راقصةً غجريَّهْ.. ؟
ولماذا جعلوني أرطن بالعبريَّهْ.. ؟!
هلّلويا.. هلّلويا.. !!
ورجوتكَ من ساعتها
وإلى الانْ..
وإلى الدهرْ.. !
ومن الاعماق صرخت إليكْ
كالفرس الصاهل ظُهر العاشرْ
يفتح للثوار معابرْ
نحو الحريّة في الافق النادرْ
ووقفت أناجيك تقدس وجهكْ
فتقبّلْني كدماء لا تسقطْ
أَصعِدني.. أَصعِدني
حتى لا أفقد ذاكرتي
او ألتاثَ، وقد صلّى الصبحَ خليفتُنا
أربع ركعات
وتهيّأَ لثمان لمن ازدادْ.. !!
وارفع عن ليل وجودي
وندى الحلم على أرض سجودي
شبح العاتية الرعويَّهْ
تلك الامويَّهْ
ونار الطغيانْ
الف شهر
الف عام
.... الف قرن
.. الف دهر.. وزمانْ
الف موت.. ومَعادْ
الف سوق.. ومزادْ
...
سيفي لم يُصنعْ للاغمادْ.. !
...
فان ازدادت طرفة عين أخرى
فلتشهد أني لست بمزدادْ
لست بمزدادْ..
لستُ.. بمزدادْ.. !!
11 ـ 2 ـ 1994
يخنقون الورود في فصل التجلِّي
ويبيدون الغصون وهي تصلّي
فاستمرّوا.. !
إنه العطر رشّته على الكون الشدائدْ
واجتباه الربيع من كمد الروض
واصطفته الخدود من دموع الخَرائدْ
واستدار للشرق يعزف للفجرِ
ويسترخى على صدر القصائدْ
واستمروا..
يفرح القلب بالرحيلِ.. ويبقى
وهج عينيه برقاً
يغمر اللهفةَ في النظرةِ
والعَبرةِ.. شدْواً
ويسترعى سيوف الغيبِ للثأر
ويستدعي السواعدْ
واغرزوا في ملاءات النهار رماحاً
والصَقوا الحلكةَ في وجه الليلِ
وجبهات النجومِ
وناموا عن صلاة
تنشر الحبَّ
وصدقَ النيّةِ
والاملَ العلويَّ
وتكبيراً
ورُدّوا طارق الوحي
وسدوا طاقة النورِ
وأبوابَ المساجدْ.. !
عارفا.. كنتُ
وكشف السِّتر أدماني
ودمي خمرةُ نساك الخراباتِ
واملاك يقرآن زيارة المذبوحِ
في صحن الرزايا..
لم أحبّذ لعبة العكسِ
وظل الظلِّ في قعر المرايا..
بل تجولت بنفسي
حول نفسي
وهززت رفاتي
واجتزت الحجابَ
وصولا للذي تخفيه ذاتي.. !
فتبدّت في تجلِّي النور أشباح الخفايا.. !
وانجلى السر لبصر أصبح اليوم حديداً
بعد ما انبلجت خيوط الصبح من دلج العشايا
جذبةٌ.. !
يده تراءت.. !
فتطاولتُ وأمسكتُ بحبل
وتبصّرتُ بكحل
لم أعد من هذه الدنيا
ولا هاتي البرايا..
في فمي نبعٌ
وفي عينيَّ بستانٌ
وفي كفيَّ للنعمة طعم ودنانٌ
والفضاء الواسع الرحبُ تناءى
وترامى
فانمحى البَعْدَ.. صُعُوداً..
واختفى البُعْدُ. وُجُوداً..
وزالت من زواياه الزوايا..
ذُهل الحزنُ
وجفّت من محيطاتي همومي
هل قاعٌ.. ؟!
وتحسستُ السقف..
اَسَقْفً.. ؟!
.. ليس هذا..
إنه الماضي
غزا قولي بنذر من تشابيه البقايا..
