إنكار الوصية
وقد أنكر بخاري ومسلم أن الرسول (ص) قد أوصى، وقد استندا إلى الحديث المنسوب لأم المؤمنين عائشة ومفاده أن النبي مات بين سحرها ونحرها وعلى فخذها ولم يوص لأن الثابت أن حادثة موت النبي لم تتم بهذه الصورة ولا ينبغي أن تتم عقلا بها، بل الثابت أن النبي مات على صدر علي وأن جهودا جبارة بذلت حتى لا يلخص النبي الموقف لأصحابه، وأسفرت هذه الجهود عن الحيلولة بين النبي وبين كتابة ما أراد. والبخاري نفسه روى عن ابن عباس أن الرسول قد أوصاهم حيث قال:
" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه وسكت عن الثالثة أو قال: فنسيتها " (2).
ومن جهة ثانية فإن الرسول لم يمت على الصورة التي نسبت لأم المؤمنين إنما مات على صدر علي، وتلك حقيقة أقرها الخليفة عمر بن الخطاب. ففي زمان عمر كان الصحابة يجلسون، فسأل كعب: ما كان آخر ما تكلم به رسول الله ؟ فقال عمر: سل عليا، فروى علي كيف مات رسول الله وماذا قال... " ولما حضرته الوفاة قال: ادعو لي أخي فدعوا عليا، فقال ادن مني فدنا منه فلم يزل يكلمه حتى فاضت نفسه الزكية فأصابه بعض ريقه " (3). والخلاصة أن النبي لم يمت
____________
(1) ميزان الاعتدال ج 1 ص 83، والملحق 284.
(2) راجع صحيح بخاري كتاب النبي إلى كسرى وقيصر باب مرض النبي ووفاته ج 5 ص 137 دار الفكر.
(3) راجع الطبقات لابن سعد ج 2 ص 262 - 264 وراجع الحديث 1107 ص 155 ج 4 من كنز العمال والحديث 1009 ص 392 ج 6 والحديث 1106 ص 55 ج 4 والحديث 1108 ج 4 ص 55 من الكنز وراجع 2 ص 51 من الطبقات لابن سعد و ص 196 ج 2 من شرح النهج و ص 561 مجلد 2 و ص 207 و 509 ومجلد 2 من شرح النهج وقد روى هذا الحديث علي، وابن عباس وأم سلمة و عبد الله بن عمر وعلي بن الحسين وسائر أئمة أهل البيت الكرام.
اختصاص الولي وخليفة النبي بمزايا خاصة
قال النبي (ص) لعلي في محضر من أصحابه: " يا علي أخصمك بالنبوة فلا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيها أحد من قريش:
أنت أولهم إيمانا بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية " (1).
وقال النبي (ص) لأصحابه يوما: " علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2) وقال (صلى الله عليه وآله) يوما لأصحابه:
" علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة " (3).
____________
(1) راجع حلية الأولياء لأبي نعيم ج 1 ص 65 - 66 وراجع ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 117 ح 160، وراجع الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 262 وراجع مطالب السؤول ج 1 ص 95 وراجع شرح النهج ج 9 ص 173 تحقيق أبي الفضل وراجع المناقب للخوارزمي ص 71 وراجع الميزان للذهبي ج 1 ص 313، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 270 والغدير للأميني ج 3 ص 96 وينابيع المودة للقندوزي ص 315 ومنتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 34 وفرائد السمطين ج 1 ص 223 ح 174.
(2) راجع المناقب للخوارزمي ص 110 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 55 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 399 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 55 وكفاية ابن حجر ص 122 و 124 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 173 وإسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص 157 ونور الأبصار ص 73 والغدير للأميني ج 3 ص 180 وينابيع المودة للقندوزي ص 40 و 90 و 185.... الخ. وغاية المرام ص 540 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56.... الخ (3) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 14 ص 321 وترجمة الإمام من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 ص 119 ح 1162 وغاية المرام ص 539 والإمامة والسياسة ج 1 ص 73 ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج 5 ص 30
تحصين الولي والخليفة من بعد النبي (ص)
قال النبي (ص) لعلي في محضر من صحابته: " يا علي من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني " (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): " من سب عليا فقد سبني " (2)، وقال لأصحابه: " من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أكبه الله على منخريه في النار " (3). وقال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: " من آذى عليا فقد آذاني " (4)، وقال لهم أيضا: " من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني " (5).
____________
(1) راجع المستدرك للحاكم ج 3 ص 146 وذخائر العقبى للطبري ص 66 ومجمع الزوائد ج 9 ص 135 ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 268 ح 789 ومناقب علي لابن المغازلي ص 241 والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 220 وينابيع المودة للقندوزي ص 91 والميزان للذهبي ج 2 ص 18... الخ.
(2) خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 24 والمناقب للخوارزمي ص 82 ومجمع الزوائد العقبى للطبري ص 66 وتاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 184 ومجمع الزوائد ج 9 ص 130 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 73 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 245 والفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 196 ومنتخب الكبير بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 30.
