الصفحة 45
بالضرورة، فقالوا: إن الوجود علة في كون الشئ مرئيا (1)، فجوزوا رؤية كل موجود سواء كان في حيز أو لا، وسواء كان مقابلا أو لا، فجوزوا إدراك الكيفيات النفسانية، كالعلم، والإرادة، والقدرة، والشهوة، واللذة، وغير النفسانية مما لا يناله البصر كالروايح والطعوم، والأصوات، والحرارة، والبرودة، وغيرهما من الكيفيات الملموسة.

ولا شك في أن هذا مكابرة للضروريات، فإن كل عاقل يحكم بأن الطعم إنما يدرك بالذوق لا بالبصر، والروايح إنما تدرك بالشم لا بالبصر، والحرارة وغيرها من الكيفيات الملموسة إنما تدرك باللمس لا بالبصر، والصوت إنما يدرك بالسمع لا بالبصر، ولهذا فإن فاقد البصر يدرك هذه الأعراض.. ولو كانت مدركة بالبصر لاختل الادراك باختلاله، وبالجملة فالعلم بهذا الحكم لا يقبل التشكيك، وإن من شكك فيه فهو سوفسطائي.

ومن أعجب الأشياء تجويزهم عدم رؤية الجبل الشاهق في الهواء، مع عدم الحايل السابق، وثبوت رؤية هذه الأعراض التي لا تشاهد ولا تدرك بالبصر، وهل هذا إلا عدم تعقل من قائله؟.

هل يحصل الادراك لمعنى في المدرك

البحث السادس: في أن الادراك ليس لمعنى.

والأشاعرة خالفت العقلاء في ذلك، وذهبوا مذهبا غريبا عجيبا، لزمهم بواسطته إنكار الضروريات. فإن العقلاء بأسرهم قالوا: " إن صفة الادراك تصدر عن كون الواحد منا حيا لا آفة به ".

والأشاعرة قالوا: إن الادراك إنما يحصل لمعنى حصل في المدرك، فإن حصل ذلك المعنى للمدرك حصل الادراك، وإن فقدت جميع الشرائط،

____________

(1) شرح العقائد، وحاشية الكستلي - ص 103، وترغيب العباد إلى طريق الرشاد - ص 43.


الصفحة 46
وإن لم يحصل، لم يحصل الادراك، وإن وجدت جميع الشرائط (1) وجاز عندهم بسبب ذلك إدراك المعدومات، لأن من شأن الادراك أن يتعلق بالمرئي على ما هو عليه في نفسه، وذلك يحصل في عدمه، كما يحصل حال وجوده، فإن الواحد منا يدرك جميع الموجودات، بإدراك يجزي مجرى العلم في عموم التعلق (2)، وحينئذ يلزم تعلق الادراك بالمعدوم، وبأن الشئ سيوجد، وبأن الشئ قد كان موجودا، وأن يدرك ذلك بجميع الحواس. من: الذوق، والشم، واللمس، والسمع، لأنه لا فرق بين رؤية الطعوم والروايح، وبين رؤية المعدوم. وكما أن العلم باستحالة المعدوم ضروري، كذا العلم باستحالة رؤية الطعوم والروايح.

وأيضا: يلزم أن يكون الواحد منا رائيا مع الساتر العظيم البقة، ولا يرى الفيل العظيم، ولا الجبل الشاهق، مع عدم ساتر، على تقدير أن يكون المعنى قد وجد في الأول، وانتفى في الثاني، وكان يصح منا أن نرى ذلك المعنى لأنه موجود.

وعندهم أن كل موجود يصح رؤيته ويتسلسل، لأن رؤية الشئ إنما تكون بمعنى آخر. وأي عاقل يرضى لنفسه تقليد من يذهب إلى جواز رؤية الطعم، والرايحة، والحرارة، والبرودة، والصوت بالعين، وجواز لمس العلم والقدرة، والطعم، والرايحة، والصوت باليد، وذوقها باللسان، وشمها بالأنف، وسماعها بالأذن، وهل هذا إلا مجرد سفسطة، وإنكار المحسوسات، ولم يبالغ السوفسطائية في مقالاتهم هذه المبالغة!.

أنه تعالى لا يرى

البحث السابع: في أنه تعالى يستحيل رؤيته.

____________

(1) شرح العقائد، وحاشية الكستلي - ص 108، والتفسير الكبير - ج 13 ص 130، وتفسير النسفي هامش تفسير الخازن ج 2 ص 43.

(2) في نسخة: التعليق.


