إن ما نسب إلى الفاروق في تأويل هذه الآيات لا تستريح النفس إليه، فعمر كان أجل قدرا من أن يعتقد ما ظهر عنه في هذه الواقعة. لكنه لما علم بالوفاة خاف من وقوع فتنة في الإمامة وخاف حدوث ردة. فاقتضت المصلحة تسكين الناس بأن أظهر ما أظهره من كون أن النبي لم يمت. حتى يأتي أبو بكر وكبار الصحابة ويقرروا ماذا سيفعلون لمصلحة الأمة... وجاء أبو بكر وكان بالسنح وكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما علم بالحقيقة قال لعمر الذي كان يحلف بالله أن النبي لم يمت: أيها الحالف على رسلك (4)، ثم أعلن البيان الثاني وقال: ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال: (وإنك ميت وإنهم ميتون)، وقال: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (5)، وروى ابن سعد بن عمر عندما سمع الآية قال لأبي بكر: " هذا في كتاب الله؟! قال: نعم، فقال: أيها الناس هذا أبو
____________
(1) الطبري (204 / 3).
(2) سورة الزمر: الآية 30.
(3) البخاري (الصحيح 300 / 1) ك الحج.
(4) البخاري ك بدء الخلق (الصحيح 291 / 2). (5) البخاري ك بدء الخلق (الصحيح 291 / 2).
1 - الطريق إلى السقيفة:
إن دعوة الفاروق لمبايعة أبي بكر يمكن أن تفهم على أرضية الرأي وليس على أرضية النص. والصحابة على أرضية الرأي لهم أصول عديدة. ولقد أطبقت الصحابة اطباقا واحدا على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك.
كإسقاطهم سم ذوي القربى وإسقاط سهم المؤلفة قلوبهم. وفيهما نصوصا واضحة وصريحة بكتاب الله، وكان ذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وفي حياته أمرهم بالخروج في بعث أسامة لكنهم رأوا أن عدم الخروج مصلحة للدولة وللملة وحفظ للبيضة ودفعا للفتنة. والأمثلة في ذلك كثيرة. ولما كانت الحركة بعد وفاة النبي تدور بساعد الفاروق رضي الله عنه. فإننا نسجل هنا أن الفاروق كانت له اجتهادات وآراء واعتراضات في زمن الرسول. إذا نظرنا فيها لا يمكن أن ننكر منه أنه يبايع لأبي بكر لمصلحة رآها ويعدل عن النص. ومن الثابت أنه أنكر مرارا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمورا اعتمدها.
منها إنكاره صلاة رسول الله على عبد الله بن أبي. وذلك فيما رواه الإمام البخاري أن عمر قال للنبي: " تصلي عليه وهو منافق وقد نهاك الله أن تستغفر له " (2)، وفي رواية عند الترمذي " فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي جذبه عمر وقال: أليس قد نهى الله أن تصلي على المنافقين " (3)، وفي رواية عنده أيضا قال له النبي: " أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت " (4).
واعترض على قسمة قسمها النبي، روى مسلم عن عمر بن الخطاب قال:
قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت: والله يا رسول الله لغير
____________
(1) الطبقات الكبرى 267 / 2.
(2) رواه البخاري في تفسير سورة براءة (الصحيح 137 / 3) ومسلم (الصحيح 167 / 15).
(3) رواه الترمذي وصححه (الجامع 280 / 5).
(4) رواه الترمذي وصححه (الجامع 279 / 5).
روى البخاري قال عمر: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت:
ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: إني رسول الله! ولست أعصيه وهو ناصري، قلت: أو ليست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟
قال: بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. ثم قال عمر فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا!!؟، قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: بلى، قلت: فلنعطي الدنية في ديننا إذا. فقال أبو بكر: أيها الرجل! إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بفرزه!! فوالله إنه على الحق (2).
وفي روايات عديدة أن عمر بن الخطاب عندما تحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رجع متغيظا رغم ردود النبي عليه. وذلك من قوة فقهه وعظيم بصيرته رضي الله عنه، روى البخاري: " قال رسول الله يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا. فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق... " الحديث (3).
