وعن زيد بن نفيع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لينتهين بنو ربيعة، أو لأبعثن رجلا كنفسي، يمضي فيهم أمري، يقاتل المقاتلة، ويسبي الذرية، قال: قال أبو ذر: فما راعني، إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي، فقال: من تراه يعني؟ قلت: ما يعنيك، ولكن يعني خاصف النعل - يعني عليا - قال: أخرجه أحمد في المناقب (2).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي، إلا وله نظير في أمته، وعلي نظيري، قال: أخرجه الخلعي (3).
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في خطبته في حجة الوداع: لأقتلن العمالقة في كتيبة، فقال له جبريل عليه السلام:
أو علي؟ قال: أو علي بن أبي طالب (4).
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن ابن طاوس عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوفد ثقيف - حين جاؤوه - والله لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلا مني - أو قال مثل نفسي - فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم، قال عمر: فوالله ما اشتهيت الإمارة، إلا يومئذ، جعلت أنصب صدري له، رجاء أن يقول: هذا، فالتفت إلى علي، فأخذ بيده، ثم قال: هو هذا، هو هذا، مرتين (5).
وأخرجه عبد الرازق في المصنف، وأبو بكر بن أبي شيبة في المطالب العالية، والهيثمي في مجمع الزوائد (6).
____________
(1) الرياض النضرة 2 / 216.
(2) الرياض النضرة 2 / 216.
(3) الرياض النضرة 2 / 216 - 217.
(4) المستدرك للحاكم 3 / 126.
(5) فضائل الصحابة 2 / 593.
(6) مصنف عبد الرازق 11 / 226، المطالب العالية 4 / 57، مجمع الزوائد 9 / 134.
وعن عبد الواحد بن أبي عون: أن، لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر علي صائحا يصيح: من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني، فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر، من يصيح بذلك، حتى توفي علي، ثم كان الحسن بن علي يفعل ذلك حتى توفي، ثم كان الحسين يفعل ذلك، وانقطع ذلك بعده، رضوان الله عليهم وسلامه، قال ابن أبي عون: فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي بحق ولا باطل، إلا أعطاه (2).
وفي حلية الأولياء بسنده عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت في علي خمسا، أما إحداها فيواري عورتي، والثانية يقضي ديني، والثالثة أنه متكافئ في طول الموقف، والرابعة فإنه عوني على حوضي، والخامسة فإني لا أخاف عليه أن يرجع كافرا بعد إيمان، ولا زانيا بعد إحصان (3).
وفي كنز العمال عن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في علي خمس خصال، لم يعطها نبي في أحد قبلي، أما خصلة فإنه يقضي ديني ويواري عورتي، وأما الثانية فهو الذائد عن حوضي، وأما الثالثة فإنه مشكاة لي في طريق الحشر يوم القيامة، وأما الرابعة فإن لوائي معه يوم القيامة، وتحته آدم وما ولد، وأما الخامسة فإني لا أخشى أن يكون زانيا بعد إحصان، ولا كافرا بعد إيمان، قال: أخرجه العقيلي (4).
____________
(1) الطبقات الكبرى 2 / 89.
(2) الطبقات الكبرى 2 / 89.
(3) حلية الأولياء 10 / 211.
(4) كنز العمال 6 / 403.
قال: وأخرجه أحمد أيضا في المسند، ورواه عبد الله في زيادات المسند، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة، ورواه البيهقي في سننه، والحاكم في المستدرك، وأبو داود في سننه، والترمذي في صحيحه (2).
وعن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال: رأيت عليا يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا؟ فقال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أضحي عنه (3).
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع مائة بدنة، نحر منها ثلاثين بدنة بيده، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها، وقال: أقسم لحومها وجلالها وجلودها بين الناس، ولا تعط الجزار منها شيئا، وخذ لنا من كل بعير حذية (قطعة) من لحم، ثم اجعلها في قدرة واحدة، حتى نأكل من لحمها، ونحسو من مرقها، ففعل (4).
