[322] وفي رواية اخرى: قال علي (عليه السلام): " يا رسول الله! هذه أمانة ليلة الزفاف رددتها إليك "، فخرج من القبر صوت: " يا علي!.. في تلك الليلة لم يكن ضلعها مكسوراً، ولا وجهها مسوداً، ولا عينها محمّرة ". فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام)وقال: " يا رسول الله! أنت تعلم ممّن صدرت هذه الأفعال(1).. " وقال الشيخ محمد علي الكاظمي (المتوفى 1281):
[323] قالت زينب (عليها السلام): رأيت ـ حين تغسيل أُمّي (عليها السلام) ـ سواد جنبها، فسألت أبي (عليه السلام) فقال: " هذا أثر السياط.. "(2).
وقال صدر الواعظين القزويني (المتوفى حدود 1330) ـ ما ترجمته ـ:
[324] وأوصته (عليها السلام) أن لا يجرّدها حين الغسل، بل يغسّلها، وعليها قميصها، والسر في ذلك، كأنّها تقول بلسان الحال: يا عليّ! إنّي لشدّة محبّتي وشفقتي عليك أردت أن لا ينكسر خاطرك بشيء، ولذا فقد كتمت عنك آثار ضرب الغلاف والرفسة التي كانت بجسمي.
واويلاه! حينما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مشغولاً بغسل السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) اذ رأى سواد عضدها وجنبها، فصاح صيحة سمعها الناس من خارج الدار(3).
أقول: يحتمل أن يكون بكاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وصيحته لأجل ملامسة يده الجسدَ المتورّم، أو الضلع المكسور ـ كما يقال ـ وأُطلقت الرؤية على ذلك مجازاً كما يقول الأعمى أيضاً لشيء مسّه سابقاً: أنا رأيت ذلك.
وإنما نستبعد الرؤية بالعين لأجل ما ورد من نهيها (عليها السلام) عن كشف كفنها. وهو ما رواه جمع من أهل السنّة من أن فاطمة (عليها السلام) لبست ثيابها الجدد ـ قبل وفاتها
____________
1. المصدر: 209.
2. حزن المؤمنين: 61.
3. المجلّد الثاني من رياض القدس المسمّى بحدائق الأنس: 255 (فارسي).
وفي بعض النصوص أنها قالت: " ولا يكشفنّ أحد لي كتفاً "(2).
فإنّها (عليها السلام) ـ لشدة محبّتها لأمير المؤمنين (عليه السلام) كما يظهر لمن راجع سيرتها (عليها السلام)ـ أرادت أن لا تقع عينا أمير المؤمنين (عليه السلام) على آثار الضربات الصادرة من المهاجمين على بيتها، لا سيّما الأثر الباقي في كتفها من غمد السيف أو السياط، ولبست ثيابها الجدد لئلا يرى ثيابها المضرّجة بالدم.
نعم هذا هو السرّ في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ خطاباً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ: ".. فأحفهاالسؤال، واستخبرها الحال.. " إذ معنى الإحفاء هو المبالغة والإلحاح. كأنّ أمير المؤمين (عليه السلام) يقول: إنّها كاتمة لما جرى عليها ولا يسع استكشاف الحال إلاّ بعد الإصرار والمبالغة.
228 ـ العلامة السيد محمد قلي الموسوي الهندي (والد صاحب العبقات مير حامدحسين) (المتوفى 1268)
[325] قال ـ ما ترجمته ملخصاً ـ: إن تهديدهم وتخويفهم للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بإحراق بيتها، والإتيان بالحطب والنار وإيذاء عمر وجسارته بكل ذلك..، مما ثبت بنصوص وروايات من ثقات أهل السنّة وأعاظم محدّثيهم ممّن يعتمدون عليه(3).
