الصفحة 49

قال: قلت: يا رسول الله (1) تبعثني (2) إلى قوم يكون بينهمأحداث ولا علم لي بالقضاء.

قال: إن الله سيهدي قلبك (3) ويثبت لسانك (4).

فما شككت في قضاء بين اثنين بعده.

____________

1 - من م، ش ود.

2 - ج و أ: بعثتني.

3 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: لسانك.

4 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: قلبك.


الصفحة 50

الرابع:

روى سلمان الفارسي (1) قال: قال رسول - صلى اللهعليه وآله -: أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب.

____________

1 - مناقب الخوارزمي 40.


الصفحة 51

الخامس:

روى أخطب خوارزم (1) عن عبد الله مسعود (2)قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: قسمت الحكمة على عشرةأجزاء فاعطي علي [ بن أبي طالب منها ] (3) تسعة والناس جزءا واحدا.

السادس:

روى الترمذي في صحيحه (4) أن رسول الله -صلى الله عليه وآله - قال: أنا مدينة العلم (5) وعلي بابها.

وذكر البغوي في الصحاح (6) أن النبي - صلى الله عليه وآله -قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

وعن ابن عباس (7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:

أنا مدينة العلم (8) وعلي بابها. فمن أراد العلم (9) فليأت الباب.

وروى الخوارزمي (10) عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله -: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها. فمن أراد الحكمة فليأتالباب.

____________

1 - نفس المصدر والمواضع.

2 - هذا في النسخ زيادة وهي: بإسناده.

3 - من المصدر.

4 - سنن الترمذي ج 5 باب 87، ص 301 ج 3807.

5 - المصدر: (دار الحكمة) بدل (مدينة العلم).

6 - لم نعثر على الصحاح للبغوي. ولكن يوجد في صحيح الترمذي 2 / 299 + حلية الأولياء 1 / 64 +تاريخ بغداد 11 / 204، عن مجاهد ز عن ابن عباس.

7 - راجع: تاريخ بغداد 4 / 348 و 7 / 172 + أسد الغابة 4 / 22 + تهذيب التهذيب 6 / 320 و7 / 427 + الصواعق المحرقة / 73.

8 و 9 - أ: الحكمة.

10 - بل ابن مغازلي في مناقبه / 86 / ج 128. وما في مناقب الخوارزمي، ص 40: أنا مدينة العلموعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.


الصفحة 52

السابع:

روى البغوي في الصحاح (1) عن أبي الحمراء قال: قالرسول الله - صلى الله عليه وآله -: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلىنوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران فيبطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

____________

1 - لم نعثر على نسخة منه. ولكن يوجد في ميزان الاعتدال 4 / 99، مناقب ابن مغازلي / 212 وذخائرالعقبى / 93.


الصفحة 53
وروى البيهقي (1) بإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله -قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم فيحلمه (2) وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر علي بنأبي طالب.

____________

1 - في فضائل الصحابة للبيهقي، كما أشار إليه في إحقاق الحق 4 / 394، ج 3.

2 - ج و أ: خلته.


الصفحة 54
ومن كتاب المناقب (1): عن [ الحارث الأعور صاحب راية عليبن أبي طالب ] قال: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وآله - كان في جمعمن أصحابه فقال: أريكم آدم في علمه ونوحا في فهمه وإبراهيم فيحكمته (2). فلم يكن بأسرع من أن طلع علي بن أبي طالب - عليهالسلام -.

____________

1 - مناقب الخوارزمي 45.

2 - هكذا في المصدر. وفي النسخ: خلته.


الصفحة 55
فقال أبو بكر: يا رسول الله أقست رجلا بثلاثة من الرسل (1)؟!

بخ بخ لهذا الرجل من هو يا رسول الله؟

قال النبي - صلى الله عليه وآله -: ألا تعرفه يا أبا بكر؟

قال: الله ورسوله أعلم.

قال النبي (2): هو (3) أبو الحسن علي بن أبي طالب.

فقال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن وأين مثلك (4).

ومنه (5): عن علي - عليه السلام -: قال: والله ما نزلت آيةإلا وقد علمت فيم أنزلت (6) وأين أنزلت (7). وإن ربي وهب لي قلبا عقولاولسانا سؤولا.

ومنه (8): عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: والله ما رأيت قرشياأقرأ لكتاب الله - عز وجل - من علي.

