الصفحة 17

فائدة جليلة

في أن نجاة سفينة نوح (عليه السلام) كان بالنبي (صلى الله عليه وآله)
وأمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)

من طريق العامة(1)


____________

(1) يؤيد ما سيذكره المصنف أمور:

1 - حديث النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): " بعث علي مع كل نبي سرا وبعث معي جهرا " (شرح دعاء الجوشن: 104، وجامع الأسرار: 382 - 401 ح 763 - 804، والمراقبات: 259).

وروته العامة بلفظ: " يا علي إن الله تعالى قال لي: يا محمد بعثت عليا مع الأنبياء باطنا ومعك ظاهرا "، ثم قال صاحب كتاب القدسيات: وصرح بهذا المعنى في قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي، ليعلموا أن باب النبوة قد ختم وباب الولاية قد فتح (الأنوار النعمانية: 1 / 30).

أقول: يوجه كلام صاحب كتاب القدسيات: إن باب الولاية كان موجودا مع كل نبي سرا، إلا أنه لم يفتح ظاهرا، فكانوا الأنبياء جميعا يستفيدون من هذا السر الولائي إلى أن وصل إلى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) فظهر هذا السر إلى العلن.

2 - ما يأتي في الكتاب الرابع من توسل جميع الأنبياء بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وقد قدمنا نموذجا منه.

3 - وما روي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: " فنحن السنام الأعظم وفينا النبوة والولاية والكرم، ونحن منار الهدى والعروة الوثقى، والأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا ويقتفون آثارنا " (بحار الأنوار: 26 / 264 باب جوامع مناقبهم ح 49، ومشارق أنوار اليقين: 49)

فهذا صريح في أن أنوار محمد وآل محمد (عليهم السلام) كانت مع كل نبي سرا، والكون ليس لمجرده بل ليستفيدوا منه، ويقتفون آثاره وآثار آل محمد التي لا يعرف تفسيرها إلا هم، وإلا كيف يكون للنور السري مع كل نبي أثرا يقتفى ويهتدى به؟!

4 - وما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لمن سأله عن فضله على الأنبياء الذين أعطوا من الفضل الواسع والعناية الإلهية قال:

" والله قد كنت مع إبراهيم في النار، وأنا الذي جعلتها بردا وسلاما،
وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلمته
التوراة، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل، وكنت مع يوسف
في الجب فأنجيته من كيد إخوته، وكنت مع سليمان على البساط


=>


الصفحة 18

____________

<=

وسخرت له الرياح " (الأنوار النعمانية: 1 / 31)


5 - وروى ابن الجوزي والقاضي عياض قول العباس يمدح النبي (صلى الله عليه وآله):


وردت نار الخليل مكتتماتجول فيها ولست تحترق

(الوفا بأحوال المصطفى: 28 الباب الثاني - ح 9، وينابيع المودة: 13 - 14)
يا برد نار الخليل يا سببالعصمة النار وهي تحترق

(الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1 / 167 - 168 الباب الثالث)

6 - وقال القسطلاني في المواهب:


سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسدهذا النعيم هو المقيم إلى الأبد
روح الوجود حياة من هو واجدلولاه ما تم الوجود لمن وجد
عيسى وآدم والصدور جميعهمهم أعين هو نورها لما ورد
لو أبصر الشيطان طلعة نورهفي وجه آدم كان أول من سجد
أو لو رأى النمرود نور جمالهعبد الجليل مع الخليل ولا عند
لكن جمال الله جل فلا يرىإلا بتخصيص من الله الصمد

(المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: 1 / 44)

7 - وقال الشيخ محمد حسين الأصفهاني:


طأطأ كل الأنبياء لطاهاذلك عز عز أن يضاهي
تقبلت تربة آدم الصفيبيمنه أكرم به من خلف
وسجدة الأملاك لا لغرتهبل نور ياسين بدا في غرته
به نجى نوح من الطوفانبمرسلات اللطف والإحسان

(الأنوار القدسية: 20).

8 - وقال الصفوري: لما ألقى إبراهيم في النار كان نور محمد (صلى الله عليه وآله) في جنبه، وعند الذبح كان النور قد انتقل إلى إسماعيل (نزهة المجالس: 2 / 245).

