وكان «مغرى بالمسألة عن آل أبي طالب، وعمن له ذكر ونباهة منهم»(1).
وعندما أرسل الجلودي لحرب محمد بن جعفر بن محمد، أمره أن يغير على دور آل أبي طالب في المدينة، ويسلب ما على نسائهم من ثياب، وحلي. ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوباً واحداً(2).
وعندما حضرته الوفاة كان يقول: «.. واسوأتاه من رسول الله»(3).
وهدم قبر الحسين، وحرث أرض كربلاء، وقطع السدرة التي كان يستظل بها الزائرون لتلك البقعة المباركة، وذلك على يد عامله على الكوفة، موسى بن عيسى بن موسى العباسي(4).
ثم توج موبقاته كلها، وفظائعه تلك، بقتل سيد العلويين، وقائدهم، الإمام موسى بن جعفر، صلوات الله وسلامه عليه.
____________
(1) مقاتل الطالبيين ص 493، وبعد ذلك قال: «فسأل يوماً الفضل بن يحيى ـ بعد أن عاد من خراسان ـ: هل سمعت ذكرا لأحد منهم؟ قال: لا والله، ولقد جهدت فما ذكر لي أحد منهم، إلا أني سمعت رجلاً إلخ»..
(2) أعيان الشيعة، طبعة ثالثة، ج 4 قسم 2 ص 108، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 161، والبحار ج 49 ص 166.
(3) الكامل لابن الأثير ج 5 ص 130، ويلاحظ هنا: أن الإنسان غالباً ما ينكشف على حقيقته حين موته. وقول الرشيد هذا يكشف لنا الرشيد على حقيقته، ويبين لنا مدى ما فعله الرشيد مع ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(4) تاريخ الشيعة ص 89، وأمالي الشيخ. طبع النجف ص 330، والكنى والألقاب ج 1 ص 27 وشرح ميمية أبي فراس ص 209، والمناقب لابن شهرآشوب ج 2 ص 19، وتاريخ كربلاء، لعبد الجواد الكليدار ص 197، 198، نقلاً عن: نزهة أهل الحرمين ص 16، والبحار ج 10 ص 297، وتظلم الزهراء ص 218، ومجالي اللطف ص 39، وأعيان الشيعة ج 4 ص 304، وتسلية المجالس، لمحمد بن أبي طالب، وغير ذلك..
يشير بذلك إلى قبر علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، حيث إن الرشيد مدفون إلى جانبه، كأنه يريد أن يقول: إن دفن المأمون للرضا (عليه السلام) إلى جانب أبيه الرشيد كان لأجل الحفاظ على قبر أبيه من النبش.
ولكن المعلوم: أن العلويين وشيعتهم ما كانوا ليقدموا على أمر كهذا مهما بلغ بهم الحقد والغضب بسبب اضطهاد الحكام لهم..
يقول محمد بن حبيب الضبي، رحمه الله مشيراً إلى ذلك:
قبران في طوس الهدى في واحد | والغي في لحد ثراه ضرام |
قرب الغوي من الزكي مضاعف | لعذابه، ولأنفه الإرغام |
ويقول دعبل رحمه الله:
قبران في طوس خير الناس كلهم | وقبر شرهم هذا من العبر |
ما ينفع الرجس من قرب الزكي وما | على الزكي بقرب الرجس من ضرر |
ولقد بلغ من ظلم الرشيد للعلويين أن جعل الناس يعتقدون فيه بغض علي (عليه السلام)، حتى اضطر إلى أن يقف موقف الدفاع عن نفسه،
____________
(1) راجع: تاريخ كربلاء، لعبد الجواد الكليدار ص 199، نقلاً عن: مجلة «الهلال»، عدد اكتوبر سنة 1947 م. ص 25، من مقال بعنوان: «حديث مع هارون الرشيد» للأستاذ العقاد.
ثم يلقي التبعة في ذلك عليهم، ويقول: إنهم إلى بني أمية أميل منهم إلى بني العباس الخ كلامه.
