قال: " المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب "(1).
الأربعون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال وبهذا الإسناد يعني السابق إلى ابن بابويه قال: نبأنا أحمد بن الحسن القطان قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: نبأنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: نبأنا الفضل بن الصقر العبدي قال: نبأنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله(2) بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا سيد المرسلين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم "(3).
الحادي والأربعون: ما رواه من طريق المخالفين الشيخ محمد بن إبراهيم النعماني في كتابه الغيبة قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن هاشم والحسن(4) بن السكن معا قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام قال: أخبرني أبي عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: وفد على رسول الله أهل اليمن فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " جاءكم أهل اليمن يبسون بسيسا " فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، منهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك " فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: " هو الذي أمركم الله بالاعتصام به فقال
____________
(1) فرائد السمطين: 2 / 312 / ب 61 / ح 562، كمال الدين وتمام النعمة: 280.
(2) في المصدر: عباية.
(3) وفي كمال الدين وتمام النعمة: 280 وأنا سيد النبيين....
(4) في المصدر: والحسين.
فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: " هو قول الله (إلا بحبل من الله وحبل من الناس)، فالحبل من الله كتابه، والحبل من الناس وصيي " فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: " هو الذي أنزل الله فيه * (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) * " فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟
فقال: " هو الذي يقول الله فيه * (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *(2) هو وصيي والسبيل إلي من بعدي " فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه فقال: " هو الذي جعله الله آية المتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم إني نبيكم، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، إن الله عز وجل يقول في كتابه: * (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) *(3) أي إليه وإلى ذريته (عليهم السلام) " ثم قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين وأبو عزة الخولاني في الخولانيين وظبيان وعثمان بن قيس وعرفة الدوسي في الدوسيين ولاحق بن علاقة فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الأنزع البطين وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟ " فرفعوا أصواتهم يبكون وقالوا: يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ولما رأيناه وجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا وانجاشت أكبادنا وهملت أعيننا وانثلجت صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده بنون، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى وأنتم عن النار مبعدون " فقال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل وصفين فقتلوا بصفين رحمهم الله، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يبشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه(4)(5).
الثاني والأربعون: عز الدين بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال: قال إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات قال: حدثني يحيى بن صالح عن مالك بن خالد الأسدي عن الحسن بن إبراهيم عن عبد الله بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) قال:
____________
(1) آل عمران: 103.
(2) الفرقان: 27.
(3) إبراهيم: 37.
(4) في المصدر: عليه السلام.
(5) غيبة النعماني: 41 / ب 2 / ح 1.
الثالث والأربعون: ابن أبي الحديد أيضا في الشرح قال: روي عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يرى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الرسالة الضوء ويسمع الصوت، وقال له (صلى الله عليه وآله): لولا إني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة، فإن لم تكن نبيا فإنك وصي نبي ووارثه، بل أنت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء(3).
الرابع والأربعون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: ذكر الطبري في تاريخه عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(4) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاني فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا وعلمت أني متى أنادهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره، فصمت حتى أتاني جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذبك ربك.
فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون، بهم(5) أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصفحة ثم قال: كلوا بسم الله، فأكلوا حتى ما لهم إلى شئ من حاجة، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم ثم قال: اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب، مثله فلما أراد رسول الله أن يكلمهم بدره أبو لهب [ إلى الكلام ](6) فقال: لشد ما سحركم به صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال من الغد: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل
____________
(1) زيادة ليست في المصدر.
(2) شرح النهج: 6 / 66.
(3) شرح النهج: 13 / 210.
(4) الشعراء: 214.
(5) في المصدر: أو ينقصونه وفيهم.
(6) زيادة من المصدر.
هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع "(2).
الخامس والأربعون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي وهو أيضا من أعيان علماء العامة: قد ورد في الخبر الصحيح أنه صلى الله عليه وآله كلف عليا في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة أن يصنع له طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام ودعاهم له فخرجوا ذلك اليوم، ولم ينذرهم لكلمة قالها عمه أبو لهب، فكلفه في اليوم الثاني أن يصنع له مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم فأكلوا ثم كلمهم (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجاب هو وحده، وقال: أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك وأبايعك، فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة وعاين منهم الأدبار ومنه الإجابة: " هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي "، فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمره عليك(3).
