الصفحة 17

الباب الثالث والستون

في سبب تركه (عليه السلام) جهاد من تقدم عليه في الإمامة من خوفه الردة على الأمة
حيث لم يجد أعوانا، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجلوس في بيته
وقوله (صلى الله عليه وآله): " علي مثل الكعبة " وغير ذلك، وتظلمه (عليه السلام) منهم

من طريق العامة وفيه اثنا عشر حديثا


الأول: ابن أبي الحديد وهو من أفاضل علماء العامة المعتزلة في شرح نهج البلاغة قال: روي عن علي (عليه السلام) أن فاطمة (عليها السلام) حرضته على النهوض والوثوب فسمع صوت المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله فقال لها: أيسرك زوال هذا النداء من الأرض، قالت: لا، قال: فإنه ما أقول(1).

قال: ابن أبي الحديد عقيب ذلك: وهذا المذهب هو أقصد المذاهب وأصحها وإليه يذهب أصحابنا المتأخرون وبه نقول، واعلم أن حال علي في هذا المعنى أشهر من أن يحتاج في الدلالة عليها إلى الإسهاب والإطناب، فقد رأيت انتقاض العرب عليه من أقطارها حين بويع بالخلافة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس وعشرين سنة، وفي دون هذه المدة تنسى الأحقاد وتموت الترات وتبرد الأكباد الحامية وتسلو القلوب الواجدة ويعدم قرن من الناس ويوجد قرن ولا يبقى من أرباب تلك الشحناء والبغضاء إلا الأقل فكانت حاله بعد هذه المدة الطويلة مع قريش كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمه (عليه السلام) من إظهار ما في النفوس وهيجان ما في القلوب حتى إن الاخلاف من قريش والأحداث والفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم فعلوا به ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله وتقاعست عن بلوغ شأوه، فكيف كانت تكون حاله لو جلس على منبر الخلافة وسيفه بعد يقطر دما من مهج العرب، لا سيما قريش الذين بهم كان ينبغي لو دهمه خطب أن يعتضد بهم، وعليهم كان يجب أن يعتمد؟

إذن كانت تدرس أعلام الملة وتعفى رسوم الشريعة وتعود الجاهلية الجهلاء إلى حالها ويفسد ما أصلحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاث وعشرين سنة في شهر واحد، فكان من عناية الله تعالى بهذا الدين أن ألهم الصحابة ما فعلوه والله متم نوره ولو كره المشركون. إلى هنا كلام ابن أبي الحديد(2).

أقول: هذا السبب القوي والحال الأضلعي والعذر الواضح في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لو طلب

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 11 / 113.

(2) شرح نهج البلاغة: 11 / 114.


الصفحة 18
حقه الذي جعله الله تعالى له على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجعت الملة المحمدية إلى الجاهلية الجهلاء فلذلك ترك أمير المؤمنين (عليه السلام) جهادهم ولم يحمل على عاتقه السيف لما يؤول إلى فساد الدين وإطفاء الحق المستبين، فالعذر له ولا عذر للرعية، إذ الواجب عليهم تسليم الأمة والخلافة له (عليه السلام) عفوا لما نص عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإمامة والخلافة، كما هو معلوم عند العام والخاص فعذره (عليه السلام) واضح وما فعلته الجماعة من بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فعلهم واضح حيث انقلبوا على أعقابهم كما قال: الله تعالى *(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)*(1).

الثاني: ابن أبي الحديد قال: قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحدثنا أحمد قال: حدثنا ابن عفير قال: حدثنا أبو عون عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أن عليا حمل فاطمة على حمار وسار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة الانتصار له وكانوا يقولون: يا ابنة رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به، فقال علي (عليه السلام): أكنت أترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ميتا في بيته لا أجهزه وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟

وقالت فاطمة (عليها السلام): ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له وصنعوا هم ما كان الله حسيبهم عليه(2).

الثالث: ابن أبي الحديد قال: في كتاب معاوية المشهور إلى علي (عليه السلام): وعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي ابنيك حسن وحسين يوم بويع أبو بكر الصديق، فلم تدع أحدا من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ومشيت إليهم بامرأتك وأدليت عليهم بابنيك واستنصرتهم على صاحب رسول الله فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة، ولعمري لو كنت محقا لأجابوك ولكنك ادعيت باطلا وقلت ما لا تعرف ورمت ما لم يدرك، ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك: لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم، فما يوم المسلمين منك بواحد ولا بغيك على الخلفاء بظريف ولا مستبدع(3).

