23 - ذهبت الإمامية: إلى أن الكافرة تحت الكافر، إذا مات عنها وجبت عليها العدة.
وقال أبو حنيفة: لا عدة عليها (1).
وقد خالف في ذلك قول الله تعالى: " الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا " (2)..
24 - ذهبت الإمامية: إلى أن أكثر مدة الحمل سنة.
وقال الشافعي: أكثره أربع سنين!!
وقال مالك: خمس سنين!!
وقال أبو حنيفة: سنتان (3).
وقد خالفوا الحس والوجدان، فإن هذا لم ينقل، ولا شوهد، ولو كان معتبرا لوقع، ولو نادرا ولم ينقل.
25 - ذهبت الإمامية: إلى أن الرضعة والرضعتين لا تنشر الحرمة.
وقال أبو حنيفة: الرضعة الواحدة ولو كانت قطرة تنشر الحرمة (4).
وقد خالف في ذلك قوله صلى الله عليه وآله: " الرضاع ما أنبت اللحم، وشد العظم " (5).
وقوله صلى الله عليه وآله: " لا تحرم المصة والمصتان، ولا الرضعة ولا الرضعتان " (6).
وعن عائشة: كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات تحرمن (7).
____________
(1) الهداية ج 2 ص 24
(2) البقرة: 234
(3) الفقه على المذاهب ج 4 ص 521 و 523 و 525
(4) التفسير الكبير ج 10 ص 30 وتفسير الخازن ج 1 ص 363 وأحكام القرآن ج 2 ص 124
(5) التاج الجامع للأصول ج 2 ص 291 ومنتخب كنز العمال ج 2 ص 483 ورواه أبو داود في سننه.
(6) مصابيح السنة ج 2 ص 21 وصحيح مسلم ج 2 ص 656
(7) منتخب كنز العمال ج 2 ص 486 ومصابيح السنة ج 2 ص 21 وصحيح مسلم ج 2 ص 657.
وقال أبو حنيفة: يقبل حتى أنه لو كان عبد له عتق عليه، فلو أقر ابن خمس عشر سنة بأن ابن مائة سنة ولده، وأن بنت مائة سنة ابنته، وكانا مملوكين له قبل إقراره عتقا عليه (1)؟.
وهذا تكذيب للضرورة.
27 - ذهبت الإمامية: إلى أنه يجب النفقة على الأم مع حاجتها وفقرها.
وقال مالك: لا يجب أن ينفق عليها (2).
وقد خالف قوله تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا " (3).
وسئل النبي صلى الله عليه وآله: من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال:
أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك (4).
فجعله في الرابعة.
28 - ذهبت الإمامية: إلى أن النفقة على الزوجة لا يسقط بمضي الزمان.
وقال أبو حنيفة: يسقط (5).
وقد خالف العقل والنقل:
لأن الثابت في الذمة لا يسقط إلا بسبب موجب له، ومضي الزمان غير سبب كالدين.
____________
(1) بداية المجتهد ج 2 ص 312 والهداية ج 2 ص 39 وقال الفضل في المقام: ووجه ما ذهب إليه أبو حنيفة: أنه يؤاخذ بإقراره وكان له دعوى عدم الامكان، فإذا ترك لم يترك المؤاخذة.
أقول: هذا الوجه هو أحسن بيان لما ذهب إليه أبو حنيفة.
(2) أقول: إن الفضل في المقام بعد الاعتراف بما ذهب إليه مالك حاول توجيهه، ومن أراد التفصيل فليراجع المطولات من كتب المالكية.
(3) لقمان: 15
(4) سنن ابن ماجة ج 2 ص 1206 والتاج الجامع للأصول ج 5 ص 4 وقال: رواه الشيخان.
(5) الهداية ج 2 ص 31.
والعجب أنه قال: لو سلف زوجته نفقة شهر، ثم مات، أو طلقها بائنا يجب عليها رد باقي الأيام (1). فأثبت لها النفقة بغير موجب، وإسقاطها مع الموجب.
الفصل الرابع عشر: في الجنايات وتوابعها
وفيه مسائل:
1 - ذهبت الإمامية: إلى أن الحر يقتل بالحرة إن أراد أولياؤها نصف الدية عليه.
وقال الجمهور: لا يرد عليه شئ (2).
وقد خالفوا قوله تعالى: " والأنثى بالأنثى " (3)، دل بمفهومه على أن الذكر لا يقتل بالأنثى.
