الاختلاف من بعد العسكري عليه السلام


واما القائلون بامامه العسكري فاختلفوا فيه فقالت فرقة: انه لم يمت بل غاب وسيعود وهو القائم المنتظر، فاذا قلنا ما الفصل بينهم وبين الفرقة الواقفة لم يجدوا فرقاً.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 275 ـ 276).

قالت فرقة: ان العسكري عليه السلام مات وعاش وهو قائم، لخبر رووه ان القائم هو الذي يقوم بعد الموت قلنا: ان صح الخبر فالمراد بعد موت ذكره دون موت شخصه، ويعضده ما روي انه إنما سمي قائماً لقيامه بدين قداندرس على انهم اذا اعترفوا بموته فمن اين لهم العلم بحياته؟ وإذا جاز خلوّ يوم من الامام جاز شهراً بل دهراً بل أبداً، وهذا اعتزال عن رأي الامامية الى رأي المعتزلة، وخروج عنها الى مذهب الخوارج.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 276).

قالت فرقة أنه لما مات العسكري لا عن عقب كان الامام اخوه جعفر بعده، لما روي عن الصادق عليه السلام ان الإمام هو الذي لا يوجد منه ملجأ، وفي هذه الصورة لم نجد ملجأ من جعفر.

قلنا: ولم زعمتم انه لا ملجأ من جعفر، وقد قامت الأدلة على وجود محمد بن الحسن، على أن كل من ادعى امامة شخص فله ان يقول: لم أجد ملجأ منه الا اليه.

ان قالوا: لا نثبت ولد لم نشاهده، قلنا: اذا قامت على وجوده الدلالة اغنت عن المشاهدة... لزم من نفي المشاهدة مع الدلالة النفي لا نتفى الرب والانبياء السالفة والائمة الخالفة وكثير من الموجودات... وهذا دخول في الجهالات على انه ما خرج عن جعفر من نقص المعرفة، وارتكاب القبايح، والاستخفاف بالدين ينافي امامته.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 276).

قالت فرقة: لما مات العسكري لا عن ولد علمنا بطلان امامته... لان الامام... من الدنيا الا عن عقب. قلنا: لو وجب أن يعقب الامام اماماً لزم التسلسل وعدم تناهي الدنيا على أن انكار العقب مكابرة بعد قيام الادلة من النبي والائمة عليهم السلام على وجوده.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 276).

قالت فرقة: الامام بعد الحسن اخوه محمد وأدعوا حياته بعد انكارها، وهؤلاء اسقاط جداً لانهم يدعون امامة من مات في حياة ابيه مع خلوه عن العلوم والعلائم والنصوص، وانكروا من كان بعد ابيه اعني العسكري فانهم رجعوا عنه مع وجود العلوم والنصوص.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 276).

راجع في ذلك ـ المقالات والفرق للاشعري القمي: 106 ـ 116.

وتوفي {الحسن العسكري عليه السلام} ولم ير له خلف، ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه، وهي أم ولد كان يقال لها عسفان ثم سماها ابوه حديث، فافترق اصحابه من بعده خمس عشرة فرقة.(الاشعري ـ المقالات والفرق: 102).

زعمت فرقة ان الامام بعد الحسن ولده علي وهم قائلون بالغيبة، والانتظار حرفاً بحرف والنزاع معهم في التسمية، وقد انتشرت الأحاديث أن اسم القائم اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس علياً من اسماء النبي.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 277).

قالت فرقة: ولد للعسكري ولد بعده بثمانية اشهر وهو القائم المنتظر.

قلنا: يلزمكم خلو الزمان من امام وقد مضى فيه الكلام، ثم أن ذلك منكم على الظن والترجيم والخبط والتوهم اذ العقل لا يدل عليه والسمع لم يوجد ولم يعد اليه.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 277).

قالت فرقة: ان الحسن خلف حملاً ببعض جواريه ولم يولد بعد، وجوزوا أن يبقى مائة سنة حملاً، قلنا: أول ما يلزمكم خلو الزمان من امام وقد أسلفناه، ويلزمكم خرق العادة بحمل مائة سنة، إن قالوا: هو مقدور، قلنا: مسلم، ولكن ليس كل مقدور يحكم بوقوعه بغير دليل، والا يحكم بوجود انقلاب البحار النائية حطباً، والاشجار البعيدة ذهباً، ولعلّ بالبلاد البعيدة نساء يحبلن اليوم ويلدن غداً، وهذا جهل محض فتحه على نفسه من اعتمد على خرق العادة من غير حجة، واعترف بوقوع ذلك بمجرد القدرة.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 277).