____________
1. المعجم الكبير للطبراني: 22/399 ; حلية الأولياء: 2/43 ; مسند أحمد: 6/461 ـ 462 ; الاصابة: 4/379 ; البداية والنهاية: 5/350 ; وفاء الوفاء: 3/903 ; ذخائر العقبى: 53 ـ 54 ; اُسد الغابة: 5/590 ; مجمع الزوائد: 9/210 ـ 211 ; مقتل الخوارزمي: 1/81 (ط النجف) ; العمدة لابن بطريق: 451.
2. الطبقات لابن سعد: 8/27 ; الإصابة: 4/379 ; سير أعلام النبلاء: 2/95.
3. تشييد المطاعن: 1/434.
229 ـ السيد محمد النقوي الهندي (المتوفى 1284)
[326] قال:.. وأيضاً فإرادتهما لإحراق بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام)على من فيه أظهر من الشمس، وأبين من الأمس، ولغاية وضوحه وشهرته لا يقدر أحد على انكاره، حتى أن الفاضل المعاصر الدهلوي اعترف به في التحفة الاثنى عشرية.. ثم أخذ في بيان بعض ما رواه أهل السنّة في ذلك(1).
230 ـ المؤرخ الشهير صاحب ناسخ التواريخ، سپهر (المتوفى 1297)
[327] قال ـ بعد الإشارة إلى ما نقل عن أهل السنّة ـ ما ترجمته ـ:.. ومن الواضح عند كل عاقل لبيب: أن لا يتأتى إخراج مثل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) من بيته بدون ضرب السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وشتمها وإيذائها..(2).
231 ـ الحاج ملاّ إسماعيل السبزواري (المتوفى 1312)
[328] قال ـ ما ترجمته ملخصاً ـ:.. فكتب لها بردّ فدك، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر وقال: يا بنت محمّد! من اين لك هذا الكتاب؟ قالت: " هذا كتاب كتبه أبو بكر لي بردّ فدك "، قال: هلّميه وأرنيه.. فأبت أن تدفعه إليه فلطمها على وجهها فانكسر قرطها، فارتفع صوتها بالأنين والبكاء قائلة:
" يا أبتاه! انظر إلى ابنتك المظلومة، كنّا في حياتك معظّمين وأصبحنا بعدك مذلّلين ".
____________
1. طعن الرماح المسمّى بالفوائد الحيدرية: 93.
2. ناسخ التواريخ: الخلفاء: 1/58 (فارسي، ط الثانية).
" قد كان بعدك أنباء وهنبثة | لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب " |
فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وجلس عندها، وقال: " يا فضّة! عليك بها فقد جاءها المخاض "، ثم جاءت فضّة بعد ساعة وهو تحمل لفّافة فقال (عليه السلام) لها: " ما معك يا فضّة؟ قالت: يا سيّدي! ولدك المحسن الذي اسقط!. قال: " واريه في فناء البيت ".. فلم تزل فاطمة (عليها السلام) بعد ذلك ملازمة للفراش حتّى أخرج عليّ (عليه السلام)جنازتها(1).
232 ـ العلامة السيد اسماعيل الطبرسي النوري (المتوفى 1321)
[329] قال ـ بعد ذكر الروايات عن أهل السنّة ـ ما ترجمته ـ: هذه ملخص ما ذكره علماء العامة في كتبهم، ولم أذكر ما نقله أصحابنا عنهم خوفاً للاطالة والإطناب.
ولا يخفى ـ على المنصف ـ صراحتها في ظلمهم وايذائهم لأهل البيت (عليهم السلام)، وأما الشيعة فقد ثبت عندهم تفصيل هذه الواقعة ـ سيما ما جرى على
____________
1. جامع النورين: 206 ـ 207، (ط العلمية الاسلامية).
233 ـ الشيخ محمد تقي المعروف بـ: آغا نجفي (المتوفى 1332)
[330] قال ـ ما ترجمته ـ: وأما الشهيدة ; فتواتر عند الشيعة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أن عمر وقنفذاً دفعا الباب على بطنها، فأسقطت ولدها الذي سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): محسناً، فمرضت من ذلك، ثم عرجت روحها الطاهرة إلى أعلى علّيين(2).
