الصفحة 230

الباب الخامس

في قوله تعالى * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(1)

من طريق العامة وفيه سبعة عشر حديثا:


الحديث الأول: من مسند أحمد بن حنبل عن أبيه أحمد قال: وفيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي يذكر أن الحارث بن الحسن الطحان حدثه قال: حدثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم قال: " علي وفاطمة وابناهما "(2).

الحديث الثاني: من الجزء السادس من (صحيح البخاري) على حد من أوله في تفسير قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت طاووسا عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى * (إلا المودة في القربى) * قال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلوات الله عليهم(3).

الحديث الثالث: من صحيح مسلم من الجزء الخامس في أوله في تفسير قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: سئل ابن عباس (رضي الله عنه) عن هذه الآية فقال ابن جبير: هي قربى آل محمد (عليهم السلام)(4).

الحديث الرابع: الثعلبي في تفسير قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا...) * الآية قال: اختلفوا في قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر الله تعالى بمودتهم قال: فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل حدثنا برهان بن علي الصوفي حدثنا محمد بن عبد الله بن سليم الحضرمي حدثنا حرب بن الحسن

____________

(1) الشورى: 23.

(2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 669 ح 1141.

(3) صحيح البخاري: 6 / 37.

(4) لم يوجد في صحيح مسلم المطبوع ونقله في العمدة عن مسلم: 49 ح 40، وكذلك في الطرائف:

113 / ح 169.


الصفحة 231
الطحان حدثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأشتر بن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

قال: " علي وفاطمة وابناهما صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين "(1).

الحديث الخامس: ومن (تفسير الثعلبي) أيضا قال: أنبأني عقيل بن محمد أخبرنا المعاني ابن المبتلى حدثنا محمد بن جرير حدثني محمد بن عمارة حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا الصباح بن يحيى المري عن السدي عن أبي الديلم قال: لما جئ بعلي بن الحسين صلوات الله عليه أسيرا قائما على درج مسجد دمشق قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصل شأفتكم(2) وقطع قرن الفتنة فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): " أقرأت القرآن؟ "

قال: نعم.

قال: " قرأت * (ال حم) * قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم.

قال: " قرأت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *

قال: لأنتم هم؟!

قال: " نعم "(3).

ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام): أفقرأت في بني إسرائيل * (وآت ذي القربى حقه) * قال: وأنكم القرابة التي أمر الله أن يؤتى حقه؟ قال: نعم.

الحديث السادس: الثعلبي أيضا في تفسيره قال: أخبرني ابن فيجويه حدثنا ابن حبش حدثنا أبو القاسم الفضل حدثنا علي بن الحسين حدثنا إسماعيل بن موسى حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن ابن مالك عن ابن عباس (رضي الله عنه) * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) *(4) قال: المودة لآل محمد (صلى الله عليه وآله)(5).

الحديث السابع: ومن (الجمع بين الصحاح الستة) لأبي الحسن رزين من الجزء الثاني من أجزاء أربعة في تفسير سورة حم قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال ابن جبير: قربى آل محمد (عليهم السلام)(6).

____________

(1) العمدة: 23 - 24 عن الثعلبي.

(2) في المصدر: وأستأصلكم.

(3) بحار الأنوار: 23 / 252 ح 31 عن الثعلبي.

(4) الشورى: 23.

(5) العمدة: 27 عن الثعلبي.

(6) بحار الأنوار: 23 / 250 ذيل ح 24.


الصفحة 232
الحديث الثامن: ومن الجمع بين الصحاح الستة أيضا بإسناده عن طاوس أن ابن عباس (رضي الله عنه) سئل عن قوله تعالى: * (إلا المودة في القربى) * فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد (عليهم السلام)(1).

الحديث التاسع: محمد بن جرير برجاله في كتاب (المناقب) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام):

" أخرج فناد في الناس ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله ألا من تولى غير مواليه لعنة الله إلا من سب أبويه فعليه لعنة الله " فنادى بذلك فدخل عمر وجماعة على النبي (صلى الله عليه وآله) وقالوا: هل من تفسير لما نادى؟

قال: " نعم أمرته أن ينادي ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه الله وإن الله يقول: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فمن ظلمنا فعليه لعنة الله وأمرته أن ينادي من تولى غير مواليه فعليه لعنه الله والله يقول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ومن كنت مولاه فعلي مولاه فمن والى غيره وغير ذريته فعليه لعنة الله وأمرته أن ينادي من سب أبويه فعليه لعنة الله وأنا أشهد الله وأشهدكم أنا وعلي أبوا المؤمنين فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله " فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد ما أكد النبي لعلي بغدير خم ولا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا قال خباب بن الإرث: كان ذلك قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتسعة عشر يوما(2).