ومنه (9): عن أبي البختري قال: رأيت عليا - عليه السلام -صعد المنبر بالكوفة وعليه مدرعة لرسول الله - صلى الله عليه وآله - متقلدا (10) بسيف رسول الله - صلى الله عليه وآله - متعممابعمامة رسول الله - صلى الله عليه وآله - وفي إصبعه خاتم رسول الله

____________

1 - ج، ش و أ: الأنبياء.

2 - من م.

3 - من المصدر.

4 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: وأين مثلك يا أبا الحسن.

5 - نفس المصدر / 46. وفيه في نفس الصفحة حديث آخر مثله.

6 و 7 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: نزلت.

8 - لم نعثر عليه في مناقب الخوارزمي. ولكن يوجد في الاستيعاب 2 / 334.

9 - مناقب الخوارزمي / 47.

10 - م: مقلدا.


الصفحة 56
- صلى الله عليه وآله - فقعد (1) على المنبر وكشف عن بطنه فقال: سلوني قبل أن تفقدوني فإنما بين الجوانح مني علم جم هذاسفط العلم هذا لعاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - هذا ما زقنيرسول الله - صلى الله عليه وآله - زقا من غير وحي أوحي إلي. فوالله لوثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت لأهل التوراة بتوراتهم ولأهلالإنجيل بإنجيلهم [ ولأهل الزبور بزبورهم ] (2) حتى ينطق الله التوراةوالإنجيل [ والزبور ] (3) فيقول: صدق علي قد أفتاكم بما أنزل الله فيوأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.

وقال يوما (4). اسألوني من قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماءفإني أعرف بها من طرق الأرض.

____________

1 - ج، ش و أ: فصعد.

2 و 3 - من ش ود.

4 - نهج البلاغة، ط 189. وفيه: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني. فلانا بطرق السماء أعلم منيبطرق الأرض.


الصفحة 57
ومن مسند أحمد بن حنبل (1) أن النبي - صلى الله عليه وآله -قال لفاطمة: أوما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علماوأعظمهم حلما.

وروى عن ابن عباس (2) قال: لقد أعطي علي بن أبي طالبتسعة أعشار العلم. وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر.

وعن عائشة (3) قالت: علي - عليه السلام - أعلم الناسبالسنة.

ومن مناقب أبي المؤيد (4): عن ابن عباس قال: خطبنا عمر فقال:

علي أقضانا.

الثامن:

أن مبادئ العلوم (5) مستنده (6) إليه وهو الذي مهد قواعد

____________

1 - مسند أحمد بن حنبل 5 / 26.

2 - الإستيعاب 3 / 1104، مع اختلاف قليل + كفاية الطالب / 197.

3 - الإستيعاب 3 / 1104، ضمن حديث.

4 - مناقب الخوارزمي / 47.

5 - د و أ: العلم.

6 - ج: مسندة.


الصفحة 58
الدين وبين أحكام الشريعة وقرر مطالب العلوم العقلية والنقلية (1).

أما الفقه (2): فالفقهاء كلهم يرجعون إليه فيه (3).

وأما الإمامية فانتسابهم إليه معلوم ومنه أخذوا علومهم.

وأحكامهم كلها مستندة إليه وإلى أولاده المعصومين - عليهم السلام -.

وأما الحنفية: فإن أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وزفرفإنهم أخذوا عن أبي حنيفة وهو تلميذ الصادق - عليه السلام - والصادقتلميذ الباقر والباقر تلميذ زين العابدين وزين العابدين قرأ علي الحسينوالحسين - عليه وعليهم السلام - قرأ على أبيه أمير المؤمنين - عليهالسلام -.

وأما الشافعية: فأخذوا عن الشافعي وهو قرأ على محمد بن الحسنتلميذ أبي حنيفة وعلى مالك فرجع فقهه إليهما.

وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي فرجع فقهه إليه.

وأما مالك فقرأ على ربيعة الرأي وقرأ ربيعة على عكرمة وقرأعكرمة على عبد الله بن عباس وعبد الله بن عباس تلميذ علي - عليهالسلام - (4).

وأما الخوارج: فأكابرهم ورؤساؤهم تلامذة له.

وأما النحو: فهو واضعة. قال لأبي الأسود الدؤلي: الكلام كلهثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف. وبين له وجوه الإعراب.