9 - ما روي أن الإمام الصادق (عليه السلام) هو الذي أبطل سحر موسى (عليه السلام) (الإختصاص: 247)

10 - ما عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):

" قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية، ونورنا سبع طبقات
أعلام الورى بالهداية، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعناء
العدى فينا السيف والقلم في العاجل، ولواء الحمد والعلم في الآجل...،
فالكليم لبس حلة الاصطفاء لما شاهدنا منه الوفاء، وروح القدس في


=>


الصفحة 19
قال السيد الأجل أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس العلوي الفاطمي في كتاب (أمان أخطار الأسفار) قال: رويت عن شيخي محمد بن النجار متقدم أهل الحديث بالمدرسة المنصورية وكان يجاريني على مقتضى عقيدته فيما رواه لنا من الأخبار النبوية من كتابه الذي جعله تذييلا على تاريخ الخطيب(1) فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي بن محمد العلوي ما هذا لفظه: حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي وأبي عبد الله الغالبي وبكر بن أحمد بن محمد، روى عنه أبو عبد الله الحسيني بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي أنبأ القاضي أبو الفتح أحمد بن محمد بن بختيار الواسطي قال: كتبت إلى أبي جعفر محمد بن الحسن بن محمد الهمداني قال: أخبرني السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن

____________

<=

جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة... وهذا الكتاب ذرة من جبل
الرحمة وقطرة من بحر الحكمة " (المراقبات: 245)


11 - ما روي في معنى قوله (صلى الله عليه وآله) " الله المعطي وأنا القاسم ": جميع ما يخرج من الخزائن الإلهية دنيا وأخرى إنما يخرج على يديه (شرح الشمائل: 2 / 246).

12 - وحديث أمير المؤمنين (عليه السلام): " أنا آدم الأول أنا نوح الأول " (الإنسان الكامل: 168)

13 - وروى صاحب بستان الكرامة أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان جالسا وعنده جبرائيل فدخل علي (عليه السلام) فقام له جبرائيل (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أتقوم لهذا الفتى!

فقال له (عليه السلام): نعم إنه له علي حق التعليم.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كيف ذلك التعليم يا جبرائيل؟

فقال: لما خلقني الله تعالى سألني من أنت وما أسمك ومن أنا وما أسمي؟

فتحيرت في الجواب وبقيت ساكتا، ثم حضر هذا الشاب في عالم الأنوار وعلمني الجواب، فقال: قل أنت ربي الجليل واسمك الجليل، وأنا العبد الذليل واسمي جبرائيل.

ولهذا قمت له وعظمته " (الأنوار النعمانية: 1 / 15)

13 - وروى الصفوري قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني عن علم لا يعرفه جبرائيل وميكائيل " ( نزهة المجالس: 2 / 129 ط. التقدم العلمية بمصر 1330 هـ، و 2 / 144 ط. بيروت المكتبة الشعبانية المصورة عن مصر الأزهرية 1346 هـ)

14 - وقال الشعراوي: قلت: " وبذلك قال سيدي على الخواص سمعته يقول: إن نوحا (عليه السلام) أبقى من السفينة لوحا على اسم علي بن أبي طالب رفع عليه إلى السماء فلم يزل محفوظا من الغرق حتى رفع عليه " (الفتوحات الأحمدية لسليمان الجمل: 93)

15 - وقال رسول البشرية (صلى الله عليه وآله): " أنا محمد النبي الأمي لا نبي بعدي، أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، وعلمت خزنة النار وحملة العرش " (الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1 / 170 الباب الثالث - الفصل الأول)

(1) طبع الكتاب في ذيل تاريخ بغداد ولكنه ناقص من أوله وآخره والتي من ضمنها ترجمة الحسن بن أحمد.


