وتؤكد الأحاديث النبوية بأن هذا الجيش سيفتح بلاد الغرب حتى يأتون مدينة يقال لها قاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا ليس خلفه إلا أمر الله. (راجع الحديث رقم 128)، وتركز الأحاديث على فتح القسطنطينية خاصة، (راجع الحديث رقم 414 و 408)، ويفتح الصين أيضا وجبال الديلم (الحديث رقم 663)، ولا يمر بحصن إلا فتحه. (الحديث 661 رقم).
ولا تتوقف معارك الإمام المهدي حتى يملك مشارق الأرض ومغاربها
وتؤكد الأحاديث النبوية أن الإمام المهدي سيحمل سيفه، ولن يرميه حتى يملك العرب، (الحديث رقم 68)، ويملك مشارق الأرض ومغاربها: (يفتح له ما بين المشرق والمغرب) (الحديث رقم 127)، (يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها)، (الحديث رقم 155) ويبلغ المغرب والمشرق، (الحديث رقم 158)، ولا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا إله إلا الله، (الحديث رقم 309)، ويحكم بين أهل المشرق والمغرب، (الحديث رقم 361)، ويشمل ملك المهدي العالم كله، (الحديث رقم 858)، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها، (الحديث رقم 959).
نزول المسيح إلى الأرض
لا خلاف بين اثنين من المسلمين على حتمية نزول السيد المسيح، وحتمية صلاته خلف الإمام المهدي، وحتمية تأمر الإمام المهدي عليه، وعلى كونه أحد وأبرز وزراء الإمام المهدي، لكننا لا نعرف على وجه الجزم واليقين بأي مرحلة من المراحل سينزل السيد المسيح، ويصلي خلف الإمام المهدي، ويباشر مهام.
الفصل الثامن
دولة الإمام المهدي هي دولة آل محمد، وستكون آخر الدول
نشوء دول التاريخ السياسي الإسلامي وحرمان آل محمد من تكوين دولة خاصة بهم
لو استعرضنا تاريخ دولة الخلافة التاريخية، والدول التي تعاقبت على حكم الأمة الإسلامية لتبين لنا بوضوح تام أن كافة الجماعات والإفراد الذين عرفوا رسول الله، أو آمنوا به، أو تظاهروا بهذا الإيمان قد استفادوا من الملك العريض الذي بناه رسول الله، فنالوا نصيبا من الجاه، ونصيبا من النفوذ وبعض الأفراد والجماعات، استولوا على ملك النبوة، وكونوا في هذا الملك دولا خاصة بهم، تحمل أسماءهم، أو أسماء عائلاتهم، وعللوا ذلك بمبررات مختلفة وغير مقنعة، ولكن تلك المبررات جميعا تستند عمليا على القوة والقهر وكثرة الأتباع وتسخير موارد دولة الخلافة لتثبيت دعائم تلك الدول بعد إخراج تلك الموارد عن مصارفها الشرعية.
والفئة الوحيدة التي لم تستفد من ملك النبوة، ولم تنل نصيبا من جاه ولا نفوذ هذا الملك، ولم تتمكن من تكوين دولة خاصة بها هم عترة النبي أهل بيته أو آل محمد، مع أنهم الأقرب للنبي والأولى به!!! وأعظم من ذلك أن الذين استولوا على هذا الملك النبوي حولوه إلى سوط من عذاب جلدوا به عترة النبي أهل بيته.
الإمام الحسن العسكري يعلل ذلك
علل الإمام الحسن العسكري أسباب نقمة مؤسسي وقادة دولة الخلافة التاريخية على آل محمد، وحرمانهم من تكوين دولة خاصة بهم، ويسوق الإمام العسكري الأمويين والعباسيين كمثال متاح على ذلك فيقول وبالحرف: (قد وضع بنو أمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلتين: 1 - أحدهما أنهم كانوا يعلمون أنه ليس لهم في الخلافة حق، فيخافون من ادعائنا إياها وتستقر في مركزها، 2 - وثانيهما أنهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة والظلمة على يد القائم منا، وكانوا لا يشكون أنهم من الجبابرة والظلمة، فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، طمعا منهم في الوصول إلى منع تولد القائم أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون). (راجع الحديث رقم 1262 ج 4 والمراجع المدونة تحته). وتحليل وتعليل الإمام العسكري من القوة والوضوح والاقناع بحيث أنه لا يحتاج إلى بيان.
مبررات تقدم الجميع على آل محمد وقيام دول الجميع إلا دولة آل محمد!!
1 - ورث الخليفة الأول ملك النبوة، وكون دولة فعلية لنفسه ولرهطه بني تيم بحجة أنه صاحب النبي، ووالد زوجته، وأنه من قريش عشيرة النبي ولما قال له الإمام علي، بأنه وأهل البيت أولى برسول الله حيا وميتا، والرسول مثل شجرة، عترته أهل بيته فروعها وأغصانها، وقريش ظلالها، وأشار الإمام إلى الأحاديث النبوية التي صدعت بخلافته للنبي وبالترتيب الإلهي لعصر ما بعد النبوة. قال الخليفة الأول بأن الخلافة شأن خاص بالمسلمين وأن المسلمين قد اختاروه بالشورى، وأجمعوا عليه، وما ذكره الرسول في غدير خم ومناسبات متعددة حول ولاية الإمام علي من بعده ومكانة أهل بيت النبوة، وآل محمد، ليست ملزمة، لأنها صادرة من الرسول كبشر وليست وحيا إلهيا!! وأن الخلافة مرهونة بشورى.
فقالت بطون قريش التي كانت تقف خلف الخليفة بكل كثرتها وخيلائها وفخرها ونفوذها: يا علي قد جادلتنا فأكثرت جدالنا، فإما أن تبايع أنت وعترة النبي أهل بيته وإما أن تقتلون!! فالتفت الإمام ولم يجد له معينا إلا أهل بيته، فضن بهم عن الموت، فسلم لدولة بني تيم وبعد ستة شهور بايع وبايع معه أهل البيت.