وأما علم التفسير فإنه مستند إليه لأن ابن عباس كان تلميذ علي

____________

1 - بحث المعتزلي في شرحه على النهج عن هذا الوجه. أنظر نفس المصدر 1 / 17 - 20.

2 - م، ش ود: العقيلة.

3 - م: فيها.

4 - أ: الكتاب.


الصفحة 59
- عليه السلام - فيه. وقال: حدثني أمير المؤمنين - عليه السلام - فيتفسير (الباء) من (بسم الله الرحمن الرحيم) من أول الليل إلى آخره.

وأما علم الكلام: فهو الذي قرر قواعده وأوضح براهينه ومنخطبه استفاد الناس كافة ومرجعهم كلهم إليه فإن القيم بعلمالكلام أربعة: المعتزلة والأشاعرة والشيعة والخوارج.

أما الشيعة: فانتسابهم إليه معلوم.

وأما الخوارج: فإن فضلاءهم رجعوا إليه وأخذوا العلم عنه.

وأما المعتزلة: فإنهم انتسبوا إلى واصل بن عطاء وهو كبيرهموكان تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذأبيه وأبوه تلميذ والده علي بن أبي طالب.

وأما الأشاعرة: فإنهم تلامذة أبي الحسن علي (1) بن أبي بشر (2)الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي وهو من مشائخ المعتزلة.

وأما علم الطريقة: فإن جميع الصوفية يسندون الخرقة (3) إليه

____________

1 - ليس في ج و أ.

2 - ش: أبي بشير.

3 - م: لحوقه.


الصفحة 60
وأصحاب الفتوة يرجعون إليه لأن جبريل - عليه السلام - نزل يومأحد (1) من السماء وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (2).

وخرج رسول الله - صلى الله عليه وآله - يوما فرحا مسرورا وقال:

أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى.

أما إنه الفتى فلأنه سيد العرب. وأما ابن الفتى فلأنه ابنإبراهيم خليل الرحمن الذي نزل في حقه (فتى يذكرهم يقال لهإبراهيم) (3) وأما أنه أخو الفتى فلأنه أخو علي - عليه السلام - الذيقال جبريل عنه أنه: إنه لا فتى إلا علي.

وأما علم الفصاحة: فهو منبعه وأصله قد بلغ فيه الغاية وتجاوز النهاية حتى قيلفي كلامه بأنه: فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.

وكل الخطباء تعلموا منه. (4).

التاسع:

إن جميع الصحابة كانوا يرجعون إليه في الأحكام (5)

____________

1 - ج و أ: بدر.

2 - مناقب ابن الغزالي / 197 + ميزان الاعتدال 2 / 317 + كفاية الطالب / 277 + ذخائرالعقبى / 74. وفي بعض المصادر (يوم بدر) بدل: (يوم أحد).

3 - الأنبياء / 60.

4 - أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 24.

5 - م و ش: الكلام.


الصفحة 61
ويتعلمون الفتاوى منه ويلتجئون إليه في حل المشكلات (1). وردعلي (2) عمر في قضايا كثيرة فإنه أمر برجم امرأة حامل

____________

1 - م: الكلام.

2 - من م و ش.


الصفحة 62
كانت قد زنت فنهاه علي - عليه السلام - وقال له: إن كان لك عليهاسبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل أمهلها إلى أن تضع وترضع. فامتثلعمر وقال: لولا علي لهلك عمر (1).

وأتي عمر بامرأة كانت قد وضعت لستة أشهر فأمر برجمها فنهاهعلي - صلى الله عليه وآله - عن ذلك فسأله السبب.

فقال علي - عليه السلام -: الله - تعالى - يقول: (وحملهوفصاله ثلاثون شهرا).

ثم قال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين.) فبقيمدة الحمل ستة أشهر.

فخلى عمر عنها وقال: لولا علي لهلك عمر (2).

وأتي عمر بامرأة مجنونة حبلى قد زنت فأمر برجمها.

فقال له علي - عليه السلام - أما سمعت ما قال رسول الله- صلى الله عليه وآله -؟ قال: وما قال؟

قال: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - رفع القلم عنثلاثة عن المجنون حتى يبرأ وعن الغلام حتى يدرك وعن النائم حتىيستيقظ.