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن حنش قال: ضحى علي بكبشين، كبش عن النبي صلى الله عليه وسلم وكبش عن نفسه، وقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أضحي عنه، فأنا أضحي أبدا.
قال: هذا حديث صحيح الإسناد (5).
وروى أبو داود في سننه (باب الأضحية عن الميت) بسنده عن أبي
____________
(1) فضائل الصحابة 2 / 698.
(2) المسند 1 / 107، 2 / 152، زيادات المسند 1 / 149، 150، سنن البيهقي 9 / 288، المستدرك للحاكم 4 / 229، صحيح الترمذي 4 / 84.
(3) فضائل الصحابة 2 / 702.
(4) المسند 1 / 260، وانظر: المسند 3 / 331، سنن البيهقي 5 / 6، 238.
(5) المستدرك للحاكم 4 / 229.
وروى النسائي في الخصائص بسنده عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عبد الله بن الحرث عن جده عن علي بن أبي طالب قال: مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل علي، وأنا مضطجع فاتكأ إلى جنبي ثم سجاني بثوبه، فلما رآني قد برئت، قام إلى المسجد يصلي، فلما قضى صلاته، جاء فرفع الثوب وقال: قم يا علي، فقمت، وقد برئت، كأنما لم أشك شيئا قبل ذلك، فقال: ما سألت ربي شيئا في صلاتي، إلا أعطاني، وما سألت لنفسي شيئا، إلا سألت لك (2).
وفي رواية عن القاسم بن زكريا بن دينار قال قال لي علي رضي الله عنه:
وجعت وجعا، فأتيت فأقامني في مكانه، وقام يصلي، وألقى علي طرف ثوبه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم يا علي قد برئت، لا بأس عليك، وما دعوت لنفسي بشئ إلا دعوت لك بمثله، وما دعوت بشئ، إلا أستجيب لي - أو قال أعطيت - إلا أنه قيل لي: لا نبي بعدي (3).
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عياش العامري عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل اليمن وفد ليشرح، قال:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتقيمن الصلاة، أو لأبعثن إليكم رجلا يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية، قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أنا، أو هذا، وانتشل بيد علي (4).
____________
(1) سنن أبي داود 2 / 85 (ط الحلبي - القاهرة 1952).
(2) تهذيب الخصائص ص 82 - 83.
(3) النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ص 13 (بيروت 1983).
(4) فضائل الصحابة 2 / 599 - 600.
وفي نهج البلاغة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوفد ثقيف: لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلا مني - أو قال: عديل نفسي - فليضربن أعناقكم أو ليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم، قال عمر: فما تمنيت الإمارة، إلا يومئذ، وجعلت أنصب له صدري، رجاء أن يقول: هو هذا، فالتفت فأخذ بيد علي، وقال: هو هذا، مرتين.
وفي رواية: لتنتهي يا بني وليعة (حي في كندة)، أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي، يمضي فيكم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية، قال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي (موضع الإزار) من خلفي يقول: من تراه يعني؟ فقلت: إنه لا يعنيك، وإنما يعني خاصف النعل، وإنه قال: هو هذا (2).
وروى مسلم في صحيحه والترمذي والحاكم في المستدرك: ولما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) - الآية (3)، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليا
____________
(1) الرياض النضرة 2 / 252.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 167.
(3) سورة آل عمران: آية 61.
وفي الصواعق المحرقة: وأخرج الدارقطني: أن عليا يوم الشورى احتج على أهلها، فقال لهم: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه وسلم، نفسه، وأبناءه أبناءه، نساءه نساءه، غيري، قالوا: اللهم لا (2).
وروى السيوطي في تفسير آية المباهلة (آل عمران: آية 61) قال: وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام، فقالا: أسلمنا يا محمد، قال:
كذبتما، إن شئتم أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام، قالا: فهات، قال: حب الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه إلى الغد، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيباه، وأقرا له، فقال: والذي بعثني بالحق، لو فعلا، لأمطر عليهم الوادي نارا.
قال جابر: فيهم نزلت (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) - الآية قال جابر: أنفسنا وأنفسكم، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي عليه السلام، وأبناءنا، الحسن والحسين، عليهما السلام، ونساءنا: فاطمة عليها السلام (3).
