الصفحة 347

قال: ثم دعا عمر، فقال مثل قول أبي بكر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند ذلك: لا تنتهوا يامعشر(1) قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلاً امتحن الله قلبه للتقوى يضرب رقابكم على الدين.

فقال أبو بكر: أنا هو يارسول الله؟

قال: لا.

فقام عمر فقال: أنا هو يارسول الله؟

قال: لا، ولكنّه خاصف النعل، وكنت أخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)».

قال: ثم التفت إلينا علي (عليه السلام) وقال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كذب علي متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار»(2).

(إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(15) ):

(365) حدّثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن حفص بن غياث، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس أنّه قال:

في قول الله عزّ وجلّ: (إنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَم يَرتَابُوا وجَاهَدُوا بِأموَالِهم وَأَنفُسِهِم في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصادِقُونَ) قال

____________

(1) أ: لن تنتهوا معاشر.

(2) تأويل الايات الظاهرة: 583 ـ 584 ط جماعة المدرسين، و 2 / 602 رقم 1 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: فضائل الصحابة لابن حنبل 2 / 649، العمدة: 226، سنن الترمذي 5 / 634، تاريخ بغداد 8 / 433.


الصفحة 348
ابن عبّاس: ذهب علي (عليه السلام) بشرفها وفضلها(1).

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 587 ط جماعة المدرسين، و 2 / 607 رقم 8 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير القمي 2 / 322.


الصفحة 349

سورة ق (50)

(أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنِيد (24) ):

(366) عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حمّاد، عن شريك قال:

بعث إلينا الاعمش وهو شديد المرض، فأتيناه وقد اجتمع عنده أهل الكوفة وفيهم أبو حنيفة وابن قيس الماصر.

فقال لابنه: يابني أجلسني، فأجلسه.

فقال: يا أهل الكوفة، إنّ أبا حنيفة وابن قيس الماصر أتياني فقالا: إنّك قد حدّثت في علي بن أبي طالب أحاديث فارجع عنها، فإنّ التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن.

فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا!

أشهدكم يا أهل الكوفة، فأنّي في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الاخرة، أني سمعت عطاء بن أبي رياح يقول: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله عزّ وجلّ: (أَلقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنيد)؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنا وعلي نلقي في جهنم كل من عادانا» فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجيء ما هو أعظم من هذا.

فقاما وانصرفا(1).

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 591 ط جماعة المدرسين، و 2 / 610 رقم 6 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: مجمع البيان 9 / 147، شواهد التنزيل 2 / 190، الامالي للشيخ الطوسي 1 / 241 و 1 / 296 و 1 / 378، الفضائل لابن شاذان: 129، تفسير القمي2/324، أربعين منتجب الدين: 51، أربعين الخزاعي: 14، مائة منقبة: 47.


الصفحة 350

سورة الذاريات (51)

(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُم تَنْطِقُونَ (23) ):

(367) حدّثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن ابن الحسين، عن سفيان بن إبراهيم، عن عمرو بن هاشم، عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن الحسين (عليهما السلام):

في قول الله عزّ وجلّ: (فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالارضِ إنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ مَا أَنَّكُم تَنْطِقُونَ)، قال: «قوله (إنَّهُ لَحَق) هو قيام القائم، وفيه نزلت: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الارْضِ كَمَا اسْتَخَلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبلِهِمْ وَليمكِّننَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي اْرتَضَى لهُمْ وَليبدِّلنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناً) (1)» (2).

____________

(1) النور 24: 55.

(2) تأويل الايات الظاهرة: 596 ط جماعة المدرسين، و 2 / 615 رقم 4 ط مدرسة الامام المهدي.


الصفحة 351

سورة الطور (52)

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْء كُلُّ امرِىء بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) ):

(368) حدّثنا أحمد بن القاسم، عن عيسى بن مهران، عن داود بن المجبّر، عن الوليد بن محمّد بن زيد بن جدعان(1)، عن عمه علي بن زيد قال:

قال عبد الله بن عمر: كنّا نتفاضل(2) فنقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ويقول قائلهم: فلان وفلان.

فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن فعليّ؟

قال: علي من أهل بيت لا يقاس بهم أحد من الناس، علي مع النبي في درجته، إن الله عزّ وجلّ يقول: (وَالذَّينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِيَّتُهُم بإيمَان أَلحَقنَا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم)، ففاطمة ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) وهي معه في درجته، وعلي مع فاطمة صلّى الله عليهما(3).

____________

(1) أ: عن الوليد بن محمد عن زيد بن جدعان.

(2) أ: تفاضل.

(3) تأويل الايات الظاهرة: 598 ـ 599 ط جماعة المدرسين، و 2 / 618 رقم 5 ط مدرسة الامام المهدي.


الصفحة 352
(369) حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمّد، عن علي بن نصير، عن الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس:

في قوله تعالى: (وَالذَّينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِيَّتُهُم بإيمَان أَلحَقنَا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم)، قال: نزلت في النبي(صلى الله عليه وآله) وعليوفاطمةوالحسن والحسين صلّى الله عليهم(1).

(370) حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد الحسني(2)، عن محمّد بن الحسين، عن حميد(3) بن والق، عن محمّد بن يحيى المازني، عن الكلبي، عن الامام جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السلام) قال:

«إذا كانت يوم القيامة نادى مناد من لدن العرش: يامعشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد.

فتكون أوّل من يكسى، ويستقبلها من الفردوس اثنا عشرة ألف حوراء معهن خمسون ألف ملك على نجائب من ياقوت أجنحتها وأزمّتها اللؤلؤ الرطب من زبرجد، عليها رحائل من درّ، على كلّ رحل نمرقة من سندس، حتى تجوز بهاالصراط ويأتون الفردوس فيتباشر بها أهل الجنّة، وتجلس على عرش من نور، ويجلسون حولها، وفي بطنان العرش قصران، قصر أبيض وقصر أصفر من لؤلؤ من عرق واحد، وإنّ في القصر الابيض سبعين ألف دار مساكن محمّد وآل محمّد، وإن في القصر الاصفر سبعين ألف دار مساكن إبراهيم وآل إبراهيم.

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 599، ط جماعة المدرسين، و 2 / 618 رقم 6 ط مدرسة الامام المهدي

(2) أ: الحسيني.

(3) أ: جندل.


الصفحة 353
ويبعث الله إليها ملكاً لم يبعث إلى أحد قبلها ولم يبعث(1) إلى أحد بعدها، فيقول لها: إنّ ربكِ عزّ وجلّ يقرأ عليكِ السلام ويقول لكِ: سليني أعطكِ.

فتقول: قد أتمّ علي نعمته، وأباحني جنته، وهنّأني كرامته وفضّلني على نساء خلقه، أسأله أن يشفّعني في ولدي وذرّيتي ومن ودّهم بعدي وحفظهم بعدي.

قال: فيوحي الله إلى ذلك الملك من غير أن يتحوّل من مكانه أن خبّرها: أني قد شفّعتها في ولدها وذرّيتها ومن ودّهم وأحبهم وحفظهم بعدها قال: فتقول: الحمد لله الذي أذهب عني الحزن وأقر عيني».

ثمّ قال جعفر (عليه السلام): «كان أبي إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الاية: (وَالّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بإيمَان أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهمْ وَمَا أَلتناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيء كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)»(2).

(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ... (47) ):

(371) حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمّد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام):

في قوله عزّ وجلّ: ( إِنَّ للَّذِينَ ظَلَمُوا...) الاية، قال: « (وَإِنَّ للَّذِينَ

____________

(1) أ: ولا يبعث.

(2) تأويل الايات الظاهرة: 599 ـ 600 ط جماعة المدرسين، و 2 / 618 رقم 7 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الكافي 1 / 216، الامالي للشيخ الطوسي 1 / 324، تفسير القمي 2 / 332.


الصفحة 354
ظَلَمُوا) آل محمد حقهم (عَذاباً دُونَ ذَلِكَ)»(1).

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 600 ط جماعة المدرسين، و 2 / 620 رقم 8 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير القمي 2 / 333.