هاهنا عشقٌ
ومعشوقٌ
والعلاقات تَعَرَّت في كمالِ الوصلِ
وانطفأت شرارات الخطايا..
وتجمّعْتُ على هيكل خُلد وصفاء
بعد ما كنت عظاماً
وقتاما
وتصاويرَ فناء
وشظايا.. !
كم تجملتُ..
فقد كنت قبيحَا. !
وتنافستُ..
فلم أخْلُدْ كسيحَا
وتداويت بعشب العشقِ
فترجَّعتُ..
فأصعدْتُ ذبيحَا..
فتوسلتُ بنصل بين أضلاعِ (الحسينِ)
فهمَّت تحتويني عن يمين العرش طوبى
وأحاطتني عصافير البشائرْ.. !
يائساً.. كنتُ..
وقلبي كان مشقوقاً كصدري
ورجائي كان مصدوعاً كعمري
لم أكن أدري بأنّ (الرمزَ)
في احرفِ (عَشْرِ).. !
فتناولت يقيني..
وتتبعت الوفدَ إلى (الطَّفِّ)
لاعرف روحي
وهي عطشى فوق شطآن الخناجرْ..
مسرعاً كنتُ.. كخيل جَمَحَتْ
فتعثرت بطفل كحّل الافاق من دمهِ
ونحرُ الطفل يسقي الارض نبضاً
ومِهاداً..
ومحيّاه تجلَّى بالبراءاتِ
وصلَّى بين أشلاء المجاوزْ.. !
مُغمداً سيفيَ... كنتُ
وملت بخيلي نحو أرض الكربِ
أُبلَى.. !
ضارباً من لحميَ المنهوشِ فسطاطاً
على هلع الحرائرْ.. !
واضعاً حتْفي على كفِّي
أشدُّ الشمسَ..
يا شمسُ أعينينا
وكوني في زمان القهر والخذلان ناصرْ.. !
فتحيّرت لوجه فوق رمح
كسفَ الشمسَ
وأرسى نوره الخلابَ في حَدَق المنائرْ
أشرق الله (بكوفانَ) على الرمحِ
جهاراً..
علّها تحيا..
وتستيقظ هاتيك الضمائرْ.. !
زاهداً كانَ..
كما كان أبوهُ..
وخصفُ النعلِ خيرٌ
عندما تأبى الامارَهْ.. !
إنَّ للبيعة عبئاً يثقل الاعناقَ
فاستمرّوا..
وانْسَخوا الاياتِ في غار حراء
وافتحوا في الكعبة العصماءِ
بيتاً للدعارهْ.. !!
3 ـ 3 ـ 1995
أموت مثل شجرهْ.. !
ممتدةِ الجذور في الخواءْ
هاربةِ الاغصان في الفضاءْ
جامحةِ الصهيل في السماءْ
يتيمةِ الاوراق والثمار والنباههْ
محرومةِ الرجوع والبداءْ.. !
مفجوعة.. كآههْ.. !
مطمورة دهراً..
وسبعةً..
وعَشرهْ.. !
أرجوكَ يا زمانَ الصخر والرعاهْ
أرجوك يا زمانَ الخوفْ
أنْ تمنح الجوَّالَ زاداً.
وقطرةً من المياهْ
تقيهِ موت الصَّيْفْ.. !
وهَدْأةٌ، وحكمةٌ، وأمسيَهْ
وفضلُ أُمْنيَهْ.. !
لاحتفي بمقدم القمرْ
وأنثرَ الميلادَ فوق مأتم الشَّجَرْ
وأكشفَ الترابَ عن قلوب من حَجَرْ.. !
.. الحزنُ، والتمزقُ الحثيثُ، والسفَرْ
..... الوعرُ، والرمالُ،
والصخورُ في النفوسْ.. !
مَنْ لي بضخَّة من المطَرْ.. ؟!
