وعلى ضوئه تتحزّب الشـعوب والقبائل، وتتكثّر الأحزاب والجمعيات.
وبالنظر إليه تؤسّـس المؤسّـسات في أُمور الدين والدنيا، وتتمركز المجتمعات الدينية، والعلمية، والاجتماعية، والشـعوبية، والقومية، والطائفية، والحزبية، والسـياسـية.
.. إلى كلّ قبض وبسـط، وحركة وسـكون، ووحدة وتفكّك، واقتران وافتراق.
فالحكومة العالمية القوية، القهّارة الجبّارة، الحاكمة على الجامعة البشـرية بأسـرها، من أوّل يومها وهلمّ جرّاً إلى آخر الأبـد، من دون شـذوذ لأيّ أحد وخروج فرد عن سـلطتها، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم، إنّما هي حكومة " ياء النسـبة "!
بها قوام الدين والدنيا، وإليها تنتهي سـلسـلة النظم الإنسـانية، وقانون الاجتماع العامّ، وشـؤون الأفراد البشـري.
والبشـر ـ مع تكثّر أفراده ـ على بكرة أبيهم مُسـيّر بها، مقهور تحت نير سـلطتها، مصفّد بحبالهـا، مقيّـد في شـراكها، لا مهرب له منها.
هي التي تُحْكِم وتفتق، وتنقض وتبرم، وترفع وتخفض، وتصل وتقطع، وتقرّب وتبعّد، وتأخذ وتعطي، وتعزّ وتذلّ،
هي التي تجعل الجندي المجهول مكرّماً، معظّماً، محترماً، وتراه أهلا لكلّ إكبار وتجليل وتبجيل، لدى الشـعب وحكومته، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبرته، وتدعه يُذكر مع الأبد، خالداً ذِكره في صفحة التاريخ.
هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل، وبمقاييسـها يقاسـي الإنسـان الشـدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها.
هي التي جعلت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يُقَبّل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميّت، ودموعه تسـيل على خدّيه كما جاء عن السـيّدة عائشـة(1).
هي التي دعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن يبكي على ولده الحسـين السـبط، ويقيم كلّ تلكم المآتم، ويأخذ تربة كربلاء ويشـمّها ويقبّلها.. إلى آخر ما سـمعت من حديثه(2).
____________
1- أخرجه أبو القاسم عبـد الملك بن بشران في أماليه، وأبو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده، والحاكم النيسابوري في المجلّد الثالث من المستدرك، وحفّاظ وأعلام آخرون.
انظر: سنن أبي داود 3 / 198 ح 3163، الجعديات 2 / 94 ح 2105، الغيلانيات 2 / 728 ـ 729 ح 1005 ـ 1007، المستدرك على الصحيحين 3 / 209 ـ 210 ح 4868.
2- انظر: الفتوح ـ لابن أعثم ـ 4 / 327، تاريخ دمشق 14 / 188 ـ 189، كفاية الطالب: 426 ـ 427.
هي التىّ سوّغت للصدّيقة فاطمـة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشـمّها(2).
هي التي حكمت على بني ضبّة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عائشـة أُمّ المؤمنين وتفتّها وتشـمّها كما ذكره الطبري(3).
هي التي جعلت عليّـاً أمير المؤمنين (عليه السلام) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لمّا حلّ بها، فشـمّها وبكى حتّى بلّ الأرض بدموعه، وهو يقول: يحشـر من هذا الظهر سـبعون ألفاً، يدخلون الجنّة بغير حسـاب.
أخرجه الطبراني، وقال الهيثمي في المجمع: رجاله ثقات(4).
____________
1- تاريخ دمشق 14 / 190 ح 3522 و 3523 و ص 192 ـ 193 ح 3528.
2- ورد أنّ سـيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) سارت إلى قبر أبيها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته ووقفت عليه وبكت، ثمّ أخذت قبضة تراب من القبر فجعلتها على عينيها ووجهها، ثمّ أنشأت تقول:
ماذا على من شمّ تربة أحمد | أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا |
انظر: الفصول المهمّة: 148، نور الأبصار: 53.
3- تاريخ الطبري 3 / 48 ـ 49 حوادث سنة 36.
4- المعجم الكبير 3 / 111 ح 2825، مجمع الزوائد 9 / 191، وانظر: تاريخ دمشق 13 / 222، كفاية الطالب: 428.