وأرضية الرأي وقف عليها كثير من الصحابة. وبعد الرسول عملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة. ولم يقفوا مع موارد النصوص حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد فرجح كثير منهم القياس على النص. والذي يمكن أن نقوله وفقا لقراءتنا للأحداث. أن العديد من كبار الصحابة تبينوا أن عليا لن تجتمع
____________
(1) رواه مسلم (الصحيح 146 / 4).
(29 رواه البخاري كتاب الشروط باب الجهاد والمصالحة (الصحيح 122 / 2).
(3) رواه البخاري تفسير سورة الفتح (190 / 3).
الأول: أن يعملوا بالنص وينصبوا عليا، ثم تجرى بحور الدماء على أيدي الذين حق عليهم القول فهم لا يؤمنون بجميع دوائرهم وتياراتهم، ويترتب على ذلك تقدم الجاهلية والارتداد عن الإسلام.
الثاني: أن يرجحوا المصلحة وينصبوا لشيخا مجربا للأمور لا يحسده أحد ولا يحقد عليه أحد ولا يبغضه أحد. فأيهما أصلح للدين؟ الوقوف مع النص الذي يؤدي إلى ارتداد الخلق ورجوعهم إلى الأصنام والجاهلية. أم العمل بمقتضى الأصلح واستبقاء الإسلام واستدامة العمل بالدين وإن كان فيه مخالفة النص؟
قد يقول قائل: إن نفسي لا تسامحني أن أنسب إلى الصحابة عصيان النبي ودفع النص. وهذا شعور طيب. ولكن هناك نصوص صريحة ثم مصادرتها وهي في كتاب الله ومن ذلك سهم المؤلفة قلوبهم وسهم ذي القربى وسيأتي الحديث عنهما في حينه. ثم أن نفسي أيضا لا تسامحني أن أنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إهمال أمر الإمامة وأن يترك الناس في فوضى وهو صلى الله عليه وسلم ما كان يغيب عن المدينة إلا ويؤمر عليها أميرا وهو حي ليس بالبعيد عنها فكيف لا يؤمر وهو ميت لا يقدر على استدراك ما يحدث؟
والخلاصة أقر كبار الصحابة هذا الرأي لحقن الدماء ولسير الدعوة. وحقن الدماء يدخل تحت ظلها علي بن أبي طالب وأهل بيته. ولهذا لم يتعرض إليه أحد بمكروه وكان هو وأولاده على امتداد عصور الخلفاء الثلاثة يعامل بكل تقدير واحترام. ووفقا لما ذكرنا بايع عمر لأبي بكر رضي الله عنه... وأبو بكر
قد يقول قال: ما هو الدليل على أن كبار الصحابة أخذوا بمصلحة الأمة في أمر الخلافة ودفعهم النص؟ نقول: أما النصوص الخاصة بالولاية فقد قدمناها على امتداد هذا الكتاب وأما أخذهم بمصلحة الأمة فلقد روى ابن خزيمة في صحيحه والإمام أحمد بسند صحيح عن أبي رافع قال: لما استخلف الناس
____________
(1) الإسلام لا يقيم وزنا للقبائل من حيث نسبها. ولكننا طرحنا النسب هنا نظرا للقبائلية التي توهجت بعد رسول الله وبقيت زمنا طويلا.
(2) رواه مسلم (الصحيح 66 / 16 في فضل سلمان وبلال وصهيب).
(3) مسلم شرح النووي (66 / 16).
(4) الترمذي (الجامع 420 / 5).
(5) رواه الديلمي (كنز العمال 587 / 13) وابن كثير في البداية (124 / 8).
أتذكر شيئا قلته لي. أن لا أتأمر على رجلين وقد وليت أمر الأمة، فقال: إن رسول الله قبض والناس حديث عهد كفر فخفت عليهم أن يرتدوا وأن يختلفوا فدخلت فيها وأنا كاره ولم يزل بي أصحابي. فلم يزل يعتذر حتى عذرته (1)، وفي رواية الإمام أحمد قال: فبايعوني لذلك وقبلتها منهم وتخوفت أن تكون فتنة يكون بعدها ردة (2).