لاَمسحَ الاستارَ عن عيون زاويهْ
كنبتةِ الصبَّار في مقابر المجوسْ
كسكتةِ الشتاء تحت ظُلة الشموسْ
كموتة النجوم فوق مخدع العروسْ
من لي بدرع صُلبة.. وقاسيَهْ.. ؟
لا عبُرَ الحرابَ والسيوفَ
والاحقادَ، والتروسْ..
والضَّجَّةَ الخرقاءَ في خداع الهاويَهْ.. !
البحرُ في خيالي..
والموجُ باحتضارِ الافْقِ لا يبالي..
يا شاطيءَ المُحالِ.. !
.... دونما وصولْ
أموتُ كالكسيحِ..
كالشهيدِ
كالخيولْ
أموتُ موتةَ المِثَالِ.. !!
وتُوصد العيونُ والابارُ
تصمتُ المياهْ.. !
ويُرفعُ المفتاحُ كي يظلَّ دائماً
رهينَ جعبة الالَهْ.. !
وأنمحي أنا.. كرصعةِ مضيئة
ضلت طريقَها السحريَّ
نحو وجنةِ الليالي..
و«زينبٌ» مدهوشةٌ قُبالي
تستقطعُ المياهَ من مسارب العرَقْ
وتجدلُ الافراح في مواسم الارقْ
لتُلبِسَ الخريفَ في
خمائل العيالِ.. !!
أموتُ موتةَ الصحراءِ والعطشْ
وصفرةِ الوجوهِ في صراعها..
والخِدَادِ..
والنَّمَشْ
أموت مرّتَيْنْ..
والماءُ في الانهارِ.. في دلالِ مشرك
ينأى مع المدى المخيفِ
ساحباً في إثْرهِ اليَدينْ..
أموتُ..
موتَةَ «الحُسَينْ».. !!
25/7/1994
على زوج من القضبانْ..
كنجم طائر يسري
ويعرج في دجى الاكوانْ..
يحرك فيّ أشواقي
ويحرق فيّ أعماقي
ويُحيي فيّ ما قد كانْ..:
(جفاني الاهل والخلاّنْ.. وعشاقي.. أعيش مقطّع الاغصانْ.. وحيداً بين أوراقي.. وصارت دارنا قفراءَ من فلّ ومن ريحانْ.. ومن صبح وإشراقِ |
تزاحمني بها الغربانْ من البابِ.. إلى الطّاقِ.. فلا أرنو سوى الدنيا غدت قبراً بأحداقي..) |
عليلاً.. ليس من راقِ..
يفيض السم من حلقي
وخلفي يضحك الساقي.. !
وساقي عظمة عرجاءُ
تلتفّ علي ساقي
أمام عيادة الرحمانْ.. !
وليَّ الله، يا من عند حضرتهِ
يزول الهمّ والكربهْ..
وتُمحى ظُلمة الاثامِ
تحت جلالة القبّهْ..
إليك أتيت شيعياً
لارفع عندك التوبهْ..
شهيدَ الظلمِ، والسلطانُ
لفّ مراسه الدامي على الرقبهْ.. !
يا من متَّ في الغربهْ..
«رضاً» قد عشتَ، مرضيّا
بمهجة عابد رطبهْ..
يبللها ندى الايمانْ
فتورق روحنا الجدبهْ..
وتعلن ثورةَ العصيانْ
على الاشباح، والدبَبَهْ.. !
غريباً جئتُ، يجذبني نداء غريبْ
كئيباً، هدّني حزني، وأيّ كئيبْ.. !!
شربت الدمع في مهدي
وفي صغري جَلسْتُ بمأتمي المنصوبْ
وجاء العمر بشباب
به ضُرٌّ يمزقني
ويستعصي على «أيوبْ» !
فجئت أزور من يشفي
ـ باذن الله ـ أدوائي
ويسمع دعوة المكروبْ..
سألت «ثلاثتي» ورجعت مقروراً
أرش الطيبْ..
على آثار من ذهبوا
وأرقب عودة المحبوبْ.. !
