الخلفاء الراشدون
قد تقدّم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «تركت فيكم الثقلين» وقال: «تركت فيكم الخليفتين» وقال: «لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما»، وعلّمنا أنّ أحدهما كتاب الله والاخر أهل بيته، وفي النصوص الاتية يبين لنا مراده من الخليفة الثاني ومن هم الخلفاء الذين أوجب علينا اتّباعهم والاهتداء بهداهم.
وقد روى محدثو أهل السنّة والجماعة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً، جاء فيه: « فعليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين فتمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الامور، فانّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة» أخرجه أحمد وابن أبي عاصم والدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم(1) .
وتعداد هؤلاء الخلفاء الراشدين اثنا عشر، كما بينه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في النصوص الاتية، وذكر أسماءهم كما جاء في بعضها.
____________
1 ـ الفتح الرباني وبلوغ الاماني: 1 / 188 ح 7، كنز العمال: 1 / 173 ح: 874، السنة لابن أبي عاصم: 1 / 29 ـ 30 ح: 54 ـ 59، مسند أحمد: 4 / 126 وفي المطبوع في مؤسسة الرسالة: 28 / 367 و 373 و 375 ح: 17142 و 17144 و 17145 و 17146، سنن أبي داود: 2 / 611 ح: 4607، الجامع الكبير للترمذي: 4 / 408 ح: 2676، سنن ابن ماجه: 1 / 29 ح: 42 و 43، سنن الدارمي: 1 / 44 ـ 45، المستدرك: 1 / 95 ـ 96.
وفي لفظ لابي عوانة: «لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يقوم اثنا عشر خليفة »، ثم تكلّم بشيء لم أفهمه، فقلت لابي: ما قال ؟ قال: «كلّهم من قريش»(1) .
وأخرج أبو عوانة وأحمد بن حنبل ومسلم والطبراني من طريق عامر بن سعد عن جابر أنّه سمع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ويكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش».
وأورده الالباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة(2) .
وأخرج أبو عوانة وأحمد بن حنبل ومسلم والطبراني من طريق عبد الملك بن عمير عن جابر قال سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً، كلّهم من قريش»، وفي رواية: «كلّهم من
____________
1 ـ صحيح مسلم كتاب الامارة باب: الناس تبع لقريش: 12 / 442 ح: 1821، مسند أبي عوانة: 4 / 369 ـ 370 ح: 6979 و 6980، المعجم الكبير: 2 / 255 ح: 2067 و 2068 و 2069.
2 ـ مسند أحمد: 5 / 89، صحيح مسلم: 12 / 445 ح: 1822، مسند أبي عوانة: 4 / 373 ح : 6996 و 6997 و 6998، المعجم الكبير: 2 / 199 ح: 1809، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 2 / 654 ح: 964.
وأخرج البخاري وأحمد والبغوي والبيهقي والطبراني من طريق عبد الملك بن عمير، وأحمد وأبو عوانة والترمذي والطبراني بعدة أسانيد من طريق سماك بن حرب، وأبو عوانة والطبراني من طريق زهير عن سماك بن حرب وزياد بن علاقة و حصين بن عبد الرحمن، وأبو عوانة من طريق أبي خيثمة عن الثلاثة، وأبو عوانة و الطبراني من طريق أبي بكر بن أبي موسى، وابن عدي والخطيب من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «يكون من بعدي اثنا عشر أميراً»، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنّه قال: «كلّهم من قريش».
وأخرجه الترمذي من طريق أبي بكر بن أبي موسى عن جابر، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب يستغرب من حديث أبي بكر بن أبي موسى عن جابر بن سمرة، وفي الباب عن ابن مسعود وعبد الله بن عمرو(2) .
____________
1 ـ مسند أحمد: 5 / 101، صحيح مسلم: 12 / 443 ح: 1821، جامع الاصول: 4 / 45 ح: 2022، مسند أبي عوانة: 4 / 370 ح: 6981، المعجم الكبير: 2 / 214 ح: 1877، ينابيع المودة / 258 و445 ب: 77.
2 ـ صحيح البخاري كتاب الاحكام: 4 / 347 ح: 7222 و 7223، سنن الترمذي كتاب الفتن باب ما جاء في الخلفاء: 4 / 95 ـ 96 ح: 2230، مسند أحمد: 5 / 90 و 92 و 93 و 94 و 95 و 97 و 98 و 99 و 107 و 108، شرح السنة: 8 / 316 ح: 4237، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 519، تاريخ بغداد: 14 / 353 م: 7673، كنز العمال: 12 / 24 ح: 33803، مسند أبي عوانة: 4 / 370 ـ 371 ح: 6983 و 6984 و 6986 و 6987 و 6988، المعجم الكبير: 2 / 214 و 218 و 223 و 226 و 241 و 249 و 253 و 254 و 255 ح: 1875 و 1896 و 1923 و 1936 و 2007 و 2044 و 2062 و 2063 و 2067 و 2070 و 2071، الكامل لابن عدي: 3 / 282 م: 508، جامع الاصول: 4 / 45، 47 ح: 2022، البداية والنهاية: 6 / 278، تحفة الاشراف: 1 / 173 ح: 2209 و ح: 2193 و 15539.
وأخرج أحمد بن حنبل وأبو عوانة والطبراني ومسلم ونعيم بن حماد وأبو نعيم والحاكم وابن حبّان من طريق الشعبي وأحمد من طريق عبد الملك بن عمير عن جابر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة»، فقال كلمة صَمَّنِيها الناس، فقلت لابي ما قال ؟ قال: «كلّهم من قريش».
والمذكور كان لفظ مسلم، وأخرجه كلّ من أحمد وأبوعوانة والطبراني بأسانيد متعددة وألفاظ متفاوتة.
وفي لفظ آخر لمسلم من طريقه: «لا يزال هذا الامر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة»، قال: ثم تكلّم بشيء لم أفهمه، فقلت لابي: ما قال ؟ قال: «كلّهم من
____________
1 ـ صحيح مسلم: 12 / 443 ح: 1821، مسند أحمد: 5 / 90 و 100 و 106، صحيح ابن حبان: 15 / 44 ح: 6662، مسند أبي عوانة 4 / 370 ح: 6982، المعجم الكبير: 2 / 232 ح: 1964.
وفي لفظ لاحمد من طريقه عن جابر قال: سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «يكون لهذه الامّة اثنا عشر خليفة»(1) .
وأخرج أبو عوانة وأبو داود وابن أبي عاصم والبيهقي من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: « لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم تجتمع عليه الامّة».
قال الالباني: وهذا سندٌ ضعيف رجاله كلّهم ثقات غير أبي خالد هذا ـ هو الاحمسي ـ قال الذهبي: ما روى عنه سوى ولده، وقد صحّح له الترمذي ...
ثم قال: قلت: وقد تفرد بهذا الجملة: «كلهم تجتمع عليه الامة»، فهي منكرة وإن سكت عليها الحافظ في الفتح. انتهى.
وأخرجه الطبراني بعدّة أسانيد من طريقه وساق الحديث.. إلى أن قال: قال إسماعيل: أظنّ أن أبي قال: كلهم تجتمع عليه الامة.
وأخرج أبوعوانة من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه قال سمعت
____________
1 ـ صحيح مسلم: 12 / 444 ح: 1821، مسند أحمد: 5 / 93 و 96 و 98 و 99 و 101 و 106 صحيح ابن حبان: 15 / 45 ح: 6663، المعجم الكبير: 2 / 195 ـ 197، ح: 1791 ـ 1793 و 1794 و 1795 و 1796 و 1797 و 1798 و 1799، جامع الاُصول: 4 / 45، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 1 / 719 ح: 376 المستدرك: 3 / 617، المعجم الاوسط: 3/ 279 ح: 2943، مسند أبي عوانة: 4 / 369 و 372 ح: 6976 و 6977 و 6978 و 6991، حلية الاولياء: 4 / 333، الفتن لنعيم: 1 / 95 ح: 225.
وأخرجه الطبراني من طريق فطر عن أبي خالد عن جابر يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يضر هذا الدين من ناواه حتى يقوم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش».
