الصفحة 93
ولايته وطاعته».

قلت: متى سُمّي أمير المؤمنين؟

قال: «حيث أخذ الله ميثاق ذرّية آدم(عليه السلام)، كذا نزل به جبرئيل على محمد(صلى الله عليه وآله): (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ) وأنّ محمداً رسولي وأنّ عليّاً أمير المؤمنين(1)؟ (قَالُوا بَلَى)» ثمّ قال أبو جعفر (عليه السلام): «والله لقد سمّاه الله باسم ما سمّى به أحداً قبله»(2).

(15) حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حماد الانصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

«لو علم الناس متى سمّي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته».

قلت: ومتى سمّي أمير المؤمنين؟

قال: «يوم أخذ الله ميثاق بني آدم من ظهورهم ذرّياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم؟ قالوا: بلى، وأنّ محمّداً رسولي وأنّ عليّاً أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى».

ثمّ قال أبو جعفر (عليه السلام): «ولقد سمّاه الله باسم ما سمّى به أحداً قبله»(3).

____________

(1) هذا محمول على التأويل عند الشيعة، أي: أن جبرئيل (عليه السلام) نزل بهذه الاية على محمّد(صلى الله عليه وآله) مع بيان التأويل والتفسير، وإن لم يتحمل الحديث التأويل فالشيعة لا تعمل به وبأمثاله وترجع علمه إلى أهله.

(2) اليقين: 284.

(3) اليقين: 283.

ومن قوله: قالوا بلى... إلى هنا، من ب. ك، ولم يرد في ر. ل.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الكافي 1 / 340 رقم 4 و 2/6 رقم1، تفسير القمي1/246 و247، بصائر الدرجات: 91 رقم 6، خصائص الائمة: 87، تفسير العياشي 2 / 41، الفردوس3/354 رقم 5066.


الصفحة 94

الصفحة 95

سورة التوبة (9)

( بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْ ثُمْ مِنَ الْمُشْرِكِين (1) ):

(16) قال السيد ابن طاووس:

ورويت حديث براءة وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بها عن محمد بن العباس ابن مروان بأسانيد في كتابه من مائة وعشرين طريقاً(1).

( وَقُلِ اعْمَلُوافَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) ):

(17) روى باسناده إلى يعقوب بن شعيب، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجل: (وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟

____________

(1) سعد السعود: 146 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: معاني الاخبار: 298، تفسير القمي 1 / 281 و 282، تفسير العياشي 2/73 و74 و75، مسند أحمد 2 / 75 رقم 9، شواهد الننزيل 1 / 237 رقم 319.


الصفحة 96
قال (عليه السلام): «هم الائمة (عليهم السلام)»(1).

(18) روى بإسناده إلى بريد(2) بن معاوية العجلي، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟

قال (عليه السلام): «إيّانا عَنا»(3).

(19) أخبرنا عبد الله بن أبي العلاء المذاري(4)، قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن شمّون، قال: حدّثنا عثمان بن رشيد البصري(5)، عن الحسن بن عبد الله الارجاني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري أنّ عمّاربن ياسر(6) قال لرسول الله(صلى الله عليه وآله): وددتُ أنّك عمّرتَ فينا عمر نوح (عليه السلام).

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا عمّار حياتي خير لكم ووفاتي ليس بشرّ لكم، أمّا

____________

(1) محاسبة النفس: 356 ط مجلة تراثنا.

(2) ح: يزيد، والمثبت من ب.

(3) محاسبة النفس: 356 ط مجلة تراثنا.

(4) ع. ض: عبد الله بن العلاء المذاري، والمثبت من حاشية ع.

وراجع ترجمته في: رجال العلامة الحلي: 111 رقم 43.

(5) ض: النضري.

(6) ح: أن عماراً.


الصفحة 97
في حياتي فتحدثون وأستغفر الله لكم(1)، وأمّا بعد وفاتي فاتّقوا الله وأحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي، وإنكم(2) تعرضون عليّ بأسمائكم وأسماء آبائكم وأنسابكم وقبائلكم، فإن يكن خيراً حمدتُ الله وإن يكن سوى ذلك استغفرت(3) الله لذنوبكم»(4).