2 - ذهبت الإمامية: إلى أنه لا يقتل المسلم بالذمي.
وقال أبو حنيفة: يقتل (4).
وقد خالف قوله تعالى: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا "، " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة " (5). وقال صلى الله عليه وآله: " لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهدة في عهدة " (6).
____________
(1) الفقه على المذاهب ج 4 ص 572
(2) الفقه على المذاهب ج 5 ص 287 وبداية المجتهد ج 2 ص 235 وفيه: فإن ابن المنذر وغيره ممن ذكر الخلاف حكى أنه إجماع، إلا ما حكي عن علي من الصحابة، وعن عثمان البتي:
أنه إذا قتل الرجل بالمرأة كان على أولياء المرأة نصف الدية... ولكن دليله قوي، لقوله تعالى. " الأنثى بالأنثى ".
(3) البقرة: 178
(4) بداية المجتهد ج 2 ص 334 والفقه على المذاهب ج 5 ص 284
(5) النساء: 141 والحشر: 20
(6) سنن ابن ماجة ج 2 ص 888 ومنتخب كنز العمال ج 6 ص 133 وتفسير الخازن ج 1 ص 116.
قال: لا، إلا ما في كتابي هذا، وأخرج كتابا من قراب سيفه، فإذا فيه: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهدة في عهدة) (1).
3 - ذهبت الإمامية: إلى أن الحر لا يقتل بالعبد.
وقال أبو حنيفة: يقتل بعبد غيره (2).
وقد خالف قوله تعالى: " الحر بالحر والعبد بالعبد " (3).
وقوله صلى الله عليه وآله: " لا يقتل حر بعبد " (4).
وقوله صلى الله عليه وآله: " من السنة أن لا يقتل الحر بعبد " (5).
4 - ذهبت الإمامية: إلى أن الأب لا يقتل بالولد.
وقال مالك: إن قتله حذفا بالسيف لم يقتل به، وإن ذبحه، أو شق بطنه قتل به (6).
وقد خالف قولة النبي صلى الله عليه وآله: " لا يقتل الوالد بولده " (7).
5 - ذهبت الإمامية: إلى أن القتل بالمثقل كالمحدد.
وقال أبو حنيفة: لا يجب به القصاص (8).
____________
(1) بداية المجتهد ج 2 ص 334 والفقه على المذاهب ج 5 ص 283 عن سنن أبي داود، ومصابيح السنة ج 2 ص 39
(2) تفسير الخازن ج 1 ص 116 وأحكام القرآن ج 1 ص 135
(3) البقرة: 178
(4) منتخب كنز العمال ج 6 ص 133 والأم للشافعي ج 6 ص 25
(5) تفسير روح المعاني ج 3 ص 43 وقال: أخرجه ابن أبي شيبة.
(6) أحكام القرآن ج 1 ص 144 وبداية المجتهد ج 2 ص 235
(7) منتخب كنز العمال ج 6 ص 133 وسنن ابن ماجة ج 2 ص 888
(8) الهداية ج 4 ص 117 و 120 لقد استدل الفضل في المقام بما يضحك الثكلى حيث قال:
ووجه ما ذهب إليه أبو حنيفة: أن القصاص لا يتحقق في المثقل لعدم إمكان تحقق العمد في المثقل. ويشبه هذا الاستدلال ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره ج 10 ص 229.
6 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا قتل في غير الحرم، أو قطع، ثم التجأ إلى الحرم لم يقتل، ولم يقطع فيه، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج، فيقاد بالمقتول.
وقال الشافعي: يستقاد منه في النفس وفي الطرف معا (2).
وقد خالف قوله تعالى: " ومن دخله كان آمنا " (3)، وقوله: " أو لم يروا أنا جعلناه حرما آمنا " (4).
وقوله صلى الله عليه وآله: إن أعتى الناس على الله تعالى القاتل غير قاتله في الحرم، والقاتل يدخل الجاهلية (5)، فقوله صلى الله عليه وآله: القاتل في الحرم، يعني قود الآن القتل المبتدأ داخل تحت قوله: القاتل غير قاتله.
7 - ذهبت الإمامية: إلى أن في الأذنين الدية.
وقال مالك: حكومة (6).
وقد خالف قول النبي صلى الله عليه وآله (كما في كتاب عمرو بن حزم):
وفي الأذنين الدية (7).