وأخرج أحمد من طريق أبي خالد الوالبي عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يزال هذا الامر مؤاتى ـ أو مقارباً ـ حتى يقوم إلى اثني عشر خليفة كلّهم من قريش»(1) .
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود وابن حبّان والبغوي والطبراني من طريق الاسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش».
وفي لفظ للطبراني والبيهقي: «لا تزال هذه الامة مستقيماً أمرها ظاهرة على عدوّها حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»(2) .
____________
1 ـ مسند أحمد: 5 / 107، سنن ابي داود: 4 / 106 ح: 4279، مسند أبي عوانة: 4 / 372 و 373 ح: 6993 و 6994 و 6995، دلائل النبوة للبيهقي عن طريق أبي داود: 6 / 520، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 1 / 720، المعجم الكبير: 2 / 207 ـ 208 ح: 1849 و 1850 و 1851 و 1852، جامع الاصول: 4 / 47، البداية و النهاية: 6 / 278 ـ 279، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 518 ح: 1123.
2 ـ صحيح ابن حبان: 15 / 43 ح: 6661، شرح السنة: 8 / 315 ح: 4236، التاريخ الكبير للبخاري: 1 / 446 م: 1426، مسند أحمد: 5 / 92 و 99، سنن أبي داود: 4 / 106 ح: 4281، المعجم الكبير: 2 / 253 ح: 2059، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 520، البداية والنهاية: 6 / 279.
وفي لفظ أحمد: «لا يزال الدين قائماً حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش»(1) .
وأخرج أحمد بأسانيد متعددة وألفاظ متقاربة من طريق عامر عن جابر أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في حجّة الوداع: «إنّ هذا الدين لن يزال ظاهراً على من ناواه، لا يضرّه مخالف ولا مفارق حتى يمضي من أمّتي اثنا عشر خليفة...»(2) .
وأخرج أبو عوانة والطبراني من طريق عبيد الله بن عبّاد عن جابر بن سمرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا يزال الاسلام ظاهراً حتى يكون اثنا عشر أميراً ـ أو خليفة ـ كلّهم من قريش»(3) .
____________
1 ـ سنن أبي داود: 4 / 106 ح: 4280، مسند أحمد: 5 / 86 و 88.
2 ـ مسند أحمد: 5 / 87 و 88 و 90.
3 ـ المعجم الاوسط: 1 / 474 ح: 863، المعجم الكبير 2 / 206 ح: 1841، مسند أبي عوانة: 4 / 371 ح: 6988.
وأخرج الطبراني من طريق النضر بن صالح عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبي و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب، فقال: «لا تبرحون بخير ما قام عليكم اثنا عشر أميراً»، قلت لابي: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول آنفاً كذالك ؟ قال أبي: قد قال: «كلّهم من قريش»(2) .
وأخرج أبو عوانة من طريق محمّد بن مالك عن عبد الملك بن عمير وزياد بن علاقة عن جابر بن سمرة: كنت مع أبي عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعته يقول: «يكون بعدي اثنا عشر خليفةً»، ثم أخفى صوته، فقلت لابي: يا أبه، سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول اثنا عشر خليفة، ولم أسمع ما بعده ؟ قال: «كلّهم من قريش»(3) .
وأخرج الطبراني من طريق عطاء بن أبي ميمونة عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخطب على المنبر ويقول: «اثنا عشر قيّماً من
____________
1 ـ المعجم الكبير: 2 / 253 ح: 1061.
2 ـ المعجم الكبير: 2 / 253 ح 2060.
3 ـ مسند أبي عوانة، 4 / 371 ح: 6985.
وأخرج أبو عوانة والطبراني من طريق المسيّب بن رافع عن جابر بن سمرة قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ هذا الامر لا يزال ظاهراً لايضره خلاف من خالفه حتى يؤمّر اثنا عشر من أمّتي كلّهم من قريش»(2) .
وأخرج أبو عوانة من طريق معبد بن خالد عن جابر بن سمرة: أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يكون من بعدي اثنا عشر أميراً»(3) .
وأخرج ابن عساكر عن جابر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع يقول: «لا يزال أمر هذه الامّة عالياً على من ناواها حتى يملك اثنا عشر خليفة»، ثم قال كلمة خفيّة لم أسمعها، قال: فسألت أبي وهو أقرب إليه منّي ما قال ؟ قال: «كلّهم من قريش»(4) .
وأخرج البخاري والحاكم وابن عساكر والطبراني والبزّار عن أبي جحيفة قال: كنت مع عمّي عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخطب، فقال: «لا يزال أمر أمّتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة» ـ وخفض بها صوته ـ فقلت لعمّي ـ وكان أمامي ـ: ما قال يا عمّ ؟ قال: «كلّهم من قريش».
____________
1 ـ المعجم الكبير: 2 / 256 ح: 2073.
2 ـ مسند أبي عوانة: 4 / 372 ح: 6991، المعجم الكبير: 2 / 215 ـ 216 ح: 1883.
3 ـ مسند أبي عوانة: 4 / 372 ح: 6992.
4 ـ مختصر تاريخ دمشق: 3 / 224 م: 271.
وأخرج أحمد بن حنبل ونعيم بن حماد والحاكم وأبو يعلى والطبراني والبزّار والهيثم بن كليب عن مسروق قال: كنّا جلوساً عند عبد الله بن مسعود، فسأله رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم نبيّكم كم يملك هذه الامة من خليفة ؟ فقال ابن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: «اثنا عشر، عدّة نقباء بني إسرائيل».
وفي لفظ لنعيم: قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يكون بعدي من الخلفاء عدة نقباء موسى».
وفي لفظ للبزّار: أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يكون من بعدي اثنا عشر خليفة ـ أحسبه قال ـ: عدّة نقباء بني إسرائيل».
وأورد ابن كثير الشامي حديث ابن مسعود في تاريخه، ثم قال: وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمرو وحذيفة وابن عباس وكعب الاحبار من قولهم(2) .
____________
1 ـ المعجم الاوسط: 7 / 118 ح: 6207، المستدرك: 3 / 618، مختصر تاريخ دمشق: 27 / 111، التاريخ الكبير: 8 / 410 ـ 411 م: 3520، مجمع الزوائد: 5 / 190 باب الخلفاء الاثني عشر، كنز العمال: 12 / 32 ح: 33849.
2 ـ مسند أحمد: 1 / 398 و 406، المستدرك: 4 / 501، الفتن لنعيم بن حماد: 1 / 95 ح: 224، المعجم الكبير: 10 / 157 ـ 158 ح: 10310، مسند أبي يعلى: 8 / 444 ح: 5031 و9 / 222 ـ 223 ح: 5322 و 5323، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 1 / 720، مجمع الزوائد: 5 / 190، كنز العمال: 12 / 33 ح: 33857 و 33859 و 33860، البحر الزخار: 5 / 320 ح: 1937 و 1938، مسند الهيثم بن كليب: 1 / 404 ـ 405 ح: 408، البداية والنهاية: 6 / 278، ينابيع المودة / 445 ب: 77.
ما ذكرنا هو المشترك بين جميع ما روي في ذلك عن عبد الله بن عمرو، إلاّ أن المنحرفين لعبوا بحديثه، فأضافوا إليه في بعض الروايات إسم عمر فقط، وفي بعضها أسامي الخلفاء الثلاثة، وفي ثالثة ذكروا أسماءهم مع معاوية وابنه يزيد و جماعة آخرين من سلاطين العباسية، من دون أن يتعرضوا لاسم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في شيء من ذلك.
وأورده المتقي الهندي في كنزه، ثم قال: وفيه ربيعة بن سيف، قال البخارى: عنده مناكير.
وأخرج ابن النجّار عن أنس أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الارض بأهلها»(2) .
____________
1 ـ معرفة الصحابة لابي نعيم: 1 / 23 و 49 ح: 64 و 188، المعجم الاوسط: 9 / 342 ح: 8744، الكامل لابن عدي: 5 / 346 م: 1015، كنز العمال: 11 / 252 و 629 ح: 31420 و 31421 و 33065، الفتن لنعيم بن حماد: 1 / 95 ح: 226 و 227.
2 ـ كنز العمال: 12 / 34 ح: 33861.