قالت فرقة: بطلت الامامة بعد الحسن وخلت الارض من حجة الا أن يغضب على أهل الدنيا.

قلنا: يفسد هذا قضاء العقل بوجوب الامام في كل زمان مع بقاء كل مكلف من نوع الانسان ويعضده قوله تعالى: (يوم ندعو كل اناس بامامهم) الاسراء: 71. وقول رسوله: (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) وقوله: (في كل خلف من امتي عدل من اهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين)، وقول علي: (اللهم انك لا تخلي الارض من حجة لك على خلقك اما ظاهر مشهور او خائف مغمور)، وعلى هذا نحمل قول الصادق عليه السلام بخلوها من حجة اذا غضب أي من حجة ظاهرة، ولا يلزم خلوها من حجة باطنة.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 277).

قالت فرقة: لابد بعد الحسن من امام ولا نعلمه بعينه، وهذه يريد عليها النقل الصحيح في امامة المنتظر، والنص عليه من أبيه.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 278).

قالت فرقة: ان ابنه المنتظر هو الامام، ولكنه مات وسيجيء ويقوم بالسيف، وهذه يرد عليها بوجوب عموم الإمامة، وعدم جواز الخلو منها، وقد اسلفنا ما تواتر من النصوص على عدد الأئمة واسمائهم من الرب الجليل، والنبي النبيل، ومن كل امام على من بعده بالتفصيل، وقد جاء ذلك من طرق المخالفين فضلاً عما تواتر من الشيعة المؤمنين.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 278).

1 ـ الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

توفي الحسن بن علي عليه السلام ولم ير له أثر، ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه، وهي ام ولد يقال لها عسفان، ثم سماها ابو الحسن حديثاً.

فافترق اصحابه بعده اربع عشرة فرقة، ففرقة منها قالت: أن الحسن بن علي حي لم يمت وانما غاب وهو القائم، ولا يجوز ان يموت ولا ولد له ظاهر، لان الارض لا تخلو من امام وقد ثبتت امامته، والرواية قائمة أن للقائم غيبتين، فهذه الغيبة احداهما، وسيظهر ويعرف ثم يغيب غيبة اخرى، وقالوا فيه ببعض مقالة الواقفة على موسى بن جعفر، واذا قيل لهذه الفرقة ما الفرق بينكم وبين الواقفة؟ قالوا إن الواقفة اخطأت في الوقوف على موسى لما ظهرت وفاته، لانه توفي عن خلف قائم اوصى اليه وهو الرضا عليه السلام، وخلف غيره بضعة عشر ذكراً، وكل امام ظهرت وفاته كما ظهرت وفاة آبائه، وله خلف ظاهر معروف فهو ميت لا محالة دائماً القائم المهدي الذي يجوز الوقوف على حياته من ظهرت له وفاة عن غير خلف، فيضطر شيعته الى الوقوف عليه الى أن يظهر، لأنه لا يجوز موت امام بلا خلف فقد صح أنه غاب.(النوبختي، فرق الشيعة: 96،97).

2 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

لما مات الامام الحسن العسكري قالت فرقة انه مات وعاش بعد موته وهو القائم المهدي، لأنا روينا أن معنى القائم هو أن يقوم من بعد الموت ويقوم ولا ولد له، ولو كان له ولد لصح موته ولا رجوع، لأن الامامة كانت تثبت لخلفه، ولا اوصى الى احد، فلا شك أنه القائم، والحسن ابن علي قد مات لا شك في موته ولا ولد له ولا خلف ولا اوصى، اذ لا وصية له ولا وصي، وأنه قد عاش بعد الموت، وقد روينا أن القائم اذا بلغ الناس خبر قيامه قالوا كيف يكون فلان إماماً وقد بليت عظامه، فهو اليوم حي مستتر لا يظهر وسيظهر، ويقوم بأمر الناس ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وإنما قالوا أنه حي بعد الموت، وأنه مستتر خائف، لأنه لا يجوز عندهم أن تخلوا الارض من حجة قائم على ظهرها عدل حي ظاهر او خائف مغمود للخبر الذي روي عن علي بن ابي طالب عليه السلام أنه قال في بعض خطبه: اللهم إنك لا تخلي الارض من حجة لك ظاهر او مغمور لئلا تبطل حججك وبيناتك، فهذا دليل على أنه عاش بعد موته، وليس بين هذه الفرقة والفرقة التي قبلها فرق أكثر من أن هذه صححت موت الحسن بن علي عليه السلام، وأن الأولى قالت أنه غاب وهو حي وأنكرت موته، وهذه ايضاً شبيهة بفرقة من الواقفة على موسى بن جعفر عليه السلام. وإذا قيل لهم: من أين قلتم هذا وما دليلكم عليه؟ رجعوا الى تأول الروايات.(النوبختي، فرق الشيعة: 97، 98).

