الصفحة 224

بل غالب ما استعملت فيه الإرادة على صيغة المضارع في أمثاله في القرآن إنما أريد به ما وقع.

وقد ذكر بعض الأعلام: أن حكمة ذلك هي إفادة استمرار الإرادة ودوامها(1).

3 ـ إن سياق الآية الظاهر في التكريم والتشريف لهم قرينة على إرادة ما وقع.

4 ـ إذا صح أنه أراد ذلك في بعض الأوقات كان ذلك دليلاً على العصمة مطلقاً؛ إذ القول بعصمتهم (عليهم السلام) في بعض الأوقات خرق للإجماع المركب(2).

ولنا على هذه النقطة الأخيرة كلام تقدمت الإشارة إليه، فإن الحديث في الآية عن عصمة جزئية غير مقبول لأن ذلك يجعلها في دائرة اللغو ويخرجها عن كونها صادرة من حكيم ولا يبقى فيها أي مدح وتكريم لـ«أهل البيت» (عليهم السلام)..

5 ـ إنه إذا كانت الإرادة الإلهية التشريعية قد تعلقت ببعض الأحكام الموجهة لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، توصّلاًً إلى إذهاب الرجس عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحاب الكساء؛ فإن ذلك يعني: أنه مريد فعلاً لطهارتهم.

____________

(1) راجع: آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص44.

(2) راجع جميع ما تقدم في البحار ج35 ص236.


الصفحة 225
وهذا كإعطاء الطبيب الدواء لأجل العلاج، فإن إرادة العلاج والشفاء متحققة لدى الطبيب فعلاً.

6 ـ إن مما لا شك فيه لدى جل العلماء والمحققين، ودلت عليه الروايات: أن النبي (صلى الله عليه وآله) داخل في مدلول آية التطهير، فهل يصح أن يقال: إن الله سبحانه لم يرد تطهير نبيه عن الذنوب والنقائص؟! أو أنه أراد ذلك في بعض الأوقات لا في جميعها؟‍

ب: دلالة الآية على ثبوت الرجس من الهذيان:

ويدعي البعض: أن الآية تدل على عدم العصمة بتقريب: أن إذهاب الرجس يستلزم ثبوته أولاً، لكي يذهبه الله، إذ لا يقال في حق من هو طاهر: إني أريد أن أطهره، وإلا لزم تحصيل الحاصل. وأنتم تقولون بعصمتهم من أول العمر إلى انقضائه، غاية الأمر: أنهم محفوظون عن الذنوب بعد تعليق الإرادة بإذهابها(1).

ولأجل ذلك قال ابن عربي: إنه ينبغي للمسلم: أن يعتقد أن ما صدر عن «أهل البيت» قد عفا الله عنه(2).

____________

(1) مقتبس من مختصر التحفة الاثني عشرية ص152 والصراط المستقيم ج1 ص185 وإحقاق الحق للتستري ج2 ص572 والبحار ج35 ص236.

(2) آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص46 عن الفتوحات المكية.


الصفحة 226

ونقول:

1 ـ قد قدمنا: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال استناداً إلى آية التطهير: «فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب». ولم يقل: سنكون مطهرين.

2 ـ قد أوضحنا فيما سبق: كيف أن الإرادة الإلهية قد تعلقت بتطهيرهم من حين خلقهم الله تعالى، وأن ذلك إنما هو شهادة إلهية بالطهارة لهم. ويشهد لذلك أيضاً تصريح الإمام علي، والإمام الحسن، وسائر الأئمة (عليهم السلام)، في أدعيتهم، واستدلالاتهم، واحتجاجاتهم وغيرها، بأنهم قد طهرهم الله سبحانه، وأذهب عنهم الرجس فعلاً، مستدلين لذلك بنفس آية التطهير هذه(1). من دون اعتراض عليهم في خصوص ذلك من أحد، كما أشير إليه سابقاً.

3 ـ وأجيب عن ذلك أيضاً: بأن هذا مبني على التخيل الذهني، فإن الإنسان يقول لغيره: أذهب الله عنك كل مرض، ولم يكن حاصلاً له كل مرض، فالآية تكفلت بإزالة هذا الخيال الذي يرد على ذهن الإنسان(2).