وأخرج الجويني في فرائده عن ابن عباس وأورد القندوزي في الينابيع عن جابر بن عبد الله: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أنا سيّد المرسلين وعليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ بن أبي طالب و آخرهم القائم»(2) .
وأخرج الجويني في الفرائد وعن الهمداني في مودة القربى عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعةٌ من ولد الحسين مطهَّرون معصومون»(3) .
وأخرج الجويني عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر: أوّلهم عليّ وآخرهم ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلف المهدي، وتشرق
____________
1 ـ الفتن لنعيم: 1 / 96 ح: 228، البداية والنهاية: 6 / 270، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 514، كنز العمال: 11 / 246 ح: 31398.
2 ـ فرائد السمطين: 2 / 313 ح: 564 ب: 61، ينابيع المودة / 258 و 445 ب: 77 و 447 ب : 78.
3 ـ فرائد السمطين: 2 / 133 و 313 ح: 430 و 431 و 563، ينابيع المودة / 258 و 445 ب : 77.
وأخرج الجويني عن أبي جعفر (عليه السلام) رفعه قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لامير المؤمنين عليّ (عليه السلام): «اكتب ما أملي عليك» قال: يانبيّ الله وتخاف عليّ النسيان ؟ فقال: «لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله عزوجل لك أن يحفظك ولا يُنْسِيَك، ولكن اكتب لشركائك» قال: قلت: ومن شركائي يا نبي الله ؟ قال: «الائمة من ولدك، بهم يسقى أمّتي الغيث وبهم يستجاب دعاؤهم» وأومأ بيده إلى الحسن ثم أومأ بيده إلى الحسين (عليه السلام)، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «الائمة من ولده»(2) .
ونقل القندوزي عن الموفّق بن أحمد من الحنفية في مناقبه: أنّه أخرج عن جابر بن عبد الله الانصاري يقول: قال لي: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا جابر، إنّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم عليّ بن الحسين ثم محمّد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم عليّ بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم ـ إسمه إسمي وكنيته كنيتي ـ ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الارض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لايثبت على القول بامامته إلاّ من امتحن الله قلبه للايمان»، قال جابر: فقلت: يا رسول
____________
1 ـ فرائد السمطين: 2 / 312 ح: 562 ب: 61 س: 2، ينابيع المودة / 447 ب: 78.
2 ـ فرائد السمطين: 2 / 259 ح: 527 ب: 50 س: 2 وينابيع المودة / 20 ب: 3.
وأخرج الجويني عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء، فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمّد وأربعة منهم علي.
وقد روى الجويني الشافعي عدّة روايات عن جابر بن عبد الله حول قصّة اللوح الذي فيه أسماء الخلفاء والاوصياء وعرضه على أبي جعفر (عليه السلام)وموافقته لما عند ذلك الامام الهمام (عليه السلام)، فراجع(2) .
أخرج الموفق بن أحمد ـ كما في الينابيع ـ عن عليّ (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الائمة بعدي اثنا عشر أوّلهم أنت يا علي و آخرهم القائم الذي يفتح الله على يديه مشارق الارض ومغاربها».
وأخرج أيضاً عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام) قال: دخلت على جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأجلسني على فخذه وقال لي: «إنّ الله اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة، تاسعهم قائمهم، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء»(3) .
____________
1 ـ ينابيع المودة / 494 ـ 495 ب: 94.
2 ـ فرائد السمطين: 2 / 136 ـ 141 ح: 432 ـ 435 ب: 32 س: 2.
3 ـ ينابيع المودة / 492 و 493 ب: 94.
أخرج نعيم بن حمّاد عن أبي عيّاش حدثنا الثقات من مشايخنا: أن نشوعاً سأل كعباً عن عدّة ملوك هذه الامة ؟ فقال: أجد في التوراة اثني عشر ربياً(2) .
قال ابن كثير الشامي: وفي التوراة الّتي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: إنّ الله تعالى بشَّر إبراهيم بإسماعيل، وأنّه ينميه ويكثّره ويجعل من ذريّته اثني عشر عظيماً.
قال: قال شيخنا العلاّمة أبو العباس بن تيمية: وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة، وقرّر أنهم يكونون مفرّقين في الامة، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا، وغلط كثير ممن تشرّف بالاسلام من اليهود فظنّوا أنهم الّذين تدعو إليهم الفرقة الرافضة فاتّبعوهم(3) .
____________
1 ـ ينابيع المودة / 258 و 445 و 492 ب: 77 و 94.
2 ـ الفتن للنعيم: 1 / 97 ح: 232.
3 ـ البداية والنهاية: 6 / 280.
أخرج الجويني الشافعي عن ابن عبّاس قال: قدم يهوديّ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ يقال له نعثل ـ فقال له: يا محمّد، إنّي أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يدك، قال: «سل يا أبا عمارة»... ثم ذكر عرض أسئلة اليهوديّ على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجوابه عليها، إلى أن قال: فأخبرني عن وصيّك من هو ؟ فما من نبي إلاّ وله وصيّ، وإنّ نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون، فقال: «إنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار»، قال: يا محمّد فسمهم لي، قال: «نعم، إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى علي فابنه محمّد ثم ابنه علي، ثم ابنه الحسن، ثم الحجّة ابن الحسن، فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل»، قال: أخبرني عن كيفية موت علي والحسن والحسين، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «يقتل علي بضربة على قرنه، والحسن يقتل بالسمّ، والحسين بالذبح»، قال: فأين مكانهم ؟ قال: «في الجنّة في درجتي»، قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله وأشهد أنّهم الاوصياء بعدك، ولقد وجدت في كتب
أسلم هذا اليهوديّ، ولم ينتظر ابن كثير الشامي وشيخه ابن تيمية كي يشاورهما في ذلك !
أخرج الموفق بن أحمد الحنفي عن جابر بن عبد الله قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فذكر بعض أسئلته على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ثمّ قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لاتمسَّك بهم، قال: «أوصيائي الاثنا عشر»، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة، وقال: يا رسول الله سمِّهم لي، فقال: «أولهم سيّد الاوصياء أبو الائمة عليّ، ثم ابناه الحسن والحسين، فاستمسك بهم ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا ولد عليّ بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه»، فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب الانبياء (عليهم السلام): ايليا وشبر وشبير، فهذه اسم علي والحسن والحسين، فمن بعد الحسين ؟ وما
____________
1 ـ فرائد السمطين: 2 / 133 ـ 134 ح: 431، ينابيع المودة / 441 ب: 76.
وأخرج الموفّق بن أحمد عن عامر بن واثلة قال: جاء يهودي من يهود المدينة إلى عليّ كرم الله وجهه قال: إني أسألك عن ثلاث وثلاث وعن واحدة، فقال علي: لم لا تقول أسألك عن سبع.. فذكر القصة إلى قوله: أخبرني كم لهذه الامّة بعد نبيّها من إمام ؟ وأخبرني عن منزل محمد أين هو في الجنّة ؟ وأخبرني من يسكن معه في منزله ؟ قال علي: لهذه الامّة بعد نبيّهم اثنا عشر إماماً لا يضرّهم خلاف من خالفهم، قال اليهودي: صدقت، قال عليّ: ينزل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) في جنّة عدن وهي وسط الجنان وأعلاها وأقربها من عرش الرحمن جلّ جلاله، قال اليهوديّ: صدقت، قال علي: والذي يسكن معه في الجنة هؤلاء الائمة الاثنا عشر أوّلهم أنا وآخرنا القائم المهدي... إلى آخره(2) .
____________
1 ـ ينابيع المودة / 441 ـ 442 ب: 76.
2 ـ ينابيع المودة / 443 ـ 444 ب: 76.
وقد أخرج كثيراً منها جمعٌ من أكابر علماء العامة، كأحمد بن حنبل في مسنده من خمسة وثلاثين طريقاً، والبخاري ومسلم في الصحيحين، والترمذي وأبي داود والطيالسي والخطيب وابن عساكر والحاكم و...