السادس والأربعون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك النور فيه وجعله جزءين فجزء أنا وجزء علي " رواه أحمد في المسند وفي كتاب فضائل علي (عليه السلام) وذكره صاحب كتاب الفردوس وزاد فيه: " ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب فكان لي النبوة ولعلي الوصية "(4).
____________
(1) في المصدر: وأحمشهم.
(2) شرح النهج: 13 / 211.
(3) شرح النهج: 13 / 245.
(4) شرح النهج: 9 / 171.
فأما معنى قوله (عليه السلام): " لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ولا يسوي بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا " قيل: لا شبهة أن المنعم أشرف وأعلى من المنعم عليه ولا ريب أن محمدا (صلى الله عليه وآله) وأهله الأدنين من بني هاشم لا سيما علي (عليه السلام) أنعموا على الخلق كافة بنعمة لا يقدر قدرها، وهي الدعاء إلى الإسلام والهداية إليه، فمحمد (صلى الله عليه وآله) وإن كان هدى الخلق بالدعوة التي قام بها بلسانه ويده ونصرة الله له تعالى بملائكته وتأييده، وهو السيد المتبوع والمصطفى المنتجب الواجب الطاعة، إلا أن لعلي (عليه السلام) من الهداية أيضا وإن ثانيا لأول ومصليا على أثر سابق ما لا يجحد، ولو لم يكن إلا جهاده بالسيف أولا وثانيا وما كان بين الجهادين من نشر العلوم وتفسير القرآن وإرشاد العرب إلى ما لم تكن فاهمة ولا متصورة لكفى في وجوب حقه وسبوغ نعمته (عليه السلام).
فإن قيل: لا ريب في أن كلامه هذا تعريض بمن تقدم عليه فأي نعمة له عليهم؟ قيل: نعمتان الأولى الجهاد عنهم وهم قاعدون، فإن من أنصف علم أنه لولا سيف علي (عليه السلام) لاصطلم المشركون
____________
(1) زيادة من المصدر.
(2) في المصدر: والخلافة.
الثامن والأربعون: الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن شاذان الفقيه أبو الحسن من طريق المخالفين عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي أنت أمير المؤمنين وإمام المتقين، يا علي أنت سيد الوصيين ووارث علم النبيين وخير الصديقين وأفضل السابقين، يا علي أنت زوج سيدة نساء العالمين وخليفة خير المرسلين، يا علي أنت مولى المؤمنين، يا علي أنت الحجة بعدي على الناس أجمعين، استوجب الجنة من تولاك واستحق النار من عاداك، يا علي والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد الله ألف عام ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك، وإن ولايتك لا يقبلها الله عز وجل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك، بذلك أخبرني جبرائيل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "(2).
التاسع والأربعون: ابن شاذان هذا من طريق المخالفين عن الباقر (عليه السلام) عن أبيه عن جده الحسين ابن علي بن أبي طالب قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي وحجة الله وحجتي وباب الله وبابي وصفي الله وصفيي وحبيب الله وحبيبي وخليل الله وخليلي وسيف الله وسيفي وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي، محبه محبي ومبغضه مبغضي ووليه وليي وعدوه عدوي وزوجته ابنتي وولده ولدي وحزبه حزبي وقوله قولي وأمره أمري وهو سيد الوصيين وخير أمتي "(3).
الخمسون: ابن شاذان هذا من طريق المخالفين عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إذا كان يوم القيامة أمر الله ملكين يقعدان على الصراط فلا يجوز أحد إلا ببراءة أمير المؤمنين، ومن لم تكن له براءة أمير المؤمنين أكبه الله على منخريه في النار وذلك قوله
____________
(1) شرح النهج: 1 / 142.
(2) مائة منقبة: 28 / منقبة 9.
(3) مائة منقبة: 34 / منقبة 14.