____________
(1) صحيح مسلم 15 / 175 - 176، صحيح الترمذي 2 / 166، المستدرك للحاكم 3 / 150، سنن البيهقي 7 / 63.
(2) الصواعق المحرقة ص 239.
(3) الحافظ أبو نعيم: دلائل النبوة ص 297 - 298 (دار الباز - مكة المكرمة 1977)، فضائل الخمسة 1 / 249.
38 - علي حياته ومماته مع النبي صلى الله عليه وسلم:
روى الحافظ ابن حجر العسقلاني في الإصابة عن ابن السكن وابن شاهين وابن نافع والطبراني من طريق قيس بن الهبيع عن أبي إسحاق عن أبي البختري عن حجر بن عدي قال: سمعت شراحيل بن مرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: إبشر يا علي، حياتك وموتك معي.
ورواه خيثمة في الفضائل من طريق جابر الجعفي عن محمد بن بشر عن حجر بن عدي عن شرحبيل بن مرة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، به، والأول أصح (1).
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال، وقال: أخرجه ابن قانع وابن منده وابن عدي والطبراني وابن عساكر عن شرحبيل بن مرة (2).
وذكره المناوي في كنوز الحقائق، وقال: لعبد الرزاق، كما ذكره ابن عبد البر في الإستيعاب (3).
39 - علي آخر الناس عهدا بالنبي:
روى ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده عن أبي حازم عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن كعب الأحبار قام زمن عمر، فقال - ونحن جلوس عند أمير المؤمنين - ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: سل عليا، قال: أين هو؟ قال: هو هنا، فسأله، فقال علي: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: الصلاة، الصلاة، فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء، وبه أمروا، وعليه يبعثون، قال: فمن غسله يا أمير المؤمنين؟ فقال:
____________
(1) الإصابة 2 / 142.
(2) كنز العمال 6 / 156.
(3) كنوز الحقائق ص 3، الإستيعاب 2 / 592.
وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضة: ادعوا لي أخي، قال: فدعي له علي، فقال:
أدن مني، فدنوت منه فاستند إلي، فلم يزل مستندا إلي، وإنه ليكلمني، حتى أن بعض ريق النبي صلى الله عليه وسلم، ليصيبني، ثم نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وثقل في حجري، فصحت: يا عباس، أدركني، فإني هالك، فجاء العباس، فكان جهدهما جميعا أن أضجعاه.
وعن الشعبي قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأسه في حجر علي، وغسله علي، والفضل محتضنه وأسامة يناول الفضل الماء.
وعن ابن غطفان قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي ورأسه في حجر أحد، قال: توفي، وهو لمستند إلى صدر علي، قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين سحري ونحري، فقال ابن عباس: أتعقل؟ والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لمستند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس، وأبى أبي أن يحضر، وقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر (2).
وعن يزيد بن بلال قال: قال علي: أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا يغسله أحد غيري، فإنه لا يرى أحد عورتي، إلا طمست عيناه، قال علي: فما تناولت عضوا إلا كأنما يقلبه معي ثلاثون رجلا، حتى فرغت من غسله (3).
وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده
____________
(1) الطبقات الكبرى 2 / 51.
(2) الطبقات الكبرى 2 / 51.
(3) الطبقات الكبرى 2 / 61.
وعن علي بن الحسين قال: نادت الأنصار، إن لنا حقا، فإنما هو ابن أختنا، ومكاننا من الإسلام مكاننا، وطلبوا إلى أبي بكر فقال: القوم أولى به، فاطلبوا إلى علي وعباس، فإنه لا يدخل عليهم، إلا من أرادوا (1).
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، ثقل، وعنده عائشة وحفصة، إذ دخل علي، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، رفع رأسه، ثم قال:
أدن مني، فأسنده إليه، فلم يزل عنده حتى توفي - الحديث - قال رواه الطبراني في الأوسط (2).