وروى الطبري أن عمر قال لابن عباس: أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ قال ابن عباس فكرهت أن أجيبه فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لنفسها فأصابت (3)، وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز في كتابه السقيفة أن عمر قال لابن عباس: ما أظن صاحبك إلا مظلوما. قال ابن عباس فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها فقلت: يا أمير المؤمنين فاردد إليه ظلامته. فانتزع يده من يدي ثم مر يهمهم ساعة ثم وقف فلحقته فقال لي: يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا أنهم استصغروه. قال ابن عباس فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى، فقلت: والله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر (4). وروى أحمد بن أبي الطاهر صاحب كتاب تاريخ بغداد في كتابه مسندا عن ابن عباس قال: قال لي عمر (5): من أين جئت يا عبد الله؟ قلت: من المسجد. قال: كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر. قلت: خلفته يلعب مع أترابه، قال:
لم أعن ذلك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قلت: خلفته يمتح
____________
(1) رواه ابن خزيمة في صحيحه والبغوي وابن رهوية (كنز 586 / 5).
(2) رواه أحمد بسند صحيح (الفتح الرباني 61 / 23).
(3) الطبري (تاريخ الأمم 31 / 5).
(4) ابن أبي الحديد 290 / 2.
(5) كان لقاء عمر بابن عباس في أوائل خلافة عمر بالمسجد.
ونعود إلى حيث بدأنا. فعندما أعلن عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهتف عمر بمبايعة أبي بكر علمت الأنصار بما عزم عليه المهاجرون. فأتوا بسعد بن عبادة ليبايعوه. ويقتضي هذا أن نلقي الضوء على الأنصار.
2 - أضواء على الأنصار:
الأنصار هم القوة الضاربة في جيش الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وأطاحت سيوفهم برقاب العديد من أهل مكة. وكان الطلقاء من أهل مكة يحملون أحقادا للأنصار. وهذه الأحقاد بلغت ذروتها يوم الحرة عندما اجتاحت خيول يزيد بن معاوية المدينة وبايعه أهل المدينة على أنهم عبيد له. والنبي صلى الله عليه وسلم وضع الأنصار مع علي بن أبي طالب على أرضية واحدة هي أرضية الإيمان. روى مسلم عن علي أنه قال: إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق (4)، وفي الأنصار روى مسلم عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار الغرب / الدلو.
(2) ذرو / طرف.
(3) ابن أبي الحديد 765 / 3.
(4) رواه مسلم (61 / 1 ط التحرير).
ولأن عليا والأنصار على أرضية واحدة كان أبو سعيد الخدري يقول: " إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب " (4)، وقال النووي في شرح مسلم: إن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الله والسعي في إظهاره. وعرف من علي بن أبي طالب قربه من رسول الله وحب النبي له، وما كان منه في نصرة الإسلام، ثم أحب الأنصار وعليا كان ذلك من دلائل صحة إيمانه، ومن أبغضهم كان ضد ذلك واستدل به على نفاقه وفساد سريرته (5).
والنظر إلى الأنصار لا ينبغي أن يحمل على أن جميع الأنصار في دائرة الإيمان. لأن كل قاعدة بها وتد للنفاق، قال تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) (6)، والمعنى وممن حولكم أو حول المدينة من الأعراب الساكنين في البوادي منافقون مرقوا على النفاق ومن أهل المدينة أيضا منافقون معتادون على النفاق لا تعلمهم أنت يا محمد نحن نعلمهم - لذا فدائرة الإيمان على أرضية الأنصار لا ترى إلا على طريق علي بن أبي طالب. فعلي إنسان فطري رباه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغرس فيه القيادة كما غرس صلى الله عليه وآله في
____________
(1) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).
(2) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).
(3) رواه مسلم (60 / 1 ط التحرير).
(4) رواه الترمذي (الجامع 635 / 5) ورواه الخطيب عن أبي ذر بلفظ آخر (كنز 106 / 13).
(5) مسلم شرح النووي (64 / 2).
(6) سورة التوبة: الآية 101.
ومن الغريب أن في صحيح البخاري حديثا يتهم سعد بن عبادة بالنفاق.
والحديث روته أم المؤمنين عائشة في قصة الإفك، وفيه: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي. فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي. فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقال سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا!! ولكن احتملته الحمية فقال: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد ابن الحضير فقال: كذبت لعمر الله والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت " (3) فسعد بن عبادة الذي زاحم المهاجرين في البيعة وطلبها للأنصار كما طلبها
____________
(1) رواه مسلم في الصحيح (70 / 16) والترمذي (الجامع 720 / 5) البخاري (الصحيح 311 / 4).