الصفحة 20
زيد الحسيني بقراءتي عليه بجرجان قال: حدثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد بن العلوي المحمدي ببغداد في شهر رمضان من سنة خمس وعشرين وأربعمائة قال: حدثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد وبكر بن أحمد بن مخلد وأبو عبد الله الغالبي قالوا:

حدثنا محمد بن هارون المنصوري العباسي قال: حدثنا أحمد بن شاكر قال: حدثنا يحيى بن أكثم القاضي قال: حدثنا المأمون عن عطية العوفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لما أراد الله عز وجل أن يهلك قوم نوح (عليه السلام) أوحى الله إليه أن شق ألواح الساج فلما شقها لم يدر ما يصنع فهبط جبرائيل (عليه السلام) فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار فسمر المسامير كلها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده وأضاء كما يضئ الكوكب الدري في أفق السماء، فتحير من ذلك نوح (عليه السلام) فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق زلق فقال: على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله، فهبط جبرائيل فقال له: يا جبرائيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

قال: هذا باسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله أسمرة في أولها على جانب السفينة الأيمن ثم ضرب بيده على مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح: وما هذا المسمار؟ قال: مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها، ثم ضرب يده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار، فقال له جبرائيل (عليه السلام): هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسار أبيها، ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار، فقال له: هذا مسمار الحسن (عليه السلام) فأسمره إلى جانب مسمار أبيه، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار، فقال: يا جبرائيل ما هذه النداوة؟ فقال: هذا مسمار الحسين بن علي السيد الجليل الشهيد سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه ".

ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): " قال الله تعالى: * (وحملناه على ذات ألواح ودسر) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): " الألواح خشب السفينة ونحن الدسر ولولانا ما سارت السفينة بأهلها "(1).

أقول: قال أبو القاسم عقيب هذا الحديث: يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن الطاووس مصنف هذا الكتاب: وإنما ذكرت هذا الحديث لأنه يرويه محمد بن النجار الذي هو من أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم ومن لا يتهم فيما يرويه من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وعلو مقاماتهم وما رأيت ولا رويته من طريق شيعتهم إلى الآن، فإذا كان نجاة سفينة نوح

____________

(1) ملحق من كتاب آل محمد؟؟


الصفحة 21
بأهلها هم وهم السبب في النجاة، وهم أصل كل من بقي من ولد آدم صلوات الله عليه، فلا عجب إذا صلى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة شكرا لعلو مقاماتهم، وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم، وإن اختار كل من ركب في سفينة وخاف من أخطارها ومعاطبها أن يكتب على جوانبها في المواضع التي كانت أسماهم في سفينة نوح (عليه السلام) توسلا وتوصلا في المظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح (عليه السلام) إليه، ويكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه، فلا يبعد من فضل الله جل جلاله أن يظفر بمطلوبه وإدراك محبوبه إن شاء الله تعالى(1).

____________

(1) الأمان من أخطار الأسفار: 118 - 120 الفصل الرابع، ونوادر المعجزات: 64، والبحار: 11 / 328 ح 49.


الصفحة 22

الباب الثالث والثلاثون

في قول النبي (صلى الله عليه وآله): " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا... "

من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث


الحديث الأول: ابن بابويه في كتاب (النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)) قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري (قدس سره) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن غياث الكوفي قال: حدثني حماد بن أبي حازم المدني قال: حدثنا عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة الأولى ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: " معاشر أصحابي: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل فتمسكوا بأهل بيتي بعدي والأئمة الراشدين من أهل بيتي(1) فإنكم لن تضلوا أبدا " فقيل: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك؟ قال: " اثنا عشر من أهل بيتي " وقال: " من عترتي "(2).

الحديث الثاني: ابن بابويه من هذا الكتاب قال: حدثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال:

حدثنا أبو محمد هارون بن موسى قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن سالم بن عبد الرحمن الأزدي عن الحسن بن أبي جعفر قال: حدثنا علي بن زيد عن سعيد ابن المسيب عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الأئمة من بعدي اثنا عشر تسعة من صلب الحسين تاسعهم قائمهم " ثم قال (عليه السلام): " ألا إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ومثل باب حطة في بني إسرائيل "(3).

وبإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي علي وعلى أهل بيتي "(4).

الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه محمد بن خالد عن غياث بن إبراهيم عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف عن سعد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن

____________

(1) في المصدر: ذريتي.

(2) كفاية الأثر: 34.

(3) كفاية الأثر: 34 - 35.

(4) المصدر السابق.


