ورواه البيهقي(1) (المتوفى 458)
والذهبي(2) (المتوفى 748)
وابن كثير(3) (المتوفى 774)
ورواه السيوطي(4) (المتوفى 911)، والمتقي الهندي(5) (المتوفى 975) عن أبي داود الطيالسي (المتوفى 204) وابن سعد (المتوفى 230) وابن أبي شيبة (المتوفى 235) وابن جرير الطبري (المتوفى 310) والبيهقي والحاكم، وابن عساكر (المتوفى 571).
لفتة نظر
لقد راجعنا مسند الطيالسي فرأينا الحديث قُطع ذيله وأُلصق به حديث آخر(6)، أما الطبقات لابن سعد(7)، والمصنف لابن أبي شيبة(8)، فلا ندري هل حذف الذيل بسبب المصنف أو أسقطته أيدي التحريف، كما بدّل بعضهم قوله (جاؤوا به) و(أتوا به) بـ(جاء) ليخفى إخراج أمير المؤمنين (عليه السلام) والزبير إكراهاً وإجبارهم على البيعة. وحذراً من الاتهام بالكذب، قال بعد ذكر الرواية: هذا أو ما في معناه(9)!!.
____________
1. السنن: 8/143.
2. تاريخ الإسلام: 3/10، سير اعلام النبلاء ـ سير الخلفاء الراشدون ـ: 25.
3. السيرة النبوية: 4/495.
4. جامع الأحاديث الكبير: 13/91 و 15/420.
5. كنز العمال: 5/613.
6. مسند أبي داود الطيالسي: 84.
7. الطبقات: 3/ ق 1/151.
8. المصنف: 14/562.
9. البداية والنهاية: 5/269 و 6/333 ; السيرة النبوية: 4/494 ; السيرة الحلبية: 3/360 ; تاريخ الخلفاء للسيوطي: 68 ـ 69 ; الصواعق المحرقة: 11.
وتقدّمت للحاكم الرواية المرقّمة: [2].
25 ـ القاضي أبو الحسن عبد الجبار الأسد آبادي (المتوفى 415)
[36] قال فيما قال: وجوابنا: أن هذا انما يصح لو ثبت أن الصحابة كانوا بين مبايع ومتابع وساكت سكوتاً يدلّ على الرضا، وهذه صورة الإجماع.. ونحن لا نسلّم ذلك، فمعلوم أنّ علياً (عليه السلام) لما امتنع عن البيعة هجموا على دار فاطمة (عليها السلام)، وكذلك فإنّ عماراً ضرب، وإنّ زبيراً كسر سيفه، وسلمان استخفّ به.. فكيف يدّعى الاجماع مع هذا كلّه؟! وكيف يجعل سكوت من سكت دليلاً على الرضى(2)؟!
وللقاضي كلام يأتي في الرقم: [83].
____________
1. أقول: قريب من هذه الرواية الموضوعة ما ذكرها الكشّى في ضمن روايات موضوعة رويت عند مولانا الإمام الصادق (عليه السلام)، وأشار (عليه السلام) إلى كذبها، فراجع: اختيار معرفة الرجال: 394 ـ ترجمة سفيان الثوري ـ.
2. شرح الأُصول الخمسة: 756 (ط مكتبة وهبة مصر).
26 ـ الإمام عبد القاهر بن طاهر البغدادي (المتوفى 429)
[37] قال: ثم إن النظام(1)... طعن في الفاروق عمر، وزعم... أنه شك يوم الحديبية في دينه، وشك يوم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه كان في من نفر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ليلة العقبة، وأنه ضرب فاطمة (عليها السلام) ومنع ميراث العترة..(2).
ونقلها عن النظام غير واحد من العامة والخاصّة.
قال الشهرستاني (المتوفى 548): وقال (أي النظّام): إنّ عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها..!! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(3).
وقال الصفدي (المتوفى 764): قال النظام: إنّ عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام)يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها(4).
وقال المقريزي (المتوفى 845): وزعم ـ أي النظام ـ أنه ـ اي عمر ـ ضرب فاطمة (عليها السلام) ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنع ميراث العترة(5).
ونقله عن النظام أيضاً الدكتور عبد الرّحمن بَدَوي(6) والبكري(7).