الحديث العاشر: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان العامة قال: أخبرنا شيخنا العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقرائتي عليه وأنا أسمع في رجب أو شعبان سنة خمس وستين وستمائة قال: أنبأنا الشيخ رضي الدين [ المؤيد بن محمد بن علي الطوسي ثم النيشابوري والشيخ الإمام شهاب الدين ] أبو بكر بن أبي سعيد عبد الله بن الصفار النيسابوري بسماعه من والده وبإجازته من عبد الجبار بن محمد الخواري قال أنبأنا الشيخ الدين عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي سماعا عليه قال: أنبأنا أبو حنان المزكي أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق نبأنا الحسن بن علي بن زياد السري نبأنا يحيى بن عبد الحميد الحماني نبأنا حسين الأشقر نبأنا قيس نبأنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *.

قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين يأمرنا الله بمودتهم؟

قال: " علي وفاطمة وولدهما (عليهم السلام) "(3).

الحديث الحادي عشر: علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في كتاب (مقاتل الطالبين) قال:

____________

(1) الطرائف: 27 - 28.

(2) الطرائف: 37 - 38.

(3) السمطين: 2 / 13 / ب 2 / ح 359.


الصفحة 233
قال الحسن في خطبة له بعد موت أبيه: " أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد، أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) *(1) فالحسنة مودتنا أهل البيت "(2).

الحديث الثاني عشر: موفق بن أحمد عن مقاتل والكعبي لما نزلت هذه الآية * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: هل رأيتم أعجب من هذا يسفه أحلامنا ويشتم آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبه فنزل * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) * أي ليس لي من ذلك أجر لأن منفعته المودة تعود إليكم وهو ثواب الله تعالى ورضاه(3).

الحديث الثالث عشر: أبو نعيم صاحب (حلية الأبرار) بإسناده إلى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين يأمرنا الله بمودتهم؟ قال: " علي وفاطمة وأولادهما "(4).

الحديث الرابع عشر: المالكي في (الفصول المهمة) قال: روى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما نزلت قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال: " علي وفاطمة وابناهما "(5).

الحديث الخامس عشر: المالكي قال: روى السدي عن ابن مالك عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: المودة لآل محمد (صلى الله عليه وآله) فهؤلاء هم أهل بيتي(6).

الحديث السادس عشر: ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم حدثنا عثمان ابن أحمد الدقاق حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال حدثنا محمد بن الصباح الدولابي قال: حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي في قوله تعالى: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: المودة في آل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: وفي قوله تعالى * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * قال: رضى محمد (صلى الله عليه وآله) أن

____________

(1) الشورى: 23.

(2) مقاتل الطالبيين: 33 ط. النجف وفي طبعة: إن ذكر الخبر في بيعته، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 16 / 30.

(3) المناقب: 275 / 255.

(4) حلية الأولياء: 3 / 201، وشواهد التنزيل: 2 / 189.

(5) الفصول المهمة: 152، وشواهد التنزيل: 2 / 189 ح 822، وتفسير ابن كثير: 4 / 122.

(6) تفسير القرطبي: 16 / 24، وتفسير الدر المنثور: 6 / 7 مورد الآية.


الصفحة 234
يدخل أهل بيته الجنة(1).

الحديث السابع عشر: صاحب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن صابر قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بدمشق عن عبد الله بن جعفر العسكري بالرقة عن يحيى بن عبد الحميد عن جعفر ابن الأشعري عن الأعمش عن سعد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما نزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله تعالى بمودتهم؟ قال: " علي وفاطمة وولداهما "(2).

____________

(1) مناقب ابن المغازلي: 195 / ح 360.

(2) تفسير نور الثقلين: 4 / 572 ح 68، وتأويل الآيات: 2 / 545، وفي رحاب النبي وآله: 79.


الصفحة 235

الباب السادس

في قوله تعالى * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * الآية(1)

من طريق الخاصة وفيه اثنان وعشرون حديثا


الحديث الأول: محمد ين يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن المثنى عن زرارة عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: " هم الأئمة (عليهم السلام) "(2).

الحديث الثاني: محمد بن يعقوب أيضا عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول وأنا أسمع فقال: " أتيت البصرة " قال: نعم فقال: " كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ودخولهم فيه "

فقال: والله إنهم لقليل وقد فعلوا وأن ذلك لقليل فقال: " عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير "

ثم قال: " ما يقول أهل البصرة في هذه الآية * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *؟ قلت:

جعلت فداك إنهم يقولون: إنهم لأقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء (عليهم السلام) "(3).

الحديث الثالث: عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) للأحول: " أتيت البصرة " وذكر مثله إلا لفظة خاصة(4).