____________
(1) الإسراء
(2) تفسير الخازن ج 1 ص 276 والتفسير الكبير ج 8 ص 151
(3) آل عمران: 97
(4) العنكبوت: 67
(5) أحكام القرآن ج 2 ص 22
(6) الفقه على المذاهب ج 5 ص 342 وبداية المجتهد ج 2 ص 352
(7) أقول: أفتى استنادا إلى ذلك أبو بكر، وعمر، وسائر الصحابة، كما في منتخب كنز العمال ج 6 ص 154 و 156.
وقال أحمد: لو قطع يد نفسه كان له مطالبة العاقلة بديته (1).
وقد خالف الاجماع، والعقل الدال على أصالة البراءة، وأن الجناية لا يوجب أخذ مال الجاني.
9 - ذهبت الإمامية: إلى أنه لا يجب الدية بقتل الذمي، خلافا للأربعة (2).
وقد خالفوا العقل في أصالة البراءة.
وكتاب الله حيث قال: " وإن كان من قوم عدو لكم، وهو مؤمن فتحرير رقبة " (3).
10 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا قتل أسير في أيدي الكفار، وهو مؤمن وجب فيه الدية والكفارة، سواء قصده بعينه أو لم يقصده.
وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه.
وقال الشافعي: إن قصده فعليه الكفارة والدية، وإن لم يقصده فعليه الكفارة دون الدية (4).
وقد خالفا قوله تعالى: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلمة إلى أهله " (5).
وقوله صلى الله عليه وآله: وفي النفس مائة من الإبل (6).
11 - ذهبت الإمامية: إلى أن الحبلى إذا لم يكن لها زوج، وأنكرت
____________
(1) كما أشار الفضل في المقام إلى وجه ما ذهب إليه.
(2) تفسير الخازن ج 1 ص 413 والتفسير الكبير ج 10 ص 236 وآلاء الرحمن ج 4 ص 103
(3) النساء: 93
(4) الأم ج 6 ص 35 والهداية ج 2 ص 114
(5) النساء: 93
(6) التاج الجامع للأصول ج 3 ص 15.
وقال مالك: عليها الحد (1).
وقد خالف العقل، وهو أصالة البراءة.
وصحة تصرف المسلم.
وأصالة عدم الزنا.
والنقل، قوله صلى الله عليه وآله: إدرؤوا الحدود بالشبهات (2).
12 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا اشترى ذات محرم، كأمه، وأخته، وعمته، وخالته نسبا، أو رضاعا، فوطأها مع العلم بالتحريم كان عليه الحد.
وقال أبو حنيفة: لا حد عليه (3).
وقد خالف قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا " (4)، وهذا زان.
13 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا شهد عليه أربعة عدول بالزنا، وجب عليه الحد، سواء صدقهم أو كذبهم.
وقال أبو حنيفة: إن صدقهم سقط عنه الحد وإن كذبهم حد (5).
وقد خالف العقل، والنقل:
فإن الحد إذا وجب بالبينة والتكذيب كان مع التصديق أولى، لتزايد الحجة.
والنقل الدال على وجوب الحد بشهادات الأربعة.
____________
(1) الموطأ ج 3 ص 45 والفقه على المذاهب ج 5 ص 95
(2) بداية المجتهد ج 2 ص 362 والنهاية لابن الأثير ج 2 ص 109
(3) الفقه على المذاهب ج 5 ص 98
(4) النور: 2
(5) وقال الفضل في المقام في وجه ما ذهب إليه أبو حنيفة: إن عدم الاثبات من عدم الانكار، وهذا بعيد جدا.
وقال أبو حنيفة: ليس فيه حد، بل يعزر (1).
وقد خالف قول النبي صلى الله عليه وآله: من عمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول (2).
ولأنه زنا، بل هو أفحش أنواعه.
15 - ذهبت الإمامية: إلى أن الإجارة للوطي باطلة، فإذا استأجر امرأة للوطي، فوطأها مع العلم بالتحريم وجب عليه الحد، وكذا لو استأجرت امرأة ليزني بها فزنا بها.
وقال أبو حنيفة: لا يجب في الصورتين (3).
وقد خالف قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا " (4).
16 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا عقد على أمه، وأخته، وبنته نسبا، أو رضاعا، أو إحدى باقي المحرمات على التأبيد، عالما بالتحريم والنسب، فإنه لا يفيد إسقاط الحد بالوطي.