الصفحة 47
وخالفت الأشاعرة كافة العقلاء في هذه المسألة، حيث حكموا بأن الله تعالى يرى للبشر. أما الفلاسفة، والمعتزلة، والإمامية، فإنكارهم لرؤيته ظاهر لا يشك فيه. وأما المشبهة، والمجسمة، فإنهم إنما جوزوا رؤيته تعالى، لأنه عندهم جسم، وهو مقابل للرائي، فلهذا خالفت الأشاعرة باقي العقلاء، وخالفوا الضرورة أيضا (1)، فإن الضرورة قاضية بأن ما ليس يجسم، ولا حال في الجسم، ولا في جهة، ولا مكان، ولا حيز، ولا يكون مقابلا، ولا في حكم المقابل، فإنه لا يمكن رؤيته، ومن كابر في ذلك فقد أنكر الحكم الضروري، وكان في ارتكاب هذه المقابلة سوفسطائيا.

وخالفوا أيضا آيات الكتاب العزيز الدالة على امتناع رؤيته تعالى، قال عز من قائل: " لا تدركه الأبصار " (2) تمدح بذلك، لأنه ذكره بين مدحين، فيكون مدحا، لقبح إدخال ما لا يتعلق بالمدح بين مدحين، فإنه لا يحسن أن يقال: فلان عالم فاضل، يأكل الخبز. زاهد ورع، وإذا مدح بنفي الأبصار له، كان ثبوته له نقصا، والنقص عليه تعالى محال.

____________

(1) أقول: من راجع كتاب: " الإبانة في أصول الديانة " - ص 5 و 6 لأبي الحسن الأشعري رئيس الأشاعرة، يظهر له أنه لم يأت بمذهب جديد، يمتاز عن مذاهب المتكلمين من أهل الحديث وقد صرح في كتابه هذا بأن ما يعتقده، وما أظهره من أصول العقائد، كله كان تبعا لأحمد بن حنبل، وتقليد له، وأفرط في تعظيمه، وتجاوز الحد بالغلو فيه. وقال عبد الكريم الشهرستاني في الملل والنحل / ج 1 ص 93: " حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وهؤلاء كانوا من جملة السلف، إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، فأيد أبو الحسن الأشعري مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبا جديدا لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية ". إنتهى. وذكر بذلك محمد كرد علي في الجزء السادس من كتابه: خطط الشام. والمشبهة والمجسمة من المتكلمين هم الصفاتية. وتبع الأشعري في ذلك أحمد بن حنبل واتباعه. (راجع الملل والنحل / ج 1 ص 92 إلى 108، وحاشية الكستلي المطبوع في هامش شرح العقائد التفتازاني ص 70).

(2) الأعراف: 103.


الصفحة 48
وقال تعالى في حق موسى: " لن تراني " (1) ولن للنفي المؤيد، وإذا امتنعت الرؤية في حق موسى عليه السلام، ففي حق غيره أولى. وقال تعالى: " فقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم "، ولو جازت رؤيته لم يستحقوا الذم، ولم يوصفوا بالظلم، وإذا كانت الضرورة قاضية بحكم، ودل محكم القرآن أيضا عليه، فقد توافق العقل والنقل على هذا الحكم، وقالوا بخلافه وأنكروا ما دلت الضرورة عليه، وما قاد القرآن إليه، ومن خالف الضرورة والقرآن، كيف لا يخالف العلم النظري، والأخبار؟ وكيف يجوز تقليده؟ والاعتماد عليه؟

والمصير إلى أقواله؟ وجعله إماما، يقتدون به؟ وهل يكون أعمى قلبا ممن يعتقد ذلك؟ وأي ضرورة تقود الإنسان إلى تقليد هؤلاء الذين لم يصدر عنهم شئ من الكرامات؟ ولا ظهر عنهم ملازمة التقوى، والانقياد إلى ما دلت الضرورة عليه، ونطقت به الآيات القرآنية؟. بل اعتمدوا مخالفة نص الكتاب، وارتكاب ضد ما دلت الضرورة عليه. ولو جاز ترك إرشاد المقلدين، ومنعهم من ارتكاب الخطأ الذي ارتكبه مشايخهم إن أنصفوا.

لم نطول الكلام بنقل مثل هذه الطامات، بل أوجب الله تعالى علينا إهداء العامة بقوله تعالى: " ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (2)، " فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها " (3).

____________

(1) الأعراف: 143. " قال لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا، وخر موسى صعقا. فلما أفاق قال: سبحانك تبت إليك، وأنا أول المؤمنين ". وقال في الأنعام: 47 " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك، فقالوا:

أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ".

(2) التوبة: 122.

(3) الإسراء: 15.