234 ـ الشيخ محمد باقر القايني البيرجندي (المتوفى 1352)
[331] قال ـ بعد ذكر إرسال قنفذ ورجوعه ـ كما مرّ ـ ما ترجمته:.. ثم جمع عمر عدّة وجاء معهم إلى بيت فاطمة (عليها السلام)، وصرخ: يا علي! اخرج وبايع وإلا أحرقت بيتك بما فيه.. فجاءت فاطمة (عليها السلام) خلف الباب وقالت: " يا فلان! ما لنا ولك؟ " قال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم.
قالت: " يا فلان! أما تتّقي الله؟! لا تدخل عليّ بيتي ".
فعلم عمر أنهم لا يفتحون الباب، فطلب النار والحطب وحفّ به الدار، وعندما احترق بعض الباب. لكزه برجله فقلعه ودخل البيت. فصاحت فاطمة وقالت: " يا أبتاه! يا رسول الله..! " فرفع عمر سيفه وضرب بغلافه على كتف فاطمة (عليها السلام)، فصاحت فاستغاثت بأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاخرج عمر السوط وضربها على ذراعها، فصاحت فاطمة ونادت: " يا رسول الله! لبئس ما خلفك
____________
1. كفاية الموحدّين: 2/128 (فارسي).
2. أسرار الزيارة بهامش حقائق الأسرار: زيارة فاطمة (عليها السلام).
ثم أرسلوا إلى أبي بكر يطلبون منه النصرة وذلك بإرسال جمع آخرين. فلمّا كثر عددهم، جعلوا الحبل في عنق حبل الله المتين أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي رواية: فجرّوه بحمائل سيفه وذهبوا به إلى المسجد، فمنعتهم فاطمة (عليها السلام) فضربها قنفذ بالسياط بشدّة على عضدها بحيث بقي أثره إلى آخر عمرها، ولكنّها مع ذلك لم تتخلى عن بعلها بل بقيت تمانعهم ـ أشدّ المنع ـ عن إخراج أمير المؤمين (عليه السلام). فيحث رأى عمر تلك الحالة أشار على قنفذ فضرب الباب على بطنها وعصرها حتّى كسر ضلع من أضلاعها، وأسقطت جنينها الذي كان قد سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): محسناً.
وصارت السيّدة المظلومة ـ بسبب ما جرى عليها طريحة الفراش إلى أن فارقتها الحياة وهى مظلومة شهيدة صلوات الله عليها(1).
235 ـ السيد ناصر حسين الهندي (المتوفى 1361)
[332] قال: ومن الفجائع التي تبكي لها عيون الإسلام والدين والوقائع التي أحرقت قلوب المؤمنين والموقنين، ما ارتكبه عمر بن الخطاب من الظلم العظيم الذي أوجب سقوط المحسن من بطن سيدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وهذه الواقعة الهائلة قد بلغ خبرها حدّ التواتر واليقين عند أهل الحق المبين(2).
236 ـ المحدّث الخبير الشيخ عباس القمي (1359)
[333] قال:.. ومما ذكرنا ظهر شدة مصيبة أمير المؤمين (عليه السلام) وعظم صبره،
____________
1. الكبريت الأحمر: 277 (فارسي).
2. إفحام الأعداء والخصوم: 1/93.
فقد ذكرت في كتاب المترجم بنفس المهموم في وقائع عاشوراء عن الطبري: أنه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين (عليه السلام) برمحه، ونادى عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح(1) النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين (عليه السلام): " يابن ذي الجوشن! أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي؟! أحرقك الله بالنار! " قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله إنّ هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين؟ تعذب بعذاب الله، وتقتل الولدان والنساء، إن في قتلك الرجال لما ترضى به أميرك، قال: فقال: من أنت؟ قلت: لا أُخبرك من أنا، وخشيت والله لو عرفني أن يضرّني عند السلطان، قال: فجاء رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي، فقال: ما رأيت مقالاً أسوأ من قولك ولا موقفاً اقبح من موقفك أمُرْعِباً للنساء صرت؟ قال: فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف..!