الرابع: ابن أبي الحديد قال: وروى أبو جعفر الطبري عن الشعبي يقال: إن عليا (عليه السلام) لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفة وما جرى فيه وكان يحمل فاطمة (عليها السلام) ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار وعلي (عليه السلام) يسوقه فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة أجابه

____________

(1) آل عمران: 144.

(2) شرح نهج البلاغة: 6 / 13.

(3) شرح نهج البلاغة: 2 / 47.


الصفحة 19
أربعون رجلا، فبايعهم على الموت وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم فأصبح لم يوافه (عليه السلام) منهم إلا أربعة الزبير والمقدار وأبو ذر وسلمان، ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا نصبحك غدوة فما جاء منهم إلا أربعة، وكذلك في الليلة الثالثة وكان الزبير أشدهم له نصرة وأنفذهم في طاعته بصيرة، حلق رأسه وجاءه مرارا وفي عنقه سيفه، وكذلك الثلاثة الباقون إلا أن الزبير هو كان الرأس فيهم، وقد نقل الناس خبر الزبير لما هجم عليه ببيت فاطمة (عليها السلام) وكسر سيفه في صخرة ضربت به، ونقلوا اختصاصه بعلي (عليه السلام) وخلاوته به(1).

الخامس: ابن أبي الحديد وقد روى كثير من المحدثين أن عليا عقيب يوم السقيفة تظلم وتألم واستنجد واستصرخ حيث ساموه إلى الحضور والبيعة وأنه قال وهو يشير إلى القبر: " يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " وأنه قال: وا جعفراه ولا جعفر لي اليوم، وا حمزتاه ولا حمزة لي اليوم(2).

السادس: ابن أبي الحديد قال: روى كثير من المحدثين عن علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له:

إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كتب علي جهاد المشركين قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي كتب علي فيها الجهاد؟ قال: قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وهم مخالفون للسنة فقلت: يا رسول الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟ قال: على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله أن يعجلها إلي بين يديك قال: فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أما إني وعدتك الشهادة وستستشهد، تضرب على هذه فتخضب هذه، فكيف صبرك إذا؟ فقلت: يا رسول الله ليس ذا بموطن صبر، هذا موطن شكر، قال: أجل، أصبت فأعد للخصومة فإنك مخاصم، فقلت: يا رسول الله لو بينت لي قليلا، فقال: إن أمتي ستفتتن من بعدي فتتناول القرآن وتعمل بالرأي وتستحل الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع، وتحرف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة الضلال، فكن جليس بيتك حتى تقلدها، فإذا قلدتها جاشت عليك الصدور وقلبت لك الأمور، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى، فقلت: يا رسول الله فبأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردة؟ فقال: بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله أيدركهم العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا فتح الله وبنا يختم وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف القلوب بعد الفتنة،

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 11 / 14.

(2) شرح نهج البلاغة: 11 / 111.


الصفحة 20
فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.

وقوله (عليه السلام): ليس هذا من مواطن الصبر، كلام عال جدا يدل على يقين عظيم وعرفان تام، ونحوه قوله عليه السلام وقد ضربه ابن ملجم: فزت ورب الكعبة(1).

قال: مؤلف هذا الكتاب: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتغلب كلمة الضلال فكن جليس بيتك حتى تقلدها نص صريح في أن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وقت تغلب كلمة الضلال فكن جليس بيتك حتى تقلدها، حيث جعل الغاية حتى تقلدها وهو واضح بين لمن تأمل أدنى تأمل.

السابع: ابن أبي الحديد فقال: إنه (عليه السلام) لما استنجد بالمسلمين وما جرى فيه وكان يحمل فاطمة (عليها السلام) ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار وهو (عليه السلام) يسوقه فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة أجابه أربعون فبايعهم على الموت، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم، فأصبح لم يوافه منهم إلا أربعة الزبير والمقداد وأبو ذر وسلمان، ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا: نصبحك غدوة فما جاء منهم إلا أربعة، وكذلك في الليلة الثالثة، وكان الزبير أشدهم له نصرة وأنفذهم في طاعته بصيرة حلق رأسه وجاء مرارا وفي عنقه سيفه، وكذلك الثلاثة الباقون إلا أن الزبير كان هو الرأس(2).

