الحد الأول عدن، فتغير وجه الرشيد. والحد الثاني؟
قال: سمرقند، فأربد وجهه. قال: والحد الثالث؟
قال افريقيه، فاسود وجهه، قال والحد الرابع؟
قال: سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينيه.
فقال هارون: فلم يبق لنا شيء فتحول في مجلسي.
فقال موسى: قد اعلمتك أني إن حددتها لم تردها، فعند ذلك عزم على قتله واستكفى أمره.
وذكر الخطيب في تاريخه قال: بعث موسى من الحبس رسالة إلى هارون يقول له: ان(1) ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
واختلفوا في سنه على أقوال:
أحدها: خمس وخمسون سنة.
والثاني: أربع وخمسون.
والثالث: سبع وخمسون.
والرابع: ثمان وخمسون.
والخامس: ستون.
ودفن بمقابر قريش وقبره ظاهر يزار.
وقيل: مات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
ذكره أولاده:
قال علماء السيد: وله عشرون ذكراً وعشرون انثى: علي الإمام، وزيد.
____________
1 ـ كذا، والظاهر: لن.
وابراهيم، وعقيل، وهارون، والحسن، وعبدالله، وعبيدالله، واسماعيل وعمر، واحمد، وجعفر، ويحيى، واسحاق، والعباس، وحمزة، عبدالرحمن، والقاسم وجعفر الاصغر وقيل محمد.
وخديجة، وام فروة، واسماء، وعليه، وفاطمة الكبرى، والصغرى، والوسطى وفاطمة اخرى ـ فالفواطم اربع ـ وام كلثوم، وامنة، وزينب، وأم عبدالله، وزينب الصغرى، وأم القاسم، وحكيمة، وأسماء الصغرى، ومحمودة، وإمامة، وميمونة لامهات شتى".
قول صفي الدين الخزرجي
12 ـ قال صفي الدين أحمد بن عبدالله الخزرجي، في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، طبع مكتبة القاهرة بالقاهرة، ج3 ص63 ـ 64 رقم 7257:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسن الكاظم المدني.
عن أبيه، وعنه ابنه علي الرضا وأخواه علي ومحمد ابنا جعفر بن محمد وطائفة.
قال أبو حاتم: ثقة امام من أئمة المسلمين.
حبسه المهدي ثم اطلقه.
ومات سنة ثلاث وثلاثين ومائة".
قول شمس الدين الذهبي
13 ـ قال أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ، في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال، طبع دار المعرفة بيروت لبنان، ج4 ص201 ـ 202 رقم 8855:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي العلوي الملقّب بالكاظم، عن أبيه.
قال ابن أبي حاتم: صدوق امام من أئمة المسلمين.
وقال أبوه حاتم الرازي: ثقة إمام من أئمة المسلمين.
قلت: روى عنه بنوه: علي الرضا ـ وابراهيم، واسماعيل، وحسين، واخواه علي، ومحمد.
وانما أوردته لأن العقيلي ذكره في كتابه وقال: حديثه غير محفوظ يعني في الايمان.
قال: الحمل فيه على أبي الصلت الهروي.
قلت: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصلت فما ذنب موسى تذكروه؟ وفي مسند الشهاب باسناد مظلم إلى سهل بن ابراهيم، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده ـ متصلا ـ قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر ـ وبعده ينفي الهم ويصح الصبر.
وجاء عن موسى، عن آبائه ـ مرفوعاً: نعم المال النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل.
وقد كان موسى من أجود الحكماء ومن العباد الاتقياء، وله مشهد معروف
مات سنة 183هـ، وله خمس وخمسون سنة، وحديثه قليل جداً".
وقال أيضاً في كتابه دول الإسلام، طبع منشورات الأعلمي بيروت 1405 ص105:
"وفيها (أي: سنة ثلاث وثمانين ومائة) مات موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي من سادات أهل البيت".
وقال أيضاً في كتابه سير أعلام النبلاء، طبع مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى سنة 1401هـ، ج6 ص270 ـ 274:
"موسى الكاظم، الامام القدوة، السيد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضي، مدني نزل بغداد، وحدث بأحاديث عن أبيه، وقيل: انه روى عن عبدالله بن دينار وعبدالملك بن قدامة، حدث عنه أولاده: علي، وابراهيم واسماعيل، وحسين، وأخواه علي بن جعفر، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن صدقة العنبري، وصالح بن يزيد، وروايته يسيرة، لانه مات قبل أوان الرواية، رحمه الله.
