتك.

فالتفتت إلى علي (عليه السلام) وقالت: " إنّي لا أكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنْ صدقاني رأيت رأيى.. " قالا: اللّهم ذلك لها، وإنّا لا نقول إلاّ حقّاً ولا نشهد إلاّ صدقاً، فقالت: " أُنشدكما بالله! هل سمعتما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " فاطمة بضعة منّي وأنا منها، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟! " قالا: اللّهم نعم.

فقالت: " الحمد لله "، ثم قالت: " اللّهم إنّي أُشهدك فاشهدوا يا من حضرني، أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي، والله لا أُكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما به وبي وارتكبتما مني.. " فدعا أبو بكر بالويل والثبور، وقال: ليت أُمّي لم تلدني، فقال عمر: عجباً للناس كيف ولّوك أُمورهم وأنت شيخ قد خرفت، تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها(1).

وفي رواية: قالت: " نشدتكما الله! ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمَنْ أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومَنْ أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومَنْ أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ " قالا: نعم، قالت: " فإني أُشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني.. ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأشكونكما إليه " فانتحب أبو بكر يبكي، وهي تقول: " والله لأدعونّ الله عليك في كل صلاة

____________

1. علل الشرايع: 186 ـ 187، عنه بحار الأنوار: 43/202 ـ 203.


الصفحة 137
أصلّيها "(1).

فلما خرجا قالت لامير المؤمنين (عليه السلام): " هل صنعت ما أردت؟ " قال: " نعم "، قالت: " فهل أنت صانع ما آمرك به؟ " قال: " نعم "، قالت: " فإنىّ أُنشدك الله ألاّ يصلّيا على جنازتي.. ولا يقوما على قبري "(2).

تجهيز فاطمة (عليها السلام) ودفنها وبكاء أمير المؤمنين (عليه السلام) عليها

ثم إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس سرّاً، إلى أن حضرتها الوفاة فأخذت تبكى، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا سيدتي! ما يبكيك؟ " قالت: " أبكي لما تلقى بعدي ". فقال لها: " لا تبكي! فوالله إن ذلك لصغير في ذات الله "(3) فوصّته بأن يتولى أمرها ويدفنها ليلاً،

____________

1. الامامة والسياسة: 19 ـ 20. أقول: قولها (عليه السلام): " والله لأدعونّ عليك.. " رواه أيضاً البلاذري في أنساب الأشراف: 10/79 (ط دار الفكر) في ترجمة أبي بكر، والجاحظ في الرسائل (السياسية)، ص 467 (ط مكتبة دار الهلال) وعنه شرح نهج البلاغة: 16/264 ; والجوهري في السقيفة وفدك عنه شرح نهج البلاغة: 16/214.

وأما العيادة ; فذكرها كثير من علماء الفريقين راجع: 167 (الهامش).

2. الشافي: 4/214، عنه شرح نهج البلاغة: 16/281.

3. مصباح الانوار (مخطوط)، عنه بحار الأنوار: 43/217.

أقول: لماذا أخرّ أبو بكر وعمر عيادتها وطلب مرضاتها إلى أن ثقلت وأيقنا بوفاتها؟!

لماذا أصرّت فاطمة (عليها السلام) على المنع وألحّ علي (عليه السلام) على الإذن لهما؟!

لماذا لم تردّ فاطمة (عليها السلام) عليهما جواب السلام..؟! ألم يكونا مسلمَيْن؟!

لماذا لم تعف عنهما..؟! أليس العفو من الصفات الحسنة التي أمرنا بها في الكتاب والسنّة؟! ولماذا...

الجواب واضح:إنّهما أرادا بهذه العيادة السياسية تلبيس الأُمور على الناس، ولماذا.. ولذا أخرّاها إلى قبل وفاتها،.. وقد أظهرت فاطمة (عليها السلام) غضبها بمنعها عن العيادة، وزاد وضوحاً حين أجاز أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدخلا عليها، إذ صرحت بأنّها تدعو على أبي بكر، ولذا خرج باكياً.