____________

(1) راجع: أية التطهير في أحاديث الفريقين، بمجلديه: الأول والثاني. والمصادر التي قدمناها لحديث الكساء في الفصل الثاني من القسم الأول.

(2) راجع إحقاق الحق للتستري ج2 ص572 / 573 والصراط المستقيم للبياضي ج1 ص185 ونقله في: آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص63 عن الشيخ المفيد في المسائل العكبرية.


الصفحة 227
4 ـ تارة يستعمل الإذهاب بمعنى الرفع أي إزالة ما هو موجود، وتارة أخرى يستعمل بمعنى الدفع، أي المنع عن طريان أمر على محل قابل له، كقوله تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء وَالْفَحْشَاء)(1). فإن يوسف لم يقع في الفحشاء قطعاً.

وتقول في الدعاء: صرف عنك الله كل سوء وأذهب الله عنك كل محذور(2).

وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) في خيبر: اللهم أذهب عنه الحر والبرد.

فكان علي (عليه السلام) يقول: ما وجدت بعد ذلك، لا حراً ولا برداً، أو نحو ذلك(3).

5 ـ وقد قلنا: إن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ كما دلت عليه النصوص، وقال به العلماء ـ داخل في مدلول آية التطهير، فهل الرجس موجود فيه أيضاً؟!.

____________

(1) سورة يوسف الآية24.

(2) هذا الدليل وسابقه مذكوران في البحار ج35 ص236 وآية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص63 و64 عن المسائل العكبرية للشيخ المفيد، المسألة الأولى.

(3) راجع البحار ج21 ص29 وج18 ص4 و13 وذخائر العقبى وإحقاق الحق ج5 ص436 ـ 448 عن العديد من مصادر أهل السنة.


الصفحة 228
6 ـ لو صح ما ذكروه لكان قولنا مثلاً: إهدنا الصراط المستقيم اعترافاً بعدم الهداية، ودليلاً على ثبوت الضلال(1)، مع أن الأمر ليس كذلك، وإنما هو مجرد طلب استمرار ما هو حاصل وموجود، او طلب لزيادة الهداية وترسيخها وتعميقها..

7 ـ إنه إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله)، داخلاً في الآية بإجماع الفريقين، فإن معنى ذلك أن يكون إذهاب الرجس في الآية تارة بمعنى الدفع، إذا كان بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وبمعنى الرفع اخرى، إذا كان بالنسبة إلى «أهل البيت» (عليهم الصلاة والسلام) وذلك يستلزم استعمال المشترك في أكثر من معنى، مع عدم وجود جامع بينهما(2). ولا يرتضيه الكثيرون..

ونقول:

قد يقال: إن الجامع موجود، وهو عدم الملابسة للرجس بأي نحو كان؛ فيكون مستعملاً في جامع عنواني، بنحو من العناية. فهو نظير قولك ما قدمناه من قول القائل: أذهب الله عنه كل مرض، مع العلم بأن كل مرض غير موجود فيه، فيكون المراد دفع الله عنك ما يمكن أن يصيبك من الأمراض ورفع عنك ما هو فيك فعلاً.

____________

(1) راجع آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص59 والفوائد الطوسية للحر العاملي ص47.

(2) آية التطهير في أحاديث الفريقين ج2 ص46 ـ 53.


الصفحة 229
وهذا استعمال صحيح جزماً، فإن كان من المشترك في أكثر من معنى، فليكن دليلاً على صحته، وإن كان من الاستعمال الجامع، كفى ذلك فيما نحن منه أيضاً.

أو يقال: إنه لا يوجد محذور في استعمال المشترك في أكثر من معنى، والتورية خير شاهد على وقوع ذلك، فضلاً عن إمكانه فالإشكال الأخير غير وارد على كل حال ـ ومهما يكن من أمر ـ فإن المراد بالآية هو دفع الرجس بقرينة شمولها للنبي (صلى الله عليه وآله) وبقرينة شمولها للحسنين (عليهم السلام) الذين كانا صغيرين حين نزول الآية، وحيث لا يتصور في حقهما أي رجس على جميع التقادير.

فالردود المتقدمة كافية ووافية، إن شاء الله تعالى.

آية التطهير والعصمة عن الخطأ والسهو:

يقول البعض: إن الله لم يرد من آية التطهير نفي صدور الخطأ، لأن الخطأ مغفور، ولا يضر وجوده(1).