2 - ونظرا للجهود المضنية التي بذلها عمر بن الخطاب بتوحيد بطون قريش وحلفائها، وبإقامة دولة البطون الأولى عهد الخليفة الأول له بالخلافة فكانت مبررات استخلاف الثاني هي نفس مبررات استخلاف الأول وزادت عنها بعهد الأول وهكذا نشأت دولة فعلية لبني عدي وتقدم آل تيم وآل عدي على آل محمد.
3 - والخليفة الثاني على فراش الموت عهد بالخلافة عمليا لعثمان بن عفان وهو حليف الأول والثاني ووزيرهما، وصاحب الجهد الأعظم بإقامة دولتهما وهو عميد البيت الأموي وكانت مبررات توليته هي نفس مبررات الخليفتين الأول والثاني، والفارق أن الخليفة الثالث هو زوج ابنة النبي التي ماتت ولم تعقب وليس والد زوجة النبي وأن الثاني عهد إليه، وهكذا قامت عمليا دولة بني أمية ولكن دون إعلان في البداية، وفي مرحلة من مراحل الخليفة الثالث خاطب وزيره مروان بن الحكم المسلمين بقوله: (شاهت وجوهكم تريدون أن تسلبونا ملكنا)!!
4 - لما آلت الخلافة إلى الإمام علي بن أبي طالب بنفس الوسائل والطرق التي أوجدتها بطون قريش، ونفس المبررات التي تولى فيها الخلفاء الثلاثة الحكم وقفت بطون قريش وقفة رجل واحد، ورفضت خلافة الإمام علي ثم قتلته، ثم رفضت خلافة ابنه ولم تقبل إلا بعد هزيمة آل محمد وعودة منصب الخلافة للبطون. لأنها لا تقبل بحكم آل محمد وترفض رفضا قاطعا أن تكون لهم دولة!!.
5 - ومع أن معاوية بن أبي سفيان وأبوه وأخوته هم الذين قادوا جبهة الشرك وقاوموا رسول الله وحاربوه طوال مدة 21 عاما، ولم يسلموا إلا بعد أن أحيط بهم فاضطروا مكرهين للتلفظ بالشهادتين إلا أنه وبعد أن وطد له الخلفاء الثلاثة استولى على منصب الخلافة بالقوة والقهر وأسس دولة خاصة بآل أبي سفيان وهم أعداء الله ورسوله الألداء وحجة معاوية ومبررات خلافته أنه القوي الغالب، وأنه صحابي وأنه مسلم، وأنه من عشيرة النبي، وأن أخته هي إحدى زوجات النبي!!
6 - بعد أن سقطت دولة آل أبي سفيان آلت الخلافة إلى ذرية عدو الله وعدو رسوله الحكم بن العاص، الذي لعنه رسول الله ونفاه وحرم عليه أن يسكن معه في المدينة، وحذر المسلمين من شروره ومع هذا كون دولة خاصة بآل الحكم بن العاص بحجة أنه أموي، وأنه أولى بمعاوية وأنه من قريش عشيرة النبي!! وصار المسلمون رعايا لهذه الدولة كما كانوا رعايا للدولة التي سبقتها، وبايعوا خلفاءهم تماما كما بايعوا الذين قبلهم.
7 - وجمع العباسيون القوة، وأعدوا وسائل الغلبة، ورفعوا شعارات آل محمد، فاستولوا على منصب الخلافة بالقوة والقهر وكونوا دولة خاصة بآل العباس بحجة وبمبررات مفادها أنهم أحفاد العباس عم النبي، ولما قال لهم أهل بيت النبوة، بأننا أحفاد النبي نفسه وأحفاد عم النبي الشقيق، وأنتم رفعتم شعاراتنا، وتعرفون حقنا، وأننا الأولى منكم، وكنتم تتفرجون علينا ونحن نقتل ونسام سوء العذاب!! فيغضب العباسيون ويصبون على آل محمد فيضا جارفا من النقم والقتل والعذاب، وكأنه ليس بين العباسيين وبين عترة النبي أية قرابة!!
8 - وتتفكك الدولة العباسية، ويغلب كل وال على ولايته، ويؤسس له
9 - ثم تطلع عائلة تركية، وتجمع حولها أسباب القوة وتستولي بالغلبة على كافة أقاليم العالم الإسلامي، وتخضع جميع المسلمين لسلطانها ويعلن كبير العائلة التركية (العثمانية) بأنه خليفة رسول رب العالمين لأنه لا يوجد خليفة، ولا يوجد من هو أنسب للخلافة منه!!
ولأنه لا بد للمسلمين من خليفة!! ولأنه لا فرق بين عربي وعجمي!! وأن الأتقى هو الأكرم عند الله!! بمعنى أن كبير الأسرة العثمانية هو الأكرم عند الله!!
والخلاصة أن العثمانيين قد تجاهلوا وجود أهل بيت النبوة كتجاهل الذين من قبلهم، وتقدموا على أهل البيت كما تقدم الذين من قبلهم، وقبل المسلمون بذلك أو تظاهروا بالقبول كما فعل آباؤهم من قبل. وبعد قرون تسقط دولة آل عثمان، وبسقوطها يسقط نظام الخلافة التاريخية، ولكن ثقافة تلك الخلافة ومناهجها التربوية والتعليمية قد استقرت نهائيا في النفوس، فالملك لمن غلب، والتبريرات الشكلية ما هي إلا ديكور. فرفعت الشرعية الإلهية من واقع الحياة، وحل محلها التغلب والقوة، وتفسحت أشداق المطامع، وأبواب ومنافذ التنافس، وصار كل قوي يعتقد بأنه الأحق بالقيادة، فتولى الأمر غير أهله، وأهله ينظرون، وقيل لكل إمام من أئمة بيت النبوة، خاصة ولآل محمد عامة، إما أن تقبلوا ما يرتبه الظلمة الجبارون أو تموتوا!! فآثر أهل بيت النبوة الحياة لا حبا فيها لأن الجبابرة قد أفسدوها بالفعل، ولكن لينقلوا ما جرى للأجيال اللاحقة، وليكشفوا التزييف والتضليل، لعل جيل من الأجيال ينصفهم، ويفهم عدالة قضيتهم، ويفهم حجم الجريمة التي ارتكبها المجرمون بحق الله ورسوله وأهل بيته. وخلال قرون العذاب والألم كان أهل بيت النبوة يشكون بثهم وحزنهم إلى الله.
