قال المفسِّر المعاصر: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً} إذ خلق النطفة التي هي ماء مهين يخرج من الرجل، فيُلقح بويضة المرأة فيتحول إلى بشر، {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} الذي يحصل به التحريم من جهة الرجل وهو النسب، ومن جهة المرأة وهي المصاهرة(1).
أقول: ولكن كثيراً من أئمة الضلال من أبناء السُّنَّة وأَتَباع الهوى وشيعة الظالمين غاصبي الخلافة، قد أوردوا وأخرجوا عن جمع من الصحابة والتابعين، أنَّ الآية نزلت في أمير المؤمنين أو في الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، فضلاً عمَّا رواه أعلامُ المذهب الحق.
فلماذا أغفل السيد محمد حسين الإشارة إلى ذلك، مع أنه يثبت به فضيلة لآل محمد (صلى الله عليه وآله)؟!!
فقد أخرج أبو نعيم الحافظ، وابن المغازلي ـ وهما من أبناء السُّنة ـ بإسنادهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في الخمسة أهل العباء ـ أي أصحاب الكساء.
أقول: وأخرجه الثعلبي في تفسيره، والخوارزمي في مناقبه ـ وهما من أبناء السُّنة ـ بإسنادهما عن أبي صالح عن ابن عباس.
وقال القندوزي ـ من أبناء السُّنة ـ في ينابيع المودة: وهو قول ابن مسعود، وجابر الأنصاري، والبراء، وأنس بن مالك، وأم سلمة.
وأخرج الثعلبي في تفسيره، وابن مردويه في مناقبه، والحمويني، والمالكي في الفصول المهمة، والحاكم الحسكاني في شواهده ـ وجميعهم من أبناء السُّنة ـ بإسنادهم عن أبي قتيبة التميمي قال: سمعت ابن سيرين في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، زوَّجَ فاطمةَ عليَّاً، وهو ابن عمه وزوجُ ابنته، فكان نَسَبَاً، وكان صهراً، وكان ربُّك قديراً.
أقول: وأخرج الحاكم الحسكاني في الشواهد عن الحكم بن ظهير قال: حدثنا السدي في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، زوَّجَ فاطمةَ عليَّاً (عليهما السلام)، وهو ابن عمه وزوج ابنته، فكان نَسَبَاً، وكان صهراً، وكان ربُّك قديراً.
وأخرج الشافعي محمد بن إدريس عن حميد الطويل عن أنس بن مالك.... وهبط جبرئيل في تلك الساعة فقال:.... وقد أمرك اللهُ تعالى أن تُزوِّجَه بفاطمة (عليها السلام) في الأرض، وأن تقول لعثمان: أما سمعت في القرآن: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ}(2)، وأما سمعت في كتابي {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً}.
أقول: وأخرجه ابن عساكر في تاريخه، والخوارزمي في مناقبه، وابن الجوزي في الموضوعات ـ وهم من أبناء السُّنة ـ بإسنادهم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك، وأيضاً أخرجه ابن الجوزي بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري.
وأخرج فرات الكوفي في تفسيره عن ابن عباس ـ وأخرجه أيضاً محمد بن العباس في تفسيره بإسناده عن أبي مالك عن ابن عباس، وأيضاً بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس ـ في قول الله عزَّ وجل {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} قال: خلق الله نطفةً بيضاءَ مكنونةً فجعلها في صلب آدم، ثم نقلها من صلب آدم.... حتى توارثتها كرامُ الأصلاب في مطهَّرات الأرحام، حتى جعلها اللهُ في صلب عبد المطلب، ثم قَسَمَها نصفين، فألقى نصفَها إلى صلب عبد الله، ونصفَها إلى صلب أبي طالب وهي سلالةٌ، فوُلِد من عبد الله محمدٌ (صلى الله عليه وآله)، ومن أبي طالب عليٌّ (عليه السلام)، فذلك قول الله عزَّ وجل {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}، زوَّجَ فاطمةَ من عليٍّ (صلى الله عليه وآله)، فعليٌّ (عليه السلام) من محمد (صلى الله عليه وآله)، ومحمد (صلى الله عليه وآله) من عليٍّ (عليه السلام)، والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) نسب، وعليٌّ (عليه السلام) الصهر.
أقول:وأخرج مثله الشيخ الطوسي في الأمالي بإسناده عن ثابت عن أنس ابن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأخرج الصَّدوق في معاني الأخبار ومحمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى بإسنادهما عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: خطب أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام).... ثم قال: وأنا الصهرُ يقول الله عزَّ وجل {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}(3).
---------------------
(1) من وحي القرآن ج17 ص 63.
(2) سورة الرحمن الآية 19 و20.
(3) بحار الأنوار ج 17 ص 362 وج22 ص 148 وج33 ص 284 وج35 ص 32 ـ 33 و46 و360 ـ 363 ؛ معاني الأخبار ص 58 ـ 59 ؛ نوادر المعجزات ص 84 – 85 ؛ دلائل الامامة ص 82 ـ 83 ؛ الأمالي للشيخ الطوسي ص 312 ـ 313 ؛ مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 28 ـ 29 ؛ العمدة ص 288 ؛ مناقب أهل البيت ص 94 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 291 ـ 292 ؛ تفسير مجمع البيان ج 7 ص 304 ؛ خصائص الوحى المبين ص 227 ـ 228 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 375 ـ 380 ؛ التفسير الصافي ج 4 ص 19 ـ 20 ؛ تفسير نور الثقلين ج 4 ص 23 - 24 وج 5 ص 600 ؛ تفسير الميزان ج 51ص 237 ؛ بشارة المصطفى ص 32 – 34
من مصادر أبناء السُّنة: شواهد التنزيل ج 1 ص 537 ـ 538 ؛ تفسير القرطبي ج 13 ص 61 ؛ تاريخ مدينة دمشق ج 25 ص 444 ؛ الموضوعات ج 1 ص 416 ـ 418 ؛ المناقب للخوارزمي ص 336 ـ 342 ؛ كفاية الطالب 304 ؛ جواهر المطالب ج 1ص 146 ـ151 ؛ كتاب فرائد السمطين ج 1 باب 17 ص 90 وباب 25 ص 142 ط بيروت ؛ نظم درر السمطين ص 91 ـ 92 و185 ـ 188 ؛ ذخاير العقبى ص 27 ـ 30 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 148 و355 وج 2 ص 65 ـ 66 و122.
|