نعم، العفو عن المقرّ لا عن المصرّ، فلو كانا صادقَيْن! لماذا لم يردّا الخلافة المغتصبة إلى أمير المؤمين (عليه السلام)؟! ولماذا لم يردّا فدكاً إلى فاطمة (عليها السلام)؟!


الصفحة 138
ويعفى قبرها(1)، ولا يحضر عند تجهيزها والصلاة عليها ودفنها الشيخان وأعوانهم(2).

ثم إنها لبست ثيابها الجدد ـ بعد أن اغتسلت ـ ثم أمرت أن لا تكشف(3)..

وفي بعض الروايات قالت: " لا يكشفنّ أحد لي كتفاً "(4).

فعمل أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصيتها، فغسّلها ليلاً، وحينما كان مشغولاً بتغسيلها بكى بكاءً عالياً، ثم خرج ودموعه تسيل على خدّيه، فلما سُئل عن ذلك أجاب بأنّه وجد آثار السياط والرفسة والضربات بجسمها(5)، بل قال المقداد

____________

1. الكافي: 1/458 ; أمالى المفيد: 281.

2. علل الشرائع: 185 ; المناقب: 3/363، مصباح الأنوار، عنه بحار الأنوار: 81/390، 254 ـ 255.

3. حلية الأولياء: 2/43 ; المعجم الكبير للطبراني: 22/399 ; مسند أحمد: 6/461 ـ 462 ; الاصابة: 4/379 ; اُسد الغابة: 5/590 ; مجمع الزوائد: 9/210 ـ 211 ; مقتل الخوارزمي: 1/81 ; البداية والنهاية: 5/350 ; وفاء الوفاء: 3/903.

4. الطبقات لابن سعد: 8/18 ; الإصابة: 4/379، (8/58، ط دار الجيل) ; سير أعلام النبلاء: 2/95 ; شرح المواهب للزرقاني: 3/206.

أقول: ولعلّها تريد بذلك أن تغسل الدم عن ثيابها وجسدها وتمنع عن كشف كتفها لتخفي على أمير المؤمنين المظلوم (عليه السلام) ما أصابها من الضربات.

5. راجع مصائب المعصومين (عليهم السلام): 27 ; بيت الأحزان: 33 (لليزدي) ; جامع النورين: 244 ; شعشعة الحسينية: 144 ـ 145 ; حزن المؤمنين: 61 ; بشارة الباكين: 26 ; مرقاة الإيقان: 1/112، 125 ; أنوار الشهادة: 207، 208 (مصوّرة) ماتمكده: المجلس الثالث عشر.


الصفحة 139
: خرجت بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الدنيا وظهرها وجنبها يدميان من أثر ضربات السيف والسياط(1). فصلّى عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلاً(2) ولم يشهدها إلاّ خواصه(3).

فدفنها أمير المؤمنين (عليه السلام) وعَفَّى موضع قبرها.. فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " السلام عليك يا رسول الله منّى والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك، وزائرتك، والبائتة في الثري ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك.. قلّ يا رسول الله! عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلاّ أن في التأسّي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزي، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمّضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ )(4) قد استُرجِعَت الوديعة وأُخذت الرهينة وأُخلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء.

يا رسول الله! أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من

____________

1. كامل بهائي: 1/312. (فارسي)

2. له مصادر كثيرة عن العامة والخاصة كما يأتي في محلّه ان شاء الله تعالى.

3. المشهور حضور سبعة من الأصحاب للصلاة على فاطمة (عليها السلام) وهم: سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في الخصال: 361 ورجال الكشى: 1/34 ح 13 ولكن ورد في غير واحد من المصادر حضور غيرهم والمتحصّل من الجميع حضور: الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام)، وعقيل، وعبد الله بن جعفر وبريدة والعباس وابناه فضل وعبد الله وأُسامة والزبير ونفر من بني هاشم وبنات أمير المؤمنين (عليه السلام) ونسوة من قريش وأسماء بنت عميس وخادمتها فضة، راجع إعلام الورى: 152 ; المناقب: 3/363 ; بحار الأنوار: 43/180، 183، 189، 192، 199 ـ 200 و 81/310 ; كامل بهائي: 1/312.

