الصفحة 431
(الإمام محمد الباقر) عن جابر: قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، أعرض علي الإسلام، فقال: تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، قال: تسألني عليه أجرا؟ قال: لا، إلا المودة في القربى، قال: قرباي أو قرباك، قال: قرباي، قال: هات أبايعك، فعلى من لا يحبك، ولا يحب قرباك، لعنة الله، قال صلى الله عليه وسلم: آمين (1).

وفي تفسير ابن كثير بسنده عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال:

فاطمة وولدها رضي الله عنهم (2).

وعن محمد بن علي بن عبد الله عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس، رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي) (3).

وفي تفسير القرطبي بسنده عن ابن عباس: لما أنزل الله عز وجل: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين نودهم، قال: (علي وفاطمة وأبناؤهما).

ويدل عليه أيضا ما روي عن علي رضي الله عنه، قال: (شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حسد الناس لي، فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة، أول من يدخل الجنة، أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذريتنا خلف أزواجنا).

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي، وآذاني

____________

(1) حلية الأولياء 3 / 201.

(2) تفسير ابن كثير 4 / 169 - 170.

(3) تفسير ابن كثير 4 / 171 - 172، تحفة الأحوذي 10 / 292.

الصفحة 432
في عترتي، ومن صنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب، ولم يجازه عليها، فأنا أجازيه عليها غدا، إذا لقيني يوم القيامة).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة، مكتوبا بين عينيه،: آيس من رحمة الله، ومن مات على بغض آل محمد لم يرح (يشم) رائحة الجنة، ومن مات على بغض آل بيتي، فلا نصيب له في شفاعتي).

وذكر هذا الخبر الزمخشري في تفسيره بأطول من هذا، فقال: (من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد، فتح له في قبره بابان إلى الجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد، جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة.

ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد، جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا، ألا ومن مات علي بغض آل محمد، لم يشم رائحة الجنة (1).

وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد، بشره ملك الموت بالجنة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة، كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح في قبره بابان إلى الجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد، جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة،

____________

(1) تفسير القرطبي ص 5841 - 5843، تفسير الكشاف 2 / 339.

الصفحة 433
ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة، مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا، ألا ومن مات على بغض آل محمد، لم يشم رائحة الجنة) (1).

وفي التفسير الطبري بسنده عن أبي الديلم قال: لما جئ بعلي بن الحسين عليهما السلام أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام، فقال:

الحمد لله الذي قتلكم، واستأصلكم، وقطع قرني الفتنة، فقال له علي بن الحسين، عليه السلام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟ قال:

قرأت القرآن، ولم أقرأ آل حم، قال: ما قرأت (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قال: وإنكم لأنتم؟ قال: نعم (2).

وفي تفسيره الزمخشري في قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قال: وروي أنها لما نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.

وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير - بعد أن نقل الرواية المتقدمة عن صاحب الكشاف: (فثبت أن هؤلاء الأربعة (علي وفاطمة والحسن والحسين) أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا ثبت هذا، وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم، ويدل عليه - يعني اختصاصهم بمزيد التعظيم - وجوه:

الأول: قوله تعالى: (إلا المودة في القربى)، ووجه الاستدلال به، أن آل محمد هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل، كانوا هم الآلة، ولا شك في أن فاطمة وعليا والحسن والحسين، عليهم

____________

(1) تفسير الزمخشري (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل 2 / 339 (المطبعة البهية المصرية - الطبعة الأولى - القاهرة 1344 هـ / 1925).

(2) تفسير الطبري 25 / 16.

الصفحة 434
السلام، كان التعليق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشد التعليقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل.

والثاني: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يحب فاطمة عليها السلام، قال صلى الله عليه وسلم:

(فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما يؤذيها)، وثبت بالنقل المتواتر عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أنه كان يحب عليا والحسن والحسين، عليهم السلام، وإذا ثبت ذلك، وجب على كل الأمة مثله، لقوله تعالى: (واتبعوه لعلكم تهتدون)، ولقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره)، ولقوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)، ولقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).

والثالث: إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وهو قوله: (اللهم صل على محمد * وعلى آل محمد * وارحم محمدا وآل محمد)، وهذا التعظيم لم يوجد في غير حق الآل، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب - قال الشافعي:

يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بساكن خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كما نظم الفرات الفائض
إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي (1)

وروى السيوطي في تفسيره (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) في تفسير قول الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قال:

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداهما (2).