(2) رواه مسلم (الصحيح 175 / 6).
(3) رواه البخاري باب حديث الإفك من كتاب الشهادات (الصحيح 104 / 2).
3 - صراع داخل السقيفة:
كان علي بن أبي طالب يغسل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
وكان المهاجرون يتناقشون في الخلافة، وعندما علم الأنصار بأن قريشا عازمة على إبعاد علي بن أبي طالب وليس بالضرورة أن يكون هذا العلم قد جاء بعد وفاة الرسول لأن الرسول أخبر بما هو كائن بعده. علاوة على أن الأنصار يعرفون من يحبهم. اجتمع الأنصار وأرادوا إبرام الأمر فيما بينهم على أن يكون الخليفة منهم اعتقادا منهم بأن الإسلام قام بحد سيوفهم وأن المهاجرين عيال عليهم. وحملوا سعد بن عبادة وكان مريضا إلى سقيفة بني ساعدة. فخطبهم ودعاهم إلى إعطائه الرياسة والخلافة فأجابوه. ثم تكلموا فيما بينهم فقالوا: فإن أبى المهاجرون وقالوا: نحن أولياؤه! فقال قوم من الأنصار نقول: منا أمير ومنكم أمير فقال سعد: هذا أول الوهن.
وكان للمهاجرين عيون على الأنصار فانطلق عويم بن ساعدة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخا بين عويم وبين عمر (1)، وجاء إلى عمر ومعه معن بن عدي وأخبراه بما حدث من الأنصار. فأرسل عمر إلى أبي بكر أن أخرج فقد حدث أمر لا بد أن تحضره. فخرج فأعلمه بالخبر، فمضينا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة. وكان عمر على امتداد الطريق يبحث عن إجابات مقنعة يقنع بها الأنصار. فقد كان يخشى ردة فعل الأنصار وكان يخشى أن لا يوافقوا على إبعاد علي بن أبي طالب نظرا للصالح العام. وعندما وصلوا إلى السقيفة. روى البخاري أن عمر أراد أن يتكلم. فأسكته أبو بكر. وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا إني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر (2)، أي أنه جهز كلاما وهو في الطريق خشي أن لا يقول أبو بكر مثله. فتكلم أبو بكر
____________
(1) الإصابة 45 / 5.
(2) البخاري باب فضائل أصحاب النبي (الصحيح 291 / 2).
وارتفعت الأصوات وكثر اللغط، وتكلم عمر وقال: والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم (2)، فرد عليه الحباب فقال: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر. فإن أبوا عليكم ما سألتموهم فاجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور. فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين. أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة. فقال عمر: إذا يقتلك الله، قال الحباب: بل إياك يقتل (3)، وقال أبو بكر: إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبو عبيدة (4)، وانتهى الأمر بأن قال عمر: أبسط يدك يا أبا بكر فلا بايعك. فقال أبو بكر: بل أنت يا عمر فأنت أقوى لها مني ففتح عمر يد أبي بكر وقال: إن لك قوتي مع قوتك (5)، إلى هذا الحد كان الأنصار يصرن على موقفهم حتى قام بشير بن سعيد الخزرجي وكان حاسدا لسعد وقال: يا معشر الأنصار. إلا أن محمدا من قريش وقومه أولى به. وبايع، فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير بن سعد عققت عقاق ما أحوجك إلى ما صنعت أنفست على ابن عمك الإمارة (6)، فلما رأت الأوس ما صنع بشير. قام أسيد بن الحضير - قال صاحب الإصابة: كان أبو بكر لا يقدم عليه أحد من الأنصار. ولما مات أسيد وفى عمر دينه (7) - وقال: قوموا فبايعوا أبا بكر. فقاموا إليه فبايعوه، فأنكس على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما
____________
(1) البخاري (الصحيح 291 / 2) ك بدء الخلق.
(2) الطبري (تاريخ الأمم 209 / 3).
(3) الطبري (209 / 3).
(4) البخاري كتاب بدء الخلق باب فضل أصحاب النبي (291 / 2) الطبري (209 / 3).
(5) الطبري (199 / 3).
(6) الطبري (209 / 3).