والتطهير من الذنب قد يكون بأن لا يفعله المكلف، وقد يكون بأن يفعله المكلف، ثم يتوب منه، فالتطهير يحصل حتى لمن يرتكب الذنب، فليس من شرط المطهرين العصمة من الذنب والخطأ، فمن وقع ذنبه

____________

(1) راجع منهاج السنة ج4 ص22 و24.


الصفحة 230
مغفوراً أو مكفراً، فقد طهره الله منه تطهيراً.

والنبي (صلى الله عليه وآله) إذا دعا بدعاء أجابه الله بحسب استعداد المحل؛ فإذا استغفر للمؤمنين لم يلزم؛ أن لا يصدر من مؤمن ذنب، بل يغفر الله لهم ما يصدر منهم، إما بالتوبة، أو بالحسنات الماحية.

فالتطهير ليس هو العصمة؛ «فإن أهل السنة عندهم لا معصوم إلا النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) والشيعة يقولون: لا معصوم غير النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام، فقد وقع الاتفاق على انتفاء العصمة المختصة بالنبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) والإمام عن أزواجه، وبناته، وغيرهن من النساء. وإذا كان كذلك امتنع أن يكون التطهير المدعو به للأربعة متضمناً للعصمة التي يختص بها النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) والإمام عندهم، فلا يكون من دعاء النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) له بهذا العصمة، لا لعلي ولا لغيره، فإنه دعا بالطهارة لأربعة مشتركين لم يختص بعضهم بدعوة»(1).

ونقول:

أما بالنسبة للعصمة عن الذنب فقد تقدم تفنيد ما ادعاه هذا الرجل بصورة قاطعة، لا حاجة لإعادة ذلك.

وأما بالنسبة لارتكاب بعض المعاصي على سبيل الخطأ والنسيان،

____________

(1) راجع منهاج السنة ج4 ص22 و23.


الصفحة 231

فإننا نقول:

1 ـ إن الرجس ـ على ما في نهاية اللغة لابن الأثير، وغيره من كتب اللغة، وكما يفهم من موارد استعمالاته هو: كل ما يوجب نقصاً في الروح، واضطراباً في الرأي. والمعصية والسهو، والنسيان، والخطأ، توجب ذلك، فهي رجس منفي بالآية، فالآية من أدلة العصمة، وهي مضادة للآيات المربوطة بأمهات المؤمنين(1).

2 ـ قد قرب بعض العلماء دلالة الآية على العصمة عن الخطأ والسهو بما حاصله:

إن للحرام ـ برأي الشيعة والمعتزلة ـ مفاسد واقعية اقتضت النهي عنه، فالخمر مثلاً قد حُرِّمت لإسكارها، والسم حرام لما يوجبه من الضرر.ومجرد السهو والخطأ وإن كان يرفع التكليف المشروط بالقدرة والالتفات، ولكنه لا يرفع الأثر الوضعي للحرام، وقبحه الذاتي عنه، وهو صورة أخرى عن الرجس(2).

كالذي يشرب الخمر، فإنه وإن لم يكن متعمداً، ليستحق العقاب، إلا أن أثره الوضعي كالسكر والنقص الروحي متحقق، مع أنه لم يقصد إلى تعاطي الخمر وشربها بعنوان أنها خمر.

____________

(1) راجع تعليقات الشيخ عين الله الحسني الأرموي على كتاب نهج الحق ص74.

(2) راجع: تأملات في الصحيحين ص228 وراجع ص385 و386.


الصفحة 232
3 ـ ويبقى أن نشير إلى الخطأ الذي وقع فيه هذا الرجل، حيث نسب إلى الشيعة قولهم بعصمة النبي والإمام فقط، فإن كان يقصد بالإمام هنا خصوص علي (عليه السلام) فنقول له: إن الشيعة يقولون بعصمة فاطمة والحسنين (عليهم السلام)، بالإضافة إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلي (عليه السلام)..

وإن كان يقصد بالإمام ما يشمل الحسنين (عليهما السلام) أيضاً.. فنقول له: إن الشيعة يقولون بعصمة فاطمة (عليها السلام) أيضاً..

والحمد لله أولاً، وآخراً، وباطناً وظاهراً، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.