4. البقرة (2): 156.


الصفحة 140
قلبي أو يختار الله لي دارك الّتي فيها أنت مقيم، كمد مقيّح، وهم مهيّج، سرعان ما فرّق بيننا وإلى الله أشكو..

وستنبئك ابنتك بتظاهر أُمّتك عليّ وعلى هضمها حقّها فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً، وستقول و ( يَحْكُم اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ )(1).

سلام عليك ـ يا رسول الله! ـ سلام مودّع، لاسئم ولا قال، فإنْ أنصرف فلا عن ملالة، وإنْ أقم فلا عن سوء ظنّي بما وعد الله الصابرين الصبر أيمن وأجمل، ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند، قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة فبعين الله تدفن بنتك سرّاً.. ويهتضم حقّها قهراً.. ويمنع إرثها جهراً.. ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله ـ يا رسول الله! ـ المشتكى، وفيك أجمل العزاء.. فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته "(2).

____________

1. يونس (10): 109.

2. أمالي المفيد: 281 ; بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): 258 ; الكافي: 1/458 ; أمالي الطوسي: 1/107 ; (ط النجف) ; دلائل الإمامة: 47 ; بحار الأنوار: 43/193، 211، وله مصادر أُخرى يأتي مع الإشارة إلى موارد اختلاف النُسخ، راجع الرواية المرقّمة [130] في الفصل الآتي.


الصفحة 141

الصفحة 142

جملة من النصوص والآثار
في مأساة الهجوم على بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام)


الصفحة 143

الصفحة 144
ندرج في هذا الفصل ما رواه العامة في هذه الفاجعة، أو ما ورد في الكتب المعتمدة عندهم، وإن لم يكن مؤلفها منهم، مثل مروج الذهب للمسعودي وتاريخ اليعقوبي.. ونحوهما، وعند التصفح لمصادرهم تجدهم قائلين بما نقلنا عنهم، أو تلقّوا ما رووه بالقبول، بل صرّح بعضهم بصحّة ما رواه أو حسنه..

ثمّ نذكر كلام من حكم بضعف بعض الروايات أو نسبها إلى الشيعة.. وهو اقرار ضمنى بوجودها، ونلحق ذاك ببعض الروايات عن الشيعة، سواء أكان المؤلّف من الفرقة الحقّة الاثني عشريّة أو الزيديّة أو الإسماعيلية..

وليُعلم قبل سرد النصوص أنه لا يتوقّع مُمن مُلئ قلبه حبّ الخلفاء والصحابة أن يروي لنا القضية كاملة تامّة، إذ حبّ الشيء يُعمي ويصمّ. خصوصاً وإنّهم يقولون بعدالة جميع الصحابة! وأنّ الله تعالى غفر جميع ذنوبهم وإنْ تعمّدوها! فيجب السكوت عمّا صدر عنهم، بل يجب محوه وإعدامه. وإن أمكنهم إنكاره لأنكروه، وإلاّ فيحرّفونه أو يأوّلونه ويذكرون له توجيهات بعيدة.. وإنْ عجزوا عن هذا وذلك نهوا عن نقله واستماعه وكتابته ويضعّفون كل رواته..، وهذا هو السرّ في قلّة ما وصل إلينا منها، فيترك البعض منهم نقله للتحفّظ على شؤونهم أو مجاملة لخلفاء الجور، أو طمعاً بالتقرب إلى مواليهم ويُعرض البعض الآخر خوفاً أو تقية.. ومع كل هذا ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين..

فأدنى إشارة للموضوع في رواياتهم كاف للطالب المنصف.. وبالدقّة في القرائن والشواهد مع ضمّ المنقولات المختلفة نصل إلى المطلوب.

ولنا بحث وعودة في تفصيل هذا الإجمال يأتي في الفصل السادس.


