الصفحة 131
إلى غيره(1).

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب: إذا قلنا: إن الله لم يزل قادرا فإنما نريد بذلك نفي العجز عنه، ولا نريد إثبات شئ معه لأنه عز وجل لم يزل واحدا لا شئ معه، وسأبين الفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال في بابه إن شاء الله.

13 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا)(2) فقال: هو واحد، أحدي الذات، بائن من خلقه، وبذاك وصف نفسه، وهو بكل شئ محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات(3) لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة(4) فإذا

____________

(1) في البحار باب القدرة والإرادة عن عيون الأخبار بعد قوله: (ولا محتاج إلى غيره) هذه الزيادة: (بل هو سبحانه قادر بذاته لا بالقدرة) وحاصل مراده عليه السلام أنه تعالى قادر بقدرة هي ذاته لا بقدرة زائدة عليها، وبين ذلك بالفرق بين قول القائل: خلق الأشياء بالقدرة وبين قوله: خلق الأشياء بقدرة فإن الألف واللام تشير إلى حقيقة مدخولها في الخارج منحازة ممتازة عن سائر الحقائق مستقلة في قبالها، وألفاظ القدرة في النسخ من حيث كونها مع الألف واللام أو بدونهما مختلفة وصححناها على البحار لأن ما فيه موافق للمراد.

(2) المجادلة: 7.

(3) أي لا يكون معيته للأشياء بذاته في أماكن الأشياء، وهذا لا ينافي الآيات والأخبار التي تدل على أنه تعالى بذاته مع كل شئ وفي كل شئ بلا كيفية وممازجة لأن المنفى هنا كونه مع الأشياء محاطا بالمكان، فلا يتوهم أنه تعالى منعزل بذاته عن الأشياء محيط بها علما وقدرة، وكذا الكلام في الحديث الخامس عشر.

(4) الفوق والتحت حدان، والإمام والوراء واليمين واليسار لكونهما اعتبارية أيضا حدان. أو جعل الحدود أربعة على ما في أذهان العامة من حدود مساكنهم فإنهم لا يعدون الفوق والتحت من الحدود.


الصفحة 132
كان بالذات لزمه الحواية.

14 - حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رحمه الله، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهما السلام، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول إبراهيم: (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي)؟(1) قال الرضا عليه السلام:

إن الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم عليه السلام أنه ذلك الخليل، فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي على الخلة(2) قال: (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم أدعهن يأتينك سيعا واعلم أن الله عزيز حكيم)، فأخذ إبراهيم عليه السلام نسرا وبطا وطاووسا وديكا فقطعهن قطعا صغارا، ثم جعل على كل جبل من الجبال التي كانت حوله - وكانت عشرة - منهن جزءا، وجعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن، ووضع عنده حبا وماء، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته و رأسه، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن فطرن، ثم وقفن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب، وقلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم عليه السلام: بل الله يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، قال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

15 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن مثنى الحناط

____________

(1) البقرة: 260.

(2) أي على أن ذلك الخليل الذي تريد أن تتخذه أنا.


الصفحة 133
عن أبي جعفر - أظنه محمد بن نعمان - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (وهو الله في السماوات وفي الأرض)(1) قال: كذلك هو في كل مكان، قلت: بذاته؟

قال: ويحك إن الأماكن أقدار، فإذا قلت: في مكان بذاته لزمك أن تقول في إقدار وغير ذلك(2) ولكن هو بائن من خلقه، محيط بما خلق علما وقدرة وإحاطة وسلطانا وملكا، وليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء، لا يبعد منه شئ والأشياء له سواء علما وقدرة وسلطانا وملكا وإحاطة.

16 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: قال أبو شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قوة لنا، قلت: وما هي؟ فقال: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)(3) فلم أدر بما أجيبه، فحججت فخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة، فإنه يقول فلان فقل: ما اسمك بالبصرة، فإنه يقول فلان، فقل: كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله وفي البحار إله وفي كل مكان إله، قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال: هذه نقلت من الحجاز.

17 - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، قال: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: لما صعد موسى عليه السلام إلى الطور فنادى ربه عز وجل(4) قال: يا رب أرني خزائنك، فقال: يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له: كن فيكون.