ومن الشيعة: السيد مرتضى بن الداعي الحسني الرازي(8) (القرن السادس)
____________
1. أبو إسحاق إبراهيم بن سيار أُستاذ الجاحظ، قال الجاحظ: كان النظّام أشدّ الناس إنكاراً على الرافضة لطعنهم في الصحابة، كما في: شرح نهج البلاغة: 20/31 ـ 32.
2. الفرق بين الفرق: 141 ـ 140 (ط دار المعرفة بيروت)، ثم أخذ المؤلف في الرد على النظام، ولكنه لم يذكر شيئاً من تلك الأُمور، غير انه دافع عنهم بانهم من خيار الصحابة، ومن أهل بيعة الرضوان!!
3. الملل والنحل: 1/57 ط بيروت.
4. الوافي بالوفيات: 6/17.
5. الخطط (المواعظ والاعتبار): 2/346.
6. مذاهب الإسلاميين: 266 ـ 267.
7. حياة الخليفة عمر بن الخطّاب: 182 ـ 181.
8. تبصرة العوام: 49.
27 ـ الحافظ البيهقي (المتوفى 458)
تقدّمت له الروايتان المرقّمتان: [2] و[35].
28 ـ ابن عبد البرّ (المتوفى 463)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [11].
29 ـ مقاتل بن عطية (المتوفى 505)
[38] قال: قال الملك ـ وهو السلطان ملكشاه السلجوقي ـ: إنك ـ أيها العلوي! ـ قلت في أوّل الكلام: إنّ أبا بكر أساء إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما هي إساءته إلى فاطمة؟
قال العلوي ـ وهو بعض السادة الأجلاّء من علماء الشيعة في ذلك الزمان ـ: إنّ أبا بكر بعدما أخذ البيعة لنفسه من الناس بالإرهاب والسيف والتهديد والقوّة أرسل عمر وقنفذاً وخالد بن الوليد وأبا عبيدة بن الجراح.. وجماعة أُخرى من المنافقين إلى دار علي وفاطمة (عليهما السلام)، وجمع عمر الحطب على باب بيت فاطمة (عليها السلام) وأحرق الباب بالنار، ولما جاءت فاطمة خلف الباب لتردّ عمر وحزبه عصر عمر فاطمة بين الحائط والباب عصرة شديدة قاسية حتى أسقطت جنينها، ونبت مسمار الباب في صدرها، وصاحت فاطمة: " يا أبتاه! يا رسول الله! انظر ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة! " فالتفت عمر إلى من حوله وقال: اضربوا فاطمة..!! فانهالت السياط على حبيبة رسول الله وبضعته حتى أدموا جسمها، وبقيت آثار العصرة القاسية والصدمة المريرة تنخر في جسم فاطمة، فأصبحتْ مريضة عليلة حزينة حتى فارقت الحياة بعد أبيها بأيّام، ففاطمة
قال الملك للوزير: هل ما يذكره العلوي صحيح؟
قال الوزير ـ وهو الخواجه نظام الملك ـ: نعم انّي رأيت في التواريخ ما يذكره العلوي(1).
30 ـ محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505)
[39] وقال: وأمّا الذي نقموا به على عمر بن الخطاب همّه(2)بإحراق بيت فاطمة (عليها السلام) ; فإنه قد كان ذلك منه على غير ما وهموا(3) به.. وإنّه لمّا تأخر علي (عليه السلام) والزبير والمقداد عن بيعة أبي بكر يوم بويع، كانوا مجتمعين(4) في منزلها، فسمع بذلك عمر، فأتى إليهم إلى منزلها [كذا]ليعزلهم(5) عمّا كان منهم، فلم يجدهم هناك، فقال لفاطمة: يا بنت رسول الله! ما أحد(6) أحبّ إلينا من أبيك، ولا أحد بعده أحبّ إلينا منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي من أنّه إذا اجتمع عندك هؤلاء النفر أن أحرق عليهم هذا البيت، لأنهم أرادوا شقّ عصا المسلمين بتأخرهم(7) عن البيعة.. ثم خرج عنها، فلم يلبث أن عادوا إليها، فقالت لهم(8) : " أن عمر جاءني وحلف بالله لئن أنتم عدتم إلى هذا البيت ليحرقنّه عليكم، وأيم الله إنه ليصدقن فيما(9) حلف عليه.. فانصرفوا عنّي فلا ترجعوا إليّ " ففعلوا ذلك ولم يرجعوا إليها إلاّ بعدما بايعوا. فهذا هو المعنى، فأي شيء على عمر من منقود في هذا، لأنه همّ ولم يفعل!! ما أراد بذلك
____________
1. مؤتمر علماء بغداد: 63 (ط الرابعة ـ المسترحمي) ; الخلافة والإمامة: 160 ـ 161.