الصفحة 49

المسألة الثانية
في النظر

وفي المسألة مباحث

العلم بالنتيجة واجب بعد المقدمتين

البحث الأول: في أن النظر الصحيح يستلزم العلم. الضرورة قاضية بأن كل من عرف بأن الواحد نصف الاثنين، وأن الاثنين نصف الأربعة، فإنه يعلم أن الواحد نصف نصف الأربعة. وهذا الحكم لا يمكن الشك فيه، ولا يجوز تخلفه عن المقدمتين السابقتين. وأنه لا يحصل من تلك المقدمتين:

أن العالم حادث، ولا أن النفس جوهر، أو أن الحاصل أولا أولى من حصول هذين.

وخالفت الأشاعرة، كافة العقلاء في ذلك (1). فلم يوجبوا حصول العلم عند حصول المقدمتين. وجعلوا حصول العلم عقيب المقدمتين اتفاقيا، يمكن أن يحصل، وأن لا يحصل. ولا فرق بين حصول العلم، بأن الواحد نصف الأربعة، عقيب قولنا: الواحد نصف الاثنين،

____________

(1) شرح التجريد للفاضل القوشجي - ص 292، وشرح العقائد - ص 29 وفي حاشية الخيالي والكستلي.


الصفحة 50
والاثنان نصف الأربعة، وبين حصول العلم بأن العالم محدث، أو أن النفس جوهر، أو أن الإنسان حيوان، أو أن العدل حسن، عقيب قولنا:

إن الواحد نصف الاثنين، والاثنان نصف الأربعة.

وأي عاقل يرتضي لنفسه اعتقاد: أن من علم أن الواحد نصف الاثنين، وأن الاثنين نصف الأربعة، يحصل له علم أن العالم محدث، وأن من علم: أن العالم متغير. وكل متغير محدث، يحصل له العلم بأن الواحد نصف نصف الأربعة، وأن زيدا يأكل، ولا يحصل له العلم بأن العالم محدث، وهل هذا إلا عين السفسطة؟.

النظر واجب بالعقل لا بالسمع

البحث الثاني: في أن النظر واجب بالعقل.

والحق أن مدرك وجوب النظر عقلي، لا سمعي، وإن كان السمع قد دل عليه أيضا، بقوله: " قل انظروا.. " (1) وقالت الأشاعرة قولا يلزم منه انقطاع حجج الأنبياء، وظهور المعاندين عليهم، وهم معذورون في تكذيبهم، مع أن الله تعالى قال: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " (2) فقالوا: إنه واجب بالسمع لا بالعقل (3)، وليس يجب بالعقل شئ البتة.

فليزمهم إفحام الأنبياء، واندحاض (4) حجتهم، لأن النبي إذا جاء إلى المكلف، وأمره بتصديقه واتباعه، لم يجب عليه ذلك إلا مع العلم

____________

(1) يونس: 101 " قل انظروا ماذا في خلق السماوات والأرض ".

(2) النساء: 165.

(3) كما قرره الفضل في المقام بقوله: " فعند الأشاعرة طريق ثبوته بالسمع. وليراجع الملل والنمل - ج 1 ص 101.

(4) الاندحاض: البطلان.


الصفحة 51
بصدقه لا بمجرد الدعوى يثبت صدقه، بل ولا بمجرد المعجزة على يده، ما لم ينضم إليه مقدمات:

منها: أن هذا المعجز من عند الله تعالى.

ومنها: أنه تعالى فعله لغرض التصديق.

ومنها: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق، ولكن العلم بصدقه حيث توقف على هذه المقدمات النظرية، لم يكن ضروريا، بل كان نظريا، فللمكلف أن يقول: لا أعرف صدقك إلا بالنظر، والنظر لا أفعله، إلا إذا وجب علي، وعرفت وجوبه. ولم أعرف وجوبه إلا بقولك، وقولك ليس حجة علي قبل العلم بصدقك فتنقطع حجة النبي صلى الله عليه وآله، ولا يبقى له جواب يخلص به، فينتفي فائدة بعثة الرسل، حيث لا يحصل الانقياد إلى أقوالهم، ويكون المخالف لهم معذورا، وهذا هو عين الالحاد والكفر. نعوذ بالله منه.

فلينظر العاقل المنصف من نفسه: هل يجوز له اتباع من يؤدي مذهبه إلى الكفر؟، وإنما قلنا بوجوب النظر لأنه دافع الخوف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.

المعرفة واجبة بالعقل

البحث الثالث: إن معرفة الله تعالى واجبة بالعقل. الحق أن وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل وإن كان السمع قد دل عليه بقوله:

" فاعلم أنه لا إله إلا الله " (1) لأن شكر المنعم واجب بالضرورة، وآثار النعمة علينا ظاهرة، فيجب أن نشكر فاعلها، وإنما يحصل بمعرفته، ولأن معرفة الله تعالى واقعة للخوف الحاصل من الاختلاف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.