فقال المنافقون والشكّاك والّذين في قلوبهم مرض: يزعم أنّ الاعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم(5)، إن هذا لهو الافك.

فأنزل(6) الله عزّ وجلّ: (وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

فقيل له: ومَن المؤمنون؟

قال: «عامَّة وخاصّة، أمّا الّذين قال الله جلّ وعزّ: (وَالْمُؤْمِنُونَ) فهم آل محمد الائمة منهم، ثمّ قال: (وَسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من طاعة ومعصية»(7).

____________

(1) ح: واستغفر لكم.

(2) ع. ح: فانكم.

(3) ح: وإن يكن سوءاً أستغفر.

(4) ع. ض: لكم بربكم، والمثبت من ط. ح.

(5) ح: ورجالهم وقبائلهم.

(6) ع. ض: فأمر، والمثبت من ط. ح.

(7) سعد السعود: 196 ـ 198 الطبعة المحققة، محاسبة النفس: 356 ـ 357 ط مجلة تراثنا، وفيه: روى بإسناده من طريق الجمهور ليكون أبلغ في الحجة للاتفاق عليه الى أبي سعيد الخدري....


الصفحة 98
(20) قال السيد ابن طاووس:

وروى محمد بن العباس بن مروان أخبار جماعة في ذلك(1).

روى [ محمد بن العباس بن مروان ] من اثني عشر طريقاً: أنّ الاعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته، وفي عدّة روايات منها: أنّ المؤمنين المذكورين في الاية الّذين تعرض الاعمال عليهم هم الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم(2).

____________

(1) محاسبة النفس: 358 ط مجلة تراثنا.

(2) سعد السعود: 196 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: بصائر الدرجات: 444 و 447 و 448، الكافي 1 / 170 و171، مجمع البيان 5 / 69، معاني الاخبار: 392، تفسير القمي 1 / 304، الامالي للطوسي 2 / 23، تفسير العياشي 2 / 108 و 109 و 110.


الصفحة 99

سورة هود (11)

( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ... (17) ):

(21) قال السيد ابن طاووس:

وقد روي أنّ المقصود بقوله جل جلاله: (شَاهِدٌ مِنْهُ) هو(1) علي بن أبي طالب (عليه السلام)، محمد بن العباس بن مروان في كتابه من ستة وستين طريقاً بأسانيدها(2).

____________

(1) حاشية ع: أنه.

(2) سعد السعود: 149 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: مجمع البيان 5 / 150، تفسير القمي 1 / 324، الكافي1/147 رقم 3، بصائر الدرجات: 152 رقم 2، الامالي للطوسي 1 / 381 و 2/174، الامالي للمفيد: 145، شواهد التنزيل 1 / 276، منتخب كنز العمال 1 / 449، كتاب سليم: 163، تفسير العياشي 2 / 142، تفسير الطبري 12 / 11، فرائد السمطين1/340، الدرّ المنثور 4 / 409.


الصفحة 100

سورة الرعد (13)

( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد (7) ):

(22) قال السيد ابن طاووس:

إنّما ذكرنا هذه الاية مع ظهور أنّ المراد بالهادي مولانا علي صلوات الله عليه... لانّ صاحب هذا الكتاب(1) روى أنّ الهادي عليّ (عليه السلام)، روى ذلك من خمسين طريقاً(2).

(23) حدّثنا إسحاق بن محمد بن مروان، حدّثنا أبي، حدّثنا إسحاق بن بريد، عن سهل بن سليمان، عن محمد بن سعد(3)، عن الاصبغ بن نباتة قال:

خطب عليّ (عليه السلام) الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:

«يا أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، أنا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين وخاتم الوصيين ووارث الورّاث، أنا قسيم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض، وليس منّا أحد إلاّ وهو عالم بجميع

____________

(1) أي: محمد بن العباس بن مروان.

(2) سعد السعود: 199 الطبعة المحققة.

(3) ب: سعيد.


الصفحة 101
أهل ولايته، وذلك قوله جلّ وعزّ: ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) (1).

(24) حدّثنا عليّ بن أحمد، قال: حدّثنا حسن بن عبد الواحد، حدّثنا حسن بن حسين، عن محمد بن بكر ويحيى بن مساور، عن أبي الجارود الهمداني، عن أبي داود السبيعي، عن أبي بردة(2) الاسلمي، عن النبي (صلى الله عليه وآله):

(إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُـلِّ قَـوْم هَاد)، قال: فوضع يده على منكب عليّ فقال: «هذا الهادي من بعدي»(3).

( طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب (29) ):

(25) حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي وجعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد بن الحسين البزاز، قال(4): حدّثنا عيسى بن مهران، قال: أخبرنا محمد بن بكّار الهمداني، عن يوسف السراج، قال: حدّثني أبو هبيرة العماري من ولد عمّار بن ياسر، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قال: «ولمّا نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله):

____________

(1) اليقين: 489.

(2) ع. ض: عن أبي آلاء، والمثبت من حاشية ع.

(3) سعد السعود: 199 ـ 200 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الطرائف: 79، تفسير القمي 1 / 359، الكافي 1 / 147 و 148، مجمع البيان 6 / 278، شواهد التنزيل 1 / 300، كفاية الاثر: 162، بصائر الدرجات 49 و 50 و 51، الامالي للصدوق: 227، كمال الدين: 667، الامالي للطوسي2/ 282، تفسير العياشي 2 / 203 و 204، روضة الواعظين: 104 و 116.

(4) ط: قالوا.


الصفحة 102
(طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب) قام(1) المقداد بن الاسود الكندي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله وما (طُوبَى)؟

قال: «شجرة في الجنة لو سار(2) الراكب الجواد لسار في ظلها(3) مائة عام قبل أن يقطعها، ورقها برود خضر، وزهرها رياض صفر، وأفناؤها سندس واستبرق، وثمرها حلل خضر، وصمغها(4) زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر، وزمردها أخضر(5)، وترابها مسك وعنبر، وحشيشها زعفران ينيع، والارجوان(6) يتأجّج من غير وقود ويتفجّر من أصلها السلسبيل والرحيق والمعين، وظلّها مجلس من مجالس شيعة عليّ بن أبي طالب يجمعهم(7).

فبينما هم يوماً في ظلّها يتحدّثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجباً قد جبلت من الياقوت، لم ينفح فيها الروح(8)، مزمومة بسلاسل(9) من ذهب،

____________

(1) ب: أتى.

(2) حاشية ع: لو يسير.

(3) حاشية ع: طلبها.

(4) ب: وطعمها.

(5) ط: وزمرد أخضر.

(6) كذا في ط، وفي ع. ض: والانجوح، وفي ب: والنوم، وفي مورد آخر من ب: وألنجوح، وفي تفسير فرات: والخوخ.

(7) حاشية ع: يألفونه.

(8) ب: ثمّ نفخ الروح فيها.

(9) ع. ص: بسلاهل.


الصفحة 103
كأنّ وجوهها المصابيح نضارة وحسناً وبرها خزّ أحمر ومرعزاً(1) أبيضاً مختلطان لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسناً وبهاءاً من غير مهانة تجب من غير رياضة، عليها رحال ألوآنها(2) من الدرّ والياقوت مفضّضة باللؤلؤ والمرجان صفائحها من الذهب الاحمر ملبّسة بالعبقريّ والارجوان.

فأناخوا تلك النجاتي(3) إليهم، ثمّ قالوا لهم: ربّكم يقرئكم السلام فتزورونه فينظر إليكم ويجيبكم(4) ويزيدكم من فضله وسعته فإنّه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم.

قال: فيتحوّل(5) كلّ رجل منهم على راحلته، فينطلقون صفّاً واحداً معتدلاً لا يفوت منهم شيء شيئاً ولا يفوت أذن ناقة ناقتها ولا بركة ناقة بركتها، ولا يمرّون بشجرة من شجرة(6) الجنة إلاّ أتحفتهم بثمارها ورحلت لهم عن طريقهم كراهية أن تنثلم طريقهم وأن تفرّق بين الرجل ورفيقه.

فلمّا رفعوا إلى الجبّار تبارك وتعالى قالوا: ربّنا أنت السلام ومنك السلام

____________

(1) حاشية ع: ومرطها خرّ أحمر ومرعزاً، ب: وبرها حشو أحمر ومرعز، وفي تفسير فرات: وبرها خزّ أحمر ومرعزيّ أبيض.

(2) ب: ألواحها.

(3) ب: النجائب.