قال: فخلى (3) عنها [ وقال لولا على لهلك عمر](4).

وخطب عمر يوما فقال: من غالى في مهر ابنته فقد جعلته في بيتالمال فقامت امرأة إليه وقالت: كيف تمنعنا ما منحنا الله - تعالى -

____________

1 - ذخائر العقبى / 18.

2 - مناقب الخوارزمي / 57.

3 - نفس المصدر / 48.

4 - من ش.

5 - هكذا في م. وباقي النسخ: فقامت إليه امرأة.


الصفحة 63
به في كتابه في قوله تعالى (1): (وآتيتم إحديهن قنطارا فلا تأخذوا منهشيئا)؟

فقال: كل الناس (2) أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت (3).

وأتى عمر - أيضا - بامرأة نسب إليها الزنا فأمر برجمها فلقيهاعلي - عليه السلام - فقال:

ما بال هذه؟ فقالوا: أمر بها أن ترجم.

فردها علي - عليه السلام - فقال له: أمرت برجمها؟

فقال: نعم لأنها اعترفت عندي بالفجور.

فقال: فلعلك انتهرتها (4) أو أخفتها [ أو تهددتها؟ ] (5)

فقال قد كان ذاك.

فقال: أو ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول: (لا حد على معترف بعد بلاء)؟ إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلاإقرار له. فخلى عمر سبيلها ثم قال: عجزت النساء أن تلد مثل علي بنأبي طالب لولا علي لهلك عمر (6).

ومن مناقب أبي المؤيد (7): إن عمر خطب الناس فقال: لو

____________

1 - النساء / 20.

2 - ليس في د و ج.

3 - شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 1 / 61 + التفسير الكبير 10 / 13 + الدر المنثور 2 / 133.

4 - ش: أشهرتها.

أ: أقهرتها.

5 - من ش.

6 - مناقب الخوارزمي / 38.

7 - نفس المصدر / 52.


الصفحة 64
صرفناكم عما تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم صانعين؟ فسكتوا. قال (1)ذلك ثلاثا.

فقال له (2) علي - عليه السلام -: إذا كنا نستتيبك فإن تبتقبلناك.

قال فإن لم أتب؟

قال: إذا نضرب الذي فيه عيناك.

فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا اعوججنا أقامأودنا.

وقال سعيد المسيب: سمعت عمر يقول: اللهم لا تبقنيلمعضلة ليس لها علي بن أبي طالب حيا (3).

وعن جابر قال: قال عمر: كانت لأصحاب محمد - صلى الله عليهوآله - ثمان عشرة سابقة فخص علي منها بثلاث عشرة (4) وشركنا فيالخمس (5).

وقال [ ابن عباس ] (6): العلم سته أسداس لعلي [ بن أبيطالب ] (7) من ذلك خمسة أسداس وللناس سدس (8) ولقد شاركنا (9) في

____________

1 - المصدر: قال محمد فسكتوا فقال. (ومحمد هذا وهو راوي الحديث).

2 - المصدر: (فقام) بدل: (فقال له).

3 - مناقب الخوارزمي / 51.

4 - ش: بثلاث عشر سابقة.

5 - مناقب الخوارزمي / 52، ومثله أيضا في ص 238.

6 - من المصدر، ش و م.

7 - من المصدر.

8 - المصدر: سدس واحد.

9 - المصدر: شركنا.


الصفحة 65
السدس حتى لهو أعلم به منا (1) والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.

العاشر:

إنه اشتغل بجمع القرآن بعد موت النبي - صلى اللهعليه وآله - قبل كل أحد. روى أبو المؤيد (2) بإسناده إلى علي - عليه السلام - قال: لماقبض رسول الله - صلى الله عليه وآله - أقسمت (3) لا أضع ردائي عن (4)ظهري أجمع ما بين اللوحين فما وضعت ردائي عن (5) ظهري حتىجمعت القرآن (6). وعلم الناس تفسيره وكان أخصهم به في ذلك ابن عباس.

الحادي عشر:

قضاياه العجيبة الدالة على كمال علمهوغزارة فضله. منها: أنه جاءه شخصان كانا سائرين في طريق مع أحدهماخمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة فجلسا يأكلان فقدم عليهما ثالث فأكلمعهما فلما فرغوا رمى لهما ثمانية دراهم عوضا عن أكله فطلب صاحبالأكثر خمسة فامتنع عليه صاحب الأقل فترافعا إلى علي - عليهالسلام -. فقال لصاحب الأقل: قد أنصفك.