الصفحة 233

كلمة أخيرة

وفي الوقت الذي حان فيه موعد التخلي عن مواصلة البحث في سائر ما يرتبط بالآية الشريفة. فإنني أهتبل الفرصة للاعتراف، والاعتذار إلى القارئ الكريم عما يلاحظه من إسهاب أحياناً، ثم من اقتضاب يصل إلى درجة الإخلال بالناحية البيانية، لما هو محط النظر، أحياناً أخرى.

هذا بالإضافة إلى شيء من التكرار لبعض ما يفيد في التأييد أو التفنيد، وفقاً لمقتضيات البحث الاستدلالي والاقناعي.

هذا عدا بعض الإحالات على ما سبق أو يأتي، من دون تعيين دقيق لمواضع الإحالة، وذلك اعتماداً منا على ذكاء القارئ ونباهته، وثاقب نظره، وحسن التفاته، لما يراد إلفات نظره إليه.

فإلى القارئ الكريم عن ذلك كله عذري، وله فائق تقديري وشكري.

والحمد لله وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.


قم المشرفة             
13 / رجب الأصب / 1412 هـ. ق.
جعفر مرتضى الحسيني العاملي   


الصفحة 234

الصفحة 235


الملحق

نقد.. ورد





الصفحة 236

الصفحة 237

تمهيد:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم، ومنكري فضائلهم، والمصغرين لشأنهم، والمزيلين لهم عن مراتبهم ـ أجمعين، إلى قيام يوم الدين..

حكاية هذا الرد:

وبعد..

فإن لهذا الرد حكاية طريفة بالنسبة لي، وإن كانت هذه الحكاية قد لا تعني لسواي شيئاً ذا بال.. ولأجل ذلك فإنني سأكتفي بالتلميح إلى طرف منها، دون التصريح، لأنني لا أحب أن أتطفل على القارئ الكريم في وقته وجهده، الذي يمكن أن يصرفه فيما هو أهم، ونفعه أعم.. فأقول:

إن كتاب «أهل البيت في آية التطهير» قد طبع في سنة 1993م.


الصفحة 238
1413هـ. قد انتقلت إلى لبنان في سنة 1994م. بسبب ظروف ترتبط بمرض سيدي الوالد، ثم وفاته تغمده الله برحمته..

وفي هذه السنة بالذات، أي سنة 1994م. أو التي بعدها التقيت ببعض الناس، فأخرج من جيبه ظرفاً فيه أوراق، وناولني إياه، قائلاً: هذا لك، وقد أعطوني إياه، أو نحو ذلك.. فنظرت بعد ذلك فيما أعطاني، فوجدته يتضمن مناقشةً تتعلق بكتاب: «أهل البيت في آية التطهير».

وقد ظهر أيضاً أن الظرف الذي أعطاني إياه، يحتوي رسالتين، ويظهر منهما: أن ثمة رسالة أخرى سابقة.. لا أدري لماذا لم يعطني إياها، غير أنني أدركت بعد سنوات، أي في هذه الآونة الأخيرة، أن لحجبه الرسالة الأولى عني سبباً قوياً قد يكون له ارتباط بفضح حقيقة هذا الشخص بالذات.

أي أن تلك الرسالة، لو وقفنا عليها، فإنها ربما تظهر أن له يداً في تحريك الآخرين للعمل على نقض كتاب قد أكّد على نزول أصرح وأوضح آية في شأن «أهل البيت» (صلوات الله وسلامه عليهم)..

ملاحظات عامة على الرسالتين:

وعلى كل حال.. فإننا إذا أردنا أن ندرس ما جاء في الرسالتين، فسنجد أن هناك خطابات موجهة إلى ذلك الشخص، وتمتاز بإزجاء المزيد من المدح له، والثناء عليه، ثم من التعظيم والتبجيل لشخصه.. يقابله ظهور استهانة بشأن كتاب «أهل البيت في آية التطهير» الذي

الصفحة 239
يتصدى للرد عليه، وتعريضات بالإساءة لمؤلفه..

والسؤال هو:

1 ـ إذا كان هذا الأمر، لا يرضي ذلك البعض، فلماذا لم يعترض على كاتب الرسالة في ما قاله في رسالته الأولى. بحيث يمنعه عن تكرار هذا النوع من التعاطي في رسالته الثانية؟!

وإذا كان ذلك يرضيه.. فما باله كان يظهر لنا ـ آنئذٍ ـ بالغ التقدير، وفائق الاحترام والتبجيل؟!

