يا رسول الله أفلا تسميهم لي؟ فقال: نعم أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه علي بن الحسين زين العابدين، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالباقر، وبعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا، وبعد علي ابنه محمد يدعى بالزكي، وبعد محمد ابنه علي ويدعى بالتقي وبعد علي ابنه الحسن يدعي بالأمين القائم من ولد الحسين سميي وأشبه الناس بي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ". قال الرجل: يا أمير المؤمنين فما بال قوم وعوا ذلك من رسول الله ثم دفعوكم عن هذا الأمر وأنتم الأعلون نسبا بالنبي (صلى الله عليه وآله) وفهما بالكتاب والسنة؟ قال: " أرادوا قلع أوتاد الحرم، وهتك سور أشهر الحرم من بطون البطون ونور نواظر العيون، بالظنون الكاذبة، والأعمال البائرة، بالأعوان الجائرة، في البلدان المظلمة، والبهتان المهلكة، بالقلوب الجرية فراموا هتك الستور الزكية، وكسر آنية التقية(1) ومشكاة يعرفها الجميع، عين الزجاجة ومشكاة المصباح وسبل الرشاد، وخيرة الواحد القهار، حملة بطون القرآن، فالويل لهم من طمطام النار، ومن رب كريم متعال، بئس القوم من خفضني وحاولوا الإدهان في دين الله، فإن يرفع عنا محن البلوى حملناهم من الحق على محضه، وإن يكن الأخرى فلا تأس على القوم الفاسقين "(2).
الرابع والستون: ابن بابويه عن علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن
____________
(1) في البحار: وكسر آنية الله النقية.
(2) رواه السيد البحراني في كتابه الإنصاف ص 232 - 237 - ط إيران 1386 هـ عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن بابويه، ورواه الشيخ الخزاز القمي في كفاية الأثر ص 28 - 29 ط إيران، وعنه الشيخ المجلسي في البحار: 36 / 354 - 356. وقال بعد ذكر الحديث.
" الشيصبان اسم الشيطان، وإنما عبر عنهم بذلك لأنهم كانوا شرك شيطان. والمشهور أن عدد خلفاء بني العباس كان سبعة وثلاثين، ولعله (عليه السلام) إنما عد منهم من استقر ملكه وامتد، لا من تزلزل سلطانه وذهب ملكه سريعا، كالأمين والمنتصر والمستعين والمعتز وأمثالهم.
والكديد إما كناية عن المعتز فالمراد بسنيه أعوام عمره فإن عمره حين مات كان أربعا وعشرين سنة، فيكون ما ذكره (عليه السلام) عند العد على خلال فالترتيب، أو كناية عن المقتدر ويكون المراد بسنيه مدة خلافته وكانت أربعة وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما وكان ثامن عشرهم وفي العد أيضا الكديد هو الثامن عشر والمتقي أيضا كانت مدة خلافته أربعا وعشرين سنة وأشهرا، فيحتمل أن يكون إشارة إليه بناء على سقوط جماعة قبله لعدم تمكنهم كما مر. وفي بعض النسخ " على عدد سني الملك " أي على عدد سني ملكهم وسلطانهم، أهملها ولم يذكرها، وفي روايات هذه الخطبة اختلافات كثيرة ".
يا رسول الله ما لي أراك متفكرا فقال: يا بني إن الروح الأمين قد أتاني فقال: يا رسول الله العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك: إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة عند علي بن أبي طالب فإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف بطاعتي(2) وتعرف به ولايتي فإني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك(3)، كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، فقلت: يا رسول الله فمن يملك هذا الأمر بعدك؟
قال: أبوك علي بن أبي طالب أخي وخليفتي ويملك بعد علي الحسن ثم تملكه أنت وتسعة من صلبك، يملكه اثنا عشر إماما، ثم يقوم قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويشفي صدور قوم مؤمنين من شيعته "(4).