2. خ. ل: من همّه.
3. خ. ل: همّوا.
4. خ. ل: يجتمعون.
5. خ. ل: ليعذلهم.
6. خ. ل: ما أحد من الخلق.
7. خ. ل: بتأخّرهم هذه النفر.
8. خ. ل: فقالت لهم تعلمون.
9. خ. ل: بما.
31 ـ الشهرستاني (المتوفى 548)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [37].
32 ـ ابن حمدون (المتوفى 562)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [7].
33 ـ الخطيب الخوارزمي (المتوفى 568)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [6].
34 ـ الحافظ ابن عساكر (المتوفى 571)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].
35 ـ ابن الأثير (المتوفى 630)
[40] قال: وتخلف علي (عليه السلام) وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة، وقال الزبير: لا أغمد سيفاً حتى يُبايَع علي (عليه السلام)، فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر.. ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة(2).
____________
1. الفرق والتواريخ: 33 (مخطوط مكتبة الآستانة الرضوية المقدّسة). وطبع هذا الكتاب أخيراً باسم: عقائد الثلاث والسبعين فرقة لأبي محمّد اليمني في المدينة المنوّرة، وما نقلناه عنه موجود في: 1/141 منه مع اختلاف يسير أشرنا إليه.
2. الكامل: 2/325.
ومن المعاصرين محمد رضا(2) وغيره.
36 ـ الكلاعي الأندلسي (المتوفى 634)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [1].
37 ـ ضياء الدين المقدسي (المتوفى 643)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].
38 ـ أبو حامد عزّ الدين عبد الحميد المدائني، ابن أبي الحديد (المتوفى 656)(3)
____________
1. نهاية الإرب: 19/39.
2. أبو بكر الصديق: 35.
3. العارف بكلام ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة يعلم تعصبه وتصلّبه في الموالاة للشيخين وبُعده عن الشيعة الإمامية، فذكره لفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وتفضيله على غيره لا يوجب أن يكون الرجل من الشيعة، كيف وكان هذا مطرّداً في قدماء أهل السنة لا سيما المعتزلة منهم، ويدلّك على هذا تأويله كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخلفاء ويفسّره حسبما يشتهيه حذراً من تنقيص مواليه كما صرّح بذلك نفسه فقال في شرح نهج البلاغة: 20/35: وحاش لله أن يكون [أي علي (عليه السلام)] ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين والأنصار إلاّ بالجميل والذكر الحسن، بموجب ما تقتضيه رئاسته في الدين وإخلاصه في طاعة ربّ العالمين، ومن أحبّ تتبع ما روي عنه مما يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب ـ أعني شرح نهج البلاغة ـ فإنا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ أوضحناه وفسرناه على وجه يوافق الحقّ!!
ومما يدلّ على كونه من المعتزلة قوله ضمن القصائد السبع العلويات ـ كما في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/14 ـ:
ورأيت دين الاعتزال وإنني | أهوى لأجلك كل من يتشيّع |
نعم بناء على ما سلكه بعضهم من أن المناط في التشيّع هو حبّ أهل البيت (عليهم السلام)وذكر فضائلهم أو الانحراف عن بعض خصوم أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل معاوية وآله كما يستفاد من كلام الذهبي وابن حجر العسقلاني فتتسع دائرة التشيّع ويدخل فيها كثير ممن يتولّى أبا بكر وعمر، وهذا كما ترى، ومن هنا رمي بعض علماء السنة بالرفض أو التشيّع، راجع ترجمة الحاكم النيسابوري في طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي: 4/166 ; تذكرة الحفاظ، للذهبي: 3/227 ـ 233 و 4/232 ; سير أعلام النبلاء: 23/338 ; تهذيب التهذيب: 1/94 (ترجمة أبان بن تغلب)، قال الذهبي ـ عند تفسيره التشيع بما ذكرناه ـ: فهذا كثير في التابعين وتابعيهم.. فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة. ميزان الاعتدال: 1/5.