العلم الإلهي المسبق لحركة الأحداث والوعد الإلهي القاطع بإقامة دولة آل محمد
الله سبحانه وتعالى يعلم بحركة الأحداث قبل وقوعها بداية وتفاصيل ونهاية
لقد أكمل الله دينه، وأتم نعمته، ورضي الله بالإسلام دينا للعرب ولكل خلق الله، ونجح الرسول بتحويل العرب من دين الشرك إلى دين الإسلام، وبإقامة دولة إيمانية وحدتهم ولأول مرة في التاريخ بكلفة بشرية لا تكاد أن تذكر، وبلغهم الرسول كتاب الله كما أوحي إليه، وبينه لهم كما أمره، ولم يترك الرسول أمرا من أمور الدنيا والآخرة فيه خير إلا ورغبهم فيه، ولا أمرا فيه شر إلا وحذرهم منه، واتسعت رحمة الرسول ورأفته بالجميع، ولأن الرسول بشر فسيموت حتما، وحتى لا تفسد الأمور بعد موته، وحتى لا ينهار ما بناه، وضع الله سبحانه وتعالى ترتيبات إلهية لعصر ما بعد النبوة، فاختار الله اثني عشر إماما ليحكموا الأمة من بعد النبي وحتى قيام الساعة، فأهلهم وأعدهم إعدادا إلهيا للقيادة والمرجعية بحيث يكون كل واحد منهم هو الوارث الوحيد لعلمي النبوة والكتاب في زمانه، وهو المرجع الأوحد ليقول الناس في زمانه بحق، أنه الأعلم والأفضل والأنقى والأقرب لله ولرسوله، وأمر الله رسوله أن يعلن للأمة أسماء القادة أو الأئمة أو الخلفاء أو النقباء والأمراء الذين اختارهم الله، ولأن الرسول مأمور، ويتبع ما يوحى إليه، فقد سمى للأمة قادتها من بعد وفاته، وتسعة منهم لم يولدوا بعد، وأمر الله رسوله بأن يعلن للناس بأن طاعة كل واحد من الاثني عشر هي طاعة لله، ولرسوله، وموالاتهم هي موالاة لله ولرسوله، ومعاداتهم هي معاداة لله ولرسوله، والخروج على أي واحد منهم هو خروج على الله ورسوله، وأكد الرسول كل ذلك وبكل.
الانقلاب والردة على الأعقاب وتكوين حزب العدالة!!
ذهلت بطون قريش من هول ما سمعت، فآل محمد وأهل بيته هم الذين قتلوا أبناء بطون قريش أثناء حربها للنبي، وهم من بني هاشم، ثم إن محمدا من بني هاشم، فأي عدل هذا الذي يخص الهاشميين بالنبوة والخلافة إلى قيام الساعة، ويحرم بقية البطون من الشرفين معا!! إنه لمن المستحيل أن يأمر الله بذلك!! أو يرتب ذلك!! إنها مجرد أقوال لمحمد!! ومحمد بشر يتكلم في الغضب والرضى، ولا ينبغي أن تحمل كل أقواله على محمل الجد!! وحمل أقوال النبي المتعلقة بالخلافة من بعده على محمل الجد سيلحق ضررا فاحشا ببطون قريش، ويجحف بحق المسلمين!!! والأصوب والأنسب والأوفق أن تكون النبوة لبني هاشم لا يشاركهم فيها أحد، والدولة والخلافة لبطون قريش لا يشاركهم فيها هاشمي قط، ووقف المنافقون وقفة رجل واحد مع بطون قريش لأن المنافقين
الله يطلع رسوله على كل ما يجري والرسول يعلن ذلك ويكشف أهل الفتن
حركة بطون قريش صارت علنية، وغير خافية على أحد، ونوايا البطون مكشوفة للجميع، فالأكثرية الساحقة تعارض بشدة دولة آل محمد بتحريض من بطون قريش ولا بد للإسلام أن يقول رأيه بحركة البطون وأشياعهم، فأوحى الله إلى نبيه بكل ما يجري، وينطلق النبي من دائرة اليقين والوحي ليكشف ما تبيته البطون وليعلن أنها فتنة، وأنها إن نجحت ستحل عرى الإسلام كلها، ويسمى الرسول للمسلمين قادة الفتن كل باسمه، ويبكي الرسول أمام المسلمين مخبرا إياهم بما أوحى الله إليه به، من أنهم سينكلون بأهل بيته من بعده، فيطردونهم ويشردونهم ويقتلونهم تقتيلا، وأنه سيسمون الحسن سبطه وسيقتلون الحسين وأهل بيته في كربلاء شر قتلة، وسيلاحقون أهل بيته ويطاردونه طوال التاريخ، ويتساءل النبي بحزن يدمي قلبه الشريف لم تفعلون ذلك، وهل أستحق هذا منكم ؟
وهل هذا هو الأجر الذي تقدمونه لي لقاء هدايتي لكم، وإنقاذكم!!