بل لقد رأيناه يعلن أمام أعاظم العلماء عن توبته مما كان منه من أمر الطالبيين ونسلهم(2).
وذلك أمر طبيعي بعد أن كان يتتبع خطواتهم ويقتلهم «وبعد أن كانت سجون العباسيين، وخصوصاً المنصور والرشيد، قد امتلأت من العلويين، وكل من يتشيع لهم» على حد تعبير أحمد أمين(3).
وأخيراً.. فقد بلغ من ظلم الرشيد للعلويين أن توهم البعض أن المأمون إنما بايع للرضا بولاية العهد، من أجل أن يمحو ما كان من أمر الرشيد في آل علي (عليه السلام)، كما عن البيهقي، عن الصولي(4).
وأما المأمون:
فستأتي الإشارة إلى بعض ما فعله في آل علي في تضاعيف الفصول الآتية إن شاء الله تعالى.
والشعراء أيضاً قد قالوا الحقيقة:
وهكذا. يتضح لنا كيف أن العباسيين قد انقلبوا ـ بدافع من
____________
(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 293.
(2) شرح ميمية أبي فراس ص 127.
(3) راجع: ضحى الإسلام ج 3 ص 296، 297.
(4) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 147، والبحار ج 49 ص 132، وغير ذلك.
تالله ما فعلت أمية فيهم | معشار ما فعلت بنو العباس(1) |
وقال آخر ـ وهو أبو عطاء، أفلح بن يسار الندي، المتوفى سنة 180 ه. وهو من مخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية: قال في زمن السفاح.
يا ليت جور بني مروان دام لنا | وليت عدل بني العباس في النار(2) |
وقال منصور بن الزبرقان النمري، المتوفى في خلافة الرشيد:
آل النبي ومن يحبهــــــا | يتطامنون مخافة القتــــــل |
أمن النصارى واليهود هـــم | من أمة التوحيـــد في أزل(3). |
وقد أنشد الرشيد هذين البيتين بعد موت منصور هذا، فقال الرشيد، بعد أن أرسل إليه من يقتله، فوجده قد مات: «لقد هممت أن أنبش
____________
(1) شرح ميمية أبي فراس ص 119.
(2) المحاسن والمساوي ص 246، والشعر والشعراء ص 484، ونظرية الإمامة ص 382، والمهدية في الإسلام ص 55، وطبيعة الدعوة العباسية ص 272.
(3) الأزل: الضيق والشدة.
ويقول أبو حنيفة أو الطغرائي على اختلاف النسبة في جملة أبيات له:
ومتى تولى آل أحمد مسلم | قتلوه أو وصموه بالإلحـــــاد |
ويقول إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، يذكر العلويين، الذين قتلهم المنصور، ويقال: إن القائل هو غالب الهمداني.
أصبح آل الرسول أحمد في | الناس كذي عرة بـــــه جرب |
ويقول دعبل بن علي الخزاعي في رثاء الرضا، وهو شعر معروف، ومشهور، وقد أنشده للمأمون نفسه:
وليس حي من الأحياء نعلمه | من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضـر |
إلا وهم شركاء في دمائهـم | كما تشارك أيسار على جــــزر |
قتلاً وأسراً وتحريقاً ومنهبة | فعل الغزاة بأهل الروم والخـــزر |
أرى أمية معذورين إن فعلوا | ولا أرى لبني العباس من عـــذر |
أما أبو فراس الحمداني فيقول:
____________
(1) زهر الآداب هامش ج 2 من المستطرف ص 246 والشعر والشعراء ص 547، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الأول جزء 1 ص 254، وطبقات الشعراء ص 246، وفيه في ص 244: أن الرشيد بعد سماعه لمدائح النمري في أهل البيت، أمر أبا عصمة الشيعي بأن يخرج من ساعته إلى الرقة، ليسل لسان منصور من قفاه، ويقطع يده. ورجله. ثم يضرب عنقه، ويحمل إليه رأسه، بعد أن يصلب بدنه، فخرج أبو عصمة لذلك، فلما صار بباب الرقة استقبلته جنازة النمري، فرجع إلى الرشيد فأعلمه، فقال له الرشيد «ويلي عليك يا بن الفاعلة، فألا إذا صادفته ميتا فأحرقته بالنار»!.