قال هشـام بن محمّـد: لمّا أُجري الماء على قبر الحسـين نضب بعد أربعين يوماً وامْـتَـحَى(1) أثرُ القبر، فجاء أعرابي من بني أسـد فجعل يأخذ قبضة قبضـة من التراب ويشـمّه حتّى وقع على [ قبـر ] الحسـين، فبـكى وقال: بأبي وأُمّي ما كان أطيـبك حيّاً، وأطيب تربتك ميتاً! ثمّ بكى وأنشـأ يقول:
أرادوا لِيُخْفُوا قبرَه عن عَداوة | وطِيبُ ترابِ القبرِ دَلّ على القبرِ(2) |
فالفرد البشـري كائناً من كان، أينما كان وحيثما كان، من أيّ عنصر وشـاكلة، على تكثّر شـواكله، واختلاف عناصره، في جميع أدوار الحياة، هو أسـير تلك الحكومة، ورهين لفظة:
روحي، بدني، مالي، أهلي، ولدي، أقاربي، رحمي، أُسـرتي، تجارتي، نحلتي، ملّتي، طائفتي، مبدئي، داري،
____________
1- امْـتَـحى ـ بصيغة " انْـفَـعَـلَ " من الفعل " محا "، وهي لغة فيه قليلة أو ضعيفة ـ: أي ذَهَـبَ أثـرُه ; والأجود لغةً: امَّـحَـى ـ كادّعى ـ.
انظر مادّة " محا / محو " في: الصحاح 6 / 2490، لسان العرب 13 / 43، تاج العروس 20 / 176.
2- تاريخ دمشق 14 / 244 ـ 245، كفاية الطالب: 440 ـ 441.
وهذه هي حرفياً بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شـدقي الحـكومـات والـدول، والجمعيـات، والهيئـات، والأحيـاء، والشـعوب، والقبائل، والأحزاب، والملل، والنحل، والملوك، والطوائف، والسـلطات الحاكمة.. إلى كلّيات لا تتناهى.
وبمجرّد تمامية النسـبة وتحقّق الإضافة في شـيء جزئي أو كلّي، أو أمر فردي أو اجتماعي، لدى أُولئك المذكورين تترتّب آثار، وتتسـجّل أحكام لا منتدح لأيّ أحد من الخضوع لها والإخبات إليها، والقيام دونها، والتقيّد بها.
وهذا بحث جدّ ناجع، تنحل به مشـكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات، وعقود الضغينة والمحبّة، وعويصات المذاهب، ومقرّرات الشـرع الأقدس، وفلسـفة مقرّبات الدين الحنيف، ومقدّسـات الإسـلام وشـعائره، والحرمات والمقامات والكرامات.
فبعد هذا البيان الضافي يتّضح لدى الباحث النابه الحرّ سـرّ فضيلة تربة كربلاء المقدّسـة، ومبلغ انتسـابها إلى الله سـبحانه وتعالى، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوّاً واقتراباً من العليّ الأعلى، فما ظنّك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله، وقائد جنده الأكبر، المتفاني دونه؟!
فأيّ من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد ـ من لدن آدم وهلمّ جرّاً ـ عنده قائد ناهض طاهر، كريم وفيّ، صادق أبيّ، شـريف عزيز، مثل قائد شـهداء الإخلاص بالطفّ: الحسـين المفـدّى؟!
لماذا لا يباهي به الله؟!
وكيف لا يتحفّظ على دمه لديه، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لمّا رفعه الحسـين بيديه إلى السـماء؟!(1).
____________
1- أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده، والحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 4 / 338 بإسناده عن الخطيب، والحافظ الكنجي في الكفاية: 284، عن الحسن المثنّى، عن مسلم بن رباح ـ مولى أمير المؤمنين ـ، قال: كنت مع الحسـين يوم قُتل فرمي في وجهه بنشّابة، فقال لي: يا مسلم! ادن يديك من الدم ; فأدنيتها، فلمّا امتلأ قال: اسكبه في يدي ; فسكبته في يديه، فنفخ بهما إلى السماء وقال: اللّهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك.
قال مسلم: فما وقع إلى الأرض منه قطرة.
وقد جاء أنّ الحسـين (عليه السلام) رمى بدم حنكه إلى السماء لمّا أصابه السـهم.
وأخرج حديثه جمع من الحفّاظ.