أهل بيت النبوة والفئة المؤمنة القليلة كانوا موقنين بأن النبي يقول الحق، وينشر ما أوحي إليه من ربه. وأن ما أخبر به النبي واقع لا محالة.
وبطون قريش وقادتها، وحلفاؤها أيقنوا أيضا بأن محمدا قد كشفهم وأنه قد عرف حقيقة نواياهم، وموقفهم الصارم من عترة النبي أهل بيته والمفاجآت التي يعدونها لهم، ومعارضتهم ورفضهم القاطع لدولة آل محمد وكانوا يتوقعون من النبي لأن هذا رأي الأكثرية أن يقوم بإجراء تعديلات جوهرية على ترتيباته السابقة،.
وصممت زعامة بطون قريش وقادة النفاق على ذلك، وركبوا رؤوسهم، وأخذوا يتربصون، وينتظرون بفارغ الصبر موت النبي، ليستولوا بالقوة والتغلب وكثرة الأتباع على الملك الذي تمخضت عنه النبوة!!! وليلغوا نهائيا كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بقيادة الأمة طوال عصر ما بعد النبوة، والتي أعلنها النبي، لأن هذه الترتيبات مجحفة على حد تعبير زعامة البطون، ومن المحال أن يأمر بها الله!! إنما هي صادرة عن محمد ومحمد بشر يتكلم في الغضب والرضى!!
وبالتالي فإنها غير ملزمة!! لأن المسلمين أعرف بشؤون دنياهم!! وفضلا عن ذلك فإن القرآن وحده يكفي والقرآن لم يعلن صراحة عما أعلنه النبي!!
كشف حقيقة ما يجري
الله جلت قدرته على علم تام بما تدبره زعامة البطون، وحلفائها، وعلى علم.
أمثلة ونماذج من تحذيرات الرسول 1 - بين الرسول للمسلمين بأن أهل بيته سيلقون بعده القتل والتشريد والتطريد، وطلب من المسلمين أن لا يفعلوا بأهل بيته ذلك، وإذا قتلهم أو شردهم أو طردهم أحد فعلى المسلمين أن يقفوا مع أهل بيته.
2 - وبين النبي للمسلمين أن ابنه الحسين سيكون وحيدا ذات يوم وسيحيط به وبمن معه أعداء الله من كل جهة يريدون قتلهم، فلا تتركوا ابني الحسين وحيدا، بل انصروه واحموه، ولا تمكنوا أحدا من قتله.
3 - أشار الرسول ذات يوم إلى بيت زوجته عائشة كما يروي البخاري وقال للمسلمين: (من ها هنا يطلع قرن الشيطان)... وقال لزوجته عائشة ذات يوم أن كلاب الحوأب ستنبحها، وحذرها من أن تفعل ذلك.
4 - وسأل الرسول الزبير في جلسة ضمته وعليا أتحب عليا فقال الزبير:
نعم، فقال الرسول: ستقاتله يوما وأنت ظالم له!!
والخلاصة أن الرسول لم يترك فعلا، ولا واقعة ستقع إلا حذر المسلمين منها، وحثهم على أن لا يفعلوها!! ولم يترك أمرا فيه خير إلا وحثهم على فعله.
القلة المؤمنة هي التي صدقته وحملت كل أقواله على محمل الجد، أما الأكثرية الساحقة التي اتبعت بطون قريش فاستبعدت أن تكون كافة هذه المعلومات المشيرة من الله، وقدرت أنها ربما كانت من التحليلات الشخصية لمحمد، والتي لا ينبغي أن تحمل محمل الجد.
لقد اختصروا الدين والدنيا بكلمة واحدة وهي الخلافة، فيجب أن لا يتولاها رجل من آل محمد، ويجب أن تكون لهم وفي سبيل ذلك كانوا على استعداد للتضحية بالدين، وبالنبي نفسه. بدليل أنهم قد أقدموا مع سبق الإصرار والترصد
الجهد النبوي المكثف
باختصار شديد لقد أعلن الرسول ما أوحي إليه، وبلغ كافة التحذيرات الإلهية بكل وسائل الإعلان وطرق التبليغ والبيان، فرسم صورة كلية وتفصيلية لوقائع المستقبل، وعمل الأمة وقيادتها وأفرادها فيه وبين لكل واحد من أصحاب التأثير والخطر دوره وأفعاله وطلب منه أن يحذر وأن لا يفعل ما ينوي فعله، ثم بين للجماعات ما تنوي فعله مستقبلا وحذرها من فعله، ثم بين للمسلمين جميعا بأن هذه الأفعال ستقع ذات يوم، ومن واجبهم أن يستعدوا لها، وأن يحولوا وبكل الوسائل دون وقوعها فلا ينبغي أن يخرج الحق من أهله، ولا ينبغي أن يقتل أعداء الله أهل بيت النبوة، ولا ينبغي أن يخرج الحق من أهله، ولا ينبغي أن يقتل أعداء الله أهل بيت النبوة، ولا ينبغي أن يشردوا أو يطردوا، وإنه من العار أن يقتل ابن النبي بين المسلمين ولا ينصره أحد، ويبكي النبي بكاء ترق له الحجارة الصلداء ويحاول وبكل الوسائل أن يضفي على تحذيراته طابع الجدية، وأن يقنع الناس بأن ما أخبرهم به من أنباء الغيب قد أوحيت إليه من ربه لأنه لا يعلم الغيب، وليس له ولغيره أن يتقول على الله ما لم يوحى به إليه، وبين لهم الرسول بأنهم إن لم يسمعوا منه، فإن عرى الإسلام ستحل كلها، وستعود الجاهلية، ولكن بثوب الإسلام، ولن يبقى من الإسلام إلا اسمه ورسمه والأنكى بأن مقاليد الأمور ستؤول إلى أعداء الله الذين حاربوا الله ورسوله بالأمس بكل وسائل الحرب، وهم جبابرة ظلمة لا يرعون في مؤمن إلا ولا ذمة، فإذا آلت مقاليد الأمور إليهم، فإنهم سيفعلون فعل فرعون، فيقتلون أبناء الذين آمنوا، ويستحيون نساءهم، ويأخذون أموالهم، ويسومونهم سوء العذاب....