3 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة الامام الحسن العسكري قالت فرقة أنه توفي، والامام بعده اخوه (جعفر)، واليه اوصى الحسن ومنه قبل الامامة وعنه صارت اليه. فلما قيل لهم أن الحسن وجعفراً ما زالا متهاجرين متصارمين متعاديين طول زمانهما، وقد وقفتم على صنايع جعفر ومخافي الحسن وسوء معاشرته له في حياته ولهم من بعد وفاته في اقتسام مواريثه، قالوا: إنما ذلك بينهما في الظاهر، فأما في الباطن فكانا متراضيين متصافيين لا خلاف بينهما، ولم يزل جعفر مطيعاً له سامعاً منه، فاذا ظهر منه شيء من خلافه فمن أمر الحسن، فجعفر وصي الحسن وعنه افضت اليه الامامة، ورجعوا الى بعض قول الفطحية وزعموا أن موسى بن جعفر إنما كان إماماً بوصية اخيه عبد الله اليه، وعن عبدالله صارت اليه الامامة لا عن ابيه، واقروا بامامة (عبد الله اليه وعن عبد الله صارت اليه الامامة لا عن ابيه، واقروا بامامة (عبدالله بن جعفر) وثبتوها بعد إنكارهم لها وجحودهم إياها، واوجبوا فرضها على انفسهم ليصححوا بذلك مذهبهم، وكان رئيسهم والداعي لهم الى ذلك رجل من أهل الكوفة من المتكلمين يقال له (علي بن الطاحي الخزاز)، وكان مشهوراً في الفطحية وهو ممن قوى إمامة (جعفر) وأمال الناس اليه، وكان متكلماً محجاجاً وأعانته على ذلك (اخت الفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني) غير أن هذه أنكرت إمامة الحسن بن علي عليه السلام وقالت: أن جعفراً أوصى أبوه اليه لا الحسن.(النوبختي، فرق الشيعة: 98، 99).

4 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة الامام العسكري قالت فرقة: أن الامام بعد الحسن (جعفر) وأن الإمامة صارت اليه من قبل ابيه لا من قبل اخيه محمد ولا من قبل الحسن ولم يكن إماماً ولا الحسن ايضاً لان محمداً توفي في حياة ابيه وتوفي الحسن ولا عقب له وأنه كان مدعياً مبطلا، والدليل على ذلك أن الامام لا يموت حتى يوصي ويكون له خلف والحسن قد توفي ولا وصي له ولا ولد فادعاؤه الامامة باطل والامام لا يكون من لا خلف له ظاهر معروف مشار اليه ولا يجوز ايضاً أن تكون الامامة في الحسن وجعفر لقول ابي عبد الله جعفر بن محمد وغيره من آبائه صلوات الله عليهم: أن الامامة لا تكون في اخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام فدلنا ذلك على أن الامامة لجعفر وأنها صارت اليه من قبل ابيه لا من قبل اخويه.(النوبختي، فرق الشيعة: 100).