وقد صنّف محمّد معين السندي من علماء الجمهور كتاباً في هذه الاحاديث أسماه: مواهب سيّد البشر في أحاديث الائمة الاثني عشر، كما قد روى هذه الاحاديث جمعٌ من الصحابة:
1 ـ كأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام).
2 ـ وسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام).
3 ـ والحسن (عليه السلام).
4 ـ الحسين (عليه السلام).
5 ـ وعبد الله بن مسعود.
6 ـ وأبي جحيفة.
7 ـ وأبي سعيد الخدري.
8 ـ وسلمان الفارسي.
9 ـ وأنس بن مالك.
10 ـ وأبي هريرة.
11 ـ وواثلة بن الاسقع.
12 ـ وعمر بن الخطاب.
14 ـ وأبي الطفيل.
15 ـ وشفي الاصبحي.
16 ـ وعبد الله بن عمر.
17 ـ وعبد الله بن أبي أوفى.
18 ـ وعمّار بن ياسر.
19 ـ و أبي ذر.
20 ـ وحذيفة بن اليمان.
21 ـ وجابر بن عبد الله الانصاري.
22 ـ وعبد الله بن عباس.
23 ـ وحذيفة بن أسيد.
24 ـ وزيد بن أرقم.
25 ـ وسعد بن مالك.
26 ـ وأسعد بن زرارة.
27 ـ وعمران بن حصين.
28 ـ وزيد بن ثابت.
29 ـ وعائشة.
30 ـ وأمّ سلمة.
31 ـ وأبي أيوب الانصاري.
32 ـ وجابر بن سمرة.
33 ـ وأبي أمامة.
35 ـ وعبد الله بن عمرو بن العاص.
وهذه الاخبار على طائفتين، فطائفة منها ليس فيها إلاّ التصريح بأنّ الخلفاء والائمة اثنى عشر، والطائفة الاخرى تتضمّن أسماء الاثني عشر بعضهم أو جميعهم.
ثم إنّ هذه الاخبار ـ حسب استقصائنا الناقص ـ بلغت قريباً من الثلاثمائة حديث، والاخبار الدالّة على أنّ أمير المؤمنين علياً (عليه السلام)أوّل الائمة (عليهم السلام)تزيد على ذلك بكثير.. إلى آخر كلامه أدام الله ظله(1) .
وقد ورد هذا الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة، كما عن كتاب الدرر الموسوية للسيد حسن صدر الدين، وهم:
1 ـ أبو بردة.
2 ـ وعبد الرحمن بن سمرة.
3 ـ وأبو سليمان الراعي(2) .
وأورد المتّقي الهندي هذا الحديث بألفاظ متعددة في كنزه وابن كثير في تاريخه والهيثمي في مجمعه وابن الاثير في جامعه والالباني في الاحاديث
____________
1 ـ جلاء البصر لمن يتولى الائمة الاثني عشر / 4 ـ 7.
2 ـ مذهب أهل البيت / 203، هكذا ذكر في المصدر، ولعل المراد بأبي سليمان الراعي: حريث راعي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المعروف بأبي سلمى الراعي.
قال القندوزي: قال بعض المحقّقين: إنّ الاحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان عُلِمَ أنّ مراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حديثه هذا الائمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يُحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن يحمله على الملوك الاموية لزيادتهم على اثني عشر ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم، لانّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كلّهم من بني هاشم» في رواية عبد الملك عن جابر، وإخفاء صوته (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا القول يرجح هذه الرواية، لانهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور، ولقلة رعايتهم الاية: ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً إلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )(2) ، وحديث الكساء.
فلابُد أنْ يُحمل هذا الحديث على الائمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسباً وأفضلهم حسباً وأكرمهم عند الله، وكان علومهم عن آبائهم
____________
1 ـ كنز العمال: 11 / 246 و 252 و 12 / 24 و 32 ـ 34 في الباب الرابع عند ذكر قريش، مجمع الزوائد: 5 / 190، جامع الاصول: 4 / 45 ـ 47 ح: 2022، البداية والنهاية: 6 / 278 ـ 280، ينابيع المودة / 444 ب: 77، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 1 / 719 ـ 720.
2 ـ سورة الشورى: 23.
ويؤيّد هذا المعنى، أي أنّ مراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الائمة الاثنا عشر من أهل بيته، ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والاحاديث المتكثّرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها. انتهى(1) .
وفي هامش صحيح البخاري: قال ابن بطال عن المهلب: لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث ـ يعني بشيء معين ـ ; فقوم قالوا: يكونون بتوالي إمارتهم، وقوم قالوا: يكونون في زمن واحد كلّهم يدعي الامارة...(2) .
قال ابن العربي في شرحه على سنن الترمذي: فعددنا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر أميراً، فوجدنا: أبا بكر، عمر، عثمان، عليّ، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان، عبد الملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، مروان بن محمد بن مروان، السفّاح، المنصور... وذكر أسماء سلاطين بني العباس إلى زمانه ثم قال: وإذا عددنا منهم اثني عشر انتهى العدد بالصورة إلى سليمان، وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة: الخلفاء الاربعة وعمر بن عبد العزيز، ولم أعلم للحديث معنى(3) .
____________
1 ـ ينابيع المودة / 446 ب: 77.
2 ـ صحيح البخاري: 4 / 347.
3 ـ عارضة الاحوذي: 9 / 68 ـ 69.
مشكلة أهل السنة:
أقول: ليس ابن العربي وحده لا يعلم للحديث معنىً، بل جميع من غضّوا أبصارهم وأغلقوا أفكارهم لا يعلمون للحديث معنى، ولو أنّهم تدبّروا في حديث الثقلين وحده، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال لهم: «تركت فيكم الخليفتين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» لكان كافياً لهم في معرفة معنى الحديث، من أن هؤلاء الخلفاء الاثني عشر كانوا من عترته وأهل بيته، مع تواتر الاثار في بيان عددهم وأسمائهم في كتب الشيعة والسنّة صلوات الله عليهم.
ولكن ـ مع الاسف ـ بينهم وبين قبولهم لتلك الاخبار سور عظيم وحجب ثخينة، وذلك لامور:
أوّلاً: إنّ السلطة الاموية منعت الصحابة من نشر ما يتعلق بفضائل أهل البيت (عليهم السلام)، فكان جزاء من تفوّه بذلك إما القتل أو التعذيب والحرمان.
وثانياً: إنّ التقيّة في مذهب الشيعة صارت سبباً لاتّهام أحاديثهم من قبل أهل السنّة بالوضع والافتراء لفائدة مذهبهم، ولكنّهم لا يشعرون بأنّ الشيعة لا يرون وضع الاخبار تقيّة، بل يرونه خيانة للاسلام ومن أكبر الكبائر وخروجاً من مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
وثالثاً: إنّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أيّام بني أمية وبني عباس لم يستطيعوا أن يفشوا أسرارهم إلاّ لمن اعتمدوا عليهم من أصحابهم وتلاميذهم، وعلماء السنّة عندما يرون فضيلة لاهل بيت النبوة مرويّةً عن أحد هؤلاء يبادرون إلى طعنه ورميه بالرفض والتشيع، ويطرحون حديثه، خاصّة إذا كان من
السذاجة والبساطة، ويصفون كل من استعمل الحساسية في ذلك بالدقّة والضبط، فترى بعض علمائهم يقطعون الاحاديث أو يطرحونها أو يهملونها إذا كان مضمونها مخالفاً لاراء أهل السنة ـ كما أشرنا إليه ـ وقايةً لمكانتهم وحمايةً لشخصيتهم، إلاّ النادر ممّن ملئت قلوبهم حبّاً لاهل بيت النبوّة، أمثال الموفّق بن أحمد والقندوزي من الحنفية وابن الصبّاغ من المالكية والجويني من الشافعية وابن الجوزي (السبط) من الحنابلة ثم الحنفية وغيرهم.
وخامساً: إنّ أهل السنّة يرون حشداً هائلاً من الاخبار واردة في مناقب الخلفاء الثلاثة، خاصّة ما نسب من ذلك لاهل البيت (عليهم السلام)، مثل ماروي عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: إنّ خير الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو بكر... ونحوها ممّا كان سبباً لان يلتبس عليهم الامر.