24 ـ 3 ـ 1987
تحدّرتْ دمَعاتي | سيلاً على الوجناتِ |
يا ويلتي حين آتي | للفصل بعد المماتِ |
الامر أمر خطيرُ | والذنب ذنب كبيرُ |
والدرب درب عسيرُ | تحفّه سيئاتي |
كم ذا أزلّ وأخطا | كمارق حين شطَّا |
أو غافل يتمطّى | مستغرقاً في سُباتِ |
قد لازمتني الذنوبُ | فكيف منها الهروبُ |
وكيف عنها أؤوبُ | لفطرتي ولذاتي ؟! |
قايضتُ تبنا بتبرِ | كأبله ليس يدري |
وضاع في القصف عمري | والنزق والمنكراتِ |
إبليسُ كان دليلي | فجدَّ في تضليلي |
حتى فقدتُ سبيلي | وخضتُ في التّرهاتِ |
قامت قيامة نفسي | ولم تغب بعدُ شمسي |
وقفت قدّام رمسي | لاذرف الحسراتِ |
يا عينُ جودي وزيدي | على التعيس الطريدِ |
يا ليتني من تليدِ | غُيّبتُ في الحافراتِ |
أين الصراط السّويُّ | يا أحمدٌ يا نبيُّ |
يا فاطمٌ، يا عليُّ | يا حبّذا من هُداةِ |
فتّشتُ عنكم جميعا | لما غدوت جذوعا |
وجدتُ فيكم شفيعا | ففرّجوا كرباتي |
سعوتُ نحو الامامهْ | مُسربَلاً بالندامهْ |
وغارقاً في الاثامَهْ | خُلْواً من الحسناتِ |
إنّي هُرعت إليكم | لحاجة لي لديكم |
مني السلام عليكم | وأفضل الصلواتِ |
كم ذا أضلّ وأشقى | والخطب أَوفي وشقَّا |
حَلَّ العذابُ وحَقَّا | إن لم تجيبوا شكاتي |
يا ربّ: عاص.. وتابا | فافتحْ لعبدك بابا |
قد ضلّ سعيي وخابا | إن لم تُقلْ عثراتي.. !! |
1991
شهر عظيم أتى بالفضْل والكرَمِ
والذكْرِ والقدرِ والايات والحِكَم
هلّ الهلالُ، وعمّ النور، وامتلاتْ
جوانب الارض بالالاء والنِّعَمِ
-2-
إلهي هبْ لنا منك اليقينا
ووفقنا لصوم الصائمينا
ونبّهنا عن الغفلات ليلا
لنُكتَبَ في عِدادِ القائمينا
بفضلك يا إله العالمينا
-3-
أقلْني من خطيئاتي
وجنّبني هوى ذاتي
وباعدني من التمويـ
ـه ـ ربّي ـ والسفاهاتِ
سبحان من خلق الوجودَ بأسرِهِ
إذْ قال: كُنْ.. كان الوجودُ بأمرهِ
المطلَقُون هم الحلولُ بأسرِهِ
أما الاسيرُ فمن مضى عن أمرِهِ
والكلّ حار بأسْرِهِ في أمرهِ.. !
-5-
عصيتك يا ربي وحِلمُك غرّني
وعفوك أغرانيووصلُك من جفا
ذنوبي أناختني فكن لي مخفّفا
فاني بآثامي قصدتك آسفا
-6-
شهر جود كلُّه رمضانُ
فيه خير وافر وامتنانُ
يا إلهي تائب جاء يسعى
فأعِنْهُ، إنك المستعانُ
-7-
أعنّي على الصوم يا مستعانْ
وجنِّب فؤادي صروف الزمانْ
ضللتُ وَشَقَّ طريقُ الامانْ
فمهّده يا هاديَ الضائعين
بفضلك يا أرحم الراحمين
أنا عائدٌ عمّا جنيتُ وأرتجي..
