الصفحة 110
ولا يدعي الداعي لأحدهما إلى فعل بما يكون خارجا عن حكم الشريعة ولا مخالفا لمراد الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، فإذا كان الأمر كذلك فالإمام أفضل من المأموم، ولو علم الإمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه، وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لعصمتهما ولموضع تنزيه الله تعالى لهما عن كل مكروه من رياء أو نفاق أو محاباة أو غير ذلك، ولما تحقق عيسى أن الإمام أفضل منه وأعلم منه قدمه وصلى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام، فهذه درجة الفضل في الصلاة ثم الجهاد وهو بذل النفس بين يديه يرغب إلى الله تعالى بذلك، ولولا ذلك لم يصح لأحد جهاد بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا بين يدي غيره، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: *(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)*(1) الآية، وإن كان الإمام نائبا للرسول في أمته لا يسوغ لعيسى (عليه السلام) أن يتقدم على نائب الرسول، وما يؤكد قولنا أن عيسى (عليه السلام) يصلي خلف المهدي.

الثلاثون والمائة: ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في حديث صحيح طويل في نزول عيسى (عليه السلام) فمن ذلك قالت أم شريك بنت أبي العكري: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: " هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذا نزل عيسى (عليه السلام)، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى (عليه السلام) يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم "(2) قال: هذا حديث صحيح ثابت، ذكره ابن ماجة القزويني في كتابه عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)...

وهذا مختصره.

الحادي والثلاثون والمائة: ابن ماجة القزويني هذا بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله): " المهدي مني، أجلى الوجه، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين "(3) قال: هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ أبو داود السجستاني في صحيحه، ورواه غيره من الحفاظ كالطبراني وغيره وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب الألف بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المهدي طاووس أهل الجنة "(4)

____________

(1) التوبة: 111.

(2) سنن ابن ماجة 2 / 1361 ح 4077.

(3) سنن أبي داود 4 / 107 ح 4285، صحيح الترمذي 5 / 506 ح 2232.

(4) الفردوس 4 / 222 ح 6668.


الصفحة 111
الثاني والثلاثون والمائة: ابن ماجة القزويني هذا بإسناده عن حذيفة بن اليمان عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " المهدي رجل من ولدي، وجهه كالقمر الدري، لونه لون عربي والجسم منه إسرائيلي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو، يملك عشرين سنة "(1).

الثالث والثلاثون والمائة: عن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له:

شهدت بدرا؟ قال: نعم، فقلت: ألا تحدثني بشئ سمعته من النبي (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) وفضله؟

قلت: بلى أخبرك أن النبي (صلى الله عليه وآله) مرض مرضة ثقيلة فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمين النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما رأت ما به من الضعف خنقتها العبرة... الحديث، وهو أنه ضرب على منكب الحسين (عليه السلام) وقال: " من هذا مهدي هذه الأمة "(2) وقد مر ذكر الحديث منقولا في كفاية الطالب، وهذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل.

الرابع والثلاثون والمائة: عن أبي نصر قال كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى لهم دينار، فقلت: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى لهم دينار، فقلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل الروم، ثم سكت هنية ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يكون في آخر أمتي خليفة يحثى المال حثيا لا يعده عدا " قال: قلت لأبي نضره وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ قالا: لا، قال: هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه(3).

الخامس والثلاثون والمائة: بالإسناد عن أبي نصر عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من خلفائكم خليفة يحثو المال حثوا لا يعده عددا " قال: هذا حديث ثابت أخرجه الحافظ مسلم في صحيحه.(4)

السادس والثلاثون والمائة: عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده "(5).

السابع والثلاثون والمائة: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطا وعدلا

____________

(1) الفردوس بمأثور الخطاب 4 / 221 ح 6667.

(2) كفاية الطالب: 502، ذخائر العقبى: 44.

(3) صحيح مسلم 8 / 185.

(4) صحيح مسلم 8 / 185.

(5) صحيح مسلم 8 / 185.