الحادي والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي وأوجب عليكم اتباع أمري وفرض عليكم من طاعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعدي كما فرض عليكم من طاعتي ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتي وجعله أخي ووزيري ووصيي ووارثي، وهو مني وأنا منه، حبه إيمان وبغضه كفر، محبه محبي ومبغضه مبغضي وهو مولى من أنا مولاه وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وهو أبوا هذه الأمة "(3).
الثاني والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" والذي بعثني بالحق بشيرا ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرض إلا بأن(4) كتب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين، وأن الله تعالى عرج بي إلى السماء واختصني بألطف ندائه قال: يا محمد، قلت: لبيك ربي وسعديك فقال: أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي وفضلتك على جميع بريتي فانصب أخاك عليا علما يهديهم إلى ديني، يا محمد إني جعلت عليا أمير المؤمنين فمن تآمر عليه لعنته ومن خالفه عذبته ومن أطاعه قربته، يا محمد إني جعلت عليا إمام المسلمين فمن تقدم عليه أخزيته ومن عصاه استجفيته، وأن عليا سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وحجتي على خلقي أجمعين "(5).
الثالث والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن عبد الله بن العباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: " يا علي إن جبرائيل (عليه السلام) أخبرني فيك بأمر قرت به عيني وفرح به قلبي قال: يا محمد إن الله تعالى قال لي: اقرأ محمدا مني السلام وأعلمه أن عليا إمام الهدى ومصباح الدجى والحجة على أهل الدنيا، فإنه الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، وإني آليت بعزتي لا أدخل النار أحدا تولاه وسلم له وللأوصياء من بعده، ولا أدخل الجنة من ترك ولايته والتسليم له وللأوصياء من بعده، حق القول مني لأملأن جهنم وأطباقها من أعدائه، ولأملأن الجنة من أوليائه
____________
(1) الصافات: 24.
(2) مائة منقبة: 37 / منقبة 16 بتفاوت.
(3) مائة منقبة: 46 / منقبة 22 بتفاوت.
(4) في المصدر: بعد أن.
(5) مائة منقبة: 50 / منقبة 24 بتفاوت.
الرابع والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن أنس بن مالك قال: كنت خادما لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فبينا أن أوصيه إذ قال: " يدخل داخل هو أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين(2) وقائد الغر المحجلين " فقلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار، حتى قرع الباب فإذا هو علي بن أبي طالب، فلما دخل عرق وجه النبي (صلى الله عليه وآله) عرقا شديدا فمسح العرق من وجهه بوجه علي بن أبي طالب فقال: " أنزل في شئ؟ قال: أنت مني تؤدي مني(3) وتؤدي ديني وتبلغ رسالاتي " فقال علي (عليه السلام): " يا رسول الله ألا أنت تبلغ الرسالة؟ " قال: " بلى، ولكن تعلم الناس من بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون وتخبرهم بذلك "(4).
الخامس والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن الحسين بن علي (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض حجراته فاستأذنت عليه فأذن لي، فلما دخلت قال:
يا علي أما علمت ما بيني وبينك؟ فما لك تستأذن علي؟ قال: فقلت: يا رسول الله أحببت أن أفعل ذلك قال: يا علي أحببت لي ما أحب الله وأخذت بآداب الله، يا علي أما علمت أن خالقي ورازقي أبى أن يكون لي أخ دونك، يا علي أنت وصيي من بعدي، وأنت المظلوم المضطهد بعدي، يا علي الثابت عليك كالمقيم معي ومفارقك مفارقي، يا علي كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك لأن الله خلقني وإياك من نور واحد "(5).