ذكره ابو حاتم فقال: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
قلت: له عند الترمذي وابن ماجة حديثان.
قيل انه ولد سنة 128هـ بالمدنية.
قال الخطيب: اقدمه المهدي بغداد، ورده، ثم قدمها، وأقام بغداد في أيام الرشيد، قدم في صحبة الرشيد سنة 179هـ، وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه.
ثم قال الخطيب: أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدّثني جدي يحيى بن الحسن بن عبيدالله ابن الحسين بن
وكان سخياً كريماً، يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلاث مائة دينار، وأربع مائة، ثم يقسمها بالمدينة فمن جائته صرة استغنى.
حكاية منقطعة، مع أن يحيى بن الحسن متهم.
ثم ذكر يحيى هذا:
حدّثنا اسماعيل بن يعقوب، حدّثنا محمد بن عبدالله البكري، قال قدمت المدينة اطلب بها ديناً فقلت: لو أتيت موسى بن جعفر فشكوت إليه، فاتيته بنقمي في ضيعته، فخرج إلي، وأكلت معه، فذكرت له قصتي فأعطاني ثلاث مائة دينار.
ثم قال يحيى: وذكر لي غير واحد أن رجلا من آل عمر كان بالمدينة يؤذيه ويشتم علياً، وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم وزجرهم.
وذكر له ان العمر يزدرع بأرض، فركب إليه في مزرعته، فوجده فدخل بحماره، فصاح العمري: لا توطىء زرعنا، فوطىء بالحمار حتى وصل إليه، فنزل عنده وضاحكه وقال: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال مائة دينار، قال فكم ترجو؟ قال: لا أعلم بالغيب وأرجو أن يجيئني مائتا دينار، فأطاه ثلاث مائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله، فقام العمري فقبّل رأسه وقال: (الله اعلم حيث يجعل رسالته)(1) وجعل يدعو له كل وقت، فقال أبو الحسن
____________
1 ـ الانعام 6: 124.
قلت: ان صحت فهذا غاية الحلم والسماحة.
قال أبو عبدالله المحاملي: حدّثنا عبدالله بن أبي سعد، حدّثني محمد بن الحسين الكتاني، حدّثني عيسى بن محمد بن مغيث القرشي وبلغ تسعين سنة، قال: زرعت بطيخا وقثاء وقرعاً بالجوانية، فلما قرب الخير بيتني الجراد فأتى على الزرع كله، وكنت غرمت عليه وفي ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً، فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر، فسلم ثم قال: أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم قال وكم غرمت فيه؟ قلت: مائة وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين، وقلت: يا مبارك ادخل وادع لي فيها، فدخل ودعا، وحدّثني عن النبي(صلى الله عليه وآله) انه قال: تمسّكوا ببقايا المصائب.
ثم علقت عليه الجملين وسقيته، فجعل الله فيها البركة زكت، فبعت منها بعشرة آلاف.
الصولي، حدّثنا عون بن محمد، سمعت اسحاق الموصلي غير مرة يقول: حدّثني الفضل بن الربيع، عن أبيه قال: لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى في النوم علياً يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) قال الربيع: فأرسل إلي ليلا، فراعني، فجئته، فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ وقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال: يا أبا الحسن أني رأيت أمير المؤمنين يقرأ على كذا، فتؤمني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي؟ فقال: لا والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، يا ربيع
____________
1 ـ محمد 47: 22.
وقال الخطيب: أنبأنا أبو العلاء الواسطي، حدّثنا عمر بن شاهين حدّثنا الحسين بن القاسم، حدّثني أحمد بن وهب، أخبرني عبدالرحمن ابن صالح الازدي قال: حج الرشيد فأتى قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، افتخاراً على من حوله، فدنا موسى وقال: السلام عليك يا ابه، فتغير وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقاً.
قال يحيى بن الحسن العلوي: حدّثني عمار بن أبان قال: وحبس موسى بن جعفر عند السندي بن شاهك، فسألته اخته أن تولى حبسه وكانت تدين(1)ففعل، فكانت على خدمته فحكى لنا أنها قالت: كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل قام يصلي حتى صلي الصبح، ثم يذكر حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل، ثم يرقد إلى قبل الزوال ثم يتوضأ ويصلي العصر، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب إلى العتمة.