وقال أبو حنيفة: يسقط، لأن العقد بنفسه شبهة (5).
وقد خالف قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا ".
17 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا تكامل شهود الزنا أربعة، وشهدوا به عند الحاكم، ثم غابوا أو ماتوا حكم الحاكم بشهادتهم ووجب الحد.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الحكم بشهادتهم (6).
____________
(1) الفقه على المذاهب ج 5 ص 141 والتفسير الكبير ج 23 ص 132
(2) التفسير الكبير ج 23 ص 132 ومصابيح السنة ج 2 ص 46 وسنن ابن ماجة ج 2 ص 856
(3) أحكام القرآن ج 2 ص 146 والفقه على المذاهب ج 5 ص 96
(4) النور: 2
(5) الهداية ج 2 ص 76 والفقه على المذاهب ج 5 ص 98
(6) الفقه على المذاهب ج 5 ص 75.
18 - ذهبت الإمامية: إلى استحباب تفريق الشهود في الزنا بعد اجتماعهم للإقامة.
وقال أبو حنيفة: إذا شهدوا في مجلس واحد ثبت الحد، وإن شهدوا في مجلسين فهم قذفة يحدون، والمجلس عنده مجلس الحاكم، فإن جلس الحاكم بكرة ولم يقم إلى الغروب فهو مجلس واحد، فإن شهد اثنان فيه بكرة اثنان عشية ثبت الحد، لو جلس لحظة، وانصرف وعاد فهما مجلسان (1).
وقد خالف قوله تعالى: " ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " (2).
ولأن الواحد إذا شهد لم يكن قاذفا، وإلا لم يصر شاهدا بإضافة شهادة غيره إليه، فإذا ثبت أنه لم يكن قاذفا كان شاهدا، وإذا كان شاهدا لم يصر قاذفا بتأخر شهادة غيره من مجلس إلى مجلس آخر.
19 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا شهد أربعة، ثم رجع واحد منهم لم يحد الثلاثة الباقية.
وقال أبو حنيفة: يحدون (3).
وقد خالف العقل، وهو أصالة البراءة.
وقوله تعالى: " ثم لم يأتوا بأربعة شهداء "، وهذا قد أتى، ورجوع واحد لا يؤثر فيما ثبت.
والعجب أن أبا حنيفة قال: لو شهد أربعة لرجم المشهود عليه، ثم رجع واحد، وقال: تعمدت قتله لم يجب القود (4).
____________
(1) التفسير الكبير ج 23 ص 158 والفقه على المذاهب ج 5 ص 71 و 219
(2) النور: 4
(3) الفقه على المذاهب ج 5 ص 71 والهداية ج 2 ص 81.
(4) كما ذكره الفضل في المقام، وشرع بتوجيه ما ذهب إليه أبو حنيفة.
قال الله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " (1).
وقال أيضا: لو شهد اثنان أنه زنا بالبصرة، وشهد آخران أنه زنا بالكوفة لم يجب عليهم حد، ولا على المشهود عليه (2).
وقد خالف قوله تعالى: " ثم لو يأتوا بأربعة شهداء "، وهؤلاء لم يأتوا بأربعة شهداء، لأن كل اثنين يشهدان على فعل غير الفعل الذي شهد الآخر عليه.
وقال: لو شهد كل واحد من الأربعة أنه زنا في زاوية البيت غير الزوايا التي شهد بها أصحابه حد به استحسانا لا قياسا (3).
وقد خالف العقل، لأن كل فعل يشهد به واحد مضاد لما شهد به أصحابه، فلم يشهد الأربعة على فعل واحد.
وقال أبو حنيفة أيضا: لو شهدوا بزنا قديم لم يحد (4).
وقد خالف قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا " (5).
وقال أبو حنيفة: الإسلام شرط في الاحصان (6).
وهو خلاف عموم قوله صلى الله عليه وآله: " خذوا عني: قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة لا الرجم ".
ورجم رسول الله صلى الله عليه وآله يهوديين زنيا (7).