الحديث الرابع: محمد ين يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد ابن حكيم عن أبي مسروق عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت أنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فيقولون: نزلت في أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عز وجل: * (إنما وليكم الله ورسوله...) * إلى آخر الآية فيقولون: نزلت في المؤمنين ونحتج عليهم بقول الله عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فيقولون: نزلت

____________

(1) الشورى: 23.

(2) الكافي: 1 / 413 ح 7.

(3) الكافي: 8 / 93 ح 66.

(4) قرب الإسناد: 128 / 450.


الصفحة 236
في قربى المسلمين قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا وشبهه إلا ذكرته فقال لي: " إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة " قلت: وكيف أصنع؟ قال: " أصلح نفسك ثلاثا " وأظنه قال " وصم واغتسل وأبرز أنت وهو إلى الجبال فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم رد الدعوة عليه فقل: وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما " ثم قال لي: " فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فوالله ما وجدت خلقا يجيبني إليه "(1).

الحديث الخامس: ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: " من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، وهو قول الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله خير منها) * يدخله الجنة وهو قول الله عز وجل: * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) * يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار: * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) * يقول متكلفا: إن أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض. أما يكفي محمد أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا ما أنزل الله هذا وما هو إلا شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا(2) ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا وأراد الله عز وجل ذكره أن يعلم نبيه (صلى الله عليه وآله) الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به فقال في كتابه عز وجل: * (أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشاء الله يختم على قلبك) * يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم، وقد قال الله عز وجل: * (يمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته) * يقول الحق: لأهل بيتك الولاية أنه عليم بذات الصدور ويقول بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك: وهو قول الله عز وجل: * (وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) *(3).

الحديث السادس: ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان

____________

(1) الكافي: 2 / 513 ح 1.

(2) الكافي: 8 / 379 ح 574.

(3) الأنبياء: 3.


الصفحة 237
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) *(1) قال: " الإقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا "(2).

الحديث السابع: سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى بن عبيد عن فضالة ابن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * فقال: " الإقتراف الحسنة هو التصديق لنا والصدق علينا "(3).

الحديث الثامن: سعد هذا عن يعقوب ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله(4).

الحديث التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (قدس سره) قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر حديث الفرق بين الآل والأمة وذكر (عليه السلام) آيات الاصطفاء للآل (عليهم السلام) من القرآن في الظاهر دون الباطن وهي اثنتا عشرة إلى أن قال (عليه السلام): " السادسة قوله عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(5) وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم، وذلك أن الله عز وجل ذكر نوحا (عليه السلام) في كتابه * (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) *(6) وحكى عز وجل عن هود (عليه السلام) أنه قال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) *(7)

وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): قل يا محمد * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا، وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم قلب الرجل له فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ ففرض عليهم مودة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله أن

____________

(1) الشورى: 23.

(2) الكافي: 1 / 391 ح 4.

(3) بصائر الدرجات: 521 / 6 وفي المصدر: الإقتراف: التسليم لنا والصدق علينا ولا يكذب علينا.

(4) بصائر الدرجات: 521 / 7.

(5) الشورى: 23.

(6) هود: 29.

(7) هود: 51.


الصفحة 238
يبغضه، لأنه ترك فريضة من فرائض الله، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله هذه الآية على نبيه * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إن الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه فلم يجبه أحد فقال: يا أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب فقالوا: هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: أما هذه فنعم فما وفي بها أكثرهم، وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه لا يسأل قومه أجرا لأن الله يوفي أجر الأنبياء ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليوادوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم فإن المودة أنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فأخذ بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق وألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله.

فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي (صلى الله عليه وآله) أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها، وما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه وآله) في حيطته ورأفته، وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه لا يودوه في قرابته وذريته وأهل بيته وأن لا يجعلوهم منهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحبا لنبيه فكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه والأخبار ثابتة أنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد الجزاء عليها أنه ما وافى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة، لقول الله عز وجل في هذه الآية: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * مفسرا ومبينا.

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): " حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: اجتمع المهاجرين والأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله إن لك مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فأحكم فيها بارا مأجورا اعط منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله الروح الأمين فقال يا محمد * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * يعني تؤدوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عز وجل * (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون

الصفحة 239
فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم) * فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هل من حدث؟

فقالوا: أي والله قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله عز وجل * (هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) * "(1).

الحديث العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال حدثني أبو نعيم قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق ابن حاجب قال: حدثنا عبد الله بن زياد عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال لرجل: " أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ " قال: نعم.

قال: " أما قرأت هذه الآية * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: بلى قال: " فنحن أولئك "(2).