(3) راجع ذخائر العقبى للطبري ص 66 والمناقب للخوارزمي ص 81 و 82 ومناقب علي لابن المغازلي ص 83 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 111 والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 219.... الخ.
(4) المستدرك للحاكم ج 3 ص 122 وتلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج 3 ص 483 من مسند أحمد وتاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 389 ترجمة علي وشواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 98 ومناقب علي لابن المغازلي ص 52 والاستيعاب بهامش الإصابة ج 3 ص 37 وذخائر العقبى للطبري ص 65 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 73 و 74 وأنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 146 وتاريخ الخلفاء للسيوطي.... وراجع ص 151 - 152 من ملحق المراجعات.... الخ.
(5) راجع الاستيعاب بهامش ج 3 ص 37 والميزان للذهبي ج 2 ص 128 ومناقب علي لابن المغازلي ص 109 والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 165، ومسند الإمام أحمد ج 5 ص 30
الفصل الخامس
تتويج الولي خليفة للنبي
1 - المناسبة حجة الوداع
لمح النبي لأصحابه وللوفود التي تقاطرت عليه أن حجته ذلك العام ستكون آخر حجة فتأهب المسلمون من كل حدب وصوب لينالوا ثواب الحجة وشرف الصحبة والوداع، فتجمع 000، 90 ألف وقيل 000، 114 وقيل 000، 120 مسلم وقيل أكثر. ومن المؤكد أن هذا العدد كان مع النبي في غدير خم (1).
2 - مكان التتويج
قال حذيفة بن أسيد الغفاري: لما صدر رسول الله (ص) من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا، ثم بعث إليهن فقم ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى ثم قام خطيبا.... (2) وبرواية زيد بن أرقم قال: لما رجع النبي (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم.... وبرواية البراء بن عازب: كنا مع رسول الله فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جماعة، وكسح رسول الله تحت شجرتين.... وبرواية سعد بن أبي وقاص: سمعت رسول الله يوم الجمعة فأخذ بيد علي وخطب فحمد الله.... وبرواية سعد أيضا كنا مع رسول الله ولما بلغ غدير
____________
الهامش... الخ، وراجع ملحق المراجعات ص 153.
(1) راجع تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 30 وراجع السيرة الحلبية ج 3 ص 257. والسيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 3 ص 3 والغدير للأميني ج 1 ص 9.
(2) برواية الطبراني في المعجم الكبير.
الأمر الإلهي بتنصيب الولي والخليفة من بعد النبي
أهل المدينة ومن حولها على علم بأن الولي والخليفة من بعد النبي هو علي، ولقد حصلوا هذا العلم من خلال التصريحات المتلاحقة التي صدرت أمامهم من النبي (ص)، وقد تمت بمحضرهم أفرادا وجماعات، جماعات.
والمدينة هي عاصمة دولة الإسلام، وأهل المدينة ومن حولها هم أصحاب الشأن شرعيا وواقعيا بتنصيب الولي والخليفة من بعد النبي.
فأراد ربك أن يعلموا مجتمعين أن الولي والخليفة من بعد النبي هو علي، فأمر الله نبيه أن يعلمهم بذلك في حجة الوداع فلا حجة بعدها حتى لا تنسى، وقرب غدير ماء والماء عصب الحياة وسرها في الجزيرة، وفي مكان يقال له خم، فلا يوجد في الجزيرة مكان متميز مثله، ولا يوجد مكان اسمه خم غيره. ولكن إعلان هذا الحدث الكبير أمام هذا العدد الهائل بالنسبة لسكان العالم آنذاك يثير آلاف التساؤلات والاحتمالات والتعديلات، لأن الذين تكون منهم هذا العدد تفاوتوا بإيمانهم وعلمهم وتقديرهم للأمور، هذه أمور كانت بذهن النبي (ص) وهو يتأهب ويعد لإبلاغ من معه بالأمر الإلهي فأراد ربك أن يثبت فؤاد نبيه وأن يجعل له مبررا وسلطانا لتبليغ الأمر الإلهي، القاضي بتنصيب الولي والخليفة من بعد النبي فأنزل آية التبليغ.
آية التبليغ
فنزل جبريل سريعا ومعه آية التبليغ * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس والله لا يهدي القوم الكافرين) * (1).
فكان مستقبل الرسالة الإسلامية يتوقف على هذا التبليغ. وقد نزلت هذه الآية
____________
(1) سورة المائدة آية 67.
نص قرار تنصيب الولي والخليفة من بعد النبي
1 - النص برواية حذيفة بن أسيد الغفاري وكما أخرجها الطبراني في الكبير
يقول حذيفة: ثم قال النبي: " يا أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لا أظن أني يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وإنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟ "، قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا.