(7) الإصابة (48 / 1).
وحدث هرج وكادوا يطؤن سعد بن عبادة. فقال ناس من أصحاب سعد:
اتقوا سعد لا تطؤه. فقال عمر: اقتلوه قتله الله (2). ثم قام على رأسه وقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك. فأخذ سعد بلحية عمر، فقال عمر: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة (3)، فقال سعد لعمر: أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض - وكان مريضا - لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يحجزك وأصحابك. أما والله إذا لألحقتك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع. ثم قال: احملوني من هذا المكان. فحملوه فأدخلوه داره. وترك أياما. ثم بعث إليه أن أقبل فبايع. فقال: أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي. وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي. فلا أفعل وأيم الله. لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي. فلما أتى أبو بكر ذلك. قال له عمر: لا تدعه حتى يبايع فقال له بشير بن سعد: أنه قد لج وأبى. وليس بمبايعكم حتى يقتل. وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم. إنما هو رجل واحد. فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد. وكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ولا يحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم (4)، فلم يزل كذلك حتى خلافة عمر بن الخطاب. فقال لعمر: كان صاحبك أحب إلينا وقد أصبحت والله كارها لجوارك. وأنا متحول إلى جوار من هو خير منك. وخرج سعد مهاجرا إلى الشام. وفي حوران قتل سعد (5) وقالوا لناس يومئذ: لقد قتله الجن.
____________
(1) الطبري (209 / 3).
(2) الطبري (210 / 3) البخاري في الصحيح (291 / 2).
(3) الطبري (210 / 3).
(4) الطبري (210 / 3).
(5) ابن سعد (الطبقات 628 / 5).
فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل. وقال الآخر مثل ذلك. فقال النبي: أنا والله لا تولي هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا أحرص عليه (1)، لقد طلب كل منهما بعض ما ولاه الله. ولكن هيهات. إن الأمر لله ورسوله والرسول قد يشاور أصحابه في أمر ما ولكن في النهاية فإن العزم له وحده فإذا عزم فاعلم أن العزم لهدف ومن وراء الهدف حكمة. وقد يعكف البعض على أرضية المشاورة ويعتقدون أنه ما دام الرسول كان يشاورهم فإن لكلمتهم الخلود. وفاتهم أن الخلود يمكن في دائرة العزم وحدها ومن تعدى هذه الدائرة فلا يؤمن عليه من الفتن قال تعالى: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)، فهكذا أشركهم سبحانه في المشاورة ووحد رسوله في العزم.
ولقد عزم الرسول أن لا يولي هذا العمل أحد سأله ولا أحد أحرص عليه.
4 - صراع خارج السقيفة.
روى الزبير بن بكار في كتابه: " الموفقيات والزبير " - قال فيه الذهبي: إمام ثقة من أوعية العلم (2) - لما بويع أبو بكر أقبلت الجماعة التي بايعته تزفه زفا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)، وروى الإمام البخاري عن أنس أنه بعد بيعة أبو بكر سمع عمر يقول لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة وكان قبل ذلك قد بايعته طائفة من
____________
(1) رواه مسلم باب الإمارة (الصحيح 6 / 6).
(2) ميزان الاعتدال 66 / 2.
(3) ابن أبي الحديد عن كتاب الموفقيات 272 / 2.
وقال الزبير بن بكار: وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن الفضل بن العباس قال: يا معشر قريش وخصوصا يا بني تيم إنكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا وإنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه (3)، وقد ذكر الإمام علي (4) إنه كان معهود إليه أن لا ينازع في الأمر ولا يثير فتنة بل يطلبه برفق فإن حصل له وإلا أمسك وذلك لأن الحجة قد قامت والامتحان قد بدأ ولا إكراه في الدين. وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة: بعد بيعة أبو بكر ذهب عمر بن الخطاب ومعه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير فقال لهم: انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه وروى الطبري أن عمر قال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة. فخرج عليه الزبير بسيفه (5) فقال عمر: عليكم الكلب، فوثب عليه سلمة بن أسلم وأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، ثم انطلقوا بن وبعلي ومعهما بنو هاشم وعلي يقول: أنا عبد الله! وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!.
