أكثر قولي لم يصب فعلهما | ولا أرى والله عذراً لهما(1) |
99 ـ البرقي(2) (المتوفى 245)
[109] قال:
وكلّلا النار من بيت ومن حطب | والمضرمان لمن فيه يسبّان |
وليس في البيت إلا كل طاهرة | من النساء وصديق وسبطان |
فلم أقل غدرا، بل قلت قد كفرا | والكفر أيسر من تحريق ولدان |
وكل ما كان من جور ومن فتن | ففي رقابهما في النار طوقان(3) |
لأنّه ضارب الزهراء فاطمة | وكسر بابها ظلماً وعدوانا(4) |
100 ـ فضل بن شاذان (المتوفى 260)
[110] قال: رويتم ـ أى أنتم معشر العامّة ـ عن إسحاق بن إبراهيم... عن أبي حرب بن أبي الأسود، قال: بعثني أبي إلى جريد(5) بن عبد الله البجلي(6) أسأله عن أمر ما حضر(7) عن أبي بكر وعمر وعلي (عليه السلام)حين
____________
1. مثالب النواصب: 137.
2. علي بن محمّد بن عمار، عدّه ابن شهرآشوب من شعراء أهل البيت (عليهم السلام) المجاهرين وقال: خرقوا ديوانه وقطعوا لسانه. انظر معالم العلماء ص 148، وقيل: هو أبو محمد عبد الله بن عمّار البرقي، وشئ به إلى المتوكّل وقرئت له قصيدته النونيّة، فأمر بقطع لسانه وإحراق ديوانه فمات بعد أيّام. راجع أعيان الشيعة: 8/63.
3. الصراط المستقيم: 3/13 ; مثالب النواصب: 423، ويختلفان في نقل بعض الكلمات، فراجع.
4. مثالب النواصب: 423.
5. خ. ل: جندب.
6. جرير بن عبد الله وجندب بن عبد الله البجليان كلاهما من الصحابة، ومن رجال الصحاح الستّة، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1 / 237، 255.
7. خ. ل: عمّا حضر.
ورواه الطبري الإمامي(5) (المتوفى أوائل القرن الرابع)
وتقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].
101 ـ أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي (المتوفى 283)
[111] روى عن أحمد بن عمرو البجلي، عن أحمد بن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) قال: " والله ما بايع علي (عليه السلام) حتّى رأى الدخان قد دخل بيته "(6).
رواه عنه الشريف المرتضى(7) (المتوفى 436)
والشيخ الطوسي(8) (المتوفى 460)
____________
1. خ. ل: بعثا.
2. خ. ل: ملبباً.
3. خ. ل: صغراً لك ; وفي نسخة: ولو ما لك.
4. الايضاح: 367.
5. المسترشد: 380.
6. نحتمل قويّاً أنّهم نقلوها عن كتاب المعرفة، راجع الشافي تعليقة: 3/223.
7. الشافي: 3/241.
8. تخليص الشافي: 3/76، عنه بحار الأنوار: 28/390.
[112] وروى أبو إسحاق ابراهيم الثقفي في كتاب المعرفة عن زائدة ابن قدامة(2) : انه خرج عمر في نحو من ستين رجلاً، فاستأذن الدخول عليهم، فلم يؤذن له.. فشغب وأجلب، فخرج إليه الزبير مصلتاً سيفه، ففرّ الثاني من بين يديه ـ حسب عادته ـ وتبعه الزبير، فعثر بصخرة في طريقه فسقط لوجهه، فنادى عمر: دونكم الكلب..، فأحاطوا به، وأخذ سلمة بن أسلم سيفه فضربه على صخرة فكسره فسيق إليه الزبير سوقاً عنيفاً إلى أبي بكر حتى بايع كرهاً. وعاد إلى الباب واستأذن: فقالت فاطمة (عليها السلام): " عليك بالله ان كنت تؤمن بالله أن تدخل بيتي فإني حاسرة..! " فلم يلتفت إلى مقالها وهجم.
فصاحت! " يا أبة! ما لقينا بعدك من أبي بكر وعمر.. " وتبعه أعوانه، فطالب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخروج فلم يمتنع عليه لما تقدم من وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وظن(3) بالمسلمين عن الفتنة وكان غرضه المحاماة على الدين وحياطته و... خرج معهم وخرجت الطاهرة في اثره، وهي تقول لزفر: " يابن السوداء! لأسرع ما أدخلت الذل على بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! " قال: ولم تبق من بني هاشم امرأة الاّ خرجت معها، فلما رآها أبو بكر مقبلة هاب ذلك فقام قائماً وقال: ما أخرجك يا بنت رسول الله؟ فقالت: " أخرجتني أنت وهذا ابن السوداء معك ". فقال الأول: يا بنت رسول الله! لا تقولي هذا فإنه كان لأبيك حبيباً. قالت: " لو كان حبيباً ما أدخل الذلّ بيته.. "
____________
1. مثالب النواصب: 420.
2. زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي المتوفى 163 وقيل غير ذلك. ذكره ابن حبان في الثقات: 6/339 وقال: كان من الحفّاظ المتقنين. أقول: وهو من رجال الصحاح الستّة، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/513.
3. خ. ل: ضن.
ورواه العلامة المحقق المازندراني الخواجوئي(4) (المتوفى 1173)
102 ـ الشيخ محمد بن الحسن الصفّار (المتوفى 291)
[113] روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: " لمّا أُخرج بعلي (عليه السلام) ملبباً، وقف عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(5) قال فخرجت يد من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرفون أنها يده، وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر: " يا هذا! ( أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً )(6) ".
ورواه المفيد(7) (المتوفى 413)
وابن شهر آشوب المازندراني(8) (المتوفى 588)
____________
1. محمد بن مسلم (المتوفى 125) من أعلام التابعين والمنحرفين عن علي (عليه السلام)، له عند العامة شأن.
2. أبو محمد المذاري من وجوه أصحابنا في القرن الثالث.
3. مثالب النواصب: 136 ـ 137.
4. طريق الرشاد مطبوع في ضمن الرسائل الاعتقادية: 1/447 ـ 448.
5. الأعراف (7): 150.
6. بصائر الدرجات: 275 ; عنه بحار الأنوار: 28/220. والآية في سورة الكهف (18): 37.
7. الاختصاص: 275.
8. المناقب: 2/248.
103 ـ يحيى بن الحسين الهادي الزيدي اليمني (المتوفى 298)
[114] قال:... وأين الإجماع.. وبنو هاشم إليهم يرجع الشرف والذكر والقول في الجاهلية والإسلام، ولم يبايع منهم أحد، ولم شهدوا، ولم يشاوروا، وأمير المؤمنين علي (عليه السلام) لازم بيته قد أبى أن يخرج معهم وأبى أن يحضر، وقد أرسلوا إليه ثلاثة رسل، رسولاً بعد رسول، أن اخرج فبايع خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فردّ عليهم: " ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! " ثم عاد الرسول ثانية فقال: أجب أمير المؤمنين. فقال: " يا سبحان الله! ما أجرأ من تسمّى بما ليس له! " ثم رجع إليه ثالثة فقال: أجب أبا بكر فقد أجمع المسلمون عليه وبايعوه.. فبايعه أنت وادخل فيما دخل فيه الناس.
فقال أبو بكر لعمر: انهض في جماعة واكسر باب هذا الرجل وجئنا به [كي]يدخل فيما دخل فيه الناس، فنهض عمر ومن معه إلى باب علي (عليه السلام) فدقّوا الباب، فدافعته فاطمة " صلوات الله عليها "، فدفعها وطرحها فصاحت: " يا عمر! أُحرّجك(1) بحرج الله أن لا تدخل عليّ بيتي، فإني مكشوفة الشعر، مبتذلة "، فقال لها: خذي ثوبك.
فقالت: " مالي ولك؟ " ثم قال: خذي ثوبك فإني داخل.. فأعادت عليه القول(2) فدفعها ودخل هو وأصحابه، فحالت بينهم وبين البيت الذي فيه علي (عليه السلام)، وهي ترى أنها أوجب عليهم حقّاً من علي (عليه السلام) لضعفها وقرابتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوثب إليها خالد بن الوليد فضربها بالسوط على عضدها حتى كان أثره في عضدها مثل الدملج، فصاحت عند ذلك، فخرج عليهم الزبير بالسيف، فصاح عمر: دونكم الليث فدخل في صدره عبد الله بن أبي ربيعة فعانقه وأخذ السيف من يده، وضرب به الحجر حتى كسره، فدخلوا البيت فأخرجوا عليّاً (عليه السلام)
____________
1. خ. ل: ومن معك.
2. خ. ل: البتول.
" احلب حلباً لك شطره، شدّها له اليوم يردّها عليك غداً "(1).