عفوَ العفوّ ورحمةَ الرحمانِ
إنِّي المُسيء، وأنت أقدر من عفا
لا تخذل المضطرَّ في رمضانِ
-9-
وفِّق يا ربّ لمرضاتكْ
واقسمْ لي سهما في الرحمهْ
نوِّر لي النَّجْدَ بآياتكْ
واكشف بمحبتك الغُمَّهْ
-10-
أنا عاجز، لكنْ أنتَ مقتدرُ
وأنا فقير.. للجود مفتقرُ
يا مالكاً للاكوان... يا مَلِكا
أنا قانع بالكفاف مستترُ
-11-
عبدٌ مطيعٌ ذليل النفس ناجاكا
فامنحه يا عاطياً من فضل نُعماكا
ذنبي ثقيل ووزري نُؤت تحتهما
يا غافرَالذنب.. من أدعوه إلاّكا ؟!
زيّنتني بِسِترك الوارفِ
وسترتني بِخِرقَةِ العارفِ
إني بقدسك لائذ أحتمي
فنجّني.. يا عصمةَ الخائفِ
-13-
أمتثلُ لما ترضَى
وأصوم لك الفَرْضا
لم أبغِ به عَرَضَا
بلْ وجهكَ يا ربَّاه
يا باقي يا اللهْ
-14-
يا ربّ نامت عيونُ
وعبدك المستكينُ
يعبّ من (عمَّ) خمراً
في جفنة هي (نونُ)
-15-
يا إلهي يا أمانَ الخائفين
أنت حصني.. يا مغيثَ اللاجئين
جلّ ذنبي.. يا ملاذ التائبين
فاستجب لي.. يا مجيب السائلين
موافقةُ الابرار توفيقُ
ورفاقةُ الاشرار لا تُغني
والصومُ في رمضانَ ترقيقُ
للنفس والروح والذّهنِ
فأْوني برحمتك لدار القرارْ
يا مجيب الداعين بالاسحارْ
-17-
يا من لا يحتاج إلى السؤالْ
يا عالماً بما في نفوس الخَلْقِ
اهدني لصالح الاعمالْ
وضاعف بالصيام رزقي
يا باقياً.. وكلُّ ما سِواك زَوَالْ
-18-
يا نوراً يا منور القلوبْ
يا ضياءَ النورْ
يا ساطعاً أبداً.. بلا غروبْ
نور على نورْ
لبّيك إنّ الملك لكْ
لبّيك لا شريك لكْ
جرحي وجرحك (ياعليُّ) كلاهما
جرح..وجرحك فاق كلّ جراحي
صمتت جراحي،وانمحت أصداؤها
لكنّ جرحك دائم الافصاحِ
يا صاحب الفتكات ياليث الوغى
يا من دُهيت بضربة ابن سِفَاحِ
واحرَّ قلبي (يا عليُّ) مآتمي
لن تنتهي طُولَ المدى ونُواحي.. !
-20-
(عليٌّ) من النور، لمَّا خُلقْ
تَبدَّت معالمُ هذا الوجودْ
وكبَّر صوتٌ عَلاَ في الاُفُقْ
فكان الركوعُ وكان السجودْ
-21-
اشتقَّ ربك مِنْ عُلاَهُ عُلاكا
فعلَوْتَ، لا يَعلو عُلاكَ سواكَا.. !!
-22-
فقيرٌ لفضلك ياذا الكرَمْ
تفضَّلْتَ بالجود ياذا النِّعَمْ
فأنزِلْ علينا الرضا والهُدى
وجنِّبْ محبّيك شرّ العِدَا
وعجِّلْ بفيضك ياذا الندى
إليكَ برئْتُ من ذنبي وعيبي
وعدتُ عن الذي تأباه لي
أنا عبد، ونعم الربُّ ربّي
فمن يبغي سوى المولى وَلِي.. !!
-24-
ما بال العاصي قد آبا
بالصوم عن الذنب وتابا.. ؟!
فإذا ما استَعطفَ خالقَه
ودعاه بما شاء، أجابا.. !