وروى أيضا بسنده عن أبي رافع قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم، ورأسه في حجر علي بن أبي طالب، وهو يقول لعلي: الله الله وما ملكت أيمانكم، الله الله والصلاة، فكان ذلك آخر ما تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: رواه البزار (3).
وروي أيضا عن ابن عباس قال: جاء ملك الموت إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مرضه الذي قبض فيه، فاستأذن ورأسه في حجر علي، فقال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال له علي: إرجع فإنا مشاغيل عنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدري من هذا يا أبا الحسن؟ هذا ملك الموت، أدخل راشدا. قال:
____________
(1) الطبقات الكبرى 2 / 61.
(2) مجمع الزوائد 9 / 36.
(3) مجمع الزوائد 1 / 293.
(4) مجمع الزوائد 9 / 35.
قال: أخرجه الرازي (1).
وفي الرياض النضرة عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: والذي أحلف به، أن كان علي، لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، غداة بعد غداة، يقول: جاء علي - مرارا - وأظنه كان بعثه لحاجة، فجاء بعد، فظننت أن له حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب، فكنت من أدناهم إلى الباب، فأكب عليه علي، فجعل يساره ويناجيه، ثم قبض من يومه ذلك، صلى الله عليه وسلم، فكان من أقرب الناس به عهدا - قال أخرجه أحمد (2).
وروى المتقي الهندي في كنز العمال عن علي عليه السلام قال: دخلت على نبي الله، وهو مريض، فإذا رأسه في حجر رجل، أحسن ما رأيت من الخلق، والنبي صلى الله عليه وسلم: نائم، فلما دخلت عليه قلت: أدنو، فقال الرجل: أدن إلى ابن عمك، فأنت أحق به مني، فدنوت منهما، فقام الرجل، وجلست مكانه، ووضعت رأسه صلى الله عليه وسلم في حجري - كما كان في حجر الرجل - فمكث ساعة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، استيقظ، فقال: أين الرجل الذي كان رأسي في حجره؟ فقلت: لما دخلت عليك دعاني ثم قال: أدن إلى ابن عمك، فأنت أحق به مني، ثم قام فجلست مكانه، قال: فهل تدري من الرجل؟ قلت: لا، بأبي أنت وأمي، قال:
____________
(1) ذخائر العقبى ص 72، الرياض النضرة 2 / 237.
(2) الرياض النضرة 2 / 237.
قال: أخرجه أبو عمر والزاهد في فوائده (1). - وذكره المحب الطبري في الذخائر والرياض (2).
وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليا يقول: بايع الناس لأبي بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق - إلى أن قال: أفيكم أحد تولى غمض رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أفيكم أحد آخر عهده برسول الله صلى الله عليه وسلم، حين وضعه في حفرته؟ قالوا: اللهم لا - قال: أخرجه العقيلي (3).
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي موسى عن أم سلمة قالت:
والذي أحلف به، إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، غداة، وهو يقول: جاء علي، جاء علي - مرارا - فقالت فاطمة عليها السلام: كأنك بعثته في حاجة، فالت: فجاء بعد، قالت أم سلمة: فظننت أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب، وكنت من أدناهم إلى الباب، فأكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يساره ويناجيه، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، من يومه ذاك، فكان علي عليه السلام، أقرب الناس عهدا.
- قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (4).
ورواه النسائي في خصائص، والإمام أحمد في مسنده وغيرهما (5).
وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن موسى بن القاسم قال:
حدثتني ليلى الغفارية قالت: كنت أغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأداوي الجرحى، وأقوم
____________
(1) كنز العمال 4 / 5.
(2) ذخائر العقبى ص 94، الرياض النضرة 2 / 219.
(3) كنز العمال 3 / 155.
(4) المستدرك للحاكم 3 / 138.
(5) المسند 6 / 300، تهذيب الخصائص ص 87.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد، هو أول عربي وأعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، والذي صبر معه يوم المهراس، وهو الذي غسله وأدخله قبره (2).
وروى السيوطي في الخصائص الكبرى: وأخرج ابن سعد والبيهقي عن الشعبي قال: غسل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول وهو يغسله بأبي وأمي، طبت حيا وميتا (3).