____________
(1) راجع ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 86 وفتح البيان في مقاصد القرآن للعلامة السيد صديق حسن خان ج 3 ص 63 وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت للحاكم الحسكاني ج 1 ص 187 الأحاديث 243 - 250 وراجع أسباب النزول للواحدي ص 115 وراجع الدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي ج 2 ص 298، وراجع فتح القدير للشوكاني ج 2 ص 60 وراجع مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 25 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 120 و 249 وراجع الملل والنحل للشهرستاني الشافعي ج 1 ص 163 وبهامش الفصل لابن حزم ج 1 ص 220 وراجع فرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 158 وراجع الغدير للعلامة الأميني ج 1 ص 214 عن كتاب الولاية في طريق حديث الغدير لابن جرير الطبري صاحب التاريخ المشهور، وراجع الإمام للمحاملي ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين لأبي بكر الشيرازي وراجع الكشف والبيان للثعالبي مخطوط.
وراجع تفسير النيسابوري ج 6 ص 160 وراجع تفسير القرآن لعبد الوهاب البخاري عند تفسير قوله تعالى * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * وراجع الأربعين لجمال الدين الشيرازي، وراجع مفتاح النجا للبرخشي ص 41 وروح المعاني للآلوسي ج 2 ص 248 وراجع تفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص 463، وراجع أرجع المطالب لعبيد الله الحنفي ص 66 و 67 و 68 و 566 و 567 و 570 وأما الشيعة فإنها مجمعة على أن هذه الآية نزلت يوم 18 ذي الحجة في غدير خم وفيها أمر الله نبيه أن يجعل عليا خليفة من بعده وإماما راجع ملحق المراجعات ص 717.
ثم قال: " يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا - يعني عليا - مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
ثم قال: " يا أيها الناس إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض حوض أعرض ما بين بصرى وصنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به، ولا تضللوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا - لن يفترقا - حتى يردا علي الحوض " انتهى النص (1).
2 - نص قرار التنصيب برواية زيد بن أرقم
قال زيد: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال (صلى الله عليه وآله): " كأني دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي
____________
(1) راجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي، ومجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج 9 ص 164 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 45 ح 545 وكنز العمال للمتقي الهندي ج 1 ص 168 ح 959 والغدير للأميني ج 1 ص 26 - 27 وعبقات الأنوار مجلد حديث الثقلين ج 1 مجلد 12 ص 312 و ج 1 ص 156 وراجع نوادر الأصول للحكيم الترفدي ص 289 وقد حذفت يد الطبع الآثمة هذا الحديث ولم تبق إلا الإشارة إليه وقد نقل عنه هذا الحديث تاما الرخشي في كتابه نزول أبرار ص 18 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 37 ويوجد بلفظ آخر في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 29 ومناقب علي لابن المغازلي ص 16 ح 23 وكنز العمال ج 1 ص 168 ح 958 برواية زيد.
3 - نص قرار التنصيب برواية البراء بن عازب
قال البراء: كنا مع رسول الله فنزلنا بغدير خم فنودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي فقال: " ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى. قال: وأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ". قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. انتهى النص (2).
4 - نص قرار التنصيب برواية سعد بن أبي وقاص
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة، فأخذ بيد علي وخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس إني وليكم. قالوا: صدقت يا رسول الله، ثم رفع يد علي فقال: هذا وليي ويؤدي عني ديني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه " (3).
____________
(1) خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 93 و ص 21 والمناقب للخوارزمي ص 93 وينابيع المودة للقندوزي ص 32 والغدير للأميني ج 1 ص 30 وكنز العمال للمتقي الهندي ج 15 ص 91 ح 255 وعبقات الأنوار حديث الثقلين ج 1 ص 117 و 121 و 144 و 152 و 161.
(2) راجع ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 67 وفضائل الخمسة ج 1 ص 350 والرياض النضرة للطبري الشافعي ج 2 ص 23 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 24 وراجع الحاوي للفتاوي لجلال الدين السيوطي ج 1 ص 122 وكنز العمال ج 15 ص 117 وملحق المراجعات 176 وقريب منه ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 47 ح 546 - 549 و 550 وأنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 215 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 94 والغدير للأميني ج 1 ص 18 - 20 وفرائد السمطين ج 1 ص 64 و 65 و 71 وملحق المراجعات 176.
(3) خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 101 وفضائل الخمسة ج 1 ص 365 والبداية والنهاية ج 5
5 - نص قرار التنصيب برواية ثانية لسعد
كنا مع رسول الله فلما بلغ غدير خم وقف الناس ثم رد من تبعه ولحق من تخلف، فلما اجتمع الناس إليه قال: " أيها الناس من وليكم ؟ قالوا: الله ورسوله ثلاثا، ثم أخذ بيد علي فأقامه، ثم قال: من كان الله ورسوله وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (1) انتهى النص.