____________
(1) الإسراء: 33
(2). الفقه على المذاهب ج 5 ص 72 والهداية ج 2 ص 79
(3) الفقه على المذاهب ج 5 ص 72 وبداية المجتهد ج 2 ص 367
(4) الفقه على المذاهب ج 5 ص 73 والهداية ج 2 ص 78
(5) النور: 2
(6) الفقه على المذاهب ج 5 ص 58
(7) التفسير الكبير ج 23 ص 135 وأحكام القرآن ج 3 ص 257.
20 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب القطع بسرقة ما هو ممكن البقاء، كالأثمان، والحبوب، والثياب، وما لا يمكن بقاؤه كالفواكه، والرطب، والبطيخ، واللحم الطري.
وقال أبو حنيفة: لا يجب القطع إلا فيما يمكن بقاؤه (2).
وقد خالف عموم قوله تعالى: " السارق والسارقة فاقطعوا " (3).
وقال أيضا: لا قطع فيما كان أصله الإباحة، كالصيود كلها، والجوارح بأسرها، المعلمة وغيرها، والخشب جميعه إلا ما يعمل منه آنية، كالجفان، والأبواب، فيكون في معموله القطع إلا الساج، فإن فيه القطع، وإن لم يكن معمولا، وكل ما يعمل من الطين من الخزف، والفخار، والقدر وغيرها لا قطع فيه، وكذا كل المعادن، كالملح، والكحل، والزرنيخ، والقير، والنفط، والموميا إلا الذهب والفضة، والياقوت، والفيروزج، فإن فيه القطع (4).
وقد خالف قوله تعالى: " السارق والسارقة فاقطعوا ".
21 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا سرق كتب الفقه، أو الأدب، أو المصاحف، وجب القطع مع بلوغ النصاب.
وقال أبو حنيفة: لا قطع (5)، وقد خالف قوله تعالى: " والسارق والسارقة ".
وقال أيضا: إذا سرق ما يجب فيه القطع مع ما لا يجب فيه لم يقطع (6).
____________
(1) آلاء الرحمن ج 18 ص 71 وأحكام القرآن ج 3 ص 258
(2) الفقه على المذاهب ج 5 ص 172 والهداية ج 2 ص 89
(3) المائدة: 38
(4) الهداية ج 2 ص 89 و 90 وأحكام القرآن ج 2 ص 424
(5) الفقه على المذاهب ج 5 ص 176 والهداية ج 2 ص 89
(6) وقال الفضل في المقام وكل ما نقل عن مذهب أبي حنيفة في هذا الفصل فمسائل مذكورة في كتب الحنفية.
وقال أيضا: إذا نقب معير البيت، وسرق مال المستعير لم يقطع.
وهو خلاف الآية.
وقال أيضا: لا يقطع الضيف إذا سرق مال المضيف، وإذا كان محرزا عليه بقفل أو غلق.
وهو خلاف الآية.
وقال أيضا: إذا سرق العبد، فإن كان آبقا لم يقطع، وإن لم يكن آبقا قطع.
وقد خالف الآية.
وقال أيضا: لا يقطع النباش.
وقد خالف الآية.
وقال أيضا: إذا لم يكن له يسار أو كانت يساره ناقصة إصبعين أو إبهاما لم يقطع.
وقد خالف الآية.
وقال أيضا: إذا سرق عينا فقطعنا، ثم سرقها بعينها ثانية لم يقطع، سواء سرقها من الملك أو غيره، إلا في مسألة واحدة، وهي: أنه لو سرق غزلا فقطع، ونسج، فسرقه ثوبا يقطع ثانيا.
وقد خالف الآية.
وقال أيضا: سرق فقطع لم يغرم العين المسروقة، إن كانت تالفة، وإن كانت باقية ردها: إذا سرق حديدا فعمله كوزا، ثم قطع، فإنه لا يرد الكوز، لأنه كالعين الأخرى، ولو كانت السرقة ثوبا، فصبغه أسود فقطع لم يرد الثوب، لأن السواد جعله كالمستهلك، وإن صبغه أحمر كان عليه لأن الحمرة لا تجعله كالمستهلك.
والقرآن دال على القطع مطلقا.
وقال أيضا: إذا سرق أحد الزوجين من صاحبه، مع الاحراز عنه لم يقطع.
وقد خالف الكتاب العزيز.
وقال أيضا: كل شخصين بينهما رحم محرم بالنسب، فالقطع ساقط بينهما.
وهو خلاف القرآن.
وقال أيضا: إذا سرق عودا أو طنبورا، وعليه حليته، قيمته النصاب لم يجب القطع.