____________

(1) الأنعام: 3.

(2) من صفات المحدود بالحدود المقدر بالأقدار.

(3) الزخرف: 84.

(4) في البحار وفي نسخة (و) (فناجى ربه عز وجل). وفي نسخة (د) (يناجي ربه عز وجل).


الصفحة 134
قال مصنف هذا الكتاب: من الدليل على أن الله عز وجل قادر: أن العالم لما ثبت أنه صنع الصانع ولم نجد أن يصنع الشئ من ليس بقادر عليه بدلالة أن المقعد لا يقع منه المشي والعاجز لا يتأتى له الفعل صح أن الذي صنعه قادر، ولو جاز غير ذلك لجاز منا الطيران مع فقد ما يكون به من الآلة، ولصح لنا الادراك وإن عدمنا الحاسة. فلما كان إجازة هذا خروجا عن المعقول كان الأول مثله.

10 - باب العلم


1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله: قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن سليمان بن سفيان، قال: حدثني أبو علي القصاب، قال:

كنت عند أبي عبد الله عليه السلام: فقلت: الحمد لله منتهى علمه، فقال: لا تقل ذلك، فإنه ليس لعلمه منتهى.

2 - أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهلي، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في دعاء:

(الحمد لله منتهى علمه) فكتب إلي: لا تقولن منتهى علمه، ولكن قل: منتهى رضاه.

3 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثني موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلم هو من كماله(1).

4 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الصيرفي، عن بكار الواسطي، عن أبي حمزة الثمالي

____________

(1) زاد في نسخة (ط) و (ن) (كيدك منك) وهي زائدة قطعا، بل الكلام فيما في الخبر الرابع.


الصفحة 135
عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام في العلم، قال: هو كيدك منك(1).

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب: يعني أن العلم ليس هو غيره وأنه من صفات ذاته لأن الله عز وجل ذات علامة سميعة بصيرة، وإنما نريد بوصفنا إياه بالعلم نفي الجهل عنه، ولا نقول: إن العلم غيره لأنا متى قلنا، ذلك ثم قلنا:

إن الله لم يزل عالما أثبتنا معه شيئا قديما لم يزل، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا:

5 - أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس كان في علم الله؟ قال: فقال: بلى قبل أن يخلق السماوات والأرض.

6 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري، عن علي بن إسماعيل، وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، قال: سألته - يعني أبا عبد الله عليه السلام - هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله عز وجل؟ قال: لا، بل كان في علمه قبل أن

____________

(1) قال العلامة المجلسي رحمه الله في البحار باب العلم: قال بعض المشايخ: هذا غلط من الراوي والصحيح الخبر الأول والإمام أجل من أن يبعض الله سبحانه بعلمه منه ككون يد الإنسان منه: انتهى، وهذا الكلام مذكور في حواشي بعض النسخ، وأقول: يحتمل أن يكون المراد بالعلم علم المخلوق، بل ظاهر فيه لقرينة تشبيهه بيد المخاطب والمصنف حسب ذلك فأدرجه في هذا الباب، وعلى هذا فكون العلم كاليد لاستعانة الإنسان به في أفعال الجوانح كما يستعين باليد في أفعال الجوارح، وعلى أن يكون المراد به علم الله تعالى فالتوجيه ما ذكره المصنف، ويمكن أن يكون المراد به العلم الفعلي الذي هو المشيئة المخلوق بها الأشياء كما نطق به الخبر التاسع عشر من الباب الحادي عشر، فلا بأس بتشبيهها باليد فإن بها فعله كما أن الإنسان بيده فعله مع رعاية تنزيهه تعالى، كما أسند إليه تعالى اليد في الكتاب حيث قال: (يد الله فوق أيديهم) بهذا الاعتبار إلا أنها فسرت بالقدرة.


الصفحة 136
ينشئ السماوات والأرض.

7 - حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال حدثني أبي، قال:

حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن يونس، عن أبي الحسن(1) عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن الله تباركت أسماؤه وتعالى في علو كنهه أحد، توحد بالتوحيد في توحيده، ثم أجراه على خلقه، فهو أحد، صمد، ملك قدوس، يعبده كل شئ ويصمد إليه، فوق الذي عسينا أن نبلغ ربنا، وسع ربنا كل شئ علما.