5 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة الحسن العسكري: فرقة رجعت الى القول بامامة (محمد بن علي) المتوفي في حياة أبيه وزعمت أن الحسن وجعفراً أدعيا ما لم يكن لهما وأن أباهما لم يشر اليهما بشيء من الوصية والإمامة ولا روي عنه في ذلك شيء أصلا ولا نص عليهما بشيء يوجب إمامتهما ولا هما في موضع ذلك وخاصة جعفر فان فيه خصالا مذمومة وهو بها مشهور ولا يجوز أن يكون مثلها في إمام عدل وأما الحسن فقد توفي ولا عقب له فعلمنا أن محمداً كان الامام قد صحت الاشارة من ابيه اليه والحسن قد توفي ولا عقب له ولا يجوز أن يموت إمام بلا خلف ثم رأينا جعفراً في حياة الحسن وبعد مضيه ظاهر الفسق غير صائن لنفسه معلنا بالمعاصي وليس هذا صفة من يصلح للشهادة على درهم فكيف يصلح لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لان الله عزوجل لم يحكم بقول شهادة من يظهر الفسق والفجور فكيف يحكم له باثبات الإمامة مع عظم فضلها وخطرها وحاجة الخلق اليها وإذ هي السبب الذي يعرف به دينه ويدرك رضوانه فكيف تجوز في مظهر الفسق وإظهار الفسق لا يجوز تقية هذا ما لا يليق بالحكيم عز وجل ولا يجوز أن ينسب اليه تبارك وتعالى فلما بطل عندنا أن تكون الإمامة تصلح لمثل جعفر وبطلت عمن لا خلف له لم يبق إلا النص بامامة (ابي جعفر محمد بن علي) اخيهما إذ لم يظهر منه إلا الصلاح والعفاف وإن له عقباً قائماً معروفاً مع ما كان من ابيه من الاشارة بالقول مما لا يجوز بطلان مثله فلابد من القول بامامته وأنه القائم المهدي أو الرجوع الى القول ببطلان الامامة أصلاً وهذا مما لا يجوز.(النوبختي، فرق الشيعة: 100، 101).

6 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري قالت: فرقة أن للحسن بن علي ابناً سماه محمداً ودل عليه وليس الأمر كما زعم من ادعى أنه توفى ولا خلف له وكيف يكون إمام قد ثبتت إمامته ووصيته وجرت اموره على ذلك وهو مشهور عند الخاص والعام ثم توفي ولا خلف له ولكن خلفه قائم وولد قبل وفاته بسنين وقطعوا على إمامته وموت الحسن وأن اسمه (محمد)، وزعموا أنه مستور لا يرى خائف من جعفر وغيره من اعدائه، وأنها احدى غيباته، وأنه هو الامام القائم، وقد عرف في حياة ابيه ونص عليه ولا عقب لابيه غيره فهو الامام لا شك فيه.(النوبختي، فرق الشيعة: 102، 103).

7 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري قالت فرقة بل ولد للحسن ولد بعده بثمانية أشهر، وأن الذين ادعوا له ولداً في حياته كاذبون مبطلون في دعواهم، لأن ذلك لو كان لم يخف كما لم يخف غيره ولكنه مضى ولم يعرف له ولد ولا يجوز أن يكابر في مثل ذلك ويدفع العيان والمعقول والمتعارف، وقد كان الحبل فيما مضى قائماً ظاهراً ثابتاً عند السلطان، وعند سائر الناس، وامتنع من قسمة ميراثه من اجل ذلك حتى بطل بعد ذلك عند السلطان وخفي أمره، فقد ولد له ابن بعد وفاته بثمانية اشهر، وقد كان أمر أن يسمى محمداً واوصى بذلك، وهو مستور لا يرى، واعتلوا في تجويز ذلك وتصحيحه بخبر يروي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال ستبلون بالجنين في بطن امه والرضيع.(النوبختي، فرق الشيعة: 103).

8 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري قالت فرقة أنه لا ولد للحسن اصلاً، لأنا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا أن نقول في مثل الحسن، وقد توفي ولا ولد له أن ولداً خفياً لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت عن غير خلف، ولجاز مثل ذلك في النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقال خلف أبناً نبياً رسولاً، وكذلك في عبد الله بن جعفر بن محمد أنه خلف ابناً، وأن أبا الحسن الرضا عليه السلام خلف ثلاثة بنين غير ابي جعفر احدهم الامام، لأن مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخلف ذكراً من صلبه، ولا خلف عبد الله بن جعفر ابناً، ولا كان للرضا اربعة بنين، فالولد قد بطل لا محالة، ولكن هناك حبل قائم قد صح في سرية له، وستلد ذكراً إماماً متى ما ولدت، فانه لا يجوز أن يمضي الامام ولا خلف له فتبطل الامامة وتخلوا الأرض من الحجة، واحتج اصحاب الولد على هؤلاء فقالوا: انكرتم علينا أمراً قلتم بمثله ثم لم تقنعوا بذلك حتى اضفتم اليه ما تنكره العقول، قلتم أن هناك حبلاً قائماً، فان كنتم اجتهدتم في طلب الولد فلم تجدوه فانكرتموه لذلك فقد طلبنا معرفة الحبل، وتصحيحه أشد من طلبكم، واجتهدنا فيه أشد من اجتهادكم، فاستقصينا في ذلك غاية الاستقصاء فلم نجده، فنحن في الولد أصدق منكم، لانه قد يجوز في العقل والعادة والتعارف أن يكون للرجل ولد مستور لا يعرف في الظاهر ويظهر بعد ذلك، ويصح نسبه، والامر الذي ادعيتموه منكر شنيع ينكره عقل كل عاقل ويدفعه التعارف والعادة مع ما فيه من كثرة الروايات الصحيحة عن الائمة الصادقين أن الحبل لا يكون أكثر من تسعة أشهر، وقد مضى للحبل الذي ادعيتموه سنون، وإنكم على قولكم بلا صحة ولا بينة.(النوبختي، فرق الشيعة: 103، 104، 105).