الخامس والستون: ابن بابويه قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال:
حدثنا أبو سليمان(5) أحمد بن أبي هراسة قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله ابن حماد الأنصاري قال: حدثنا إسماعيل ابن أبي أويس، عن أبيه، عن عبد الحميد الأعرج، عن عطاء قال: دخلنا على عبد الله بن عباس وهو عليل بالطائف وقد ضعف(6) فسلمنا عليه وجلسنا، فقال لي: يا عطاء من القوم؟ فقلت: يا سيدي هم شيوخ هذا البلد، منهم: عبد الله بن سلمة ابن حضرم الطائفي، وعمارة بن الأجلح، وثابت بن مالك، فما زلت أذكر له واحدا بعد واحد ثم تقدموا إليه وقالوا: يا بن عم رسول الله إنك رأيت رسول الله وسمعت منه ما سمعت، فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمة فقوم قدموا عليا على غيره وقوم جعلوه بعد ثلاثة؟
____________
(1) في كفاية الأثر والبحار: أبو عبد الله محمد بن مهران، عن محمد بن إسماعيل الحسني.
(2) في كفاية الأثر والبحار: تعرف به طاعتي.
(3) في كفاية الأثر والبحار: من الغيب من ذريتك.
(4) رواه السيد البحراني في الإنصاف ص 58 - 59، عن الغيبة لابن بابويه. وذكره الخزاز في كفاية الأثر ص 24، والمجلسي في البحار: 36 / 345 - 346.
(5) في كفاية الأثر: أبو سليمان.
(6) في كفاية الأثر، والبحار: بالطائف - في العلة التي توفي فيها ونحن زهاء ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف - وقد ضعف...
ثم بكى بكاء شديدا فقال له القوم: أتبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكانك؟ فقال لي: يا عطاء إنما أبكي لخصلتين: هول المطلع وفراق الأحبة، ثم تفرق القوم فقال: يا عطاء خذ بيدي واحملني إلى صحن الدار، فأخذنا بيده أنا وسعيد وحملناه إلى صحن الدار ثم رفع يديه إلى السماء وقال:
اللهم إني أتقرب إليك بمحمد وآل محمد، اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب.
فما زال يكررها حتى وقع على الأرض فصبرنا عليه ساعة(5) ثم أقمناه فإذا هو ميت رحمة الله عليه(6).
السادس والستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال:
أخبرنا محمد بن محمد(7) الهمداني قال: حدثنا محمد بن هشام قال: حدثنا علي بن الحسن السائح قال: سمعت الحسن بن علي العسكري يقول: حدثني أبي عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: يا علي لا يحبك إلا من طابت ولادته، ولا يبغضك إلا من خبثت ولادته، ولا يواليك إلا مؤمن ولا يعاديك إلا كافر "، فقام إليه عبد الله بن مسعود فقال:
يا رسول الله قد عرفنا علامة خبث الولادة والكافر في حياتك ببغض علي وعداوته، فما علامة خبث الولادة والكافر بعدك إذا أظهر الإسلام بلسانه وأخفى مكنون سريرته؟ فقال (عليه السلام): " يا بن
____________
(1) في كفاية الأثر: والحق معه.
(2) في المخطوطة: ومنها.
(3) في كفاية الأثر: واتقى في وجل. والوجل: الخوف.
(4) أي أسرع في الخير.
(5) في المخطوطة: فمر بنا عليه ساعة.
(6) رواه الخزاز في كفاية الأثر ص 3 - 4، والمجلسي في البحار 36 / 287 - 288.
(7) في كمال الدين: أحمد بن محمد.
يا بن مسعود قد جمعت لكم في مقامي هذا ما إن فارقتموه هلكتم، وإن تمسكتم به نجوتم، والسلام على من اتبع الهدى "(4).
السابع والستون: ابن بابويه قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام قال:
حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي(5) قال: حدثنا علي بن عاصم، عن محمد بن علي بن موسى، عن أبيه علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: " دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبي بن كعب فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرض، فقال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ فقال له يا أبي والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض فإنه مكتوب عن
____________
(1) في كمال الدين: أقضى.
(2) في كمال الدين: فتكفر، فوعزة ربي ما أنا متكلف ولا ناطق.
(3) في كمال الدين: وبرهانك وبيناتك.
(4) كمال الدين: 1 / 261 - 262، البحار: 36 / 246 - 247.
(5) في كمال الدين: حدثنا محمد بن الفضل النحوي قال: حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد.