فكانت تقول: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل.
وكان عبداً صالحاً.
وقيل بعث موسى الكاظم إلى الرشيد برسالة من الحبس يقول: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
____________
1 ـ أي: تأخذ ديناً.
قلت: له مشهد عظيم مشهور ببغداد، دفن معه حفيده الجواد ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس، وكانت وفاة موسى الكاظم في رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، عاش خمساً وخمسين سنة وخلف عدة أولاد، الجميع من من اماء: علي والعباس، واسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمد، وعبيدالله، وحمزة وزيد، واسحاق، وعبدالله، والحسين، وفضل، وسليمان، سوى البنات، سمى الزبير في (النسب)".
وقال أيضاً في كتابه تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والأعلام طبع دار الكتاب العربي بيروت 1410هـ 1990م، حوادث ووفيات 181 ـ 190هـ، ص10 ـ 11:
"سنة ثلاث وثمانين ومائة توفى فيها... وموسى الكاظم بن جعفر".
وقال أيضاً في تاريخ الإسلام، ص417 ـ 419.
"موسى الكاظم:
هو الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب العلوي الحسيني والد علي بن موسى الرضا.
وببغداد مشهد موسى والجواد.
روى عن أبيه وعن عبدالملك بن قدامة الجمحي.
روى عنه بنوه: علي، وابراهيم، واسماعيل، وحسين، وأخواه: محمد وعلي ابنا جعفر.
مولده كان في سنة ثمان وعشرين ومائة.
قال أبو حاتم: ثقة إمام.
وكان صالحاً عالماً عابداً متالها.
بلغنا أنه بعث إلى الرشيد برسالة يقول: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ وانقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
قال عبدالرحمن بن صالح الأزدي: زار الرشيد قبر النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم يفتخر بذلك، فتقدّم موسى بن جعفر فقال السلام عليك يا ابة، فتغير وجه الرشيد وقال: الفخر حقاً يا أبا حسن.
وقال النسابة يحيى بن جعفر العلوي المدني، وكان موجوداً بعد الثلاثمائة كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها الألف دينار، وكان يصرر الصرر مائتي دينار وأكثر ويرسل بها، فمن جاءته صرة استغنى.
قلت: هذا يدلّ على كثرة اعطاء الخلفاء العباسيين له، ولعل الرشيد ما حبسه إلاّ لقولته تلك: السلام عليك يا ابة، فان الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
روى الفضل بن الربيع، عن أبيه: ان المهدي حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام علياً وهو يقول: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) قال: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، وقال: علي بموسى، فجئته به، فعانقه وقص عليه الرؤيا وقال تؤمنني أن تخرج علي وعلى ولدي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، واعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهزه إلى المدينة.
____________
1 ـ محمد 47: 22.
مات موسى(رضي الله عنه) في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل سنة ست، والأول أصح.
وعاش بعضاً وخمسين سنة كأبيه وجده وجد أبيه وجد جده، ما في الخمسة من بلغ الستين".
وقال أيضاً في كتابه العبر في خبر من غبر، طبع معهد المخطوطات في الكويت 1960، ج1 ص287:
"وفيها (أي سنة ثلاث وثمانين ومائة توفى) السيد أبو الحسن موسى الرضا، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، روى عن أبيه.
قال أبو حاتم: ثقة امام من أئمة المسلمين.
وقال غيره: اقدمه الرشيد معه من المدينة فحبسه ببغداد ومات في الحبس(رحمه الله).
وكان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر".
قول عماد الدين القرشي الدمشقي
14 ـ قال الحافظ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، المتوفى سنة 774، في كتاب البداية والنهاية في التاريخ، مطبعة السعادة مصر، ج10 ص183:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو
وكان كثير العبادة والمروءة، إذا بلغه عن أحد انه يؤذيه ارسل إليه بالذهب والتحف، ولد له من الذكور والاناث أربعون نسمة.
واهدى له مرة عبد عصيدة، فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار واعتقه ووهب المزرعة له.