انـظـر: تـاريـخ دمـشـق 14 / 223، كـفايـة الطـالـب: 431 ـ 432 و 434.
وكيف لا يُسَـوِّدُ وجهَ الدنيا في عاشـورائه، ولا يبدي بيّنات سـخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود(1)؟!
ولماذا لا تبكي عليه الأرض والسـماء؟! كما جاء عن ابن سـيرين في ما أخرجه جمع من الحفّاظ(2).
ولماذا لا تمطر السـماء يوم قتله دماً؟! كما جاء حديثه متواتراً(3).
ولمـاذا لا يبعـث الله رسـله من الملائـكة المقـرّبين إلى نبـيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بتربة كربلائه(4)؟!
ولماذا لا يشـمّها رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! ولِمَ يقبّلها؟! ولِمَ
____________
1- انظـر: المعجم الكبـير 3 / 114 ح 2836 ـ 2839، تاريخ دمشق 14 / 227 و 228.
2- المعجم الكبير 3 / 114 ح 2840.
3- الـفتـوح ـ لابن أعثـم ـ 4 / 330 ـ 331، تـاريـخ دمـشـق 14 / 227 و 229.
4- انظر: المعجم الكبير 3 / 105 ـ 106 ح 2811 و ص 109 ـ 110 ح 2820 و 2821، تاريخ دمشق 14 / 191 ـ 192 ح 3526 و ص 193 ـ 194 ح 3531 و 3532.
ولماذا لا يتّخذها بلسـماً في بـيته؟!
فهلمّ معي أيّها المسـلم الصحيح، أفليسـت السـجدة على تربة هذا شـأنّها لدى التقرّب إلى الله في أوقات الصلوات، أطراف الليل والنهار، أَوْلى وأحرى من غيرها من كلّ أرض وصعيد وقاعة وقرارة طاهرة، أو من البسـط والفرش والسـجّاد المنسـوجة على نول هويّات مجهولة، ولم يوجد في السُـنّة أيّ مسـوّغ للسـجود عليها؟!
أليس أجدر بالتقرّب إلى الله، وأقرب بالزلفى لديه، وأنسـب بالخضوع والخشـوع والعبودية له تعالى أمام حضرته، وَضْعَ صَفْحِ الوجه(1) والجباه على تربة في طيّها دروس الدفاع عن الله ومظاهر قدسـه، ومجلى التحامي عن ناموسـه ناموس الإسـلام المقدّس؟!
أليس أليق بأسـرار السـجدة على الأرض، السـجود على تربـة فيها سـرّ المنعـة والعظمـة والكبرياء والجلال لله جلّ وعلا، ورموز العبودية والتصـاغر دون الله بأجلى مظاهرها وسـماتها؟!
____________
1- صَفْح الوجه وصُفْح الوجه: عُرضُـه ; انظر: الصحاح 1 / 383 مادّة " صَفَحَ ".
أليس الأمثل والأفضل اتّخاذ المسـجد من تربة تفجّرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حبّ الله، وصيغت على سُـنّة الله وولائه المحض الخالص؟!
فعلى هذين الأصلين نتّخذ نحن من تربة كربلاء قطعاً لُمَعاً(1) وأقراصاً نسـجد عليها كما كان فقيه السـلف مسـروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنوّرة يسـجد عليها.
والرجل تلميذ الخلافة الراشـدة، فقيه المدينة، ومعلّم السُـنّة بها، وحاشـاه من البدعة، ففي أيّ من الأصلين حزازة وتعسّـف؟!
وأيّ منهما يضادّ نداء القرآن الكريم؟! أو يخالف سُـنّة الله وسُـنّة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وأيّهما يُسـتنكَر ويعدّ بدعة؟!
____________
1- اللُمْعة ـ وجمعها: لُـمَع ـ: القطعة من النبت تأخذ في اليُبس ; انظر: الصحاح 3 / 1281، لسان العرب 12 / 329، المصباح المنير: 213، مادّة " لَمَعَ ".
واسـتعارها هنا الشـيخ (قدس سره) للدلالة على أنّ تربة كربلاء المتّخذة للسـجود هي قطع من التراب الجافّ الطاهر ليس إلاّ.