ونقله عنه الحسيني الزيدي(2) (المتوفى 670)
[115] وقال الهادي: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من قصد بالأذى في نفسه وأقاربه، وأول من شهد عليه بالزور، وأوّل من أخذ ماله، وأوّل من روّع أهله، واستخف بحقّهم، فروّعوا، وأُوذوا وهم يروون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: " من روّع مسلماً فقد برئتُ منه، وخرج من ربقة الإسلام " وقال الله عزّ وجلّ فيهم: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )(3).
وقد فُعل بفاطمة (عليها السلام) ما ذكرنا في كتابنا هذا ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ". فآذوها أشدّ الإيذاء ولم يلتفت فيها ولا في أقاربها إلى شيء مما ذكرنا، فكانت حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أول حرمة انتهكت بعده في الإسلام، وكان أوّل مشهود شُهد عليه بالزور، وكان ماله أول مال أُخذ غصباً من ورثته...(4).
ونقله عنه الحسيني الزيدي(5) (المتوفى 670)
والشرفي الأهنومي(6) (المتوفى 1055)
104 ـ عبيد الله بن عبد الله بن طاهر الخزاعي (المتوفى 300)
[116] كان كثيراً ما يقول:
تعزّ، فكم لك من أُسوة | تسكن عنك غليل الحزن |
____________
1. تثيبيت الأمامة: 15 ـ 17.
2. أنوار اليقين: 329.
3. الشورى (42): 23.
4. تثبيت الإمامة: 27 ـ 28.
5. أنوار اليقين: 332.
6. شفاء صدور الناس: 498.
بموت النبي وخذل الوصيّ | وذبح الحسين وسمّ الحسن |
وجرّ الوصيّ وغصب التراث | وأخذ الحقوق وكشف الاحن |
وهدم المنار وبيت الإله | وحرق الكتاب وترك السنن |
إذا ما المرء لم يعط مناه | واضناه التفكر والنحول |
ففي آل الرسول له عزاء | وما لاقته فاطمة البتول(1) |
105 ـ محمد بن جرير الطبري الإمامي الكبير (المتوفى أوائل القرن الرابع)
[117] روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " لما استخرج أمير المؤمنين صلوات الله عليه من منزله، خرجت فاطمة والهة، فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها، حتى انتهت قريباً من القبر، فقالت: " خلوا عن ابن عمّي.. فوالّذي بعث محمّداً بالحقّ، لئن لم تخلوا عنه لأنشرنّ شعري، ولأضعن قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الذي كان عليه حين خرجت نفسه على رأسي، ولأصرخنّ إلى الله تبارك وتعالى فما صالح بأكرم على الله من ابن عمّي ولا ناقة صالح بأكرم على الله منّي، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي "(2).
ورواه الشيخ الطبرسي(3) (القرن السادس)
وابن شهر آشوب المازندراني(4) (المتوفى 588)
[118] وروى الطبري، عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام): " لما قبض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بويع أبو بكر تخلّف علي (عليه السلام)، فقال عمر
____________
1. المناقب: 2/210 ـ 209.
2. المسترشد: 381.
3. الاحتجاج: 1/86، عنه بحار الأنوار: 28/206 و 43/47 (مع تغيير يسير).
4. المناقب: 3/339 ـ 340 (قريب منها).
فرفع علي (عليه السلام) صوته وقال: " سبحان الله! ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
قال: فرجع فأخبره، ثم قال عمر: ألا تبعث إلى هذا الرجل المتخلف فيجيء يبايع؟ فقال لقنفذ: اذهب إلى عليّ فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: تعال بايع.. فذهب قنفذ يضرب الباب، فقال عليّ (عليه السلام): " من هذا؟ " قال: أنا قنفذ. فقال: " ما جاء بك؟ " قال: يقول لك أمير المؤمنين: تعال فبايع.. فرفع عليّ (عليه السلام)صوته وقال: " سبحان الله! لقد ادّعى ما ليس له ". فجاء فأخبروه، فقام عمر فقال: انطلقوا إلى هذا الرجل حتى نجيء إليه.. فمضى إليه جماعة، فضربوا الباب، فلمّا سمع علي (عليه السلام)أصواتهم لم يتكلّم، وتكلّمت امرأته فقالت: " من هؤلاء؟ " فقالوا: قولي لعليّ يخرج ويبايع.
فرفعت فاطمة (عليها السلام) صوتها فقالت: " يا رسول الله! مالقينا من أبي بكر وعمر بعدك ".
