أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة، ولا كنز أغنى من القنوع، ومن تبصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار مطية النصب، والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحم في الذنوب وهو داع إلى الحرمان، والبغي سائق إلى الحين، والشره داع لمساوي العيوب، ورب طمع خائب وأمل كاذب ورجاء يؤدي إلى الحرمان وتجارة تؤدي إلى الخسران، ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضعات النوائب، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن.
أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الأدب، ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل، ولا سوءة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت.
أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن هتك
____________
(1) الأحزاب: 56.
أيها الناس إنه لا مال هو أعوذ من العقل، ولا فقر هو أشد من الجهل، ولا واعظا أبلغ من النصيحة، ولا عقل هو كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من المشاور، ولا وحشة أشد من العجب ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حلم كالصبر والصمت.
أيها الناس في الإنسان عشرة خصال يظهرها لسانه: شاهد بخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك به الحاجة، وواصف يعرف به الأشياء، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعز يسكن به الإخوان، وحاضر تجلى به الضغائن، وموثق تلتذ به الأسماع.
أيها الناس إنه لا خير في القول بالجهل، كما أنه لا خير في الصمت عن الحكم، واعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم، ومن لا يعلم يجهل، ومن لا يتحلم لا يحلم، ومن لا يرتدع لا يعقل، ومن لا يعقل يهن، ومن يهن لا يوقر ومن لا يوقر، يتوبخ، ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم، ومن لم يعظ قاعدا منع قائما، ومن يطلب العز بغير حق يذل، ومن يغلب، بالجور يغلب ومن عاند الحق لزمه الوهن، ومن تفقه وقر، ومن تكبر حقر ومن لا يحسن لا يحمد.
أيها الناس إن المنية قبل الدنية، والتجلد قبل البلد، والحساب قبل العقاب، والقبر خير من الفقر، وغض البصر خير من كثير النظر، والدهر يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فكلاهما تمتحن.
أيها الناس أعجب ما في هذا الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن أهلكه الحرص اشتد به الإياس، وإن اشتد به الإياس قتله الأسف وإن عرض له الغضب اشتد به الغيض، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمر استلبته العزة، وإن جددت له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، وكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.
أيها الناس لو أن السلامة من الموت يشترى لاشتراه أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم الملهوج(1).
أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم إلى المواعظ مما تدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك، عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم، ومن استقبل وجوه الردى عرف مواقع الخطأ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول، ومن حصن شهوته فقد صان قدره، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحطته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى، والصبر جنة من الفاقة والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول معدم خير من جاف مكثر، والموعظة كهف لمن وعاها، ومن أطلق طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر شكره على من نال صوله، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح وإحسان، ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن قدر استطال، وقل ما يصدقك الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، انح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، ألا وإن مع كل جرعة شرقا وإن في كل أكلة تغصصا، ولا تنال نعمة إلا بزوال أخرى، ولكل زمن قوت، ولكل حبة أكل، وأنت قوت الموت.
اعلموا أيها الناس أن من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار
____________
(1) الملهوج: الحريص.
وفي نسخة: من خاف ربه كفي عذابه، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر وتصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد، وهيهات، لولا التقى كنت أدهى العرب.
أيها الناس إن الله عز وجل وعد نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) الوسيلة ووعده الحق ولن يخلف الله وعده، ألا وإن الوسيلة أعلى درج الجنة، وذروة ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الأمنية لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام - وفي نسخة - ألف عام، وهو ما بين مرقاة دره إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجان إلى مرقاة كافور إلى مرقاه عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور، قد أنافت على كل الجنان ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعد عليها مرتد بريطتين: ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله، عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة، قد أشرق بنوره المحشر، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعلي ريطتان: ريطة من ارجوان النور، وريطة من كافور، والرسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا قد تجللتهم حلل النور والكرامة، ولا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت من نورنا وحجب من ضيائنا وجلالنا، وعن يمين الوسيلة عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) غمامة بسط البصر يأتي منها النداء: يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي، ومن كفر به فالنار موعده، وعن يسار الوسيلة عن يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظلة يأتي منها النداء: يا أهل
ومن قوله: *(فما أرسلناك عليهم حفيظا)*(1) فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، وشاهدا له على من اتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لطاعته لدعوته *(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)*(2) فاتباعه (صلى الله عليه وآله) محبة الله ورضاه غفران الذنوب، وكمال الفوز ووجوب الجنة، وفي التولي عنه والإعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار وذلك قوله: *(ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده)*(3) يعني الجحود به والعصيان له، فإن الله تبارك وتعالى اسمه امتحن بي عباده وقتل بيده أضداده وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين وحياض موت على الجبارين، وسيفه على المجرمين وشد بي إزر رسوله، وأكرمني بنصره وشرفني بعلمه وحباني بأحكامه واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغضت بهم المحافل.
أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن الله نطق
____________
(1) النساء: 80.
(2) آل عمران: 31.
(3) هود: 17.
____________
(1) المائدة 3.
(2) الأنعام: 62.
(3) الفرقان: 28 - 29.
ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، وإني النبأ العظيم والصديق الأكبر وعن قليل ستعلمون ما توعدون، وهل هي إلا كلقمة الأكل ومذقة الشارب وخففة الوسنان، ثم تلتزمهم المفرات خزي في الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون، فما جزاء من تنكب محجته وأنكر حجته
____________
(1) التوبة: 70.
____________
(1) سورة ق: 43 - 44.
(2) الكافي 8 / 18 - 30.
الباب الحادي والأربعون والمائة
في إمامة الإمام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر
وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبنوه الأحد عشر الذين آخرهم القائم المنتظر المهدي إمام هذا العصر والزمان من موت أبيه (عليه السلام) حتى يظهره الله عز وجل بعد غيبته في آخر الزمان، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا لنص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم بعده بالإمامة والخلافة والوصاية من طريق العامة والخاصة كما تقدم في هذا الكتاب وهذا الباب فيه خصوص إثبات إمامة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر إمام العصر.
من طريق العامة وفيه فصل فيه خمسة وستون والمائة حديث:
الأول: في نسبه عند العامة والخاصة: هو الإمام محمد بن الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي الهادي ابن الإمام محمد الجواد ابن الإمام الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين الشهيد ابن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) وأما الحديث الأول صدر الأئمة وأخطب الخطباء خطيب خوارزم وأبو المؤيد موفق أحمد المكي من أعيان علماء العامة في كتاب فضايل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: حدثني فخر القضاة نجم الدين بن أبي منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال: أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن علي الزيني قال:
أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ قال:
حدثنا علي بن سنان الموصلي عن أحمد بن محمد بن صالح عن سليمان بن محمد عن زياد بن مسلم عن عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن جابر عن سلام عن أبي سليمان راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله: *(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه)* فقلت: والمؤمنون، قال: صدقت يا محمد، قال: من خلفت في أمتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب، قال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وشققت له اسما من أسمائي
يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين، يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى يتقطع أو يصير كالشن البالي، ثم جاءني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم، يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب فقال: التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي (عليهم السلام) في ضحضاح من نور قيام يصلون وهو في وسطهم - يعني المهدي - يضئ كأنه كوكب دري وقال: يا محمد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك فوعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي.(1)
الثاني: موفق بن أحمد هذا بالإسناد السابق عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان قال: حدثنا محمد بن علي بن الفضل عن محمد بن القسم عن عباد بن يعقوب عن موسى بن عثمان قال: حدثني أبو إسحاق عن الحرث وسعيد بن بشير عن علي بن أبي طالب (صلى الله عليه وآله) قال: " قال رسول (صلى الله عليه وآله) أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائذ، والحسين الآمر، وعلي بن الحسين الفارض، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسى مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور العين، والحسن ابن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والمهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلا لمن شاء ويرضى "(2).
الثالث: إبراهيم بن محمد الحويني من أعيان علماء العامة في كتاب (فرائد السمطين في فضل المرتضى والبتول والسبطين) قال: أخبرني الشيخ الصالح صدر الدين إبراهيم بن الشيخ الإمام عماد الدين محمد بن شيخ الإسلام عمر بن محمد السهروردي، قلت له: أخبرك الشيخ أبو الحسن علي ابن عبد الله بن المغيرة البغدادي إجازة، بروايته عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي إجازة، بروايته عن الحافظ أبي محمد الحسن بن أحمد السمرقندي إجازة، بروايته عن الحافظ قال:
____________
(1) مائة منقبة 39 / منقبة 17.
(2) مائة منقبة 23 / منقبة 5.
الرابع: أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان الفقيه من طريق العامة بحذف الإسناد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: من علم أن لا إله إلا أنا وحدي، وأن محمدا عبدي ورسولي، وأن علي ابن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي، ونجيته من النار بعفوي، وأبحت له جواري، وأوجبت له كرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصتي وخالصتي، إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فر مني دعوته وإن رجع إلي قبلته وإن قرع بابي فتحته، ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي ابن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي ورسلي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم استجب دعاءه، وإن رجاني خيبت رجاءه مني، وما أنا بظلام للعبيد.
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال:
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وهؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني،
____________
(1) فرائد السمطين 2 / 334 ح 585.