____________

(1) محمد: 19.


الصفحة 52
وقالت الأشعرية: إن معرفة الله تعالى واجبة بالسمع، لا بالعقل (1).

فلزمهم ارتكاب الدور المعلوم بالضرورة بطلانه، لأن معرفة الايجاب تتوقف على معرفة الموجب، فإن من لا نعرفه بشئ من الاعتبارات البتة، نعلم بالضرورة أنا لا نعرف أنه أوجب، فلو استفيدت معرفة الموجب من معرفة الايجاب، لزم الدور المحال!.

وأيضا لو كانت المعرفة إنما تجب بالأمر، لكان الأمر بها إما أن يتوجه إلى العارف بالله تعالى، أو إلى غير العارف، والقسمان بإطلاق. فتعليل الايجاب بالأمر المحال. أما بطلان الأول، فلأنه يلزم منه تحصيل الحاصل، وهو محال. وأما بطلان الثاني: فلأن غير العارف بالله تعالى يستحيل أن يعرف: أن الله قد أمره، وأن امتثال أمره واجب، وإذا استحال أن يعرف أن الله تعالى قد أمره، وأن امتثال أمره واجب استحال أمره وإلا لزم تكليف ما لا يطاق. وسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى.

____________

(1) التفسير الكبير - ج 1 ص 227 و ج 11 ص 110، والملل والنحل - ج 1 ص 101.


الصفحة 53

المسألة الثالثة
في صفاته تعالى

وفيها مباحث

الله تعالى قادر، على كل مقدور:

البحث الأول: إنه تعالى قادر على كل مقدور. الحق ذلك، لأن المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور هو الامكان، فيكون الله تعالى قادرا على جميع المقدورات.

وخالفت في ذلك جماعة من الجمهور. فقال بعضهم: إن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد. وقال آخرون: إنه تعالى لا يقدر على غير مقدور العبد. وقال آخرون: إنه تعالى لا يقدر على القبيح. وقال الآخرون:

إنه تعالى لا يقدر أن يخلق فينا علما ضروريا يتعلق بما علمناه مكتسبا (1).

____________

(1) أقول مراده (قدس الله سره) من الجمهور: جميع المخالفين للإمامية في مسألة الإمامة.

وهي عمدة ما وقع النزاع والاختلاف فيه بين الأمة، وما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة. وذهب إلى الأول أبو القاسم الكعبي، رئيس الكعبية من المعتزلة، وإلى الثاني عامة المعتزلة، والجبائية، وإلى الثالث النظام، رئيس الفرقة النظامية

(راجع: شرح العقائد، وحاشية الكستلي ص 7، وشرح التجريد للعلامة ص 219.

والرابع قول معمر بن عبد الله، رئيس المعمرية من المعتزلة، وعباد بن سليمان تلميذ هشام الفوطي، على ما يظهر من الملل والنحل ج 1 ص 66، ومقالات الإسلاميين ج 2 ص 548، والفصل لابن حزم.


الصفحة 54
وكل ذلك بسبب سوء فهمهم، وقلة تحصيلهم، والأصل في ذلك: أنه تعالى واجب الوجود، وكل ما عداه ممكن، وكل ممكن فإنه إنما يصدر عنه. ولو عرف هؤلاء الله حق معرفته لم تتعدد آراؤهم، ولا تشعبوا بحسب ما تشعب أهواؤهم.

الله تعالى مخالف لغيره

البحث الثاني: في أنه تعالى مخالف لغيره بذاته.

العقل والسمع تطابقا على عدم ما يشبهه تعالى، فيكون مخالفا لجميع الأشياء بنفس حقيقته.

وذهب أبو هاشم من الجمهور وأتباعه: إلى أنه يخالف ما عداه بصفة الإلهية، وأن ذاته مساوية لغيره من الذوات (1).

وقد كابر الضرورة ها هنا الحاكمة بأن الأشياء المتساوية يلزمها لازم واحد، لا يجوز اختلافها فيه، فلو كانت ذاته تعالى مساوية لغيره من الذوات لساواها في اللوازم، فيكون القدم، والحدوث، والتجرد، والمقارنة إلى غير ذلك من اللوازم مشتركا بينها وبين الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

ثم إنهم ذهبوا (2) مذهبا غريبا عجيبا، وهو أن هذه الصفة الموجبة للمخالفة غير معلومة، ولا مجهولة، ولا موجودة، ولا معدومة. وهذا كلام غير معقول في غاية السقوط.

