الصفحة 193

الباب الثاني

في قوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1)
نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين وبنيه التسعة والأئمة (عليهم السلام)

من طريق الخاصة وفيه أربعة وثلاثون حديثا


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * يعني الأئمة (عليهم السلام) وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه وآله)(2).

الحديث الثاني: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي ابن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز جل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فقال " نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين " فقلت له: إن الناس يقولون فما له لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: " قولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم ونزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * نزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقال (صلى الله عليه وآله): أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان ولكن الله عز وجل أنزله في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه وآله) * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فكان

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) الكافي: 1 / 423 ح 54.


الصفحة 194
علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت: أم سلمة ألست من أهلك؟

فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإقامته للناس وأخذ بيده فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا أحد من ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين (عليه السلام):

أمر الله تبارك وتعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك وبلغ في رسول الله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، ولو أراد أن يصرفا الأمر عنه، ولم يكن ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام) فجرى تأويل هذه الآية * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *، ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي ابن الحسين إلى محمد بن علي، وقال: * (الرجس) * هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا "(1).

الحديث الثالث: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك(2).

الحديث الرابع: محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " الرجس هو الشك ولا نشك في ديننا أبدا "(3).

الحديث الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قالا:

حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا النضر بن

____________

(1) الكافي: 1 / 287 ح 1.

(2) الكافي: 1 / 288 ذيل ح 1.

(3) بصائر الدرجات: 206 / 13.


الصفحة 195
شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قال: " الرجس هو الشك "(1).

الحديث السادس: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى قال: حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن علي (عليه السلام) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة وقد نزلت عليه هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقال، رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي هذه الآية فيك وفي سبطي والأئمة من ولدك فقلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟

قال: أنت يا علي ثم الحسن والحسين وبعد الحسين علي ابنه وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد جعفر ابنه وبعد جعفر موسى ابنه موسى علي ابنه وبعد وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن هكذا أسماؤهم مكتوبة على ساق العرش فسألت الله تعالى عن ذلك فقال: يا محمد هذه الأئمة مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون ".

الحديث السابع: ابن بابويه قال: حدثنا أبي قال: حدثني سعد بن عبد الله عن الحسن بن موسى الخشاب عن علي بن حسان الواسطي عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز وجل بقوله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *؟ قال:

" نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) فلما قبض الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين ثم الحسن والحسين، ثم وقع تأويل هذه الآية * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إماما ثم جرت في الأئمة من ولد الأوصياء (عليهم السلام) فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل "(2).

الحديث الثامن: ابن بابويه عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السلام) في حديث المأمون والعلماء وسؤالهم الرضا في الفرق بين آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأمة فكان في الحديث قال (عليه السلام): " فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم " فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام) " الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال جل وعز: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين:

كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني

____________

(1) معاني الأخبار: 138 / ح 1.

(2) علل الشرائع: 1 / 205 / ح 2 / ب 156.


الصفحة 196
فيهما يا أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ".

وفي الحديث قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام):

" فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وموطنا فأول ذلك قوله تعالى:

* (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) * هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله بذلك الآل فذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذه واحدة، والآية الثانية في الاصطفاء قول الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر " وهذه الثانية وساق الحديث بذكر الاثني عشر(1).

الحديث التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قالا:

حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن أبي الجارود وهشام أبي ساسان وأبي طارق السراج عن عامر بن واثلة قال: كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا (عليه السلام) وهو يقول: " استخلف الناس أبا بكر وأنا والله أحق بالأمر وأولى به منه، واستخلف أبو بكر عمر وأنا والله أحق بالأمر وأولى به منه إلا أن عمر جعلني مع خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضلا ولو شاء لا احتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم المعاهد منهم والمشرك تغيير ذلك "

ثم ذكر (عليه السلام) ما احتج به على أهل الشورى فقال في ذلك: " نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين ثم قال: يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قالوا: اللهم لا(2).

الحديث العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال: حدثني أحمد بن التغلبي قال: حدثني محمد بن عبد الحميد قال: حدثني حفص بن منصور العطار قال: حدثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال:

لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه انقباضا فكبر ذلك على أبي بكر فأحب لقاءه واستخراج ما عنده والمعذرة لما

____________

(1) أمالي الصدوق: 616 / مجلس 79 / ح 1.

(2) الخصال: 553 / ح 31.