وكان يبلغه وفاطمة (عليها السلام) عنها ـ أي عن عائشة ـ كل ما يكرهانه منذ مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن توفّيت فاطمة (عليها السلام) وهما صابران على مضض ورمض.. وانخذل علي وفاطمة (عليهما السلام) وقُهرا وأُخذت فدك، وخرجت فاطمة (عليها السلام) تجادل في ذلك مراراً فلم تظفر بشيء(1)..
[42] وعن أُستاذه أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي النقيب (المتوفى قبل 644)(2) أنه قال: إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أباح دم هبار بن الأسود، لأنه
____________
1. شرح نهج البلاغة: 9/198.
2. قال ابن أبي الحديد: كان النقيب أبو جعفر غزير العلم، صحيح العقل، منصفاً في الجدال، غير متعصّب للمذهب وإن كان علويّاً، وكان يعترف بفضائل الصحابة ويثني على الشيخين. راجع شرح نهج البلاغة: 10/222.
[43] وعنه ضمن نقل رسالة لبعض الزيدية: وكيف... منعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة (عليها السلام) وما جرى لها بعد وفاة أبيها؟ فإن قلتم: إنّ بيت فاطمة (عليها السلام) إنّما دُخل، وسترها إنما كُشف حفظاً لنظام الاسلام!! وكيلا ينشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة... وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين وأثبت دعائم الإسلام، ومما أعزّ الله به المسلمين، وأطفأ به نار الفتنة(2)!!..
[44] وقال أبو جعفر النقيب في جواب ابن أبي الحديد لما سأله: هل أمر أبو بكر خالداً بقتل علي (عليه السلام):.. ولكني أستبعده من أبي بكر ; فإنه كان ذاورع ولم يكن ليجمع بين أخذ الخلافة ومنع فدك وإغضاب فاطمة (عليها السلام) وقتل علي(عليه السلام)!! حاش لله من ذلك(3)!!..
أقول: وفيه تشنيع لطيف يدلّنا على أن الظلم الصادر منه كان مسلّماً عندهم.
ثم ترى نفسه في شرح نهج البلاغة حيرانَ، فإنّه وقع في حيص وبيص وابتلى بالتناقض، فمن ناحية يريد التحفّظ على موالاته للخلفاء والذبّ والدفاع عنهم، ومن ناحية أُخرى يرى نفسه محكوماً بالروايات المتواترة، مع تصريحه بأنه
____________
1. شرح نهج البلاغة: 14/193.
2. شرح نهج البلاغة: 20/16 ـ 17.
3. شرح نهج البلاغة: 13/302.
[45] قال:.. وعمر هو الذي شدّ بيعة أبي بكر ووقم المخالفين فيها، فكسر سيف الزبير لما جرّده، ودفع في صدر المقداد... وتوعّد من لجأ إلى دار فاطمة (عليها السلام)من الهاشميّين وأخرجهم منها.. ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر..(2).
[46] وقال: اختلفت الروايات في قصة السقيفة ; فالذي تقوله الشيعة وقد قال قوم من المحدّثين بعضه ورووا كثيراً منه: إنّ علياً (عليه السلام) امتنع من البيعة حتى أُخرج كرهاً، فلما جاء عمر ومعه جماعة من الأنصار وغيرهم قال ـ في جملة ما قال ـ: خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر.. ويقال: انه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجراً فكسره وساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته، ولم يتخلّف إلا علي (عليه السلام) وحده، فإنه اعتصم ببيت فاطمة (عليها السلام) فتحاموا إخراجه منه قسراً، وقامت فاطمة (عليها السلام) إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه فتفّرقوا.. وعلموا أنه بمفرده لا يضر شيئاً فتركوه، وقيل: إنهم أخرجوه فيمن أُخرج وحُمل إلى أبي بكر فبايعه.