ولا يأبهون بأنّ هذه الاخبار وردت عن طريق من ؟! ولا يلتفتون إلى أن هذه الاخبار صدرت عن الذين كانوا من أعدى أعداء عليّ وأهل بيته سلام الله عليهم، من الذين كانوا يلعنونه على المنابر، ويغمضون أعينهم عن الاثار المتواترة في أنّ عدوّ عليّ عدوّ الله وحرب عليّ حرب الله وسبّ علي سبّ الله، بل تراهم يعدّون هؤلاء من الثقات ويحكمون بصحّة ما ورد عنهم.
فهذه هي مشكلة أهل السنة والجماعة، وليست مشكلة سهلة، بل عبارة عن غطاء تاريخي عظيم سدل على وجه الحق منذ زمن بني أمية واستمر إلى
لذا تراهم كيف يريدون أن يحملوا حديث الائمة الاثني عشر على بعض الطغاة من بني أمية وبني العباس، وأما إذا وصلت النوبة إلى الائمة الاثني عشر من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تراهم كأنهم خرس لا لسان لهم حتى يتفوهوا باحتمال ذلك.
الفرقة الناجية
والنصوص الاتية ـ مثل الاثار السابقة ـ لتنصر الشخص الضعيف في مقابل حملة العصبية، وتنير الطريق أمام المتفكر الحر بشكل أكمل، فلاحظ:
قد تقدم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة، الناجية منهم واحدة والباقون هلكى».
وفي النصوص الاتية بيّن لنا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) طريق أهل النجاة، وأنّ من سلك ذلك الطريق فقد نجى ومن تخلّف عنه فقد هلك، وهو اتّباع أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وموالاتهم، وبيّن أنّ الله تبارك وتعالى سيسأل يوم القيامة عن ذلك.
وقد تقدّم الحديث الذي رواه الحسن بن محمد الصاغاني في الشمس المنيرة: أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلّها هالكة إلاّ فرقة واحدة».
فلما سمع ذلك منه ضاق المسلمون ذرعاً وضجّوا بالبكاء، وأقبلوا عليه و قالوا: يارسول الله كيف لنا بعدك بطريق النجاة ؟ وكيف لنا بمعرفة الفرقة الناجية حتّى نعتمد عليها ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إنّ اللطيف الخبير نبّأني
وأخرج الموفّق بن أحمد من الحنفية عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: تفترق هذه الامّة على ثلاث وسبعين فرقة، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة، وهم الّذين قال الله عزّوجلّ: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) هم أنا و شيعتي»(2) .
وقد جاء في بعض الروايات أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّهم أهل الجماعة، ففي الرواية الاتية يبين أمير المؤمنين علي (عليه السلام) المراد من أهل الجماعة:
أخرج وكيع ـ كما في الكنز ـ عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال: كان عليّ يخطب، فقام إليه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة ؟ ومن أهل الفرقة ؟ ومن أهل السنّة ؟ ومن أهل البدعة ؟ فقال: ويحك ! أمّا إذا سألتني فافهم عنّي، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحداً بعدي:
فأما أهل الجماعة ; فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا، وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله.
وأما أهل الفرقة ; فالمخالفون لي ومن تبعني وإن كثروا.
وأمّا أهل السنة ; فالمتمسّكون بما سن الله لهم ورسوله وإن قلّوا.
وأمّا أهل البدعة ; فالمخالفون لامر الله ولكتابه ورسوله العاملون برأيهم
____________
1 ـ أمان الامة من الضلال / 135 ح: 22.
2 ـ المناقب للخوارزمي / 331 ح: 351.
وأخرج الطبراني وأبونعيم والكنجي والجويني عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «إنّما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له الذنوب»(2) .
وأخرج القطيعي وابن قتيبة والحاكم والطبراني وابن جرير وأبو يعلى وابن عدي وأبو نعيم والبزّار والدارقطني والبغوي وابن المغازلي والمزّي عن أبي ذرّ الغفاري قال ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: « ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك» وزاد في بعض الروايات: «مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له».
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم(3) .
____________
1 ـ كنز العمال: 16 / 183 ـ 184 ح: 44216.
2 ـ إحياء الميت / 27 ح: 27، ينابيع المودة / 240، مجمع الزوائد: 9 / 168، المعجم الصغير : 2 / 22، فرائد السمطين: 2 / 242 ح: 516 ب: 47 س: 2، جواهر العقدين / 261.
3 ـ ينابيع المودة / 27 ـ 28 و 183 و 261، كنز العمال: 12 / 94 و 95 و 98 ح: 34144 و 34151 و 34169 و 34170، المعجم الكبير: 3 / 45 و 46 ح: 2636 و 2637، الدر المنثور: 4 / 434 حول آية: 43 من سورة هود، الكامل لابن عدي: 3 / 137 م : 447 و 5 / 329 م: 1008 و 8 / 156 م: 1893، المناقب لابن المغازلي / 133 و 134 ح: 175 و 177، المستدرك: 2 / 343 و3 / 150 ـ 151، تذكرة الخواص / 291، الفصول المهمة / 26، مجمع الزوائد: 9 / 168، المعجم الصغير: 1 / 139 ـ 140، جواهر العقدين / 261، المعجم الاوسط: 4 / 283 ـ 284 ح: 63502 / 251 ح: 5532، السنة للبغوي بهامش المرقاة: 5 / 610، المؤتلف والمختلف للدارقطني: 2 / 1046، درر السمطين / 235، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 785 ـ 786 ح: 1402، الجامع الصغير: 1 / 285 ح: 2457، فيض القدير: 2 / 658 ح: 2442، وعن كشف الاستار: 2 / 222، المطالب العالية: 4 / 75 ح: 4003 و 4004، تهذيب الكمال: 18 / 328 م: 6742، البحر الزخار: 9 / 343 ح: 3900.
وأخرج أبو نعيم والبزّار والطبراني والقضّاعي وابن المغازلي والمُلاَّ في سيرته عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق»(2) .
____________
1 ـ إحياء الميت / 25 ح: 24، ينابيع المودة / 27، ب: 4، مجمع الزوائد: 9 / 168، كنز العمال: 12 / 95 ح: 34151، جواهر العقدين / 261، الصواعق المحرقة / 186 ب: 11 ف: 2 عنه وعن ابن عباس وأبي ذر.
2 ـ كنز العمال: 12 / 95 ح: 34151، إحياء الميت / 26 ح: 25، المناقب لابن المغازلي / 132 و 134 ح: 173 و 176، حلية الاولياء: 4 / 306، جواهر العقدين / 261، المعجم الكبير: 3 / 45 ـ 46 ح: 2636 ـ 2637 و12 / 27 ح: 12388، جامع المسانيد والسنن: 30 / 271 ـ 272 ح: 534، مسند الشهاب: 2 / 273 ب: 11 ح: 1342، ذخائر العقبى / 53 ب: 5 عن الملا، والحديث مروي عن الفسوي في المعرفة، وأبي الشيخ في كتاب الامثال، وعن كشف الاستار برقم: (2615).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عليّ (عليه السلام) قال: إنّما مثلنا في هذه الامّة كسفينة نوح، وكباب حطّة في بني إسرائيل(1) .
وأخرج ابن المغازلي عن سلمة بن الاكوع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا»(2) .
وأخرج الخطيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّما مثلي ومثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(3) .
____________
1 ـ المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 374 ح: 32106، ينابيع المودة / 193 و 298، الدر المنثور: 1 / 174 حول آية: 58 من سورة البقرة، ذخائر العقبى / 54 ب: 5.
قوله: (زج في النار) أي رمي فيها بدفع [ مجمع البحرين ].
2 ـ جواهر العقدين / 261، المناقب لابن المغازلي / 132 ـ 133 ح: 174.
3 ـ تاريخ بغداد: 12 / 91 م: 6507.
وأخرج الجويني عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عليّ أنا مدينة العلم وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قِبَل الباب، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك، لانّك منّي وأنا منك، لحمُك من لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاّك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، مثلك ومثل الائمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة»(2) .