فقال له: ما آخذ إلا حقي وهو أكثر من ثلاثة وأنا أريد مرالحق.

فقال له علي - عليه السلام -: إذا كان كذلك فلك درهمواحد كل واحد منكم قد أكل رغيفين وثلثي رغيف فبقي لك من

____________

1 - مناقب الخوارزمي / 48. ويوجد حديث آخر مشابه له في نفس الصفحة، أيضا.

2 - مناقب الخوارزمي / 49.

3 - هنا زيادة في المصدر. وهي: أو حلفت أن.

4 و 5 - المصدر: (على). وذكر في الهامش بأن في نسخة بدل (عن).

6 - إلى هنا يوجد في المصدر.


الصفحة 66
خبزك ثلث رغيف أكله الثالث وأكل من خبز صاحبك رغيفين وثلثرغيف فلكل ثلث درهم (1).

ومنها: أن امرأة ركبت أخرى فجاءت ثالثة فنخستالمركوبة فوقعت (2) الراكبة فماتت. فقضى بثلثي ديتها على الناخسةوالمركوبة لأن التلف وقع منهما وأسقط الثلث لركوبها عبثا. فصوبهالنبي - صلى الله عليه وآله - (3).

ومنها: أنه كانت جارية بين اثنين وطئاها في طهر واحدفحملت. فأشكل الحال فترافعا إليه فحكم - عليه السلام - بالقرعة.

فصوبه رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقال: الحمد لله الذي جعل فيناأهل البيت من يقضي على سنن داود - عليه السلام - يعني به: القضاءبالإلهام (4).

ومنها: أن بقرة قتلت حمارا فترافع المالكان إلى أبي بكر.

فقال: بهيمة قتلت بهيمة لا شئ على ربها (5).

ثم مضيا إلى عمر فقضى بما قضى صاحبه (6).

ثم مضيا إلى علي - عليه السلام - فقال: إن كانت البقرةدخلت الحمار في منامه فعلى ربها قيمه الحمار لصاحبه. وإن كان

____________

1 - الإستيعاب 2 / 462.

2 - م: فقست.

3 - أخرجه في (قضاء أمير المؤمنين) للتستري / 33، عن الإرشاد المفيد - رحمه الله - والتهذيبوالفقيه، وفي (إحقاق الحق) 8 / 86، عن السنن الكبرى وغيرها.

4 - مسند أحمد بن حنبل 4 / 373، إحقاق الحق 8 / 49 وقضاء أمير المؤمنين للتستري / 165. وفيهم:

جارية بين ثلاثة بدل اثنين. فراجع.

5 - ش ود: ربهما.

6 - هكذا في ش ود. وفي سائر النسخ: (فقضى أيضا) بدل: (فقضى بما قضى صاحبه).


الصفحة 67
الحمار دخل على البقرة في منامها فقتلته فلا غرم على صاحبها.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله - لقد قضى علي بن أبيطالب (1) بينكما بقضاء الله - عز وجل (2) -.

ومنها: أن امرأتين جاءتا إليه ومعهما طفل ادعته كل منهما.

فوعظهما فلم ترجعا.

فقال: يا قنبر ائتني بالسيف. فقالتا له: ما تصنع به؟ فقال:

أشقه نصفين وأعطي كل واحدة منكما نصفه.

فرضيت إحديهما وصاحت الأخرى وقالت: يا أمير المؤمنين إنكنت لا بد فاعلا فاعطها إياه. فعرف (3) أنه ولدها ولا شئ للراضيةفسلمه إليها فرجعت مدعية الباطل إلى الحق (4).

ومنها: أنه وقعت دار على قوم وخرج منها صبيان ادعى كل واحد

____________

1 - ش ود (خ. ل): بينهما.

2 - ينابيع المودة / 76، إنه لخص صدر الحديث.

3 - هنا في ش زيادة وهي: أنها أمة و.

4 - أخرجه في (قضاء أمير المؤمنين) / 13، عن الإرشاد.


الصفحة 68
منهما أنه مالك الآخر. فأمر بإخراج رأسيهما من روزنة ثم قال يا قنبر[ جرد السيف وأشار إليه لا تفعل إلا ما آمرك.