فهم مضمون القرار وتقبل التهاني
فهم الحاضرون في غدير خم مضمون القرار وأقبلوا على الولي وخليفة النبي يقدمون له التهاني بتلك النعمة الإلهية، وكان من أبرز المهنئين عمر بن الخطاب حيث قال لعلي بالحرف: " بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم " (2) ، وقال ثانية وبالحرف: " هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة " (3).
____________
ص 212 والغدير ج 1 ص 38 و 41 وملحق المراجعات ص 176.
(1) خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 101 وفضائل الخمسة ج 1 ص 365 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 149 والرياض النضرة للطبري الشافعي ج 2 ص 282 وملحق المراجعات.
(2) راجع ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 75 ح 575 و 577 و 578 ومناقب علي لابن المغازلي ص 18 ص 24 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 94 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 158 ح 213 سر العالمين لأبي حامد الغزالي ص 21 وإحقاق الحق ج 6 ص 256 والغدير للأميني ج 1 ص 132 وفرائد السمطين ج 1 ص 77.
(3) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 50 ح 548 و 549 و 550 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 94 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 24 والحاوي للفتاوي للسيوطي ج 1 ص 122 وذخائر العقبى ص 67 وفضائل الخمسة ج 1 ص 350 وفضائل الصحابة للسمعاني، وتاريخ الإسلام للذهني ج 2 ص 197 وعلم الكتاب لخواجه الحنفي ص 161 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 109 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 31 و 249 وتفسير الفخر الرازي ج 3
نصوص مبتسرة لقرار التنصيب الخالد
يجمع أهل السنة على أن الرسول (ص) قد قال لعلي يوم غدير خم:
النص الأول
" من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من
____________
ص 63 وتذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 29 وراجع مشكاة المصابيح ج 3 ص 246 وعقبات الأنوار قسم حديث الثقلين ج 1 ص 285 وفرائد السمطين للحمويني والغدير ج 1 ص 272 عن المصنف لابن أبي شيبة والمسند الكبير لابن العباس الشيباني والمسند لأبي يعلى الموصلي وتفسير ابن مردويه والكشف والبيان للثعلبي، وراجع الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 169 وكفاية الطالب في حياة علي بن أبي طالب للشنقيطي ص 28 والمناقب لابن الجوزي الحنبلي والخصائص العلوية للنطنزي ووسيلة المتعبدين لعمر بن الملا والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 212 والخطط للمقريزي ص 223 وبديع المعاني للأذرعي الشافعي ص 75 وشرح ديوان أمير المؤمنين للمبيدي ص 406 وكنز العمال ج 6 ص 397 ووفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى للسمهوري الشافعي ج 2 ص 173 والصراط السوي في مناقب آل النبي لمحمود الشيخاني المدني.... الخ.
(1) الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص 26 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 82 ح 581 والرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج 2 ص 224 والملحق ص 212.
(2) الصواعق المحرقة ص 107 وذخائر العقبى للطبري ص 68 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 98 والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 224 والغدير ج 1 ص 382 والملحق للمراجعات ص 212
النص الثاني
" من كنت مولاه فهذا علي مولاه. "
النص الثالث
" من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (2).
وأنت تلاحظ أن هذه النصوص فككت قرار التنصيب فاعترفت بمكان وقوعه غدير خم وتناسب حجم الجمع الذي سمع القرار وأنه بآخر حجة للنبي، وكان قرار التنصيب من القوة بحيث أنه فرض خلاصته فرضا، فبالرغم من أن مسبة علي كانت واجبا رسميا على رعايا الدولة الأموية، وبالرغم من أن هذه الدولة كانت تملك سيطرة فعلية على موارد الدولة وإمكانياتها ووسائل إعلامها إلا أنها عجزت تماما عن طمس هذا القرار بل بقيت خلاصته خالدة مع الأيام وشاهدة على غدر الأمة بولي عهد النبي وخليفته من بعده. ولله عاقبة الأمور.
____________
(1) على سبيل المثال:
تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 13 ح 508 و 513 - 515.... وكنز العمال ج 6 ص 403 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 96 والفصل في الملل والنحل لابن حزم ج 1 ص 260، والهامش ومسند الإمام أحمد ج 5 ص 32 الهامش وأنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 112 والمناقب للخوارزمي ص 249 والملحق ص 183.... الخ.
(2) صحيح الترمذي ج 5 ص 297 وتاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 213 ومجمع الزوائد ج 9 ص 103 والخصائص للنسائي ص 94 والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 110 وصححه وجامع الأصول لابن الأثير ج 9 ص 468 والمناقب للخوارزمي ص 79 وتلخيص المستدرك للذهبي ج 3 ص 110 الهامش وحلية الأولياء ج 5 ص 26 والدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 182 وتاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 196 وتاريخ بغداد للبغدادي ج 8 ص 290..... الخ.