وليس اتّخاذ تربة كربلاء مسـجداً لدى الشـيعة من الفرض المحتّم، ولا من واجب الشـرع والدين، ولا ممّا ألزمه المذهب، ولا يفرّق أيّ أحد منهم ـ منذ أوّل يومها ـ بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السـجود عليها، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم.
وإنْ هو عندهم إلاّ اسـتحسـان عقلي ليس إلاّ، واختيار لِما هو الأَوْلى بالسـجود لدى العقل والمنطق والاعتبار فحسـب، كما سـمعت.
وكثير من رجال المذهب يتّخذون معهم في أسـفارهم غير تربة كربلاء، ممّا يصحّ السـجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته، أو خُمرة مثله، ويسـجدون عليه في صلواتهم.
ونحن نرى أنّ الأخذ بهذين الأصلين القويمين، والنظر إلى رعاية أمرَي الحيطة والحرمة ومراقبتهما، يحتّم على أهالي الحرمين الشـريفين: مكّة والمدينة، واللائذين بجنابهما، والقاطنين في سـاحتهما، أن يتّخذوا من تربتهما أقراصاً وألواحاً مسـجداً لهم، أخذاً بالأصلين، وتخلّصاً من حرارة حصاة المسـجد الشـريف اللاهبة(1) أيّام الظهائر وشـدّة الرمضاء،
____________
1- كان في الأصل: " القارصة "، وهو سهو، إذ تقال هذه للبرودة ; وأثبتـنا في المتن ما يناسب السياق.
____________
1- إنّ كثيراً من العلماء والمفسّرين أعطوا مكّة والمدينة، بل وحرميهما، أحكام المسجدين، فألحقوا مكّة المشرّفة والمدينة المنوّرة بجواز التخيير بين القصر والتمام للمسافر كما هو حكم المسجدين..
قال السيّد الخوئي (قدس سره): " وذكر جماعة اختصاص التخيير في مكّة والمدينة بالمسجدين، ولكنّه لا يبعد ثبوت التخيير في البلدين مطلقاً " [ المسائل المنتخبة: 183 ] أي يتخيّر المسافر بين القصر والتمام.
وقال العلاّمة الحلّي في أحكام المسافر من كتابه " تبصرة المتعلّمين ": " ويجب التقصير إلاّ في حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسجد الكوفة، والحائر الحسـيني ; فإنّه يتخيّر " [ انظر: تذكرة الفقهاء 4 / 365 مسألة 614 ].
وذلك استناداً إلى نصوص في ذلك ـ وإن لم يعمل بها بعضهم ـ كصحيح ابن الحجّاج عن الإمام الصادق (عليه السلام) حين سأله عن التمام في مكّة والمدينة، فقال (عليه السلام): " أتمّ وإن لم تصلّ فيهما إلاّ صلاة واحدة ". [ وسائل الشيعة 8 / 525 ح 11347 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر حديث 2 ـ ].
وصحيح علي بن يقطين، عن الإمام أبي إبراهيم (عليه السلام)، حين سأله عن التقصير بمكّة، فقال (عليه السلام): " أُتمّ وليس بواجب، إلاّ أنّي أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي. [ وسائل الشيعة 8 / 529 ح 11361 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 19 ـ ].
من هذا ـ وممّا سيأتي ـ نسـتفيد أنّهم يتعاملون مع أرض الحرم إمّا على أنّها مسجد، أو أنّ لأرض الحرم أحكاماً خاصّة، ومنها عدم جواز إخراج أحجارها..
=>
____________
<=
قـال ابن حزم تحـت عنـوان "ولا يُخـرج شـيء من تـراب الحرم ولا حجارته إلى الحلّ ".. قال: " روينا عن طريق سعيد بن منصور، حدّثنا هشيم، أخبرنا حجّاج، عن عطاء، قال: يُكره أن يُخرج من تراب الحرم إلى الحلّ، أو يُدخل ترابٌ الحلّ إلى الحرم ; وهو قول ابن أبي ليلى وغيره ; ولا بأس بإخراج ماء زمزم ; لأنّ حرمة الحرم إنّما هي للأرض وترابها وحجارتها، فلا يجوز له إزالة حرمتها، ولم يأت في الماء تحريم ". [ المحلّى 7 / 262 ـ 263 مسألة 899 ].