8 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أحمد بن الفضل ابن المغيرة، قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصفهاني، قال:

حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام، قال: سألته أيعلم الله الشئ الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون(2) أو لا يعلم إلا ما يكون؟ فقال: إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء، قال الله عز وجل: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)(3) وقال لأهل النار:

(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)(4) فقد علم الله عز وجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه، وقال للملائكة لما قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها وسيفك

____________

(1) هكذا في النسخ التي عندي، وأظن أن الصحيح: الحسن بن السري كما بينا في الحديث التاسع من الباب الرابع، وقوله عليه السلام: (توحد بالتوحيد في توحيده) الباء للسببية وفي للظرفية كما يقال: فلان واحد بالشجاعة في شجاعته، أو الباء للظرفية وفي للسببية على العكس، والثاني أقرب من حيث المعنى فاستبصر.

(2) مر نظير هذا الكلام في الحديث الثامن عشر من الباب الثاني، وفي نسخة (ط) و (ن) (أيعلم الله الشئ الذي لم يكن قبل أن لو كان كيف - الخ) فكلمة (قبل) متعلق بيعلم و (كيف) مع مدخولها بدل اشتمال من الشئ.

(3) الجاثية: 29.

(4) الأنعام: 28.


الصفحة 137
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون)(1) فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها، فتبارك ربنا تعالى علوا كبيرا خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء، كذلك لم يزل ربنا عليما سميعا بصيرا.

9 - وبهذا الإسناد عن علي بن عبد الله، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن عبد الله ابن مسكان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الله تبارك وتعالى أكان يعلم المكان قبل أن يخلق المكان. أم علمه عندما خلقه وبعد ما خلقه؟ فقال: تعالى الله، بل لم يزل عالما بالمكان قبل تكوينه كعلمه به بعد ما كونه، وكذلك علمه بجميع الأشياء كعلمه بالمكان.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: من الدليل على أن الله تبارك وتعالى عالم أن الأفعال المختلفة التقدير، المتضادة التدبير، المتفاوتة الصنعة لا تقع على ما ينبغي أن يكون عليه من الحكمة ممن لا يعلمها، ولا يستمر على منهاج منتظم ممن يجهلها، ألا ترى أنه لا يصوغ قرطا يحكم صنعته ويضع كلا من دقيقه وجليله موضعه من لا يعرف الصياغة، ولا أن ينتظم كتابة يتبع كل حرف منها ما قبله من لا يعلم الكتابة، والعالم ألطف صنعة وأبدع تقريرا مما وصفناه، فوقوعه من غير عالم بكيفيته قبل وجوده أبعد وأشد استحالة. وتصديق ذلك:

10 - ما حدثنا به عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رحمه الله، قال:

حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام، يقول في دعائه: سبحان من خلق الخلق بقدرته، وأتقن ما خلق بحكمته، ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه، سبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وليس كمثله شئ وهو السمع البصير.

11 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن منصور الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه.

____________

(1) البقرة: 30.


الصفحة 138
12 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: روينا أن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه، قال: كذلك هو.

13 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله. قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عيسى ابن أبي منصور، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله نور لا ظلمة فيه، وعلم لا جهل فيه، وحياة لا موت فيه.

14 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: إن الله تعالى علما خاصا، وعلما عاما، فأما العلم الخاص فالعلم الذي لم يطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين، وأما علمه العام فإنه علمه الذي أطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين، وقد وقع إلينا من رسول الله صلى الله عليه وآله.

15 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن زيد بن المعدل النميري وعبد الله بن سنان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله لعلما لا يعلمه غيره، وعلما يعلمه ملائكته المقربون وأنبياؤه المرسلون، ونحن نعلمه.

16 - وبهذا الإسناد عن الحسين بن يزيد، عن يحيى بن أبي يحيى، عن عبد الله ابن الصامت، عن عبد الأعلى، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: علم الله لا يوصف منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا يفرد العلم من الله، ولا يبان الله منه، وليس بين الله وبين علمه حد(1).

____________

(1) هذا كله بيان لكون علمه تعالى عين ذاته.