(4) ع: ويحييكم، ب: ويحبكم وتحبونه.

(5) ب: فيحمل.

(6) حاشية ع: أشجار.


الصفحة 104
ولك يحقّ الجلال والاكرام.

قال: فقال: أنا السلام ومنّي السلام ولي يحق الجلال والاكرام، فمرحباً بعبادي الّذين حفظوا وصيّتي في أهل بيتي وراعوا حقّي وخلفوني(1) بالغيب وكانوا منّي على كلّ حال مشفقين.

قالوا: أما وعزّتك وجلالك ما قدرناك حقّ قدرك وما أدّينا إليك كلّ حقّك، فأذن لنا بالسجود.

قال لهم ربّهم عزّ وجل: إنّي قد وضعتُ عنكم مؤونة العبادة وأرحتُ لكم أبدانكم، فطالما أنصبتم لي الابدان وعنتّم لي الوجوه، فالان أفضيتم إلى روحي ورحمتي، فاسألوني ما شئتم وتمنّوا عليَّ أعطكم أمانيكم، وإنّي لم أجزكم اليوم بأعمالكمولكن برحمتيوكرامتيوطوليوعظيم شأنيوبحبّكم أهل بيت محمد(صلى الله عليه وآله).

فلا يزالوا يا مقداد محبّي عليّ بن أبي طالب في العطايا والمواهب حتّى أن للمقصّر من شيعته ليتمنّى في أمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة.

قال لهم ربّهم تبارك وتعالى: لقد قصّرتم في أمانيّكم ورضيتم بدون ما يحقّ لكم، فانظروا إلى مواهب ربّكم:

فإذا بقباب وقصور في أعلا علّيّين من الياقوت الاحمر والاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها، فلو لا أنّه مسخر مسجد إذاً للمعت الابصار منها، فما كان من تلك القصور من الياقوت الاحمر(2) مفروش بالسندس الاخضر، وما كان

____________

(1) ب: وخافوني.

(2) الاحمر، لم يرد في ع. ض.


الصفحة 105
منها من الياقوت الابيض فهو مفروش بالرباط الصفر، مبثوثة بالزبرجد(1) الاخضر والفضّة البيضاء والذهب الاحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، ينور من أبوابها وأعراضها نور شعاع الشمس عنده مثل الكواكب الدريّ في النهار المضيء، وإذا على باب كلّ قصر من تلك القصور جنّتان مدهامّتان فيهما من كلّ فاكهة زوجان(2).

فلمّا أرادوا الانصراف إلى منازلهم حوّلوا على براذين من نور بأيدي ولدان مخلّدين بيد كلّ وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين، لجمها وأعنّتها من الفضّة البيضاء وأثفارها من الجوهر، فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنّئونهم بكرامة ربّهم.

حتّى إذا استقرّوا قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً؟

قالوا: نعم، ربّنا رضينا فارض عنّا.

قال: برضاي عنكم وبحبّكم أهل بيت نبيّي حللتم داري وصافحتم الملائكة، فهنيئاً هنيئاً عطاءاً غير مجذوذ ليس فيه تنغيص.

فعندها قالوا: الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن وأدخلنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لَغوب إنّ ربّنا لغفور شكور».

قال لنا أبو محمد النوفلي أحمد بن محمد بن موسى، قال لنا عيسى بن مهران: قرأت هذا الحديث يوماً على قوم من أصحاب الحديث، فقلتُ أبرأ إليكم من عهدة الحديث، فان يوسف السراج لا أعرفه.

____________

(1) حاشية ع: بالزمرد.

(2) حاشية ع: فيهما عينان نضّاحتان فيهما من كلّ فاكهة زوجان.


الصفحة 106
فلمّا كان من الليل رأيت في منامي كأنّ إنساناً جاءني ومعه كتاب وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من مخول(1) بن إبراهيم وحسن بن الحسين ويحيى بن الحسن بن فرات(2) وعليّ بن القاسم الكندي، من تحت شجرة طوبى، وقد أنجز لنا ربّنا ما وعدنا ربّنا، فاحتفظ بما في يديك من هذه الاية(3)، فانّك لم تقرأ منها كتاباً إلاّ أشرقت له الجنّة(4).