الصفحة 355

سورة النجم (53)

(وَالنَّجْـمِ إذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إلاَّ وَحيٌ يُوُحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (4) ):

(372) عن جعفر بن محمّد بن محمّد العلوي، عن عبدالله بن محمّد الزيّات، عن جندل بن والق، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا سيّد الناس ولا فخر، وعلي سيد المؤمنين، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال رجل من قريش: والله ما يألو يطري ابن عمه.

فأنزل الله سبحانه: ( وَالنَّجمِ إذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوى) وما هذا القول الذي يقوله بهواه في ابن عمّه (إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى)»(1).

(373) حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن خالد(2) الازدي، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام):

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 603 ط جماعة المدرسين، و 2 / 623 رقم 4 ط مدرسة الامام المهدي.

(2) ق: محمّد بن خالد، أ: أحمد بن خالد عن محمد بن خالد الازدي.


الصفحة 356
في قوله عزّوجلّ: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى):«ما فتنتم إلاّ ببغض آل محمّد إذا مضى (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ) بتفضيله أهل بيته...إلى قوله: (إنْ هُوَ إلاَّ وحي يوحى)»(1).

(374) حدّثنا أحمد بن القاسم، عن منصور بن العبّاس، عن الحصين، عن العبّاس القصباني، عن داود بن الحصين، عن فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

«لما أوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين يوم الغدير افترق الناس ثلاث فرق:

فقالت فرقة: ضلَّ محمّد.

وفرقة قالت: غوى.

وفرقة قالت: بهواه يقول في أهل بيته وابن عمّه.

فأنزل الله سبحانه: (وَالنَّجْم إذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)»(2).

(375) حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبدالله بن حمّاد الانصاري، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال:

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 603 ط جماعة المدرسين، و 2 / 623 رقم 5 ط مدرسة الامام المهدي.

(2) تأويل الايات الظاهرة: 604 ط جماعة المدرسين، و 2 / 623 رقم 6 ط مدرسة الامام المهدي.


الصفحة 357
«قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة أُسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى، فقال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد، فدنوت دُنُوَّةً ـ والدنوّة(1) مدّ البصر ـ فرأيت نوراً ساطعاً، فخررت لله ساجداً.

فقال لي: يا محمّد من خلّفت في الارض؟

قلت: يا ربِّ أعدلها وأصدقها وأبرّها وأسمَّها(2) علي بن أبي طالب ووصيي ووارثي وخليفتي في أهلي.

فقال لي: أقرئه منِّي السلام وقل له: إنَّ غضبه عزّ(3) ورضاه حكم.

يا محمّد، إني أنا الله لا إله إلاّ أنا العليّ الاعلى، وهبت لاخيك اسماً من أسمائي فسميته عليّاً وأنا العلي الاعلى.

يا محمّد، إني أنا الله لا إله إلاّ أنا فاطر السماوات والارض، وهبت لابنتك اسماً من أسمائي فسميتها فاطمة وأنا فاطر كل شيء.

يا محمّد، إني أنا الله لا إله إلاّ أنا الحسن البلاء، وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي فسميتهما الحسن والحسين وأنا الحسن البلاء.

قال: فلمّا حدّث النبي (صلى الله عليه وآله) قريشاً بهذا الحديث قال قوم: ما أوحى الله الى محمّد بشيء وإنّما تكلّم عن هوى نفسه.

فأنزل الله تبارك وتعالى تبيان ذلك: (والنَّجْم إذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ

____________

(1) أ: فدنوت دونه والدونة.

(2) أ: وأ أمنها، وفي بعض المصادر: وأسنمها.

(3) م: غرور.


الصفحة 358
الْقُوَى)»(1).

(ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذِبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكَبْرَى (18) ):

(376) حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن الحسن ابن محبوب، عن عبد الله بن بكير، عن حمران بن أعين قال:

سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ في كتابه: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى)؟

فقال: «أدنى الله محمّداً منه فلم يكن بينه وبينه إلاّ قفص(2) لؤلؤ فيه فراش من ذهب يتلالا، فأُري صورة فقيل له: يامحمّد أتعرف هذه الصورة؟ فقال: نعم هذه صورة علي بن أبي طالب، فأوحى الله إليه: أن زوّجه فاطمة واتخذه وصيّاً»(3).