الصفحة 112
كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا " فقال رجل: ما معنى صحاحا؟

قال: " بالسوية بين الناس، ويملأ الله تعالى قلوب أمة محمد غنى ويسع عدله حتى يأمر مناديا فينادي يقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول له: ايت السدان - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وابرزه ندم، فيقول كنت أجشع أمة محمد نفسا وأعجز عما وسعهم فيرده ولا يقبل منه شيئا، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين، ثم لا خير في العيش بعده أو قال: لا خير في الحياة بعده "(1) وقال: حديث حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث في مسنده، وفي هذا الحديث دلالة على أن هذا المجمل في حديث مسلم هو هذا المبين في مسند ابن حنبل ونقل بين الروايات.

الثامن والثلاثون والمائة: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن، يخرج رجل يقال له المهدي، عطاؤه هنيئا "(2) قال: هذا الحديث حسن أخرجه أبو نعيم.

التاسع والثلاثون والمائة: بالإسناد عن علي بن أبي طالب قال: " قلت: يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لا، بل منا يختم الله به الدين كما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتن إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم "(3) قال: حديث حسن، قال: ورواه الحفاظ في كتبهم، فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط، وأما أبو نعيم فرواه في حليته، وأما عبد الرحمن بن حماد فقد ساقه في غواليه.

الأربعون والمائة: عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهدي (عليه السلام): تعال صل بنا فيقول: ألا إن بعضكم على بعض أميرا تكرمة من الله تعالى لهذه الأمة "(4) قال: حديث حسن رواه الحافظ الحارث بن أبي أسامة، ووراه أبو نعيم في غواليه، وفي هذه النصوص دلالة على أن المهدي (عليه السلام) غير عيسى، قال: وقد تواترات الأخبار واستفاضت بكثرة

____________

(1) مسند أحمد 3 / 37.

(2) بحار الأنوار 47 / 82 ح 37.

(3) الملاحم والفتن 177 / 240، بحار الأنوار 47 / 84 ح 37.

(4) بحار الأنوار 47 / 85 ح 37.


الصفحة 113
رواتها عن النبي (صلى الله عليه وآله) في المهدي (عليه السلام) وأنه يملك سبع سنين يملأ الأرض عدلا، وأنه يخرج مع عيسى (عليه السلام) ويساعده في قتل الدجال في أرض فلسطين، وأنه (عليه السلام) يؤم هذه الأمة وعيسى يصلي خلفه في طول من قصته وأمره، وقد ذكر الشافعي في كتاب الرسالة وكتابه أصل ويرويه ولكن يطول ذكره عنده.

الحادي والأربعون والمائة: عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لن تهلك أمة أنا في أولها... "(1) الحديث المذكور قال: هذا حديث حسن رواه الحافظ أبو نعيم في غواليه وأحمد بن حنبل في مسنده ومعنى قوله (صلى الله عليه وآله) " وعيسى في آخرها " لم يرد به أن عيسى (عليه السلام) يبقى بعد المهدي (عليه السلام) لأن ذلك لا يجوز لوجوه منها: أنه قال: " لا خير في الحياة بعده " وفي رواية أخرى " لا خير في العيش بعد المهدي (عليه السلام) ".

ومنها: أن المهدي إذا كان إماما آخر الزمان لا إمام بعده، مذكور في رواية أحد من الأئمة، ومنها لا يجوز أن الخلق تبقى بغير إمام، فإن قيل: إن عيسى يبقى بعده إمام الأمة، قلت: بقاء عيسى (عليه السلام) بعد المهدي (عليه السلام) لا يجوز أن يقال: لا خير فيهم، وأيضا لا يجوز أن يقال لأنه يجل عن ذلك، ولا يجوز أن يقال: إنه يستقل بالأمة لأن ذلك يوهم العوام انتقال الأمة المحمدية إلى الأمة العيسوية وهذا كفر يوجب حمله على الصواب وهو أنه (عليه السلام) أول داع إلى ملة الإسلام والمهدي (عليه السلام) أوسط داع والمسيح آخر داع وهذا معنى الخبر عندي، ويحتمل أن يكون معناه المهدي (عليه السلام) أوسط هذه الأمة يعني خيرها إذ هو إمامها، وبعده ينزل عيسى مصدقا للإمام وهو تاليه ومساعدا ومبينا للأمة صحة ما يدعيه الإمام، فعلى هذا يكون المسيح آخر المصدقين على وفق النص(2).