أقول: هذا شمر مع أنه كان جلفاً جافاً قليل الحياء استحيا من قول شبث، ثم انصرف!! وأما الذي جاء إلى باب أمير المؤمنين وأهل بيته (عليهم السلام) وهدّدهم بتحريقهم وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنّه على ما فيه.. فقيل له: إنّ فيه فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله وآثار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... أنه لم يستحي ولم ينصرف.. بل فعل ما فعل..
ولم يكن لأمير المؤمنين (عليه السلام) من ينصره ويذب عنه إلا ما روي عن الزبير أنّه لما رأى القوم أخرجوا علياً (عليه السلام) من منزله ملبباً أقبل مخترطاً سيفه وهو يقول:
____________
1. كذا والظاهر: فصاحت.
وروى الشيخ الكليني عن سدير قال: كنّا عند أبي جعفر (عليه السلام) فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيّهم واستذلالهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رجل من القوم: أصلحك الله! فأين كان عزّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟! فقال أبو جعفر (عليه السلام): " ومن كان بقي من بني هاشم؟ انما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجلان ضيعفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام: عباس وعقيل، وكانا من الطلقاء، أما والله لو أنّ حمزة وجعفراً كانا بحضرتهما، ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما "(1).
237 ـ الشيخ علي أكبر النهاوندي (المتوفى 1369)
[334] قال (رحمه الله) ـ ما ترجمته ـ: الإيماض الأول: ان واقعه حمل عمر الحطب واتيانه بالنار إلى دار فاطمة (عليها السلام) لإحراقها بمن فيه كان بأمر من أبي بكر.. وهذا واضح ومشهور عند الفريقين من علمائهم وعوامهم، أمّا عند الخاصة ; فكأنّها من الضروريات، وأما عند العامة، فذكرها اكثر مؤلفيهم ومصنفيهم في كتبهم مع غالب جزئيات المشهورة عند الخاصّة(2).
238 ـ العلامة الشيخ محمد حسين المظفر (المتوفى 1375)
[335] قال ـ بعد ذكر بعض المصادر عن العامّة ـ: ومن عرف سيرة عمر وغلظته مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قولاً وفعلاً، لا يستبعد منه وقوع الإحراق فضلاً عن
____________
1. بيت الأحزان: 102 ـ 103.
2. أنوار المواهب: 97 ـ 98.
وقال: بالجملة ; يكفي في ثبوت قصد الإحراق رواية جملة من علمائهم له، بل رواية الواحد منهم له لا سيّما مع تواتره عند الشيعة..(2).
239 ـ العلامة شرف الدين (المتوفى 1377)
[336] قال ـ بعد بيان اختلافهم في السقيفة ـ: فدعاه النظر للدين إلى الكف عن طلب الخلافة والتجافي عن الأمور، علماً منه أن طلبها ـ والحال هذه ـ يتسوجب الخطر بالأُمّة، والتغرير في الدين فاختار الكف، إيثاراً للاسلام، وتقديماً للصالح العام، وتفضيلاً للآجلة على العاجلة غير أنه قعد في بيته ولم يبايع حتى اخرجوه كرهاً، احتفاظاً بحقّه واحتجاجاً على من عدل عنه...(3).
وقال: فهل يكون العمل بمقتضيات الخوف من السيف، أو التحريق بالنار إيماناً بعقد البيعة؟!
ثم قال في التعليقة: تهديدهم علياً بالتحريق ثابت بالتواتر القطعي(4).
240 ـ الشيخ محمد مهدي الحائري المازندراني (المتوفى 1384)
[337] روى عن بعض كتب التواريخ(5) : لما بايع الناس الأوّل، دخل عليه الثاني وقال له: ما أغفلك عن بيعة علي والعبّاس؟ قال: ولم؟ قال: لاحتجابهما عنك، فقال له الأول: ذرهما وما يريدان يفعلان، فقال له الثاني: إن
____________
1. دلائل الصدق: 3/52 (ط بيروت).