الثامن: ابن أبي الحديد قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها: لا نبايع إلا عليا. وذكر نحو هذا علي بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الموصلي في تاريخه قال: فأما قوله لم يكن لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت فقوله ما زال (عليه السلام) يقوله، ولقد قاله عقيب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لو وجدت أربعين ذوي عزم، ذكر ذلك نصر بن مزاحم في كتاب صفين(3).

التاسع: ابن أبي الحديد قال: روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب معي فمررنا بحديقة وقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة فقال: إن حديقتك في الجنة أحسن منها، حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قال، ويجيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما أجابه، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي فبكى فقال علي: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني فقال: يا رسول الله أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم قال: بل تصبر، قال: فإن صبرت؟

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 9 / 206.

(2) شرح نهج البلاغة: 11 / 14.

(3) شرح نهج البلاغة: 2 / 22.


الصفحة 21
قال: تلاق جهدا قال: في سلامة من ديني؟ قال: نعم، قال: فإذا لا أبالي(1).

العاشر: روى أبو مخنف عن عبد الرحمن بن حبيب عن أبيه قال: دخلنا على أمير المؤمنين وكنت حاضرا بالمدينة فإذا هو واجم كئيب فقلت: ما أصاب قوم صرفوا هذا الأمر عنكم؟ فقال:

صبر جميل: فقلت سبحان الله إنك لصبور، قال: فإن لم أصبر فماذا أصنع؟ فقلت: تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) بالعمل والسابقة وتسألهم [ النصرة ] على هؤلاء المتظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة فاسن دانوا لك كان لك ما أحببت وإن أبوا قاتلتهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي آتاه نبيه عليه السلام وكنت أولى به منهم، ذهبوا بذلك فرده الله إليك، وأن قتلت في طلبه قتلت شهيدا وكنت أولى بالعذر عند الله تعالى في الدنيا والآخرة فقال: أوتراه كان تابعي من كل مائة عشرة؟ فقلت له: أرجو ذلك، فقال:

لكني لا أرجو ولا والله من كل مائة اثنان، وسأخبرك من أين ذلك، إن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون: هم قوم محمد (صلى الله عليه وآله) وقبيلته، وإن قريشا تنظر إلينا فيقولون: إن لهم بالنبوة فضلا على سائر قريش، وإنهم أولياء هذا الأمر من دون قريش والناس، وإنهم إن ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم فلا والله لا تدفع هذا السلطان قريش طائعة إلينا أبدا فقلت: أفلا أرجع إلى المصر فأخبر الناس مقالتك هذه وأدعو الناس إليك؟ فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذلك، فرجعت فكلما ذكرت للناس شيئا من فضل علي (عليه السلام) زبروني وقهروني حتى رفع ذلك من أمري إلى الوليد بن عقبة فبعث إلي فحبسني(2).

الحادي عشر: روى أبو مخنف أن عمارا (رضي الله عنه) قال في ذلك اليوم الذي بويع لعثمان:


يا ناعي الإسلام قم فانعهقد مات عرف وأتى منكر

أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): لئن قاتلتهم بواحد لأكونن ثانيا، فقال (عليه السلام): والله ما أجد عليهم أعوانا ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون(3).

الثاني عشر: محمد بن علي الحكيم الترمذي من أكابر العامة في كتابه قال: روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموا لك(4) هذا الأمر فاقبله منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم، ثم قال عقيب ذلك: فانصح منه إن ذلك كان عنه (عليه السلام) بإشارة عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا لخوف ولا لعجز(5).

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 107.

(2) الإرشاد 1 / 242، شرح نهج البلاغة 12 / 266.

(3) شرح نهج البلاغة 9 / 55 و 12 / 265.

(4) في لفظ: فمكنوا لك.

(5) الفردوس للديلمي: 5 / 315 ح / 8300 ط دار الكتب العملية و 406 ح / 8309 ط دار الكتاب العربي.


الصفحة 22

الباب الرابع والستون

في سبب تركه جهاد من تقدم عليه في الإمامة والخلافة

من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث


الأول: ابن بابويه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقاتل فلانا وفلانا؟ قال: لآية في كتاب الله عز وجل *(لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)* قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين، وكذلك القائم (عليه السلام) لن يظهر أبدا حتى يخرج ودائع الله عز وجل فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم(1).

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عن علي بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) - وقال له رجل - أصلحك الله ألم يكن علي (عليه السلام) قويا في دين الله؟ قال: بلى، قال فكيف ظهر عليه القوم؟ وكيف لم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل منعته، قال: قلت: وأي آية؟ قال: قوله *(لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)* إنه كان لله عز وجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع فلما خرج الودائع، ظهر على علي من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى تظهر ودايع الله عز وجل، فإن ظهرت ظهر على من ظهر [ من أعداء الله ] فقتله(2).

الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (ره) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا جبرائيل بن أحمد قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: *(لو

____________

(1) كمال الدين: 641.

(2) كمال الدين: 642.


الصفحة 23
تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)*(1) لو أخرج [ الله ] ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذب الذين كفروا(2).

الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله السعدي قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن عبد الله بن الحسن عن بعض أصحابه عن فلان الكرخي، قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): ألم يكن علي قويا في بدنه، قويا بأمر الله، قال أبو عبد الله عليه السلام: بلى، قال: فما منعه أن يدفع أو يمنع؟ قال: سألت فافهم الجواب، منع عليا من ذلك آية من كتاب الله، قال: وأية آية؟ فقرأ *(لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)* إنه كان لله ودايع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى يخرج الودايع، فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى يخرج ودايع الله، فإذا خرجت ظهر على من ظهر [ من أعداء الله ] فيقتله(3).

الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي قال: حدثنا الحسين بن عمر المقري عن علي بن الأزهر عن علي بن صالح المكي عن محمد بن عمر بن علي عنه أبيه عن جدة قال: لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله)*(إذا جاء نصر الله والفتح)*(4) قال لي: يا علي لقد جاء نصر الله والفتح فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، يا علي إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني، فقلت فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال: على إحداثهم في دينهم وفراقهم لأمري واستحلالهم دماء عتري، قال: فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله تعجيلها لي فقال: أجل قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا فأومأ إلى رأسي ولحيتي فقلت: يا رسول الله إذا ثبت لي ما ثبت فليس بموطن صبر لكنه موطن بشرى وشكر، فقال: أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي، قلت: يا رسول الله أرشدني الفلج قال: إذا رأيت قومك عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم فإن الهدى من الله، والضلال من الشيطان.

____________

(1) الفتح: 25.

(2) كمال الدين وتمام النعمة: 641 - 641.

(3) تفسير القمي: 2 / 317.

(4) النصر: 1.


الصفحة 24
يا علي إن الهدى اتباع أمر الله دون الهوى والرأي، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية قلت: يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك؟ أهم بأهل فتنة أم أهل ردة؟ فقال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا؟ فقال: بل منا، بنا فتح الله وبنا يختم الله، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة، فقلت الحمد لله على ما وهب لنا من فضله(1).

السادس: سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال: قال رسول الله: علي أخي أفضل أمتي، وحمزة وجعفر هذان أفضل أمتي بعد علي وبعد ابني وسبطي الحسن والحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا، وأشار بيده إلى الحسين (عليه السلام) منهم المهدي، إنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، ثم نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى فاطمة عليها السلام وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال: يا سلمان أشهد الله أني حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم، أما إنهم معي في الجنة، ثم أقبل النبي (صلى الله عليه وآله) على علي عليه السلام فقال: يا أخي إنك ستلقى بعدي من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوء حسنة أنه قال لأخيه موسى: *(إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)*(2)(3).

السابع: سليم بن قيس الهلالي قال: قال أشعث بن قيس لأمير المؤمنين: فهلا فعلت فعل ابن عفان، فقال علي (عليه السلام) أو كما فعل ابن عفان رأيتموني فعلت؟ أنا أعوذ بالله من شر ما تقول يا بن قيس، والله إن الذي فعل ابن عفان وحمله على ذلك من لا دين له، فكيف أفعل ذلك وأنا على بينة من ربي وحجة في يدي والحق معي؟ والله إن امرأ يمكن عدوه من نفسه يأكل من لحمه ويفري جلده ويهشم عظمه ويسفك دمه، وهو يقدر على أن يمنعه لعظيم وزره ضعيف عقله أو ما ضمت عليه جوانح صدره، فكن أنت ذلك يا بن قيس، فأما أنا فدون، والله إن أعطى بيدي ضرب بالمشرفي تطير له فراش الهام وتطير منه الأكف والمعاصم ويفعل الله بعد ذلك ما شاء، ويلك يا بن قيس إن المؤمن يموت بكل ميتة غير أنه لا يقتل نفسه فمن قدر على حقن دمه، ثم خلا بينه وبين قاتله فهو قاتل نفسه، يا بن قيس إن هذه الأمة تفترق ثلاثا وسبعين فرقة منها واحدة في الجنة واثنتان

____________

(1) أمالي الطوسي 66 / 96.