____________

(1) تفسير الكشاف 2 / 238، فضائل الخمسة 1 / 263 - 264.

(2) تفسير الدر المنثور 6 / 7.

الصفحة 435
وفي نور الأبصار: وروى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره - يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما - قال: لما نزلت هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم، فقال: علي وفاطمة وابناهما.

وأخرج ابن سعد والملا في سيرته، أنه صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بأهل بيتي خيرا، فإني أخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه، خصمه الله، ومن خصمه الله، أدخله النار.

وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهلي من بعدي (1).

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات (2).

وأخرج أحمد والترمذي عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

من أحب هذين - يعني الحسن والحسين - وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة (3).

وروى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم بسنده عن زيد بن أرقم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم (4).

وروى الإمام ابن تيمية في (رسالة فضل أهل البيت وحقوقهم): وقد ثبت

____________

(1) نور الأبصار ص 112 - 114.

(2) مجمع الزوائد 9 / 174.

(3) مسند الإمام أحمد 1 / 77، تحفة الأحوذي 10 / 237.

(4) أنظر: الترمذي 5 / 656، وابن ماجة، في المقدمة (باب فضل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم) مسند الإمام أحمد 2 / 442، 3 / 642، المستدرك للحاكم 3 / 149.

الصفحة 436
عن النبي صلى الله عليه وسلم، من وجوه صحاح، أن الله لما أنزل عليه (إن الله وملائكته يصلون على النبي * يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، سأل الصحابة: كيف يصلون عليه؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (1).

17 - آية آل عمران 103:

قال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، أخرج الثعلبي في تفسيره عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه، أنه قال: نحن حبل الله الذي قال فيه (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).

وكان جده سيدنا الإمام علي زين العابدين، إذا تلا قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2) يقول دعاء طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين، والدرجات العلية، وعلى وصف المحن، وما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمة الدين والشجرة النبوية الشريفة، ثم يقول:

(وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأولوا بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر) إلى أن قال:

(فإلى من يفزع خلف هذه الأمة، وقد درست أعلام هذه الملة، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا، والله تعالى يقول: (لا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة، وتأويل الحكم إلى أهل الكتاب، وأبناء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل

____________

(1) ابن تيمية: رسالة فضل أهل البيت وحقوقهم ص 23 - 24 (جدة - الطبعة الأولى 1405 هـ / 1985 م).

(2) سورة التوبة: آية 119.

الصفحة 437
تعرفونهم أو تجدونهم، إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم من الآفات، وافترض مودتهم في الكتاب) (1).

18 - آية النساء 54:

قال الله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله): أخرج أبو الحسن المغازلي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام، أنه قال: في هذه الآية، نحن الناس والله (2).

وعن ابن عباس في قول الله تعالى: (أم يحسدون الناس)، قال ابن عباس: نحن الناس، دون الناس (3).

19 - آية البينة 7:

قال الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية).

وروى الطبري في تفسيره بسنده عن ابن أبي الجارود عن الإمام محمد بن علي الباقر (أولئك هم خير البرية)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت يا علي وشيعتك (4).

وفي تفسير الدر المنثور للسيوطي: في تفسير قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية)، أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل علي عليه السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية)، فكان

____________

(1) الصواعق المحرقة ص 233.

(2) الصواعق المحرقة ص 233.

(3) تفسير ابن كثير 1 / 778.

(4) تفسير الطبري 30 / 171.

الصفحة 438
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أقبل علي عليه السلام، قالوا: جاء خير البرية.

وقال: وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا - (علي خير البرية). قال: وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلي: هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.

وقال: وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية)؟

أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جئت الأمم الحساب تدعون غرا محجلين (1).

وفي الصواعق المحرقة: قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات * أولئك هم خير البرية). قال: أخرج الحافظ جمال الدين الذرندي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن هذه الآية لما نزلت، قال صلى الله عليه وسلم، لعلي: هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوك غضابا مقحمين، قال:

ومن عدوي؟ قال: من تبرأ منك ولعنك، وخير السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة، طوبى لهم، قيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: شيعتك يا علي ومحبوك (2).

وأخرج الدارقطني: يا أبا الحسن: أما أنت وشيعتك في الجنة، وإن قوما يزعمون أنهم يحبونك يصغرون الإسلام، ثم يلفظونه، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية، لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فقاتلهم، فإنهم مشركون (3).

____________

(1) تفسير السيوطي، فضائل الخمسة 1 / 277 - 278.