2. المصدر: 3/53.
3. المراجعات: 270.
4. المراجعات: 266. تعليقة رقم 71.
5. اقول: وفي مجموعة من المخطوطات ـ للقرن العاشر ـ تشتمل على كتاب الزام النواصب وغيره، وجدت هذه الرواية مع زيادات كثيرة ونقصان أشرنا إلى بعض موارد الخلاف في التعليقة.
قال أُبيّ بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنّة.. فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتّى وافوا منزل علي، فوافوا الباب مغلق(2) فتقدّم الثاني ورفس الباب برجله ونادى:
يا علي! اخرج ولقد احتجبت في منزلك عن بيعة أبي رصع(3)، اخرج وإلاّ أحرقنا البيت بالنار.
فقال أُبيّ بن كعب: فسمعت رنّة من وراء البيت، فالتفتّ وإذا أنا بالطاهرة المصونة فاطمة الزهراء فبكت وقالت: " ويحك يابن الزرقاء!(4) يابن حنتمة! بالأمس واريتم أبي في لحده والآن قدمتم على حرق بيتي؟! " فقال الثاني: والله يا فاطمة! ما على وجه الأرض أعزّ عَلَيَّ منك ومن عليٍّ... وإنما أحرق بيتك لمرادي.
____________
1. مشترك بين غير واحد من الصحابة ; وفي الخطّية: اُم غيلان ; قال في مجمع البحرين: 5/439: شجر معروف، منه كثير في طريق مكّة.
2. كذا والظاهر: مغلقاً، وبقية العبارة في الخطية هكذا: فكلّلوا الباب بالحطب، وتقدّم عمر بن الخطّاب فرفس الباب برجله ففتحه، ونادى: يا علي! اخرج وإلاّ أحرقنا البيت.. أقول: كلّله بالحجارة: علاه بها، كلّل السحابُ السماءَ: أحاط بها من كلّ جانب، انظر منجد الطلاّب: 650.
3. كذا والظاهر: أبي بكر.
4. في الخطية: ويحك يابن السوداء يابن حنتمة! تحرق بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، ويحك يا عمر! منذ ثلاثة أيّام واريتم أبي تحت التراب.
قالت أسماء: فما دخلنا البيت إلا وقد أسقطت جنيناً سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): محسناً.
ثم دخلو على عليّ وجعلوا حمائل سيفه في عنقه وقادوه كما يقاد البعير المغشوش(2) وهو كان متلبباً بثيابه، فلّما رأت فاطمة ما فعلوه بابن عمّها قامت ولبست إزارها وخرجت خلف القوم.. وبزعمها أنّها تخلصه من بين أيديهم.. فتركه أكثر القوم رحمة لها.
فقال الثاني لعبده قنفذ: ويلك! اضربها.. ـ وكان بيده سوط ـ فجعل يضربها على رأسها والسوط يتلوى بين كتفيها كالدملج وهي تنادي: " المستعان المستغاث بالله وبرسوله.. " ثم لطمها الثاني على خدّها لطمة حتى أثرت في خدّها من وراء الخمار، وسقط القرط من أُذنها.. فرجعت إلى منزلها فقادوا عليّاً إلى المسجد فجلس
____________
1. في الخطية: ودعا [أبو بكر] بخالد بن الوليد والمغيرة وقال لهما: قفا على الباب وسلاّ سيفكما فإن خرج علياً [علي] عليه السلام شاهراً سيفه فاقتلوه..
2. كذا والظاهر: المخشوش.