إن الجهد المكثف الذي بذله الرسول ليجنب الأمة مخاطر الوقوع بين مخالب أئمة الضلالة، ومخاطر الخروج من دائرة الشرعية الإلهية لم يبذله نبي أو رسول قط. لقد خاض في هذه الناحية معركة حقيقية وبذل فيها من الجهد والعناء، ما
نتائج الجهد النبوي
1 - لقد أقيمت الحجة الكاملة على بطون قريش وزعامتها ومن والاها، وهذا يعني بأنهم إن اقترفوا ما حذر منه الرسول سيقترفونه مع العلم وسبق الإصرار، وبدون شبهة، وأن حجة الله عليهم ستكون كاملة.
2 - إن الحقائق ومقومات الحكم على تلك الفترة قد توفرت بالكامل فيمكن لمن يقف عليها كلها أن يعرف بوضوح وبقناعة تامة من هم الذين يتحملون مسؤولية حل عرى الإسلام كلها، ومن هم الذين وطدوا لأئمة الضلالة.
3 - هذا الجهد العظيم المكثف الذي بذله النبي لم يؤثر إطلاقا على زعامة بطون قريش، الموتورة، فلو جاءها الله والملائكة قبيلا ما سمحت لأولي الأمر من أهل بيت النبوة أن يتولوا الخلافة من بعد النبي، لأن هذا يعني تكوين دول لآل محمد، ويعني أن يجمع الهاشميون النبوة والملك معا، والموت نفسه أخف على زعامة بطون قريش وأبنائها وعلى المنافقين من ذلك!! وبطون قريش لن تسمح على الإطلاق لأي رجل هاشمي أو من ذرية محمد خاصة بأن يتولى الخلافة من بعد النبي مهما كلف الأمر. ثم إن زعامة البطون لن تتراجع بأنها الأولى بالخلافة، لأن الهاشميين أخذوا النبوة، ولأن النبي من قريش.
وبهذه الحالة فإن الجهد المكثف الذي بذله الرسول لم يثمر بتغيير تفكير زعامة بطون قريش، أو زحزحتها عن مواقفها، وكانت الزعامة القرشية تتوقع من النبي أن يعدل الترتيبات التي أعلنها، معتقدة أنها ترتيبات خاصة من الرسول كبشر، وليست ترتيبات إلهية، لأن الله أعظم وأعدل من أن يخص الهاشميين بالنبوة والخلافة معا ويحرم بطون قريش من الشرفين معا!!!!
4 - إن زعامة بطون قريش ومن لف لفها ماضون بتنفيذ نواياهم ومصرون على اقتراف أفعالهم التي حذرهم الرسول منها لأنها ضرورية لتحقيق كامل أهدافهم، (والمسلمون أعلم بشؤون دنياهم) من الرسول نفسه!!!!
5 - إن بطون قريش ستمد يدها لكل من يتبنى أهدافها، ويرى حقها بالخلافة
الوعد الإلهي بدولة آل محمد
لما تبين للرسول الأعظم بأن القوم ماضون في برنامجهم، وأنهم سيحولون بالفعل بين أئمة أهل بيت النبوة وبين الخلافة، وفوق ذلك سيصبون نقمتهم على آل محمد ويشردونهم، ويطردونهم، ويقتلونهم تقتيلا وأن أعداء الله الذين حاربوه بالأمس حتى أحيط بهم، فاضطروا لإعلان إسلامهم هم الذين سيتولون خلافته، وسيحكمون أمته!! وأن كافة عرى الإسلام ستحل، وأنه لن يبقى من الإسلام إلا اسمه ورسمه، ويذوب قلبه حزنا وأسفا ولا يرى بعدها ضاحكا أبدا، وعلم الله بحجم الهم والحزن الذي أناخ بكلاله الثقال على قلب النبي الشريف، فيعده بدولة آل محمد، وأنها ستكون آخر الدول، وهي دولة من نوع خاص، حيث ستحكم العالم كله، ويخضع لسلطانها كل سكان الكرة الأرضية، وأن مؤسس تلك الدولة هو حفيد النبي، محمد بن الحسن، وهو المهدي المنتظر، وأوحى الله إلى نبيه بكافة المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع، فسر النبي سرورا بالغا وبدأ جهدا مكثفا جديدا لإطلاع المسلمين على ما أوحي إليه، واطلعهم بالفعل على كل ما أوحي إليه بهذا المجال من أنباء الغيب، فدولة آل محمد ستملأ الأرض كلها عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما، ودولة آل محمد ستنتقم من الظالمين، وتفتح كافة حصون الضلالة، ودولة آل محمد ستحقق الكفاية والرخاء للجميع، وسيرضى عنها الجميع، إنها طراز خاص من الدول بعض وزائها من الرسل والأنبياء وبعضهم من الصديقين والأولياء، عدلها يتسع للبر والفاجر، إنها دولة الجنس البشري، لقد فرح النبي وأهل بيته بهذا الوعد الإلهي، وأيقنوا أنه.