(2) الأعراف: 150.

(3) كتاب سليم بن قيس: 2 / 567 - 568 / ح 1.


الصفحة 25
وسبعون في النار وشرها وأبغضها إلى الله عز وجل وأبعدها منه السامرة الذين يقولون (لا قتال)، كذبوا قد أمر الله بقتال الباغين في كتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وخذلك المارقة، فغضب ابن قيس من قوله وقال: يا بن أبي طالب ما منعك حين بويع أخو بني تيم بن مرة وأخو بني عدي وأخو بني أمية بعدهما أن تقاتل وتضرب بسيفك، فإنك لن تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلا قلت فيها والله إني أولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما منعك أن تضرب بسيفك دون من ظلمك؟ قال: قد قلت فاسمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهة للقاء ربي ولا أن أكون أعلم بأن ما عند الله خير لي من الدنيا بما فيها ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعهده إلي، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما الأمة صانعة بي بعده فلم أكن بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني به ولا أشد يقينا به مني قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد يقينا لما عاينت وشاهدت، فقلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك وأحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا، وأخبرني أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري، وتتبع غيري وأخبرني أني منه بمنزلة هارون من موسى وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه، ومنزلة العجل ومن تبعه إذ قال له موسى *(يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا إلا تتبعن أفعصيت أمري قال: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)* وقال: *(يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قول)*(1) وإنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا ثم وجد أعوانا أن يجاهدهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم، وإني خشيت أن يقول عني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال الناس لأبي بكر فبايعوه وأنا مشغول بغسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم شغلت بالقرآن وآليت على نفسي أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب، ثم حملت فاطمة وأخذت بيد ابني الحسن والحسين (عليهما السلام) فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من الناس إلا أربعة رهط الزبير وسلمان وأبو ذر والمقداد ولم يبق معي من أهل بيتي أحد أصول به وأقوى، أما حمزة فقتل يوم أحد، وجعفر قتل يوم مؤتة وبقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين العباس وعقيل وهما حديثا عهد بالإسلام، وأكرهوني وقهروني فقلت كما

____________

(1) الأعراف: 150.


الصفحة 26
قال هارون لأخيه: *(يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)* فلي بهارون أسوة، ولي بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة قوية قال: فقال الأشعث كذلك صنع عثمان، استغاث الناس فدعاهم إلى نصرته فلم يجد أعوانا فكف يده حتى قتل مظلوما، قال: ويلك يا بن قيس إن القوم حين قهروني واستضعفوني وكادوا يقتلونني فلو قالوا لي نقتلك ما استغثت عن قتلهم إياي ولا أجد غير نفسي ولكنهم قالوا: إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك ووصلناك، وإن لم تفعل قتلناك، فلم أجد أعوانا فبايعتهم وبيعتي إياهم لا تحق لهم باطلا، ولا توجب لهم حقا، فلو كان عثمان حين قال له الناس اخلعها ونكف عنك وخلعها لم يقتلوه ولكنه قال: لا أخلعها، قالوا: إنا قاتلوك فكف يده عنهم حتى قتلوه، ولعمري لخلعه إياها كان خيرا له لأنه أخذها بغير حق ولم يكن له فيها نصيب، ادعى ما ليس له وتناول غير حقه(1).

الثامن: سليم بن قيس الهلالي عن سلمان في حديث مبايعة أبي بكر وعدولهم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال سلمان عقيب ذلك: فلما كان الليل حمل فاطمة على حمار وأخذ بيد الحسن والحسين (عليهما السلام) فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله وذكره حقه ودعاه إلى نصرته، فما استجاب له إلا أربعة وأربعون رجلا فأمرهم أن يصبحوا محلقين رؤوسهم معهم سلاحهم على أن يبايعوه على الموت، فأصبحوا لم يوافقه منهم إلا أربعة قال: أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام، ثم عاودهم ليلا يناشدهم فقالوا: نصبحك بكرة فما أتاه منهم أحد غيرنا، فلما رأى على غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه فلم يخرج من بيته حتى جمعه [ وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع ](2).