الحديث الحادي عشر: محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن وهو ثقة في الحديث قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن أبي محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن محمد بن جعفر بن محمد قال: حدثني عمي علي بن جعفر عن الحسين بن زيد عن الحسن بن زيد عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: خطب الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين قتل علي (عليه السلام) فقال: " وأنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت "(3).

الحديث الثاني عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن محمد ابن عبد الله الجشمي عن الهيثم بن عدي عن سعيد بن صفوان عن عبد الملك بن عمير عن الحسين ابن علي صلوات الله عليهما في قوله عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال:

" إن القرابة التي أمر الله بصلتها وعظم حقها وجعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذين أوجب الله حقنا على كل مسلم "(4).

الحديث الثالث عشر: أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن) عن الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله * (قل لا

____________

(1) أمالي الصدوق: 619 / المجلس 79 / ح 1.

(2) أمالي الصدوق: 230 / ح 242.

(3) بحار الأنوار: 23 / 251 ح 26.

(4) بحار الأنوار: 23 / 251 ح 27.


الصفحة 240
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: " هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم "(1).

الحديث الرابع عشر: عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) عن هارون ابن مسلم قال:

حدثني مسعدة بن صدقة قال: حدثنا جعفر بن محمد عن آبائه أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد فقال: أيها الناس إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب قالوا: فالقه إذا قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * " قالوا: أما هذه فنعم فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد بن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال له: الكبيت(2) وزيد بن أرقم "(3).

الحديث الخامس عشر: المفيد في (الإختصاص) قال: حدثني جعفر بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون ابن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) وذكر مثل الحديث السابق(4).

الحديث السادس عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم ابن حميد عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * " يعني في أهل بيته قال: جاء الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا قد أوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا استغن بها على ما أنابك فأنزل الله * (قل لا أسألكم عليه أجرا) * يعني على النبوة * (إلا المودة في القربى) * أي في أهل بيته ثم قال: ألا ترى إن الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شئ على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شئ على أمته ففرض عليهم المودة في القربى، فإن أخذوا أخذوا مفروضا وإن تركوا تركوا مفروضا ".

قال: " فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا فقال قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي وقالت طائفة: ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله تعالى * (أم يقولون افترى على الله كذبا) * فقال الله * (فإن يشاء الله يختم على قلبك) * قال لو افتريت * (ويمحو الله الباطل) * يعني

____________

(1) المحاسن: 1 / 145 ح 48.

(2) في المصدر: الثبيت.

(3) قرب الإسناد: 78 / 254.

(4) الإختصاص: 63.


الصفحة 241
يبطله * (ويحق الحق بكلماته) * يعني بالنبي وبالأئمة (عليهم السلام) والقائم من آل محمد * (إنه عليم بذات الصدور) * ثم قال * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات...) * إلى قوله: * (ويزيدهم من فضله) * يعني الذين قالوا: إن القول ما قال رسول الله ثم قال: * (والكافرون لهم عذاب شديد) *(1)

وقال أيضا * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(2) قال: أجر النبوة أن لا تؤذوهم ولا تقطعوهم ولا تبغضوهم وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى: * (الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) *(3) قال: " جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فأنزل الله * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * يعني في أهل بيته ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، وهو محبة آل محمد ثم قال: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) *(4) وهي إقرار الإمامة لهم والإحسان إليهم وبرهم وصلتهم * (نزد له فيها حسنا) * أي تكافئ ذلك بالإحسان "(5).

الحديث السابع عشر: الشيخ في أماليه بإسناده عن الحسن (عليه السلام) في خطبة له قال: " فيما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله) * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * * (ومن يقترف حسنة) * واقتراف الحسنة مودتنا "(6).

الحديث الثامن عشر: الطبرسي ذكر أبو أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال: حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنقول: إن تعرك أمور هذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج ولا محظور فأتوه في ذلك فنزلت * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فقرأها عليهم فقال: تودون قرابتي من بعدي، فخرجوا من عنده مسلمين لقوله، فقال المنافقون: إن هذا لشئ افتراه في مجلسه وأراد يذللنا لقرابته من بعده فنزلت * (أم يقولون افتراه على الله كذبا) * فأرسل إليهم فتلا عليهم فبكوا واشتد بكاؤهم(7) فأنزل الله * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده الآية) *. فأرسل في أثرهم فبشرهم وقال: * (ويستجيب الذين آمنوا) * وهم الذين سلموا

____________

(1) الشورى: 24 - 26.

(2) الشورى: 23.

(3) الرعد: 21.

(4) الشورى: 23.

(5) تفسير القمي: 2 / 275.

(6) أمالي الطوسي: 270 / ذيل ح 501.

(7) في المصدر: عليهم.