قال السيوطي: أخرج ابن أبي شيبة والمسدد في مسنديهما والحكيم الترمذي في نوادر الاصول وأبو يعلى والطبراني عن سلمة بن الاكوع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «النجوم أمان لاهل السماء وأهل بيتي أمانٌ لامتي».
وأخرجه الفسوي وابن عساكر في التاريخ وابن المغازلي في المناقب
____________
1 ـ الصواعق المحرقة / 152 ب: 11 فصل: 1 آية: 7، ينابيع المودة / 298.
2 ـ ينابيع المودة / 28، 130، فرائد السمطين: 2 / 243 ح: 517 ب: 47.
وأخرج الحاكم عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «النجوم أمانٌ لاهل الارض من الغرق وأهل بيتي أمان لامّتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس».
وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(2) .
وأخرج القطيعي والجويني وعن عبد الله بن أحمد والحاكم عن علي (عليه السلام)قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «النجوم أمان لاهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لاهل الارض فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الارض»(3) .
____________
1 ـ إحياء الميت / 23 ـ 24 ح: 21، ينابيع المودة / 20 ب: 3 و 191، مجمع الزوائد: 9 / 174، فرائد السمطين: 2 / 241 و 252 ح: 515 و 521 ب: 47 و 48 س: 2، كنز العمال: 12 / 96 و 101 ـ 102 ح: 34155 و 34188، جواهر العقدين / 259، المعجم الكبير: 7 / 22 ح: 6260، المطالب العالية: 4 / 74 و 347 ح: 4002 و 4564، مختصر تاريخ دمشق: 16 / 281، ذخائر العقبى / 49 ب: 5، درر السمطين / 234 الجامع الصغير: 2 / 984 ح: 9338، فيض القدير: 6 / 386 ح: 9313، المعرفة والتاريخ: 1 / 538.
2 ـ المستدرك: 3 / 149، كنز العمال: 12 / 102 ح: 34189، ينابيع المودة / 20 ب: 3 و 298.
3 ـ جواهر العقدين / 259، تذكرة الخواص / 291، ينابيع المودة / 19 ب: 3 و 191 ـ 192 ب: 56، فرائد السمطين: 2 / 253 ح: 522 ب: 48، مرقاة المفاتيح: 5 / 610، ذخائر العقبى / 49 ب: 5، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 671 ح: 1145.
وأخرج الحاكم عن جابر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «النجوم أمان لاهل السماء فإذا ذهبت أتاها مايوعدون، وأنا أمان لاصحابي ما كنت فيهم فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لامّتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون».
وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(2) .
وذكر السمهودي في الجواهر والقندوزي في الينابيع عن أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «النجوم أمانٌ أهل السماء وأهل بيتي أمان أهل الارض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الارض من الايات ما كانوا يوعدون...».
وذكر القندوزي قول أحمد: إنّ الله خفق الارض من أجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجعل دوامها بدوام أهل بيته وعترته(3) .
____________
1 ـ ينابيع المودّة / 20 ب: 3.
2 ـ المستدرك: 2 / 448، كنز العمال: 12 / 102 ح: 34190، منتخب الكنز: 5 / 93، جواهر العقدين / 259 ـ 260.
3 ـ جواهر العقدين الفصل الخامس من فضائل أهل البيت / 259، ينابيع المودّة / 20 ب: 3.
وأخرج الجويني عن عليّ (عليه السلام) من طريق أبنائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحبّ أن يستمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعليّ بن أبي طالب وليُعادِ عدوّه وليوالِ وليّه، فإنّه وصيّي وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلّ مسلم وأميرُ كلِّ مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي».
ثم قال عليه الصلاة والسلام: «من فارق عليّاً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف عليّاً حرّم الله عليه الجنّة وجعل مأواه النار، ومن خذل عليّاً خذله الله يوم يُعرَضُ عليه، ومن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه ولقَّنه حجته عند المسألة».
ثم قال عليه الصلاة والسلام: «والحسن والحسين إماما أمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، وأمّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحرمتهم، وكفى بالله وليّاً وناصراً لعترتي وأئمة أمّتي ومنتقماً من الجاحدين حقّهم
____________
1 ـ ينابيع المودّة / 20 ب: 3.
عن عليّ (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليّاً بعدي ويُعادِ عدوّه وليأتمّ بالائمة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه بعدي وسادة أمتي وقادة الاتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان»(2) .
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والرافعي وابن عساكر والجويني عن ابن عباس أنّه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي فليتولَّ عليّاً من بعدي وليوالِ وليَّه وليقتدِ بالائمّة من بعدي، فإنّهم عترتي خُلِقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي فويلٌ للمكذبين بفضلهم من أمّتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي»(3) .
وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم وابنُ عساكر والجويني عن زياد بن
____________
1 ـ فرائد السمطين: 1 / 54 ـ 55 ح: 19 ب: 5 س: 1.
2 ـ ينابيع المودة / 258 المودة العاشرة و445 ب: 77.
3 ـ تاريخ دمشق: 42 / 240، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 360، شرح نهج البلاغة: 9 / 170، ينابيع المودة / 126 ب: 43، كنز العمال: 12 / 103 ح: 34198، حلية الاولياء: 1 / 86، منتخب الكنز: 5 / 94، فرائد السمطين: 1 / 53 ح: 18 ب: 5 س: 1، كفاية الطالب / 187.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(1) .
أقول: إن إرسال زياد بن مطرَّف في بعض الروايات غير مخلّ بصحّة الحديث بعد أن أسند في البعض الاُخرى، وهذا هو مذهب الشافعي ومن تابعه. وبهذا يندفع ما أورده ابن منده وغيره.
وان يحيى بن يعلى الاسلمي لم ينفرد برواية الحديث عن عمار بن زريق، بل تابعه على ذلك يحيى بن يعلى أبو المحياة. وهو ثقة من رجال مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، وثقه ابن معين وابن حبّان وابن شاهين
____________
1 ـ المستدرك: 3 / 128، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 664 ح: 1132، تالي تلخيص المتشابه: 2 / 417 ـ 418 ح: 250، حلية الاولياء: 1 / 86 و4 / 174 و 349 ـ 350، مجمع الزوائد: 9 / 108، ينابيع المودة / 126 و 127 ب: 43، المعجم الكبير: 5 / 194 ح : 5067، كنز العمال: 11 / 611 ـ 612 ح: 32959 و 32960، تذكرة الخواص / 51، فرائد السمطين: 1 / 55 ح: 20 ب : 5، تاريخ دمشق: 42 / 240 و 242 ـ 243، الاصابة في تمييز الصحابة: 1 / 559 م: 2865 وفي طبع: 2 / 485 م: 2872.
فالذي روى عنه يحيى بن عبد الحميد هو أبو المحياة، لا الاسلمي، كما نصّ عليه الخطيب في تالي تلخيص. فوحدة الشيخ والاسم أوقعت بعض الاعلام في الوهم ; فظنّ أنّ الاسلمي تفرّد به عن عمّار.
وأخرج الموفّق بن أحمد عن الامام الحسين (عليه السلام) قال: سمعت جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي فليتولَّ عليّ بن أبي طالب وذريّته أئمة الهدى ومصابيح الدّجى من بعده، فإنَّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة»(2) .
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن حذيفة، وابن عساكر عن أبي ذرّ والبراء بن عازب وأبي هريرة ـ واللفظ لحديث أبي ذرّ ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن التي غرسها ربّي فليتولَّ عليّاً بعدي»(3) .
وأخرج الجويني والموفّق بن أحمد عن الامام الحسين بن عليّ (عليهما السلام)قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «فاطمة بهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي وبعلها نور
____________
1 ـ الثقات لابن حبّان: 9 / 261، رجال صحيح مسلم: 2 / 352 م 1859، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين / 353 م 1519، تهذيب الكمال: 20 / 263 ـ 264 م 7544، الكاشف للذّهبي: 2 / 379 م 6271، تقريب التهذيب / 528 م 7676.
2 ـ المناقب للخوارزمي / 75 ح: 55، ينابيع المودة / 127 ـ 128 ب: 43.
3 ـ تاريخ دمشق: 42 / 242.