وروى صاحب كتاب السقيفة: وعندما انتهوا بعلي إلى أبي بكر فقيل له:
بايع فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. أخذتم
____________
(1) البخاري (الصحيح 248 / 4) ك الأحكام.
(2) ابن أبي الحديد 273 / 2.
(3) ابن أبي الحديد 273 / 2.
(4) سنبين ذلك في حينه.
(5) الطبري 198 / 3.
فإنك إن تعش ويصل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك. فقال علي: يا معشر المهاجرين الله الله. لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه. فوالله يا معشر المهاجرين لنحن - أهل البيت - أحق بهذا الأمر منكم. أما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع (1).
الملاحظ هنا وخلال أحداث هذه الفترة فيما وصل إلينا أن الإمام عليا لم يحتج على قريش بالنص. ويمكن فهم السبب بخلفية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد خلال الأيام القليلة السابقة لهذه الأحداث أن يكتب لهم نصا ولكنهم حالوا بينه وبين ذلك. إشفاقا عليه وإشفاقا على أنفسهم من أن يكتب لهم ما يعجزون عنه فتكون العقوبة أشد لكون الأمر مكتوب. فإذا كان القوم قد صادروا النص المكتوب لأن عقوبته أشد فإنه لا يستبعد أن يصادروا النص المسموع.
والإمام لوح بالنص في مواطن عديدة. فقوله لهم: " لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم "، فتح دائرة حق من أراد أن يناقشها ناقشه والحق لا يخفى ثم قوله:
____________
(1) ابن أبي الحديد 266 / 2.
وروى البيهقي بسند صحيح أن أبا بكر حين استخلف قعد في بيته حزينا فدخل عليه عمر بن الخطاب فأقبل أبو بكر عليه يلومه وقال: أنت كلفتني هذا الأمر! وشكا إليه الحكم بين الناس. فقال عمر: أو ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الوالي إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد. فكأنه سهل على أبي بكر. (1)
5 - هتاف الأنصار:
بعد أن تزعم سعد بن عبادة جماعة من الأنصار ودعا إلى نفسه. قال الزبير بن بكار: أفسد حاله رجلان من الأنصار وهما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي (2) وهما عيون المهاجرين على الأنصار. وذكر المدائني والواقدي: كان معن بن عدي يسوق أبا بكر وعمر سوقا عنيفا إلى السقيفة مبادرة إلى الأمر قبل فواته (3). وانتهى الأمر إلى مبايعة أبي بكر وأول من بايعه عمر ثم بشير بن سعد ثم أسيد بن حضير ثم أبو عبيدة بن الجراح ثم سالم مولى أبي حذيفة. والذين أنكروا بيعة أبي بكر: خالد بن سعيد بن العاص. وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وبريدة الأسلمي وأبو الهيثم بن التيهان وسهل وعثمان ابنا حنيف وخزيمة بن ثابت وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري.
وروى الزبير بن بكار وقال الذهبي الزبير بن بكار إمام ثقة من أوعية العلم - عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: لما بويع أبو بكر واستقر أمره. ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته ولام بعضهم بعضا وذكروا عليا وهتفوا بإسمه وإنه في داره لم يخرج إليهم وجزع لذلك المهاجرون وكثر في
____________
(1) رواه البيهقي وابن رهوية وخيثمة (كنز العمال 630 / 5).
(2) ابن أبي الحديد 275 / 2.
(3) قدمنا الحديث بطوله فيما سبق ورواه الترمذي وصححه وابن جرير وصححه والضياء بسند صحيح (كنز 115، 173 / 13) (جامع الترمذي 634 / 5).
فوالله أني لأرجو الله أن ينصركم عليهم كما نصرتم بهم.
وقال الحارث: فإنه قد لهجوا بأمر إن ثبتوا عليه. فإنهم قد خرجوا مما وسموا به وليس بيننا وبينهم معاتبة إلا السيف... وقال عكرمة: إن الذي هم فيه من فلتات الأمور ونزغات الشيطان. وما لا يبلغه المنى ولا يحمله الأمل اعذروا إلى القوم فإن أبوا فقاتلوهم.