المعالم الأساسية لدولة آل محمد
1 - مقومات الدولة
الإقليم: -
من المؤكد استنادا للأحاديث النبوية ولأحاديث أئمة أهل بيت النبوة الذين ورثوا علمي النبوة والكتاب بأن الإمام المهدي مؤسس دولة آل محمد سيفتح مشارق الأرض ومغاربها ويملك المشارق والمغارب، وهذا يعني أن الكرة الأرضية كلها ستكون إقليما لدولة آل محمد ويدل على هذا قول النبي: (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي... يملك الأرض عدلا كما ملئت ظلما) (الحديث رقم 61 من المعجم راجع المراجع المدونة تحته)، فكيف يملأ الإمام المهدي الأرض عدلا إن لم يكن مالكها وصاحب السلطان عليها!! ويدل على ذلك قول النبي أيضا: (... ويفتح له ما بين المشرق والمغرب)... (راجع الحديث رقم 127 من معجم أحاديث الإمام المهدي) ويوضح الرسول الصورة فيقول: (الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها). (راجع الحديث رقم 155 من المعجم)، وليسوق الأرض مثلا معروفا للجميع وهو المعروف (بذي القرنين) فيقول الرسول عنه أنه: (وبلغ المغرب والمشرق، وأن الله تبارك وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلا وطئه... (الحديث رقم 158 من المعجم). وكم كرر الرسول وأكد بأن الإمام المهدي سيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، لقد استعمل الرسول مصطلح الأرض على الإطلاق...
وفي حديث آخر يقول النبي: (.... ويفتح له فتوح فلا يبقى على وجه الأرض.
2 - شعب دولة آل محمد:
إذا كانت الكرة الأرضية هي إقليم دولة آل محمد فإن كافة الأحياء من أبناء الجنس البشري في زمن الإمام المهدي يشكلون شعب دولة آل محمد، ومواطني ورعايا تلك الدولة، فكيف تملك الدولة الأرض كلها، ولا سلطان لها على ساكنيها، فالأرض كلها إقليم للدولة ومن على وجه الأرض من بني البشر هم شعبها، فالأحاديث النبوية تؤكد بأن الإمام المهدي سيطهر الأرض من أعدائه ومن كل ظلم وجور (الحديث 123 و 479)، وأنه سيفتح حصون الضلالة، وقلوبا غلفا (الحديث رقم 79) وأنه سيظهر على كل جبار (الحديث رقم 30)، فكيف يعرف القلوب الغلف ويفتحها، وكيف يعرف أعداء الله من أوليائه، ويطهر الأرض من أعداء الله إن لم تكن له سلطة فعلية على كل مكان في الأرض ولهم به رابطة قانونية أو شرعية، وهذه هي مقومات مصطلح الشعب بالفقه الدستوري.
3 - السلطة:
الإمام المهدي هو المؤسس والمعلن عن وجود دولة لآل محمد، وهو إمامها أو رئيسها، أو أميرها أو الخليفة الشرعي عشر من خلفاء الرسول، وهو صاحب الكلمة العليا والمقام الأول في دولة آل محمد، وهو المرجع الشرعي أو القانوني لكافة سكان الكرة الأرضية لأنه إمام ووارث لعلمي النبوة والكتاب، ولا يخفى عليه شئ من أمر الدنيا والآخرة، لأن كل ما يحتاجه البشر يعرفه الأئمة الشرعيون، والإمام الشرعي مؤهل إلهيا ومعد لقيادة العالم كله.
والإمام المهدي هو القائد العام لجيش الدولة، وهو القاضي الأعلى، وهو المسؤول عن وزرائها. ويساعد الإمام المهدي مجلس وزراء من نوعية خاصة، ويكفيك أن تعرف بأن المسيح عليه السلام أحد وزرائه، والخضر الشهير وإلياس من وزرائه أيضا كما وثقنا وهم من صفوة أولياء الله. ويساعد المهدي أيضا ولاة أقاليم الكرة الأرضية حيث سيولي الإمام المهدي على كل إقليم من أقاليم الكرة الأرضية أحد الموثقين من أصحابه ليدبر أمور الإقليم ويسوسه تحت إشراف الإمام المهدي. قال الإمام جعفر الصادق: ويكون من شيعتنا في دولة القائم سنام الأرض وحكامها، يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلا). (الحديث رقم 1081.
القانون النافذ في دولة آل محمد:
المنظومة الحقوقية الإلهية المكونة من كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب هي القانون النافذ في دولة الإمام المهدي أو دولة آل محمد، فالإمام المهدي إمام شرعي وهو خاتم الأئمة الشرعيين وهو الوارث لعلمي النبوة والكتاب، وبالتالي فإنه يعرف الحكم الشرعي لكل قضية، والتكييف الشرعي لكل واقعة، وفوق هذا وذاك فإن معه المصحف الذي كتبه الإمام علي بخطه، وأملى تفسيره رسول الله بنفسه، وعنده أيضا الجامعة التي تحوي حكم كل شئ بما فيه إرش الخدش. (راجع الحديث رقم 1115)، وبالتالي فإن الإمام المهدي سيطبق القرآن (الحديث رقم 865) ويبين الحلال والحرام ويقيم الحدود. (راجع الحديث رقم 1139 و 1140 من أحاديث المعجم)، وبالتالي فلا مجال للاجتهاد، لأن الاجتهاد يحصل في حالة عدم وجود النص، أو عدم الاهتداء إليه، وهذه أمور لا يمكن أن تقع في عهد الإمام المهدي لأنه إمام شرعي اختاره الله وليس خليفة قد فرض نفسه على الناس بالقوة والقهر، والخلاصة أن الإمام المهدي سيحكم بكتاب الله الذي لم يعمل به قط بعد وفاة أمير المؤمنين علي. (راجع الحديث رقم 1126).
4 - الدين الرسمي لدولة الإمام المهدي أو دولة آل محمد:
في دولة الإمام المهدي يصبح الإسلام هو الدين الرسمي والفعلي الوحيد في كافة أرجاء الكرة
حتى... ويرد الحق إلى أهله ويقيم الدين الذي ارتضاه لنفسه فأبشروا ثم أبشروا... (الحديث 1126). وقد أكد الرسول الكريم هذه الحقيقة بقوله:
(... يبايع له الناس بين الركن والمقام، يرد به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول: لا إله إلا الله (الحديث رقم 309 من أحاديث معجم الإمام المهدي ج 1). وقال الإمام الحسين: (إن الإسلام قد يظهره العالم على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام) فليس عجيبا بعد هذا كله بأن يكون الإسلام هو الدين الرسمي والفعلي الوحيد لدولة آل محمد.