2 ـ إن في الرسالة الثانية ثناء عظيماً، ومدحاً بالغاً لذلك البعض لإظهاره الحق، ونصرته للحقيقة في قضية علم الأنبياء بالغيب.

3 ـ قد صرحت الرسالة الثانية ـ بحسب ترتيبنا ـ بأن التساؤلات حول آية التطهير قد طرحت على ذلك البعض، وأن المتسائل قد واصل طرح ما لديه في رسالة لاحقة.. ووعد أيضاً بمواصلة ذلك في رسالة قادمة.. لكن ذلك البعض لم يتحفنا بها، ولا بالرسالة الأولى.. بل اكتفى بهاتين الرسالتين المتوسطتين بين الأولى والرابعة..

4 ـ إن هذا المتسائل يعتذر في أواخر رسالته الثانية ـ بحسب ترتيبنا ـ عن تأخره في تقديم تساؤلاته.. وذلك معناه: أنه كان مطالباً بتقديمها، وأنه قد تأخر عن الموعد المفترض، فقدم اعتذاره.

وذلك معناه: أن ذلك البعض هو الذي أغرى ذلك المتسائل بإثارة التساؤلات..


الصفحة 240
فما هذا الإغراء الذي يمارسه هذا الشخص بالتشكيك بخصوص كتاب: «أهل البيت في آية التطهير»؟!

ولماذا لا يغريه بنقض كتب الوهابية أيضاً؟! أو غيرهم ممن يهتمون بنقض عقائد الشيعة؟

ولماذا يساعدهم في مهماتهم تلك، أو ينوب عنهم فيها؟!

5 ـ إن هاتين الرسالتين تصران على شمول آية التطهير للزوجات.. وعلى ردّ الروايات التي رواها السنة والشيعة، والقاضية باختصاصها بأصحاب الكساء..

وقد أثبتنا في كتاب «أهل البيت في آية التطهير».. بأن هذا الاختصاص هو المتعين، وأنه لا مبرر لإدخال الزوجات في مفاد الآية، وأن ذلك يستتبع العديد من المحاذير..

أما ما ذكره هذا المستدل فلم يكن ليجدي نفعاً فيما يسعى له، ويرمي إليه..

لكن ما يثير دهشتنا هو هذا الإصرار من هؤلاء، على نقض فضائل وكرامات «أهل البيت» (عليهم السلام)، وإثارة الشكوك والشبهات حتى حول أكثرها وضوحاً، وأصرحها دلالة.. فهل صحيح ما يقال: من أن وراء الأكمة ما وراءها!!!

ملاحظات لا بد من الوقوف عليها:

وعلى كل حال.. فإننا بعد أن سجلنا هاتيك الملاحظات، نحب أن نضع بعض النقاط على الحروف، رغبة منا في تحصين القارئ الكريم من

الصفحة 241
الوقوع في الشبهة، أو الوثوق بالادعاءات العريضة، والانتفاخات الكاذبة.. فإن ما يهمنا هو ترسيخ يقينه وتثبيته على الحق الذي هو عليه.. وإبعاد أي شبح للاحتمالات غير الواقعية التي يراد لها أن تهجم عليه، وأن تعبث بطمأنينته، وتفترس وجدانه وضميره.. وتعمّي عليه معالم الصراط المستقيم.

فقمنا بجولة فاحصة لما تضمنته الرسالتان من مطالب. وسجلنا بعض الملاحظات، التي نرى أنها تكفي لإظهار الزيف، وتعطي الانطباع عن واقع التجني الذي يمارسه هؤلاء على الحق، وعلى الحقيقة..

التقليم والتطعيم:

غير أننا قد أحدثنا في هذه الطبعة الجديدة للكتاب بعض التقليم والتطعيم، رغبة منا في إيضاح بعض ما يحتاج إلى إيضاح، وإسقاط ما ربما يكون ذكره لا يساعد على استجلاء الحقيقة، بل قد يوجب تطويل المسافة التي يفترض بالقارئ أن يقطعها للوصول إليها، والحصول عليها، في مدة أقصر، وبأعباء أخف وأيسر..