9 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري عليه السلام قالت فرقة: أن الحسن بن علي قد صحت وفاة ابيه وجده وسائر آبائه عليهم السلام فكما صحت وفاته بالخبر الذي لا يكذب مثله، فكذلك صح أنه لا إمام بعد الحسن، وذلك جائز في العقول والتعارف كما جاز أن تنقطع النبوة فلا يكون بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي فكذلك جاز أن تنقطع الإمامة وقد روي عن الصادقين: أن الارض لا تخلو من حجة إلا أن يغضب الله على أهل الارض بمعاصيهم فيرفع عنهم الحجة الى وقت والله عزوجل يفعل ما يشاء وليس في قولنا هذا بطلان الامامة وهذا جائز أيضاً من وجه آخر كما جاز أن لا يكون قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما بينه وبين عيسى عليه السلام نبي ولا وصي ولما روينا من الأخبار أنه: كانت بين الانبياء فترات ورووا ثلثمائة سنة وروي مأتي سنة ليس فيها نبي ولا وصي وقد قال الصادق عليه السلام: أن الفترة هي الزمان الذي لا يكون فيه رسول ولا إمام، والارض اليوم بلا حجة إلا أن يشاء الله فيبعث القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيحيي الارض بعد موتها كما بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم على حين فترة من الرسل فجدد ما درس من دين عيسى ودين الانبياء قبله صلى الله عليهم فكذلك يبعث القائم لما شاء جل وعز، والحجة علينا أن يبعث القائم وظهور الامر والنهي المتقدمين والعلم الذي في ايدينا مما خرج عنهم الينا والتمسك بالامر مع الاقرار بموته كما كانت الحجة على الناس قبل ظهور نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أمر عيسى عليه السلام ونهيه وما خرج من علمه وعلم اوصيائه التمسك بالاقرار بنبوته وبموته والاقرار بمن ظهر من اوصيائه.(النوبختي، فرق الشيعة: 105 ـ 106).