241 ـ العلامة الاميني (المتوفى 1390)
[338] قال: ونحن لا نريد أن نحوم حول موضوع الخلافة وأنها كيف تمت؟ كيف صارت؟ كيف قامت؟ كيف دامت؟ وأن الآراء فيها هل كانت حرّة؟ ووصايا المشرّع الأعظم هل كانت متّبعة؟... لا يهمّنا البحث عن هذه كلّها بعد ما سمعت أُذن الدنيا حديث السقيفة مجتمع الثويلة، وقرّطت بنبأ تلك الصاخّة الكبرى، والتحارش العظيم بين المهاجرين والأنصار... بعد ما تشازرت الأُمّة وتلاكمت وتكالمت، وقام الشيخان يعرض كلّ منهما البيعة لصاحبه قبل أخذ الرأي عن أي أحد، كأن الأمر دبّر بليل، فيقول هذا لصاحبه: ابسط يدك فلأُبايعك. ويقول آخر: بل أنت..! وكل منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهما أبو عبيدة بن الجرّاح حفّار القبور بالمدينة يدعو الناس إليهما، والوصيّ الأقدس والعترة الهادية وبنو هاشم ألهاهم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو مسجّى بين أيديهم، وقد أغلق دونه الباب أهله، وخلّى أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) بينه وبين أهله، فولّوا إجنانه.. ومكث ثلاثة أيام لا يدفن أو من يوم الإثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته فدفنه أهله ولم يله إلاّ أقاربه. دفنوه في الليل أو في آخره، ولم يعلم به القوم إلاّ بعد سماع صريف المساحي وهم في بيوتهم من جوف الليل ولم يشهد الشيخان دفنه...
بعد ما بصر مقداداً ـ ذلك الرجل العظيم ـ وهو يدافع في صدره، أو نظر إلى الحباب بن المنذر وهو يحطّم أنفه وتضرب يده، أو إلى اللائذين بدار النبوة، مأمن الأُمّة وبيت شرفها، بيت فاطمة وعلي (عليهما السلام) وقد لحقهم الارهاب والترعيد، وبعث اليهم أبو بكر عمر بن الخطاب وقال لهم: إن أبوا فقاتلهم.
____________
1. الكوكب الدرّي: 1/194 ـ 195 ; ضميمة إلزام النواصب: 30 ـ 31 (من نسخة مخطوطة لسنة 954).
242 ـ الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (المتوفى 1373)
[339] قال: طفحت واستفاضت كتب الشيعة من صدر الإسلام القرن الأول ـ مثل كتاب سليم بن قيس ـ ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده بل وإلى يومنا، كل كتب الشيعة التي عنيت بأحوال الأئمّة وأبيهم الآية الكبرى وأُمّهم الصدّيقة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين وكل من ترجم لهم وألّف كتاباً فيهم.
أطبقت كلمتهم تقريباً ـ أو تحقيقاً ـ في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة أنها بعد رحلة أبيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها، ولطموا خدّها حتى احمرّت عينها، وتناثر قرطها، وعصرت بالباب حتى كسر ضلعها وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها كالدملج.
ثم أخذ شعراء أهل البيت سلام الله عليهم هذه القضايا والرزايا ونظموها في أشعارهم ومراثيهم وأرسلوها إرسال المسلّمات من الكميت [المتوفى 126]، والسيد الحميري [المتوفى 179 أو 173]، ودعبل الخزاعي [المتوفى 245]، والنميري [المتوفى 210]، والسلامي [المتوفى 393]، وديك الجنّ [المتوفى 236].. ومن بعدهم ومن قبلهم إلى هذا العصر..(2).
ثم استبعد أن تصل يد الأجبني إلى بدن الصدّيقة (عليها السلام) ووجهها (أي من دون الثياب والستر).
قال في التعليقة ـ بعد تصديق أُستاذه كاشف الغطاء في هذا الاستبعاد وأنّ
____________
1. الغدير: 7/74 ـ 77.
2. جنّة المأوى:ص 133 (ط دار الأضواء بيروت). ونقلنا وفيات الشعراء من تعليقته ومن بعض كتب التراجم.