الصفحة 197
اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة وقال له: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاة مني ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا عليه ولا ثقة بنفسي فيما يحتاج إليه الأمة لا قوة إلي بمال ولا كثرة العشيرة ولا ابتزاز له دون غيري فما لك أن تضمر لي ما لا استحق منك وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه وتنظر إلي بعين السأمة مني قال: فقال له علي (عليه السلام): " فأحملك عليه إذا لم ترغب فيه، ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه " فقال أبو بكر بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إن الله لا يجمع أمتي على ضلال " ولما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى وأعطيتهم قود الإجابة ولو علمت أن أحدا يختلف لامتنعت قال: فقال علي (عليه السلام): " إما قولك ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) لا تجتمع أمتي على ضلال أفكنت من الأمة أو لم أكن "؟ قال: بلى وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار قال: كل من الأمة فقال علي (عليه السلام): " فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك وليس في الأمة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول ونصيحته منهم تقصير " قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر وخفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين وكان ممارستهم إلي أن أجبتهم أهون مؤونة على الدين وأبقى له من ضرب الناس بعضه بعضهم فيرجعون كفارا وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم قال علي (عليه السلام): " أجل ولكن أخبرني عن الذي يستحق الأمر بما يستحقه؟ " فقال أبو بكر:

بالنصيحة والوفاء ورفع المداهنة والمحاباة وحسن السيرة وإظهار العدل والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد ثم سكت فقال علي (عليه السلام): " أنشدتك الله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو في؟ " قال: بل فيك مما جاء فيه عن الله سبحانه وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي كل ذلك يعترف له أبو بكر بذلك إلى أن قال علي (عليه السلام) فيما احتج به عليه: " فأنشدتك الله إلي ولأهل بيتي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ " قال: بل لك ولأهل بيتك، قال: " فأنشدتك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله وأهلي وولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟ " قال بل: أنت وأهلك وولدك.

وذكر له علي (عليه السلام) سبعين منقبة ثم ذكر في الحديث بعد السبعين المنقبة فلم يزل (عليه السلام) يعد مناقبه التي جعلها الله عز وجل له دونه ودون غير فقال له أبو بكر: بهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد (صلى الله عليه وآله) فقال له علي (عليه السلام): " فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو مما يحتاج

الصفحة 198
إليه أهل دينه " قال: فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبر ما أنا فيه وما سمعت منك قال: فقال له علي (عليه السلام): " لك ذلك يا أبا بكر " فرجع من عنده وخلا بنفسه يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل وعمر يتردد في الناس لما بلغه خلوته بعلي (عليه السلام) فبات في ليلته فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه متمثلا له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه فولى وجهه فقال أبو بكر: يا رسول الله هل أمرت بأمر فلم أفعل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أرد السلام عليك وقد عاديت الله ورسوله وعاديت من ولاه الله ورسوله رد الحق إلى أهله " قال: فقلت من أهله؟ قال: " من عاتبك عليه وهو علي " قال فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك قال: فأصبح وبكى وقال لعلي (عليه السلام) أبسط يدك فبايعه وسلم إليه الأمر وقال له: أخرج إلى مسجد رسول الله فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى بيني وبينك فأخرج نفسي من هذا الأمر وأسلم عليك بالإمرة قال فقال له علي (عليه السلام): " نعم " فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له: ما حالك يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي (عليه السلام) فقال له عمر: أنشدك بالله خليفة رسول الله أن تغتر بسحر بني هاشم فليس بأول سحر منهم، فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو فيه وأمره بالثبات عليه والقيام به؟! قال: فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد فلم ير فيه أحد فأحس بالشر منهم فقعد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمر به عمر فقال له: يا علي دون ما ترومه خرط القتاد فعلم بالأمر وقام ورجع إلى بيته(1).

الحديث الحادي عشر: ابن بابويه بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن الحارث عن محمد بن الحنفية وعمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن علي (عليه السلام) في حديث طويل قال (عليه السلام): " وقد قبض محمد (صلى الله عليه وآله)، وإن ولاية الأمة في يده وفي بيته لا في يد الأولى تناولوها ولا في بيوتهم ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال " ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: " أليس كذلك؟ " قالوا: بلى يا أمير المؤمنين(2).

الحديث الثاني عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن موسى الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي ابن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد

____________

(1) الخصال: 548 / ح 30.

(2) الخصال: 374 / ح 58 / ب 7.