الصفحة 23
أبي طالب (عليه السلام): " يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك وفاز من لزمك وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة "(1).

الحديث الرابع: الشيخ الطوسي في أماليه قال: حدثني محمد بن محمد يعني المفيد قال:

أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم قال: حدثنا أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني عباد بن يعقوب قال: حدثني الحكم بن ظهير عن أبي إسحاق عن رافع مولى أبي ذر قال: رأيت أبا ذر أخذ بحلقة باب الكعبة مستقبل الناس بوجهه وهو يقول: من عرفني فأنا جندب الغفاري ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله تعالى في الثالثة مع الدجال إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك "(2).

الحديث الخامس: الشيخ المفيد في أماليه قال: أخبرني أبو الحسن علي بن هلال المهلبي قال:

حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الأصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا الصباح بن يحيى المزني عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد ابن عبد الله قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين إخبرني عن قوله تعالى:

* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * قال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان على بينة من ربه وأنا الشاهد له ومنه، والذي نفسي بيده ما أحد جرت عليه المواسي من قريش إلا وقد أنزل الله فيه من كتابه طائفة، والذي نفسي بيده لأن تكونوا تعلمون(3) ما قضى الله لنا أهل البيت على لسان النبي الأمي أحب إلي من أن يكون لي ملء هذه الرحبة ذهبا، والله ما مثلنا في هذه الأمة إلا كمثل سفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل "(4).

____________

(1) أمالي الصدوق: 341 / ح 408 / المجلس 45 / ح 18.

(2) أمالي الطوسي: 60 / ح 88 / مجلس 2 / ح 57.

(3) في المصدر: يعلمون.

(4) أمالي المفيد: 145 / المجلس 18 / ح 5.


الصفحة 24
الحديث السادس: الشيخ محمد بن حمد بن علي المعروف بابن القتال في روضة الواعظين عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر خطبة يوم غدير خم بطولها إلى أن قال (صلى الله عليه وآله):

" معاشر الناس إن عليا صديق هذه الأمة وفاروقها ومحدثها وأنه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها وأنه باب حطتها وسفينة نجاتها أنه طالوتها وذو قرنيها ".

الحديث السابع: سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال: بينا أنا وحبيش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلى صوته في الموسم: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة أنا أبو ذر، أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول:: " إن مثل أهل بيتي فيكم(1) كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل، أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وأهل بيتي إلى آخر الحديث(2).

الحديث الثامن: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال:

حدثني أبو سليمان محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: قال أخبرنا علي بن محمد البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس القاضي قال: حدثنا محمد بن محمد الحسن السلولي قال: حدثنا صالح بن أبي الأسود عن أبان بن تغلب عن حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله): قال: " إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (عليه السلام) من دخلها نجا ومن تخلف عنها غرق "(3).

الحديث التاسع: الشيخ في أماليه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير قال: حدثني عيسى بن مهران قال: أخبرنا مخول بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الأسود عن علي بن الحزور عن أبي عمر البزاز عن رافع مولى أبي ذر قال: قال:

صعد أبو ذ (قدس سره) على درجة الكعبة حتى أخذ بحلقة الباب ثم أسند ظهر إليه ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول: " إنما مثل أهل بيتي في هذه الآية كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك " وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين "(4).

____________

(1) في المصدر: في أمتي.

(2) كتاب سليم بن قيس: 457.

(3) أمالي الطوسي: 349 / مجلس 12 / ح 61.

(4) أمالي الطوسي: 482 / مجلس 17 / ح 22.


الصفحة 25

الباب الرابع والثلاثون

في أهل البيت (عليهم السلام) أهل الذكر وهم المسؤولون
في قوله تعالى * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الحديث الأول: الثعلبي في تفسير قوله تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر) * قال: قال جابر: لما نزلت هذه الآية قال علي (عليه السلام): " نحن أهل الذكر "(1).