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت | تلك الجرائر إلا دون نيلكم(1) |
ويقول علي بن العباس. الشاعر المعروف بابن الرومي، مولى المعتصم من قصيدة له:
بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم | لبلواكم عما قليل مفرح |
أكل أوان للنبي محمد | قتيل زكي بالدماء مضرج |
إلى أن قال:
أفي الحق أن يمسوا خماصاً وأنتـم | يكاد أخوكم بطنة يتبعــــج |
وتمشون مختالين في حجراتكــم | ثقال الخطى اكفالكم تترجـرج |
وليدهم بادي الطوى ووليدكـــم | من الريف ريان العظام خدلـج |
ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهـم | كلابكم فيها بهيم وديــــزج |
والقصيدة طويلة جداً، من أرادها فليراجعها.
نصوص أخرى:
يقول فان فلوتن: «.. ولا غرو، فإن العلويين لم يلقوا من الاضطهاد مثل ما لقوا في عهد الأولين من خلفاء بني العباس..»(2).
ويقول الخضري: «.. فكان نصيب آل علي في خلافة بني هاشم، أشد وأقسى مما لاقوه في عهد خصومهم من بني أمية، فقتلوا، وشردوا كل مشرد، وخصوصاً في زمن المنصور، والرشيد، والمتوكل من بني العباس. وكان اتهام شخص في هذه الدولة بالميل إلى واحد من
____________
(1) سوف نورد قصيدة أبي فراس، وهي المعروفة ب «الشافية» وكذلك شطراً من قصيدة دعبل، في أواخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
(2) السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص 133.
ولما دخل إبراهيم بن هرمة، المعاصر للمنصور المدينة، أتاه رجل من العلويين، فسلم عليه، فقال له إبراهيم: «تنح عني، لا تشط بدمي»(2).
بل يظهر من قضية أخرى لابن هرمة أن العباسيين كانوا يعاقبون حتى على حب أهل البيت (عليهم السلام) في زمن الأمويين، فإنه ـ أعني ابن هرمة ـ عندما سئل في عهد المنصور عن قوله في عهد الأمويين:
ومهما ألام على حبهم | فإني أحب بني فاطمة |
أجاب: «من عض ببظر أمه».
فقال له ابنه: ألست قائلها؟!
قال: بلى.
قال: فلم تشتم نفسك؟!
قال: «أليس يعض الرجل ببظر أمه خير له من أن يأخذه ابن قحطبة؟»(3) بل إن الجلودي الذي أمره الرشيد بالإغارة على دور آل أبي طالب ـ كما قدمنا ـ قد قال للمأمون، عندما جعل ولاية العهد للرضا:
____________
(1) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ج 1 ص 161.
(2) تاريخ بغداد ج 6 ص 129، وحياة الإمام موسى بن جعفر ج 2 ص 184.
(3) طبقات الشعراء لابن المعتز ص 20، 21، والأغاني ج 4 ص 110، وقاموس الرجال ج 10 ص 269، نقلاً عن تنبيه البكري، وملحقات إحقاق الحق ج 9 ص 690 نقلاً عن الحضرمي في رشفة الصادي ص 56 طبع القاهرة.
وأمر الرشيد عامله على المدينة: «بأن يضمن العلويين بعضهم بعضاً»(2) وكانوا يعرضون على السلطات، فمن غاب منهم عوقب!
