الباب التاسع والعشرون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) *
الأول: أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة بإسناده عن مجاهد عن ابن عباس قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنزل الله آية فيها يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها(1).
الثاني: موفق بن أحمد أيضا بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما أنزل الله تعالى في القرآن آية يقول فيها: يا أيها الذين آمنوا، إلا كان علي بن أبي طالب شريفها وأميرها(2).
الثالث: ابن جبير في نخبه أسند قال: روى جماعة من الثقاة عن الأعمش والليث والعوام عن مجاهد وابن أبي ليلى عن داود بن جريح عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس: ما أنزل الله في القرآن آية فيها: يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي أميرها وشريفها ونحوه وتفسير وكيع والقطان ونحوه روى الثقفي والعكبري وفي تفسير مجاهد ما في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي سابقة ذلك، لأنه سابقهم إلى الإسلام فسماه الله تعالى في تسعة وثمانين موضعا أمير المؤمنين(3).
الباب الثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) *
صحيفة الرضا (عليه السلام) قال: ليس في القرآن آية (يا أيها الذين آمنوا) إلا في حقنا(4).
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 266 ح 250.
(2) مناقب الخوارزمي: 280 ح 272.
(3) بحار الأنوار: 33 / 333 ح 73، عن الخوارزمي.
(4) صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 235 ج 36.
الباب الحادي والثلاثون ومائتان
فيما نزل عليه القرآن من الأقسام
ابن المغازلي عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن القرآن أربعة أرباع، فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، وإن الله أنزل في علي كرائم القرآن(1).
الباب الثاني والثلاثون ومائتان
فيما نزل عليه القرآن من الأقسام
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي يحيى عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام(2).
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحجال عن علي بن عقبة عن داود بن فرقد عن من ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع خبر ما كان قبلكم وبناء ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم(3).
الثالث: ابن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام(4).
الرابع: العياشي عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: نزل القرآن على أربعة أرباع:
____________
(1) تفسير فرات الكوفي: 249 ح 336.
(2) الكافي: 2 / 628 ح 4.
(3) الكافي: 2 / 627 ح 3.
(4) الكافي: 2 / 628 ح 4.
الخامس: العياشي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نزل القرآن أثلاثا ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام(2).
السادس: العياشي بإسناده عن محمد بن خالد الحجاج الكرخي عن بعض أصحابه رفعه إلى خيثمة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا خيثمة القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفي أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية، لما بقي من القرآن شئ، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شر(3).
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 9 ح 1.
(2) تفسير العياشي: 1 / 9 ح 3.
(3) تفسير العياشي: 1 / 10 ح 7.
الباب الثالث والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *
الأول: الطبرسي قال: أخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: حدثنا أبو بكر الجرجاني قال: حدثنا أبو أحمد البصري قال: حدثني أبو عمر بن محمد بن تركي قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن شعيب عن عمرو بن شمر عن دلهم بن صالح عن الضحاك ابن مزاحم قال: لما رأت قريش تقديم النبي (عليه السلام) عليا (عليه السلام) وإعظامه له، نالوا من علي وقالوا: قد افتتن به محمد فأنزل الله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون) * قسم أقسم الله به * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم) * يعني القرآن إلى قوله: بمن ضل عن سبيله وهم النفر الذين قالوا ما قالوا وهو أعلم بالمهتدين(1).
الثاني: ابن شهرآشوب عن تفسير يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر الحميدي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في خبر يذكر فيه وكيفية بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم يصلي مع خديجة إذ طلع عليه علي بن أبي طالب فقال له: ما هذا يا محمد؟
قال: هذا دين الله فآمن به وصدقه ثم كانا يصليان فيركعان ويسجدان فأبصرهما أهل مكة ففشى الخبر فيهم أن محمدا قد جن فنزل * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *(2).
الباب الرابع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) *
الأول: الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (ن والقلم وما يسطرون) * فنون اسم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) مجمع البيان: 10 / 501.
(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 297.