السادس والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما مررت في ليلة أسري بي بشئ من ملكوت السماء ولا على شئ من الحجب فوقها إلا وجدتها مشحونة بكرامة الله تعالى، يقولون: هنيئا لك يا محمد فقد أعطيت ما لم يعط أحد بعدك، أعطيت علي بن أبي طالب أخا وفاطمة زوجته بنتا والحسن والحسين أولادا ومحبيهم شيعة، يا محمد إنك أفضل النبيين وعلي أفضل الوصيين وفاطمة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين أكرم من دخل الجنان من أولاد المرسلين وشيعته أفضل من تضمنته عرصات القيامة، يشتملون على غرف الجنان وقصورها ومتنزهها، فلم يزالوا يقولون ذلك في مصدري ومرجعي، فلولا أن الله تعالى حجب عنها آذان الثقلين لما بقي أحد إلا سمعها "(6).
____________
(1) مائة منقبة: 57 / منقبة 30.
(2) في المصدر: بالمؤمنين.
(3) في المصدر: عني.
(4) مائة منقبة: 58 / منقبة 31.
(5) مائة منقبة: 60 / منقبة 33.
(6) مائة منقبة: 62 / منقبة 35.
يا رسول الله ما عدة الأئمة؟
فقال: " يا جابر سألتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه، عدتهم وعدة الشهور وهي عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، وعدتهم عدة العيون التي انفجرت منه لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وعدة نقباء بني إسرائيل، قال الله تعالى: * (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) *(2) فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماما أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم صلوات الله عليهم "(3).
الثامن والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن أبي زرارة قال: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي بن أبي طالب فقال: " هذا خير الأولين من أهل السماوات والأرضين، هذا سيد الصديقين، هذا سيد الوصيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، إذا كان يوم القيامة جاء علي على ناقة من نوق الجنة قد أضاءت القيامة من ضيائها، على رأسه تاج مرصع بالزبرجد والياقوت فتقول الملائكة:
هذا ملك مقرب، ويقول النبيون: هذا نبي مرسل، فينادي مناد من بطنان العرش: هذا الصديق الأكبر، هذا وصي حبيب الله، هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيقف على متن جهنم فيخرج منها من يحب ويدخل فيها من أبغض، ويأتي أبواب الجنة فيدخل أولياءه بغير حساب "(4).
التاسع والخمسون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي مني كجلدي، علي مني كلحمي، علي مني كعظمي، علي مني كدمي في عروقي، علي مني، أخي ووصيي في أهلي وخليفتي في قومي ويقضي ديني وينجز عداتي علي في الدنيا إذا مت عوض
____________
(1) زيادة من المصدر.
(2) المائدة: 12.
(3) مائة منقبة: 72 / منقبة 41.
(4) مائة منقبة: 89 / منقبة 55 بتفاوت.
الستون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن أبي بكر عبد الله بن عثمان قال: كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بستان عامر بن سعد بعقيق السفلي فبينما نحن نخترق البستان إذ صاحت نخلة بنخلة فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " أتدرون ما قالت النخلة؟ " قال: فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: " صاحت: هذا محمد ووصيه علي بن أبي طالب " فسماها النبي (صلى الله عليه وآله) الصيحاني(2).
الحادي والستون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " نزل علي جبرائيل صبيحة يوم فرحا مسرورا مستبشرا، فقلت: حبيبي ما لي أراك فرحا مستبشرا فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد فزت بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب؟ فقلت: وبم أكرم الله أخي وإمام أمتي؟ قال:
باهى بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه وقال: ملائكتي انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي محمد قد عفر خده على التراب تواضعا لعظمتي، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي "(3).
الثاني والستون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " سيكون بعدي فتنة مظلمة الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى " قيل: يا رسول الله وما العروة الوثقى؟ قال: " ولاية سيد الوصيين " قيل: يا رسول الله ومن سيد الوصيين؟ قال: " أمير المؤمنين "، قيل: ومن أمير المؤمنين؟ قال: " مولى المسلمين وإمامهم بعدي " قيل: يا رسول الله ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال: " أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(4).
الثالث والستون: ابن شاذان هذا من طريق العامة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " حدثني جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: من علم(5) أن لا إله إلا أنا وحدي، وأن محمدا عبدي ورسولي، وأن علي بن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حجتي، أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي وأبحته جواري وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصتي وخالصتي إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فر مني دعوته وإن رجع إلي قبلته وإن قرع بابي فتحته، ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي،
____________
(1) مائة منقبة: 140 / منقبة 72.