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي وابن سعد، من طريق سعيد بن المسيب عن علي قال: غسلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت أنظر ما يكون من الميت، فلم أر شيئا، وكان طيبا حيا وميتا.
وأخرج أحمد عن ابن عباس قال: غسل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ير منه شيئا، مما يراه من الميت، فقال: بأبي أنت وأمي، ما أطيبك حيا وميتا.
وأخرج البيهقي من طريق أبي عشر عن محمد بن قيس قال: قال علي:
ما كنا نريد أن نرفع عضوا لنغسله إلا رفع لنا، حتى انتهينا إلى عورته، فسمعت
____________
(1) الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 402 - 403.
(2) المستدرك للحاكم 3 / 111.
(3) الخصائص الكبرى 2 / 275 - 276.
وفي كنز العمال: قال صلى الله عليه وسلم: يا علي، أنت تغسل جثتي، وتؤدي ديني، وتواريني في حفرتي، وتفي بذمتي، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.
قال: أخرجه الديلمي عن أبي سعيد - يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).
وذكره المناوي في كنوز الحقائق باختصار، وقال: أخرجه الديلمي (3).
وفي كنوز الحقائق قال: لا يحل لمسلم أن يري مجردي أو عورتي، إلا علي.
قال: أخرجه الديلمي - يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم (4).
وأخرج أبو يعلى عن عائشة قالت: اختلفوا في دفنه، فقال علي: إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه (5).
وروى النسائي في الخصائص عن المغير عن أم المؤمنين أم سلمة قالت:
إن أقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، علي رضي الله عنه (6).
وعن مغير عن أم موسى قالت: قالت أم سلمة: والذي تحلف به أم سلمة: أن أقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، علي رضي الله عنه، قالت: لما كان غدوة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وأظنه كان بعثه في حاجة، فجعل يقول: جاء علي - ثلاث مرات - فجاء قبل طلوع الشمس، فلما أن جاء عرفا أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، وكنا عند
____________
(1) الخصائص الكبرى 2 / 276.
(2) كنز العمال 6 / 155.
(3) كنوز الحقائق ص 188.
(4) كنوز الحقائق ص 179.
(5) الخصائص الكبرى 2 / 278.
(6) تهذيب الخصائص ص 87.
وفي الرياض النضرة عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت في علي خمسا، هي أحب إلى من الدنيا وما فيها، أما واحدة، فهو تكأتي بين يدي الله عز وجل، حتى يفرغ من الحساب، وأما الثانية، فلواء الحمد بيده، آدم ومن ولده تحته، وأما الثالثة، فواقف على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي، وأما الرابعة، فساتر عورتي، ومسلمي إلى ربي عز وجل، وأما الخامسة، فلست أخشى عليه أن يرجع زانيا بعد إحصان، ولا كافرا بعد إيمان - قال أخرجه أحمد في المناقب (2).
وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن جابر بن عبد الله وابن عباس قالا:
لما نزلت: إذا جاء نصر الله والفتح - إلى آخره، قال محمد صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، نفسي قد نعيت، قال جبريل: الآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى - (وساق الحديث إلى أن قال -).
فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله، إذا أنت قبضت، فمن يغسلك؟
وفيما نكفنك؟ ومن يصلي عليك؟ ومن يدخلك قبرك؟.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي، أما غسل فاغسلني أنت، وابن عباس يصب عليك الماء، وجبريل ثالثكما، فإذا أنتم فرغتم من غسلي، فكفنوني في ثلاثة
____________
(1) تهذيب الخصائص 87 - 88، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6 / 300) وفي فضائل الصحابة (2 / 686)، وابن أبي شيبة في مصنفه (12 / 57)، وأبو نعيم في أخبار أصفهان (2 / 250)، وأبو يعلى والطبراني، والحاكم في المستدرك (3 / 138)، وقال الشوكاني في (در السحابة ص 213) - نقلا عن مجمع الزوائد - أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني من حديث أم سلمة بإسناد رجال ثقات، وانظر فتح الباري (9 / 139).