هو شهر الله، ومائدةٌ
تمتد بما لذَّ وطابا
-25-
طاب المديحُ بطهَ
والكونُ شعَّ ضياءْ
كم حزتَ فضلاً وجاها
يا خاتم الانبياءْ
صلّوا على بدر التّمامْ
وآله.. خيرِ الانامْ
-26-
يا ساترَ العيبِ
يا قابل التَّوْبِ
وأذكر ما بدا منِّي
تشبّ النار في عيني
ولا أشتاق إطفاءَا
يا غافرَ الذنبِ
رحماك يا ربِّ
-27-
يا ليلةَ القدرِ فيكِ الخيرُ موفورُ
نَزَل الكتاب وجاء الوحيُ والنورُ
يا خيرَ من ألف شهر، يا مؤلَّهَةً
أنتِ السلام، وفيكِ الامر مقدورُ
-28-
الححتُ في طلبي وطال رجائي
يا سامعاً عند السجود دعائي
يا مُنْجياً ذَا النونِ، كنتُ مغاضبا
فرجعتُ عن إثمي وعن أخطائي
سبحانك اللهم إنك قادر
وسواك في عجز وفي إقواءِ
-29-
ألهمتني الصبرَ الجميلْ
ومنحتني الشكر الجزيلْ
ورزقتني بالصوم خيراً
لا يستحيل، ولا يزولْ
اختمْ صيامي بالقبول وبالرضا
يا ربِّ، واحكمْ بالاصولِ فروعَهُ
أنت الغنيُّ عن الوجود جميعِهِ
فاشملْ برحمتِكَ الوجودَ جميعَهُ
فهو.. عيد
أقبل العيدُ السعيدْ
بالاماني والورودْ
وصحا الطيرُ وغنَّى
للورى أحلى نشيدْ
وارتدى الكون لباساً
زاهيَ اللونِ جديدْ
وغصونُ الزهر مالتْ
فوق شطآن الوجودْ
وكأنّ الروضَ يبدو
في ركوع وسجودْ
يا ربيع الشوق أهلاً
كم دعونا كي تعودْ
أشرقت أنوار طَهَ
تغمر الصبحَ الوليدْ
كلُّ يوم قد أطعناالله فيه، فَهْوَعيدْ.. !
1993
لا تقترب يا نجم، وابق هناك محجوباً
بأسدافِ الزمنْ
لا تحرق الدنيا بطلعتك الوضيئةِ
حين تولدُ..
فالظلام يلوك فاكهة الخلودِ
وألفُ عاصفة تهبُّ
وتكسرُ الامواجَ، والقمرَ المعلّقَ
في الصواري المائساتِ
وتستبيح البسمةَ الحسناءَ
في ثغر السفُنْ
لا تدنُ من أرض يلذ لها الهجوعُ
وتستكينُ ذليلةً
فوق التواريخ الكسيحةِ
والمرايا السودِ
والحُمَّى..
وأكتافِ المحنْ.. !
تجدْه قفرًا، لا تداعبه النسائمُ
والخُزامى.. والريا حينُ الطريّةُ
والبحيراتُ العذابُ، ومهرجان الطيرِ
والروضُ الاغنّْ.. !
واربأ بهامتكِ الكريمةِ
عن عوالمنا الذميمةِ.. إذْ هَوَتْ
مزقاً محرّقةً بأخدود الفتنْ..
واعبر مداراتِ الحياة
فكأس «جعدةَ» دائرٌ
يسقى الحمامات النبيلةَ
والاحبةَ.. والوطنْ..
وارحم ثكالى الخلقِ
والاملَ المذهّبَ في بطون الامهاتِ
وهدأةَ الريف الملفّع بالطفولةِ
واشتعالَ الشيْب في رأس المدنْ
فالارض أضعف طاقةً
من أن تراك تجود بالنفْس الزكيةِ
مرةً أخري..
وتقتلُ.. يا حسنْ.. !!
فعيوننا لم تكتحل بالنور دهرَا..
وتعودت أجفاننا برموشها السوداءِ
أن تغفوا..