الصفحة 139

11 - باب صفات الذات وصفات الأفعال


1 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد الطيالسي الخزاز الكوفي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، و القدرة ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم(1) والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور، قال: قلت:

فلم يزل الله متكلما؟ قال: إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية، كان الله عز وجل ولا متكلم(2).

2 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد بن عيسى، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: لم يزل الله يعلم؟ قال: أنى يكون يعلم ولا معلوم، قال: قلت: فلم يزل الله يسمع؟ قال: أنى يكون ذلك ولا مسموع، قال: قلت: فلم يزل يبصر؟

قال: أنى يكون ذلك ولا مبصر، قال: ثم قال: لم يزل الله عليما سميعا بصيرا، ذات علامة سميعة بصيرة.

3 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، قال: حدثنا

____________

(1) أي فلما وجد الذي كان معلوما له تعالى في الأزل انطبق علمه على معلومه في ظرف الوجود الخارجي لكون علمه حقا لا جهل فيه، وليس معنى الوقوع التعلق لأنه قبل وجوده فكان قبل وجوده في الخارج معلوما، ويعبر عن هذا الانطباق بالعلم الفعلي في قبال الذاتي، ومن هذا يظهر أن العلم المنفي قبل وجود المعلوم في الحديث الثاني هو الفعلي أي أنى يقع علمه على المعلوم ولا معلوم في الخارج، وكذا غير العلم، وبعبارة أخرى لا يصح أن يقال: الله يعلم بالشئ في الأزل، بل يصح أن يقال: إنه عالم بالشئ في الأزل لأن صيغة المضارع تدل على النسبة التلبسية وهذه النسبة تقتضي وجود الطرفين في ظرف واحد.

(2) كذا.


الصفحة 140
محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الفضل بن سليمان الكوفي، عن الحسين بن الخالد، قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام، يقول: لم يزل الله تبارك وتعالى عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا، فقلت له: يا ابن رسول الله إن قوما يقولون: إنه عز وجل لم يزل عالما بعلم، وقادرا بقدرة، وحيا بحياة، وقديما بقدم، وسميعا بسمع، وبصيرا ببصر(1) فقال عليه السلام: من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى، وليس من ولايتنا على شئ، ثم قال عليه السلام:

لم يزل الله عز وجل عليما قادر حيا قديما سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

4 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هارون بن عبد الملك، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن التوحيد، فقال: هو عز وجل مثبت موجود، لا مبطل ولا معدود، ولا في شئ من صفة المخلوقين، وله عز وجل نعوت وصفات، فالصفات له، وأسماؤها جارية على المخلوقين(2) مثل السميع والبصير والرؤوف والرحيم وأشباه ذلك، والنعوت نعوت الذات لا تليق إلا بالله تبارك وتعالى، والله نور لا ظلام فيه، وحي لا موت له، وعالم لا جهل فيه، وصمد لا مدخل فيه، ربنا نوري الذات حي الذات، عالم الذات، صمدي الذات.

5 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر،

____________

(1) هذه مقالة الأشاعرة في صفاته، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

(2) أي فحقيقة صفاته ثابتة له تعالى من دون اشتراك لأحد فيها، وأسماؤها أي مفاهيم تلك الصفات جارية على المخلوقين يشتركون فيها معه تعالى كما صرح به في الحديث الرابع عشر من هذا الباب، أو المراد إجراء حقيقتها على الخلق على سبيل الظلية كإجراء التوحيد عليه على ما ذكر في الحديث السابع من الباب العاشر والحديث التاسع من الباب الرابع.


الصفحة 141
عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ غيره، نورا لا ظلام فيه(1) وصادقا لا كذب فيه(2) وعالما لا جهل فيه، وحيا لا موت فيه، وكذلك هو اليوم، وكذلك لا يزال أبدا.