الصفحة 199
عن مكحول قال: قال أمير المؤمنين أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام): " لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا قد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم " قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن فذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) المناقب إلى أن قال (عليه السلام): " وأما السبعون فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نام ونومني وزوجني فاطمة وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل الله تبارك وتعالى فينا * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وقال جبرائيل: أنا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرائيل (عليه السلام) "(1).

الحديث الثالث عشر: علي بن إبراهيم قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث فدك قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر: " يا أبا بكر تقرأ الكتاب؟ " قال: نعم، قال: " فأخبرني عن قول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فيمن نزلت فينا أم في غيرنا؟ " قال: بل فيكم(2).

الحديث الرابع عشر: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسير القرآن فيما نزل في أهل البيت قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن علي بن بزيع عن إسماعيل بن يسار الهاشمي عن قنبر بن محمد الأعشى عن هاشم بن البريد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة فأتى بحريرة فدعا عليا (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقالت: أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: " أنت إلى خير "(3).

الحديث الخامس عشر: محمد بن العباس هذا قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة قال: حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن الله عز وجل فضلنا أهل البيت وكيف لا يكون كذلك والله عز وجل يقول: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنحن على منهاج الحق "(4).

الحديث السادس عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن علي بن عبد العزيز عن إسماعيل بن محمد عن علي بن جعفر بن محمد عن الحسين بن يزيد عن عمر بن علي قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) الناس حين قتل علي (عليه السلام) فقال: " قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون

____________

(1) الخصال: 572 / ح 1.

(2) تفسير القمي: 2 / 156.

(3) بحار الأنوار: 25 / 213 ح 3.

(4) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 4.


الصفحة 200
بعلم ولا يدركه الآخرون ما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله - ثم قال - أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن البشير النذير الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل ويصعد، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

الحديث السابع عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا مظفر بن يونس بن مبارك عن عبد الأعلى ابن حماد عن محمود بن إبراهيم عن عبد الجبار عن العباس عن عمار الذهبي عن عمرة بنت أفعى عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، وفي البيت سبعة جبرائيل وميكائيل ورسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) قالت: وكنت على الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: " إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي " وما قال: إنك من أهل البيت(2).

الحديث الثامن عشر: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد - يعني المفيد - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (قدس سره) قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي قال: حدثنا محمد بن فرات عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي (عليه السلام) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتينا كل غداة فيقول الصلاة رحمكم الله الصلاة * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(3).

ورواه: الشيخ المفيد في أماليه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر وساق الحديث بباقي السند والمتن(4).

الحديث التاسع عشر: الشيخ في أماليه عن أبي عمر قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن شيبان قال: حدثنا سليمان بن قرم قال: حدثني أبو الجحاف وسالم بن أبي حفصة عن نفيع أبي داود عن أبي الحمراء قال: " شهدت النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين صباحا يجئ إلى باب علي وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: " السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(5).

____________

(1) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 5.

(2) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 6.

(3) أمالي الطوس: 89 / ح 138.

(4) أمالي المفيد: 318 / ح 4.

(5) أمالي الطوسي: 251 / المجلس 9 / ح 39.


الصفحة 201
الحديث العشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: حدثنا أحمد بن محمد يعني - ابن سعيد بن عقدة - قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال:

حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا أبي عن أبي إسحاق عن عبد الله بن المغيرة مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتها * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه والحسن بشماله والحسين على بطنه وفاطمة عند رجله ثم قال: " اللهم هؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

الحديث الحادي والعشرون: الشيخ في أماليه بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام) عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندي فدعا علي وفاطمة والحسن والحسين وجاء جبرائيل فمد عليهم كساء فدكيا ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قال: جبرائيل وأنا منكم يا محمد؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " وأنت منا يا جبرائيل " قالت أم سلمة: فقلت يا رسول الله وأنا من أهل بيتك فجئت لأدخل معهم، فقال: " كوني مكانك يا أم سلمة إنك إلى خير أنت من أزواج نبي الله (صلى الله عليه وآله) " فقال جبرائيل: اقرأ يا محمد * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(2).

الحديث الثاني والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الحفار قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه قال: حدثني الحسن ابن علي الهاشمي قال: حدثني إسماعيل بن أبان قال: حدثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب وفتح الله عليه وأوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة قال له: " أنت مني وأنا منك "، وقال له: " تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل " وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وقال له: " أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت " وقال له:

" أنت العروة الوثقى " وقال له: " أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي "، وقال له: " أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي "، وقال له: " أنت الذي أنزل الله فيه وأذان من الله ورسوله إلى

____________

(1) أمالي الطوسي: 263 / المجلس 10 / ح 20 اختصر المصنف.