حديث الغدير وواقعة التنصيب يقين
فقد رواه الإمام أحمد بن حنبل من 40 طريقا ورواه ابن جرير من 72 طريقا والجزري المقري من 80 طريقا وابن عقده من 105 طرق وأبو سعيد، السجستاني من 120 طريقا وأبو بكر الحصابي من 125 طريقا ومحمد اليمني قال إن له 150 طريقا ورواه أبو العلاء العطار الهمداني من 250 طريقا (1).
وأهل الشيعة قاطبة يؤمنون أن حديث الغدير يقين لا ريب فيه، وأن عملية تنصيب الولي والخليفة من بعد النبي في غدير خم لا ريب فيها.
وأهل السنة قاطبة يعترفون بحديث الغدير ويفسرونه يقينا بصدوره عن النبي، ولكنهم تبنوا تأويل الحكام للحديث ولواقعة التنصيب إذ اعتبر الحكام أن الحديث إن صح مجرد فضيلة من فضائل علي لا تقدم ولا تؤخر وورثوا هذه المقولة وهذا التأويل كما يورث المتاع واعتبروا هذا الرأي تقليدا سنه السلف ولا يجوز الخروج عليه لأنهم لو قالوا غير ذلك لسحبوا بساط الشرعية من تحت أقدام بني أمية وبني العباس وبني عثمان وقد تمتد عملية سحب بساط الشرعية إلى غير هؤلاء ولكان في ذلك إثبات بأن الشيعة على حق وكيف تكون الشيعة على حق وقد ورثوا من الحكام أن الشيعة أعداء الدين.
عيد يوم الغدير
لقد اتخذ المسلمون يوم الغدير عيدا في الأزمنة المتقدمة، وكانوا يحتفلون به في كل عام، ولما آلت الأمور لأعداء أهل البيت أحجم المسلمون عن الاحتفال بهذا اليوم وتناسته الأجيال اللاحقة تحت ضغط الحكام رغبة أو رهبة، وما زال هذا اليوم عيدا من أعظم أعياد شيعة علي وللآن (2).
____________
(1) راجع الغدير للأميني ج 1 ص 14 - 213 وعبقات الأنوار في حديث الغدير وغاية المرام وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 5 - 90 وملحق المراجعات ص 182.
(2) راجع الغدير للعلامة الأميني ج 1 ص 267 نقله عن الآثار الباقية في القرون الخالية للبيروني ص 334 وراجع مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44، ووفيات الأعيان لابن
صوم يوم الغدير
أبو هريرة قال: " من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي (ص) بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم " (1).
____________
خلكان ج 1 ص 90 ترجمة المستعلى بن المنتصر ج 1 ص 223 في ترجمة المنتصر بالله العبيدي وراجع ملحق المراجعات ص 92.
(1) راجع ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 75 ح 575 - 577 وشواهد التنزيل للحسكاني ج 1 ص 157 ح 210 و 213 والغدير للأميني ج 1 ص 402 وتاريخ بغداد ج 8 ص 290 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 77 ب 13 وملحق المراجعات ص 192 - 193.
الفصل السادس
بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة
بعد أن نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا بن أبي طالب أمام هذا الجمع الحاشد إماما وخليفة على أمته كمل الدين وتمت النعمة الإلهية، فالمنظومة الحقوقية الإلهية مكتملة، والولي من بعد النبي (ص) قد نصب، فيمكن للنبي أن يترك الدنيا وهو مطمئن على دينه وعلى أمته، فما على الولي المنصب علي إلا أن يتابع المشوار وفق المنهج الذي علمه النبي إياه طوال ثلاث وعشرين عاما.
وبعد أن نصب النبي خليفة من بعده نزلت آية الاكمال (1):
____________
(1) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 75 ح 575 - 578 و 585 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 157 ح 211 - 215 ومناقب علي لابن المغازلي ص 19 ح 24 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 259 والإتقان للسيوطي ج 1 ص 21 والمناقب للخوارزمي ص 80 وتذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 30 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 14 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 115 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 72 و 74 و 315، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 35 والغدير للأميني ج 1 ص 230 وكتاب الولاية لابن جرير الطبري وصاحب التاريخ، ومفتاح النجا للبرخشي، وما نزل من القرآن في علي لأبي نعيم الأصبهاني، وكتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني والخصائص العلوية لأبي الفتح النطنزي وتوضيح الدلائل على ترجيح الفضائل لشهاب الدين أحمد وتاريخ بن كثير الدمشقي ج 5 ص 210 والمناقب لعبيد الله الشافعي ص 106 مخطوط والكشف والبيان للثعلبي مخطوط وروح المعاني للآلوسي ج 6 ص 55 والبداية والنهاية لابن الأثير ج 5 ص 213 و ج 7 ص 349 وأما الشيعة فهم مجمعون على ذلك راجع ملحق المراجعات ص 188 - 189.
فلو أن النبي فارق الدنيا ولم ينصب الإمام والخليفة من بعده ولم يبين كيفية انتقال منصب الإمام لنا في ذلك كمال الدين وتمام النعمة، لأن الإمام هو القائم مقام النبي، والنبي هو أساس نظام الدين ونظام الدنيا وهو محور كل تحرك.