6 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، قال:

حدثنا يحيى بن يحيى(3) عن عبد الله بن الصامت، عن عبد الأعلى، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: إن الله - لا إله إلا هو - كان حيا بلا كيف ولا أين، ولا كان في شئ، ولا كان على شئ، ولا ابتدع لمكانه مكانا(4) ولا قوي بعد ما كون الأشياء، ولا يشبهه شئ يكون، ولا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه، ولا يكون خلوا من القدرة بعد ذهابه، كان عز وجل إلها حيا بلا حياة حادثة، ملكا قبل أن ينشئ شيئا ومالكا بعد إنشائه، وليس لله حد، ولا يعرف بشئ يشبهه، ولا يهرم

____________

(1) قوله: (نورا) خبر كان، وقوله: (ولا شئ غيره) جملة معترضة بينهما، كذا قيل وليس بصحيح لأن الواو لغو حينئذ، بل الصحيح أن كان تامة، والجملة معطوفة عليها و (نورا) مع ما بعده من المنصوبات أحوال لفاعل كان، وعلى هذا فمعنى قوله: (وكذلك هو اليوم) أنه اليوم كان ولا شئ غيره، أي بحقيقة الشيئية التي هي كونه نورا لا ظلام فيه - الخ.

(2) الصادق بحسب الذات لا الصادق الذي هو صفة الكلام فإنه من صفات الأفعال ليس بعين الذات.

(3) أظن أن هذا الرجل هو المذكور في الحديث الثاني والعشرين من الباب الأول وأظن أيضا أنه يحيى بن أبي يحيى المذكور في سند الحديث السادس عشر من الباب العاشر وإن كانت النسخ متفقة على زيادة لفظ (أبي) هناك.

(4) أي ولا ابتدع لمكانته وعظمته مكانا إذ لا يحيط به الأماكن، وفي نسخة (د) و (و) (ولا ابتدع لكان مكانا) أي لا ابتدع لأنه كان قادرا عالما حيا - الخ - مكانا إذ الصفات عين الذات، ونظير هذا الحديث الثاني من الباب الثامن والعشرين.


الصفحة 142
للبقاء، ولا يصعق لدعوة شئ(1) ولخوفه تصعق الأشياء كلها، وكان الله حيا بلا حياة حادثة(2) ولا كون موصوف، ولا كيف محدود(3) ولا أين موقوف(4) ولا مكان ساكن(5) بل حي لنفسه، ومالك لم يزل له القدرة، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيته و قدرته، كان أولا بلا كيف، ويكون آخرا بلا أين وكل شئ هالك إلا وجهه، له الخلق والأمر تبارك رب العالمين.

7 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أرومة، عن علي بن الحسن بن محمد، عن خالد بن يزيد، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اسم الله غير الله، وكل شئ وقع عليه اسم شئ فهو مخلوق ما خلا الله، فأما ما عبرت الألسن عنه أو عملت الأيدي فيه فهو مخلوق(6) والله غاية من غاياه، والمغيى غير الغاية، والغاية موصوفة،

____________

(1) الصعق بمعنى الصوت الشديد المفزع ويأتي بمعنى الفزع والغشية من أمر مخوف صوت أو غيره، أي ليس دعوته بصعق وصوت بل بما يناسب المدعو، وفي البحار باب جوامع التوحيد: (ولا يصعق لذعرة شئ) والذعرة بمعنى الخوف، أي لا يفزع لخوف شئ وهذا أنسب بالجملة التالية.

(2) في نسخة (ب) (وكان عز وجل إلها حيا - الخ).

(3) الوصف إيضاحي أتى به للتنبيه على أنه يوجب محدودية المكيف، ويمكن أن يكون للاحتراز أي ليس له الكيفيات الامكانية بل له كيفية هي نفس ذاته الواجبة كما ورد في بعض الأخبار: (لا تدرك كيفيته).

(4) الأين هو النسبة إلى المكان، أي ليس له أين موقف على مكان خاص، بل نسبته إلى جميع الأماكن على السواء.

(5) قال العلامة المجلسي رحمه الله: وتقييد المكان بالساكن مبني على المتعارف الغالب من كون المكان المستقر عليه ساكنا.

(6) ما عبرت الألسن هو اللفظ والعبارة، وما عملت الأيدي هو الكتابة، وقد مضى بعض البيان لهذا الحديث ذيل الحديث السادس عشر من الباب الثاني.