____________

(1) وأتباعه من الأشاعرة: القاضي أبو بكر الباقلاني، وأبو المعالي الجويني، على ما يظهر من شرح المواقف، والملل والنحل 1 ص 99 و 100.

(2) الملل والنحل ج 1 ص 82 عن أبي هشام ومن تبعه، وتوجد فيه في ص 932 و 100 بعض هذه الغرائب عن أهل السنة أيضا، فراجع.


الصفحة 55

إنه تعالى ليس بجسم

البحث الثالث: في أنه تعالى ليس بجسم.

أطبق العقلاء على ذلك إلا أهل الظاهر، كداود، والحنابلة كافة، فإنهم قالوا: إنه تعالى جسم يجلس على العرش، ويفضل عنه من كل جانب ستة أشبار بشبره، وأنه ينزل في كل ليلة جمعة على حمار، وينادي إلى الصباح:

" هل من تائب، هل من مستغفر؟ " (1) وحملوا آيات التشبيه على ظواهرها (2).

____________

(1) وفي الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام: أن الله يبعث ملكا ينادي ليلة الجمعة: " هل من تائب، وهل من مستغفر؟ "، من دون أن يتجسم تعالى شأنه (راجع:

تعليقة إحقاق الحق ج 1 ص 173).

(2) غير خفي على أولي الألباب: أن أحمد بن حنبل، إمام الحنابلة، كان معتقدا بأن الله جسم، وله أعضاء: كاليد، والوجه، والعين. ويتمسك لذلك بظواهر الآيات المتشابهة، وهكذا قال مالك بن أنس إمام المالكية: (راجع: الملل والنحل ج 1 ص 93 و 104). وقال الزمخشري في الكشاف ج 3 ص 301:


فإن حنبليا قلت قالوا بأننيثقيل حلولي بغيض مجسم

قال ابن الأثير الجزري في تأريخه الكامل ج 6 ص 248، تحت عنوان: " ذكر فتنة الحنابلة ببغداد ". (وفيها عظم أمر الحنابلة، وقويت شوكتهم.. (إلى أن قال): فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على الحنابلة، ينكر عليهم فعلهم، ويوبخهم باعتقاد التشبيه، وغيره، فمنه: تارة أنكم تزعمون: أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين، وهيئتكم الرذلة على هيئته، وتذكرون: الكف، والأصابع، والرجلين، والنعلين المذهبين، والشعر القطط، والصعود إلى السماء، والنزول إلى الدنيا، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ثم طعنكم على خيار الأئمة، ونسبتكم شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله إلى الكفر والضلال، ثم استدعاؤكم المسلمين إلى الدين بالبدع الظاهرة، والمذاهب الفاجرة، التي لا يشهد بها القرآن).

هذا... وكتب الحنابلة مشحونة بهذه الخرافات في الأمور الاعتقادية، حتى أن أبا الحسن الأشعري، رئيس الأشاعرة، تبعا لقدوته أحمد بن حنبل قد عقد أبوابا لهذه المناكير، في كتابه: " الإبانة في أصول الديانة ص 36 إلى 55. وذهب إلى هذا المذهب الوهابيون، وقدوتهم ابن تيمية (راجع: العقيدة الحموية، في ضمن مجموعة الرسائل ج 1 ص 429، ومنهاج السنة ج 2 ص 240 إلى 278، والرسائل الخمس المسمى بالهدية السنية ص 97، 99، وفي الرسالة الخامسة ص 105.


الصفحة 56
والسبب في ذلك قلة تمييزهم وعدم تفطنهم بالمناقضة التي تلزمهم، وإنكار الضروريات التي تبطل مقالتهم، فإن الضرورة قاضية بأن كل جسم لا ينفك عن الحركة والسكون، وقد ثبت في علم الكلام: أنهما حادثان. والضرورة قاضية: أن ما لا ينفك عن المحدث فإنه يكون محدثا، فيلزم حدوث الله تعالى. والضرورة الثانية قاضية بأن كل محدث مفتقر إلى محدث، فيكون واجب الوجود مفتقرا إلى مؤثر، ويكون ممكنا، فلا يكون واجبا، وقد فرض أنه واجب، هذا خلف.

وقد تمادى أكثرهم، فقال: إنه تعالى يجوز عليه المصافحة، وأن المخلصين يعانقونه في الدنيا (1). وقال: داود (2): اعفوني عن الفرج، واللحية، واسألوني عما وراء ذلك. وقال: إن معبوده جسم ذو لحم، ودم، وجوارح، وأعضاء، وأنه بكى على طوفان نوح، حتى رمدت عيناه، وعادته الملائكة لما اشتكت عيناه!.