فلما سمعوا صوتها بكى كثير ممّن كان معه، ثم انصرفوا.. وثبت عمر في ناس معه، فأخرجوه وانطلقوا به إلى أبي بكر حتى أجلسوه بين يديه فقال أبو بكر: بايع، قال: " فإن لم أفعل؟ " قال: إذاً والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك. قال علي: " فأنا عبد الله وأخو رسوله "، قال أبو بكر: بايع. قال: " فإن لم أفعل؟ " قال: إذاً والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك. فالتفت علي (عليه السلام) إلى القبر وقال: " يـ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(1).. " ثم بايع وقام(2).
____________
1. الأعراف (7): 150.
2. المسترشد: 378 ـ 377.
[119] وقال الطبري: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) منعه من طلب الخلافة بعد فراغه من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد أن توثب الظالمون فبايعوا أبا بكر:
أنّ المدينة كانت محتشية بالمنافقين، وكانوا يعضّون الأنامل من الغيظ، وكانوا ينتهزون الفرصة، وقد تهيّأوا لها ووافق ذلك في شكاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وقبل وفاته، وعلي (عليه السلام) مشغول بغسل رسول الله وبإصلاح أمره ودفنه. فلمّا انجلت الغمّة وبايع الناس أبا بكر من غير مناظرة أهل البيت قعد في منزله وطلب الخلافة بلسان دون سيفه، وتكلّم وأعلم الناس حاله وأمره، معذراً.. يعلم الناس أنّ الحقّ له دون غيره، وذكّرهم ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد له، ثم رجع وقعد عن القوم. فصاروا إلى داره.. وأرادوا أن يضرموها عليه وعلى فاطمة ناراً.. فخرج الزبير بسيفه فكسره(2).
[120] وقال أيضاً:... وعمر، الذي همّ بإحراق بيت فاطمة (عليها السلام) وشتم علياً (عليه السلام) والزبير(3).
وتقدّمت له الرويات المرّقمة: [4]، [12]، [110].
106 ـ الشيخ سديد الدين محمود الحمصيّ الرازي (المتوفى أوائل القرن الرابع)
[121] قال ـ ضمن كلام له في بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر ـ: لأنها وقعت بعد مطل وتأخّر منه، وبعد أن عوتب وهدّد وأُخرج على الوجه الذي جاءت به الروايات من جهة العامّة والخاصّة.
وقيل له: حسدت ابن عمّك ونفست عليه.. وخوّف من وقوع الفتنة بين
____________
1. أبكار الأفكار: 466 (من قوله (عليه السلام): فمضى إليه جماعة فضربوا الباب إلى آخره).
2. المسترشد: 373.
3. المسترشد: 224.
ووجدانها في كتب الشيعة وروايتها من طرقهم أكثر من أن تحصى.
ومن تأمّل الأخبار المروية في هذا الباب علم صحّة ما قلناه إذا أنصف من نفسه...(1).
107 ـ ناصر الدين حسن بن علي الأطروش المتوفى (304)
[122] قال: وأظهروا الحسد والخلاف والعداوة لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهمّوا بإحراق البيت عليهم، حتى يقول زيد بن أرقم: أنا الذي كنت حملت الحطب إلى باب فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. ومع هذا قد أُمر بقتل علي (عليه السلام) أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجته فاطمة (عليها السلام) وأمّي سبطيه..! ونسوا ما قد أوصاه بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستنّوا بسنّة الماضين من الأُمم الهالكين(2).
108 ـ محمّد بن مسعود العياشي (المتوفى 320)
[123] روى عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جدّه(3) قال: ما أتى على علي (عليه السلام) يوم قط أعظم من يومين أتياه، فأما أوّل يوم ; فيوم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما اليوم الثاني ; فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر ـ والناس يبايعونه ـ إذ قال له عمر: يا هذا! ليس في يديك شيء منه
____________
1. المنقذ من التقليد: 2/359.
2. مقدمة كتابه في الفقه: 159، ولعلّه كتاب الإبانة.
3. وهو هرمز الفارسي.
قال: قال عمر: قوموا بنا إليه.. فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقنفذ وقمت معهم، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة صلوات الله عليها أغلقت الباب في وجوههم ـ وهي لا تشك أن لا يُدْخَل عليها إلا بإذنها ـ فضرب عمر الباب برجله فكسره ـ وكان من سعف ـ ثم دخلوا فأخرجوا علياً (عليه السلام) ملبباً.