(2) أمالي الطوسي: 368 / المجلس 13 / ح 34.


الصفحة 202
الناس يوم الحج الأكبر " وقال له: " أنت الآخذ بسنتي والذاب عن ملتي " وقال له: " أنا أول من تنشق الأرض عنه وأنت معي " وقال له: " أنا عندك الحوض وأنت معي " وقال له: " أنا أول من يدخل الجنة وأنت بعدي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) " وقال له: " إن الله أوحى إلي أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه " وقال له: " اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ثم بكى النبي (صلى الله عليه وآله) فقيل له:

مم بكاؤك يا رسول الله؟.

قال: " أخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) عن ربه عز وجل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبتهم وكان الشاني لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وكثر المادح لهم وذلك حين تغير البلاد وتضعف العباد والإياس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم " فقيل له ما أسمه قال لنبي (صلى الله عليه وآله): " اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي وهو من ولد ابنتي يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس بن راغب فيهم وخائف لهم " قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج فإن وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يرد وهو الحكيم الخبير فإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم واحفظهم وانصرهم وأعنهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على كل شئ قدير "(1).

وقد تقدم هذا من طريق المخالفين في الباب السابق.

الحديث الثالث والعشرون: الشيخ في كتاب (المجالس) قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن يسار قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (قدس سره) أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم وأجلهم بينهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة (عليهم السلام) على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، وإن يكن باطلا فأنكروه " قالوا: قل فذكر من فضائله عن الله سبحانه

____________

(1) أمالي الطوسي: 351 / المجلس 12 / ح 66.


الصفحة 203
وعن رسوله الله (صلى الله عليه وآله) وهم يوافقونه ويصدقونه فيما قال وكان فيما قال (عليه السلام): " فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث يقول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * غيري وزوجتي وابني "

قالوا: لا(1).

الحديث الرابع والعشرون: الشيخ في مجالسه قال: حدثنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران قال: حدثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العائشي التيمي قال: حدثني أبي عن عمر بن أذينة العبدي عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي قال: حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه أبي الأسود قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر بين ستة نفر علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن مالك وعبد الله بن عمر معهم يشهد النجوى وليس له في الأمر نصيب وذكر حديث المناشدة نحوه(2).

الحديث الخامس والعشرون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:

حدثنا محمد بن عبد الله بن جوريه الجندي سابوري من أصل كتابه قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني قال: أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل: منهم لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أن تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين وهو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين فمن له أيها الناس مثلهما ورسول لله (صلى الله عليه وآله) حموه وهو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وأزواجه وسدت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه وهو صاحب باب خيبر وهو صاحب الراية يوم خيبر، وتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ في عينيه وهو أرمد فما اشتكاهما من بعد ولا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك، وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمه وألزم أمته ولايته وعرفهم بخطره وبين لهم مكانه فقال يومئذ: " أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ " قالوا: الله ورسوله، قال: " فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو صاحب العباء ومن أذهب الله عز وجل عنه الرجس وطهرهم تطهيرا " وهو صاحب الطائر حين

____________

(1) أمالي الطوسي: 545 / مجلس 20 / ح 4.

(2) أمالي الطوسي: 556 / مجلس 20 / ح 7.


الصفحة 204
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم آتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سار أبو بكر بالسورة فقال له:

يا محمد إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي إنه منك وأنت منه، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه في حياته وبعد وفاته وهو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن قال له النبي (صلى الله عليه وآله): " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها كما أمر الله فقال: * (وأتوا البيوت من أبوابها) *(1) وهو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحروب، وهو أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) وصدقه واتبعه، وهو أول من صلى فمن أعظم فريه على الله وعلى رسول الله ممن قاس به أحدا أو شبه به بشرا (عليه السلام)!(2).

الحديث السادس والعشرون: الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد ابن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) قال: " لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية وقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا قد أتانا ليبايع طوعا، ثم قال: قم يا حسن فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء وصارف الشدائد والبلاء عند الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه وعلوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته ووجوده ووحدانيته صمدا لا شرك له فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا إلى الحق وسراجا منيرا وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا فنصح للأمة وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأخبر، وأقول: معشر الخلائق فاسمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا وأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا وطهرنا من كل أفن وغية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه

____________

(1) البقرة: 189.

(2) أمالي الطوسي: 558 / مجلس 20 / ح 8.