فلينصف العاقل المقلد من نفسه، هل يجوز له تقليد هؤلاء في شئ؟.

وهل للعقل مجال في تصديقهم في هذه المقالات الكاذبة والاعتقادات الفاسدة؟؟

وهل تثق النفس بإصابة هؤلاء في شئ البتة؟.

إنه تعالى ليس في جهة

المبحث الرابع: في أنه تعالى ليس في جهة.

____________

(1) روى محمد بن عبد الكريم الشهرستاني هذا القول عن عدة علماء من أهل السنة في كتاب الملل والنحل ج 1 ص 105.

(2) وهو داود الجوارب، من علماء أهل السنة، ذكره الشهرستاني في كتابه الملل والنحل ج 1 ص 105.


الصفحة 57
العقلاء كافة على ذلك، خلافا للكرامية (1)، حيث قالوا: إنه تعالى في جهة فوق. ولم يعلموا أن الضرورة قضت بأن كل ما هو في جهة، فإما أن يكون لابثا فيها، أو متحركا عنها، فهو إذن لا ينفك عن الحوادث، وكل ما لا ينفك عن الحوادث، فهو حادث على ما تقدم.

إنه تعالى لا يتحد بغيره

المبحث الخامس: في أنه تعالى لا يتحد بغيره.

الضرورة قاضية ببطلان الاتحاد، فإنه لا يعقل صيرورة الشيئين شيئا واحدا.

وخالف في ذلك جماعة من الصوفية من الجمهور، فحكموا بأنه تعالى يتحد مع أبدان العارفين، حتى أن بعضهم قال: إنه تعالى نفس الوجود، وكل موجود هو الله تعالى!.

وهذا عين الكفر والالحاد.

والحمد لله الذي فضلنا باتباع أهل البيت دون أهل الأهواء (2) الباطلة.

____________

(1) الكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، بلغ عددهم إلى اثنتي عشرة فرقة

(راجع: الفرق بين الفرق ص 131، والملل والنحل ج 1 ص 108). وذهب مذهب الكرامية. أبو الحسن الأشعري، رئيس الأشاعرة، وأثبت الفوقية لله تعالى (راجع:

الإبانة في أصول الديانة ص 36 إلى 55). وذهب أيضا إلى ذلك المذهب فرقة الوهابية، وقدوتهم ابن تيمية (راجع: رسالة العقيدة الحموية ج 1 ص 429 لابن تيمية، والهدية السنية ص 97، والرسالة الخامسة منها ص 105 لعبد اللطيف، حفيد محمد بن عبد الوهاب).

(2) قال القوشجي في شرح التجريد: وذهب بعض المتصوفة إلى أنه يحل في العارفين... كما قال العارف البلجرامي في كتابه: " سبحة المرجان ":


إنما الخلق مظهر الباريهو في كل جزئه ساري

وقال الآخر منهم:


أنا من أهوى ومن أهوي أنانحن روحان حللنا بدنا

وأقول: كتبهم مشحونة بهذه الخرافات، فإن شئت الاطلاع عليها بالتفصيل، فراجع:

ديوان الشيخ ابن الفارض، لا سيما قصيدته التائية واليائية، ورسائل الشيخ عطار، وغيرها.


الصفحة 58

إنه تعالى لا يحل في غيره

المبحث السادس: أنه تعالى لا يحل في غيره.

من المعلوم القطعي أن الحال مفتقر إلى المحل، والضرورة قضت بأن كل مفتقر إلى الغير ممكن، فلو كان الله تعالى حالا في غيره لزم إمكانه، فلا يكون واجبا، هذا خلف.

وخالفت الصوفية من الجمهور في ذلك، وجوزوا عليه الحلول في أبدان العارفين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فانظروا إلى هؤلاء المشايخ الذين يتبركون بمشاهدهم: كيف اعتقادهم في ربهم؟ وتجويزهم تارة الحلول، وأخرى الاتحاد، وعبادتهم الرقص، والتصفيق، والغناء (1). وقد عاب الله تعالى على الجاهلية الكفار في ذلك، فقال عز من قائل: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " (2) وأي غافل أبلغ من تغفل من يتبرك بمن يتعبد الله بما عاب به الكفار؟

" فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (3).

ولقد شاهدت جماعة من الصوفية، في حضرة مولانا الحسين عليه السلام، وقد صلوا المغرب سوى شخص واحد منهم، كان جالسا لم يصل، ثم صلوا بعد ساعة العشاء سوى ذلك الشخص، فسألت بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص، فقال: وما حاجة هذا إلى الصلاة وقد وصل، أيجوز أن يجعل بينه وبين الله تعالى حاجبا؟! فقلت: لا، فقال: الصلاة

____________

(1) مناقب العارفين للأفلاكي، وأسرار التوحيد ص 186، والأنوار في كشف الأسرار، للشيخ روزبهان بقلي، والمجلد الثاني من إحياء العلوم للغزالي.