(2) الصواعق المحرقة ص 246 - 247، نور الأبصار ص 70، 101.

(3) الصواعق المحرقة ص 247.

الصفحة 439

20 - آية يونس 58:

قال الله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته * فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).

روى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن ابن عباس، (قل بفضل الله وبرحمته) - بفضل الله النبي صلى الله عليه وسلم، وبرحمته علي عليه السلام (1).

نسب الإمام علي

لا ريب في أن نسب الإمام علي إنما هو أشرف نسب عرفته الدنيا، فهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، القرشي الهاشمي، وأمه السيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم، القرشية الهاشمية، أول هاشمية ولدت لهاشمي، وأول هاشمية ولدت خليفة، ومن ثم فقد كان الإمام علي أول هاشمي يولد لهاشميين، ذلك لأن بني هاشم إنما كانوا قد اعتادوا أن يصهروا إلى أسر أخرى من قريش، قبل أن يتزوج أبو طالب من ابنة عمه فاطمة بنت أسد.

وهكذا نستطيع أن نقول: إنه ليس هناك - غير رسول الله صلى الله عليه وسلم - من شرف بنسب أشرف من هذا النسب، بل ليس هناك أحد من الصحابة - من غير بني هاشم - من يشرف بنسب، كنسب الإمام علي، وبكلمة واحدة إنه أشرف الصحابة - من غير بني هاشم - نسبا وحسبا.

وروى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي عمار شداد، أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) (2).

____________

(1) تاريخ بغداد 5 / 15.

(2) صحيح مسلم 15 / 36.

الصفحة 440
ورواه الترمذي (1) والقسطلاني (2) وابن كثير (3).

وروى المحب الطبري في ذخائر العقبى عن واثلة ين الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم، واتخذه خليلا، واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا، ثم اصطفى من ولد نزار مضرا، ثم اصطفى من مضر كنانة، ثم اصطفى من كنانة قريشا، ثم اصطفى من قريش بني هاشم، ثم اصطفى من بني هاشم عبد المطلب، ثم اصطفاني من عبد المطلب) (4).

قال: أخرجه بهذا السياق أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، وأخرجه مسلم وأبو حاتم مختصرا (5).

وروى البيهقي في دلائل النبوة عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - إن الله تعالى، اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) (6).

ورواه الإمام أحمد في المسند (7)، والترمذي في أول أبواب المناقب (8)، والسيوطي في الخصائص (9)، وابن كثير في البداية والنهاية (10)، وفي التفسير (11).

____________

(1) صحيح الترمذي 4 / 292.

(2) القسطلاني: المواهب اللندية 1 / 13.

(3) ابن كثير: السيرة النبوية 1 / 191.

(4) ذخائر العقبى ص 10.

(5) أنظر: فضائل الخمسة 1 / 7.

(6) البيهقي: دلائل النبوة 1 / 108 - 109.

(7) مسند الإمام أحمد 4 / 107.

(8) صحيح الترمذي 2 / 281.

(9) السيوطي: الخصائص الكبرى 1 / 38.

(10) ابن كثير: البداية والنهاية 2 / 256.

(11) تفسير ابن كثير 3 / 293.

الصفحة 441
ورواه البيهقي في دلائل النبوة بسنده عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله، عز وجل، اختار، فاختار العرب، ثم اختار منهم كنانة - أو النضر بن كنانة - ثم اختار منهم قريشا، ثم اختار منهم بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم) (1) وأخرجه السيوطي في الخصائص (2).

وروى البيهقي في دلائل بسنده عن ابن عمر قال: إنا لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلم، إذ مرت به امرأة، فقال بعض القوم: هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: مثل محمد في بني هاشم، مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، يعرف في وجهه الغضب، فقال: ما بال أقوال تبلغني عن أقوام؟ إن الله عز وجل، خلق السماوات سبعا، فاختار العليا منها، فأسكنها من شاء من خلقه ثم خلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب، فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب، فبغضي أبغضهم) (3).

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4)، وأبو نعيم في الدلائل (5)، وابن كثير في البداية والنهاية (6) وابن أبي حاتم في العلل (7).

وروى البيهقي في دلائل النبوة بسنده عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن

____________

(1) أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة - بتحقيق السيد أحمد صقر - الجزء الأول ص 109 - القاهرة 1389 هـ / 1970 م.

(2) السيوطي: الخصائص الكبرى 1 / 38 (دار الكتب العلمية - بيروت).

(3) دلائل البيهقي 1 / 115.

(4) المستدرك للحاكم 4 / 73 - 74.