(2) مائة منقبة: 140 / منقبة 73.
(3) مائة منقبة: 146 / منقبة 77.
(4) مائة منقبة: 149 / منقبة 81.
(5) في المصدر: أقر.
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟
قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي، ستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد، ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض [ إلا بإذنه ](2) فبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها "(3).
الرابع والستون: الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عائشة عن الأسود بن يزيد قال:
ذكروا عند عائشة أن عليا (عليه السلام) كان وصيا، وفي رواية أزهر أنهم قالوا: إنه وصي فلم تكذبهم، بل ذكرت أنها ما سمعت ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين وفاته(4).
الخامس والستون: من طريق العامة ما رواه محمد بن مؤمن في كتابه في تفسير قوله تعالى:
* (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) *(5) بإسناده إلى أنس بن مالك قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله تعالى: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار) * قال: " إن الله تعالى خلق آدم من طين كيف شاء، ثم قال: إن الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا، فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب (عليه السلام) الوصي، ثم قال: ما كان لهم الخيرة يقول يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ولكني أختار من أشاء، فأنا وأهل بيتي صفوة الله وخيرته من خلقه، ثم قال: سبحان الله وتعالى عما يشركون كفار أهل مكة، ثم قال: وربك يا محمد يعلم ما تكن صدورهم من بغض
____________
(1) مائة منقبة: 167 / منقبة 93.
(2) زيادة من المصدر.
(3) مائة منقبة: 168 / منقبة 93.
(4) الطرائف: 23 عن الجمع بين الصحيحين، أنظر: صحيح مسلم: 5 / 75.
(5) القصص: 68.
السادس والستون: ما رواه علي بن عيسى في كشف الغمة قد روى صديقنا المعز المحدث الحنبلي عن أنس عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله عن من نأخذ بعدك؟ وبمن نثق، قال: فسكت عني عشرا ثم قال: " يا سلمان إن وصيي وخليفتي وأخي ووزيري وخير من أخلف بعدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يؤدي عني وينجز موعدي "(2).
السابع والستون: الحنبلي هذا عن سلمان، قال النبي (صلى الله عليه وآله): " هل تدري من كان وصي موسى (عليه السلام)؟ " قلت: يوشع بن نون قال: " فوصيي وخير من أخلف بعدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(3).
الثامن والستون: ومن طريق العامة سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن وصيي وخليفتي وخير من أترك بعدي ينجز موعدي ويقضي ديني علي بن أبي طالب "(4).
التاسع والعشرون: ومن طريق العامة الطبري بإسناد عن أبي الطفيل أنه (عليه السلام) قال لأصحاب الشورى: " أناشدكم الله، هل تعلمون أن لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وصيا غيري " قالوا: اللهم لا(5).
السبعون: ابن شهرآشوب في كتاب المناقب ومن النص الجلي ما تواتر به النقل ورواه العامة والخاصة قول النبي (صلى الله عليه وآله): " أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني "(6).
وظاهر لفظ الخليفة في العرب من قام مقام المستخلف في جميع ما كان إليه، ومن أراد الوقوف على زيادة في هذا المعنى فعليه بكتابي الموسوم بالتحفة البهية في إثبات الوصية، فقد ذكرت فيه ما يزيد على أربعمائة وخمسين حديثا من طرق الخاصة والعامة، وذكرت في مقدمة هذا الكتاب ذكر المصنفين الذين صنفوا في إثبات الوصية والأوصياء وهم اثنان وعشرون مصنفا من الرجال المعتبرين والمشايخ المشهورين، ولكل رجل منهم مصنف وإثبات الوصية لعلي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مما علم من الدين ضرورة لا يجحده إلا معاند أو جاهل.
____________
(1) الطرائف: 97 نقلا عن شواهد التنزيل.
(2) كشف الغمة: 1 / 156.
(3) كشف الغمة: 1 / 156.
(4) المصدر السابق.
(5) مناقب آل أبي طالب: 2 / 246.
(6) مناقب آل أبي طالب: 2 / 256.