(2) الأنفال: 35.

(3) الحج: 46.


الصفحة 59
حاجب بين العبد والرب (1).

فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء وعقائدهم في الله تعالى كما تقدم، وعبادتهم ما سبق، واعتذارهم في ترك الصلاة ما مر، ومع ذلك فإنهم عندهم الأبدال (2)، فهؤلاء أجهل الجهال..

حقيقة الكلام

البحث الرابع: في أنه تعالى متكلم، وفيه مطالب:

المطلب الأول: في حقيقة الكلام. الكلام عند العقلاء عبارة عن المؤلف من الحروف المسموعة (3).

____________

(1) واستدل جلال الدين الرومي في مقدمة المجلد الخامس للمثنوي بأنه: لو ظهرت الحقائق بطلت الشرايع، لأن الشرايع سراج في الوصول إلى الحق، فطلب الدليل بعد الوصول إلى المدلول قبيح.

راجع: أيضا أسرار التوحيد ص 186، وشرح كلشن للاهيجي ص 207.

(2) قال الجامي في نفحات الأنس: الأبدال صنف من أولياء الله، دون مرتبة القطب، ومأمورون بأمور الخلق. وقال الهجويري: عددهم في كل عصر أربعين. وقال القيصري: إنهم بواسطة تعريهم عن قيود المادية، ورفع حجب ظلمتها يتشكلون بأشكال مختلفة وإنهم واصلون بالحق، ومن روحانيات المحض.

(3) لا يخفى: أنه إذا صدر الكلام من المتكلم، فلا يتصور، ولا شئ هناك إلا أمور ستة، الأول: صدور الصوت والحروف عنه. الثاني: علمه بما تكلم به. الثالث: تصور النسبة بين الموضوع والمحمول. الرابع: وجود الرابط اللفظي بينهما. الخامس: توجه السامع لمعاني كلام المتكلم. السادس: فهمه لمراد المتكلم من كلامه، والخامس والسادس ليسا كلاما بالاتفاق. والأمور الباقية غير الأول لا تسمى كلاما أيضا، لأنها إما تصور الرابط، أو النسبة الواقعية واللاواقعية، وأما العلم، أو الإرادة، أو مجرد الوهم والخيال، وليس وراءها شئ يسمى كلاما نفسيا.

ومن الواضح أن الكلام النفسي، الذي يعنونه في الخبر مخالف للثاني، والثالث، لأنه بإقرارهم غير العلم والإرادة، والوهم والخيال، وغير تصور الأطراف والعلم بالنسبة.

ومخالف للرابع، لأن مفردات اللفظ والرابط أمور خارجية غير قديمة، وهكذا معانيها غالبا، فبالضرورة والوجدان يعلم أن الكلام ليس إلا الأمر الأول، وهو كيف عرض محسوس بالسمع، فلا يكون كلام النفسي معقولا.


الصفحة 60
وأثبت الأشاعرة كلاما آخر نفسانيا، مغايرا لهذه الحروف والأصوات دالة عليه.

وهذا غير معقول، فإن كل عاقل إنما يفهم من الكلام ما قلناه، فأما ما ذهبوا إليه فإنه غير معقول لهم ولغيرهم البتة. فكيف يجوز إثباته لله تعالى؟.

وهل هذا إلا جهل عظيم؟. لأن الضرورة قاضية بسبق التصور على التصديق.

وإذ قد تمهدت هذه المقدمة فنقول: لا شك في أنه تعالى متكلم، على معنى أنه أوجد حروفا وأصواتا مسموعة، قائمة بالأجسام الجمادية، كما كلم الله تعالى موسى من الشجرة، فأوجد فيها الحروف والأصوات..

والأشعرية خالفوا عقولهم، وعقول كافة البشر، وأثبتوا له تعالى كلاما لا يفهمونه هم ولا غيرهم.

وإثبات مثل هذا الشئ والمكابرة عليه، مع أنه غير متصور البتة، فضلا عن أن يكون مدلولا عليه، معلوم البطلان. ومع ذلك فإنه صادر منا أو فينا عندهم، ولا نعقله نحن، ولا من ادعى ثبوته.

كلامه تعالى متعدد

المطلب الثاني: في أن كلامه تعالى متعدد: المعقول من الكلام على ما تقدم: أنه الحروف والأصوات المسموعة، وهذه الحروف المسموعة إنما تلتئم كلاما مفهوما، إذا كان الانتظام أحد الوجوه التي يحصل بها الأفهام. وذلك بأن يكون خبرا، أو أمرا، أو نهيا، أو استفهاما، أو تنبيها. وهو الشامل للتمني، والترجي، والتعجب، والقسم، والنداء، ولا وجود له إلا في هذه الجزئيات.