وقد اكتشف الحكام ذلك، فلم يصدف على الاطلاق أن مات حاكم دون أن يعين عمليا الحاكم " الخليفة الذي يليه "، وقالوا: إن هذا حق مطلق لهم، أنظر إلى قول ابن خلدون عن الخليفة:
" فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم، ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك، كما وثقوا به في ما قبل... " (2).
فإذا لم يعين الخليفة القائم من يخلفه من بعده لكان موضع لوم، أنظر بربك إلى قول عبد الله بن عمر لأبيه: " يا أمير المؤمنين استخلف على أمة محمد، فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها للمته وقلت له: كيف تركت أمانتك ضائعة، فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد " (3).
ثم انظر قول عائشة أم المؤمنين لعبد الله بن عمر: " يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الغشة. فأتى عبد الله فأعلمه فقال: ومن تأمرني أن أستخلف ؟.. الخ " (4).
كل الخلفاء طوال التاريخ أدركوا بأن ترك الخليفة القائم للأمة دون أن يعين من يخلفه عمل ينافي الحكمة ويفتح باب الفتنة ويعرض من يفعل ذلك اللوم، كما
____________
(1) سورة المائدة آية 3.
(2) راجع مقدمة ابن خلدون فصل 30 ص 120.
(3) راجع مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 353.
(4) راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 23.
لهف نفسي على الإسلام فكيف يدرك كل هؤلاء الناس هذه الناحية ولا يدركها رسول الله ؟!
كيف يؤتمن كل حاكم على تعيين من يليه ولا يؤتمن رسول الله ؟!
كان أمام الذين أعماهم التقليد واحد من طريقين: إما دين محمد كما بينه للناس، وإما الدين كما فهمه الحكام، فاختاروا دين الحكام لأنهم مع من غلب:
" نحن مع من غلب ". تلك مقولة عبد الله بن عمر التي تحولت إلى نص شرعي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن يعينه الحاكم من بعده سيحكم ومن يغلب كائنا من كان يحكم أمة محمد!! ولله عاقبة الأمور.
الترتيب الإلهي لانتقال منصب الإمام بعد وفاة الولي
الله أنزل القرآن كرسالة وعقيدة إلهية إلى بني البشر، وكضرورة من ضرورات بيان وتوضيح هذه العقيدة أنزل هذا القرآن على محمد (ص) بالذات لأنه المعد من قبل الله ليكون الأعلم بالعقيدة والأفهم لأحكامها، تلك العقيدة التي هي بمثابة المجموعة القانونية النافذة. ولأنه هو الأفضل من بين أتباع هذه العقيدة ولأنه من جهة ثالثة هو الأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع في الحال والمال. ومن هنا فقد كان النبي هو مرشد الدعوة وعندما تمخضت الدعوة عن دولة ترأس محمد الدعوة بنفسه. وسيرة محمد سنة وجزء من العقيدة سواء قوله أو فعله أو تقريره ولا أحد في الدنيا كلها ينوب عن محمد بهذه المهمة ولا أحد يغني عنه أو يسد مسده أثناء حياته المباركة. محمد كمرشد للدعوة، وكقائد للدولة هو مركز الدائرة وقائد الأمة ومرجعها في كافة الشؤون الدينية والدنيوية.
من هو صاحب الإختصاص بتعيين النبي الإمام ؟
إن صاحب الإختصاص بتعيين الإمام هو الله سبحانه وتعالى لأن أول ولي وإمام ورئيس للدولة الإسلامية هو محمد (صلى الله عليه وآله) وقد عينه الله في هذا المنصب، لأنه هو الأعلم بالعقيدة والأفهم لأحكامها، والأفضل بين أتباعها،
من هو هذا الإمام ؟
إمام الأمة في كل زمان هو عميد أهل بيت النبوة، لماذا عمادة أهل البيت بالذات ؟ لأن القرآن ثقل وأهل البيت ثقل آخر، وإن الهداية لا تدرك إلا بالتمسك بالثقلين، والضلالة على المدى البعيد وبالنتيجة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بالثقلين وهذا ليس اجتهادا إنما هو نص شرعي ثابت في القرآن والسنة بفروعها الثلاثة القول والفعل والتقرير (1)، ولأن الله يبين لنا أنهم للمسلمين بمثابة سفينة نوح من ركبها في كل زمان نجا ومن تخلف عنها غرق (2)، ولأنهم من جهة ثالثة الأمان من الاختلاف وقد أعدهم الله لذلك (3)، ولأنهم ذرية محمد فكل نبي من الأنبياء جعل الله ذريته في
____________
(1) راجع على سبيل المثال:
راجع صحيح الترمذي ج 5 ص 328، وصحيح مسلم باب فضائل علي ج 2 ص 362 و 15 ص 181 بشرح النووي وتفسير ابن كثير ج 4 ص 113 ومصابيح السنة للبغوي ص 206 وجامع الأصول لابن الأثير ج 1 ص 187 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 114 والفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 503 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 147 و 226 والدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 6 و 306 وذخائر العقبى للطبري ص 16 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 135 وكنز العمال ج 1 ص 154 والطبقات لابن سعد ج 2 ص 194 والسيرة الحلبية ج 3 ص 321 الهامش لزين وحلاق وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 21..... الخ.