فخرجت فاطمة (عليها السلام) فقالت: " يا أبا بكر! أتريد أن ترملني من زوجي، والله لئن لم تكف عنه لأنشرنّ شعري، ولأشقّن جيبي، ولآتين قبر أبي، ولأصيحن إلى ربّي.. " فأخذت بيد الحسن والحسين (عليهما السلام) وخرجت تريد قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال علي (عليه السلام) لسلمان: " أدرك ابنة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).. فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، والله إن نشرت شعرها، وشقت جيبها، وأتت قبر أبيها، وصاحت إلى ربّها.. لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها ".
فأدركها سلمان رضى الله عنه فقال: يا بنت محمّد! إنّ الله بعث أباك رحمة.. فارجعي، فقالت:" يا سلمان! يريدون قتلَ عَليٍّ، ما عَلَيَّ صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي، فأنشر شعري، وأشقّ جيبي، وأصيح إلى ربّي ". فقال سلمان: إنّي أخاف أن يخسف بالمدينة، وعليّ (عليه السلام) بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى
قال: فأخرجوه من منزله ملبباً(1) مرّ على(2) قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فسمعته يقول: " يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(3) ".
وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة ـ وقدم عليّ (عليه السلام) ـ فقال له عمر: بايع، فقال له عليّ (عليه السلام): " فإن أنا لم أفعل فمه؟ " فقال له عمر: إذاً أضرب والله عنقك، فقال له عليٌّ: " إذاً والله أكون عبد الله المقتول وأخا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا.. حتّى قالها ثلاثاً.
فبلغ ذلك العبّاس بن عبد المطلب فأقبل مسرعاً يهرول، فسمعته يقول: ارفقوا بابن أخي ولكم عليَّ أن يبايعكم.. فأقبل العباس وأخذ بيد عليّ (عليه السلام)
فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلّوه مغضباً، فسمعته يقول ورفع رأسه إلى السماء: " اللّهمّ انّك تعلم أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال لي: إن تمّوا عشرين فجاهدهم وهو قولك في كتابك: ( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ )(4) " قال: وسمعته يقول: " اللّهمّ وإنّهم لم يتمّوا عشرين.. " حتى قالها ثلاثاً.. ثم انصرف(5).
ورواه المفيد(6) (المتوفى 413)
[124] وروى العياشي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)
____________
1. خ. ل: وأقبل الزبير مخترطاً سيفه، وهو يقول: يا معشر بني عبد المطّلب! أيفعل هذا بعليّ وأنتم أحياء؟! وشدّ على عمر ليضربه بالسيف، فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده، فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر.
2. خ. ل: مرّوا به.
3. الأعراف (7): 150.
4. الأنفال (8): 65.
5. تفسير العياشي: 2/66 ـ 68، عنه بحار الأنوار: 28/227. العوالم: 11/405 ـ 407.
6. الاختصاص: 185 ـ 187.
ورواه الكليني(3) (المتوفى 329)
وأبو عمرو الكشي، عنه الشيخ الطوسي(4) (المتوفى 460)
والسيد شرف الدين الأسترآبادي(5) (القرن العاشر)
[125] وروى العياشي عن أحدهما (عليهما السلام) [أي الإمام الباقر أو الإمام الصادق (عليهما السلام)]: ".. فأرسل أبو بكر إليه أن: تعال فبايع، فقال عليّ: " لا أخرج حتى أجمع القرآن.. " فأرسل إليه مرّة أُخرى، فقال: " لا أخرج حتى أفرغ.. " فأرسل إليه الثالثة ابن عم له يقال(6) قنفذ، فقامت فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليها) تحول بينه وبين عليّ (عليه السلام) فضربها، فانطلق قنفذ وليس معه عليّ (عليه السلام)، فخشي أن يجمع عليّ الناس، فأمر بحطب فجعل حوالي بيته، ثم انطلق عمر بنار، فأراد أن يحرق على عليّ بيته وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فلمّا رأى عليّ ذلك، خرج فبايع كارهاً غير طائع "(7).
____________
1. تفسير العياشي: 1/199، عنه بحار الأنوار: 22/333 ـ 351.
2. آل عمران (3): 144.
3. الكافي: 8/245.
4. رجال الكشي: 1/26.
5. تأويل الآيات: 128.
6. خ. ل: رجلا يقال له.
7. تفسير العياشي: 2/307 ـ 308، عنه بحار الأنوار: 28/231.
109 ـ أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي (المعاصر للعياشي)
[126] [روى في كتاب الرجال] عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): " لما مرّوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) وفي رقبته حبل إلى زريق(1) ضرب أبوذر بيده على الأُخرى ثم قال: ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية، وقال المقداد: لو شاء لدعا عليه ربه عزّ وجل، وقال سلمان: مولاي أعلم بما هو فيه ".