قال: " إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: اللهم إني أسألك بملكك ومعاقد عزك وسكان سماواتك(2) وأنبيائك ورسلك قد رهقني(3) من أمري عسر، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسرا، فإن الله عز وجل يسهل أمرك ويشرح صدرك(4) ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك ".
قال له أبي بن كعب: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب الحسين(5)؟ قال: " مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان، يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه غويا " قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: " اسمه علي ودعاؤه: يا دائم يا ديموم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم، ويا فارج الهم، ويا باعث الرسل، ويا صادق الوعد، من دعا بهذا الدعاء حشره الله عز وجل مع علي ابن الحسين (عليه السلام) وكان قائده إلى الجنة ".
قال له أبي: يا رسول الله فهل له من خلف ووصي(6)؟ قال: " نعم له مواريث السماوات والأرض " قال: فما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله؟ قال: " القضاء بالحق، والحكم بالديانة، وتأويل الأحكام(7)، وبيان ما يكون ". قال: فما اسمه؟ قال: " اسمه محمد وإن الملائكة تستأنس به في السماوات والأرض، ويقول في دعائه: اللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن اتبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي، فركب الله في صلبه نطفة مباركة(8) زكية فأخبرني(9) أن الله عز وجل طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفرا، وجعله هاديا مهديا، وراضيا
____________
(1) في كمال الدين: وبحر علم وذخر فلم لا يكون كذلك.
(2) في كمال الدين: أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكان سماواتك وأرضك.
(3) في كمال الدين: أن تستجيب لي فقد رهقني.
(4) في كمال الدين: ويشرح لك صدرك.
(5) في كمال الدين: في صلب حبيبي الحسين.
(6) في كمال الدين: أو وصي.
(7) في كمال الدين: تأويل الأحلام.
(8) في كمال الدين: مباركة طيبة.
(9) في كمال الدين: فأخبرني جبرائيل (عليه السلام).
يا أبي وإن الله تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى وجعله إماما " قال له أبي: يا رسول الله كلهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا؟ قال: " وصفهم لي جبرائيل (عليه السلام) عن رب العالمين جل جلاله " فقال: فهل لموسى دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال: " نعم يقول في دعائه: يا خالق الخلق، ويا باسط الرزق، ويا فالق الحب والنوى، ويا بارئ النسم ومحيي الموتى ومميت الأحياء، ودائم الثبات، ومخرج النبات، إفعل بي ما أنت أهله. من دعا بهذا الدعاء قضى الله عز وجل حوائجه وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر، وإن الله ركب في صلبه نطفة طيبة زكية مرضية وسماها عنده عليا، وكان الله عز وجل في خلقه رضيا في علمه وحلمه وحكمه، وجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة، وله دعاء يدعو به: اللهم أعطني الهدى، وثبتني عليه، واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ولا جزع(3) إنك أهل التقوى وأهل المغفرة، وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية(4) مرضية وسماها عنده محمد بن علي، فهو شفيع شيعته ووارث علم جده، له علامة بينة، وحجة ظاهرة إذا ولد يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول في دعائه: يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله لا إله إلا أنت، ولا خالق إلا أنت تفني المخلوقين وتبقي أنت، حلمت عمن عصاك، وفي المغفرة رضاك. من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة، وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة زكية نائرة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد فألبسه السكينة والوقار، وأودعه العلوم(5) وكل شئ مكتوم، من لقيه وفي صدره شئ أنبأه به، وحذره من عدوه، ويقول في دعائه: يا نور يا برهان يا
____________
(1) في كمال الدين: وهب لهم الكبائر.
(2) في كمال الدين: من كل هم وغم فرجا.
(3) في المخطوطة: وكمال الدين: أمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع.
(4) في كمال الدين: مباركة طيبة زكية.
(5) في كمال الدين: ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده عليا، فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم والأسرار.
وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن بن علي فجعله نورا في بلاده، وخليفة في أرضه، وعزا لأمته، وهاديا لشيعته، وشفيعا لهم عند ربهم، ونقمة على من خالفه وحجة لمن والاه، وبرهانا لمن اتخذه إماما. يقول في دعائه: يا عزيز العز في عزه أعزني(1) بعزك، وأيدني بنصرك، وأبعد عني همزات الشياطين، وادفع عني بدفعك وامنع عني بمنعك، واجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد، يا فرد يا صمد. من دعا بهذا الدعاء حشره الله - عز وجل - معه، وله نجاة من النار(2) ولو وجبت عليه.