(2) رجع على سبيل المثال: تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك والصواعق المحرقة لابن حجر ص 184 و 234 وتاريخ الخلفاء للسيوطي وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي ص 109 ومجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 168 والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 وحلية الأولياء لأبي نعيم ج 4 ص 306 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 132 ومسند الإمام أحمد ج 5 ص 92 الهامش.
(3) راجع الصواعق المحرقة لابن حجر ص 140 وإحياء الميت للسيوطي بهامش وذخائر العقبى
من هو صاحب الإختصاص بتعيين الخليفة من بعد النبي الإمام ؟
الأعلم بالعقيدة والأفهم لأحكامها والأفضل بين أتباعها والأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع وتطبيق أحكام العقيدة لا أحد يعرفه على وجه الجزم واليقين إلا الله سبحانه وتعالى، لذلك فهو المختص بتعيين الخليفة من بعد النبي ومن هنا فإن الله قد اختار عليا بن أبي طالب خليفة وإماما ومرجعا للأمة بعد نبيها وأمر الله رسوله أن يعد خليفته وأن يوطد له، حتى أصبح الأعلم بعد النبي، والأفهم بعد النبي والأفضل بعد النبي والأنسب بعد النبي، وهو المؤهل والمخول بممارسة كافة الوظائف الدينية والدنيوية التي كان يمارسها رسول باستثناء النبوة فلا نبي بعده، وقد بين الله لنا من خلال رسوله أن عليا مع الحق والحق مع علي يدور حيث دار لذلك هو موضع ثقة على حد تفسير ابن خلدون في الفصل 30 من مقدمته.
من هو المختص بتعيين الخليفة الذي يلي خليفة النبي
طالما أن الخليفة بعد النبي مباشرة " علي بن أبي طالب " على الحق ومع الحق، وأن الحق معه يدور حيث دار، وطالما أنه مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا الحوض على النبي (ص)، وطالما أنه الأفضل والأنسب بين الأتباع والأعلم والأفهم بشهادة الله ورسوله فهو المخول بتعيين الخليفة الذي يليه، وكل إمام يعين بنص من سبقه فهم أبناء النبي بنص القرآن الكريم وآية المباهلة تصفع كل مكابر على وجهه وتلوي أنفه، فعندما نزل قوله تعالى: * (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * (2)، وقد
____________
للطبري ص 17 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 161 والفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 367 ومسند الإمام أحمد ج 5 ص 92 وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار ص 128..... الخ.
(1) راجع الصواعق المحرقة ص 112 و ج 3 ص 164 من الحاكم وقال إنه جمع وراجع كنز العمال ج 6 ص 152 والمناقب للخوارزمي ص 27.
(2) آية 61 من سورة آل عمران.
ولأنهم على الأقل من قريش، وقريش عشيرة النبي (ص) والخلافة في قريش (2)، وناصية قريش بالنص الشرعي هم بنو هاشم، وناصية هاشم هم بنو عبد المطلب، وناصية عبد المطلب هم محمد وأهل بيته (3)، لأن الله قد طهرهم، وآية التطهير لا تخفى على أحد، فإن قالوا إنها في النساء فكيف تكون أزواج الرجل طاهرات وأولاده غير ذلك!! أو على الأقل من باب رد الاحسان لأنهم حوصروا ثلاث سنين في شعاب أبي طالب.
____________
(1) راجع صحيح مسلم ب فضائل علي ج 2 ص 360 و ج 15 ص 176 بشرح النووي وصحيح الترمذي ج 4 ص 293 والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 150 وصححه ومسند الإمام أحمد ج 1 ص 185 وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 21 وتفسير الطبري ج 3 ص 299 و 300 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 368 - 370 وتفسير ابن كثير ج 1 ص 370 - - 371 وتفسير القرطبي ج 4 ص 104 وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 295 - 296 وأسباب النزول للواحدي ص 59 وأحكام القرآن لابن عربي ج 1 ص 275 والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ج 1 ص 109 وزاد المسير لابن الجوزي ج 1 ص 399 وفتح القدير للشوكاني ج 1 ص 347 وتفسير الفخر الرازي ج 2 ص 699 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 196 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 38 - 39 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 72 والمناقب للخوارزمي ص 60 و 96 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 110 وأسد الغابة لابن الأثير ج 4 ص 26 والإصابة لابن حجر العسقلاني ج 2 ص 509 ومشكاة المصابيح للعمري.... الخ.