ولربما تسهم هذه التغييرات الطفيفة في إيضاح ما نرمي إليه، وتسهل على القارئ الكريم استجلاء فساد النقد الذي سعى هؤلاء الناس إلى ترصيفه، بهدف إسقاط الكتاب عن مستوى الثقة اللائق بمثله.. فخاب ظنهم، وطاش سهمهم..

ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز..


الصفحة 242

نحن، وهذا النقد:

لكننا رغم ما أجريناه من تعديلات وإيضاحات على كتاب: «أهل البيت في آية التطهير» في طبعته الثانية هذه.. آثرنا أن نتعامل مع ذلك الناقد الحريص على تسطير الفضائل لزوجات الرسول، حتى اللواتي حاربن علياً (عليه السلام)، أو كن يحقدن عليه ويبغضنه، ـ نعم إننا آثرنا أن نتعامل معه في منتهى الرفق، وغاية ما يمكن من غض الطرف، فأوردنا له نقده بحذافيره. وتعاملنا معه على أساس ما ورد في الطبعة الأولى.. وبيّنا ما في نقده هذا من عوار، وأشرنا إلى جانب مما فيه من عيوب.. وذلك بالأسلوب الهادئ والرصين، ومن دون أي انفعال رغم أنه قد كان بإمكاننا تجاهل هذا النقد من الأساس، لاسيما مع اعتقادنا بأن ما جاء في الكتاب يغنينا عن أي ردٍ إذا استطاع القارئ أن يراجع ويقارن، بموضوعية ودقة، وإنصاف..

ونحن نذكر كل ذلك في ضمن فصلين: أحدهما يتضمن الرسالة الأولى وردها، والآخر يشتمل على الرسالة الثانية وردها أيضاً..

والحمد لله على توفيقه، وله الشكر على سوابغ نعمه، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..


الصفحة 243

الرسالة الأولى:


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة علامتنا العلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد..

فإن المرء قد يشعر بوجود خلل في الفقرة المعنونة بـ «أهل اللغة ماذا يقولون» في كتاب السيد جعفر حفظه الله وهداه. والخلل يكمن في أن ما قدمه السيد في هذه الفقرة ليس هو ـ حقيقة ـ ما يقوله أهل اللغة في معنى «الأهل» و «أهل البيت».

وإن تعجب فعجب قوله ص149: «قد عرفنا وجود نقاش كبير في صحة إطلاق عبارة «أهل البيت» على الزوجات فقد صرح بعدم صحة ذلك بعض أئمة أهل اللغة».

وقوله ص131: «إن إطلاق عبارة: «أهل البيت» على الزوجات لم يعلم صحته إلا بضرب من التجوز والمسامحة».


الصفحة 244
والسيد جعفر مرتضى يعتمد في الفقرة المذكورة على ما قاله العلماء في معنى كلمة «الأهل» في نفي كون الزوجات من «أهل البيت»، ولكنه فيما بعد يقر بأن الزوجات من «أهل رسول الله» بيد أنه يقول أنهن لسن من «أهل بيت رسول الله»، ويعتمد على إحدى روايات حديث الكساء في ذلك، ويقول في ص98: «هذا بالإضافة إلى وجود فرق في الاستعمال: بين أهل الرجل، وأهل بيت الرجل، فإن إطلاق كلمة «أهله» على الزوجة، لا يلزم منه صحة إطلاق كلمة «أهل البيت» (عليهم السلام). وقد تقدم في روايات حديث الكساء، أن النبي (صلى الله عليه وآله)، قد نفى أن تكون أم سلمة من «أهل البيت»، وقرر أنها من أهله، لا من أهل بيته».

ولكن أهل اللغة لهم شأن آخر مع هذه الكلمات ومعانيها، فهذا ابن منظور صاحب لسان العرب يقول: و«أهل البيت» سكانه وأهل الرجل أخص الناس به. وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) أزواجه، وبناته، وصهره، أعني علياً (عليه السلام)، وقيل: نساء النبي (صلى الله عليه وآله). والرجال الذين هم آله. وفي التنزيل العزيز: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(1).

ويقول أيضاً: «ومنزل آهل أي به أهله «ابن سيده». ومكان آهل،

____________

(1) سورة الأحزاب الآية 33.


الصفحة 245
له أهل «سيبويه» هو على النسب» وهذا فيه إشارة ـ بالطبع ـ لأصل اشتقاق كلمتي أهل، وأهل بيت.