الثاني والأربعون والمائة: بالإسناد عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله "(3) قال: حديث حسن رواه ورويناه عاليا، ومعنى قوله (صلى الله عليه وآله): خلقه خلقي من أحسن الكنايات عن انتقام المهدي من الكفار للدين كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) وقد قال الله تعالى: *(وإنك لعلى خلق عظيم)*(4).

قال: علي بن عيسى في كتاب كشف الغمة بعد أن ذكر ذلك: العجب من قوله: من أحسن الكنايات، إلى آخر الكلام. ومن أين يحجر على الخلق، فجعله مقصورا على الانتقام فقط وهو عام في جميع أخلاق النبي (صلى الله عليه وآله) من كرمه وزهده وعلمه وحلمه وشجاعته وغير ذلك من أخلاقه التي

____________

(1) كنز العمال 14 / 266 ح 38671.

(2) بحار الأنوار 51 / 94.

(3) بحار الأنوار 47 / 81 ح 37.

(4) القلم: 4.


الصفحة 114
عددتها صدر هذا الكتاب؟ وأعجب من قوله ذكره الآية دليلا على ما قرره(1).

الثالث والأربعون والمائة: بإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يخرج المهدي من قرية يقال لها كرعة "(2) قال: هذا حديث حسن رويناه عاليا، أخرجه الشيخ الأصفهاني في غواليه كما سقناه.

الرابع والأربعون والمائة: بإسناده عن عبيد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه "(3) قال: هذا حديث حسن ما رويناه عاليا إلا من هذا الوجه.

الخامس والأربعون والمائة: بإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتبعوه " قال: هذا حديث حسن رواه الحفاظ والأئمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما(4).

السادس والأربعون والمائة: بإسناده عن حذيفة أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو "(5) قال: حديث حسن رويناه عاليا بحمد الله عن جم غفير من أصحاب الثقفي وإسناده معروف عندنا.

السابع والأربعون والمائة: بإسناده عن أبي أمامة الباهلي وقد مر قال: هذا سياق الطبراني في معجمه الأكبر(6).

الثامن والأربعون والمائة: وعنه ذكر حديث أنه (عليه السلام) أفرق الثنايا وقد تقدم عن عبد الرحمن بن عوف قال: هذا أخرجه أبو نعيم الحافظ في غواليه(7)(8).

التاسع والأربعون والمائة: بإسناده عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث " إنه يفتح القسطنطينية على يده "(9) وقد مر: هذا سياق الحافظ أبو نعيم قال: هذا هو المهدي بلا شك وفقا بين الروايات.

الخمسون والمائة: وعنه عن قيس بن جابر عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديث ملوك

____________

(1) كشف الغمة 3 / 278 ذيل ب 13.

(2) كشف الغمة 3 / 269.

(3) كشف الغمة 3 / 270.

(4) كشف الغمة 3 / 288.

(5) كشف الغمة 3 / 288.

(6) كشف الغمة 3 / 289.

(7) بحار الأنوار 47 / 80 ح 37.

(8) وكشف الغمة: 3 / 289.

(9) بحار الأنوار 47 / 96.


الصفحة 115
جبابرة ثم يخرج، وقد مر قال: هذا رواه أبو نعيم الحافظ في فوائده والطبراني في معجمه(1).

الحادي والخمسون والمائة: وعنه عن أبي أمامة قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد مر قال:

حديث حسن المتن رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الأكبر(2).

الثاني والخمسون والمائة: وعن عن أبي أمامة قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد مر قال: هذا حديث حسن، هكذا رواه أبو نعيم الأصفهاني.(3)

الثالث والخمسون والمائة: وعنه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهو حديث تنعم الأمة وقد مر، قال هذا حديث حسن المتن رواه الحافظ أبو القسم الطبراني في معجمه الأكبر.(4)

الرابع والخمسون والمائة: عنه عن ثوبان قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): " يقتل عند كنزكم ثلاثة "(5) وقد مر، قال: هذا حديث حسن المتن وقع علينا من رواية ثوبان، وفيه دليل على شرف المهدي، يكون خليفة الله في الأرض على لسان أصدق ولد آدم محمد (صلى الله عليه وآله) وقد قال الله تعالى: *(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)*(6) الآية.