وقد استدعاه المهدي إلى بغداد فحبسه، فلما كان في بعض الليالي رأى المهدي علي بن أبي طالب وهو يقول له: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1)، فاستيقظ مذعوراً وأمر به خارج من السجن ليلا، فاجلسه معه وعانقه وأقبل عليه وأخذ عليه العهد أن لا يخرج عليه ولا على أحد من أولاده، فقال: والله ما هذا من شأني ولا حدثت فيه نفسي، فقال: صدقت، وأمر له بثلاثة آلاف دينار، وأمر به فرد إلى المدينة فما أصبح الصباح إلاّ وهو على الطريق.
فلم يزل بالمدينة حتى كانت خلافة الرشيد فحج، فلما دخل ليسلم على قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر الكاظم، فقال الرشيد: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، فقال موسى: السلام عليك يا ابت، فقال الرشيد: هذا هو الفخر يا ابا الحسن.
ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه فأطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها: أما بعد يا أمير المؤمنين انه لم يقتص عني يوم البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يقضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون.
توفى لخمس بقين من رجب من هذه السنة ببغداد، وقبره هناك مشهور".
____________
1 ـ محمد 47: 22.
قول محمد بن شاكر الكتبي
15 ـ قال محمد بن شاكر الكتبي المتوفى سنة 764 في كتابه فوات الوفيات طبع دار صادر بيروت، ج1 ص297 ـ 298:
"جعيفران الموسوس بن علي بن اصفر بن السرى بن عبدالرحمن الانباري من ساكني سامراء، ومولده ببغداد، وكان أبوه من أبناء جند خراسان، وظهر لابيه انه يختلف إلى بعض سراريه، فطرده، وحج تلك السنة، وشكا ولده إلى موسى بن جعفر الكاظم، فقال له موسى: ان كنت صادقاً عليه فليس يموت حتى يفقد عقله، وان كنت قد تحققت ذلك عليه فلا تساكنه في منزلك ولا تطعمه شيئاً من مالك في حياتك وأخرجه عن ميراثك.
وسأل الفقهاء ممن حيله تخرجه عن ميراثه فدلوه على الطريق في ذلك، فاشهد عليه أبا يوسف القاضي.
فلما مات أبوه احضر القاضي الوصي وسأل جعيفران عن نسيه وتركه أبيه وأقام بينة عدولا، فاحضر الوصي بينة عدولا فشهد على أبيه بما كان احتال على منعه ميراثه، فلم ير أبو يوسف ذلك، وعزم على ان يورثه، فقال الوصي: أنا ادفع هذا عن الميراث بحجة واحدة، فأبى أبو يوسف أن يسمع منه، وجعيفران يقول قد ثبت عندك أمري فلا تدفعني، فاستمهل الوصي إلى غد، وكتب في رقعة خبره ما قاله موسى بن جعفر، ودفعها لمن دفعها إلى القاضي، فلما قراها دعا الوصي فاستحلفه على ذلك، فحلف باليمين الغموس، فقال: تعال غدا مع صاحبك فحضرا إليه، فحكم أبو يوسف للوصي، فلما امض الحكم وسوس جعيفران واختلط، وكان إذا تاب إليه عقله قال الشعر الجيد...".
قول أبو محمد اليافعي اليمني المكي
16 ـ قال أبو محمد بن عبدالله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكي، المتوفى سنة 767هـ، في كتابه مراة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، طبع منشورات الأعلمي للمطبوعات بيروت لبنان، الطبعة الثانية 1390هـ، اوفست عن الطبعة الأولى بمطبعة دائرة المعارف النظامية الكائنة بمدينة حيدرآباد الركن سنة 1337هـ، ج1 ص394:
"وفيها (أي: سنة 183هـ) توفى السيد أبو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق.
كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، وهو أحد الائمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الامامية.
وكان يدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً كريماً كان يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيما الف دينار، وكان يسكن المدينة، فاقدمه المهدي بغداد فحبسه، فرأى في النوم ـ اعني: المهدي ـ علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1).
قال الربيع: وارسل الى المهدي ليلا، فراعني ذلك فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ وقال: علي بموسى بن جعفر فجئته به، فعانقه واجلسه إلى جانبه وقال: يا ابا الحسن أني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) في النوم يقرأ علي كذا، فتومنني ان تخرج علي أو على أحد من أولادي، فقال: والله لا فعلت ذلك وما هو من شأني قال: صدقت، اعطوه ثلاثة آلاف دينار، وردوه إلى أهله إلى المدينة، قال الربيع فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.