التاسع: سليم بن قيس الهلالي قال: وحدثني أبو ذر وسلمان والمقداد، ثم سمعته من علي (عليه السلام) قالوا: إن رجلا فاخر علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أخي فاخر العرب فأنت أكرمهم أخا وأكرمهم ولدا وأكرمهم عما وأكرمهم ابن عم وأكرمهم أبا وأكرمهم نفسا وأكرمهم نسبا وأطهرهم زوجة وأعظمهم حلما وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم عناء بنفسك ومالك، وأنت أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بسنن الله وأشجعهم قلبا وأجودهم كفا وأزهدهم في الدنيا وأشدهم اجتهادا وأحسنهم خلقا وأصدقهم لسانا وأحبهم إلى الله عز وجل وإلي، وستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد الله وتصبر على ظلم قريش، ثم تجاهد في سبيل الله عز وجل إذا وجدت أعوانا، تقاتل على تأويل

____________

(1) كتاب سليم بن قيس: 663 - 666 / ح 12.

(2) كتاب سليم: 146، والاشظاظ بمعنى العيدان المتفرقة والأسيار جمع السير وهو قدة من الجلد مستطيلة.


الصفحة 27
القرآن كما قاتلت على تنزيله ثم تقتل شهيدا تخضب لحيتك من دم رأسك، وقاتلك يعدل عاقر الناقة في البغض والبعد من الله ومني، ويعدل قاتل يحيى بن زكريا، وفرعون ذا الأوتاد، قال أبان يعني أبان بن عياش راوي كتاب سليم: حدثت بهذا الحديث الحسن البصري عن أبي ذر فقال:

صدق سليم وصدق أبو ذر، لعلي (عليه السلام) السابقة في الدين والعلم والحلم والفقه والرأي والزهد والصحبة والفضل وحسن البلاء في الإسلام، إن عليا (عليه السلام) كان في كل فن عالما، فرحم الله عليا وصلى الله عليه قال: قلت: يا أبا سعيد أتقول لأحد غير النبي (صلى الله عليه وآله) إذا ذكرته؟ فقال:

ترحم على المسلمين إذا ذكرتهم، وصل على محمد وعلى آل محمد وأن عليا خير آل محمد.

واعلم أن في كتاب سليم بهذا المعنى كثير تركنا بعضه طلبا للاختصار، ومن أراد الزيادة وقف عليه من كتابه(1).

العاشر: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: أخبرني مظفر ابن محمد قال: حدثني أبو بكر بن أبي الثلج قال: حدثنا أحمد بن موسى الهاشمي قال: حدثنا علي ابن الحسن الميثمي عن ربعي عن زرارة قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) ما منع أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدعو الناس إلى نفسه ويجرد في عدوه سيفه؟ فقال: تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)(2).

____________

(1) كتاب سليم بن قيس: 2 / 602 / ح 6 (الطبعة الجديدة).

(2) أمالي الطوسي: 230 / ح 406.


الصفحة 28

الباب الخامس والستون

في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " ستغدر بك الأمة بعدي "
والضغاين في صدور قوم والشدة،
وقوله (صلى الله عليه وآله): " أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم "

من طريق العامة وفيه خمسة عشر حديثا


الأول: ابن أبي الحديد من العامة المعتزلة في شرح نهج البلاغة قال: روى عثمان بن سعيد عن عبد الله العنوي أن عليا (عليه السلام) خطب الناس بالرحبة فقال: أيها الناس إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها: ورب السماء والأرض إن من عهد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمي إلي أن الأمة ستغدر بك بعدي(1).

الثاني: ابن أبي الحديد قال: روى الهيثم ابن بشير عن إسماعيل بن سالم مثله، وقد روى أكثر هذا الخبر بهذا اللفظ أو قريب منه(2).

الثالث: ابن أبي الحديد قال: قال أبو بكر وحدثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثنا ابن فضيل عن الأجلح عن حبيب عن ثعلبة بن يزيد قال: سمعت عليا يقول: أما ورب السماء والأرض ثلاثا إنه لعهد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمي: لتغدرن بك الأمة من بعدي(3).

الرابع: ابن أبي الحديد قال روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول لله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب معنا فمررنا بحديقة فقال علي: يا رسول الله ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة؟

فقال: إن حديقتك في الجنة أحسن منها، حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قاله ويجيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما أجابه، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي وبكى، فقال علي: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني قال: يا رسول الله أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم؟ قال: بل تصبر، قال: فإن صبرت؟ قال: تلاق جهدا قال: أفي سلامة من ديني؟ قال: نعم، قال: فإذا لا أبالي(4).

الخامس: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(3) شرح نهج البلاغة: 6 / 45.

(4) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.