وأخرج الجويني عن الامام علي (عليه السلام)، والطبراني وابن المغازلي عن ابن عباس، والطبراني والموفق بن أحمد عن أبي برزة، والموفق بن أحمد عن أبي هريرة، والحاكم عن أبي سعيد الخدري، وابن عساكر عن أبي ذر الغفاري، وجماعة ومنهم الترمذي عن بريدة الاسلمي: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن علمه ما عمل به وعن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه وعن حبّنا أهل البيت»، فقيل: يا رسول الله ومن هم ؟ فأومأ بيده إلى عليّ بن أبي طالب. وما ذكرناه كان لفظ ابن عساكر عن أبي ذرّ الغفاري، وقد جاء مصرحاً في بعض الالفاظ أن عمر بن الخطاب هو الذي سأله ذلك(2) .
ونقل السمهودي عن عبد الله بن كثير وجمالِ الدين الزرندي عن إبراهيم بن شبة الانصاري قال: جلست إلى الاصبغ بن نباتة فقال: ألا أقرءك ما أملاه عليَّ عليُّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) ! فأخرج صحيفة فيها مكتوب: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أهلَ بيته وأمَّتَه ; أوصى أهلَ بيته بتقوى
____________
1 ـ فرائد السمطين: 2 / 66 ح: 390 ب: 15 س: 2، مقتل الحسين / 99 ح: 21 ف: 5، ينابيع المودة / 82 وفيه أن الحديث مروي عن علي (عليه السلام) أيضاً.
2 ـ مختصر تاريخ دمشق: 17 / 365، المناقب للخوارزمي / 77 ح: 59، الفصول المهمة / 125، مجمع الزوائد: 10 / 346، إحياء الميت للسيوطي / 39 ح: 44، ينابيع المودة / 112 ـ 113 ب: 37، مقتل الحسين / 74، فرائد السمطين: 2 / 301 ح: 557.
وأخرج القطيعي عن عليّ (عليه السلام) والطبراني عن أبي رافع واللفظ للقطيعي، قال عليّ (عليه السلام): شكوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسد الناس إياي، فقال: «أما ترضى أن تكون رابع أربعة في أولّ من يدخل الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وعن شمائلنا وذرارينا خلف أزواجنا وشيعتنا من ورائنا»(2) .
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة: أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام)قال: يا رسول الله أيما أحبّ إليك ; أنا أم فاطمة ؟ قال: «فاطمة أحبّ إليَّ منك وأنت أعزّ عليَّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإنّ عليه لاباريق مثل عدد نجوم السماء، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة ( إخْوَاناً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ ) أنت معي وشيعتك في الجنة، ثم قرأ: (إخْوَانَاً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ ) لا ينظر أحد في قفا صاحبه»(3) .
____________
1 ـ جواهر العقدين / 240، درر السمطين / 240.
2 ـ فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 624 ح: 1068، المعجم الكبير: 1 / 319 ح: 950 و3 / 41 ح: 2624، مجمع الزوائد: 9 / 131 و 174، الصواعق المحرقة / 161.
3 ـ مجمع الزوائد: 9 / 173.
من هم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
قد اتّضح من النصوص السابقة أن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خلّف للمسلمين كتاب الله وأهل بيته، وأمرهم باتّباع كتاب الله وإطاعة أهل بيته، واتّضح أنَّ خلفاءه كانوا اثني عشر نفراً من أهل بيته.
وفي الاحاديث الاتية يتبيّن لنا أنّ أزواجه لسنَ من أهل بيته الّذين طهّرهم الله من جميع الارجاس والادناس والذين بالتمسك بهم تكون النجاة من الضلالة، وأنّ المراد بعترته وأهل بيته أفرادٌ مخصوصون.
قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً )(1) .
قال السيوطي: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة أنّها قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه مرط مرجَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: ( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً ) .
وأخرجه ابن عساكر والبغوي والكنجي والحسكاني أيضاً.
وفي رواية: قالت: فذهبت لاُدْخِل رأسي، فدفعني، فقلت: يا رسول
____________
1 ـ سورة الاحزاب: 33.
وفي رواية أنّ عائشة قالت: فقلت: يا رسول الله، أنا من أهلك ؟ قال: « تَنَحّيْ فانَّك إلى خير»، وفي رواية أخرى: «إنّك على خير» ولم يدخلني معهم.
وقال الحاكم، وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأقرّه الذهبي(1) .
قال السيوطي: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحَسَّنه، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس بن مالك أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ بباب فاطمة (عليها السلام) إذا خرج إلى صلاة الفجر، فيقول: «الصلاة يا أهل البيت ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً ) ».
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل بن يسار وأم سلمة. أقول: وأخرجه ابن عساكر وابن عدي والحسكاني، وأخرج ابن عساكر
____________
1 ـ صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل أهل البيت: 15 / 203 ـ 204 ح: 2424، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح: 32093، شواهد التنزيل: 2 / 56 ـ 63 ح: 676 ـ 685، جواهر العقدين / 193، كفاية الطالب / 49، شرح السنة: 8 / 87 ح: 3910، درر السمطين / 133، الدر المنثور: 6 / 605، تفسير القرآن العظيم: 493 ـ 494 حول آية: 33 من سورة الاحزاب، المستدرك: 3 / 147، تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم: 9 / 3131 ح: 17674، الكشاف: 1 / 369 حول آية 61 من سورة آل عمران، تاريخ دمشق: 42 / 260.
قال السيوطي: أخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أمّ سلمة أنّها قالت: في بيتي نزلت هذه الاية، وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فجلَّلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكساء كان عليه ثم قال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِبْ عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً».
وفي رواية: قالت أمّ سلمة: يا رسول الله، ما أنا من أهل البيت ؟ قال: «إنّك أهل خير وهؤلاء أهل بيتي، اللهم أهلي أحقّ».
قال الحاكم بعد ذكر الحديث بهذا اللفظ: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وصححه الذهبي على شرط مسلم.
وفي رواية عنها أنها قالت: فرفعتُ الكساء لادخل معهم، فجذبه من يدي وقال: «إنّك على خير».
وفي رواية: قالت: فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت ؟ قال:
____________
1 ـ الدر المنثور: 6 / 605 حول آية: 33 من سورة الاحزاب، مسند أحمد: 3 / 259، 285، تفسير القرآن العظيم: 3 / 492، المستدرك: 3 / 158، سنن الترمذي كتاب التفسير باب ومن سورة الاحزاب: 5 / 142 ح: 3217، شواهد التنزيل: 2 / 18 ـ 25 ح: 637 ـ 644، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 761 ح: 1340 و 1341، المعجم الصغير: 1 / 65 و 135، المعجم الكبير 3 / 56 ح: 2671 و 2672، تاريخ دمشق: 42 / 136 ـ 137، ذخائر العقبى / 60، كنز العمال: 13 / 646 ح: 37632، الكامل لابن عدي: 6 / 337 م: 1351، جامع المسانيد والسنن: 22 / 545 ح: 2044 و 2045، المناقب للخوارزمي / 60 ح: 28 و 29، كفاية الطالب / 337.
قال الترمذي: وفي الباب عن أنس بن مالك وعمر بن أبي سلمة وأبي الحمراء ومعقل بن يسار وعائشة.
وأخرجه كلُّ من أحمد وابن جرير وأبي يعلى والدولابي والحسكاني عن أمّ سلمة من عدّة طرق، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه وابن أبي حاتم في تفسيره، ونسي البخاري فأخرجه في تاريخه(1) .