الصفحة 143
وكل موصوف مصنوع، وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى، لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره، ولا يذل من فهم هذا الحكم أبدا(1) وهو التوحيد الخالص، فاعتقدوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله عز وجل ومن زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك(2) لأن الحجاب والمثال والصورة غيره(3) وإنما هو واحد موحد، فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره، إنما عرف الله من عرفه بالله(4) فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره، والله خالق الأشياء لا من شئ، يسمى بأسمائه فهو غير أسمائه والأسماء غيره، والموصوف غير الواصف(5) فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف فهو ضال عن المعرفة، لا يدرك مخلوق شيئا إلا بالله، ولا تدرك معرفة الله إلا بالله، والله خلوا من خلقه، وخلقه خلو منه، إذا أراد الله شيئا كان كما أراد بأمره من غير نطق، لا ملجأ لعباده مما قضى، ولا حجة لهم فيما ارتضى، لم يقدروا على عمل ولا معالجة مما أحدث في أبدانهم المخلوقة إلا بربهم، فمن زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله عز وجل فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله(6) تبارك الله رب العالمين.

قال مصنف هذا الكتاب: معنى ذلك أن من زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله أن يقويه عليه فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله، تبارك الله رب العالمين.

8 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدثني عمي محمد بن

____________

(1) لأن العز كل العز في حقيقة التوحيد.

(2) أي زعم أنه يعرف الله بما بينه وبين الله من الأشياء أو بما يتصوره في الذهن، أو بما حسبه مثلا وشبيها له.

(3) والمغاير لا يكون معرفا للمغاير.

(4) يأتي لهذا الكلام بيانات في الباب الواحد والأربعين.

(5) هذا عبارة أخرى عن قوله في الحديث السادس عشر من الباب الثاني: فالذاكر الله غير الله.

(6) لأن لإرادته تعالى في فعل العبد دخلا كما يأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى.


الصفحة 144
أبي القاسم، قال: حدثني محمد بن علي الصيرفي الكوفي، قال: حدثني محمد بن سنان، عن أبان بن عثمان الأحمر، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا؟ قال: نعم، فقلت له: إن رجلا ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بسمع وبصيرا ببصر وعليما بعلم وقادرا بقدرة، فغضب عليه السلام، ثم قال: من قال ذلك و دان به فهو مشرك وليس من ولايتنا على شئ، إن الله تبارك وتعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة.

9 - حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من صفة القديم أنه واحد، أحد، صمد، أحدي المعنى، وليس بمعان كثيرة مختلفة، قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع، قال: فقال: كذبوا وألحدوا و شبهوا، تعالى الله عن ذلك، إنه سميع بصير، يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه، قال: فقال: تعالى الله إنما يعقل ما كان بصفة المخلوقين، وليس الله كذلك(1).

10 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم، قال في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام أنه قال له: أتقول: إنه سميع بصير؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: هو سميع بصير، سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، وليس قولي: إنه يسمع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا، وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: يسمع بكله، لا أن كله له بعض، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن

____________

(1) أي بصير بالآلة التي يعقلونها في أنفسهم، فرد عليه السلام ذلك بقياس من الشكل الثاني إن المعقول لنا ما كان بصفة المخلوقين ولا شئ من الله بصفة المخلوق فلا شئ من الله بمعقول لنا.


الصفحة 145
نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى.

11 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل ابن سكرة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل ذكره يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟(1) فقد اختلف مواليك، فقال بعضهم: قد كان يعلم تبارك وتعالى أنه وحده قبل أن يخلق شيئا من خلقه، و قال بعضهم، إنما معنى يعلم يفعل، فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء، وقالوا: إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره، فكتب عليه السلام(2): ما زال الله تعالى عالما تبارك وتعالى ذكره.

12 - أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي - جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول: كان الله ولا شئ غيره، ولم يزل عالما بما كون.

فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد ما كونه.

13 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الله عز وجل أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكونها، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها، فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عندما كون؟

فوقع عليه السلام بخطه: لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء

____________

(1) توضيح كلام السائل أنه تعالى هل كان عالما في الأزل بغيره فيعلم أن غيره معدوم فيعلم أنه وحده لا شئ غيره لأن العلم بأنه وحده لا شئ غيره يستلزم العلم بأن غيره معدوم، والعلم بأن غيره معدوم يستلزم العلم بالغير، أم علم الغير حين خلقه فعلم بعدمه قبل خلقه فعلم أنه وحده لا شئ كان معه في الأزل الذي لم يكن فيه خلق.

(2) كذا.