(2) راجع كنز العمال ج 12 ص 25 نقله عن أحمد في مسنده وعن الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن وعن الحاكم في المستدرك وقد روى قرابة مائة حديث تفيد أن الأمر في قريش وقد روى هذه الأحاديث كل أصحاب السنن راجع الأحاديث 33789 - 33890 ج 12 من الكنز.
(3) كنز العمال ج 2 ص 43 نقله عن الحاكم في مستدركه وعن البيهقي في سننه وعن الطبراني في الكبير وعن ابن عساكر فراجع ج 12 ص 43 و 58 من الكنز للمتقي الهندي.
الحكمة من حصر الإمامة بأولاد محمد
لأن الله طهرهم وأعدهم لذلك فلا خطر على الأمة منهم، ولقطع دابر التنافس والخلاف على منصب الإمامة إذ بغيرهم يتحول الملك لمن غلب، فيحكم أمة محمد الغالب بغض النظر عن دينه وعلمه وأمانته، فإذا كان منصب الإمام محصور بعمادة أهل البيت تطيب نفوس الجميع لأن حاكمهم هو ابن النبي (ص)، فيعم الاستقرار وتهنأ النفوس وتهدأ الأطماع.
دور الأمة بتعيين الإمام
الأمة المؤمنة الجادة الصادقة الواعية تبحث عن الأعلم بالعقيدة والأفهم لأحكامها، لأن هذه العقيدة هي المنظومة الحقوقية الإلهية، وهي بمثابة القانون النافذ والمسؤول الأول عن تطبيق هذا القانون هو الإمام، فإذا لم يكن الإمام هو الأعلم والأفهم فيقع المحظور.
والأمة من جهة ثانية تبحث عن أفضل أفرادها لأن من مصلحة الجميع ومن بواعث فخر الجميع أن يحكم الأفضل، والأمة العاقلة المؤمنة الواعية تبحث عن الأنسب ليقودها على درب الله ولا يستطيع أي فرد من أفرادها، ولا أي جماعة من جماعاتها ولا هي مجتمعة أن تعرف على سبيل الجزم واليقين من هو الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب.
إن يعرف ذلك على وجه الجزم واليقين هو الله سبحانه وتعالى، لذلك رحمة بعباده المؤمنين يتلطف فيخبرهم على وجه الجزم واليقين أن هذا هو صاحبكم الذي تبحثون عنه وهو المؤهل لقيادتكم وقيادة مسيرة الإيمان في العالم.
____________
(1) راجع كنز العمال ج 12 ص 24 وقد نقله عن البخاري ومسلم.
(2) ويمكن لمن أراد معرفة أسماء حكام قريش وعددهم أن يراجع مروج الذهب للمسعودي.
الانفكاك بين الواقع والشرعية
أما إذا لم تقبل الأمة بالتكييف الإلهي بأن هذا الذي قدمه الله هو الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب لقيادتها، وفتشت لنفسها وبقدراتها عن شخص آخر اعتقدت أنه الأفضل والأنسب لقيادتها، عندئذ تحدث عملية انفكاك بين الشرعية والواقع فيكون الحاكم القابض على مقاليد الأمور فعليا شخص والإمام المعين من قبل الله شخص آخر لا سلطة بيديه، ويتعذر عليه أن يتأمر على أناس لا يقبلون به، ودينه يمنعه من اللجوء إلى أساليب غير شرعية للوصول إلى السلطة ومع الأيام يستحوذ الحاكم على السلطة والمرجعية، فيزعم بأنه خليفة النبي والقائم مقامه ومن يعارض ذلك يهز الحاكم بوجهه عصا السلطة.
فالحسين بن علي بن أبي طالب إمام بالنص، وولي بالنص، ومرجع بالنص، وهو القدوة في زمانه بالنص. ولكن الأمة رغبة أو رهبة بايعت يزيد بن معاوية فأصبح يزيد هو الحاكم الواقعي (الخليفة). أما الحسين فهو الإمام الشرعي ولكنه غير قادر على ممارسة صلاحياته لأن يزيد استولى عليها بالقوة والغصب، وسكتت الأمة عليه وبايعته طوعا أو كرها وأدارت ظهرها لإمامها الشرعي، وعلى الحسين أن يقبل بالأمر الواقع أو يواجه قوة السلطة التي تتدرج بالضغط عليه بكل وسائل الدولة وإمكانياتها التي قد تصل إلى إنزال عقوبة الموت بالإمام. فالسلطة بمثابة زوجة شرعية للإمام الحسين ولكل إمام معين وفق الشرع، وهذه الزوجة الفاتنة تحب زوجها وتخلص له لأنه أهل لها.
فجاء الحاكم وبالقوة والغلبة والقهر، واغتصب الزوجة من زوجها وأجبرها
على معاشرته بالقوة، لأن الحاكم يدرك أن جسد الزوجة له وقلبها معلق بزوجها