5 - طبيعة دولة الإمام المهدي أو دولة آل محمد
دولة دينية ولكن
طبيعة دولة المهدي أو دولة آل محمد مختلفة بالكامل عن طبيعة الدول التي عرفتها البشرية طوال تاريخها، فلا نعرف دولة على الإطلاق قد حظيت بالدعم الإلهي الدائم والمطلق كما تحظى به دولة الإمام المهدي فالملائكة الكرام فرقة دائمة من فرق جيشها كما أسلفنا، وكافة الآيات والمعجزات التي خص الله بها أنبياءه ورسله تحت تصرف الإمام المهدي كما وثقنا، ورسل وأنبياء وأولياء صالحون يعملون مع المهدي ويأتمرون بأمره كما أثبتنا، ويفهم من حديث الباقر بأن القوى الطبيعية ستكون مسخرات للإمام المهدي الحديث رقم 870 ج 3، ثم إن الإمام المهدي ليس نبيا وليس رسولا إنما هو إمام شرعي، اختاره الله سبحانه تعالى وسبقه أحد عشر إماما، ومع هذا تكلف دولته بتحقيق غايات وإنجاز مهمات لم يكلف نبي ولا رسول ولا إمام من قبل بتحقيقها وإنجازها!! إنها دولة دينية لأن الدين محور اهتمامها، ومبرر وجودها، وقانونها النافذ، وإمكانيات الدولة مسخرة.
6 - الإصرار على تحقيق غاية دولة آل محمد
وتتجلى طبيعة دولة آل محمد بإصرارها العجيب على تحقيق غاياتها ومبررات وجود دولة الإمام المهدي، وهو إصرار لا يعرف الحلول الوسط، ولا يعرف المستحيل فلا بد من القضاء التام على كل الظالمين والجبابرة، ولا بد من محاكمتهم والانتقام منهم وتطهير الأرض من وجودهم لأنه رجس وقذارة وقرف، ولا بد من فتح كافة حصونهم، حصون الضلالة، وهذا أمر لا يحتمل التأخير أو التأجيل ولا بد من رفع ظلمهم من الأرض، ولا بد من مل ء الأرض بالعدل كما ملأها المجرمون بالظلم ولا بد من هدم ما خلفه المجرمون، من مظاهر ظلمهم وانحرافهم، (الحديث رقم 861 و 1123)، وهدم أمر الجاهلية كله وإبطاله (الحديث رقم 862) ليكون تطهير الأرض كاملا من الظالمين وآثارهم، وكل ما يدل عليهم، ورفع فقههم الفاسد وإبطال كافة مفاعيله. وهذه هي المهمة العاجلة، والمبرر الأول لوجود دولة المهدي أو دولة آل محمد، لأن ظلم الجبابرة قد مس
والخلاصة، إن إصرار الإمام المهدي على التخلص من الظلمة والجبابرة وأعوانهم بعكس طبيعة دولة آل محمد الملتزمة التزاما مطلقا بتحقيق أهدافها وغاياتها والتي لا تحيد عن تحقيق هذه الأهداف، لأنها دولة هدف وغاية، ولا يكفي منها أن تبذل الجهد والعناية، إنما يتوجب عليها وجوبا لا عذر معه تحقيق هذه الغايات. لأن الله تعالى وعد الإمام المهدي بالدعم الكامل والمطلق لتحقيق الغايات وإنجاز المهمات التي كلفه الله بتحقيقها وإنجازها، وإذا أراد الله أمرا فلا.
وتجد هذا الإصرار العجيب عند كل غاية وهدف من الغايات والأهداف التي كلف الإمام بتحقيقها فعلى المستوى الاقتصادي فإن الإمام المهدي ودولة آل محمد مكلفون بتحقيق الكفاية التامة والرخاء المطلق للجميع، بحيث يكون كل واحد على وجه الأرض من أبناء الجنس البشري في حالة كفاية تامة ورخاء مطلق، بحيث يتجول المكلفون بدفع الزكاة في الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا فلا يجدوا محتاجا واحدا يقبل الزكاة لأن الجميع في حالة كفاية والجميع في حالة رخاء، ولا يوجد في الأرض كلها محتاج واحد، فالنقود والذهب والفضة لا تعد عدا إنما تهال هيلا!! وقد تواترت الأحاديث النبوية التي أكدت هذه الناحية، وقد وثقناها في الفصول السابقة، حتى أن الدرهم والدينار يصبح من سقط التاريخ ولا قيمة له. (راجع الحديث 1133).
وهذه طبيعة ما عرفتها ولا سمحت بها أية دولة من الدول التي ظهرت أو ستظهر على وجه الأرض قبل نشوء دولة آل محمد وظهور الإمام المهدي المنتظر، فالدول عادة تغرق الشعوب بالوعود البراقة خاصة في العصر الحديث، وتدغدغ مشاعر المستضعفين، ثم تسقط الحكومات وتزول الدول نفسها دون تحقيق معشار معشار ما وعدت بتحقيقه، حتى أن الناس قد ملت وعود الدول، وصارت وعودها أحد الرموز والاصطلاحات الدالة على معنى الكذب!!
7 - حالة الانسجام العام في دولة الإمام المهدي أو دولة آل محمد
ومن أبرز مظاهر طبيعة دولة الإمام المهدي أو دولة آل محمد، ومن مميزاتها.