وقد روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري كثيراً من هذا.
فأما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأُمور الفظيعة وقول من قال: إنهم أخذوا علياً (عليه السلام) يقاد بعمامته والناس حوله.. فأمر بعيد والشيعة تنفرد به، على أنّ جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه(3)..
____________
1. شرح نهج البلاغة: 16/210.
2. شرح نهج البلاغة: 1/174.
3. شرح نهج البلاغة: 2/21.
فأما الأُمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة (عليها السلام)، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار فصاحت: " يا أبتاه! يا رسول الله! ".. وألقت جنيناً ميّتاً، وجعل في عنق علي (عليه السلام) حبل يقاد به وهو يعتل وفاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين معهما يبكيان، وأن عليّاً لما أحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدد بالقتل، فقال: " إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله " فقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا.. وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة العقبة.. فكله لا أصل له [كذا] عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث ولا يعرفونه وإنما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله(1).
[48] وقال ـ بعد ذكر إبائه عن البيعة واحتجاجه على القوم ـ: هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة يدلّ على أنّه (عليه السلام) قد كان كاشفهم وهتك القناع بينه وبينهم، ألا تراه كيف نسبهم إلى التعدّي عليه وظلمه وتمنع من طاعتهم وأسمعهم من الكلام أشدّه وأغلظه(2)..
[49] وقال: قال أبو بكر [اى الجوهري]: وحدّثني المؤمل بن جعفر، قال: حدّثني محمّد بن ميمون، قال: حدثني داود بن المبارك، قال: أتينا عبد الله
____________
1. شرح نهج البلاغة: 2/60 ـ 59.
2. شرح نهج البلاغة: 6/12 ـ 13.
قال ابن أبي الحديد: قلت: قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوي، قال: أنشدني هذا الشاعر لنفسه ـ وذهب عني أنا اسمه ـ قال:
يا أبا حفص الهوينى وما كنـ | ـت ملياً بذاك لولا الحمام |
أتموت البتول غضبى ونرضى | ما كذا يصنع البنون الكرام |
ثم قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنّها أوصت ألاّ يصلّيا عليها، وذلك عند أصحابنا من الأُمور المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها.. لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة.. ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما!!..
فإن هذا ـ لو ثبت أنه خطأ ـ لم يكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا
[50] وقال: وقد نقل الناس خبر الزبير لما هجم عليه ببيت فاطمة (عليها السلام)وكُسر سيفه في صخرة ضربت به..(2).
[51] وقال: وقد روى كثير من المحدثين أنه عقيب يوم السقيفة تألّم وتظلم واستنجد واستصرخ حيث ساموه الحضور والبيعة، وإنه قال ـ وهو يشير إلى القبر ـ: " يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(3) ". وأنه قال: " واجعفراه! ولا جعفر لي اليوم، واحمزتاه! ولا حمزة لي اليوم ".
وقد ذكرنا من هذا المعنى جملة صالحة [كذا] فيما تقدّم.
ثم ادّعى عدم وجود النص على الخلافة.. إلى أن قال: فإن قالت الإمامية: كان يخاف القتل لو ذكر ذلك. فقيل لهم: فهلاّ يخاف القتل وهو يعتل ويدفع ليبايع.. وهو يمتنع ويستصرخ تارة بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتارة بعمه حمزة وأخيه جعفر وهما ميتان، وتارة بالأنصار، وتارة ببني عبد مناف.
ويجمع الجموع في داره ويبث الرسل والدعاة ليلاً ونهاراً إلى الناس يذكرهم فضله وقرابته.
ويقول للمهاجرين: خصمتم الأنصار بكونكم أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنا أخصمكم بما خصمتم به الأنصار ; لأن القرابة إن كانت هي المعتبرة فأنا أقرب منكم..
وهلاّ خاف من هذا الامتناع ومن هذا الاحتجاج ومن الخلوة في داره بأصحابه ومن تنفير الناس عن البيعة التي عقدت حينئذ لمن عُقدت له.
وكل هذا إذا تأملّه المنصف علم أن الشيعة أصابت في أمر وأخطأت في أمر
____________
1. شرح نهج البلاغة: 6/49.
