انتظاره (عليه السلام)


قال المظفر رحمه الله: (ان طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم مع الايمان بصحة هذا الدين وانه الخاتمة للأديان انتظار المصلح لانقاذ العالم مما هو فيه، ولاجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة) لكن اورد عليه السيد الخرازي: ان مجرد طبيعة الوضع الفاسد يقتضي اظهار مصلح واخراجه حتى يتمكن به إصلاح العالم مما هو فيه، ولا يدل على وقوع هذا الاصلاح الا بضميمة ما بشر الله به في الكتاب العزيز من غلبة الدين الاسلامي على جميع الأديان كقوله: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله...)، أو بضميمة بشارة النبي والائمة الماضين عليهم السلام بوقوع هذا الامر وحتميته وهذا هو السبب في ايمان جميع الفرق المسلمة بذلك الانتظار لا مجرد طبيعة الوضع الفاسد.(الخرازي ـ بداية المعارف 2: 138).

1 ـ انتظار المصلح

ان البشرية التي تعيش اليوم اعقد ظروفها الفكرية وأخطر مراحلها الحضارية في أمسّ الحاجة الى هذا المصلح المنتظر الذي لابد أن يطلع عليها في يوم ما ليعيد ركب الانسانيّة الى نهجه الصحيح ويحمله على الصراط المستقيم، وان العقل البشري ليتطلع الى مثل هذا المصلح المنتظر ويقر بحتميته وضرورته، ولو لم يكن هناك نص عليه أو اشارة اليه، بل ان الفيلسوف الانكليزي المشهور برنارد شو قد بشر بهذا المصلح بدافع من فكره الذاتي وكتب في ذلك كتاباً سماه (الانسان والسوبرمان)، وقد ذهب الى ان هذا المصلح المنتظر، انسان حي ذو بنية جسدية صحيحة، وطاقة عقلية خارقة، انسان أعلى يترقى اليه هذا الانسان الادنى بعد جهد طويل، وانه (يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة ويستطيع ان ينتفع بما استجمعه من اطوار العصور…) (ال ياسين ـ اصول الدين: 423 ـ 424).

2 ـ الانتظار

إعلم أن الانتظار ليس بمعنى رفض المسؤولية والعمل والتعهد، وإحالة ذلك الى الإمام المهدي عليه السلام لقيام الضرورة على بقاء التكاليف، هذا مضافاً الى التصريح في الروايات بلزوم الالتزام بأمر الله، والولاية للأئمة، والبراءة من أعدائهم، واختيار الورع...فمن إدعى أنه من المنتظرين، ومع ذلك خالف امر الله، أو تولى لأعداء الله... فهو من الضالين المنحرفين... وانما المنتظر من يصلح نفسه وأصلح الامور وينتظر ويتوقع الفرج فيما لم يقدر على إصلاحه... وتعبير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الانتظار بالعبادة يناسب انتظار هؤلاء المتعهدين لا الذين رفضوا التكاليف، كما أن الانتظار بالمعنى المذكور يوجب الفرج عن الضلالة والنجاة عن الانحراف عن المسير بحيث إن ظهر الامام امكن له ان يدخل في زمرة ناصريه...

قال السيد صدر الدين الصدر في فوائد الانتظار:

1 ـ إن الانتظار بنفسه من حيث هو رياضة مهمة للنفس، ولازمه اشغال القوة المفكرة، وتوجيه الخيال نحو الأمر المنتظر مما يوجب قهراً أمرين: 1 ـ قوة المفكرة ضرورة توجب ازدياد القوى بالاعمال 2 ـ تمكن الانسان من جمعها وتوجيهها نحو امر واحد.

2 ـ يسهل وقوع المصائب والنوائب ويخفف وطأتها اذا علم الانسان وعرف أنها في معرض التدارك والرفع... سيما اذا احتمل تداركها عن قريب والمهدي عليه السلام بظهوره يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

3 ـ لازم الانتظار محبة ان يكون الانسان من اصحاب المهدي وشيعته ولازم ذلك ان يسعى في اصلاح نفسه.

4 ـ الانتظار كما انه يبعث الى إصلاح النفس بل والغير كذلك يكون باعثاً وراء تهيئة المقدمات والمعدات الموجبة لغلبة المهدي على عدوه ولازمه تحصيل ما يحتاج اليه من المعارف والعلوم سيما وقد علم ان غلبته على عدوه تكون بالاسباب العادية..(الخرازي ـ بداية المعارف 2: 165 ـ 167).