10 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري قالت فرقة: أن ابا جعفر محمد بن علي الميت في حياة ابيه كان الامام بوصية من ابيه اليه واشارته ودلالته ونصه على اسمه وعينه ولا يجوز أن يشير إمام قد ثبتت إمامته وصحت على غير إمام فلما حضرت وفاة محمد لم يجز أن لا يوصي ولا يقيم إماماً ولا يجوز له أن يوصي إلى ابيه إذ إمامة ابيه ثابتة عن جده ولا يجوز أيضاً أن يأمر مع ابيه وينهى ويقيم من يأمر معه ويشاركه وإنما ثبتت له الإمامة بعد مضي ابيه فلما لم يجز إلا أن يوصي اوصى إلى غلام لأبيه صغير كان في خدمته يقال له (نفيس) وكان ثقة أميناً عنده ودفع اليه الكتب والعلوم والسلاح وما تحتاج اليه الامة واوصاه إذا حدث بأبيه حدث الموت يؤدي ذلك كله إلى اخيه جعفر ولم يطلع على ذلك احداً غير ابيه وإنما فعل ذلك لتقل التهمة ولا يعلم به وقبض ابو جعفر فلما علم أهل داره والمائلون إلى ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام قصته وأحسوا بامره حسدوه ونصبوا له وبغوه الغوائل فلما احس بذلك منهم وخاف على نفسه وخشي أن تبطل الامامة وتذهب الوصية دعا جعفراً واوصى اليه ودفع اليه جميع ما استودعه ابو جعفر محمد بن علي اخوه الميت في حياة ابيه ودفع اليه الوصية على نحو ما أمره وكذلك فعل الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام لما خرج الى الكوفة دفع كتبه والوصية وما كان عنده من السلاح وغيره الى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستودعها ذلك كله وأمرها أن تدفعه الى علي بن الحسين الاصغر إذا رجع إلى المدينة فلما انصرف علي ابن الحسين من الشام اليها دفعت اليه جميع ذلك وسلمته له فهذا بتلك المنزلة في الامامة لجعفر بوصية (نفيس) اليه عن محمد اخيه، وانكروا امامة الحسن عليه السلام فقالوا: لم يوص ابوه اليه ولا غير وصيته إلى محمد ابنه وهذا عندهم صحيح فقالوا بامامة جعفر من هذا الوجه وناظروا عليها، وهذهِ الفرقة تتقول على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام وتفضله على علي بن أبي طالب عليه السلام وتعتقد في ذلك بأن القائم أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ ((نفيس)) ليلاً وألقى في حوض كان في الدار كبير فيه ماء كثير فغرق فيه فمات فسميت هذه الفرقة ((النفيسية))(النوبختي، فرق الشيعة: 106، 107، 108).

11 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة العسكري قالت فرقة وهم (الامامية) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم، بل لله عزوجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي، وأمر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية، ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، ولا يجوز ذلك، ولا تكون إلا في غيبته الحسن بن علي الى أن ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى، ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة، ولو مات احدهما لكان الاخر الحجة ما دام أمر الله ونهيه قائمين في خلقه، ولا يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له إمامة، ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده، ولو جاز ذلك لصح قول اصحاب إسماعيل بن جعفر ومذهبهم، ولثبتت إمامة محمد بن جعفر، وكان من قال بها محقاً بعد مضي جعفر بن محمد، وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة، ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة أسناده، ولا يجوز أن تخلوا الارض من حجة، ولو خلت ساعة لساخت الارض ومن عليها، ولا يجوز شيء من مقالات هذه الفرق كلها، فنحن مستسلمون بالماضي وإمامته مقرون بوفاته معترفون بأن له خلفاً قائماً، من صلبه وأن خلفه هو الامام من بعده حتى يظهر ويعلن أمره كما ظهر وعلن أمر من مضى قبله من آبائه، ويأذن الله في ذلك إذا الامر لله يفعل ما يشاء، ويأمر بما يريد من ظهوره وخفائه كما قال امير المؤمنين عليه السلام:اللهم انك لا تخلي الارض من حجة لك على خلقك ظاهراً معروفاً او خائفاً مغموراً كيلا تبطل حجتك وبيناتك، وبذلك أمرنا وبه جاءت الاخبار الصحيحة عن الائمة الماضين، لانه ليس للعباد أن يبحثوا عن امور الله ويقضوا بلا علم لهم، ويطلبوا آثار ما ستر عنهم، ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يؤمر بذلك، إذ هو عليه السلام مغمور خائف مستور بستر الله تعالى، وليس علينا البحث عن أمره، بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل ولا يجوز، لأن في اظهار ما ستر عنا وكشفه إباحة دمه ودمائنا، وفي ستر ذلك والسكوت عنه حقنهما وصيانتهما، ولا يجوز لنا ولا لاحد من المؤمنين أن يختاروا إماماً برأي واختيار، وإنما يقيمه الله لنا ويختاره ويظهره إذا شاء، لانه أعلم بتدبيره في خلقه وأعرف بمصلحتهم، والامام عليه السلام أعرف بنفسه وزمانه منا، وقد قال ابو عبد الله الصادق عليه السلام وهو ظاهر الامر، معروف المكان، لا ينكر نسبه، ولا تخفى ولادته، وذكره شايع مشهور في الخاص والعام، من سماني باسم فعليه لعنة الله. ولقد كان الرجل من شيعته يتلقاه فيحيد عنه، وروي عنه أن رجلا من شيعته لقيه في الطريق فحاد عنه وترك السلام عليه فشكره على ذلك وحمده، وقال له لكن فلاناً لقيني فسلّم علي ما أحسن، وذمه على ذلك واقدم عليه بالمكروه. وكذلك وردت الاخبار عن ابي ابراهيم موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال في نفسه من منع تسميته مثل ذلك، وابو الحسن الرضا عليه السلام يقول: لو علمت ما يريد القوم مني لاهلكت نفسي عندي بما لا يوثق ديني بلعب الحمام والديكة واشباه ذلك، فكيف يجوز في زماننا هذا مع شدة الطلب وجور السلطان، وقلة رعايته لحقوق امثالهم مع ما لقي عليه السلام من صالح بن وصيف وحبسه وتسميته من لم يظهر خبره ولا اسمه وخفيت ولادته، وقد رويت أخبار كثيرة أن القائم تخفى على الناس ولادته، ويخمل ذكره، ولا يعرف إلا أنه لا يقوم حتى يظهر، ويعرف أنه إمام ابن إمام، ووصي ابن وصي يوتم به قبل أن يقوم، ومع ذلك فانه لابد من أن يعلم أمره ثقاته وثقات ابيه وإن قلوا، ولا ينقطع من عقب الحسن بن علي عليه السلام ما اتصلت امور الله عزوجل، ولا ترجع الى الاخوة ولا يجوز ذلك، وأن الاشارة والوصية لا تصحان من الامام ولا من غيره إلا بشهود أقل ذلك شاهدان فما فوقهما، فهذا سبيل الامامة والمنهاج الواضح اللاحب الذي لم تزل الشيعة الأمينة الصحيحة التشيع عليه.(النوبختي، فرق الشيعة: 108، 109، 110، 111).