243 ـ العلامة السيد المرعشي النجفي (المتوفى 1411)
[340] قال ـ بعد ذكر مصادر عديدة من العامة ـ.. إلى غير ذلك من كلماتهم الصريحة في ذلك، مضافاً إلى ما تواتر عن الأئمة من عترته والعلماء من ذريّته، فقد اتفقت كلمتهم على ذلك ـ وأهل البيت أدرى بما فيه ـ وما حلّ من المصائب عليهم. فترى الروايات تنادي بعلياء صوتها: إنه (عليه السلام) كان يبكي ويستغيث برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: " يابن العم! ان القوم استضعفوني.. " وذلك بعد ما تجرّد(2) الطغاة بجعل الحبل أو نجاد السيف في عنقه الشريف، وكانوا يجرّونه إلى المسجد ليبايع المتقمّص الأوّل...(3).
244 ـ هاشم معروف الحسني
[341] قال: وفي رواية: أنّهم لما أرادوا الدخول إلى بيتها وإخراج عليّ منه، أرادت أن تحول بينهم وبين ذلك ضربها قنفذ على وجهها وأصاب عينها(4).
245 ـ مجد الدين الحسيني المؤيدي الزيدي
[342] قال: سُئل زيد بن علي عن فاطمه (عليها السلام): كيف كان حالها مع القوم
____________
1. جنّة المأوى: 133.
2. كذا والظاهر: تجرّه.
3. تعليقة إحقاق الحق: 2/368.
4. سيرة الأئمة الاثني عشر: 1/145.
غداة تنادي يا بتا ما تمزقت | ثيابك حتى أزمع القوم بالغدر |
وحتى ارتكبنا بالمذلّة والأذى | وليس لأحرار على الذلّ من صبر(1) |
من لم نعرف تاريخه
246 ـ أحمد بن علي بن حسن بن محمّد بن إسماعيل الكفعمي الجباعي
[343] قال: وبعثه عمر إلى بيت فاطمة (عليها السلام) فضربها على بطنها وأسقطت بمحسن، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت وفيه فاطمة وعلي (عليهما السلام)وجماعة من بني هاشم وأخرج علياً (عليه السلام) بحمايل سيفه يقاد، روته الشيعة ورواه البلاذري وغيره، ويؤيده قوله عند موته: ليتني تركت بيت فاطمة (عليها السلام) لم أكشفه(2)..!
247 ـ وقال بعض علمائـنا:
[344] ومن أولادها المحسن (عليه السلام)، كان له ستة أشهر فأسقط بسبب ضرب عمر(3).
[345] وقال في موضع آخر: قاتلها عمر بن الخطاب إذ دفع الباب على بطنها، فأُسقط المحسن (عليه السلام)، وضربها مولاه قنفذ بالسياط وكسر يدها فأثرت في جسمها الشريف وتوفّيت لذلك(4).
____________
1. لوامع الأنوار: 2/79.
2. معارج الأفهام في علم الكلام: 82.
3. نسخة خطية سميت بـ: تاريخ المعصومين (عليهم السلام)، مجهول المؤلف وكذا تاريخ التأليف، راجع مكتبة الآستانة للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)، المخطوطات، رقم 2 عند ذكر السيد فاطمة (عليها السلام).
4. المصدر.
تنبيهان
التنبيه الأول: مصادر مفقودة
لا ريب في وجود روايات فيما جرى على أهل البيت (عليهم السلام) حين الهجوم على دارهم في كتب لم نجدها، ولعلّها ضاعت ولم تصل إلينا، ولا بأس بالإشارة إلى بعضها:
1 ـ كتاب الإمامة ; لأبي الحسين أحمد بن يحيى البغدادي المعروف بـ: ابن الرواندي (المتوفى 298)
يظهر من الخياط ـ وهو رئيس الخياطية من المعتزلة ـ (المتوفى 300) في كتاب الانتصار، والقاضي عبد الجبار المعتزلي في المغني، أنّه ذكر فيه ما جرى على أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليها السلام). قال الخيّاط:.. ومنها كتاب يعرف بكتاب الإمامة يطعن فيه على المهاجرين والأنصار...(3) والثاني يقول: انما يتعلق بذلك من غرضه الإلحاد، كالوراق وابن الراوندي فلا يتأوّلون مهما
____________
1. كذا، والظاهر: ابنيَّ.