ويقول: «وأهل الرجل وأهلته: زوجته. وأهل الرجل يأهل، ويأهل أهلاً وأهولاً، وتأهل: تزوج. وأهل فلان امرأة يأهل، إذا تزوجها، فهي مأهولة. والتأهل التزوج. وفي باب الدعاء: آهلك الله في الجنة إيهالاً، أي زوجك فيها وأدخلكها.

وفي الحديث: أن النبي (صلى الله عليه وآله)، أعطى الآهل حظين، والعزب حظاً. الآهل الذي له زوجة وعيال. والعزب الذي لا زوجة له».

وهذا الكلام لا ينسجم مع ما قاله السيد جعفر وأورده في فقرة «أهل اللغة ماذا يقولون»، والتي حاول فيها أن يخرج الزوجات من «الأهل»، ومن «أهل البيت».

وأما العلامة المقري الفيومي صاحب «المصباح المنير» فيقول: «وأهل الرجل يأهل أهولاً، إذا تزوج، وتأهل كذلك. ويطلق الأهل على الزوجة، والأهل «أهل البيت». والأصل فيه القرابة..».

وأما الزبيدي صاحب تاج العروس فيقول ـ وما بين قوسين هو كلام الفيروز آبادي صاحب «القاموس المحيط» بالطبع ـ :

«.. (و) الأهل (للنبي: (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أزواجه، وبناته، وصهره علي رضي الله تعالى عنه، أو نساؤه). قيل أهله: (الرجال الذي

الصفحة 246
هم آله). ويدخل فيه الأحفاد والذريات. ومنه قوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) وقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)..».

بل إن الزبيدي ينقل عن الراغب ما يدل على عكس ما ذهب إليه السيد مرتضى، من أن إطلاق «الأهل» على الزوجة هو المعنى أو الاستعمال الطارئ على كلمة «أهل»، فيقول الراغب: «فأهل الرجل من يجمعه وإياهم مسكن واحد، ثم تجوز به، فقيل: أهل بيته من يجمعه وإياهم نسب، أو ما ذكر وتعورف في أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) مطلقاً».

وأما ابن فارس صاحب مقاييس اللغة، فيقول: «قال الخليل: أهل الرجل زوجه، والتأهل التزوج. وأهل الرجل أخص الناس به. وأهل البيت سكانه».

ويقول الجوهري في صحاحه: «الأهل: أهل الرجل، وأهل الدار.. ومنزل آهل، أي به أهله».

وواضح أن هؤلاء العلماء الكبار لا يقيمون وزناً لبعض روايات «حديث الكساء».

وأما في «مجمل اللغة» فيقول ابن فارس: «الأهل: أهل البيت، ومنزل آهل، به أهله. وأهل فلان يأهل أهولاً (إذا) تزوج».

إذا يظهر لنا من كل ما تقدم: أن كلمة «الأهل»، وكلمة «أهل

الصفحة 247
البيت» لهما نفس المعنى ولا فرق بينهما.

ويظهر لنا أن جهابذة اللغة العربية يفهمون من كلمتي «الأهل» و «أهل البيت» معنى الأزواج. ولا يجدون أي حرج في إطلاق اسم «أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)» على زوجاته، بل ويقدمون زوجاته على غيرهم. هذا في المعاجم.

وأما في القرآن الكريم: فكما تقدم معنا في الرسالة الماضية، إن كلمة الأهل ـ التي تساوي كلمة «أهل البيت» كما اتضح ـ تطلق بكثرة على الزوجات، وتستعمل للدلالة على الزوجات.

وأما إذا أردنا أن ندرس هذا التفريق المصطنع بين مفهوم «الأهل» ومفهوم «أهل البيت» قرآنياً، فسنجد أن القرآن الكريم ينفيه ولن نجد في القرآن الكريم أي أثر لهذا التفريق.

ففي حين تطلق تسمية «أهل البيت» على زوجة إبراهيم (عليه السلام)، لأنها زوجته وتسكن في بيته ـ لا لأنها ابنة عمه كما حاول البعض أن يوهمنا، وإلا لكان عقيل وجعفر والعباس رضي الله عنهم من أهل بيت رسول الله ـ (صلى الله عليه وآله) ـ فتخاطبها الملائكة في سورة هود آية 73: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وتطلق تسمية أهل بيت على والدة موسى (عليه السلام)، ولا نعلم أنها كانت من العصبة، فتقول أخت موسى (عليها السلام): (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ

الصفحة 248
لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)(1).