كذلك فإن دولة آل محمد تقضي أيضا على أسباب النزاع الاقتصادية وتغلق أبواب التنافس المرير على المال، فعندما تحقق دولة آل محمد الكفاية المطلقة لكل واحد من أبناء الجنس البشري، والرخاء المطلق للجميع فلا يبقى على وجه الأرض محتاج واحد، أو معوز واحد، ولا يجد أصحاب الأموال رجلا واحدا يقبل زكاة أموالهم، وعندما يجد الناس الذهب والفضة مكومة كالجبال، وكرمال الصحاري، فما هو الداعي لأسباب التنازع الاقتصادي!! وهكذا في كل الأمور حيث تتولى دولة آل محمد القضاء على أسباب الشر واجتثاثها من الأرض لتضمن حالة الانسجام المطلق بين أبناء الجنس البشري، وعدم وجود ما يكدر صفوهم، أو ينغص عيشهم، ثم إن الإمام المهدي وطاقم حكومته، لن يوقظوا نائما ولن يهرقوا دما (الحديث رقم 130 ج 1) وسيرحمون مساكين العالم فيشعرون كأن.
وما يساعد على تحقيق الانسجام العام الجو النفسي الخاص الذي تخلقه الكفاية، ويحققه الرخاء حيث تتفتح مدارك العقل البشري ومواهبه التي أغلقها الجبابرة والظالمون، ويصل الإنسان إلى قمة الوعي البشرية ويكتمل إيمانهم.
(راجع الحديث رقم 1093)، وتطهر نواياها بعد القضاء التام على أسباب الخلاف والتنازع بين بني البشر وتطهير الأرض من الظلم والظالمين وانتشار المعرفة، فتكتمل العقول والأحلام (الحديث رقم 866) وتؤكد أحاديث الأئمة الكرام بأن العالم قبل ظهور المهدي سيعرف 2 / 27 جزءا من المعارف والعلوم فإذا ظهر الإمام المهدي وقامت دولة آل محمد ينشر الله العلم كله بين الناس. (راجع الحديث رقم 1127)، قال الإمام الصادق: (إذا قام قائمنا، وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم). (الحديث رقم 869)، وقال الإمام الصادق أيضا عن الإمام المهدي:)... فيعطيكم في السنة عطاءين، ويرزقكم في الشهر رزقين، وتؤتون الحكمة في زمانه، حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم). (الحديث رقم 868 ج 4 من معجم أحاديث الإمام المهدي).
وستتأثر كافة المخلوقات بحالة الانسجام التام السائد في بني البشر فالأحاديث النبوية تتحدث عن سماء تعطي كل قطرها ومائها، وعن أرض تخرج كل كنوزها ونفائسها ونباتها، وعن ملائكة تضع نفسها تحت تصرف دولة آل محمد كما وثقنا ذلك، قال الإمام الرضا، إذا قام قائمنا يأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين، والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة أرسل القائم بعض الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتى يأتي القائم فيقضي حاجته، ثم يرده، ومن المؤمنين من يسير في السحاب، ومنهم من يسير مع.
قال الإمام الحسن عن الإمام المهدي:... يدين له عرض البلاد وطولها، ولا يبقى كافر إلا آمن به، ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع...
الحديث رقم 692) وروى أيضا بأن الذئب سيرعى مع الغنم وكأنه كلبها.. إنها حالة من الانسجام المطلق بين بني البشر، وبين الكائنات المسخرة لهم!!!
موت الإمام المهدي وغياب القمر المنير
بعد أن تحقق دولة الإمام المهدي - دولة آل محمد - كافة الغايات والأهداف التي كلف الله عبده الإمام المهدي بتحقيقها، وبعد أن ينجز كل المهام المأمور إلهيا بإنجازها وبالأجل المحدد يتوفى الله تعالى الإمام المهدي وينتقل إلى جوار ربه، ويغيب القمر الثاني عشر الذي ملأ الأسماع والأبصار، ورضي منه ساكن الأرض وساكن السماء وبوفاة الإمام المهدي ينتهي الحكم الإلهي تماما، وتغلق الدائرة، لأن الإمام المهدي هو خاتم الأئمة الاثني عشر الذين أهلهم الله وأعدهم لقيادة الأمة الإسلامية من بعد وفاة النبي وحتى قيام الساعة، فلا إمام بعدهم ولا إمام قبلهم، ذلك تقدير العزيز العليم، وبموت الإمام المهدي تنتهي عمليا دولة.
من الذي يرث هذا الملك العريض الذي بناه الإمام المهدي ؟
بعد أن يغيب القمر الثاني عشر والأخير من أقمار أهل بيت النبوة غيبة لا رجعة بعدها إلى الدنيا، تزول دولة آل محمد عمليا، وينتهي دورهم لأن الحياة الدنيا ستنتهي دورتها، وستبدأ دورة الحياة العليا، ولأنه لا بد للناس من حاكم يدبر أمورهم خلال الفترة الواقعة بين موت الإمام المهدي وبين ساعة قيام القيامة، فإن الملك العريض الذي يبنيه الإمام المهدي وكافة شؤون دولة آل محمد ستؤول لشيعة - آل محمد، ويبدو أنه بالتسديد الإلهي وبترتيب خاص من الإمام المهدي لعصر ما بعد المهدي سيتعاقب على حكم العالم من بعده أحد عشر مهديا وليس إماما لأنه لا إمام شرعي بعد المهدي وهؤلاء المهديون سيقتدون بالإمام المهدي، ويسيرون على خطه، ويدعون الناس إلى موالاة أهل بيت النبوة ومعرفة حقهم).
(الحديث رقم 1149 ج 4) مستفيدين من العصر الذهبي الذي عاشته البشرية في زمن الإمام المهدي وفي أحياء وبركات دولة آل محمد، ويبدو أنه وبعد موت الحادي عشر منهم ستفسد الحياة، وتفلس، وتنتهي دورتها لتبدأ دورة الحياة الأخرى الخالدة.