2. شرح نهج البلاغة: 11/14.
3. الأعراف (7): 150.
[52] وقال ـ عقيب رواية تدلّ على التأخير في تجهيز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ: أنا أعجب من هذا ; هب أنّ أبا بكر ومن معه اشتغلوا بأمر البيعة، فعليّ بن أبي طالب والعباس وأهل البيت بماذا اشتغلوا حتى يبقى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجّى بينهم ثلاثة أيام بلياليهنّ لا يغسلونه ولا يمسونه..؟
فكيف يبقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميتاً يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء لا يعلم به أبو بكر.. وبينهما غلوة ثلاثة أسهم؟
وكيف يبقى طريحاً بين أهله ثلاثة أيام لا يجترئ أحد منهم أن يكشف عن وجهه وفيهم علي بن أبي طالب وهو روحه بين جنبيه والعباس عمّه القائم مقام أبيه، وابنا فاطمة وهما كولديه، وفيهم فاطمة بضعة منه، أفما كان في هؤلاء من يشكف عن وجهه.. ولا من يفكر في جهازه؟
أنا لا أُصدق ذلك ولا يسكن قلبي إليه..! والصحيح أن دخول أبي بكر إليه
____________
1. أقول: الأمر في النص على الإمامة والخلافة واضح ظاهر كالشمس في رائعة النهار، والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) صرّح بذلك في اليوم الذي أعلن رسالته ودعوته في المجلس الذي جمع عشيرته ويعرف بيوم الإنذار، لقوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيْرَتَكَ الأَقْرَبِيْنَ) (الشعراء (26): 214) وكانت دعوته إلى إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) مستمرة إلى قبل وفاته في حجّة الوداع في غدير خم.
ولا غرض لنا في البحث حول ذلك اذ هو خارج عن موضوع الكتاب، راجع المراجعات للسيد شريف الدين، والغدير للشيخ الأميني لا سيّما المجلد الأول منه..، وغيرهما.
2. شرح نهج البلاغة: 11/111.
وبقي الإشكال في قعود علي (عليه السلام) عن تجهيزه، إذا كان أُولئك مشتغلين بالبيعة، فما الذي شغله هو، فأقول: يغلب على ظنّي ـ إن صح ذلك ـ أن يكون قد فعله شناعةً على أبي بكر وأصحابه، حيث فاته الأمر واستؤثر عليه به، فأراد أن يتركه (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاله لا يحدث في جهازه أمراً، ليثبت عند الناس ان الدنيا شغلتهم عن نبيهم ثلاثة أيام.. حتى آل أمره إلى ما ترون..!
وقد كان (عليه السلام) يتطّلب الحيلة في تهجين أمر أبي بكر ـ حيث وقع في السقيفة ما وقع ـ بكل طريق، ويتعلّق بأدنى سبب من أُمور كان يعتمدها، وأقوال كان يقولها، فلعله هذا من جملة ذلك.
أو لعله ـ إن صحّ ذلك ـ فإنما تركه (صلى الله عليه وآله) بوصية منه إليه وسرٍّ كانا يعلمانه في ذلك..(1).
[53] وقال أيضاً: واعلم أنا إنما نذكر في هذا الفصل ما رواه رجال الحديث وثقاتهم، وما أودعه أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه ـ وهو من الثقات الأُمناء عند أصحاب الحديث ـ.
وأما ما يرويه رجال الشيعة والأخباريون منهم في كتبهم من قولهم:
إنهما أهاناها وأسمعاها كلاماً غليظاً.. وانّ أبا بكر رَقَّ لها حيث لم يكن عمر حاضراً فكتب لها بفدك كتاباً، فلما خرجت به وجدها عمر فمدّ يده إليه ليأخذه مغالبة، فمنعته، فدفع بيده في صدرها، وأخذ الصحيفة فخرقها، بعد أن تفل فيها فمحاها، وأنها دعت عليه فقالت: " بقر الله بطنك كما بقرت صحيفتي ".. فشيء لا يرويه أصحاب الحديث ولا ينقلونه، وقدر الصحابة يجلّ عنه، وكان عمر أتقى لله وأعرف لحقوق الله من ذلك..(2)!!