وتحلمَ أنّ أشواك الظلامِ
غدت نجيمات.. وزهرَا
حتى مآقينا.. ترجح أن تشبَّ
الامنياتُ الزغْبُ.. في أرحامها البتراءِ
جمرَا..
فاذا صحت.. ورأتك واقعَها المضيءَ
تَحيَّرَتْ.. !
وهي التي لم تحتضن أهدابُها
من قبلُ.. لالاءً.. وبدرَا
حتى المآذنُ..
والسواقي..
والفصول الخضرُ
ما عادت تؤذّنُ
أو ترش على التلال ندًى
وتكبيراً.. وغزلاناً
وزغردةً.. وعطرَا
حتى المواسمُ.. والمواكبُ
والكواكبُ
والاعشابِ
والليل الحزينِ
بشاشةً سكرى..
وإشراقا.. وسحْرَا..
حتى الليالي لم تعد تنأى
ليلتمس الحيارى البائسون هُدًى
وأسحارا.. وفجرَا
حتى المحافلُ..
والرحيلُ الحلو في زهو الذرى
والامسياتُ
ودهشةُ الشعراءِ
ما عادت تفيض على السهولِ
وهودجِ العشاقِ
وحياً.. وارتعاشات
وشعرَا..
فاذا أتى الميلادُ
يحمل للحزانى فرحةً..
ونبوءةً تشدو.. وبشرى
وتفجرت آفاق هذا الشرق نوراً
وهجهُ:
طه، وحيدرةٌ، وزهرا..
المجنَّحِ
فهي ذكرى.. أيُّ ذكرى.. !!
وتجيء تسبح في الدماءِ
وفي رؤاك الطفُّ، والعطش الرهيبُ
وشهقةُ الاطفال، والشفق النحيلْ..
وأخوك ممدودٌ على وجه الثرى
كالكونِ.. أضجعه الزمان على الرمالِ
فبدءُهُ: قِدَمُ الخليقةِ
والنهايةُ.. في امتداد المستحيلْ
وأخوك شعشعةُ النجوم على الممالكِ
واشتعالات التجلّي
واقتدارُ الضوءِ..
والمشكاةُ.. والقنديلْ
وأخوك جمهرة من الافلاكِ
ترفض أن تحطَّ على الترابِ
وأن تذوب مع انطفاءات الاصيلْ
وأخوك جلجلة الفوارسِ
والتماعاتُ السيوفِ
تضنّ أن تهوِي..
فيسكتها الردَى
وانتكاساتُ الخيولْ.. !
وأخوك زلزلةُ الملاحمِ
وازدهاراتُ الفتوحِ
وثورةُ البركانِ.. والغزواتُ..
والفَرَسُ الاصيلْ
وأخوك خامس خمسة تحت الكساءِ
اللهُ سادسهم.. وجبرائيلْ
وأخوك جوهرةُ الامامةِ
وانفجارُ الوحي..
والقولُ الثقيلْ..
وأخوك أسفار البشارةِ
و«المؤيدُ» للمسيحِ
وصرخةُ الشهداءِ في التنزيلْ
وأخوك هدهدةُ الولايةِ
بين أحضانِ النبيِّ
ومعجزاتُ المرسلينَ
وفُلكُ نوح
والاساطيرُ المجيدةُ، والشرائعُ،
والنقوشُ..
وآيةُ الرهبان في دير على بَرَدَى
وأسرارُ النبوءات الخبيئةِ
وأخوك أحزانُ الفراتِ
وولولات البدو في غسق الخيامِ
وأنة الانسامِ في سعف النخيلْ
وأخوك أوصال النهارِ
تناثرت فوق المدائنِ
وانشطارُ الشمسِ
والخطبُ الجليلْ
وأخوك حرقتنا.. وآهتنا
وقصتنا التي اختزلت بها الدنيا
حكاياها العجيبةَ..
فهي تقصرُ.. كي تطولْ.. !