(2) الرياض النضرة 2 / 268 - 269.
(وساق الحديث إلى أن قال -).
فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسله علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وابن عباس رضي الله عنه يصب عليه الماء، وجبريل عليه السلام معهما، وكفن بثلاثة أثواب جدد، وحمل على السرير، ثم أدخلوه المسجد، ووضعوه في المسجد، وخرج الناس عنه فأول من صلى عليه، عليه السلام، الرب من فوق عرشه تعالى وتقدس، ثم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل، ثم الملائكة زمرا، زمرا.
قال علي رضي الله تعالى عنه: ولقد سمعنا في المسجد همهمة، ولم نر لهم شخصا، فسمعنا هاتفا يهتف، وهو يقول: ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم صلى الله عليه وسلم، فكبرنا بتكبير جبريل، وصلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصلاة جبريل، ما تقدم منا أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل القبر علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنهم، ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وفي أنساب الأشراف: أن عليا والعباس، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذين تولوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفنه، وأن أوس بن خولي - أحد الخزرج - قال لعلي عليه السلام، إجعل لنا حظا في رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان بدريا - فقال له: أدخله، فدخل فجلس، وحضر غسل رسول الله، وأسنده علي إلى صدره، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وكان أسامة وشقران يصبان الماء، وعلي يغسله، مسندا له صدره، وعليه قميصه يدلكه به، ومن ورائه لا يفضي بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
____________
(1) حلية الأولياء 4 / 73 - 79.
وعن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاث غسلات، بماء وسدر، في قميص، وغسل من بئر لسعد بن خيثمة يقال لها، بئر غرس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يشرب منها، وولي غسله علي بن أبي طالب بيده، والعباس يصب الماء، والفضل بن العباس محتضنه، والفضل يقول: أرحني، أرحني، قطعت وتيني (2).
وفي طبقات ابن سعد عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث غسلات بماء وسدر، وغسل في قميص، وغسل من بئر يقال لها (الغرس) لسعد بن خيثمة بقباء، وكان يشرب منها، وولي علي غسلته، والعباس يصب الماء، والفضل محتضنه يقول:
أرحني، قطعت وتيني، إني أجد شيئا ينزل علي - مرتين (3).
وفي أنساب الأشراف بسنده عن الشعبي: دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم، علي عليه السلام، والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد، قال: فتكلم بعضهم، فدخل عبد الرحمن بن عوف (4).
وقال الواقدي: الثبت أنه نزل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب، والفضل وأسامة وشقران (5).
وعن ابن عباس: نزل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب والفضل وأسامة وشقران، وقالت الأنصار: إجعلوا لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، نصيبا، فدخل
____________
(1) البلاذري: أنساب الأشراف - تحقيق محمد حميد الله 1 / 569 (دار المعارف - القاهرة 1959).
(2) أنساب الأشراف 1 / 570.
(3) الطبقات الكبرى 2 / 62.
(4) أنساب الأشراف 1 / 576.
(5) أنساب الأشراف 1 / 577.
وفي السيرة الحلبية، عن علي، كرم الله وجهه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوصى أن لا يغسله أحد غيري، وقال: لا يرى أحد عورتي، إلا طمست عيناه، غيرك (2).
وعن علي رضي الله عنه: لما غسلت النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع ماء في حقويه، فرفعته بلساني، وازدرته، فأورثني ذلك قوة حفظي (3).
وفي سيرة ابن هشام: وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أوس بن خولي بن أبي طالب: يا علي، أنشدك الله، وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أنزل، فنزل مع القوم (4).
ويقول سيدنا الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - في إحدى خطبه:
(ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفي، فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله صلى الله عليه وسلم، والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية، ملأ يهبط، وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم، يصلون
____________
(1) أنساب الأشراف 1 / 577.
(2) السيرة الحلبية 3 / 476.
(3) السيرة الحلبية 3 / 476.
(4) سيرة ابن هشام 4 / 494 (ط دار التراث العربي - تحقيق أحمد حجازي السقا).