والمأمون أيضاً يعترف:
وجاء في كتاب المأمون، الذي أرسله إلى العباسيين، بعد ما ذكر حسن سياسة الإمام علي (عليه السلام) مع ولد العباس ما يلي:
«.. حتى قضى الله بالأمر إلينا، فأخفناهم، وضيقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم، ويحكم، إن بني أمية قتلوا من سل سيفاً، وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملاً.. فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت، ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات، ونفوس دفنت ببغداد، والكوفة أحياء الخ». وسنورد الرواية، ونذكر مصادرها في أواخر هذا الكتاب إن شاء الله.
جانب من رسالة الخوارزمي لأهل نيشابور:
وحسب القارئ أن يرجع إلى مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني،
____________
(1) بحار الأنوار ج 49 ص 166، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 267.
(2) لقد كان ذلك قبل الرشيد أيضاً فراجع تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 215، فإنه قال: «.. وما زال آل أبي طالب يكفل بعضهم بعضاً، ويعرضون، فغاب إلخ».
ثم يسوق واقعة فخ المشهورة، وبعض أسبابها.. ولا بأس بمراجعة الكامل لابن الأثير ج 5 ص 75 وغيره..
وحسبنا هنا بعد كل الذي قدمناه، أن نذكر فقرات من رسالة أبي بكر الخوارزمي، التي أرسلها إلى أهل نيشابور، يقول أبو بكر، بعد أن ذكر كثيراً من الطالبيين، الذين قتلهم الأمويون، والعباسيون ـ ومنهم الرضا الذي تسمم بيد المأمون ـ:
«فلما انتهكوا ذلك الحريم، واقترفوا ذلك الإثم العظيم، غضب الله عليهم، وانتزع الملك منهم، فبعث عليهم «أبا مجرم» لا أبا مسلم، فنظر لا نظر الله إليه إلى صلابة العلوية، وإلى لين العباسية، فترك تقاه، واتبع هواه، وباع آخرته بدنياه، بقتله عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وسلط طواغيت خراسان، وأكراد إصفهان. وخوارج سجستان على آل أبي طالب، يقتلهم تحت كل حجر ومدر، ويطلبهم في كل سهل وجبل، حتى سلط عليه أحب الناس إليه، فقتله كما قتل الناس في طاعته، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته، ولم ينفعه: أن أسخط الله برضاه، وأن ركب ما لا يهواه، وخلت من الدوانيقي(1) الدنيا، فخبط فيها عسفا، وتقضى فيها جوراً وحيفاً. وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة، ومعدن الطيب والطهارة، قد تتبع غائبهم، وتلقط حاضرهم، حتى قتل عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسني بالسند، على يد عمر بن هشام الثعلبي، فما ظنك بمن قرب متناوله عليه، ولأن مسه على يديه.
____________
(1) في مجمع الفوائد: «وخلت إلى الدوانيقي» ولعله هو الصواب.
إلى أن يقول: بعد كلام له عن بني أمية: «.. وقل في بني العباس، فإنك ستجد بحمد الله مقالاً، وجل في عجائبهم، فإنك ترى ما شئت مجالاً.
يجبى فيؤهم، فيفرق على الديلمي، والتركي، ويحتمل إلى المغربي، والفرغاني. ويموت إمام من أئمة الهدى، وسيد من سادات بيت المصطفى، فلا تتبع جنازته، ولا تجصص مقبرته، ويموت [ضراط] لهم، أو لاعب أو مسخرة، أو ضارب، فتحضر جنازته العدول والقضاة، ويعمر مسجد التعزية عنه القواد والولاة..
ويسلم فيهم من يعرفونه دهريا، أو سوفسطائيا، ولا يتعرضون لمن يدرس كتاباً فلسفياً ومانوياً، ويقتلون من عرفوه شيعياً، ويسفكون دم من سمى ابنه علياً..
ولو لم يقتل من شيعة أهل البيت غير المعلى بن خنيس، قتيل داوود
____________
(1) الظاهر أن الصحيح هو: «الحسين» كما في مجمع الفوائد.