وإن الله عز وجل ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة، يرضى بها كل مؤمن ممن أخذ الله ميثاقه في ولايته(3)، ويكفر بها كل جاحد، فهو إمام نقي تقي بار مرضي هاد مهدي، أول العدل وآخره. يصدق الله عز وجل ويصدقه الله عز وجل في قوله، يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل والعلامات وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلا خيول مطهمة(4)، ورجال مسومة(5) يجمع الله عز وجل من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وكلامهم وكناهم، كرارون، مجدون في طاعته "، فقال له أبي: وما دلائله وما علاماته يا رسول الله؟ قال: " له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم فقال: اخرج يا ولي(6) الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ينتقم(7) ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله، فيخرج جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وشعيب وصالح على مقدمته، فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله عز وجل ولو بعد حين.
____________
(1) في كمال الدين: يا عزيز أعزني بعزك.
(2) في كمال الدين: ونجاه من النار.
(3) في كمال الدين: أخذ ميثاقه في الولاية.
(4) المطهم: التام البارع الجمال من كل شئ؟ ومنه " جواد مطهم " أي تام الحسن.
(5) المسموم: الحسن الخلق، المعلم بعلامة يعرف بها.
(6) في كمال الدين: له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله تبارك وتعالى فناداه العلم اخرج يا ولي الله فاقتل أعداء الله، وله رايتان وعلامتان، وله سيف مغمد، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده، وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف اخرج يا ولي الله.
(7) في كمال الدين: حيث ثقفهم. (وثقفهم: أي ظفر بهم أو أدركهم).
الثامن والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسين بن علي، قال: حدثنا هارون بن موسى، قال:
حدثنا محمد بن إسماعيل الفزاري، قال: حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال: حدثنا رشيد بن سعد(4) قال: حدثنا أبو يوسف الحسين بن يوسف الأنصاري - من بني الخزرج - عن سهل بن سعد الأنصاري، قال: سألت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الأئمة فقالت: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي:
يا علي أنت الإمام والخليفة بعدي، وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسن فالحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسين فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسن فابنه القائم المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها "(5).
التاسع والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا هارون بن موسى قال:
أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن أبي عمير، عن هشام(6) قال:
____________
(1) في كمال الدين: يا أبي طوبى لمن لقيه، وطوبى لمن أحبه، وطوبى لمن قال به.
(2) في كمال الدين: كيف حال هؤلاء الأئمة.
(3) كمال الدين: 1 / 264 - 269، عيون الأخبار: 1 / 48 - 52، البحار: 36 / 204 - 209.
(4) في البحار: رشد بن سعد.
(5) كفاية الأثر ص 313، البحار: 36 / 351 - 352، وآخر الحديث فيها: " يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها، فهم أئمة الحق، وألسنة الصدق، منصور من نصرهم، مخذول من خذلهم ".
(6) في البحار: عن هشام بن سالم.
فتبسم (عليه السلام) ثم قال: " يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمة الله(1). ثم لا يعرف الله حق معرفته! ".
ثم قال (عليه السلام): " يا معاوية إن محمدا (صلى الله عليه وآله) لم ير الرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان، وإن الرؤية على وجهين رؤية القلب ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، ومن عنى برؤية البصر فقد كفر وكذب بالله وآياته، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من شبه الله بخلقه فقد كفر. ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقيل(2): يا أخا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال: كيف أعبد من لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان "(3).
وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولا بد للمخلوق من خالق، فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا، ويلهم(4) ألم يسمعوا قول الله تعالى: * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) *(5) وقوله لموسى: * (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) * وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وضعضعت الجبال * (وخر موسى صعقا) * أي ميتا، فلما أفاق ورد عليه روحه قال: * (سبحانك تبت إليك) * من قول من زعم أنك ترى ورجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك * (وأنا أول المؤمنين) *(6) وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الأعلى.