الثاني: محمد بن يعقوب عن حسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان ابن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي العباس المالكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عمر لقي عليا (عليه السلام) فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية * (بأيكم المفتون) * وتعرض بي وبصاحبي؟ قال فقال له: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * فقال: كذبت، بنو أمية أوصل منكم للرحم ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية(2).
الثالث: محمد بن العباس عن عبد العزيز بن يحيى عن عمرو بن محمد بن الفضيل عن محمد ابن شعيب عن دلهم بن صالح عن الضحاك بن مزاحم قال: لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وإعظامه له نالوا من علي (عليه السلام) وقالوا: قد افتتن به محمد (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تبارك وتعالى: * (ن والقلم وما يسطرون) * قسم أقسم الله تعالى به * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * وسبيله علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).
الرابع: محمد بن العباس عن علي بن العباس عن حسن بن محمد عن يوسف بن كليب عن خالد عن حفص عن عمرو بن حنان عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال أناس إنما افتتن بابن عمه ونزلت الآية * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) *(4).
الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره وهو منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قوله: * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * هكذا نزلت في بني أمية أي حبتر وزفر وعلي قال: وقال الصادق (عليه السلام): لقي عمر أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا علي بلغني أنك تتأول هذه الآية في وفي صاحبي * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) أفلا أخبرك يا أبا حفص ما نزل في بني أمية * (والشجرة الملعونة في القرآن) * فقال: كذبت يا علي بنو أمية خير منك وأوصل للرحم(5).
السادس: شرف الدين النجفي عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن حسين بن مختار عنهم صلوات الله عليهم أجمعين في قوله: * (ولا تطع كل حلاف مهين) * الثاني * (هماز مشاء بنميم
____________
(1) بحار الأنوار: 32 / 165 ح 49.
(2) الكافي: 8 / 103 ح 76.
(3) بحار الأنوار: 24 / 25 ح 56.
(4) بحار الأنوار: 32 / 165 ح 150.
(5) تفسير القمي: 2 / 380.
السابع: شرف الدين قال: روى محمد البرقي عن الأخمسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله وزاد فيه:
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) * فلقيه الثاني فقال له: أنت الذي تقول كذا وكذا تعرض بي وبصاحبي؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ولم يعتذر إليه، ألا أخبرك بما نزل في بني أمية نزل فيهم * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * قال: فكذبه وقال له: هم خير منك وأوصل للرحم(2).
الثامن: أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن من حدثه عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن إلا وقد خلص ودي إلى قلبه، وما خلص ودي إلى قلب أحد إلا وقد خلص ود علي إلى قلبه، كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك. قال: فقال رجلان من المنافقين لقد فتن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام. فأنزل الله تبارك وتعالى: * (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ودوا لو تدهن فيدهنون ولا تطع كل حلاف مهين) * قال: نزلت فيهم إلى آخر الآية(3).
____________
(1) تفسير البرهان: 4 / 370 ح 6، بحار الأنوار: 30 / 258 ح 120.
(2) تفسير البرهان: 4 / 370 ح 7، تأويل الآيات: 2 / 712 ح 5.
(3) المحاسن: 1 / 151 ح 71.
الباب الخامس والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه) *
الأول: روى أبو نعيم في قوله تعالى: * (فاستغلظ فاستوى على سوقه) *(1) قال: اشتهر الإسلام بسيف علي بن أبي طالب(2).
الثاني: ابن مردويه عن الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال: استوى الإسلام بسيف علي (عليه السلام)(3).
الباب السادس والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ
فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) *
قال: قوله * (كزرع أخرج شطأه) * أصل الزرع عبد المطلب، وشطأه محمد (صلى الله عليه وآله)، ويعجب الزراع قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).
____________
(1) الفتح: 29.
(2) الصراط المستقيم: 2 / 5، وبحار الأنوار: 32 / 180 ذيل ح 174، وفيه وفي كشف الغمة (1 / 322): عن الحسن قال: استوى الإسلام بسيف علي، وكذا في شواهد التنزيل: 2 / 257 ح 890.
(3) بحار الأنوار: 32 / 180 ح 174.
(4) بحار الأنوار: 24 / 322 ح 32.