____________

(1) ع: مجود، ض. ط: محمود،والمثبت من ب.

(2) ع. ض: القرار، والمثبت من ب. حاشية ع.

(3) حاشية ع. ب: الكتب، بدلاً من الاية.

(4) مختصركتاب محمدبن العباس بن مروان، وعنه في سعدالسعود:220 ـ 225الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: شواهد التنزيل 1 / 304، مجمع البيان 6 / 291، تفسير فرات: 211 ـ 215 رقم 287، اليقين: 249 و 546، المناقب لابن شهرآشوب 2 / 24، تفسير القمي 2 / 11.


الصفحة 107

سورة النحل (16)

(... وَلاَ تَنْقُضُوا الاَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) ):

(26) حدّثنا أحمد بن إدريس، حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ ابن حديد ومحمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس بن بزرج، عن زيد بن الجهم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

سمعته وهو يقول: «لمّا سلّموا على عليّ (عليه السلام) بإمرة المؤمنين قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لابي بكر: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقال: من الله ومن رسوله يا رسول الله؟ قال: نعم من الله ومن رسوله.

ثم قال لعمر: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، قال: من الله ومن رسوله؟ قال: نعم من الله ومن رسوله.

ثم قال: يامقداد، قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فلم يقل شيئاً ثمّ قام فسلّم.

ثم قال: قم ياسلمان فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقام فسلّم.

ثمّ قال: قم يا أبا ذر فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقام ولم يقل شيئاً ثم قام فسلّم.

ثمّ قال: قم ياحذيفة، فقام ولم يقل شيئاً وسلّم.

ثم قال: قم بابن مسعود، فقالم فسلّم.


الصفحة 108
ثمّ قال: قم ياعمار، فقام عمار وسلّم.

ثم قال: قم يابريدة الاسلمي، فقام فسلّم.

حتى إذا خرج الرجلان وهما يقولان(1): لا نسلم له ما قال أبداً، فأنزل الله عزّ وجلّ: (وَلاَ تَنْقُضُوا الاَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (2).

(37) حدّثنا محمد بن الحسن، قال حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل(3)، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلالي قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عزّ وجلّ: (وَلاَ تَنْقُضُوا الاَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ): «يعني به قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال: قوموا فسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، فقالوا: من الله ومن رسوله؟»(4).

____________

(1) ل. ب: حتّى إذا خرجا وهما يقولان.

(2) اليقين: 285 ـ 286.

(3) ب: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل.

(4) اليقين: 287.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير العياشي 2 / 268، الكافي 1 / 231 رقم 1، تفسير القمي 1 / 389.


الصفحة 109

سورة الاسراء (17)

( سُبْحَانَ الِّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الاَْقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) ):

(28) حدّثنا الحسين بن محمد بن سعيد المطبقي(1)، قال: حدّثنا محمد ابن الفيض(2) بن الفيّاض، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن همام، حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن حمّاد(3)، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله:

«بينما أنا في الحجر أتاني(4) جبرئيل فهمزني(5) برجلي فاستيقظت فلم أر شيئاً، ثمّ أتاني الثانية فهمزني برجلي فاستيقظت فأخذ بضبعي فوضعني في شيء كوكر الطير، فلمّا أطرقت ببصري طرفه فرجعت إليّ وأنا في

____________

(1) ع: المطيفي.

(2) ض. ب: البيض.

(3) حاشية ع: ابن قماذير.

(4) ب: إذ أتاني.

(5) ع. ض: فهزني، ط: فنهرني، والمثبت من حاشية ع. ب.


الصفحة 110
مكاني فقال(1): أتدري أين أنت؟.

فقلت: لا يا جبرئيل.

فقال: هذا بيت المقدس بيت الله الاقصى فيه المحشر والمنشر.

ثمّ قام جبرئيل فوضع سبّابته اليمنى في أذنه اليمنى فأذّن مثنى مثنى يقول في آخرها: حيّ على خير العمل مثنى مثنى، حتّى إذا قضى أذانه أقام الصلاة مثنى مثنى وقال في آخرها: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.

فبرق نور من السماء ففتحت به قبور الانبياء، فأقبلوا من كلّ أوب يلبّون دعوة جبرئيل، فوافى أربعة آلاف وأربع مائة نبيّ وأربعة عشر نبيّ فأخذوا مصافّهم، ولا أشك أنّ جبرئيل سيقدمنا(2).