ثم قال (عليه السلام): " إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له بالعبودية، وحد المعرفة(7) أن يعرف أن لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له، وأن يعرف إنه قديم مثبت، موجود غير فقيد موصوف من غير شبيه له ولا نظير له ولا مثيل، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، وبعده
____________
(1) في الإنصاف: ويأكل من نعمه.
(2) في الإنصاف والبحار: فقيل له.
(3) راجع لفظ الحديث في أصول الكافي: 1 / 95، التوحيد ص 109 و 309، البحار: 4 / 27 و 304.
(4) في الإنصاف: ويل لهم، وفي البحار: ويلهم أو لم يسمعوا.
(5) الأنعام 3 / 103.
(6) الأعراف: 143.
(7) في الإنصاف: أن يقر.
ثم قال: يا معاوية جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال، فلا يغرنك قول من زعم أن الله يرى بالبصر، وقد قالوا أعجب من هذا، أو لم ينسبوا أبي آدم إلى المكروه، أو لم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث الطير؟ أو لم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أو لم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى ما نسبوه من القتل؟ أو لم ينسبوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم، كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا "(3).
السبعون: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسن(4) قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى قال:
حدثني محمد بن همام قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثني عمر بن علي العبدي، عن داود بن كثير الرقي، عن يونس ابن ظبيان قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فقلت:
يا بن رسول الله إني دخلت على مالك وأصحابه فسمعت بعضهم(5) يقول: إن لله وجها كالوجوه، وبعضهم يقول: له يدان واحتجوا في ذلك بقوله تعالى: * (قال: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت
____________
(1) في البحار: الإمام الذي به يأتم بنعته.
(2) العدل: النظير والمثل.
(3) الإنصاف ص 313 - 316 عن النصوص على الأئمة الاثني عشر لابن قولويه، كفاية الأثر للخزاز ص 35، البحار: 4 / 54 - 55، و ج 36 / 406 - 408.
(4) في البحار: علي بن الحسين، وفي الإنصاف: محمد بن علي بن علي بن الحسين.
(5) في البحار: دخلت على مالك وأصحابه وعنده جماعة يتكلمون في الله فسمعت.
" يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك، ومن زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله فلا تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه، وقوله: * (خلقت بيدي استكبرت) * فاليد القدرة كقوله:
* (وأيدكم بنصره) *(2) فمن زعم أن الله في شئ، أو على شئ، أو يحول من شئ إلى شئ، أو يخلو منه شئ أو يشتغل(3) به شئ فقد وصفه بصفة المخلوقين، والله خالق كل شئ، لا يقاس بالمقياس(4)، ولا يشبه بالناس، ولا يخلو منه مكان(5) قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك الله ربنا لا إله غيره، فمن أراد الله وأحبه بهذه الصفة فهو من الموحدين، ومن أحبه بغير هذه الصفة فالله منه برئ ونحن منه براء.
ثم قال (عليه السلام): إن أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فإن حب الله إذا ورثته القلوب استضاء به وأسرع إليه(6) اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة(7) فإذا عمل بها في الأطباق السبعة(8) فإذا بلغ هذه المنزلة يتقلب في لطف(9) وحكمة وبيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى، فعاين ربه في قلبه، وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء. وورث العلم بغير ما ورث العلماء، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون، إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب، وإن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذ بهذه السيرة إما أن يسفل وإما أن يرفع، وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع، فإذا لم يرع حق الله، ولم يعمل بما أمر به فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته، ولم يحبه حق محبته، فلا يغرنك صلاتهم وصيامهم، ورواياتهم وعلومهم، فإنهم حمر مستنفرة.
____________
(1) ص: 75.
(2) الأنفال: 26.
(3) في البحار: يشغل.
(4) في البحار: لا يقاس بالقياس.
(5) في البحار والإنصاف: ولا يخلو منه مكان، ولا يشغل به مكان.
(6) في البحار: ورثه القلب واستضاء به أسرع إليه.
(7) في الإنصاف والبحار: عمل في القدرة.
(8) في البحار: فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة، وفي الإنصاف: عمل في الأطباق السبعة.
(9) في البحار: صار يتقلب في فكره بلطف.