____________

(1) تأويل الايات الظاهرة: 604 ـ 605 ط جماعة المدرسين، و 2 / 624 رقم 7 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: المناقب لابن المغازلي: 310 رقم 353، الامالي للشيخ الصدوق: 453 و454، الكافي 8/380، الفضائل لابن شاذان: 65، تفسير القمي2/334، المناقب لابن المغازلي: 266 و 310.

(2) د: قصر.

(3) تأويل الايات الظاهرة: 605 ط جماعة المدرسين، و 2 / 625 رقم 8 ط مدرسة الامام المهدي.


الصفحة 359
(377) حدّثنا محمّد بن همام بن سهيل، عن محمّد بن إسماعيل بن العلوي(1)، حدّثنا عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر(2)، عن أبيه، عن جدّه عن علي (عليه السلام):

في قوله جلّ وعزّ: (ذُو مرّة فَاسْتَوى...) إلى قوله: (إذْ يَغْشَى السِّدرَةَ مَا يَغشى)، قال: «فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لمّا أسري به إلى ربّه(3) جلّ وعزّ قال: وقف بي جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أرَ مثلها، على كل غصن منها ملك وعلى كل ورقة منها ملك وعلى كل ثمرة منها ملك، وقد كللها(4) نور من نور الله جلّ وعزّ.

فقال جبرئيل (عليه السلام): هذه سدرة المنتهى، كان ينتهي الانبياء من قبلك إليها ثمّ لا يجاوزونها(5)، وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن أيّدك الله بالثبات حتّى تستكمل كرامات الله وتصير إلى جواره.

ثم صعد بي حتى صرت تحت العرش(6)، فدنى لي(7) رفرف أخضر

____________

(1) ب. ك: أ: إسماعيل العلوي.

(2) د. ق. م: حدّثنا محمد بن همام عن عيسى بن داود بإسناد يرفعه إلى أبي الحسن موسى بن جعفر.

(3) ق: قال قال النبي (صلى الله عليه وآله) لمّا أسرى بي إلى ربي.

(4) د. ق. م. أ: تجلّلها.

(5) د: ثمّ لم يتجاوزوها، ق. م. أ: لا يتجاوزونها.

(6) أ: ثمّ صعد بي إلى تحت العرش.

(7) د. ق. م: إلي، ب. ر: فدلى، أ: فدلي إلي.


الصفحة 360
ما أحسن أصفه، فرفعني الرفرف بإذن الله إلى ربي، فصرت عنده وانقطع عنّي أصوات الملائكة ودويّهم وذهبت عني المخاوف والروعات(1) وهدأت نفسي واستبشرت وجعلت امتدّ وانقبض ووقع عليّ السرور والاستبشار وظننت أنّ جميع الخلائق قد ماتوا أجمعين، ولم أرَ عندي أحداً من خلقه.

فتركني ما شاء الله، ثمّ ردّ عليّ روحي، فأفقت وكان توفيقاً من ربي عزّ وجلّ أن غمضت عيني وكلَّ بصري وغشيي عنّي النظر، فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ، فذلك قوله عزّ وجلّ: (مَا زاغَ البَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبرى)، وإنّما كنت أبصر مثل مخيط الابرة نوراً بيني وبين ربي لا تطيقه الابصار.

فناداني ربي جلّ وعزّ فقال تبارك وتعالى: يا محمد.

قلت: لبيك ربي وسيدي وإلهي لبّيك.

قال: هل عرفت قدرك عندي ومنزلتك وموضعك؟

قلت: نعم ياسيدي.

قال: يامحمّد، هل عرفت موقفك مني وموضع(2) ذريّتك؟

قلت: نعم يا سيّدي.

قال: فهل تعلم يامحمد فيمَ اختصم الملا الاعلى؟

قلت: ياربّ أنت أعلم وأحكم وأنت علاّم الغيوب.