والذين أثبتوا قدم الكلام اختلفوا، فذهب بعضهم: إلى أن كلامه

الصفحة 61
تعالى واحد مغاير لهذه المعاني، وذهب آخرون: إلى تعدده (1).

والذين أثبتوا وحدته، خالفوا جميع العقلاء في إثبات شئ لا يتصورونه، هم ولا خصومهم، ومن أثبت لله تعالى وصفا لا يعقله ولا يتصوره هو ولا غيره كيف يجوز أن يجعل إماما يقتدى به، ويناط به الأحكام؟!

حدوث الكلام

المطلب الثالث: في حدوثه: العقل والسمع متطابقان على أن كلامه تعالى محدث ليس بأزلي، لأنه مركب من الحروف والأصوات، ويمتنع اجتماع حرفين في السماع دفعة واحدة، فلا بد أن يكون أحدهما سابقا على الآخر، والمسبوق حادث بالضرورة، والسابق على الحادث بزمان متناه حادث بالضرورة، وقد قال الله تعالى: " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " (2).

وخالفت الأشاعرة جميع العقلاء في ذلك، فجعلوا كلامه تعالى قديما لم يزل معه، وأنه تعالى في الأزل يخاطب العقلاء المعدومين.

وإثبات ذلك في غاية السفه والنقص في حقه تعالى، فإن الواحد منا لو جلس في بيت وحده منفردا، وقال: يا سالم قم، ويا غانم اضرب، ويا سعيد كل، ولا أحد عنده من هؤلاء، عده كل عاقل سفيها، جاهلا، عادما للتحصيل. فكيف يجوز منهم نسبة هذا العقل الدال على السفه، والجهل، والحماقة إليه تعالى؟.

____________

(1) القائل بالتعدد مع القدم في كلامه تعالى هم الكرامية والحنابلة، وقد بالغ فيه بعض الحنابلة، حتى قال جهلا: الجلد والغلاف قديمان، فضلا عن المصحف، والقائل بالوحدة في كلامه هم سائر أهل السنة. راجع: شرح التجريد للقوشجي ص 254، وشرح العقائد، وحاشية الكستلي ص 89 و 91.

(2) الأنبياء: 2.


الصفحة 62
وكيف يصح منه تعالى أن يقول في الأزل: " يا أيها الناس اعبدوا ربكم " (1) ولا مخاطب هناك، ولا ناس عنده؟. ويقول: " يا أيها الذين آمنوا " (2) و " أقيموا الصلاة " (3). و " لا تأكلوا أموالكم " (4) " ولا تقتلوا أولادكم " (5) " وأوفوا بالعقود " (6).

وأيضا لو كان كلامه قديما لزم صدور القبيح منه تعالى، لأنه إن لم يفد بكلامه في الأزل شيئا كان سفيها، وهو قبيح عليه تعالى، وإن أفاد، فإما لنفسه، أو لغيره، والأول باطل، لأن المخاطب إنما يفيد نفسه لو كان يطرب في كلامه، أو يكرره ليحفظه، أو يتعبد به كما يعبد الله بقراءة القرآن. وهذه في حقه تعالى محال لتنزهه عنها. والثاني باطل، لأن إفادة الغير إنما تصح لو خاطب غيره ليفهمه مراده، أو يأمره بفعل، أو ينهاه عن فعل. ولما لم يكن في الأزل من يفيده بكلامه شيئا من هذه...

كان كلامه سفها وعبثا. وأيضا يلزمه الكذب في إخباره تعالى، لأنه لو قال في الأزل: " إنا أرسلنا نوحا " (7)، " إنا أوحينا إلى إبراهيم " (8)، و " لقد أهلكنا القرون " (9) و " ضربنا لكم الأمثال " (10)، مع أن هذه إخبارات عن الماضي، والإخبار عن وقوع ما لم يقع في الماضي كذب تعالى الله عنه. وأيضا قال الله تعالى: " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له: كن فيكون " (11) فهو إخبار عن المستقبل، فيكون حادثا.

____________

(1) البقرة: 21، 104، 43.

(2) البقرة: 21، 104، 43.

(3) البقرة: 21، 104، 43.

(4) النساء: 29.

(5) الأنعام: 151.

(6) المائدة: 1.

(7) نوح: 1.

(8) النساء: 162.

(9) يونس: 13.

(10) إبراهيم: 45.

(11) النحل: 40.