وكفاهم أن شعراء قريش قالوا في الجاهلية أشعاراً يهجون بها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويعارضون فيها أشعار المسلمين، فحملت أشعارهم. ودونت أخبارهم، ورواها الرواة، مثل: الواقدي، ووهب بن منبه التميمي، ومثل الكلبي، والشرقي ابن القطامي، والهيثم بن عدي، ودأب بن الكناني، وأن بعض شعراء الشيعة يتكلم في ذكر مناقب الوصي، بل ذكر معجزات النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم، فيقطع لسانه، ويمزق ديوانه، كما فعل بعبد الله بن عمار البرقي، وكما أريد بالكميت بن زيد الأسدي، وكما نبش قبر منصور بن الزبرقان النمري، وكما دمر على دعبل بن علي الخزاعي. مع رفقتهم من مروان بن أبي حفصة اليمامي، ومن علي بن الجهم الشامي. ليس إلا لغلوهما في النصب، واستيجابهما مقت الرب، حتى إن هارون بن الخيزران، وجعفرا المتوكل على الشيطان، لا على الرحمان، كانا لا يعطيان مالاً. ولا يبذلان نوالاً، إلا لمن شتم آل أبي طالب، ونصر مذهب النواصب، مثل: عبد الله ابن مصعب الزبيري، ووهب بن وهب البختري، ومن الشعراء مثل: مروان بن أبي حفصة الأموي، ومن الأدباء مثل: عبد الملك بن قريب الأصمعي. فأما في أيام جعفر فمثل: بكار بن عبد الله الزبيري، وأبي السمط ابن أبي الجون الأموي، وابن أبي الشوارب العبشمي» وبعد كلام له عن بني أمية أيضاً قال:
«وما هذا بأعجب من صياح شعراء بني العباس على رؤوسهم بالحق، وإن كرهوه، وبتفضيل من نقصوه وقتلوه، قال المنصور بن الزبرقان على بساط هارون:
آل النبي ومن يحبهـــم | يتطامنون مخافة القتــــل |
أمن النصارى واليهود وهم | من أمة التوحيد فـــي أزل |
وقال دعبل، وهو صنيعة بني العباس وشاعرهم:
ألم تر أني مذ ثمانين حجـة | أروح، وأغدو دائم الحسرات |
أرى فيئهم في غيرهم متقسما | وأيديهم من فيئهم صفــرات |
وقال علي بن العباس الرومي، وهو مولى المعتصم:
تأليت أن لا يبرح المرء منكم | يشل على حر الجبين فيعفـج |
كذاك بني العباس تصبر منكم | ويصبر للسيف الكمي المدجج(1) |
لكل أوان للنبي محمــــد | قتيل زكي بالدماء مضــرج(2) |
وقال إبراهيم بن العباس الصولي ـ وهو كاتب القوم وعاملهم ـ في الرضا لما قربه المأمون:
يمن عليكم بأموالكـــــم | وتعطون من مئــــة واحدا |
وكيف لا يتنقصون قوماً يقتلون بني عمهم جوعاً وسغباً ويملأون ديار الترك والديلم فضة وذهبا، يستنصرون المغربي والفرغاني، ويجفون المهاجري والأنصاري، ويولون أنباط السواد وزارتهم، وتلف العجم والطماطم قيادتهم، ويمنعون آل أبي طالب ميراث أمهم، وفيء جدهم. يشتهي العلوي الأكلة، فيحرمها، ويقترح على الأيام الشهوة فلا يطعمها، وخراج مصر والأهواز، وصدقات الحرمين والحجاز، تصرف إلى ابن أبي مريم المديني، وإلى إبراهيم الموصلي، وابن جامع السهمي، وإلى زلزل الضارب، وبرصوما الزامر، وأقطاع بختيشوع النصراني قوت أهل
____________
(1) في مقاتل الطالبيين: «لذاك بني العباس يصبر مثلكم ويصبر للموت».
(2) في مقاتل الطالبيين: «أكل أوان».