____________
1 ـ محمد 47: 22.
وروى ان هارون كان زار النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: السلام عليك يا ابن العم مفتخراً بذلك، فقال موسى الكاظم: السلام عليك يا ابة، فتغير وجه هارون.
وروى ان هارون الرشيد قال: رأيت في المنام كان حسيناً(1) قد أتاني ومعه حربة وقال: ان خليت عن موسى بن جعفر الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه واعطه ثلاثين الف درهم، وقل له: ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب وان احببت المضي إلى المدينة فالاذن في ذلك لك، فلمّا اتاه واعطاه ما أمره به قال له موسى الكاظم: رأيت في منامي ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أتاني فقال: يا موسى حبست مظلوماً فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ قال لي: قل يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، وياكسي العظام لحماً، ويا منشرها بعد الموت أسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا اناءة لا يقوى على اناءته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابداً ولا يحصى عدداً، فرج عني.
وله اخبار شهيرة ونوارد كثيرة".
قول شهاب الدين التويري
17 ـ قال شهاب الدين أحمد بن عبدالوهاب التويري، المتوفى سنة 733، في كتابه نهاية الأرب في فنون الأدب، طبع المجلس الاعلى للثقافة القاهرة 1404هـ، ج22 ص133 ـ 134:
"وفيها (أي: سنة ثلاث وثمانين ومائة) توفى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد، وكان سبب حبسه: ان الرشيد اعتمر في شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، فلما عاد إلى المدينة دخل قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ومعه الناس، فلما انتهى إلى القبر الشريف وقف فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ـ قال ذلك افتخاراً على من
____________
1 ـ في المصدر الناقلة لهذه القصة: حبشياً.
وكان رجلا صالحاً خيراً ديناً يقوم الليل كله، وهو الملقّب بالكاظم، لقب بذلك لاحسانه لمن أساء إليه".
قول شهاب الدين العسقلاني
18 ـ قال شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، في كتابه تهذيب التهذيب(1)، الطبعة الأولى سنة 1327 بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند بمحروسة حيدرآباد الدكن ج10 ص339 ـ 340 رقم 597:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أبو الحسن المدني الكاظم، روى عن أبيه وعبدالله بن دينار وعبدالملك بن قدامة الجمحي، وعنه أخواه علي ومحمد، وأولاده: ابراهيم وحسين واسماعيل وعلي الرضي، وصالح بن يزيد، ومحمد بن صدقة العنبري.
قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
قال يحيى بن الحسن بن جعفر النسابة: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده.
وقال الخطيب: يقال: انه ولد بالمدينة في سنة 128هـ واقدمه المهدي إلى بغداد ثم رده إلى المدينة، وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفاً من عمرة رمضان سنة 79، فحمله معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه.
وقال محمد بن صدقة العنبري: توفى سنة 183، وقال غيره: في رجب
____________
1 ـ هذا الكتاب مختصر لكتاب تهذيب الكمال، وتهذيب الكمال مختصر لكتاب الكمال في أسماء الرجال.
قلت: ان ثبت ان مولده سنة 8 فروايته عن عبدالله بن دينار منقطعة عبدالله بن دينار توفى سنة 27".
وقال ايضاً في كتابه تقريب التهذيب(1)، طبع المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ج2 ص280 رقم 1444:
"موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن الهاشمي، المعروف بالكاظم، صدوق عابد، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين"(2).
قول جمال الدين الأتابكي
19 ـ قال جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الاتابكي المتوفى سنة 874هـ، في كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب في مصر، ج2 ص112:
"وفيها (أي في سنة 183هـ) توفى الامام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن السيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
كان موسى المذكور يدعى العبد الصالح لعبادته، وبالكاظم لعلمه ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة، وكان سيداً عالماً فاضلا سنياً جواداً ممدوحاً مجاب الدعوة".
قول الداعي إدريس عماد الدين
20 ـ قال الداعي ادريس عماد الدين المتوفى سنة 872، في كتابه تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب (القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار) طبعة دار المغرب الاسلامي بيروت 1985م ص46 ـ 47:
____________
1 ـ هذا الكتاب هو مختصر لكتاب تهذيب التهذيب للمؤلف، فيه زيادات في رجاب مصنفات أصحاب الكتب الستة غير الاصول.
2 ـ ومائة.