الباب السابع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (وبشر الذين آمنوا وعملوا
الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) *
الجبري من أعيان علماء العامة عن ابن عباس قال: فيما نزل في القرآن من خاصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وأهل بيته دون الناس من سورة البقرة * (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الآية نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب(1).
الباب الثامن والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) * إلى قوله
* (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) *
الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال الله عز وجل: * (فإن لم تفعلوا) * هذا الذي تحديتكم به * (ولن تفعلوا) * أي لا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون وأن محمدا الصادق الأمين المخصوص برسالة رب العالمين المؤيد بالروح الأمين وبأخيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين، فصدقوه فيما يخبر به عن الله تعالى من أوامره ونواهيه وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه فاتقوا بذلك عذاب النار التي وقودها - حطبها - الناس والحجارة - حجارة الكبريت أشد الأشياء حرا - أعدت تلك النار للكافرين بمحمد والشاكين في نبوته والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لإمامته.
ثم قال: وبشر الذين آمنوا بالله وصدقوك في نبوتك فاتخذوك إماما وصدقوك في أقوالك وصوبوك في أفعالك واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ولك وصيا مرضيا وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما أصارهم إليه ورأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي أفردت بها وأن الجنان لا تصير لهم إلا
____________
(1) بحار الأنوار: 31 / 347 ح 24.
____________
(1) تفسير الإمام العسكري: 202 ح 92.
الباب التاسع والثلاثون ومائتان
في قوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه فيقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *
إلى قوله تعالى: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) *
الأول: محمد بن إبراهيم النعماني المعروف بابن زينب في كتاب " الغيبة " رواه من طريق النصاب قال: حدثنا محمد بن عبد الله المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن هاشم والحسن ابن السكن قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام قال: أخبرني عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن جابر ابن عبد الله الأنصاري قال: وفد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل اليمن فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
جاءكم أهل اليمن يسبون بسيسا. فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك، فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز وجل:
* (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: هو قول الله عز وجل: * (ألا بحبل من الله وحبل من الناس) * فالحبل الذي من الله كتابه، والحبل الذي من الناس وصيي، فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هو الذي أنزل الله فيه: * (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) *.
فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟
فقال: هو الذي يقول الله فيه: * (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * قال: وصيي السبيل إلي من بعدي فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه، فقال: هو الذي جعله الله آية للمتوسمين فإن نظرتم إليه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم إني نبيكم فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فما أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز وجل يقول في كتابه: * (واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) * إليه وإلى ذريته (عليه السلام).
الثاني: صاحب كتاب " الصراط المستقيم " أظن طريقه من طريق العامة قال: حدث الحسين بن كثير عن أبيه قال: دخل محمد بن أبي بكر على أبيه وهو يتلوى فقال: ما حالك؟ قال: مظلمة ابن أبي طالب فلو استحللته، فقال لعلي في ذلك، فقال: قل له أيت المنبر وأخبر الناس بظلامتي، فبلغه فقال: فما أراد أن يصلي على أبيك اثنان.
فقال محمد: كنت عند أبي أنا وعمر وعائشة وأخي فدعا بالويل ثلاثا وقال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبشرني بالنار وبيده الصحيفة التي تعاقدنا عليها، فخرجوا دوني وقالوا يهجر فقلت: تهذي، قال: لا والله لعن الله ابن صهاك فهو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني فما زال يدعو بالثبور حتى غمضته ثم أوصاني لا أتكلم حذرا من الشماتة.
وقال صاحب كتاب " الصراط المستقيم " عقيب ذلك: فأين هذا من قول علي (عليه السلام): إني إلى لقاء ربي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر(2).
____________
(1) الغيبة: 39 - 41، باب 2 ح 1.
(2) الصراط المستقيم: 2 / 300.
الباب الأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه فيقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *
إلى قوله تعالى: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) *
الأول: محمد بن العباس الثقة قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد بن خالد عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قوله عز وجل: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).
الثاني: محمد بن العباس بالإسناد عن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الثالث: محمد بن إسماعيل (رحمه الله) بإسناده عن جعفر بن محمد الطيار عن أبي الخطاب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: والله ما مكني الله في كتابه حتى قال: يا ويلتي ليتني لم أتخذ الثاني خليلا، وإنما هي في مصحف علي (عليه السلام) يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وسيظهر يوما(3).