2. المصدر، عند ذكر مطاعن الخلفاء، الطعن السادس.
3. الانتصار: 33 (ط مصر).
2 ـ كتاب السقيفة، لمحمد بن هارون أبي عيسى الوراق(2) فإن النجاشي عدّ في كتبه كتاب السقيفة(3)، وظهر من كلام القاضي المتقدم آنفاً وجود تلك الأخبار فيه.
3 ـ الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار ; للمسعودي فإنه يقول في التنبيه والإشراف: وتنوزع في كيفية بيعته إياه وقد أتينا على ما قيل في ذلك في كتاب: الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار(4).
4 ـ حدائق الأذهان(5) ; للسمعودي قال ـ بعد الإشارة إلى جمع الحطب ـ: وهذا خبرٌ لا يحتمل ذكره هنا، وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم المترجم بكتاب حدائق الأذهان(6).
5 ـ السقيفة ; لعمر بن شبّة قال السيد ابن طاووس: وقد ذكر عمر بن شبّة ـ وهو من أعيان علمائهم ـ في كتابه الذي سمّاه كتاب السقيفة طرفاً من القبائح العظام التي جرت على بني هاشم وعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) في ذلك المقام(7).
6 ـ كتاب السقيفة ; لأبي مخنف لوط بن يحيى الازدي (المتوفى 158)
قال العلامة السيد شرف الدين (رحمه الله): وأفرد أبو مخنف لأخبار السقيفة كتاباً
____________
1. المغني الجزء المتمم للعشرين: 20/1 / 336.
2. قال أبو علي الجبائي: طلب السلطان أبا عيسى الوراق وابن الراوندي فأمّا الوراق فسجن حتّى مات واسمه: محمّد بن هارون من رؤوس المتكلّمين... انظر مقدمة الانتصار للخياط: 22.
3. راجع النجاشي: 372.
4. التنبيه والإشراف: 250.
5. أو: حدائق الأزهار، كما في رياحين الشريعة: 1/281.
6. مروج الذهب: 3/77.
7. الطرائف: 239.
7 ـ كتاب المبتدأ، والمبعث، والمغازى، والوفاة، والسقيفة، والردة ; لأبي عبد الله أبان بن عثمان الأحمر البصري الكوفي (من أصحاب مولانا الصادق (عليه السلام)والمتوفى بعد 140)(2).
8 ـ كتاب السقيفة وبيعة أبي بكر ; لأبي عبد الله محمّد بن عمر الواقدي (المتوفى 207)(3).
9 ـ كتاب السقيفة ; لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي (المتوفى 283) كما في النجاشي والفهرست(4).
10 ـ كتاب السقيفة ; لأبي الصالح السليل بن أحمد بن عيسى (أوائل القرن الرابع)، ينقل عنه أبو محمّد حسن بن محمد الديلمي (ق 7) في كتاب غرر الأخبار(5).
11 ـ لوامع السقيفة والدار والجمل وصفّين والنهروان ; للشيخ الرئيس عبيد الله بن عبد الله السعد آبادي (أو السدآبادي)(6).
12 ـ لوامع السقيفة والدار والجمل وصفين ; للشيخ الرئيس أبي عبد الله الحسين بن محمّد الحلواني(7).
التنبيه الثاني:
جملة من الذين نقلوا الاجماع والشهرة واستفاضة الروايات أو تواترها
اما ما نقل عمّا جرى على أمير المؤمنين (عليه السلام)
____________
1. المراجعات: 266، تعليقه 71.
2. الذريعة: 19/47.
3. الذريعة: 12/206.
4. المصدر.
5. المصدر.
6. الذريعة: 18/367.
7. الذريعة: 18/367.