فأخوك عاشوراءُ
والقتل المحرمُ
والدم المطلولُ
والدمع الهطولْ
وأخوك رأسٌ
ناشرٌ حُمْرَ الجدائلِ
واختضابَ الجرح في وجع الضفائر
والتهابَ البوح في هلع الذهولْ
وأخوك أنفاسٌ... وأوردةٌ
تمزقها الضغائن.. والنصولْ..
في متاهات المدى
وأخوك نزفٌ.. كالسيولْ
وأخوك تَقدمةٌ.. وأضحيةٌ
ومذبحةٌ.. تجولْ.. !
وأخوك زينبُ.. والسبايا
والرسالةُ.. والرسولْ
وأخوك مأتمنا الموشح بالسوادِ
تنوح فيه الحور من أزل
وتندب فيه حواءٌ، وآمنةٌ
ومريمُ، والبتولْ
وأخوك قبتنا الذبيحة في
جنائز كربلاءَ
تمد كفيها المخضبتين بالدمِ
للسماءِ
وتشتكي لله أحفاد المغولْ
وأخوك سامرّاءُ..
والامل المغيّبُ في الضمائرِ
والمشاعرِ
والعقولْ
وأخوك نكبتنا..
جيلاً بعد جيلْ
وأخوك: أنتَ..
وأنتما: أنتمْ..
وأنتم كلكم حيٌّ كدفق النبضِ
في قلب الحياةِ
وكلنا.. نحن القتيلْ.. !
يا لي.. ويا لربابتي الرعناءِ
كيف تميتني صمتاً
لتعزف ما تمنّت أن تقولْ.. !!
قد كنت أرجو أن أصوغ قَصيدةَ الميلادِ
في هذا المساء الطلقِ
لكنَّ الحسينَ.. جراحه سكنت فمي
فتحولت فيه الاغاريد البهيجةُ نوحةً
وتحول النغمُ الطروبُ
إلى عويلْ.. !!
يا كلَّ آياتِ النبوةِ
والاناشيدِ النديّةِ
يا سبطَهُ المسمومَ.. قامَ
ومزّق الاكفانَ
وهو يطوف حول البيت.. متّئدًا
ويسعى بين مروةَ.. والصفا
قعدوا.. ولم تقعدْ.. !
ولكنّ الخيانةَ في «النّخَيْلةِ»
وانكفاءاتِ القبائلِ
حمّلتك من الشدائد ما كفى.. !
خذلوك، وانتهبوا المصلَّى والمتاعَ
ونازعوك بساطك النبويَّ
ثم تأملوا أن يُسلموك إلى ابن هند
حيلةً.. وتزلَّفَا.. !
غصصٌ.. على غُصص.. !!
وهم من جرّعوا أضعافها
ـ يوماً ـ أباكَ..
فما احتفيتَ.. وما احتفى.. !
طعنتك شرذمةُ النفاقِ
ولو تخيَّرْتَ القتالَ
بدا من الغدر المبيّتِ.. ما خَفَى !
يا عزَّ هذا الدينِ
كم ذلّت رقاب خالفتكَ
صار مخالفا.. !
صلحٌ.. به حُقنت دماءٌ
لو جرت.. لاتوا على الثقلينِ
موجدةً.. وحقدًا تالدًا..
وتعسفَا
عهدٌ.. به بَيَّضت وجه المسلمينَ
فبئس من جافى.. وعزّك في الخطابِ
وأرجفا.. !
لولم يكن نصراً..
فكيف بغى معاويةٌ عليك
وما وفى.. ؟!
مهدتَ للثوار دربهم الطويلَ
فحمحمت خيل الحسينِ
وأدرك التاريخ أن النخلَ
حين يموت من ظمأ
يظل على الدوام مرفرفاً
ومعانقا هام السماء
وواقفَا
يا أيها المظلومُ..
أمنحك الفؤاد مفتتَ الرئتينِ
يخفق.. نازفَا
وشمساً لا تغيبُ
ومصحفَا
28/12/1996