الحديث الثاني: في تفسير يوسف القطان عن وكيع عن الثوري عن السدي قال: كنت عند عمر ابن الخطاب إذ أقبل عليه كعب بن الأشرف ومالك بن الصيفي وحي بن أخطب فقالوا: إن في كتابك * (وجنة عرضها السماوات والأرض) * إذا كان سعة جنة واحدة كسبع سماوات وسبع أرضين فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون؟ فقال عمر: لا أعلم، فبينما هم في ذلك إذ دخل علي (عليه السلام) فقال:

" في شئ أنتم؟ " فألقى اليهودي المسألة عليه(2) فقال لهم: " أخبروني أن النهار إذا أقبل الليل أين يكون، والليل إذا أقبل النهار أين يكون "

قالوا له: في علم الله تعالى [ يكون ] فقال علي (عليه السلام): " كذلك الجنان تكون في علم الله " فجاء علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره بذلك فنزل * (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(3).

الحديث الثالث: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في المستخرج من تفاسير الاثني عشر في تفسير قوله تعالى: * (فسألوا أهل الذكر) * يعني أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، والله ما سمي المؤمن مؤمنا إلا كرامة لعلي بن أبي طالب(4).

____________

(1) العمدة عن الثعلبي المخطوط: 288 ح 468.

(2) في المصدر: فالتفت اليهودي وذكر المسألة فقال علي (عليه السلام) لهم.

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 175، والبحار: 40 / 174.

(4) الطرائف: 94 ح 131، والصراط المستقيم مختصرا: 1 / 217.


الصفحة 26

الباب الخامس والثلاثون

في أن أهل البيت هم أهل الذكر إن كنت لا تعلمون

من طريق الخاصة وفيه أحد وعشرون حديثا


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الذكر أنا والأئمة (عليهم السلام) أهل الذكر وقوله عز وجل: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال أبو جعفر (عليه السلام): " نحن قومه ونحن المسؤولون "(1).

الحديث الثاني: عن ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد بن أرومة عن علي ابن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(2) قال: " الذكر محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن المسؤولون " قال: قلت: قوله: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(3) قال: " إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون "(4).

الحديث الثالث: ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * فقال: " نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون " قلت: أنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: " نعم "، قلت: حقا علينا أن نسألكم؟ قال: " نعم "، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا، قال: " لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: * (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) *(5)(6).

الحديث الرابع: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبو جعفر (عليه السلام) ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما يحضرني منها مسألة واحدة قال: " ولا واحدة يا ورد " قال: بلى قد حضرني منها واحدة، قال: " وما هي " قال: قول الله تبارك تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * من هم؟ قال " نحن " قلت: علينا أن نسألكم؟ قال:

____________

(1) الكافي: 1 / 210 ح 1.

(2) النحل: 45.

(3) الزخرف: 43.

(4) المصدر السابق: ح 2.

(5) ص: 38.

(6) المصدر السابق: ح 3.


الصفحة 27
" نعم " قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: " ذاك إلينا "(1).

وروى محمد بن الحسن الصفار هذا الحديث في (بصائر الدرجات) عن محمد بن الحسين وساق السند بعينه والمتن بتغيير يسير في المتن(2).

الحديث الخامس: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * إنهم اليهود والنصارى قال: إذا يدعونكم إلى دينهم "، ثم قال بيده إلى صدره: " نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون "(3).

الحديث السادس: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين (عليه السلام): " على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله عز وجل أن يسألونا قال: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا "(4).

الحديث السابع: ابن يعقوب بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) كتابا فكان في بعض ما كتبت إليه قال الله عز وجل: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * وقال الله عز وجل: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * فقد فرضت عليهم المسألة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى: * (فإن لم يستجيبوا لكم فأعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه) *(5).

وروى هذين الحديثين الصفار أيضا عن أحمد بن محمد بباقي السند والمتن(6).

الحديث الثامن: ابن يعقوب عن محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال جل ذكره:

* (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * قال: الكتاب الذكر وأهله آل محمد (صلى الله عليه وآله) أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: * (وأنزلنا

____________

(1) الكافي: 1 / 211 ح 6.

(2) بصائر الدرجات: 59 / ح 4 / باب 19.

(3) الكافي: 1 / 211 ح 7.

(4) المصدر السابق: ح 8.

(5) المصدر السابق: ح 9 والآية في التوبة: 123، والأخرى في القصص: 50.

(6) بصائر الدرجات: 58 / ح 2 - 3 / باب 19.