الخامس والخمسون والمائة: قال الشعبي(7) وهو من المنحرفين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من علماء العامة: اعلم أن رواياتنا نحن وأكثر أهل الإسلام أيضا أن نبينا (صلى الله عليه وآله) قال: " لا بد من مهدي من ولد فاطمة ابنته (عليها السلام) يظهر فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت [ من غيره ](8) ظلما وجورا " قال السيد ابن طاووس: وقد روى ذلك أيضا جماعة من رجال الأربعة المذاهب في كتبهم وأجمع عليه أهل الإسلام، ثم ذكر من رواياتهم الكثيرة ما رويناه هنا وغيره.(9)

السادس والخمسون والمائة: من كتاب عمد الدر من طريق المخالفين يسند إلى الحسن بن علي (عليه السلام) أنه قال: " لو قام المهدي لأنكره الناس لأنه يرجع إليهم شابا موفقا، وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيرا "(10).

السابع والخمسون والمائة: من مستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتى تملأ الأرض جورا وظلما ولا يجد

____________

(1) بحار الأنوار 47 / 84 ح 37.

(2) بحار الأنوار 47 / 81 ح 37.

(3) بحار الأنوار 47 / 90.

(4) بحار الأنوار 47 / 83 ح 37.

(5) بحار الأنوار 47 / 83 ح 37.

(6) المائدة: 67.

(7) في الطرائف لا ينقل هذا عن الشعبي.

(8) ليست في المصدر.

(9) الطرائف: 1 / 258 ح 273.

(10) عقد الدرر: 41.


الصفحة 116
المؤمن ملتجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض شيئا من بذرها إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا، ويعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، يتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره "(1).

الثامن والخمسون والمائة: من معجم الطبراني ومناقب المهدي لأبي نعيم الحافظ بسندهما إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " يلتفت المهدي وقد نزل عيسى ابن مريم يقطر من شعره الماء " وساق حديثه، وفي آخره " قام عيسى حتى جلس في المقام فيبايعه " الحديث(2).

التاسع والخمسون والمائة: ومن كتاب الفتن للحافظ أبي عبد الله نعيم بن حماد يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " منا الذي يصلي عيسى ابن مريم معه خلفه "(3).

الستون والمائة: ومن كتاب الفتن يرفعه إلى هشام بن محمد قال: المهدي من هذه الأمة هو الذي يؤم عيسى ابن مريم (عليه السلام)(4).

الحادي والستون والمائة: ومن حلية الأولياء في حديث طويل قال: في رحلهم يعني المسلمين إلى بيت المقدس، إمامهم مهدي رجل صالح، فبينا إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى ابن مريم حتى كبر للصبح، فيرجع ذلك الإمام ينكص ليقدم عيسى ليصلي بالناس، فيضع عيسى يديه بين كتفيه فيقول تقدم فصل، فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم(5).

الثاني والستون والمائة: من كتاب العرايس لأبي إسحاق الثعلبي بإسناده إلى تميم الداري قلت:

يا رسول الله، إني مررت بمدينة صفتها كيت وكيت، قريبة من ساحل البحر فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " تلك أنطاكية أما إن في غار من غيرانها رضاضا من ألواح موسى، وما من سحابه شرقية ولا غربية تمر عليها إلا ألقت عليها من بركتها، ولن تذهب الأيام والليالي حتى يملكها رجل من أهل بيتي

____________

(1) المستدرك على الصحيحين: 4 / 465.

(2) عقد الدرر: 274، وينابيع المودة: 3 / 264، وجواهر العقدين: 2 / 228.

(3) كنز العمال: 14 / 266 ح 38673.

(4) كتاب الفتن لابن حماد: 230 ذكر نسبه، ط. دار الفكر.

(5) سنن ابن ماجة: 2 / 1361، وكنز العمال: 14 / 294.


الصفحة 117
يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما(1).

الثالث والستون والمائة: ومن كتاب فضل الكوفة لأبي عبد الله محمد بن علي العلوي يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يملك المهدي الناس سبعا(2) أو عشرا، أسعد الناس به أهل الكوفة "(3).