ثم قال: يا قنبر ] (1) اضرب رقبة العبد. فهرب أحدهما وبقي الآخرورجع الهارب إلى الحق واعترف بأنه العبد.

ومنها: أن رجلا رفع إلى أبي بكر وقد شرب الخمر فأراد أن يقيمعليه الحد.

فقال له: إنني شربتها ولا علم لي بتحريمها لأني نشأت بين قوميستحلونها.

فارتج أبي بكر الأمر (2) بالحكم (3) عليه ولم يعلم وجه القضاءفيه فاستخبر عليا - عليه السلام - عن الحكم في ذلك.

فقال: ابعث ثقتين من رجال المسلمين يطوفان على مجالسالمهاجرين والأنصار ويناشدانهم (4): هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريممن رجلين ثقتين من المسلمين أو أخبراه بذلك عن رسول الله - صلى اللهعليه وآله -؟ فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه. وإن لم يشهدأحد (5) بذلك فاستتبه وخل سبيله.

ففعل ذلك أبو بكر فلم يشهد عليه أحد من المهاجرين والأنصارأنه تلا آية التحريم عليه ولا أخبره عن رسول الله - صلى الله عليه وآله -فاستتابه وخلى سبيله.

____________

1 - من أ.

2 - ليس في ج و أ.

3 - أ، ج ود: الحكم.

4 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: يناشدونهم.

5 - ش ود: أحد من المهاجرين والأنصار.


الصفحة 69
ومنها: أن أبا بكر سئل (1) عن قوله - تعالى -: (وفاكهةوأبا) (2) ما معنى الأب؟

فقال: أي سماء تظلني أم أي أرض تقلني إن قلت في كتاب اللهبما لا أعلم. أما الفاكهة فنعرفها وأما الأب فالله أعلم به.

فبلغ أمير المؤمنين - عليه السلام - مقالته (3) فقال - عليهالسلام يا سبحان الله! أما علم أن الأب: هو الكلأ والمرعى؟ وأن الله- تعالى - ذكر ذلك (4) تعريفا لعباده ما أنعم به عليهم وعلى أنعامهم ممايحيي به أنفسهم وتقوم به أجسادهم (5). ومنها: أن أبا بكر سئل عن الكلالة.

فقال: أقول فيها برأيي. فإن أصبت فمن الله. وإن أخطأت فمنيومن الشيطان.

فبلغ أمير المؤمنين - عليه السلام - ذلك فقال: ما أغناه عنالرأي في هذا المكان. أما علم أن الكلالة: هم الإخوة والأخوات من قبلالأم والأب ومن قبل الأب على انفراده ومن قبل الأم - أيضا - علىانفرادها (6)

____________

1 - أخرجه في (قضاء أمير المؤمنين) / 47، عن الكافي.

2 - عبس / 31.

3 - ج: مقالة.

4 - ج: ذكره.

5 - أخرجه في (قضاء أمير المؤمنين) / 115، عن إرشاد المفيد / 107.

6 - أخرجه في (قضاء أمير المؤمنين) / 115، عن إرشاد المفيد.


الصفحة 70
ومنها: أن رجلا من أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر فقال لهأنت خليفة نبي هذه الأمة؟

قال: نعم.

قال: إنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهمفأخبرني (1) عن الله أين هو أفي السماء أم في الأرض؟

فقال أبو بكر: هو في السماء على العرش. فقال: اليهودي فأرىالأرض خالية منه وأراه على هذا القول في مكان دون مكان.

فقال له أبو بكر: هذا كلام الزنادقة اغرب عني وإلا قتلتك.

فولى الحبر متعجبا يستهزئ بالإسلام فاستقبله أمير المؤمنين- عليه السلام - فقال: يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وما أجبت بهوإنا نقول: إن الله - جل جلاله - أين الأين فلا أين له وجل عن أنيحويه (2) مكان وهو في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة يحيط علما بمافيها ولا يخلو شئ منها تدبيره - تعالى - وإني مخبرك (3) بما جاء في

____________

1 - ج، م و أ: فخبرني.

2 - أ: يخلو منه.

3 - د و ش (خ. ل): أخبرك.


الصفحة 71
كتاب (1) من كتبكم يصدق (2) ما ذكرته لك فإن عرفته أتؤمن به؟

قال اليهودي: نعم.