الصفحة 145

روايات أهل السنّة وأقوالهم

1 ـ موسى بن عقبة (المتوفى 141)

[1] روى في كتابه المغازي [عن ابن شهاب الزهري] بإسناد جيّد عن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف(1)، قال: إنّ رجالاً من المهاجرين غضبوا في بيعة أبي بكر، منهم علي (عليه السلام) والزبير، فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)ومعهما السلاح فجاءهما عمر بن الخطاب في عصابة من المهاجرين والأنصار، فيهم أُسيد بن حُضير وسلمة بن سلامة بن وقش الأشهليان، وثابت بن قيس بن شمّاس الخزرجي..، فكلّموهما حتّى أخذ أحدهم سيف الزبير فضرب به الحجر حتّى كسره [ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم و..].

رواه عنه أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي(2) (المتوفى 634).

وأحمد بن عبد الله المحبّ الطبري(3) (المتوفى 694)

والإمام محمّد بن يوسف الصالحي الشامي(4) (المتوفى 942)

والشيخ حسين بن محمّد الديار بكري(5) (المتوفى 982)

____________

1. أبو إسحق الزهري، توفّي سنة 95 أو 96، عدّه ابن حبان في الثقات: 4/4، وأخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/63.

2. الاكتفاء... مغازي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والثلاثة الخلفاء: 2/446.

3. الرياض النضرة: 1/241.

4. سبيل الهدى والرشاد: 12/317.

5. تاريخ الخميس: 2/169.


الصفحة 146
وعبد الملك بن حسين العصامي المكّي(1) (المتوفى 1111)

ويأتي مع زيادات عن الجوهري في الرواية المرقّمة [25].

[2] وروى موسى بن عقبة، عن سعد بن إبراهيم قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف: أنّ عبد الرّحمن بن عوف كان مع عمر [ذلك اليوم]وأنّ محمّد بن مسلمة كان معهم، وأنّه هو الذي كسر سيف الزبير. [ثم قام أبو بكر واعتذر إليهم..].

رواه الحاكم (المتوفى 405) وقال: صحيح على شرط الشيخين(2).

والحافظ البيهقي(3) (المتوفى 458)

والمحبّ الطبري(4) (المتوفى 694)

والحافظ الذهبي(5) (المتوفى 748)

وأبو الفداء ابن كثير الدمشقي (المتوفى 774) وقال: إسناد جيّد(6).

والحافظ السيوطي(7) (المتوفى 911)

والمتقي الهندي(8) (المتوفى 975)

وا لكاندهلوي(9).

ورواه أبو بكر الجوهري (المتوفى 323) عن سعد بن إبراهيم، رواه عنه ابن أبي الحديد(10).

____________

1. سمط النجوم العوالي: 2/245.

2. المستدرك: 3/66.

3. السنن: 8/152.

4. الرياض النضرة: 1/241.

5. سير اعلام النبلاء ـ سير الخلفاء الراشدون ـ: 26.

6. البداية والنهاية: 5/270.

7. جامع الأحاديث الكبير: 13/83.

8. كنز العمال: 5/597.

9. حياة الصحابة: 2/13.

10. شرح نهج البلاغة: 6/48.


الصفحة 147

2 ـ أبو الحسن علي بن محمّد بن سليمان النوفلي (المتوفى 204 أو 206)

[3] [روى في كتاب الأخبار] عن ابن عايشة، عن أبيه، عن حماد بن سلمة(1) قال: كان عروة بن الزبير(2) يعذّر أخاه إذا جرى ذكر بني هاشم وحصره إياهم في الشعب وجمعه لهم الحطب لتحريقهم ويقول: إنما أراد بذلك إرهابهم ليدخلوا في طاعته كما أُرهب بنوهاشم وجُمع لهم الحطب لإحراقهم إذ هُم أبوا البيعة فيما سلف.

رواه عنه المسعودي (المتوفى 346) وقال: وهذا خبر لا يحتمل ذكره هنا وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم المترجم بكتاب حدائق الأذهان(3).

ورواه ابن أبي الحديد بنحو أوضح فقال: قال المسعودي: وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول: إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة ولا يختلف المسلمون وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة! كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم، لمّا تأخروا عن بيعة أبي بكر، فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار(4)..!!

____________

1. توفي ابن سلمة سنة 167، ذكره ابن حبّان في الثقات: 6/216 وقال: لم يكن من أقرانه مثله بالبصرة في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنّة. أقول: وهو من رجال الصحاح الستّة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/385.

2. عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو عبد الله، ذكره ابن حبّان في الثقات: 5/194 وقال: كان من أفاضل أهل المدينة وعلمائهم. أقول: وهو من رجال الصحاح الستّة، وفي وفاته بين 93 و 101 أقوال، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 3/29.

3. كتاب الأخبار، للنوفلي، عنه مروج الذهب: 3/77 (ط مؤسسة دار الهجرة قم). وجملة (كما أُرهب بنو هاشم وجمع لهم الحطب لإحراقم) اسقطت من بعض الطبعات! فلا تغفل.

4. شرح نهج البلاغة: 20/147.


الصفحة 148

3 ـ محمّد بن عمر الواقدي(1) (المتوفى 207)

[4] بسنده عن داود بن الحصين(2) :.. وغضب علي والزبير ودخلا بيت فاطمة وتخلّفا عن البيعة فجاءهم عمر في عصابة فيهم أُسيد بن خضير وسلمة بن أسلم بن جريش الاشهلي، فصاح عمر: اخرجوا أو لنحرقّنها عليكم، فأبوا أن يخرجوا، فصاحت بهم فاطمة وناشدتهم الله.. فأمر عمر سلمة بن أسلم فدخل عليهما وأخذ سيف أحدهما فضرب به الجدار حتى كسره، ثم أخرجهما يسوقهما حتى بايعا.

رواه عنه الطبري الإمامي(3) (المتوفى أوائل القرن الرابع)

ومحمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 588)(4).

والسيد ابن طاووس (المتوفى 664)(5).

[5] وروى الواقدي عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه(6) قال:.. وكان جماعة يجتمعون في بيت فاطمة (عليها السلام) وقت السقيفة، فقال عمر: وأيم الله لئن اجتمع هؤلاء عندك لنفتحل(7) البيت عليهم وليهدمنّ البيت أو لنحرقنّ.. فلمّا سمعوا ذلك انصرفوا.

____________

1. لعلّه في كتاب السقيفة وبيعة أبي بكر.

2. أبو سليمان الأموي، توفي سنة 135، ذكره ابن حبان في الثقات: 6/284، وهو من رجال الصحاح الستّة انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/462.

3. المسترشد: 378.

4. مثالب النواصب: 419 باختصار.

5. الطرائف: 238 ـ 239.

6. أسلم العدوي العمري أبو خالد، أبو زيد (المتوفي 80)، ذكره ابن حبان في الثقات: 4 / 45 وهو من رجال الصحاح الستّة. راجع: موسوعة رجال الكتب التسعة: 1 / 111.

7. كذا في المصدر، ولعلّ الصحيح: لنفتحنّ.


الصفحة 149
رواه عنه ابن شهر آشوب المازندارني(1) (المتوفى 588)

وروى الواقدي قطعة من الرواية الآتية تحت رقم: [12].

4 ـ نصر بن مزاحم المنقري (المتوفى 212)

[6] في كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام):.. وعلى كلهم بغيت عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وقولك الهجر، و[في] تنفسك الصعداء، و[في] إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش(2) حتى تبايع وأنت كاره(3)..!

رواه من العامة: أحمد بن أعثم الكوفي(4) (المتوفى 314)

وابن عبد ربه الاندلسي(5) (المتوفى 328)

والخطيب الخوارزمي(6) (المتوفى 568)

وابن أبي الحديد(7) (المتوفى 656)

والقلقشندي(8) (المتوفى 821)

والباعوني الشافعي(9) (المتوفى 871)

ومن الشيعة:

____________

1. مثالب النواصب: 364.

2. الجمل المخشوش: هو الّذي جعل في أنفه الخشاش ; وهو ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب لينقاد.

3. وقعة صفين: 87.

4. الفتوح: 2/578.

5. العقد الفريد: 4/308 ـ 309 (ط بيروت) 4/334 ـ 335 (مصر).

6. المناقب: 175.

7. شرح نهج البلاغة: 15/74، 186.

8. صبح الأعشى: 1/273.

9. جواهر المطالب: 1/357.