الرابع: عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن حريز عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
* (يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا) * قال: يقول الأول للثاني(4).
الخامس: محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن حسين بن النضر الفهري عن أبي عمر الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه خطبة لعلي (عليه السلام) قال فيها (عليه السلام) من تقدم عليه في الخلافة وتظلمه منهم قال (عليه السلام): ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل واحد منهما من
____________
(1) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 28.
(2) بحار الأنوار: 24 / 17 ح 28.
(3) بحار الأنوار: 24 / 19 ح 31.
(4) بحار الأنوار: 24 / 19 ح 31.
السادس: محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره " نهج البيان " عن الباقر والصادق (عليهما السلام) في معنى الآية: السبيل هاهنا علي (عليه السلام) * (يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر) * يعني عليا (عليه السلام) وقال أيضا: وروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أن هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (عليه السلام)، وآخا بينهما يوم الأخاء فصد أحدهما صاحبه عن الهدى فهلكا جميعا، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة وقولهما عندما ينزل عليهما من العذاب فيحزن ويتأسف على ما تقدم ويتندم حيث لم ينفعه الندم(2).
السابع: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية والتفسير منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قوله:
* (ويوم يعض الظالم على يديه) * قال: الأول يقول: * (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) * قال أبو جعفر (عليه السلام) يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا - وفي نسخة - عليا وليا * (يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) * يعني الثاني * (لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني) * يعني الولاية * (وكان الشيطان) * وهو الثاني * (للإنسان خذولا) *(3).
الثامن: الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في تفسيره قال: قال العالم (عليه السلام) عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من عبد ولا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر ونكثها في الباطن وأقام على نفاقه، إلا وإذا جاءه ملك الموت ليقبض روحه تمثل له إبليس وأعوانه وتمثل له النيران وأصناف عقابها بعينه وقلبه ومقاعده من مضايقها، وتمثل له أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على إيمانه ووفى ببيعته، فيقول له ملك الموت انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سراتها(4)
وبهجتها وسرورها إلا رب العالمين كانت معدة لك فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه وآله) كان يكون إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنك نكثت وخالفت فتلك النيران وأصناف عذابها
____________
(1) الكافي: 8 / 27 ح 2.
(2) لم نجده في المصادر المتوفرة.
(3) تفسير القمي: 2 / 113.
(4) في التفسير: سرائها وبالهامش عن بعض النسخ: مسراتها.
____________
(1) ومرزباتها - بميم مكسورة مع التخفف - والمحدثون يشددون الباء من المرزبة والصواب تخفيفه: عصا كبيرة من حديد تتخذ.
(2) تفسير الإمام العسكري: 131 ح 66.
الباب الحادي والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) *
الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة عن تفسير وكيع وسفيان والسدي وأبي صالح: أن عبد الله ابن عمر قرأ قوله تعالى: * (أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * يوم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا أمير المؤمنين لقد كنت الطرف الأكبر في العلم اليوم نقص علم الإسلام ومضى ركن الأيمان(1).
الثاني: الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن سمي عن أبي صالح قال: لما قتل علي ابن أبي طالب قال ابن عباس: هذا اليوم نقص العلم من أرض المدينة ثم إن نقصان الأرض نقصان علماءها وخيار أهلها إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فيسئلوا فيفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا(2).
الباب الثاني والأربعون ومائتان
في قوله تعالى: * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) *
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن من ذكره عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: إنه تسخي نفسي في سرعة الموت أو القتل فينا قول الله عز وجل * (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * فقال: فقد العلماء(3).
الثاني: الطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام): ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيارها(4).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 1 / 92.
(2) بحار الأنوار: 38 / 236 ح 45، عن ابن شهرآشوب.
(3) الكافي: 1 / 38 ح 2.
(4) مجمع البيان: 6 / 52.
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: قال: موت علمائها(2).
____________
(1) الفقيه: 1 / 186 ح 560.
(2) تفسير القمي: 1 / 367.