قال - عليه السلام - تجدون (3) في بعض (4) كتبكم أن موسى بنعمران - عليه السلام - كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرقفقال له موسى - عليه السلام - من أين أقبلت؟ فقال من عند الله- عز وجل - ثم جاءه ملك من المغرب فقال له: من أين جئت؟ فقال:

من عند الله - عز وجل -. ثم جاءه ملك آخر (5) [ فقال له: من أينجئت؟ ] (6) [ فقال: قد جئتك من السماء السابعة (7) من عند الله- تعالى - ثم جاءه ملك آخر ] (8) فقال: قد جئتك من الأرض السفلى (9) السابعةمن عند الله - عز وجل -. فقال موسى: سبحان من (10) لا يخلو منهمكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان.

فقال اليهودي: أشهد أن هذا هو الحق وأنك أحق بمقام (11) نبيكممن استولى عليه (12).

____________

1 - ش: كتاب الله.

2 - تصديق.

3 - ج و أ: ألستم تجدون.

4 - ليس في ج و أ.

5 - ليس في ج.

6 - من م.

7 - ش: الرابعة.

8 - ليس في م.

9 - ليس في أ.

10 - ش و أ: الله.

11 - م: بمكان.

12 - الإرشاد المفيد / 108.


الصفحة 72
ومنها: أن قدامة بن مظعون شرب الخمر فأراد عمر أن يحده.

فقال له قدامة: لا يجب على الحد لقوله - تعالى -: (ليس علىالذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملواالصالحات (1)) ] (2).

فدرأ عمر عنه الحد. فبلغ ذلك أمير المؤمنين - عليه السلام -فمشى إلى عمر وأنكر عليه في ترك إقامة الحد فاعتذر بالآية.

فقال أمير المؤمنين - عليه السلام - ليس قدامة من أهل هذهالآية. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما. فاردده واستتبهمما قال. فإن تاب فأقم عليه الحد. وإن لم يتب فاقتله فقد خرج عنالإسلام (3).

فاستيقظ عمر ولم يدر كم يحده. فقال لأمير المؤمنين - عليهالسلام -: عرفني الحد؟

فقال: حده ثمانين. إن شارب الخمر إذا شربها سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى.

فحده عمر ثمانين (4).

ومنها: أن عمر استدعى امرأة كانت تتحدث الرجال عندها. فلماجاءها رسوله (5) فزعت وخافت (6) فأسقطت (7) فوقع ولدها إلى الأرض

____________

1 - المائدة / 93.

2 - ليس في م.

3 - ج و أ: الملة.

4 - الإرشاد المفيد / 109.

5 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: رسله.

6 - هنا زيادة في ج و أ. وهي: وخرجت معهم.

7 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: فأملصت.


الصفحة 73
مستهلا ثم مات. فجمع (1) الصحابة وسألهم عن الحكم.

فقالوا له: نراك مؤدبا ولا شئ عليك.

فقال لأمير المؤمنين - عليه السلام - ما عندك يا أبا الحسن؟

فقال - عليه السلام - إن كان القوم قاربوك (2) فقد غشوك وإن كانوا ارتأوا فقد قصروا. والدية على عاقلتك لأن قتلالصبي خطأ تعلق بك.

فقال: أنت والله نصحتني من بينهم والله لا أبرح (3) حتى تجزئ الدية على بني عدي.

ففعل أمير المؤمنين - عليه السلام - (5).

ومنها: أن امرأة نكحها شيخ كبير (6) فزعم الشيخ أنه لم يصل إليهاوأنكر حملها في خلافة عثمان. فاشتبه الحكم وسأل المرأة هل افتضكالشيخ وكانت بكرا؟ فقالت: لا.

فأمر عثمان بإقامة الحد عليها. فأنكر أمير المؤمنين - عليه السلام -ذلك وقال: لعل الشيخ كان ينال منها ويسيل الماء في قبلها من غير افتضاض فسأل الشيخ.

فقال كنت (7) أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض.

____________

1 - هكذا في م. وفي سائر النسخ: فجمع عمر.

2 - م: راغبوك.

3 - ج و أ: لا تبرح.

4 - م: تجدي.

5 - الإرشاد المفيد / 110.

6 - لبس في ج و أ.

7 - ج و أ: كيف.