قال: اختصموا في الدرجات والحسنات، فهل تدري ما الدرجات والحسنات؟

قلت: أنت أعلم ياسيدي وأحكم.

قال: إسباغ الوضوء في المفروضات، والمشي على الاقدام إلى

____________

(1) وفي بعض النسخ: والنزعات.

(2) د. ق. م. أ: موقعك منّي وموقع.


الصفحة 361
الجمعات(1) معك ومع الائمة من ولدك، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والتهجد بالليل والناس نيام.

ثمّ قال: (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)؟

قلت: نعم ياربّ (وَالْمُؤمِنْونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكتِهِ وَكُتُبهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَينَ أحَد مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأطَعْنا غُفْرانَكَ ربَّنا وَإليْكَ المَصِيرُ).

قال: صدقت يامحمّد (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاَّ وُسعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها ما اكْتَسَبَت).

فقلت: (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أَخْطَأنا رَبَّنا وَلاَ تَحْمِلْ عَلْيَنا اصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنْا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لا طَاقةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلى القَوْمِ الكَافِرينَ) (2) قال: ذلك لك ولذريتك.

يامحمّد.

قلت: لبيّك ربي وسعديك وسيدي وإلهي.

قال: اسألك عمّا أنا أعلم به منك: مَن خلّفت في الارض بعدك؟.

قلت: خير أهلها لها، أخي وابن عمّي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلّت، ولنبيّك غَضِبَ غَضَبَ النمر إذا جدل(3)، عليّ بن أبي طالب.

قال: صدقت يا محمّد، إنّي اصطفيتك بالنبوة وبعثتك بالرسالة، وامتحنت

____________

(1) د. ق. م. أ: الجماعات، ر: الجهادات.

(2) البقرة 2: 285 ـ 286.

(3) كذا في ب، وفي د. ق. م. أ: إذا غضب، ر: إذا غضب اللهم إذا جدل.


الصفحة 362
علياً بالبلاغ والشهادة إلى أمّتك وجعلته حجة في الارض معك وبعدك، وهو نور أوليائي ووليّ من أطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتّقين.

يامحمّد، وزوجته(1) فاطمة، فإنّه وصيّك ووارثك ووزيرك وغاسل عورتك وناصر دينك والمقتول على سنتي وسنتك يقتله شقيّ هذه الامة.

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثمّ أمرني ربّي بأمور وأشياء وأمرني أن اكتمها ولم يأذن لي في إخبار أصحابي بها.

ثم هَوى بي الرفرف، فإذا أنا بجبرئيل، فتناقلني منه(2) حتّى صرت إلى سدرة المنتهى فوقف بي تحتها، ثمّ أدخلني إلى جنّة المأوى فرأيت مسكني ومسكنك يا عليّ فيها.

فبينما جبرئيل يكلّمني إذ تجلّى لي(3) نور من نور الله جلّ وعزّ، فنظرت إلى مثل مخيط الابرة إلى مثل ما كنت نظرت إليه في المرة الاولى فناداني ربّي جلّ وعزّ: يا محمد.

قلت: لبيّك ربي وسيدي وإلهي.

قال: سبقت رحمتي غضبي لك ولذرّيتك، أنت مقرّبي(4) من خلقي وأنت أميني وحبيبي ورسولي، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكّون فيك طرفة عين أو يبغضون(5) صفوتي من ذرّيتك لادخلنهم ناري ولا أبالي.

____________

(1) أ: وزوّجه.

(2) ب. ل. أ: فتناولني، د. ق. م: يتناولني.

(3) أ: إذعلاني.

(4) د. ق. م. أ: صفوتي.

(5) د. ق. م: أو ينقصوك، أ: أو ينقصوك أو ينقصون.


الصفحة 363
يامحمّد، عليّ أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين إلى جنات النعيم، أبو السبطين سيدي شباب أهل جنّتي المقتولين ظلماً.

ثمّ حرّض(1) عليّ الصلاة وما أراد تبارك وتعالى.

وقد كنت قريباً منه في المرة الاولى مثل ما بين كبد القوس إلى سنيه(2)، فذلك قوله جلّ وعزّ: (قَابَ قَوْسِيْنِ أوْ أدْنى) (3) من ذلك.