12 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة الامام العسكري عليه السلام قالت فرقة: لما سئلوا عن ذلك، وقيل لهم: ما تقولون في الامام أهو جعفر ام غيره قالوا: لا ندري ما نقول في ذلك أهو من ولد الحسن أم من اخوته فقد اشتبه علينا الامر، إنا نقول أن الحسن بن علي كان إماماً وقد توفي، وأن الارض لا تخلو من حجة، ونتوقف ولا نقدم على شيء حتى يصح لنا الامر ويتبين.(النوبختي، فرق الشيعة: 108).

13 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

بعد وفاة الامام العسكري قالت فرقة مثل مقالة الفطحية الفقهاء منهم، وأهل الورع والعبادة مثل (عبد الله بن بكير بن اعين) ونظرائه، فزعموا أن (الحسن بن علي) توفي، وأنه كان الامام بعد ابيه، وأن (جعفر بن علي) الامام بعده، كما كان موسى بن جعفر إماماً بعد عبد الله بن جعفر، للخبر الذي روي: أن الامامة في الأكبر من ولد الامام إذا مضى. وأن الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام: أن الامامة لا تكون في اخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام صحيح لا يجوز غيره، وإنما ذلك إذا كان للماضي خلف من صلبه فانها لا تخرج منه إلى أخيه بل تثبت في خلفه، وإذا توفي ولا خلف له رجعت الى اخيه ضرورة، لان هذا معنى الحديث عندهم، وكذلك قالوا في الحديث الذي روي أن الامام لا يغسله إلا إمام، وإن هذا عندهم صحيح لا يجوز غيره، وأقروا أن جعفر بن محمد عليه السلام غسله موسى، وادعوا أن (عبد الله) أمره بذلك، لانه كان الإمام من بعده، وإن جاز أن ما يغسله موسى لأنه إمام صامت في حضرة عبدالله، فهؤلاء (الفطحية الخلص) الذين يجيزون الإمامة في أخوين إذا لم يكن الاكبر منهما خلف ولداً، والامام عندهم (جعفر بن علي) على هذا التأويل ضرورة، وعلى هذه الأخبار والمعاني التي وصفناها.(النوبختي، فرق الشيعة: 112).

14 ـ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

لما توفي ابو جعفر عليه السلام افترقت اصحابه فرقتين: فرقه منها قالت بامامة (محمد بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن ابي طالب) الخارج بالمدينة المقتول بها وزعموا أنه القائم وأنه الامام المهدي وأنه قتل، وقالوا: أنه حي لم يمت مقيم بجبل يقال له العلمية، وهو الجبل الذي في طريق مكة... لان رسول الله قال، القائم المهدي اسمه اسمي واسمه ابيه اسم ابي.(النوبختي، فرق الشيعة: 62).