رواه عنه الشيخ الطوسي(2) (المتوفى 460)
وابن شهر آشوب المازندراني(3) (المتوفى 588)
وتقدّمت للشيخ الكشّي الرواية المرقّمة: [124].
110 ـ ثقة الاسلام الكليني (المتوفى 329)
[127] عن الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشاء، عن أبان، عن أبي هاشم قال: لما أُخرج بعليّ (عليه السلام) خرجت فاطمة (عليها السلام) واضعة قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رأسها آخذة بيدي ابنيها فقالت: " مالي ولك يا أبا بكر؟! تريد أن تؤتم ابنيّ وترملني من زوجني؟ والله لولا أن يكون سيّئة لنشرت شعري ولصرخت إلى ربّيّ.. " قال أبو جعفر (عليه السلام): " والله لو نشرت شعرها ماتوا طرّاً "(4).
[128] وروى الكيلني عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): " إن فاطمة (عليها السلام)
____________
1. وفي رجال الكشي: حبل آل زريق وفي التعليقة: هو من أخشن الحبل وأغلظها (عن المغرب).
2. معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف بكتاب الرجال، عنه اختيار معرفة الرجال: 1/37، عنه بحار الأنوار: 22/352 و 28/237.
3. مثالب النواصب: 137.
4. الكافي: 8/237، عنه بحار الأنوار: 28/252.
[129] وروى عن علي بن سويد، قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام)ـ وهو في الحبس ـ كتابا أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة فاحتبس الجواب علّي، ثم أجابني بجواب هذه نسخته: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم.. كتبت تسألني عن أمور كنتَ منها في تقية... رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم... وسألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وفي سبيل الله، فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منزلهما، فلّما أحرزاه توليا إنفاقه أيبلغان بذلك كفرا، فلعمري لقد نافقا قبل ذلك وردّا على الله جلّ وعّز كلامه، وهزءا برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما الكافران، عليهما ( لَعْنَةُ اللهِ وَالْملائِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِيْنَ )(2).
والله ما دخل قلب أحد منهما شيء من الإيمان منذ خروجهما من حالتيهما.. وما ازدادا إلا شكا، كانا خداعين، مرتابين، منافقين، حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام.
وسألت عمّن حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ويوضع على رقبته منهم عارف ومنكر فأولئك أهل الردة الأولى ومن هذه الأمة، فعليهم ( لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِيْنَ )(3)(4).
وفي كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عند دفن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)،
____________
1. الكافي 1/460، بحار الأنوار: 28/250.
2. آل عمران (3): 87.
3. آل عمران (3): 87.
4. الكافي: 8/124، عنه بحار الأنوار: 48/243.
[130] عن علي بن محمّد الهرمرازي [عن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن أبيه]الحسين (عليه السلام)(2) قال: " لما مرضت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصّت إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها.. ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استسرار(3) بذلك ـ كما وصّت به ـ فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أمير المؤمنين (عليه السلام)أن يتولّى أمرها، ويدفنها ليلاً، ويعفي قبرها.. فتولّى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)ودفنها وعفّى موضع قبرها(4).. فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل(5) دموعه على خدّيه، وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:
" السلام عليك يا رسول الله منّي(6).. والسلام عليك من(7) ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك، وزائرتك، والبائتة(8) في الثرى ببقعتك(9)، المختار لها الله سرعة اللحاق بك.. قلّ يا رسول الله! عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء(10) تجلّدي، إلاّ أن في التأسّي لي(11) بسنّتك، والحزن الذي حلّ بي بفراقك(12) موضع(13) التعزّي(14)، فلقد(15)
____________
1. خ. ل: واختلست.
2. وفي دلائل الإمامة بسند آخر.. عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السلام).
3. خ. ل: استمرار.
4. خ ل: بيده.
5. خ. ل: وأرسل.
6. خ. ل: عنّي.
7. خ. ل: عن.
8. خ. ل: الثابتة ; الليلة.
9. خ. ل: ببقيعك.
10. خ. ل: نساء العالمين.
11. خ. ل: لي في التأسّي.
12. خ. ل: لفراقك.
13. خ. ل: وفي فرقتك موضع ; لموضع.
14. خ. ل: تعزٍّ.
15. خ. ل: ولقد.