وهو خلاف القرآن.
وإذا ترك الحمال الأحمال في مكان، وانصرف في حاجة، وكان على الأحمال زاملة بما فيها، فإن أخذ اللص الزاملة بما فيها لم يقطع.
وإن شق الزاملة، وأخذ المتاع من جوفها، فعليه القطع.
وهو خلاف الاجماع، لأن الحرز معتبر.
وقال أيضا: إذا قصده رجل، فدفعه، فقتل بالدفع، فإن كان بالسيف أو بالمثقل ليلا فلا ضمان، وإن كان بالمثقل نهارا فعليه الضمان (1).
وقد خالف العقل الدال على وجوب الدفاع عن النفس، والنص الدال عليه.
22 - ذهبت الإمامية: إلى أن كل من وجب عليه حد من حدود الله
____________
(1) لقد قال الفضل في المقام: وكل ما نقل عن مذهب أبي حنيفة في هذا الفصل، فمسائل مذكورة في كتب الحنفية، وتجدها أجمع في الهداية ج 2 ص 89 و 91 و 98 وبداية المجتهد ج 2 ص 372 والفقه على المذاهب ج 5 ص 171 وما بعدها، وآيات الأحكام ج 2 ص 414 وغيرها من الكتب المعتبرة.
وقال الشافعي: لا يسقط (1).
وقد خالف قوله تعالى: " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح، فإن الله يتوب عليه، إن الله غفور رحيم " (2).
وقوله صلى الله عليه وآله: " التوبة يجب ما قبلها " (3).
23 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا اجتمع القذف، وحد الزنا، وحد السرقة، ووجوب قطع اليد، والرجل بالمحاربة، وأخذ المال فيها والقود استوفى منه الحدود أجمع، ثم يقتل.
وقال أبو حنيفة: تسقط كلها، ويقتل (4).
وقد خالف الآيات الدالة على هذه العقوبات.
وقال أيضا: الخمر إذا اشتد، وأسكر، وأزبد، وجب الحد بشربه، وإن لم يزبد لم يجب وإن اشتد وأسكر (5).
وقد خالف الاجماع الدال على تحريم الخمر، وإيجاب الحد به.
وقال: عصير العنب إذا طبخ، فإن ذهب ثلثاه فهو حلال، ولا حد حتى يسكر، وإن ذهب أقل من الثلثين، فهو حرام ولا حد حتى يسكر، وما يعمل من التمر والزبيب: إن طبخ فهو النبيذ، وهو حلال حتى يسكر، وإن لم يطبخ فهو حرام، ولا حد حتى يسكر، وما عمل من غير هاتين الشجرتين: الكرم، والنخل: مثل العسل، والشعير، والحنطة، والذرة، فكله مباح، ولا حد فيه، وإن أسكر (6).
____________
(1) الأم ج 6 ص 165 وقال الفضل في المقام: مذهب الشافعي: لا يسقط الحد بالتوبة.
(2) المائدة: 39
(3) راجع منتخب كنز العمال ج 2 ص 243
(4) تفسير الخازن ج 1 ص 493 والفقه على المذاهب ج 5 ص 415
(5) الفقه على المذاهب ج 5 ص 18 وأوضح بطلان ما ذهب إليه الحنفية و 22 و 25 وذكر الفضل في المقام وجه ما ارتكبه أبو حنيفة في مسائل المسكرات، وراجع أيضا بداية المجتهد ج 1 ص 382 والهداية ج 4 ص 80 و 82
(6) تقدم آنفا تحت رقم 5.
وقال صلى الله عليه وآله: " كل مسكر حرام " (2).
وقال صلى الله عليه وآله: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " (3).
وقال أبو حنيفة: إذا أتلف أهل الردة أنفسا، وأموالا لم يضمنوا (4).
وهو خلاف قوله تعالى: " النفس بالنفس " (5) " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (6).
وقال: إن المشركين إذا قهروا المسلمين، وأخذوا أموالهم ملكوها بالقهر، فإن عاد المسلمون وغنموها، فإن وجد صاحب العين عينه قبل القسمة أخذها بغير شئ، وإن أخذها بعد القسمة أخذها بالقيمة، ولو أسلم الكافر على تلك العين كان أحق بها من صاحبها (7).
____________
(1) وروى ابن ماجة في سننه ج 2 ص 1121 قال صلى الله عليه وآله: إن من الحنطة خمرا، ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا.