وقال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى): " عن ابن عبّـاس: الحرم كلّه مسجد، وهذا قول الأكثرين " [ تفسـير الفخـر الـرازي 20 / 148 ] ; لأنّـه أُسـري بـه (صلى الله عليه وآله وسلم) من بـيت أُمّ هاني بنت أبي طالب، ومن المجمع عليه أنّه لا يجوز إخراج حصى المسـجد ولا ترابه.
وقال الطبري في تفسير نفس الآية: " وأمّا قوله: (من المسجد الحرام) فإنّه اختُلف فيه وفي معناه، فقال بعضهم: يعني من الحرم، وقال: الحرم كلّه مسجد ; وقد بيّـنّـا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا ". [ تفسير الطبري 8 / 4 ].
وسُئل السيّد محسن الحكيم (قدس سره) عن الأحجار من المزدلفة يحتفظ بها الحاجّ إلى العام القادم؟ قال: " الأحوط أن يرميها في منى ". [دليل الحاجّ: 171 ].
وقال السيّد محمّـد رضا الگلبايگاني (قدس سره) في حرمة الحرم: " ويحرم قلع شجره وحشيشه وقطعهما، ويمنع نقل ترابه وأحجاره على الأحوط ". [ آراء المراجع في الحجّ: 434 ].
تلخّص ممّا سبق أنّ هذا هو المانع للصدر الأوّل من المسلمين من أن يحملوا تراب الحرمين على شكل ألواح أو أقراص كما هو عندنا اليوم والذي نطلق عليه التربة الحسـينية، غير أنّ الشيخ الأميني يرى جواز ذلك كما عليه بعضهم، وهو كما ترى.
وتكون نبراسـاً في بيوت المسـلمين تتنوّر منها القلوب، وتسـتـضيء بنورها أفـئدة أُولي الألباب، ويتقرّب المسـلمون إلى الله تعـالى في كلّ صقـع وناحيـة في أرجاء العـالم بالسـجود على تربة أفضل بقعـة اختـارها الله لنفسـه، بيـت أمن ودار حرمـة وعظمـة وكرامة، ولنبيّـه حرمـاً ومضجعـاً مبـاركاً.
وفيها وراء هذا كلّه دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسـلام، وإلى كعبة عبادته، وعاصمة سُـنّته، وصاحب رسالته.
( ذلك ومن يعظّم حرمات الله فهو خير له عنـد ربّـه )(1).
عبـد الحسـين الأميني
____________
1- سورة الحجّ 22: 30.
مصـادر التوثيق والتعضيد
1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ آراء المراجع في الحجّ، لعلي افتخاري، مطبعة النجف.
3 ـ الإتحاف بحبّ الأشراف.
4 ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان، لعلي بن بلبان الفارسي (ت 739)، تحقيق كمال يوسف الحوت، نشر دار الفكر، بيروت 1407.
5 ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، لأحمد بن محمّـد القسطلاني (ت 923)، نشر دار الفكر، بيروت 1401.
6 ـ أسباب النزول، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت 468)، تحقيق ونشر دار الفكر، بيروت 1414.
7 ـ الاسـتبصار، للشـيخ الطوسي محمّـد بن الحسـن (ت 460)، تحقيق حسن الموسوي الخرسان، نشر دار الكتب الإسلامية، طهران 1390.
8 ـ الاستيعاب، لابن عبـد البرّ القرطبي (ت 463)، تحقيق علي محمّـد البجاوي، نشر دار الجيل، بيروت 1412.
9 ـ أُسد الغابة، لابن الأثير الجزري (ت 630)، نشر دار الفكر، بيروت 1409.
10 ـ الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني (ت 852)، تحقيق علي محمّـد البجاوي، نشر دار الجيل، بيروت 1412.
11 ـ الأُصول العامة للفقه المقارن، للسيّد محمّـد تقي الحكيم.
13 ـ تاريخ الأُمم والملوك، لمحمّـد بن جرير الطبري (ت 310)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
14 ـ تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي أحمد بن علي (ت 463)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
15 ـ تاريخ دمشق، لابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت 571)، تحقيق محبّ الدين أبي سعيد، نشر دار الفكر، بيروت 1417.
16 ـ التاريخ الكبير، لمحمّـد بن إسماعيل البخاري (ت 256)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
17 ـ تذكرة الفقهاء، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت 726)، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، قم 1414.
18 ـ التذكرة في أحوال الموتى وأُمور الآخرة، لمحمّـد بن أحمد الخزرجي القرطبي (ت 671)، نشر دار الفكر، بيروت 1410.