الملاحظ أن مقدمة القوم هنا هو سهل بن عمرو. وهو بالذات يحفظ في ذاكرته قول النبي يوم الحديبية والذي أنذرهم فيه بمعركة يدخرها الغيب لهم عقوبة على ما في قلوبهم، ففي الحديث الصحيح عن ربعي عن علي قال: لما كان يوم الحديبية خرج ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو - إلى أن قال - فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر قريش لتنتهين أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين قد امتحن الله قلبه على الإيمان. قالوا: من هو يا رسول الله؟ وقال أبو بكر: من هو يا رسول الله. وقال عمر: من هو يا رسول الله قال: هو خاصف النعل - وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها.
لهذا لا يستغرب خوف سهيل بن هتاف الأنصار بعلي. وقوله: " وعلي في بيته لو شاء لردهم " يبين مدى جزعه. ولا يستغرب منه أن يطالب بتحديد دعوة الأنصار لأبي بكر فإن أجابوا فهو الأمان. وإلا فقتلهم أولى. وعلى ضوء هذا كله يمكن أن نفهم لماذا لم يخرج علي بن أبي طالب بأي وسيلة مطالبا بالأمر.
فالسكوت كان لقلة الأتباع وظهور سهيل بن عمرو وطابوره. وهم الذين أخرجوا
ذكر الزبير بن بكار أن عمرو بن العاص قدم من سفر كان فيه. وعندما علم بالأحداث وما كان من يوم السقيفة وما تلى ذلك أدلى بدلوه وقال: لقد قاتلنا الأنصار بالأمس فغلبونا على البدء ولو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة، فلما بلغ الأنصار مقالته قال شاعر الأنصار النعمان بن العجلان فيه شعرا (1)، فلما انتهى شعر النعمان وكلامه إلى قريش غضب كثير منهم. وفي هذا الوقت قدم خالد بن سعيد العاص من اليمن. وكان له ولأخيه أثر قديم عظيم في الإسلام.
ولهما عبادة وفضل. فغضب للأنصار وشتم عمرو ابن العاص وقال: يا معشر قريش إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه. فلما لم يستطيع أن يكيده بيده كاده بلسانه وإن من كيده الإسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار، والله ما حاربناهم للدين ولا للدنيا. لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا وما بذلنا دماءنا لله فيهم وقاسمونا ديارهم وأموالهم وما فعلنا مثل ذلك بهم وآثرونا على الفقر وحرمناهم على الغني ولقد وصى رسول الله بهم وعزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون وإياكم الخلف المضيع والسلطان الجاني (2).
وخالد بن سعيد بن العاص هو الذي امتنع عن بيعة أبي بكر وقال: لا أبايع إلا عليا. وروى الزبير بن بكار: أن رجالا من سفهاء قريش ومثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له: إنك لسان قريش ورجلها في الجاهلية والإسلام فلا تدع الأنصار، وما قالت. فراح إلى المسجد وفيه ناس من قريش وغيرهم فتكلم وقال: إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها. وأيم الله لوددت
____________
(1) من أراد أن يقف على الشعر فليراجع ابن أبي الحديد 280 / 2.
(2) ابن أبي الحديد 281 / 2.
____________
(1) سورة الحشر: الآية 9.
ودخل الفضل على علي بن أبي طالب فأسمعه شعره ففرح به. وأمره أن يظهر شعره ويبعث به إلى الأنصار. فلما بلغ ذلك الأنصار بعثوا إلى حسان بن ثابت فعرضوا عليه شعر الفضل. فقال: كيف أصنع بجوابه إن لم أتحر قوافيه فضحني فرويدا حتى أقفو أثره في القوافي. فقال له خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين: اذكر عليا وآله يكفك عن كل شئ. فقال:
في هذا الشعر صرحت الأنصار بوصية النبي لعلي:
ولقد قالوا هذا الشعر وهتفوا باسم علي. وهذا الأمر يقتضي من الباحث أن يلتمس للأنصار الأعذار وأن ينظر إلى حركتهم من البدء إلى الانتهاء بمنظور الفطرة والرسول الأكرم هو الذي أرشدنا إلى التماس الأعذار لهم. كان صلى الله عليه وسلم يقول لهم: " اللهم أنتم من أحب الناس إلي " (2)، وقال النبي الأكرم: " أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحد أو ينفعه فليتقبل من محسنهم ويتجاوز
____________
(1) ابن أبي الحديد نقلا عن الزبير بن بكار 283 / 2.