(2) التاج الجامع للأصول ج 3 ص 142 و 143 وقال: رواه أصحاب السنن.
(3) بداية المجتهد رواه عن مسلم، وقال: فهذا حديث صحيح، والتاج الجامع للأصول ج 3 ص 142
(4) راجع تفسير روح المعاني للآلوسي ج 9 ص 183 في تفسير قوله تعالى: " قل للذين كفروا: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ".
(5) المائدة: 45
(6) البقرة: 193
(7) وعلل ذلك الفضل في المقام بأن الكفار إذا نقلوا أموال المسلمين إلى بلاد الكفر يملكون تلك الأموال، لأن العصمة ارتفعت عنها بالنقل إلى بلاد الكفر. وذكر ابن رشد في بداية المجتهد ج 1 ص 332 و 323 أقوالهم.
أقول: هذا التعليل مما يضحك الثكلى.
وقوله صلى الله عليه وآله: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه " (2) وهل يحل لأحد: أن يقلد من يستبيح أموال المسلمين على المشركين بالقهر، ويجعلها ملكا لهم؟ ويصيرون بواسطة القتال المحرم عليهم مالكين؟
وأحق بالملك من أربابه المسلمين؟ مع أن المسلم لا يملك مال المسلم بالقهر والغلبة، فكيف يملكه الكافر؟ فإنه حينئذ يكون أكرم على الله تعالى من المسلم، حيث ملكه أموال المسلمين إذا قاتلهم، ولم يجعل ذلك للمسلم فليتق الله من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجعل مثل هذا القائل واسطة بينه وبين الله تعالى، ويحتج به عليه في الآخرة، ويعتذر عند الله تعالى بأني قلدت مثل هذا الرجل في هذه الفتوى المعلوم بطلانها لكل أحد.
وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الحربي، وله مال في يده المشاهدة أحرزه، فأما أمواله الغائبة عنه، أو الأرض، والعقار وغيرهما مما لا ينقل ولا يحول، فإنه لا يحرزها، بل يجوز للمسلمين أخذها، وإذا أسلم وله حمل لم ينفصل بعد لم يعصمه، بل يجوز استرقاقه مع الأم، إذا انفصل، ولو انفصل لم يجز استرقاقه (3).
وقد خالف قوله صلى الله عليه وآله: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام " (4).
وقال أبو حنيفة: إذا سبي الزوجان الحربيان وملكا لم ينفسخ النكاح (5).
____________
(1) البقرة: 188
(2) أنظر ما تقدم منا.
(3) بداية المجتهد ج 1 ص 323 والهداية ج 2 ص 107
(4) الهداية ج 2 ص 101 ورواه ابن ماجة في سننه ج 2 ص 1295 بأسناد.
(5) أحكام القرآن ج 2 ص 137 والتفسير الكبير ج 10 ص 41.
ولأن سبب نزول الآية دل عليه. روى أبو سعيد الخدري، قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية قبل الأوطاس، فغنموا نساء فتأثم ناس من وطيهن لأجل أزواجهن، فنزل قوله تعالى: " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " (2)، نزلت في بيان المزوجات إذا سبين وملكن.
وقال أبو حنيفة: يجوز أخذ الجزية من عباد الأوثان من العجم دون العرب.
وقال مالك: يجوز أخذها من جميع الكفار، وإلا من مشركي قريش (3).
وقد خالفا قوله تعالى: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " (4)، من غير استثناء. ثم قال:
" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله " إلى قوله: " من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية " (5)، فخص أهل الكتاب بالجزية دون غيرهم.
الفصل الخامس عشر: في الصيد وتوابعه
وفيه مسائل:
1 - ذهبت الإمامية: إلى أنه إذا ترك التسمية عمدا عند الذبح لم يحل أكله.
وقال الشافعي: يجوز (6).
____________
(1) النساء 24، وتفسير الخازن ج 1 ص 365 وروح المعاني ج 5 ص 3
(2) النساء 24، وتفسير الخازن ج 1 ص 365 وروح المعاني ج 5 ص 3
(3) الهداية ج 2 ص 118 و 119
(4) التوبة: 5 و 28
(5) التوبة: 5 و 28
(6) الأم ج 2 ص 234 والتفسير الكبير ج 13 ص 168 وتفسير الخازن ج 2 ص 51 وبداية المجتهد ج 1 ص 364.