19 ـ الترغيب والترهيب، لعبـد العظيم بن عبـد المنذري (ت 656)، نشر دار مكتبة الحياة، بيروت 1411.
20 ـ تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطي (ت911)، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
21 ـ تفسير ابن كثير، لإسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي
22 ـ تفسير فخر الدين الرازي، لمحمّـد بن عمر الرازي (ت 606)، تحقيق خليل محيي الدين، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
23 ـ تفسير الطبري، لمحمّـد بن جرير الطبري (ت 310)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1412.
24 ـ تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني (ت 852)، تحقيق صدقي جميل العطّار، نشر دار الفكر، دمشق 1415.
25 ـ تهذيب خصائص الإمام عليّ (عليه السلام)، لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303)، تحقيق حجازي بن محمّـد، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
26 ـ تهذيب الكمال، ليوسف بن عبـد الرحمن المزّي (ت 742)، تحقيق أحمد علي عبيد وحسن أحمد آغا، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
27 ـ الثقات، لمحمّـد بن حبّان التميمي البُستي (ت 354)، نشر دائرة المعارف الإسلامية، الهند 1393.
28 ـ جامع الأحاديث الكبير، لجلال الدين السيوطي (ت 911)، تحقيق عبّاس أحمد صقر وأحمد عبـد الجواد، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
29 ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، لجلال الدين السيوطي (ت 911)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1410.
30 ـ الجرح والتعديل، لعبـد الرحمن بن أبي حاتم محمّـد الرازي (ت 327)، دار الكتب العلمية، بيروت.
31 ـ الجعديات، لعبـد الله بن محمّـد البغوي (ت 317)،
32 ـ دليل الحاجّ، للسيّد محسن الطباطبائي الحكيم (ت 1391)، إعداد هادي الطباطبائي الحكيم، النجف الأشرف 1388.
33 ـ سنن ابن ماجة، لمحمّـد بن يزيد القزويني (ت 275)، تحقيق محمّـد فؤاد عبـد الباقي، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
34 ـ سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث (ت 275)، نشر دار الجيل، بيروت 1412.
35 ـ سنن الترمذي، لمحمّـد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279)، تحقيق كمال يوسف الحوت، نشر دار الكتب العلمية، بيروت.
36 ـ السنن الكبرى، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت 458)، نشر دار الفكر.
37 ـ سنن النسائي، لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303)، نشر دار الجيل، بيروت.
38 ـ سير أعلام النبلاء، لمحمّـد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748)، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومحمّـد نعيم العرقسوسي، نشر مؤسـسة الرسالة، بيروت 1414.
39 ـ سـيرتنا وسـنّـتنا، للعلاّمة عبـد الحسـين الأميني (ت 1390)، نشر مؤسّـسة البلاغ، بيروت 1411.
40 ـ شواهد التنزيل، لعبيـد الله بن عبـد الله بن أحمد الحسكاني (ت 470)، تحقيق محمّـد باقر المحمودي، نشر مؤسـسة الأعلمي، بيروت 1393.
41 ـ الصحاح، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393)،
42 ـ صحيح البخاري، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256)، نشر المكتبة الثقافية، بيروت.
43 ـ صحيح مسلم، لمسلم بن الحجّاج القشيري (ت 261)، نشر دار الجيل، بيروت.
44 ـ الصواعق المحرقة، لأحمد بن حجر الهيتمي (ت 974)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1414.
45 ـ الطبقات الكبرى، لمحمّـد بن سعد الهاشمي (ت 230)، تحقيق محمّـد عبـد القادر عطا، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1410.
46 ـ عارضة الأحوذي، لمحمّـد بن عبـد الله بن العربي المعافري المالكي (ت 543)، تحقيق صدقي جميل العطّار، نشر دار الفكر، بيروت 1415.
47 ـ علل الشرائع، للشيخ الصدوق محمّـد بن علي بن بابويه القمّي (ت 381)، نشر دار الحجّة الثقافية، قم 1416.
48 ـ عُمدة القاري بشرح صحيح البخاري، لبدر الدين بن أحمد العيني (ت 855)، نشر دار الفكر، بيروت.
49 ـ الغدير في التراث الإسلامي، للسيّد عبـد العزيز الطباطبائي (ت 1416)، نشر مؤسّسة نشر الهادي، قم 1415.