ثمّ ذكر سدرة المنتهى فقال: (وَلَقَد رَآهُ نَزْلَةً أخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنتَهى عنْدَها جَنَّةُ المَأوى إذْ يَغْشَى السِّدرَةً ما يَغشى ما زاغَ البَصَرُ وَما طَغى) (4)، يعني يغشى ما غشي السدرة من نور الله وعظمته»(5).

(هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الاُْولَى (56) ):

(378) حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمد بن جعفر العلوي، عن أبيه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

____________

(1) د. ق. م. أ: فرض.

(2) د. ق. م. ب. أ: سيته، ل: سنته.

(3) النجم 53: 8.

(4) النجم 53: 13 ـ 17.

(5) اليقين: 298 ـ 301، تأويل الايات الظاهرة: 605 ـ 608 ط جماعة المدرسين، و2/625 رقم 9 ط مدرسة الامام المهدي.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير القمي 2 / 334، و 335 و 336، الامالي للطوسي1/362، الكافي 1 / 74 رقم 2، علل الشرائع: 267.


الصفحة 364
في قوله لله عزّ وجلّ: (هَذَا نذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الاُولَى)، قال: «خلق الله عزّ وجلّ الخلق وهم أظلّة، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم، فمنهم مَن آمَن به ومنهم مَن كفر به، ثمّ بعثه في الخلق الاخر فآمَن به مَن كان آمَن به في الاظلة، وجحد به مَن جحد به يومئذ، فقال عزّ وجلّ: (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبلُ) (1)»(2).

(379) أخبرنا عبد الله بن العلاء المزاري، قال: حدّثنا محمد بن الحسن ابن شمون، قال حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما بعث الله عزّ وجلّ نبيّاً إلاّ بخاتم محمّد (صلى الله عليه وآله)، وذلك قوله جلّ اسمه: (هَذَا نذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الاُولَى)»(3).

(380) حدّثنا الحسين بن أحمد، قال: حدّثنا محمد بن عيسى، قال:

حدّثنا يونس بن عبد الرحمن، عن رجل، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

« (هَذَا نذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الاُولَى) يعني: محمّداً (صلى الله عليه وآله) هو نذير من النذر الاولى، يعني: إبراهيم وإسماعيل هم ولدوه فهو منهم»(4).

____________

(1) الاعراف 7: 101.

(2) مختصر بصائر الدرجات: 173.

(3) مختصر بصائر الدرجات: 173.

(4) مختصر بصائر الدرجات: 173.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير القمي 2 / 340، الامالي للطوسي 2 / 282.


الصفحة 365

سورة القمر (54)

(إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَنَهَر (54) فِي مَقْعَدِ صِدْق عِنْدَ مَلِيك مُقْتَدِر (55) ):

(381) عن محمّد بن عمر(1) بن أبي شيبة، عن زكريّا بن يحيى، عن عمرو ابن ثابت، عن أبيه، عن عاصم بن ضمرة قال:

إنّ جابربن عبدالله قال: كنّا(2) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد، فذكر بعض أصحابه الجنَّة، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): «إنَّ أوَّل أهل الجنَّة دخولاً إليها علي بن أبي طالب».

فقال أبو دجانة الانصاري: يارسول الله أليس أخبرتنا أنّ الجنَّة محرّمة على الانبياء حتّى تدخلها، وعلى الاُمم حتّى تدخلها أُمّتك؟!

فقال: «بلى يا أبا دجانة، أما علمت أنّ لله لواءً من نور وعموداً من نور خلقهما الله(3) قبل أن يخلق السماوات والارض بألفي عام، مكتوب على ذلك اللواء: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، خير البرية آل محمّد، صاحب اللواء عليّ وهو إمام القوم».

فقال علي (عليه السلام): «الحمد الله الذي هدانا بك يا رسول الله وشرفنا».

____________

(1) أ: عمران.

(2) م: قال: أنا وجابر بن عبد الله كنّا.

(3) د. م: خلقها الله.