(5) دلائل النبوة لأبي نعيم ص 25 - 26.

(6) ابن كثير: البداية والنهاية 2 / 257.

(7) العلل المتناهية 2 / 367 - 368.

الصفحة 442
العباس قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشا، إذا التقوا، لقي بعضهم بعضا بالبشاشة، وإذا لقونا، لقونا بوجوه لا نعرفها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ذلك غضبا شديدا، ثم قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله، فقلت: يا رسول الله، إن قريشا جلوسا تذكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك، مثل نخلة في كبوة (الكناسة) من الأرض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل، يوم خلق الخلق جعلني من خيرهم، ثم حين فرقهم، جعلني في خير الفريقين، ثم حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة، ثم حين جعل البيوت جعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيرهم نسبا، وخيرهم بيتا) (1).

ورواه الترمذي (2) وابن كثير في البداية والنهاية (3)، وأبو نعيم في الدلائل مقتصرا على شقه الأخير (4)، ورواه الحاكم في المستدرك (5) والإمام أحمد في المسند (6).

وروى الإمام أحمد في الفضائل والبيهقي في الدلائل والقاضي عياض في الشفاء بسنده عن الزهري عن أبي أسامة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال لي جبريل عليه السلام: قلبت مشارق الأرض ومغاربها، فلم أجد رجلا أفضل من محمد، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها، فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم (7).

____________

(1) البيهقي: دلائل النبوة 1 / 110.

(2) صحيح الترمذي 2 / 281.

(3) البداية والنهاية 2 / 257.

(4) دلائل النبوة لأبي نعيم ص 25.

(5) المستدرك للحاكم 3 / 333.

(6) مسند الإمام أحمد 3 / 206.

(7) دلائل النبوة للبيهقي 1 / 120 - 121، الشفاء 1 / 166، فضائل الصحابة 2 / 628 - 6129.

الصفحة 443
ورواه ابن كثير في التفسير (1)، والهيثمي في مجمع الزوائد (2) عن الطبراني في الأوسط.

وروى البيهقي بسنده عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبلغه بعض ما يقول الناس، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه - وقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق، فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين، فجعلني في خير فرقة، وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، وجعلهم بيوتا، فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا، وخيركم نفسا) (3).

ورواه الترمذي (4)، وابن كثير في البداية والنهاية (5) وفي التفسير (6).

وروى البيهقي في دلائل النبوة بسنده عن الأعمش عن كتابة بن ربعي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل، قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله تعالى: (وأصحاب اليمين) (7) و (أصحاب الشمال) (8)، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله تعالى: (فأصحاب الميمنة) (9) (والسابقون السابقون) (10)، فأنا من السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قول الله تعالى: (وجعلناكم شعوبا

____________

(1) تفسير ابن كثير 3 / 293.

(2) مجمع الزوائد 8 / 217.

(3) البيهقي: دلائل النبوة 1 / 112.

(4) صحيح الترمذي 2 / 282.

(5) ابن كثير: البداية والنهاية 2 / 256.

(6) تفسير ابن كثير 3 / 8393.

(7) سورة الواقعة: آية 37.

(8) سورة الواقعة: آية 41.

(9) سورة الواقعة: آية 8.

(10) سورة الواقعة: آية 10.

الصفحة 444
وقبائل لتعارفوا * إن أكرمكم عند الله أتقاكم * إن الله عليم خبير) (1)، وأنا أتقى ولد آدم، وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم القبائل بيوتا، فجعلني بيتا، وذلك قوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل الرجس البيت ويطهركم تطهيرا) (2)، فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب) (3).

ورواه السيوطي في الخصائص (4)، ونسبه إلى الطبراني وأبي نعيم، ورواه ابن كثير في البداية والنهاية (5).

وهكذا يبدو واضحا أن خير بيوت الناس، إنما هو بيت هاشم، والذي خيره بيت عبد المطلب، جد النبي صلى الله عليه وسلم، وجد الإمام علي بن أبي طالب، ومن ثم فليس هناك من يعادل الإمام عليا في نسبه، سوى أهله من بني عبد المطلب، وليس هناك من يتفوق عليه حسبا ونسبا، سوى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين



____________

(1) سورة الحجرات: آية 13.

(2) سورة الأحزاب: آية 33.

(3) البيهقي: دلائل النبوة 1 / 113 - 114.

(4) السيوطي: الخصائص الكبرى 1 / 38.

(5) ابن كثير: البداية والنهاية 2 / 257.