فلمّا استووا على مصافّهم أخذ جبرئيل بضبعي ثم قال لي: يا محمد تقدّم فصلّ بإخوانك فالخاتم أولى من المختوم.

فالتفتُّ عن يميني وإذا(3) أنا بأبي إبراهيم (عليه السلام) عليه حلّتان خضراوتان وعن يمينه ملكان وعن يساره ملكان، ثمّ التفتُّ عن يساري وإذا أنا بأخي ووصيّي عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) عليه حلّتان بيضاوان عن يمينه ملكان وعن يساره ملكان، فاهتززت سروراً، فغمزني(4) جبرئيل (عليه السلام) بيده.

فلمّا انقضت الصلاة قمتُ إلى إبراهيم (عليه السلام) فقام إليّ فصافحني(5) وأخذ

____________

(1) حاشية ع: فقال لي.

(2) ب: سيتقدمنا.

(3) حاشية ع: فإذا.

(4) ب: فغمزبي.

(5) حاشية ع: وصافحني.


الصفحة 111
بيميني بكلتي يديه فقال: مرحباً بالنبيّ الصالح والابن الصالح والمبعوث الصالح في الزمان الصالح، وقام إلى عليّ بن أبي طالب فصافحه وأخذ بيمينه بكلتي يديه وقال: مرحباً بالابن الصالح ووصيّ النبيّ الصالح يا أبا الحسن.

فقلت له: يا أبت كنّيته بأبي(1) الحسن ولا ولد له!

فقال: كذلك وجدته في صحفي وعلم غيب ربي باسمه عليّ وكنيته بأبي الحسن والحسين ووصيّ خاتم أنبياء ذرّيتي»(2).

ثمّ قال في بعض تمام الحديث ما هذا لفظه:

«ثمّ أصبحنا بالابطح نشيطين لم نباشر تعباً(3)، وإنّي محدّثكم بهذا الحديث، وسيكذب(4) به قوم وهو الحقّ فلا تمترون»(5).

(29) حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا محمد بن أبي القاسم المعروف بماجيلويه، قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: وحدّثنا محمد ابن حماد الكوفي، قال: حدّثنا نصر بن مزاحم، عن أبي داود الطهري(6)، عن

____________

(1) حاشية ع: بأبا.

(2) ب: ربّي.

(3) ب: نشطين لم يباشرنا عناء، ض: لم يباشرنا بعناء.

(4) ض: وسيكابر.

(5) سعد السعود: 201 ـ 203 الطبعة المحققة.

قال السيد ابن طاووس: وهو ممّا رواه عن رجال المخالفين وهو غريب في فضل مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

(6) ر: الطهوي خ ل.


الصفحة 112
ثابت بن أبي صخرة، عن الرعلي، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وإسماعيل بن أبان، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن علي، قالا:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «كنت نائماً(1) في الحجر إذ أتاني جبرئيل فحرّكني تحريكاً لطيفاً، ثم قال لي: عفا الله عنك يا محمد، قم واركب فَأَفِد(2) إلى ربّك، فأتاني بدابّة دون البغل وفوق الحمار خطوها مدّ البصر له جناحان من جوهر يُدعى البراق.

قال: فركبتُ حتّى طعنت في الثنية، إذا أنا برجل قائم متّصل شعره إلى كتفيه، فلمّا نظر إليّ قال: السلام عليك يا أوّل، السلام عليك يا آخر، السلام عليك ياحاشر.

قال: فقال لي جبرئيل: رُدَّ عليه يامحمّد.

قال: فقلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

قال: فلَمَّا أن جُزْتُ الرجل فطعنت في وسط الثنية إذا أنا برجل أبيض الوجه جعد الشعر، فلمّا نظر إليّ قال: السلام عليك، مثل تسليم الاول(3).

فقال جبرئيل: رُدَّ عليه يا محمّد.

فقلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

قال فقال لي: يامحمد، احتفظ بالوصيّ ـ ثلاث مرات ـ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) المقرّب من ربّه.

____________

(1) ر: قائماً.

(2) ب: ففد.

(3) ل. ب: السلام مثل تسليم الاول.