الرابع والستون والمائة: ومن كتاب الرد على الزيدية للشيخ عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدروستي من طريق المخالفين قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن وهبان قال: حدثنا أبو بشر أحمد ابن إبراهيم بن أحمد القمي قال: أخبرنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا سليمان بن إسحاق بن علي بن عبد الله بن العباس قال: حدثني أبي قال: كنت يوما عند الرشيد فذكر المهدي وما ذكر من عدله فأطنب عن ذلك فقال الرشيد: إني أحسبكم تحسبونه أبي المهدي، حدثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: " يا عم يملك من ولدي اثنا عشر خليفة، ثم تكون أمور كريهة وشدة عظيمة، ثم يخرج المهدي من ولدي، يصلح الله أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ويمكث في الأرض ما شاء الله، ثم يخرج الدجال "(4).

الخامس والستون والمائة: موفق بن أحمد الخوارزمي من أعيان الجمهور في كتابه قال: حدثني فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي فيما كتب إلي من همدان قال: أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمد الزينبي، أخبرنا إمام الأئمة محمد ابن أحمد بن شاذان قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العلوي الطبري عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثني جدي أحمد بن محمد عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة قال:

حدثنا أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: " أنت سيد ابن سيد أبو السادة، أنت إمام بن الإمام أخو الإمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن حجة أخو حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم "(5).

قال مصنف هذا الكتاب: هذه الروايات كلها من طرق العامة وهي أكثر مما ذكرنا، اقتصرت على

____________

(1) قصص الأنبياء للثعلبي: 213.

(2) في المصدر: تسعا.

(3) فضل الكوفة: 25 ح 3، وينابيع المودة: 3 / 172 - 300.

(4) بحار الأنوار 32 / 300 ح 138.

(5) الخصال 475 / 38.


الصفحة 118
هذا القدر لأنه يطول الكتاب بالزيادة على ذلك وهو يؤثر الضجر والملل وفيما ذكرته كفاية للمنصف.

فإن قلت: فيما ذكرته من الروايات تكرار في بعضها فما الحاجة إلى ذكرها مرة ثانية.

قلت: ما ذكرته وإن كان فيه تكرار لكن النقلة والمصنفين مختلفون، بعضهم يزيد وينقص في روايته، وبعضهم يحكم بصحة ما رواه وبحسنه ويجعله عاليا، وهو من مقبول الحديث ومرجحاته كما هو مذكور في الأصول، فالتكرار في القليل من هذه الروايات لهذه النكت التي ذكرتها والله سبحانه وتعالى وهو الموفق.


الصفحة 119

الباب الثاني والأربعون والمائة

في إمامة الإمام الثاني عشر (عليه السلام) من الأئمة الاثني عشر

وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبنيه الأحد عشر الذين آخرهم القائم المنتظر المهدي، إمام هذا العصر والزمان من موت أبيه حتى يظهره الله عز وجل بعد غيبته في آخر الزمان، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، لنص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم بعده بالإمامة والخلافة والوصاية من طريق الخاصة والعامة كما تقدم في هذا الكتاب وهذا الباب، فيه خصوص في إثبات إمامة الإمام الثاني عشر المهدي القائم المنتظر الإمام المعصوم من طريق الخاصة وفيه سبعة وعشرون حديثا

الأول: أبو جعفر بن بابويه قدس الله سبحانه وتعالى روحه في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في غيبة الإمام (عليه السلام) قال: حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القسم بن عبد الله بن إبراهيم القسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني، قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، فإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة،

الصفحة 120
فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا الله لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال وأنه عظيم المحل، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة قلنا:

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله: فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما لحق الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.

ثم إن الله تعالى خلق آدم وأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون، وإنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرائيل مثنى مثنى ثم قال: تقدم يا محمد فقلت: يا جبرائيل أتقدم عليك؟ قال: نعم، لأن الله تبارك اسمه فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل (عليه السلام): تقدم يا محمد، وتخلف عني، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ قال: يا محمد إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزخ بي زخة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عز وجل من ملكوته، فنوديت: يا محمد، فقلت: لبيك وسعديك تباركت وتعاليت.

فنوديت: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يدي ربي إلى ساق العرش فإذا اثنا عشر نورا، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي فقلت: يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأمكنه مشارق الأرض