____________
1. شرح نهج البلاغة: 13/36 ـ 37.
2. شرح نهج البلاغة: 16/234.
وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسّف على ذلك، وهذا يدلّ على قوّة دينه وخوفه من الله تعالى.. فهو بأن يكون منقبة له أولى من كونه طعناً عليه(1)!!.
[55] وأما إخفاء القبر وكتمان الموت وعدم الصلاة وكل ما ذكره المرتضى فيه، فهو الذي يظهر ويقوى عندي ; لأن الروايات به أكثر وأصحّ من غيرها، وكذلك القول في موجدتها وغضبها..(2).
وتقدّمت لابن أبي الحديد الروايات المرقّمة: [2]، [3]، [6]، [7]، [8]، [10]، [20] إلى [29]. وتأتي له الروايات المرقّمة: [83]، [130]، [161].
39 ـ أحمد بن عبد الله المحبّ الطبري (المتوفى 694)
تقدّمت له الروايتان المرقّمتان: [1] و[2].
40 ـ إبراهيم بن محمّد بن المؤيد بن حمويه الجويني الشافعي (المتوفى 722)
[56] في رواية تقدّم ذكرها(3) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ".. وإنّي لمّا رأيتها، ذكرت ما يصنع بها بعدي كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقّها، ومنعت إرثها، وكسرت جنبها، وأسقطت جنينها.. وهي تنادي: يا محمداه!.. فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث... ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت
____________
1. شرح نهج البلاغة: 17/168.
2. شرح نهج البلاغة: 16/286.
3. راجع الفصل الأول.
اللّهمّ العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلها، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها.. فتقول الملائكة عند ذلك: آمين "(1).
ورواه من الشيعة الشيخ الصدوق(2) (المتوفى 381)
والشيخ أبو جعفر محمّد بن القاسم الطبري(3) (القرن السادس)
وشاذان بن جبرئيل القمي(4) (المتوفى 660)
والشيخ حسن بن سليمان الحلّي(5) (القرن الثامن)
والشيخ الديلمي(6) (المتوفى 771)
41 ـ ابن تيميّة (المتوفى 728)
[57] قال ـ بعد ذكر اعتراف أبي بكر بالهجوم، نقلا عن العلامة الحلّي وقوله (رحمه الله): وهذا يدلّ على إقدامه على بيت فاطمة (عليها السلام) عند اجتماع أمير المؤمنين (عليه السلام)والزبير وغيرهما فيه ـ:
.. غاية ما يقال: إنّه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه(7)!!
وله كلام يأتي في الرقم: [84].
____________
1. فرائد السمطين: 2/35 (ط المحمودي).
2. أمالي الصدوق: 114 ـ 113، (ط بيروت ص 100)، عنه بحار الأنوار: 43/172 و 28/38 ; العوالم: 11/391.
3. بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): 198 ـ 199.
4. الفضائل: 9 ـ 10.
5. المحتضر: 109.
6. إرشاد القلوب: 295 ـ 296.
7. منهاج السنة: 4/220.
42 ـ أبو الفداء (المتوفى 732)
تقدّمت له الرواية المرقّمة: [30].
43 ـ أبو بكر الدواداري (المتوفى 732)
تقدّمت له الرواية المرقّمة:[8].
44 ـ النويري (المتوفى 737)
تقدّمت له الرويات المرقّمة: [7]، [11]، [40].
45 ـ الحافظ الذهبي (المتوفى 748)
[58] قال عند ذكر أحمد بن محمّد بن السري بن يحيى المعروف بـ: ابن أبي دارم: قال محمّد بن أحمد بن حماد الكوفي فيما قال:.. ثم كان في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب. حضرته ورجل يقرأ عليه: إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن(1).
ورواه ابن حجر العسقلاني(2) (المتوفى 852)
وتقدّمت للذهبي الروايتان المرقّمتان: [10]، [35]، ويأتي له الرواية المرقّمة [84].
46 ـ الصفدي (المتوفى 764)
تقدّمت له الروايتان المرقّمتان: [11] و[37]، وله رواية أُخرى تأتي في
____________
1. ميزان الاعتدال: 1/139 ; سير أعلام النبلاء: 15/578.
2. لسان الميزان: 1/268.