50 ـ الغيلانيات، لمحمّـد بن عبـد الله الشافعي (ت 354)، تحقيق حلمي كامل، نشر دار ابن الجوزي، السعودية 1417.
51 ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني
52 ـ الفتوح، لأحمد بن أعثم الكوفي (ت 314)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1406.
53 ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة (عليهم السلام)، لابن الصبّاغ علي بن محمّـد المالكي (ت 855)، نشر دار الكتب التجارية، النجف الأشرف.
54 ـ فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، لأحمد بن حنبل (ت 241)، تحقيق السيّد عبـد العزيز الطباطبائي، قم.
55 ـ كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، لمحمّـد بن يوسف الكنجي الشافعي، تحقيق محمّـد هادي الأميني، نشر دار إحياء تراث أهل البيت، طهران 1404.
56 ـ كنز العمّال، لعلي المتّقي الهندي (ت 975)، تحقيق بكر حيّاني وصفوة السقّا، نشر مؤسّـسة الرسالة، بيروت 1413.
57 ـ لسان العرب، لابن منظور محمّـد بن مكرّم (ت 711)، تحقيق علي شيري، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت 1408.
58 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن، للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548)، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
59 ـ مجمع الزوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807)، نشر دار الكتب العليمة، بيروت 1408.
60 ـ المحلّى، لابن حزم علي بن أحمد الظاهري (ت 456)، نشر دار الجيل، بيروت.
61 ـ مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور محمّـد بن مكرّم (ت
62 ـ المسائل المنتخبة، للسيّد أبو القاسم الموسوى الخوئي، نشر دار الزهراء، بيروت 1408.
63 ـ المستدرك على الصحيحين، لمحمّـد بن عبـد الله الحاكم النيسابوري (ت 406)، تحقيق مصطفى عبـد القادر عطا، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1411.
64 ـ المسـند، لأحمد بن حنبل (ت 241)، نشر دار صادر، بيروت.
65 ـ المسـند، لأبي يعلى الموصلي (ت 307)، تحقيق حسين سليم أسد، نشر دار المأمون للتراث، دمشق 1410.
66 ـ مصابيح السُـنّة، للحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516)، تحقيق يوسف عبـد الرحمن المرعشلي وآخرين، نشر دار المعرفة، 1407.
67 ـ المصباح المنير، لأحمد بن محمّـد الفيّومي (ت 770)، نشر مكتبة لبنان، بيروت 1987.
68 ـ المصنّف، لعبـد الرزّاق بن همّام الصنعاني (ت 211)، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، نشر المكتب الإسلامي، بيروت 1404.
69 ـ المصنّف في الأحاديث، لمحمّـد بن أبي شيبة الكوفي (ت 235)، تحقيق سعيد اللحّام، نشر دار الفكر، بيروت 1409.
70 ـ المعجم الأوسط، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360)، تحقيق أيمن صالح شعبان وسيّد أحمد إسماعيل، نشر دار
71 ـ المعجم الصغير، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360)، نشر دار الكتب العلمية، بيروت 1403.
72 ـ المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360)، تحقيق حمدي عبـد المجيد السلفي، نشر دار إحياء التراث العربي.
73 ـ معجم ما أُلّف في المسائل الخلافية، لعبـد الله عدنان المنتفكي، مخطوط.
74 ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمّـد فؤاد عبـد الباقي، مطبعة دار االمعرفة، بيروت 1414.
75 ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، لابن المغازلي علي بن موسى الشافعي (ت 483)، نشر دار الأضواء، بيروت 1412.
76 ـ الموطّـأ، لمالك بن أنس (ت 179)، تحقيق نخبة من العلماء، نشر دار الجيل، بيروت 1414.
77 ـ نصب الراية.
78 ـ نور الأبصار، لمؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي (ت 1308)، نشر دار الفكر.
79 ـ نيل الأوطار، لمحمّـد بن علي الشوكاني الصنعاني (ت 1250)، تحقيق سهيل زكّار، نشر دار الفكر، بيروت 1414.
80 ـ وسائل الشيعة، للحرّ العاملي (ت 1104)، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، قم / بيروت 1413.
81 ـ ينابـيع المودّة، لسليمان بن إبراهيم القندوزي (ت 1294)، تحقيق علي جمال أشرف، نشر دار الأُسوة، قم 1416.