نجد أن كلمة «أهل» تطلق على الابن، كما في قول نوح (عليه السلام): (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)(2).

وتطلق كلمة «الأهل» على الأخ كما في قول موسى (عليه السلام): (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي)(3).

وتطلق على الأب والأم كما في قول يوسف (عليه السلام) لإخوته: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)(4).

ومعلوم أن إخوته (عليه السلام)، جاؤوا بأبيه وأمه، وخروا سجداً كما هو معلوم ومعروف.

هذا كله بالإضافة إلى أنها تطلق على الزوجات، كما تبين لنا في

____________

(1) سورة القصص الآية12 و13.

(2) سورة هود الآية45.

(3) سورة طه الآية29 و30.

(4) سورة يوسف الآية 63.


الصفحة 249
الرسالة الماضية.

فالحقيقة أن السيد غير محق في هذا التقسيم والتفريق بين «الأهل» و «أهل البيت». ولكنه وقع ضحية تلك الروايات التي زعمت أن الرسول (صلى الله عليه وآله)، قال لأم سلمة (رضي الله عنها)، عندما قالت: أنا من «أهل البيت»؟ أنه (صلى الله عليه وآله) قال لها: بأنك من أهلي، وهؤلاء أهل بيتي.

ولكن السيد لم يتنبّه إلى روايات أخرى مضادة ومتضاربة مع هذه الروايات، مع أنه أوردها في كتابه! ـ وقصة تضارب وتضاد روايات حديث الكساء قصة طويلة ـ فمثلاً في بعض الروايات تقول عائشة لزوجها النبي (صلى الله عليه وآله): أنا من أهلك. فيقول تنحي فإنك إلى خير.

وفي رواية تقول أم سلمة للرسول (صلى الله عليه وآله): ألست من أهلك؟ فيقول: إنك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي.

أما في روايات أخرى فتقول أم سلمة: أنا من «أهل البيت»؟ فيقول (صلى الله عليه وآله): إنك من أهلي خير. وهؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق.

وفي رواية ثانية تقول أم سلمة: أدخلني معهم. فيقول (صلى الله عليه وآله): إنك من أهلي.

وفي رواية ثالثة تقول أم سلمة: ألست من أهل بيتك؟ فيقول (صلى الله عليه وآله): بلى، ويدخلها الكساء.

وكما اتضح فإن المعنى اللغوي ـ وهو المطابق للمعنى القرآني ـ

الصفحة 250
لكلمتي «أهل» و «أهل البيت» في واد، وهذه الروايات في واد ثان.

وقد ظهر جلياً أن الآية ـ أو بالأصح ـ العبارة عبارة التطهير مرتبطة ارتباطاً عضوياً بما قبلها من الآيات.

وظهر أن الأوامر الإلهية للنساء هي لتطهير النساء أنفسهن، ورفع مكانتهن. فلا معنى لأن لا تكون كلمة «أهل البيت» شاملة للنساء.

وأما بالنسبة لما قاله السيد جعفر مرتضى في ص93 وص95 و69 وص171 وغيرها وأغرق في الاحتجاج به، من أن الله تعالى خاطب زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، بكلمة بيوتكن ولكن البيت «في آية التطهير قد جاء محلى بألف ولام العهد. فلو كان المراد به بيت سكنى الأزواج، لكان المناسب الإتيان بلفظ الجمع، كسابقه ولاحقه، لا الإفراد بلام العهد».

أقول: وما المشكلة في ذلك؟ فكل زوجة من زوجات الرسول لها بيت خاص بها، وعلي وفاطمة والحسنان (عليهم السلام) لهم بيت خاص بهم، ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان يقضي يوماً وليلة في بيت كل زوجة من زوجاته، ولم يكن له بيت خاص به وحده. وكل من يسكن في هذه البيوت يسمون جميعاً أهل رسول الله، أو أهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام)، وليس من الضروري أن يكونوا ساكنين في بيت واحد.

ومن المعروف أن بيوت زوجات النبي هي بيوت النبي. وهو أسكن زوجاته فيها، فهي ليست بيوت النساء حقيقة، والنبي يعيش فيها معهن، ولعل قول الله تعالى: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