أخرج الترمذي وابن جرير عن عمر بن أبي سلمة ـ ربيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ قال: لمّا نزلت هذه الاية: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في بيت أمّ سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم
____________
1 ـ الدر المنثور: 6 / 604، جامع البيان: 12 / 6 ـ 8، مسند أحمد: 6 / 292 و 296 و 298 و 304 ـ 305، جواهر العقدين / 194، شرح السنة: 8 / 88 ح: 3911، نظم درر السمطين / 238 و 313، سنن الترمذي كتاب المناقب باب فضل فاطمة: 5 / 466 ح: 3897، المستدرك: 2 / 416 و3 / 146، المعجم الكبير: 3 / 52 ـ 55 ح: 2662 ـ 2668 و23 / 249 و 281 و 286 و 308 و 333 و 334 و 336 و 337 و 396 ح: 503 و 612 و 627 و 696 و 768 ـ 771 و 773 و 779 و 783 و 947، مجمع الزوائد: 9 / 166، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح: 32094 و 32095، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 583 و 585 ـ 586 و 602 و 685 ـ 686 ح: 986 و 994 و 1029 و 1170، مسند أبي يعلى: 12 / 313 و 344 و 383 و 451 و 456 ح: 6888 و 6912 و 6951 و 7021 و 7026، المعجم الاوسط: 3 / 137 ح: 2281، المعجم الصغير: 1 / 65، مختصر تاريخ دمشق: 18 / 12، التاريخ الكبير للبخاري: 2 / 69 ـ 70 م: 1719، تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم: 9 / 3133 ح: 17679، الذرية الطاهرة / 149 ـ 150 ح: 192 ـ 194.
وذكر السيوطي في ذلك من حديث أمّ سلمة عند ابن جرير وابن أبي حاتم و الطبراني، ومن حديث أبي سعيد الخدري عند ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والخطيب، ومن حديث سعد عند ابن جرير والحاكم وابن مردويه، ومن حديث واثلة بن الاسقع عند ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في سننه، ومن حديث ابن عباس عند ابن مردويه، ومن حديث أبي الحمراء عند ابن جرير وابن مردويه والطبراني، فراجع تفسيره حول الاية الثالثة والثلاثين من سورة الاحزاب.
وقد وردت الاثار حول نزول الاية في هؤلاء الخمسة صلوات الله وسلامه عليهم عن جماعة من الصحابة، وهم:
1 ـ أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
2 ـ والحسن (عليه السلام).
3 ـ وابن عباس.
4 ـ وسعد بن أبي وقّاص.
5 ـ وأبو سعيد الخدري.
____________
1 ـ سنن الترمذي كتاب التفسير باب ومن سورة الاحزاب: 5 / 141 ح: 3216، جامع البيان: 12 / 8، ذخائر العقبى / 55، 61 ب: 6.
7 ـ وجعفر بن أبي طالب.
8 ـ وواثلة بن الاسقع.
9 ـ والبراء بن عازب.
10 ـ وأبو الحمراء.
11 ـ وأبو ليلى.
12 ـ ومعقل بن يسار.
13 ـ وأنس بن مالك.
14 ـ وعمر بن أبي سلمة.
15 ـ وأمّ سلمة.
16 ـ وعائشة.
وأخرجه الحاكم الحسكاني عن جماعة منهم بطرق كثيرة واستقصى حول المسألة بشكل جيد في شواهده، وأخرجه أحمد وابن عساكر وابن أبي شيبة وابن جرير والنسائي والحاكم والطبراني والبيهقي وابن المغازلي كلّ منهم عن بعض هؤلاء الصحابة، و عن الزينبي في أماليه والدولابي في الكنى، وأورده الذهبي في سيره والسيوطي وابن كثير في تفسيريهما والعسقلاني في مطالبه والهيثمي في زوائده والهندي في كنزه والطبري في ذخائره والقندوزي في ينابيعه، وغيرهم(1) .
____________
1 ـ جامع البيان: 12 / 6 ـ 8، الدر المنثور: 6 / 603 ـ 607، مسند أحمد: 1 / 330 ـ 331 و4 / 107 و6 / 298 و 323، تفسير القرآن العظيم: 3 / 492 ـ 493، جواهر العقدين / 193 ـ 195، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 365، المستدرك: 2 / 416 و3 / 132 ـ 133 و 147، المعجم الكبير: 3 / 55 و 56 ح: 2669 و 2670، المعجم الاوسط: 2 / 491 ح: 1847، المعجم الصغير: 1 / 135، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 577 ـ 578 و 632 و 672 ـ 673 و 682 ـ 685 ح: 978 و 1077 و 1149 و 1168، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح: 32094، المطالب العالية: 4 / 75 ح: 4005، ذخائر العقبى / 55 ـ 63، تاريخ دمشق: 42 / 97 ـ 98 و 368، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 112 ـ 113 ح: 8409، شواهد التنزيل: 2 / 10 ـ 92 ح: 637 ـ 477 وفي طبع: 2 / 60 ـ 139، ينابيع المودة / 41 و 106 ـ 107 و 193 ـ 194 و 228 ـ 229 و 260 المناقب للخوارزمي / 61 و 63 ح: 30 و 32، المتفق والمفترق للخطيب: 3 / 1711 ح: 1238، سير أعلام النبلاء / 230، الفصول المهمة: 23، مجمع الزوائد: 9 / 166 ـ 167، كنز العمال: 13 / 644 ـ 646 ح: 37628 ـ 37633، المناقب لابن المغازلي / 301 ـ 306 ح: 345 ـ 351، كفاية الطالب / 332 ـ 336، تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم: 9 / 3131 ـ 3132 ح: 17673 ـ 17678.
قال الله تبارك وتعالى: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيْهِ مِنْ بَعْدِ مَاجَاءَكَ مِنَ الْعِلمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَاْ وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )(1) .
____________
1 ـ سورة آل عمران: 61.
وأخرجه جماعة آخرون غير من ذكرهم السيوطي، وقد تقدّم الحديث، وهو الحديث الذي رواه عامر بن سعد عن أبيه أنّه روى ذلك حين أمره معاوية بسبّ عليّ (عليه السلام).
ونقل السيوطي في ذلك عن الحاكم وابن مردويه وأبي نعيم من حديث جابر، وعن أبي نعيم من حديث ابن عباس، وعن ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم عن الشعبي، وعن ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري، وذكره الزمخشري وابن كثير في تفسيريهما(1) .
قال الله تعالى: ( قُلْ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ
____________
1 ـ صحيح مسلم: 15 / 184 ح: 32 من باب: 4 من كتاب فضائل الصحابة م: 2404، مسند أحمد: 1 / 185، شواهد التنزيل: 1 / 124 ح: 172، الدر المنثور: 2 / 230 ـ 233 حول آية: 61 من آل عمران، تفسير القرآن العظيم: 1 / 378 ـ 379 حول الاية المذكور و3 / 494، الكشاف: 1 / 368، المستدرك: 3 / 147 و 150 وصححه وأقره الذهبي، جامع البيان: 12 / 8، البحر الزخار للبزار: 324 ح: 1120، السنن الكبرى للبيهقي: 7 / 63، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 107 ـ 108 ح: 3649، كنز العمال: 13 / 163 ح: 36496، جامع المسانيد والسنن: 19 / 32، المناقب لابن المغازلي / 263 ح: 310، ذخائر العقبى / 61، البحر المحيط: 3 / 188، كفاية الطالب / 49 و 123، وعن الحسن بن عرفة في جزئه / 69 ـ 70 (49)، والدروقي في مسند سعد: 1 / 119 / 2.
قال ابن حجر: أخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عبّاس أنَّ هذه الاية لمّا نزلت، قالوا: يا رسول الله ! من قرابتك هؤلاء الّذين وجبتْ علينا مودتهم ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «عليّ وفاطمة وابناهما».
وأخرجه ابن المنذر وابن مردويه، كما قال السيوطي في التفسير والاحياء، و أخرجه الحسكاني(2) .
فهذه الاحاديث ظاهرة في أنّ أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) منحصر في هؤلاء الخمسة في ذلك الوقت، فلو كان أزواجه من أهل بيته لتفوّه به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو مرّة، وقد لاحظت في النصوص السابقة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فصل أزواجَه من أهل بيته.
____________
1 ـ سورة الشورى: 23.
2 ـ الصواعق المحرقة المقصد الاول من باب: 11 / 170، الدر المنثور: 7 / 348 حول آية: 23 من الشورى، إحياء الميت / 8، شواهد التنزيل: 2 / 134، المعجم الكبير: 11 / 351 ح: 12259، الكشاف للزمخشري والكافي الشاف للعسقلاني: 4 / 219 ـ 220، فضائل الصحابة: 2 / 669 ح: 1141، مجمع الزوائد: 9 / 168، ذخائر العقبى / 62 ـ 63، المناقب لابن المغازلي / 307 ـ 309 ح: 352.